• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 23/5/1431هـ

الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي


تاريخ الإضافة: 10/5/2010 ميلادي - 26/5/1431 هجري

الزيارات: 12157

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حسن الخلق

  

  

الحمد لله الرحمن الرحيم الحليم العليم العزيز الحكيم، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله. ذو الخلق الكريم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ذوي النهج القويم.

  

أما بعد:

فاتقوا الله - تعالى - وأطيعوه، واحذروا عقابه ولا تعصوه.

  

أيها المسلمون:

اعلموا أن الإسلام جاء لتحقيق غاية عظيمة، وجاء ليقوم بمهمة جسيمة. ألا وهي القيام بحق الله – تعالى- وحقوق الخلق؛ لقول الله – تعالى -: ﴿وَٱعْبُدُواْٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِٱلْولِدَيْنِ إِحْسَنًا وَبِذِى ٱلْقُرْبَى وَٱلْيَتَمَى وَٱلْمَسَكِينِ وَٱلْجَارِ ذِى ٱلْقُرْبَى وَٱلْجَارِٱلْجُنُبِ وَٱلصَّحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْن ِٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ [النساء: 36]، وما سوى هذه الغاية، وما سوى هذه الغاية من عُمران الأرض وتشريع الحدود وكف الظلم ونحو ذلك فهو تابع للغاية الكبرى. التي هي الوفاء بحق الله وحقوق الخلق ووسيلة إلى هذه الغاية وتمهيد إليها.

  

والخلق الحسن أساس القيام بحق الله وحقوق الخلق، والخلق الحسن بالإيمان أصل الوفاء بحق الرب – عز وجل – وحق العباد، وبذلك ترفع الدرجات وتكفر السيئات عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم"؛ رواه أبو داود.

  

وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء"؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، فالخلق الحسن جماع الخير كله، والخلق الحسن معناه: كل صفة حميدة بالشرع والعقل المستقيم، وقال بعض أهل العلم: "الخلق بذل الخير، وكف الشر"، ويقال: "الخلق الحسن بذل الندى، وكف الأذى".

  

والقول الجامع للخلق الحسن هو كل ما أمر الله به وترك كل ما نهى الله عنه.

  

فمما أمر الله به كالتقوى والإخلاص والصبر والحِلم والأناة والحياء والعفة والغيرة وبر الوالدين وصلة الأرحام والرحمة وإغاثة الملهوف والشجاعة والكرم والصدق وسلامة الصدر والرفق والوفاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن الجوار والتواضع والتحمل والسماحة ومجانبة المكر.

  

ومما نهى الله عنه مجانبة المكر والغدر والخيانة والخديعة والفواحش والمنكرات وخبائث المشروبات وخبائث المآكل والكذب والبهتان والشح والبخل والجبن والرياء والكبر والعجب والظلم والعدوان والحقد والغل والحسد والبعد عن التهم، ونحو ذلك.

  

والخلق الحسن ينفع المؤمن في الدنيا والآخرة ويرفع درجته عند ربه وينتفع بخلقه البر والفاجر، وأما الكافر فإنه ينفعه خلقه في الدنيا ويعيش به ويثيبه الله عليه في العاجلة، وأما الآخرة فليس له فيها نصيب.

  

عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: "يا رسول الله: أرأيت عبد الله بن جدعان فإنه كان يقري الضيف، ويكسب المعدوم، ويعين على نوائب الدهر، أينفعه ذلك؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا؛ إنه لم يقل يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين".

  

وقد أمر الله في كتابه - عز وجل - بكل خلق كريم ونهى عن كل خلق ذميم، وجاءت السنة النبوية كذلك آمرة بكل خصلة حميدة، ناهية عن كل خصلة خبيثة، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًّا، وحسبنا في ذلك مِثل قول الله – تعالى -: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلْفَوحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [الأنعام: 151].

  

وقوله - عز وجل-: ﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى السَّرَّاء وَٱلضَّرَّاء وَٱلْكَظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَفِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134].

  

وقال – تعالى-: ﴿خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ ٱلْجَهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، وقال - عز وجل-: ﴿وَٱصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِٱللَّهِ﴾ [النحل: 127].

  

وقال - تبارك وتعالى-: ﴿وَلاَ تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34].

  وقال - عز وجل-: ﴿وَاخفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: 215].

وقال - تبارك وتعالى-: ﴿تِلْكَ ٱلدَّارُٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى ٱلأرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَٱلْعَقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83].

وقوله - عز وجل-: ﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَن ِٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى ٱلأرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَهِلُونَ قَالُواْ سَلاَمًا * وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَمًا وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَٱلَّذِينَ إِذَا أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ﴾ [الفرقان: 63- 68].

وقال – تعالى-: ﴿يَأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]، وقال - عز وجل-: ﴿وَمَا ءاتَكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ﴾ [الحشر: 7].

 

وفي الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أنا زعيمٌ ببيتٍ في أعلى الجنة لمن حسن خلقه"؛ رواه أبو داود بإسناد صحيح من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -.

 

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم بمن يَحرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هيِّن ليِّن سهل"؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.

 

وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي – صلى الله عليه وسلم قال -: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه"؛ رواه مسلم.

 

وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه – قال: سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - عن البِر والإثم، فقال: "البِر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"؛ رواه مسلم.

 

الخلق الحسن بركة على صاحبه وعلى مجتمعه، وخير ونماء ورفعة عند الله وسناء، ومحبة في قلوب الخلق وطمأنينة وانشراح في الصدور، وتيسير في الأمور، وذكر حسن في الدنيا، وحسن عاقبة في الأخرى.

 

وسوء الخلق شؤم ومحق بركة في الأعمار، وبغض في الخلق وظلمة في القلوب، وشقاء عاجل وشر آجل.

 

أيها المسلمون:

اقتدوا بالسلف الصالح، الذين اتصفوا بمكارم الأخلاق وشهد لهم بذلك العليم الخلاق في مثل قوله الله – تبارك وتعالى -: ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَهُمْ فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ﴾ [الفتح: 29]، وقوله – تعالى-: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ﴾ [آل عمران: 110]؛ فهم خير الناس للناس، وقول الله – تعالى-: ﴿مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً﴾ [الأحزاب: 23].

 

فكل واحد من الصحابة - رضي الله عنهم - أمةٌ وحده في مكارم الأخلاق والبعد عن سفاسف الأمور، يُعلم هذا من تفصيل سِيَرِهم وأحوالهم.

 

والمثل الأعلى في كل خلق كريم وفي كل وصف حميد عظيم سيد البشر سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - فهو القدوة التامة في كل شيء. قال الله – تعالى-: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآَخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً﴾ [الأحزاب: 21]؛ فقد أدبه ربه فأحسن تأديبه.

 

واعتنى - صلى الله عليه وسلم - أعظم عناية بتربية الأمة على كل خلق حميد وفعل رشيد؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق"؛ رواه أحمد.

 

وأثنى الله على نبيه - عليه الصلاة والسلام - أفضل الثناء، ثناءً يتردد في سمع الوجود، ويتلوه الملأ الأعلى والمؤمنون من الجن والإنس، ولا تُنْسِيه سرمدية الزمان، قال الله – تعالى-: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، ﴿وَكَفَى بِٱللَّهِ شَهِيداً﴾ [الفتح: 28].

 

عن عائشة - رضي الله عنها - أنها سُئلت عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقالت: "كان خلقه القرآن".

 

قال ابن كثير - رحمه الله -: "صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا سجية له، وخُلقًا تطبّعه، وترك طبعه الجِبلّي، فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جَبَله الله عليه من الخلق العظيم من الحياء والكرم، والشجاعة والصفح والحلم، وكل خلق جميل" انتهى.

 

وحتى قبل البعثة لم يجدوا عليه سَقطة ولا عيبًا يُذمّ به - مع كثرة أعدائه، وتوافر دواعيهم وحرصهم - ولما فجأه الوحي قال لخديجة - رضي الله عنها -: "لقد خشَِيتُ على نفسي"؛ فقالت: "كلا والله، لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"؛ رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها-.

 

فهذا بعض خلقه الكريم قبل البعثة، فأتم الله عليه النعمة والخلق العظيم بعد البعثة.

 

فتأسَوْا معشر المسلمين بنبيكم - صلى الله عليه وسلم - بالتمسك بدينه القيم، والعمل بشريعته الغراء، والتخلق بأخلاقه الكريمة، بقدر ما يوفقكم الله لذلك، واحملوا أنفسكم على منهجه مخلصين لله – تعالى- متبعين لسنته غير مبتدعين في دينه، قال– عز وجل -: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آل عمران: 21].

 

واعلموا - عباد الله - أن المداراةَ من الخلق الحسن، والمداهنةَ من الخلق المذموم، فالمداراة هي دفع الشر بالقول الحسن أو الفعل الحسن، وتبليغ الحق بأسلم وسيلة.وتكون في بعض الأحوال، والمداهنة هي السكوت عن الحق، أو الموافقة في المعصية. قال الله – تعالى-: ﴿يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ولي المتقين، أحاط بكل شيء علمًا ووسِع كل شيء رحمة وحلمًا، أحمده - سبحانه - على نعمه التي لا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الأسماء الحسنى، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المصطفى، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه الأتقياء.

 

أما بعد:

فاتقوا الله - تعالى - كما أمر وابتعدوا عما نهى عنه وزجر؛ فقد أمركم الله – تبارك وتعالى - بطاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

 

وإن الله – تبارك وتعالى - مما جاء به كتابه يقول - عز وجل -: ﴿وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا * وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُوراً﴾ [الإسراء: 26 – 27].

 

عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه – قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ الناس بخلق حسن"؛ رواه الترمذي.

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة، قال: "تقوى الله وحسن الخلق"، وسُئل عن أكثر ما يُدخل الناس النار، فقال: "الفم والفرج"؛ رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح".

 

فتمسكوا بأخلاق دينكم - عباد الله -، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنه -: "من أحب أن يزحزح عن النار وأن يدخل إلى الجنة فليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه".

 

فتمسكوا بأخلاق دينكم وحافظوا على هدي نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلم - تفوزوا بخيري الدنيا والآخرة.

 

عباد الله:

إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال - تبارك وتعالى -: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

 

وقد قال - صلى الله عليه وسلم - "من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا"؛ فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وسلم تسليم كثيرا.

 

اللهم وارض عن الصحابة أجمعين وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين - أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - وعن سائر الصحب والآل - رضي الله عنهم أجمعين -.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذِلّ الكفر والكافرين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك يارب العالمين، اللهم انصر سنة نبيك ياذا الجلال والإكرام، اللهم أظهر دينك دين الإسلام على الدين كله ولو كره المشركون، اللهم أظهر السنن وانصر السنن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم اقمع البدع إلى يوم الدين يارب العالمين.

 

اللهم ألف بين قلوب المسلمين وأصلح ذات بينهم يا أرحم الراحمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح اللهم ولاة أمورنا، اللهم وفق خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك يا رب العالمين، اللهم وانفع به البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير، اللهم وأصلح بطانته.

 

اللهم وفق ولي عهده لما تحب وترضى ولما فيه عز الإسلام يا رب العالمين، اللهم وفق النائب الثاني لما تحب وترضى ولما فيه عز الإسلام والمسلمين يا رب العالمين.

 

اللهم اجعل ولاة أمور المسلمين عملهم خيرا لشعوبهم وأوطانهم إنك على كل شيء قدير.

 

اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين يارب العالمين يا أرحم الراحمين، اللهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أغثنا يا رب العالمين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق يا رب العالمين.

 

اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ما قدمنا، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا. أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت.

 

اللهم أعذنا من شرور أنفسنا وأعذنا من سيئات أعمالنا وأعذنا من شر كل ذي شر يا رب العالمين.

 

﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 200].

 

عباد الله:

﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90].

﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 91].

 

اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه وآلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسجد النبوي: عودة الأئمة إلى المحراب النبوي في الصلوات(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 7 / 11 / 1434 هـ - خلق الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 30 / 10 / 1434 هـ - الاستعداد للموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 23 / 10 / 1434 هـ - عبودية الكائنات لله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب