• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 10 / 9 / 1434 هـ - شهر رمضان وغزوة الأحزاب

خطبة المسجد النبوي 10 / 9 / 1434 هـ  - شهر رمضان وغزوة الأحزاب
الشيخ عبدالباري بن عوض الثبيتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/2/2014 ميلادي - 20/4/1435 هجري

الزيارات: 15646

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شهر رمضان وغزوة الأحزاب

 

ألقى فضيلة الشيخ عبدالبارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "شهر رمضان وغزوة الأحزاب"، والتي تحدَّث فيها عن غزو الأحزاب وما تبثُّه من آمالٍ في قلوب المسلمين اليوم وهم يُواجِهون واقِعَهم الأليم أمام تكالُب الأعداء من كل حدبٍ وصوبٍ، وبيَّن أنها تُثبِّت القلوب، وذكرَ شيئًا من الأحداث التي جرَت فيها مما صوَّره لنا القرآن، وذُكِرَ في سيرة المُصطفى - صلى الله عليه وسلم -.


الخطبة الأولى

الحمد لله على نعمة الصيام والقيام، أحمده - سبحانه - وأشكرُه إليه المرجعُ والمآب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعلَ الليلَ والنهارَ آيةً لأُولِي الألباب، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه ردَّ الله عنه وعن المؤمنين كيدَ الذين كفروا بغيظِهم يوم الأحزاب، صلَّى الله عليه وعلى خيرِ آلٍ وأصحاب.


أما بعد:

فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].


رمضانُ خيرٌ كلُّه، وفضلٌ كلُّه، ومن صامَ وقامَ إيمانًا واحتِسابًا فإنه ينالُ من هذا الفضل؛ ففي الحديث القُدسي: «كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزِي به».


وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «عليك بالصوم؛ فإنه لا عِدلَ له». وقال: «الصيام والقرآن يشفَعَان للعبد يوم القيامة». وقال: «ثلاثُ دعواتٍ مُستجابات: دعوةُ الصائم، ودعوةُ المُسافِر، ودعوةُ المظلوم». وقال: «إن الله وملائكتَه يُصلُّون على المُتسحِّرين». وقال: «إن في الجنَّةِ بابًا يُقال له الريَّان يدخلُ منه الصائِمون يوم القيامة»؛ رواه البخاري ومسلم.


وأمَّتُنا اليوم حين تعصِفُ بها المِحَن، وتُحيطُ بها الفِتَن فهي بحاجةٍ إلى تعزيز الثَّبات في النفوس، ولعلَّنا نجِدُ هذا المعنى وغيرَه في غزوة الأحزاب أو الخندق التي وقعَت في الخامس من الهِجرة، وكانت معركةً حاسِمةً فاصِلة: عددٌ قليلٌ، وأعداءٌ كُثُر، التقَت مصالِحُهم ومنافِعُهم وأهواؤُهم على كراهيةِ الإسلام، وتحزَّبوا لقتال المسلمين، أو مُحاولة تشويهِه لتنحِيَته عن الحياة.


أعداءُ الإسلام مِلَّتُهم واحدة أيًّا كان منشؤُهم أو مُعتقدُهم، الخيانةُ مذهبُهم، والغدرُ سجِيَّتهم، والمكرُ والخديعةُ والتلبيسُ مطيَّتُهم، تذوبُ بينهم الفوارِقُ والعداوات، ويتحالَفُون لحرب الإسلام، قال الله تعالى: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120]، وقال: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217].


صراعٌ بين الحق والباطل، وتدافُعٌ بين جُند الله وجُند الشيطان، تآلَبَ الأحزاب، وحاصَروا المدينة قُرابَة شهر، وابتُلِي المُسلِمون فيها ابتِلاءً عظيمًا، مع جُوعٍ شديدٍ وبردٍ قارِسٍ:﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11].


جمع الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه يُشاوِرُهم - وهو المُؤيَّدُ بالوحي المُسدَّدُ به - ليُؤصِّلَ للأمة هذا المبدأ العظيم، وليكون سِمَةً من سِماته: ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشورى: 38].


الشُّورَى تُستجمَعُ فيها طاقاتُ العقول، وتلتئِمُ معها الخِبرات، وتنطلِقُ في آفاقِها الحلُولُ والآراء النيِّرَة، ثم يأتي بعد ذلك العزمُ والمُضِيُّ مع التوكُّل على الله، ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].


وفي ظلِّ الشُّورى أعملَ سلمان الفارسيُّ عقلَه في خدمة الإسلام؛ فأشار - رضي الله عنه - بفكرٍ سديدٍ، وخُطَّةٍ مُحكَمةٍ تتمثَّلُ في حفر الخندَق، وفرِحَ المُسلِمون بذلك فرَحًا عظيمًا. حفَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابِه الخندق، فأعطَى بذلك القائدُ القدوةَ العمليَّة بمُشارَكة أصحابِه البذلَ والتعبَ والألمَ والأملَ، فبثَّ فيهم روحَ الحياة والهمَّة العالية، ولم يتميَّز عنهم.


روى البخاري في "صحيحه": أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُردِّد أثناء حفر الخندَق أبياتَ عبد الله بن رواحَة - رضي الله عنه -:

اللهم لولا أنت ما اهتدَينا
ولا تصدَّقنا ولا صلَّينَا
فأنزِلَن سكينةً علينا
وثبِّتِ الأقدامَ إن لاقَينَا
إن الأُلَى قد بغَوا علينا
وإن أرادوا فتنةً أبَيْنَا

 

والمُسلِمون يردُّون عليه:

نحن الذين بايَعوا محمدًا
على الإسلام ما بقِينا أبدًا

 

إذا اشتدَّت الكُروب، وتعمَّقَت المِحَن، يُطِلُّ النِّفاقُ برأسِه، ويخرجُ من قُمقُمِه، ويشتدُّ ساعِدُ المنافِقين بمُمارسَة الغدرِ والخِيانة، بالدعيات الكاذِبَة، والإرجاف وإثارة البَلبَلة بين المُسلمين للعمل على شَتَات الشمل، وفُرقة الصفوف، وتفريق الكلمة.


والإرجافُ كما يكونُ بالأقوال يكونُ بالأفعال؛ فإرجافُ الأقوال كنقل الأخبار، وأعظمُ ما يكونُ الإرجاف وأشدُّ ما يكون ذنبًا على الإنسان ألا يكونَ على بيِّنةٍ من نقلِها فينقُلَها. ويكونُ الإرجافُ بالفعل وذلك بالاضطراب، والقلق، والخوف، وظهور علامات الفَزَع.


إذا حمِيَ الوَطيسُ افتَضَحَ أمرُ المنافقين في التحريضِ على الهُروب، والتخويف من المصير، والترويع من قوَّة العدوِّ وبَطشِه، ﴿ وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا ﴾ [الأحزاب: 13]. يكشِفُ القرآن ضعفَ حُجَّتهم، ويصِفُهم بأنَّهم أهلُ احتِيالٍ وجُبن، إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا .


ومع شدَّة الكربِ والبلاءِ العظيم تحتاجُ الأمةُ إلى الأمل، ويبُثُّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الأملَ في النفوس، والتفاؤُلَ بالغلَبَة، واليقينَ بوعد الله ونصرِه؛ بل زادَهم ذلك إيمانًا ويقينًا، ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].


عن البراء بن عازبٍ - رضي الله عنه - قال: أمرَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندَق، وعرَضَ لنا صخرةٌ في مكانٍ من الخندَق لا تأخُذ فيها المعاوِل، فشكَوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ المِعوَلَ فقال: «بسم الله» فضربَ ضربةً فكسرَ ثُلُثَ الحجر، وقال: «الله أكبر، أُعطِيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأُبصِرُ قصورَها الحُمرَ من مكاني هذا».


ثم قال: «بسم الله» وضربَ أخرى، فكسرَ ثُلُثَ الحجر، فقال: «الله أكبر، أُعطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأُبصِرُ المدائِن، وأُبصِرُ قصرَها الأبيضَ من مكاني هذا».


ثم قال: «بسم الله» وضربَ ضربةً أخرى، فقطعَ بقيَّة الحجر، فقال: «الله أكبر، أُعطيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأُبصِرُ أبواب صنعاء من مكاني هذا»؛ رواه أحمد.


ربَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه والمسلمون من بعدهم على أن النصرَ لا يتحقَّقُ بعد كلِّ هذا إلا من عند الله، هو مصدرُ النصر رغم التضحِيات والقِتال، ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 126].


ليس بتخطيطِنا ولا عُدَّتنا ولا عَتَادنا؛ بل بما سخَّرَه الله - تبارك وتعالى - من أسبابٍ، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 9].


النصرُ من عند الله، ولو خذَلَكم الشرقُ والغربُ، وقلَّ العددُ والعتَاد، قال الله تعالى: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160].


الدعاءُ - عباد الله - أساسُ النصر ورُوحُه؛ فعندما اشتدَّ الكربُ بالمُسلمين حتى بلَغَت القلوبُ الحناجِر، وزُلزِلُوا زِلزالاً شديدًا دعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على الأحزاب: «اللهم مُنزِل الكتاب، سريعَ الحساب، اهزِم الأحزاب، اللهم اهزِمهم وزلزِلهم».


واستجابَ الله الدعاء؛ فشتَّت الله شملَهم بالخلاف، وأرسلَ عليهم الرِّيحَ البارِدة الشديدة، وألقَى الرُّعبَ في قلوبِهم، وأنزلَ جنودًا من عنده، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴾ [الطارق: 15، 16].


ولله - سبحانه وتعالى - جندٌ لا يعلمُهم البشرُ ولا يرَونَهم، جنودٌ في السماء وجنودٌ في الأرض، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31]، ﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾ [الأحزاب: 25].


إخوة الإسلام:

إن الباطلَ مهما صالَ وجالَ، أو انتفشَ زيفُه في زمان، فسيعُود إلى الذلِّ والصَّغَار، هذه سُنَّةُ الله الماضِيَة، قال الله تعالى: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18]، وقال: ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصحَ الأمة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين.


أما بعد:

فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


وفي كل محنةٍ وبليَّة يبقَى في الموقف رجالٌ يُشارُ إليه بالبَنان. رجالٌ يصدُقُون في العهد، ويُوفون بالوعد. رجالٌ يكون مِحور النصر، ومنبَع الثبات، ومصدرَ الأمل والتفاؤُل، يشحَذُون الهِمَم، ويشدُّون العزائِم، ويتلفُّ حولَهم الصادِقون، ولا يصِلُ إليهم المُخذِّلون.


وفي الأحزاب امتدَحَ الله المؤمنين على مواقِفِهم في مُواجَهة جيوش الأحزاب بإيمانٍ صادقٍ، قال الله تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23].


وفي اجتِماع الأحزاب في أزمِنةٍ مُختلفة حكمةٌ في الرُّجوع إلى الله، وصدقِ التوكُّل عليه والإنابَة والذلِّ، ويبقَى على مرِّ العصور قولُ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «بشِّر هذه الأمةَ بالسَّناء والرِّفعة والنصر والتمكين في الأرض»؛ رواه أحمد.


ألا وصلُّوا - عباد الله - على رسول الهُدى؛ فقد أمرَكم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشِدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن الآل والصَّحبِ الكِرام، وعنَّا معهُم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أرحمَ الراحِمِين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمُسلمين، وأذِلَّ الكفرَ والكافِرين، ودمِّر اللهم أعداءَك أعداءَ الدين.

اللهم انصُر دينك وكتابَك وسنَّة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم انصُر الإسلامَ وأهلَه في كل مكان، اللهم انصُر الإسلامَ وأهلَه في كل مكان، اللهم انصُر الإسلامَ وأهلَه في كل مكان، اللهم كُن للمسلمين مُؤيِّدًا ونصيرًا وظهيرًا يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألُك الهُدى والتُّقَى والعفاف والغِنى.

اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ وعملٍ، ونعوذُ بك من النار وما قرَّبَ إليها من قولٍ وعملٍ.

اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي فيها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ يا رب العالمين.

اللهم أعِنَّا ولا تُعِن علينا، وانصُرنا ولا تنصُر علينا، وامكُر لنا ولا تمكُر علينا، واهدِنا ويسِّر الهُدى لنا، وانصُرنا على من بغَى علينا.

اللهم اجعَلنا لك ذاكِرين، لك شاكِرين، لك مُخبِتين، لك أوَّاهِين مُنيبين.

اللهم تقبَّل توبتَنا، واغسِل حوبَتَنا، وثبِّت حُجَّتَنا، وسدِّد ألسِنَتنا، واسلُل سخيمَةَ قُلوبِنا.

اللهم اغفِر لجميع موتى المسلمين يا رب العالمين، اللهم ارحم موتانا، واشفِ مرضانا، وفُكَّ أسرانا، وتولَّ أمرَنا، وفرِّج همومَنا يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامنا لما تُحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك يا رب العالمين، اللهم وفِّق جميعَ وُلاة أمور المُسلمين للعمل بكتابِك، وتحكيم شرعِك يا أرحم الراحمين.


﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]، ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].


﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].


فاذكروا اللهَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر رمضان في الكتاب والسنة، وأحاديث منتشرة عن شهر رمضان ولا تصح
  • مقتل أبي عفك وغزوة بني سليم

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 24 / 9 / 1434 هـ - قبل رحيل رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 17 / 9 / 1434 هـ - رمضان وأخلاق الصائم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 12/9/1432 هـ - رمضان شهر التوبة والإنابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21/8/1432هـ - نفحات شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب