• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

أهمية الذكر وأقسامه وآدابه وفوائده

أهمية الذكر وأقسامه وآدابه وفوائده
محمد تقي بن عبدالسلام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/1/2025 ميلادي - 11/7/1446 هجري

الزيارات: 2256

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أهميةُ الذِّكْرِ وأقسامه وآدابه وفوائده

 

لا شكَّ أن للذكر أهميةً عظيمة، ومنزلة سامية، ومكانة رفيعة في ديننا الإسلام الحنيف، وتظهر أهميته من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، وكذلك من آثار الصحابة وأقوال السلف الصالحين، ولأهمية الذكر في الإسلام وإعراض الناس عنه مع أهميته وفضيلته؛ أردت أن أكتب مقالةً مختصرةً تبين معنى الذكر وأهميته، وتوضِّح آدابه وفوائده، وترغِّب الناس في الاهتمام به في هذا الزمن العصيب الذي كثُرت فيه المحن، وشاعت فيه الفتن، وأسأل الله تعالى أن يجعل مقالتي خالصةً لوجهه الكريم، ونافعةً لي ولإخواني القُرَّاء، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم.

 

معنى الذكر لغةً وشرعًا:

معنى الذكر في اللغة: الذكر مصدر من باب (نَصَر ينصُر)، يُقال: ذكر الشيء يذكُره ذِكرًا، ويأتي الذكر في اللغة لعدة معانٍ:

الأول: حفظ الشيء واستحضاره في الذهن.

 

والثاني: ذكر الشيء على اللسان بأن تنطقه بلسانك؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ﴾ [مريم: 2].

 

والثالث: الثناء الحسن والشرف؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44]؛ أي: إن القرآن شرف لك ولقومك.

 

وقد يُطلَق الذكر على معانٍ أخرى؛ منها: الصلاة لله، والدعاء، والتسبيح وتلاوة القرآن، وتحميد الله وتهليله، وغيرها من المعاني.

 

 

معنى الذكر في اصطلاح الشرع:

هو ذكر العبد لربه، وثناؤه عليه، سواء كان بالإخبار عن ذاته وصفاته، وأفعاله وآلائه، أو بعبادته وتلاوة كتابه، وبدعائه وسؤاله.

 

حقيقة الذكر:

إن الذكر في الحقيقة هو أن يتخلص الإنسان من غفلته ونسيانه، ويتوجه إلى الله بقلبه وجَنانه، وذلك بأن يقطع الإنسان جميع علاقاته عن الدنيا وحذافيرها وكَدُوراتها، ويتعلق بالله سبحانه وتعالى لينوِّرَ قلبه بنور معرفته، ويرطب لسانه بذكره والثناء عليه، فإذا توجَّه الإنسان إلى ربه، وتقرَّب إليه بعمل صالحٍ، فكأنه ذكر الله تعالى حقيقةً؛ ولذلك جعل بعض العلماء الذِّكَرَ عامًّا شاملًا لجميع أنواع الخيرات والعبادات التي تُقرِّب الإنسان من ربه؛ قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "كل ما تكلم به اللسان، وتصوَّره القلب، مما يقرِّب إلى الله من تعلُّم علمٍ، وتعليمه، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، فهو من ذكر الله"، ثم قال: "ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع بعد أداء الفرائض، أو جلس مجلسًا يتفقَّه، أو يُفقِّه فيه الفقه، الذي سمَّاه الله ورسوله فقهًا، فهذا أيضًا من أفضل ذكر الله".

 

أقسام الذكر:

للذكر نوعان: الأول: الذكر باللسان، الثاني: الذكر بالقلب والجَنان، والذكر باللسان هو أن يذكر الله تعالى بلسانه، ويُثني عليه بأسمائه وصفاته، والذكر بالقلب هو أن ينقطع الإنسان عن الدنيا وما فيها، ويتوجه إلى الله بقلبه وقالبه، ويتفكر في أسماء الله وصفاته، وعجائب قدرته وأعماله، وهذان النوعان من أفضل أنواع الذكر، وهناك أقسام أخرى للذكر ذكرها العلماء، فلكل عضو من أعضاء الإنسان ذِكْرٌ مناسب له؛ فذكر اللسان الثناء والدعاء وتلاوة القرآن، وذكر القلب تفكُّرُ العبد في ذات الله وصفاته وعجائب قدرته، وتفكره في أحكام الله من الأوامر والنواهي، وتفكره في أسرار مخلوقاته وعجائبها، والذكر بالخوف والرجاء بأن يذكر عذاب الله ويخافه في كل لحظة، ويرجو رحمة الله ويتمناها في كل آنٍ، وذكر الجوارح عبادة الله بالبدن، والجوارح مثل الصلاة والصوم، والزكاة والجهاد في سبيل الله، وذكر اليدين بالإنفاق في سبيل الله على الفقراء والمساكين، وقضاء حوائجهم، وإيصال الفرح والراحة إلى المؤمنين، وذكر العينين هو البكاء من خشية الله، وغيرها من أنواع الذكر وأقسامه التي ذكرها العلماء.

 

أهمية الذكر في ضوء القرآن الكريم:

إن الذكر من خير الأعمال وأفضلها في التقرب إلى الله تعالى؛ لنَيلِ رضائه والفوز بمغفرته؛ ولذلك بيَّن الله تعالى فضيلته، ورغَّب عباده إليه في كتابه المجيد، فقد وردت كثير من الآيات القرآنية في بيان فضيلة الذكر، والحث عليه والترغيب فيه؛ فقال الله تعالى: ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه: 130]، أمر الله تعالى في هذه الآية نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم بذكره وتسبيحه في الصباح والمساء؛ لينال رضوانه، ويطمئنَّ قلبه، ويتسع صدره لأذى المشركين في سبيل الدعوة إلى الله؛ وقال الله تعالى في مقام آخر: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]؛ أي: اذكر الله تعالى في نفسك سرًّا من غير جهر، ففي هذه الآية أمر الله تعالى بالذكر سرًّا، فكما أن الذكر يكون بالجهر فهكذا يُستحَبُّ بالسر أيضًا كما في هذه الآية، فقد أرشدنا الله تعالى في كتابه الكريم إلى ذكره سرًّا في القلب، وذكره جهرًا باللسان.

 

يذكر الله الذاكرين إياه:

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152]، ففي هذه الآية بشارة عظيمة للذين يذكرون الله تعالى بأن الله يذكرهم أيضًا، فكأن الله تعالى يقول لعباده: اذكروني بالطاعة والاستجابة، والدعاء والسؤال؛ أذكركم بالرعاية والنصر، وصلاح الأحوال في الدنيا والآخرة.

 

بذكر الله تطمئن القلوب:

إن الله تبارك وتعالى جعل الذكر سببًا عظيمًا من أسباب انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، فالذكر دواء لكل مرض، وراحة من كل مشقة، ونجاة من كل ضيق؛ كما قال الله تعالى في القرآن المجيد: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]؛ فقد بيَّن الله تعالى في هذه الآية أن الذكر سبب عظيم من أسباب الطمأنينة والراحة، وأن الغافل عن ذكر الله تعالى يكون في شقاء دائم وعناء مستمر، فمن أراد أن يحصل له طمأنينة في القلب، وراحة في النفس، فليترك غفلته، وليبادر إلى ذكر الله تعالى.

 

وما أكثر الذين يبحثون عن الطمأنينة والراحة في حياتهم! فكم نرى ونشاهد الناس الذين يشكون عدم السكون والراحة في حياتهم، مع أنهم يملكون أموالا وافرةً، ويعيشون في قصور شامخة، ويركبون سيارات فاخرة، ويلبَسون ثيابًا غالية، ولكن قلوبهم تكون في وحشة دائمة وعناء مستمر! لأنهم نسُوا الله تعالى؛ فنَسِيَهم الله تعالى وأنساهم أنفسهم؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فإذا نسِيَ العبد ربَّه، نسِيَه الله تعالى، وجعله بعيدًا عن عنايته ورحمته، وجعل حياته شديدةً ضيقةً، حتى يرجع ويتوب إلى الله؛ كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124]؛ أي: من غفل وأعرض عن ذكري، فإن له في الحياة الأولى معيشةً ضيقة شاقة، لا طمأنينةً لقلبه ولا انشراحًا لصدره، وإن كان يظهر من أهل المال والجاه، وأما في يوم القيامة، فسيحشره الله أعمى البصيرة، لا حُجَّة عنده، ولا برهان يُقدِّمه إلى ربه عند الحساب.

 

فيا أيها الإنسان، إن كنت تبحث عن الراحة والسعادة، وتريد أن ينشرح صدرك، ويصلح حالك، ويستقيم أمرك، فعليك أن تستيقظ من سُباتِك، وتتوب من غفلتك، وتبادر إلى ذكر الله تعالى، فلا سعادة لحياتك إلا من الله، ولا طمأنينة لقلبك إلا في ذكر الله، فتمسك بذكر الله تعالى في حياتك، تَكُنْ من المفلحين في دنياك وآخرتك.

 

أهمية الذكر في ضوء الحديث الشريف:

إن الأحاديث التي وردت في فضيلة الذكر وبيان أهميتها لكثيرة جدًّا، وهي أكثر من أن تُحصى وتُحصر، ولكنني سأذكر ها هنا بعضًا منها؛ لتتجلَّى أهمية الذكر في ضوء الأحاديث النبوية الشريفة على صاحبها ألف صلاة وتسليم.

 

1- روى الإمام الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألَا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والوَرِقِ، وخير لكم من أن تلقَوا عدوَّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، فقال عليه الصلاة والسلام: ذِكْرُ الله تعالى))؛ [رواه الترمذي في سننه]، فقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم الذِّكْرَ من أفضل العبادات، حتى على الصدقة والجهاد في سبيل الله.

 

2- وروى الإمام البيهقي من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لكل شيء صَقَالةٌ، وصقالة القلوب ذكرُ الله عز وجل)))؛ أي: كما أن كل شيء يُصيبه الدَّرَنُ والوساخة، فيحتاج إلى التنظيف، فكذلك القلب يصيبه الأمراض الروحية، فيصير القلب غافلًا، ويخرج عنه الخشوع والخضوع، وتزول عنه السكينة والطمأنينة، فلا يؤثر فيه المواعظ الحسنة، ولا يميل إلى الطاعة والعبادة، فيحتاج هذا القلب إلى العلاج والصقل، وإزالة الأمراض والأوساخ، فذِكْرُ الله تعالى صقل للقلوب من الأمراض والأدران، وإذا صار القلب صالحًا سليمًا من الأمراض، صلح معه البدن والجوارح، ومالت إلى الطاعة والعبادة، والأعمال الصالحة؛ لأن القلب سلطان الجسم والأعضاء، وبصلاح القلب سيصلح الجسم والأعضاء بنفسها؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَلَا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ أَلَا وهي القلب))؛ [متفق عليه]، فصلاح الجسد والأعضاء موقوف على صلاح القلب، وكيف يمكن أن يبتعد الإنسان عن الذنوب والمعاصي بدون إصلاح القلب وتزكيته وتطهيره؟! ولا صلاح للقلب إلا بذكر الله تعالى.

 

3- وروى الشيخان؛ البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سبعةٌ يُظِلُّهم الله في ظلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظله، وذكر منهم: ورجل ذكر الله خاليًا، ففاضت عيناه))؛ [متفق عليه]، ففي هذا الحديث بشارة عظيمة للرجل الذي يذكر الله في الخلوة، ويبكي لشدة الخوف من الله، أو لكثرة الشوق إليه؛ فإن الله تعالى سيُظِلُّه يوم القيامة في ظله، وسيحفظه من أهوال القيامة وكروبها وشدائدها.

 

4- وكذلك رُوِيَ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سبق المفرِّدون، سبق المفردون، قالوا: يا رسول الله، ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات))؛ [أخرجه ابن حبان في صحيحه]؛ أي: سبق الذاكرون غيرَهم من عباد الله تعالى بنَيل الزُّلفى والعروج إلى الدرجات العلا؛ بسبب كثرة ذكرهم، وفي هذا الحديث بشارة عظيمة لأهل الذكر؛ حيث إنهم يسبقون الناس في أعمال الخير والطاعة، وسيسبقونهم أيضًا إلى الجنة يوم القيامة حينما يفِرُّ الناس إلى المحشر.

 

فيا أيها الإخوة، هذه هي فضائل الذكر كما جاءت في السنة النبوية الشريفة، فهي من أفضل العبادات، وأزكى الطاعات، والذاكر يستطيع بذكره أن يسبق المجاهد والمتصدق في سبيل الله، ويستطيع أن يسبق الناس إلى رضوان الله وجنته، وإن درجات العبد ترتفع في الأعمال الأخرى بقدر تحمُّل المشقة والتعب، ولكن الذكر هي العبادة الوحيدة التي يرتفع بها الدرجات من غير تعب ولا مشقة؛ كما رُوِيَ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليذكُرَنَّ اللهَ أقوامٌ في الدنيا على الفُرُشِ الممهَّدة، يُدخِلهم الله الدرجات العُلا)).

 

وإن الذِّكر لِقلبِ المؤمن كمثل الماء للسمك، فكما أن السمك لا يستطيع أن يعيش بدون الماء، فكذلك قلب المؤمن لا يكون حيًّا إلا بالذكر؛ كما أخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عله وسلم: ((مَثَلُ الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه، مَثَلُ الحي والميت)).

 

من آداب الذكر:

إن الذكر مشروع في جميع الأحوال والأوقات، ولا يختص بوقت دون وقت، ولكن الشرع استثنى من ذلك بعض الأحوال والأوقات، وذكر بعض الضوابط والآداب التي يجب رعايتها عند الذكر؛ قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "ينبغي أن يكون الذاكر على أكمل الصفات، فإن كان جالسًا في موضع استقبل القبلة، وجلس متذللًا، متخشعًا بسَكِينة ووقار، مُطرِقًا رأسَه، ولو ذكر على غير هذه الأحوال جاز ولا كراهة في حقه"؛ أي: ينبغي للذاكر أن يهتم بهذه الآداب، فإن اهتم بها فيحصل له زيادة الأجر والثواب لأدبه ووقاره، ولكن إن لم يستطع أن يهتم بها لأجل عذر؛ فيكون تاركًا للأفضل.

 

فمن آداب الذكر أن يكون مكان الذكر نظيفًا؛ فلذا يستحب العلماء الذكر في المساجد والمواضع الشريفة؛ وعن أبي ميسرة رحمه الله تعالى قال: "لا يُذكَر الله إلا في مكان طيب".

 

ومن آداب الذكر أن يُذكَر الله على طهارة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طُهْرٍ، أو قال: على طهارة))؛ [رواه أبو داود].

 

ومن آداب الذكر أن ينظف الذاكر فمَه قبل الذكر، فإن كان في فمه شيء، فعليه أن يُزيله بالماء والسواك، فإن ذكر الله في هذه الحالة ولم ينظف فمه، فيكون الذكر مكروهًا، ولا يكون حرامًا.

 

وإن الذكر مشروع مستحَبٌّ في جميع الأحوال إلا في الأحوال التي استثناها الشرع، ومنها: ألَّا يذكر الله عندما يكون جالسًا لقضاء الحاجة؛ تعظيمًا لله، وألَّا يذكر الله إذا كان مع زوجته على الفراش، وألَّا يذكر عندما يخطب الخطيب، ولا عندما يقرأ في الصلاة؛ لأن الاستماع إلى الخطبة والقراءة في الصلاة واجب، والذكر نفل، ولا يُترَك الواجب للنفل.

 

فوائد الذكر:

لا شكَّ أن للذكر فوائدَ كثيرةً ومنافعَ ثرَّةً في الدنيا والآخرة، وليس بوسعي أن أجمع هذه الفوائد كلها في هذه المقالة المختصرة، ولكنني سأذكر ها هنا بعضًا منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.

 

1 - الفائدة الأولى: إن الذكر يحفظ صاحبه عن أوهام النفس ووساوس الشيطان؛ كما رُوِيَ عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله تعالى خَنَسَ، وإذا غفل وسوس))؛ [صحيح البخاري]، فالرجل الذي لا يذكر الله يسيطر على قلبه الشيطانُ، ويُدخِل إليه الشكوك الأوهامَ والوساوس، والهموم والغموم والأحزان؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36].

 

2 - الفائدة الثانية: إن الذكر يُطهِّر القلب من الأحزان والهموم والأمراض الروحية، وتظهر آثار هذا التطهير على بدن الإنسان وأعضائه وجوارحه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لكل شيء صقالة، وصقالة القلوب ذكر الله عز وجل)).

 

3 -الفائدة الثالثة: إن الذكر سبب من أسباب السَّكِينة والطمأنينة، والراحة والسعادة في الحياة؛ كما قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما جلس قومٌ يذكرون الله إلا حفَّتْهم الملائكةُ، وغَشِيَتْهم الرحمة، ونزلت عليهم السَّكِينة، وذكرهم الله فيمن عنده)).

 

4 -الفائدة الرابعة: إن الذكر سبب لحياة القلب والروح، فإذا فقده العبد صار قلبه بمنزلة الجسد الذي لا روح فيه؛ كما رُوِيَ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه، مَثَلُ الحي والميت)).

 

5 -الفائدة الخامسة: إن الذكر سبب لقرب الله تعالى ومعيته؛ كما رُوِيَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه))؛ [سنن ابن ماجه]، فهذا الحديث يدل على أن من ذكر الله كان الله قريبًا منه، وكان معه في كل أموره، فيُوفِّقه ويهديه، ويُعينه في جميع أموره وأعماله، وكفى بالله قريبًا ونصيرًا.

 

6 -الفائدة السادسة: إن الذكر يُقوِّي قلبَ الإنسان وبدنه، ويُعيد إليه النشاط والحيوية، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لا يستطيع فعله بدونه، وقد شَكَت سيدتنا فاطمة رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما تُقاسيه من الطحن والسعي والخدمة، فعلَّمها وزوجها عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه: ((أن يُسبِّحا كل ليلة إذا أخذا مضاجعهما ثلاثًا وثلاثين، ويحمَدا ثلاثًا وثلاثين، ويُكبِّرا ثلاثًا وثلاثين، وقال: إنه خير لكما من خادم))؛ [رواه البخاري ومسلم].

 

7 - الفائدة السابعة: إن الذكر سبب عظيم من أسباب النجاة من عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة؛ كما جاء في الحديث النبوي الشريف: ((ما عمِل آدميٌّ عملًا أنجى له من عذاب الله، من ذكر الله))؛ [صحيح ابن حبان].

 

8 -الفائدة الثامنة: إن الله تعالى يذكر الذاكر عنده ويفتخر به على ملائكته؛ كما جاء الحديث الشريف: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة - يعني من أصحابه - فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا ندعو الله، ونحمَده على ما هدانا لدينه ومنَّ علينا بك، قال: آللهِ ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: آللهِ ما أجلسنا إلا ذلك، قال: أمَا إني لم أستحلفكم تُهمةً لكم، وإنما أتاني جبريل عليه السلام، فأخبرني أن الله عز وجل يُباهي بكم الملائكة)).

 

9 -الفائدة التاسعة: إن الذكر من أفضل الأعمال وأزكاها عند الله؛ فهو سبب لرفع الدرجات ومحو السيئات؛ كما رُوِيَ عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألَا أُنبِّئكم بخيرِ أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والوَرِقِ، وخير لكم من أن تلقَوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، فقال عليه الصلاة والسلام: ذكر الله تعالى))؛ [رواه الترمذي في سننه]؛ فقد عدَّ النبي صلى الله عليه وسلم الذِّكَرَ من أفضل العبادات، حتى فضَّله النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة والجهاد في سبيل الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: ((ليذكرنَّ اللهَ أقوامٌ في الدنيا على الفُرُشِ الممهَّدة، يُدخلهم الله الدرجات العلا)).

 

10 -الفائدة العاشرة: إن الذكر سبب لاجتناب الإنسان أعمالَ الشر؛ مثل: الكذب والغِيبة والنميمة، فإذا كان الإنسان مشغولًا بذكر الله تعالى، لم يجد فرصة للكذب والغيبة والنميمة، واللهو واللعب، وغيرها من الأفعال السيئة، والأعمال الباطلة التي تضر الإنسان في دنياه وآخرته، ولو لم يكن للذكر فائدة غير هذه الفائدة، لكانت كافيةً له.

 

فهذه نُبذة يسيرة عن الذكر وأهميته، وفضائله وفوائده، ولكن مع الأسف، مع كل هذه الفضائل نحن مُعْرِضون عن أحكام الله تعالى، وغافلون عن ذكرِهِ، ومشتغلون بالأمور التافهة والأعمال التي لا تنفع ولا تفيد في الدنيا والآخرة، ولن تزيدنا هذه الأعمال يوم القيامة إلا غمًّا وحزنًا وحسرةً على ما ضيَّعنا من حياتنا الغالية، وأوقاتنا الثمينة في غير عبادة الله وذكره، فيجب علينا أن نستيقظ من سُباتِنا، وننتبه من غفلتنا، ونرجع من تفريطنا، ونتوب من تقصيرنا، ويجب علينا أن نشتغل بعبادة الله التي هي أصل كل سعادة، وأساس كل نجاح، ونلتزم بطاعة الله التي تجلب النِّعم، وتدفع النِّقم، ونهتم بذكر الله الذي هو روح الحياة، وحياة الأرواح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الذكر
  • فضل الذكر
  • الذكر وفضله
  • أيام الذكر (خطبة)
  • فضل حلق الذكر

مختارات من الشبكة

  • حياة القلوب - أهمية الذكر وفوائده(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • من فوائد ذكر الله تعالى (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة فائدة في ذكر الآيات الواردة في الذكر والدعاء(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • فضل الذكر وفوائده(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الذكر وفوائده(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • من فضائل الذكر وفوائده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية الذكر وفضله(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أهمية الذكر في حياة المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصور الصادمة في آي الذكر المحكمة (3) ذكرا وليس حصرا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الصور الصادمة في آي الذكر المحكمة (2) ذكرا وليس حصرا(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب