• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الذكر والدعاء
علامة باركود

الدعاء المجاب

الدعاء المجاب
عامر الخميسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/1/2022 ميلادي - 25/6/1443 هجري

الزيارات: 13432

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الدعاء المُجاب

﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾


الدعاء المجابُ سريعًا هو دعاءُ المضطر؛ يقول عز وجل: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ [النمل: 62]، وقد أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية ناقلًا عن ابن عساكر قصة تأخذ بالألباب، وتبيِّن سرعة استجابة الله للمضطر الملهوف؛ حيث يقول: "كان رجل مُكارٍ، على بغل له - أي يُركب الناس على بغل له للسفر بالأجرة - يُكاري به من دمشق إلى الزبداني، فركب معه ذات يوم رجل، قال: فمررنا على بعض الطريق عن طريق غير مسلوكة.

 

فقال لي الرجل: خذ في هذه الطريق، فإنها أقرب، فقلت له: لا خبرة لي بها، فقال: بل هي أقرب، فسلكناها، فانتهينا إلى مكان وعر ووادٍ عميقٍ به قتلى كثيرون، فقال لي الرجل: أمسك رأس البغل حتى أنزل، فنزل وشَمَّر وجمع عليه ثيابه، وسلَّ سكينًا معه وقصدني من بين يديه فهربت، وتبعني فناشدته الله، وقلت له: خذ البغل بما عليه، فقال: هو لي، وإنما أريد قتلك، فخوفته بالله تعالى والعقوبة منه، فلم يقبل، فاستسلمت بين يديه، وقلت له: إن رأيت أن تتركني حتى أصلي ركعتين، فقال: لك ذلك وعجل، فقمت أصلي، فارتُجَّ عليَّ - أي ذهب عني كل ما أحفظه من القرآن - فلم يحضرني منه حرف واحد، فبقيت واقفًا متحيرًا، وهو يقول لي: هيَّا افرُغ، فأجرى الله على لساني قوله تعالى: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكشِفُ السوءَ ﴾، فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي، وبيده حربة فرمى بها الرجل، فما أخطأت فؤاده فخرَّ صريعًا، فتعلقت بالفارس، وقلت له: بالله من أنت؟ فقال: أنا عبد، من يجيرُ المضطر إذا دعاه ويكشف السوء"، قال: فأخذتُ البغل والحمل ورجعت سالِمًا، فسبحان من يجير ولا يجار عليه...".

 

هو غِيَاث المستغيثينَ، ومُجيب دُعَاء المضطرين، عندما تضيقُ الحِيَلُ، وينقطعُ الأملُ، ويبطلُ العملُ تفرُّ إلى من لا مَلجَأَ وَلاَ مَنجَا مِنه إلا إليه، فتجده مُسَهَّلَ الصعبِ الشدِيد، ومُلَـيِّن الأمر العَنِيدٍ متذكرًا ﴿ أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكشِفُ السوءَ ﴾.

 

كم هذا النَّداء يَسكبُ البشرى ويُعيدُ الأمنَ للنفسِ المضطربة التي أرهقها الوجَع، وأمضَّتها الحاجة وأصابها القنوط، ومن اضطر وبكى، وابتهل إلى الله واشتكى، جاءه الفرج كفَلق الصبح، وإن كانت دعوة المظلوم يُستجابُ لها، حتى وإن كانَ صاحبها كافرًا أو فاجرًا، فكيف بالبر الصالح..

 

يقول أحد العارفين: "إذا اجتمع في الإنسان تمام الضعف، مع تمام التوكل على الله، كانت دعوته أصوب والله منه أقرب".

 

إن القلب إذا انكسر، والقصدَ إن اجتمع، انكسرت الهموم، وانقشعت الغيوم، ولا يعصم من المصائب والنكبات والشرور كتوحيد الله، فالمضطر يتوجَّه إلى الواحد الأحد مُخلصًا في قَصده، معترفًا بعظمته وجلالهِ وكبريائيهِ ووحدانيتهِ، فإذا بلغ التوحيدُ مبلغهُ في الإخلاص حصلَ الفرجُ.

 

هناك قصةٌ سمعتها من أحد العلماء لقريبٍ له؛ حيث تعسرت ولادةُ زوجتهِ، فسحبوا الجنين بجهازٍ أثَّر في دماغه، فصار ينتفض كلَّ ساعة، فقرَّر الأطباء أنه مصابٌ في دماغهِ، وسيعيش حياته مشلولًا أو أبلهَ، أو أعمى، ومرَّ على جميع أطباء الأطفال في دمشق، حتى وصل إلى كبيرهم وأعلاهم رُتبةً، فما اختلف كلامهم، فانتقل إلى حالة الاضطرار واللجوء إلى من بيده الأمر، فأخذَه إلى طبيبٍ صغيرٍ على قَدرٍ كبير من الثقة في الله واستمرَّ على العلاجِ والدعاء ستة أشهر، فشُفي تمامًا، والآن يقترب عمر الولد من العشرين في أكملِ عافيته وصحته..

 

إنَّ الله تعالى وعد بإجابة المضطر إذا دعاه، والسبب في ذلك أنَّ هذه الضرورة التي يقعُ فيها هذا الداعي ناشئة عن إغلاقِ كل أبوابِ النجاة أمامهُ، وهذا التوجه منهُ إلى الله تعالى فيهِ حرارةُ التوحيدُ، وعندما ينقطعُ العبدُ عما سوى الله تعالى يكونُ العبدُ صادقًا في توحيدهِ وطلبهِ وللصدقِ عندَ الله موقعٌ ومكانٌ، فمن صدقَ لا يُخذل أبَدًا.

 

والاستفهامُ هنا في قوله: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾ للمشركين؛ حيث يشركون بالله في الرخاء، فإذا وقعت عليهم البأساء وحصل عليهم الضر، دعوا الله مخلصين له الدين فأجاب دعاءهم، فكأن فحوى الاستفهام لماذا إذًا تستغيثون به عند البلاء، وتُشركون به في حالة البأساء؟ كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 67].

 

فما هذا التناقضُ الذي أنتم واقعون فيه، وباعترافكم ليس لكم من ملجأ إلا الله عند الكرب؟

إنه استفهام يقود المشاعر إلى الإيمانِ بالله سبحانه وتعالى والخضوع له وتوحيده، والاعتراف بألوهيته وربوبيته، ويقودهم ثانيًا إلى عبادتهِ والإنابةِ إليه عز وجل، ويقودهم ثالثًا إلى الاعترافِ بنعمهِ وإفضاله، وعطائه وجميل نوالهِ، فهو صاحب المنِّ والفضل على المؤمن والكافر، والبر والفاجر، وله الحمد كلُّه.

 

وأما معنى المضطر، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو ذو الضرورة المجهود، وقال السدي: الذي لا حول له ولا قوة، وقال ذو النون: هو الذي قطع العلائق عما دون الله، وقال أبو عثمان النيسابوري: هو المفلس، وقال سهل بن عبدالله: هو الذي إذا رفع يديه إلى الله داعيًا لم يكن له وسيلة من طاعة قدَّمها"، فاللهُ هو المرجو عند الأزمات، المدعو عند اشتداد الكروب، المطلوب في الحاجات، المقصود في النوازل، فلا سواه يلجأ إليه المضطرون المغلوبون المقهورون المكسورون..

 

واعلَم أنَّ الله يجيب دعاء المضطر، لِما وصلَ إليه هذا المضطر من اعتقادٍ وتَحقَّق به من قربِ الله، فأفضل إيمانِ المرء أن يعلمَ أن اللهَ معه حيثما كان، فالمضطرُّ يشعر بداخله وفي قرارةِ نفسهِ أنَّ الله قريبٌ منه يرى حاله ويسمع كلامه، ومطَّلع على تفاصيلِ أمره، ولأنَّ الله لا يستجيب دعاءَ من لم يستشعر قرب اللهِ وإحاطته وعلمه، وأنَّه قريبٌ، سميع، مجيب، عليمٌ، شهيدٌ يعلم السر وأخفى، أقرب إلى الإنسان من حبلِ الوريد، يعلمُ ما تخفيهِ الضمائر وتكنُّه السرائر، ويعلم ما في البر والبحر، وبهذا فهو يعلم ويرى ويسمع كلمات هذا الداعي المستغيث به في لجج البِحار أو غياهبِ السجون، أو عند اشتداد الآلام، والله تعالى قريب من هذا المضطر الذي يستشعر قربه: ﴿ فَإِني قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾.

 

ويجيبُ الله دعاء المضطر لِما اعتقده هذا المضطر من قدرة الله على إنجائه ونصره وتوفيقه وفتحهِ، فمن يتوجه إلى الله داعيًا، وهو يستشعر عدمَ قدرة الله أو شكَّه في قدرة الله، فقد بطل دعاؤه، وتأمل معي أم موسى وهو تثق كل الثقة في قدرة الله تعالى بإعادته إليها بعد أن ألْهَمها ذلك، فترمي به في اليم: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7].

 

ويستجيبُ الله دعاءَ المضطر لِما وصلَ إليه من اعتقاد جازم أن الله هو أرحم الرحماء، وأنه يرحم من دعاه ولجأ إليه مضطرًّا شاكيًا باكيًا يرجو رحمته، فهذا أيوب عليه السلام يشكو حاله إلى ربه: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84].

 

إنَّهُ استغاثَ برحمة الله لِعلمه يقينًا أن اللهَ هو أرحمُ الراحمين، فمن وقعَ في الضرِّ ودعا اللهَ مُعتقِدًا أنه أرحم الرُّحماء، وأنه أرحمُ بهِ من أمِّهِ وأبيه، أنزل الله عليه فيضَ رحمتهِ، فإنه عز وجل ينظر إلى هذا المضطر الداعي المكروب نظرة رحمة ولطفٍ وشفقةٍ، فصار هذا الاضطرار ميدانًا لاستنزالِ رحمة الله، واستدرارِ غوثه ولُطفه.

 

ويجيبُ الله دعاءَ المضطر ليقينه بفشلِ جميع الأسباب المادية التي بين يديه، وعلمه الكامل أنَّ النجاة وحدها بيد مدبِّر هذا الكون، ومسيِّر هذه الحياة، فالإنسان مثلًا إذا أصابه مرض خطير واشتدَّ بهِ، وذهب إلى المستشفيات دون جدوى، وأيقنَ أنَّ جميع الأسباب المادية فشلت في علاجه، أو أصابه خطرٌ أحدق به في البر أو البحر أو الجو، وأيقن أنَّ جميع الأسباب المادية فاشلة في تخليصه ونجاته من الخطر بعد أن حاول في الاستنجادِ بها، فهذا الإنسان ينقطع إلى الله ويخلد إليه، ويطرُق بابه؛ لأنَّه يدركُ كلَّ الإدراك أن لا سبيل أمامه إلا الله الذي خلقه، فيلجأ إليه داعيًا، فمن أيقنَ أن لا سبيلَ إلى نجاته إلا أن يغيثه الله أغاثه.

 

فمن دعا الله موحِّدًا إياه، واستشعر قربَ الله ورحمته وقدرته، وأنَّ الغوث من عنده فقط، فقد حقَّق كلَّ معاني الاضطرار، ووجَد الله رحيمًا به مُغيثًا له، وكلُّنا مضطرون إلى رحمة الله وعفوِه ولطفه وغوثهِ، وإن كنا نتفاوَت في درجات الاضطرار، لكن هل حققنا صفات المضطرين حتى نستحقَّ غوثَ الله العاجل.

 

قصة حديثة سمعتُ بها من بعض الإخوة الثقات من نفس البلد التي حصلت أحداثها فيه، مجملها أنه كان هناك شابٌّ سوداني فقيرٌ يرعى الغنم في إحدى صحاري نجدٍ وذات يومٍ وهو بين غنمه، سمع وجبةً فالتفت فإذا هو صقر وقع من السماءِ، فسارع لأخذه، وإذا في رجله حلقة صغيرةٌ مكتوبٌ فيها رقم صاحب الصقر، والعجيب أنه أمير من الأمراء، وقد طارَ منه فجأة وكان يُحبه ويرعاه، وبذل كل الأسباب في ملاحقته والبحث عنه، فلم يعثر عليهِ، مباشرة قام الراعي بالاتصال على الرقم، وأخبره أن الصقر موجود عنده، فأرسل الأمير من يذهب تلك المسافات الشاسعة لأخذ الصقر، وأرسل معهم بظرف فيه "عشرون ألف ريال" جائزة لهذا الراعي، وعند وصولهم إليه أخذوا منه الصقر وسلموه الجائزة، فرفض أخذها فألَحُّوا عليه إلحاحًا شديدًا، وأنها مرسلةٌ إليه من الأمير الفلاني _ صاحب الصقر_ فأخذ الظرف وتفاجأ بأن فيه مبلغ مالي يصل إلى عشرين ألف ريال، فانكبَّ على الأرض ساجدًا متضرعًا شاكرًا الله تعالى، وانهارَ في بكاءٍ عميقٍ، ولَما سألوه عن سر بكائه، أقسم بالله أن أمَّه محتاجةٌ إلى نفسِ هذا المبلغ؛ حيث ستُجرى لها عمليةٌ، وطلبوا منهم مبلغًا يعادل عشرين ألف ريال، ولا يمتلكه وهو يبكي منذ ثلاثة أيام، ويدعو الله أن يَمنَّ بالفرجِ، فتعجَّب القومُ وأخبروا الأمير، فتبرَّع بقيمة إجراءِ العمليةِ من غيرِ تلكَ الهدية التي قُدِّمت لذلك الشاب..

 

أي غوثٍ كهذا؟

شابٌ في باديةٍ لا يعرفه الناس منقطعٌ عن العالم لا يستطيع جمع هذا المبلغ، بل يعدُّه من قِبل المستحيل، يسوقُ اللهُ إليه أحد الأمراء، فيتَّصل بهِ من قصرهِ ويعطيه ما يريد وزيادة!

 

إنْ أظلمت في وجهِك دنياك، وأرَّقك الغمُّ وأضناك، فليس لك مأوى غير مولاك..

 

كلُّ ألمٍ يُشفى إن رفعت لمولاك الشكوى، واعلم أنه عندما تشتد الكربة، ويُحدق بك البلاء، يصبحُ الفرج منكَ قابي قوسين أو أدنى إذا صدقتَ في الطلبِ، ولازمت قرع البابِ..

 

إذا ألَمَّت بك شدَّةٌ، ونزلت عليك محنة، فلا تتَّجه لقبرٍ أو وليٍّ أو تمائمَ، ولا تعلِّق قلبكَ إلا بالله، اقرع بابه حالًا، وتوسل إليه بكلِّ كِيانك ومشاعرك، ومن ثَمَّ فوِّض أمرك إليهِ، فإنه من يقول للشيءِ: كن فيكون..

 

الحقيقة أنه لا أحدَ يشعرُ بحاجتك واضطرارك مثل نفسك، فلا تتخذ من النَّاسِ وسطاءَ في التعريف بشكواك بين يدي ملك الملوكِ، وتَعجِز عنِ الدعاءِ والتعبير عن حاجتكَ، وليكن حالك:

يا خالقَ الخلقِ يا ربِّ العبادِ

ومَن قد قالَ في مُحكَم التَّنزيل: ادعوني

إنِّي دعوتُك مُضطرًّا فخُذ بيدي

يا جاعلَ الأمرِ بين الكافِ والنُّونِ

أطلق سراحيَ وامنُن بالخَلاصِ كما

نَجَّيتَ من ظلماتِ البحر ذا النونِ

 

إنَّ من نِعمِ الله على عباده أن يلاقوا الشدة في حياتهم، فيفزعوا إليه موحدين، وإن لم يكن في دعاء المضطر إلا توحيد الله لكفى، وهو في ذلك مع توحيدِه مقرٌّ بعظمة اللهِ وسلطانهِ وكبريائه ومُلكه، راغبًا إليه راهبًا منه، منقطعًا إليه عمَّا سواه، وهذا لمن تأمله أعظم من زوال المرض والسقم وحصول النجاة بإجابةِ الدعوة، فسبحان من يسوق البلاء على عباده ليردَّهم به إليه..

 

فيا أيها المضطر، دموعُك الجارية، وحزنُك المتكدِّس، وفؤادُك الحزين، وقلبُك المُثخن بالجراحِ، وندوبُ وجعكَ، وخطواتك المثقلة من شدة الكربِ، وكلماتك المتعثِّرة على شفتيكَ، ونظراتُك الغائرة من شدَّةِ الأسى، كلُّها في كتابٍ عند من لا تَخفى عليهِ خافيةٌ، فوجِّه له وحده حاجتكَ وأنزلها على بابهِ ..

 

عندما تُغلَق الأبواب، وتشتدُّ الكروب، وتنزلُ الخطوب، وتكثُر الهموم، وتستحكم حلقات المحن، وتزداد الهموم، وتحيطُ النوائب، وتكثُر المصائب، ويقلُّ الناصر، ويتخلَّى الصديق، ويصير القلب في لُجةٍ من الضيق افزَع إلى ربك جل جلاله، وحقِّق معنى الصدق في الدعاء والرغبة في غوثهِ وفتحهِ وفَرَجه..

وإني لأدعو اللهَ والأمرُ ضيِّقٌ

عليَّ فما ينفكُّ أن يتفرَّجا

وربَّ أخٍ سُدَّت عليهِ وجوهُهُ

أصابَ لها لما دعا اللهَ مَخرجا

 

اللهم وَجَّهنا وجوهَنا إليك، وتَوَكَّلنا مُنيبين عليك، لاَ نرفعُ حَاجتنا إلا إليكَ خاشعين بين يديكَ، ألحِقنِا بِالصَالحينَ وأيِّدنا بِجلالِكَ، وآمِنَّا بِجَبَرُوتكَ وسلطانكَ، واحفَظنا مِن كلِّ سُوء، واقذف في قلوبنا رَجَاءَكَ واقطَع رَجَاءنا عَمَّن سواكَ حَتى لا نرجُو إلا إياك..

 

اللهم اروِنا بسيلٍ من كرمِ عطائك، وغيثِ معيَّتك، وحنانِ جبرك، وقوةِ مشيئتك..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موارد ومصادر (سهام الإصابة في الدعوات المجابة) للسيوطي

مختارات من الشبكة

  • لماذا تتأخر إجابة الدعاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعاء فضائل وآداب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدعاء المستجاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بعد أذكار الصلاة يعمد كل فردا إلى الدعاء (الدعاء الجماعي في ادبار الصلاة)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • من أسباب إجابة الدعاء: الدعاء بأسماء الله الحسنى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحقيق الرجاء بمختار الدعاء: مختصر كتاب الدعاء للإمام الحافظ الطبراني - بدون حواشي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تحقيق الرجاء بمختار الدعاء: مختصر كتاب الدعاء للإمام الحافظ الطبراني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الدعاء عدة المؤمن: آداب الدعاء - أسباب وموانع الإجابة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رمضان المبادرة .. الدعاء الدعاء(مقالة - ملفات خاصة)
  • عشرة أسباب لتكون مجاب الدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب