• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة قصة سيدنا موسى عليه السلام
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    شكرا أيها الطائر الصغير
    دحان القباتلي
  •  
    خطبة: صيام يوم عاشوراء والصيام عن الحرام مع بداية ...
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    منهج المحدثين في نقد الروايات التاريخية ومسالكهم ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    كيفية مواجهة الشبهات الفكرية بالقرآن الكريم
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / خطب الحج
علامة باركود

خطبة ماذا بعد الحج

خطبة ماذا بعد الحج
د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/9/2017 ميلادي - 21/12/1438 هجري

الزيارات: 129263

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة ماذا بعد الحج

 

إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.. أمَّا بَعدُ:

 

فَأُوصِيكُم - أيُّها الإِخْوَةُ - ونَفْسِي بتقْوَى اللهِ عزَّ وجلَّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... لَقَدِ انْقَضَتْ أيَّامُ الْحَجِّ، وَرَجَعَتْ وُفُودُ الْحُجَّاجِ مِنْ أُمِّ الْقُرَى، رَجَعُوا بَعْدَ أَنْ حَجُّوا الْبَيْتَ الْحَرامَ، وَعَادُوا بَعْدَ أَنْ وَقَفُوا بِتِلْكَ الْمَشَاعِرِ الْعِظَامِ، فَهَنِيئًا لَهُمْ هَذِهِ الرِّحْلَةُ الإيمَانيَّةُ الْعَظِيمَةُ، هَنِيئًا لَهُمْ مَا كَسَبُوهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَمَا مُحِيَ عَنْهُمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ.

 

لِيَهْنَأَ مِنْهمْ مَنْ حَجَّ للهِ مُخْلِصًا، وَلِنَبِيِّهِ مُتَّبِعًا، وَابْتَعَدَ عنِ الرِّياءِ وَالسُّمْعَةِ وَالْفَخْرِ، وَسَلِمَ مِنَ الرَّفَثِ وَالْفُسُوقِ وَالْجِدالِ، فَلْيَطِبْ بِمَا أَسْلَفَ نَفْسًا، ولْيَهْنَأْ بِمَا قَدَّمَ قَلْبًا؛ فَقَدْ أَدَّى فَرْضًا، وَقَضَى تَفَثًا، وَرَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ خَالِيًا، وَمِنْ خَطَايَاهُ خَاوِيًا، فَقدْ جاءَ في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَديثِ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم فِي مَسْجِدِ مِنًى فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ فَسَلَّمَا، ثُمَّ قَالا: يَا رَسولَ اللهِ، جِئْنَا نَسْأَلُكَ فَقَالَ: "إِنْ شِئْتُمَا أَخْبَرْتُكُمَا بِمَا جِئْتُمَا تَسْأَلانِي عَنْهُ فَعَلْتُ، وَإن شِئْتُمَا أَنْ أُمْسِكَ وَتَسْأَلانِي فَعَلْتُ". فَقَالا: أَخْبِرْنَا يَا رَسولَ اللهِ.

 

فقَالَ لأحدهِمَا: "جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَن مَخْرَجِكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ومَا لَكَ فِيهِ، وعَن رَكْعَتَيْكَ بَعْدَ الطَّوَافِ، ومَا لَكَ فِيهِمَا، وعَن طَوَافِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ومَا لَكَ فِيهِ، وَوَقُوفِكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ومَا لَكَ فِيهِ، وعَن رَمْيِكَ الْجِمَارَ ومَا لَكَ فِيهِ، وعَن نَحْرِكَ ومَا لَكَ فِيهِ، وعَن حَلْقِكَ رَأْسَكَ ومَا لَكَ فِيهِ، وعَن طَوَافِكَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ ومَا لَكَ فِيهِ مَعَ الإِفَاضَةِ"، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، عَن هَذَا جِئْتُ أَسْأَلُكَ. قَالَ: "فَإِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ لا تَضَعْ نَاقَتُكَ خُفًّا ولاَ تَرْفَعُهُ إلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَكَ بِهِ حَسَنَةً وَمَحَا عَنْكَ خَطِيئَةً، وَأَمَّا رَكْعَتَاكَ بَعْدَ الطَّوَافِ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيلَ، وَأَمَّا طَوَافُكَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَعِتْقِ سَبْعِينَ رَقَبَةً، وَأَمَّا وُقُوفُكَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَهْبِطُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلائِكَةَ يَقُولُ: عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا مِنْ كِلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ كَعَدَدِ الرَّمْلِ، أَوْ كَقَطْرِ الْمَطَرِ، أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ، وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجِمَارَ فَلَكَ بِكُلِّ حَصَاةٍ رَمَيْتَهَا كَبِيرَةٌ مِنَ الْمُوبِقَاتِ، وَأَمَّا نَحْرُكَ فَمَذْخُورٌ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ، وَأَمَّا حِلاقُكَ رَأْسَكَ فَلَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَلَقْتَهَا حَسَنَةٌ وَيُمْحَى عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةٌ، وَأَمَّا طَوَافُكَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّكَ تَطُوفُ ولاَ ذَنْبَ لَكَ فيَأْتِي مَلَكٌ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْكَ فَيَقُولُ: اعْمَلْ فِيمَا تَسْتَقْبِلُ فَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا مَضَى". رواه البَزَّارُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.

 

أيُّها الْحَاجُّ الْكَرِيمُ.. يَا مَنْ بَذَلْتَ النَّفْسَ والنَّفِيسَ، وضَحَّيْتَ بَالْجَهْدِ والْوَقْتِ، واجْتَهَدْتَ حَتَّى أَتَيْتَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ، فَلَبَّيْتَ وطُفْتَ وَسَعَيْتَ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَشَرِبْتَ مِنْ زَمْزَمَ، ووقفت بِعَرَفَةَ، وَرَمَيْتَ الْجَمَرَاتِ، وَنَثَرْتَ الْعَبْرَاتِ، وَدَعَوْتَ وَسَأَلْتَ وَرَجَوْتَ الوَهَّابَ، وَتُبْتَ إِلَى اللهِ وَأَنَبْتَ، مَنْ أَسْعَدُ مِنْكَ وَأَحْظَى؟! مَنْ أَهْنَأُ مِنْكَ وَأَرْضَى؟! فَيا سَعْدَ مَنْ تَجَرَّدَ للهِ فِي وَحْدَانِيَّتِهِ، وتَوَجَّهَ لَهُ فِي عُبُودِيَّتِهِ!

 

لَقَدْ دَعَوْتَ ربًّا كَرِيمًا، وسَأَلْتَ مَلِكًا عَظِيمًا، ورَجَوْتَ بَرًّا رَحِيمًا، لا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، ولا فَضْلٌ أَنْ يُعْطِيهِ، لَقَدْ دَعَوْتَ رَبَّكَ الذِي إنْ تَقَرَّبْتَ إليهِ شِبرًا، تَقَرَّبَ إليكَ ذِرَاعًا، وإنْ تَقَرَّبتَ إليهِ ذِرَاعًا، تَقَرَّبَ إليكَ بَاعًا، وإِنْ أَتَيْتَه تَمْشِي، أتاكَ هَرْوَلَةً.

 

فَأَحْسِنْ ظنَّكَ بربِّكَ، فإنَّ رَبَّكَ عندَ ظَنِّكَ، وعَطَائَهُ أَعْظَمُ مِنْ أَمَلِكَ، وَجُودَهُ أَوْسَعُ مِنْ مَسْأَلَتِكَ، وَهُو أَعْلَمُ بِكَ مِنْكَ، وَهُوَ الْكَرِيمُ الذِي إذَا أعْطَى أَغْنَى، وإذَا وَهَبَ أَغْدَقَ –فَسُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ-، أَلَمْ يَنْظُرْ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ إِلَى الْحَجِيجِ مُنْكَسِرِينَ خَاضِعِينَ فقالَ لَهُمْ: "أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ"، ورَوَى مُسلِمٌ مِنْ حَديثِ عَائِشَةَ رضيَ اللهُ عنها: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟".

 

فَهَنِيئًا لَكَ وَبُشْرَى؛ فَقَدْ عُدْتَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ، فَاجْعَلْ مِنْ حَجِّكَ بِدَايةً لِحَيَاةٍ جَدِيدَةٍ، وفُرْصَةً لِمُعَامَلَةٍ مَعَ اللهِ صَادِقَةٍ، لَقَدْ كُفِيتَ مَا سَلَفَ وَمَضَى، فَاسْتَأْنِفْ عَمَلَكَ وَأَحْسِنْ فِيمَا بَقِيَ، وأَرِ اللهَ مِنْ نَفْسِكَ خَيرًا، اُصْدُقِ التَّوْبَةَ وَأَخْلِصْ فِي الإِنَابَةِ، وَاعْزِمْ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّاعَاتِ مَا بَقِيتَ، واتْرُكِ الْمَعَاصِي مَا حَيِيتَ؛ فَوَاللهِ إِنَّهَا لَفُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ أَنْ نُقِّيتَ مِنَ الْخَطَايا، وَطُهِّرْتَ مِنَ الْأوْزَارِ، وَعُدْتَ خَفِيفًا مِمَّا أَثْقَلَكَ مِنَ الْأَغْلاَلِ والآصَارِ، فَاتَّقِ اللهَ حَقَّ التَّقْوَى وَحَافِظْ عَلَى مَا اكْتَسَبْتَ وَجَنَيْتَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَهْدِمَ مَا شَيَّدْتَ وَبَنَيْتَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إِذْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَدَّكَ عَنِ الْحَجِّ فَهُوَ حَرِيصٌ كُلَّ الْحِرْصِ أَنْ يُفْسِدَ عَمَلَكَ وَيُذْهِبَ أَجْرَكَ، وَإِنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الذَّنْبِ بَعْدَ التَّوْبَةِ لَخَطْبٌ جَلَلٌ يَجْدُرُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَبْعَدَ النَّاسِ عَنْهُ، وأَحْذَرَهُمْ مِنْهُ.

 

أخِي الكَرِيمُ.. لَقَدْ حَرَصْتَ فِي حَجِّكَ عَلَى السُّؤَالِ عَنْ كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ، وَكُنْتَ جَادًّا فِي تَطْبِيقِ السُّنَّةِ قَبْلَ أَيِّ قَوْلٍ أوْ فِعْلٍ، أَلَا فَلْيَكُنْ هَذَا دَيْدَنُكَ طِوَالَ عُمُرِكَ، لَقَدْ حَرَصْتَ أيَّامَ حَجِّكَ عَلَى ألاَّ يَكُونَ مِنْكَ رَفَثٌ، وَلَا فَسُوقٌ، وَلَا جِدالٌ، فَلْتَكُنْ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةَ عُمُرِكَ؟ ولْتَحْفَظْ سَمْعَكَ وَبَصَرَكَ؟ وَلْتَصُنْ لِسَانَكَ وَجوارِحَكَ؟ ولْتَحْرِصْ على وَقْتِكَ مِنَ الضَّيَاعِ فِيمَا لَا يُرْضِي رَبَّكَ.

 

عَبْدَ اللهِ.. اعْلَمْ أنَّ الحياةَ كُلَّهَا قَصِيرةٌ، وأنَّ العُمُرَ أيامٌ قَلِيلةٌ -كَأَيَّامِ الْحَجِّ مَعْدُودَة- قَالَ تعَالى ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ [النازعات: 46] فاصْبِرْ وصَابِرْ، ورَابِطْ وسَارِعْ، واجْتَهِدْ وجَاهِدْ، فإنَّ المسلِمَ لا يَزْدَادُ بطُولِ الْعُمُرِ إلاَّ خَيرًا، ولا يَرْضَى لِنَفْسِهِ أَنْ يَعْقُبَ الطَّاعَةَ بالْمَعْصِيةِ، ولا أَنْ يُفْسِدَ التَّوْبَةَ بالانتِكَاسِ، كَيفَ وقَدْ قَالَ اللهُ تعَالى ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ﴾ [النحل: 92] وقالَ تَعَالى لِنَبِيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾؟!

 

جَاءَ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَ لَهُ: قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ".

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وأسْتَغْفِرُ اللهُ لِي ولَكُمْ ولَجميعِ المسلمينَ مِن كلِّ ذَنْبٍ، فاسْتغفروه، إنَّه هُوَ الغفورُ الرحيمُ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَهُ الْحَمْدُ الْحَسَنُ وَالثَّناءُ الْجَمِيلُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا... أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تعَالى وأَطِيعُوهُ، واسْتقِيمُوا علَى طَاعَتِهِ واتِّبَاعِ أَمْرِهِ، والسَّيْرِ علَى نَهْجِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... وَإِنَّهُ كَمَا أَكْرَمَ اللهُ الْحُجَّاجَ بِالْحَجِّ، فَقَدْ أَنْعَمَ عَلَى غَيْرِهِمْ بِنِعَمٍ عَظِيمَةٍ، وَيَسَّرَ لَهُمْ عِبَادَاتٍ جَلِيلَةً، فمَرَّتْ بِهِمْ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ الَّتِي هِيَ أفْضَلُ أيَّامِ الدُّنْيا عِنْدَ اللهِ، وَمَرَّ بِهِمْ يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يُكَفِّرُ صِيَامُهُ سَنَتَيْنِ، وَمَرَّ بِهِمْ يَوْمُ النَّحْرِ وَفِيهِ الأُضْحِيَةُ...

 

ثُمَّ تَوَالَتْ عَلَيهِمْ أيَّامُ التَّشْرِيقِ فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَذَكَرُوا اللهَ، وَحَمِدُوهُ وَشَكَرُوهُ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ، فَمَا أَجَدْرَنَا أَنْ نَفْرَحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58] مَا أَجَدْرَنَا أَنْ نَزْدَادَ حَمْدًا للهِ وَشُكْرًا فَنُضَاعِفَ الْعَمَلَ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَه ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]، مَا أَجَدْرَنَا أَنْ نَسْتَمِرَّ عَلَى الطَّاعَةِ، وأَنْ نَجْعَلَ الْحَيَاةَ كُلَّهَا للهِ كَمَا أَرَادَهَا سبحانَه؛ حَيْثُ قَالَ في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

 

أَلَا فَلْيَسْتَقِمْ كُلٌّ مِنَّا عَلَى مَا بَدَأَهُ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ؛ فَإِنَّ الاِسْتِقامَةَ عَلَى الصِّرَاطِ وَالثَّبَاتِ عَلَيهِ، مَدْعَاةٌ إِلَى أَنْ يُخْتَمَ لِلْمَرْءِ بِالْخَاتِمَةِ الْحَسَنَةِ، وَأَنْ يُبَشَّرَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِرِضَا رَبِّهِ وَدُخُولِ جَنَّتِهِ، وَتِلْكَ -وَاللهِ- هِي أغْلَى مَطْلُوبٍ، وَأَسْنَى مَرْغُوبٍ؛ قَالَ سُبْحَانَه ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32].

 

نَسْأَلُ اللهَ الاسْتِقَامَةَ والثَّبَاتَ علَى طَاعَتِهِ، اللهمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ، واصْرِفْهَا إِلى طَاعَتِكَ.

 

اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْنَا، وَبِكَ آمَنَّا، وَعَلَيكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيكَ أَنَبْنَا، وَبِكَ خَاصَمْنَا، وَإِلَيكَ حَاكَمْنَا، فَاغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَما أَخَّرْنَا وَما أَسْرَرْنَا وَما أَعْلَنَّا، أَنْتَ إلَهُنَا لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنَا ذُنُوبَنَا جَمِيعَهَا إِنَّه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأخْلاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَ الْأخْلاقِ لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ.

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللهمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى، وانْصُرْ جُنُودَنَا فِي الحَدِّ الجَنُوبِيِّ يَا ربِّ العَالَمِينَ، وانْصُرِ المسلِمينَ المستضعفينَ في كلِّ مكَانٍ يَا ذَا الجَلالِ والإِكْرامِ..

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفة ما بعد الحج؟
  • بعد الحج (خطبة)
  • الحج عودة المغترب
  • الحج والمراغمة
  • وقفات ووصايا بعد الحج
  • خطبة: ماذا بعد الحج

مختارات من الشبكة

  • تدخل عمها أفسد الخطبة(استشارة - الاستشارات)
  • خطبه الجمعة 31-6-1439 طلوع الشمس وخروج الدابة(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أبو بكر الصديق .. خطبه ومواعظه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظمة القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عظمة القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الحاجة بين الإفراط والتفريط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أبو عنان المريني ولقب الخلافة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السيرة الحسنة كتاب مفتوح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في الحج (10) ماذا بعد الحج؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
خالد عمرفاروق - غانا 14/07/2023 01:58 PM

جزاكم الله خيراً..

1- جزاكم الله خير الجزاء
كمال قيراط - مصر 28/07/2021 10:40 PM

زادكم الله علما وجزاكم عنا خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/1/1447هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب