تصحيف غريب وتفسير أغرب

الزيادة: جاء في "نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار" (10/ 432):"أُثغرها"، تصحف هكذا، ولكن الغريب أن العيني شرحها على أنها "أثفرها"، ولم ينتبه محقق الكتاب إلى ذلك، فقال العيني:" قوله: "أثغرها". من أثغرت الدابة إذا شددت عليها الثغر..". والصواب:"أثفرها"؛ لأن التفسير المذكور هو تفسير الثفر. والله أعلم.
وقع سهو منكم في عزو حاشية تفسير الطبري إلى العلامة أحمد محمد شاكر، وإنما هي لأخيه الأستاذ محمود محمد شاكر،أما التنبيه: فقول الأخ الفاضل ياسر حفظه الله :"إن حاشية تفسير الطبري للأستاذ محمود محمد شاكر،دون أخيه الشيخ أحمد".
إذا كان يقصد حاشية التفسير كله فهذا غير صحيح؛لأن الشيخ أحمد شاكر، كان تحقيقه منصرف إلى تحقيق الأحاديث والآثار، وجاء ذلك في المقدمة (1/ 7) حيث قال الشيخ أحمد:"وقد أَبَى أخي السيد محمود إلا أن يُلْقِيَ عليّ بعضَ العبء، بالتعاون معه في مراجعة الكتاب، وبتخريج أحاديثه، ودَرْس أسانيده".وقال الأستاذ محمود في مقدمته (1/ 19):"وأفردتُ فهرسًا سادسًا للرجال الذي تكَلَّم عنهم أخي السيد أحمد في المواضع المتفرقة من التفسير، حتى يسهلُ على من يريد أن يحقّق إسنادًا أن يجد ضالّته". وقال أيضاً الأستاذ محمود في (1/ 13):"فتفضل أخي أن ينظُرَ في أسانيد أبي جعفر، وهي كثيرة جدًّا، فيتكلّم عن بعض رجالها، حيثُ يتطلب التحقيق ذلك، ثم يخرِّج جميع ما فيه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن وجدَ بعد ذلك فراغًا نَظَر في عملي وراجعه واستدرك عليه".ويظهر هذا الأمر كذلك في حواشي الكتاب التي صرح فيها الشيخ أحمد، نسبتها إليه منها:(3/ 568) حيث قال:"وأما شيخه -في هذا الإسناد-"أبو حماد": فلا ندري من هو؟ والظن أنه زيادة خطأ من الناسخين. وهكذا ظن أخي السيد محمود، أيضًا". وفي (5/ 346) قال:"الحديث: 5725-أبو بكر-الراوى عن أبي إسحاق: هو ابن عياش. وقد ذكر أخي السيد محمود محمد شاكر أنه وجد في المخطوطة، في آخر هذا الحديث"كلمة غريبة جداً...". وهذا فيه كفاية،
أما ما نقله عنه الأستاذ محمود فهو كثير أذكر منه:ما قال الأستاذ محمود(4/ 401):"الأثر: 4319 - مضى في رقم: 180"موسى بن سهل الرازي"، هكذا جاء في المطبوعة ولكنه في المخطوطة"سهل بن موسى الرازي"، فرجح أخي السيد أحمد أنه خطأ من الناسخ، وأنه لم يجد له ترجمة". وفي (5/ 588) قوله:"الأثر: 6208 -في المطبوعة والمخطوطة: "حدثنا محمد، قال حدثنا عمرو ... "، والصواب"موسى" وهو موسى بن هارون، عن عمرو بن حماد" وهو إسناد دائر من أول التفسير. وسيأتي هذا الأثر نفسه، وتتمته برقم: 6211، وبإسناده على صوابه. وقد مضى بيان أخي السيد أحمد عن هذا الإسناد في الأثر رقم: 168". وهذا في كفاية.
أما عمل الأستاذ محمود في هذا الكتاب فقد جاء
صريحاً حيث قال في (1/ 13):"وتوليتُ تصحيحَ نصّ الكتاب، وضبطه، ومقابلته على ما بين أيدينا من مخطوطاته ومطبوعاته، ومراجعته على كتب التفسير التي نقلت عنه. وعلّقتُ عليه، وبيّنت ما استغلقَ من عبارته، وشرحتُ شواهده من الشعر. وبذلتُ جُهْدي في ترقيمه وتفصيله".
فتبين من هذا أن تحقيق الكتاب غالبه من عمل الأستاذ محمود إلا الكلام عل الأحاديث والآثار، فهي لأخيه الشيخ أحمد، ولذا ينبغي أن نفرق بين الأمرين، أما إذا كان
الأخ ياسر يقصد بقوله:"عزو حاشية تفسير الطبري إلى العلامة أحمد محمد شاكر،وإنما هي لأخيه الأستاذ محمود محمد شاكر"، هذا الموضع المذكور، فهذا في غاية الوضوح، ولكن العبارة تحتمل كل من الأمرين، لذا جاءت هذه الإطالة التي تحتاج منكم إلى مسامحة. والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

جزاك الله خيرا
أخي الأستاذ عبدالحكيم
على مقالاتك وفوائدك القيمة المفيدة

وقع سهو منكم في عزو حاشية تفسير الطبري إلى العلامة أحمد محمد شاكر،
وإنما هي لأخيه الأستاذ محمود محمد شاكر،
رحمهما الله تعالى.

والأستاذ عبدالحكيم وإن كان نص على أنه ليس من غرضه الاستقصاء،
إلا أني أحببت الإشارة إلى وقوع التصحيف في كتابين مشهورين،

في إتحاف الخيرة المهرة للبوصيري ٦/ ١٨٢
تصحفت الكلمة إلى: أبعر.

وفي عمدة القاري للعيني ١٨/ ١١٧
تصحفت الكلمة إلى: اثغرها.

بارك الله بكم

هذا المثال في مصنف عبد الرزاق تحقيق الأعظمي (1065) وتحقيق مركز البحوث وتقنية المعلومات دار التأصيل (1073)، عن الثوري، عن جبلة بن سحيم التيمي قال: سمعت ابن عمر يقول: «إني لأحب أن أسبقها إلى الغسل فأغتسل، ثم أتكرى بها حتى أدفأ، ثم آمرها فتغتسل».
هكذا جاء في الطبعتين (أتكرى)، وعلق عليها الأعظمي بقوله:"ومعناه:ثم أنام معها".وقال أيضاً: "رواه ابن أبي شيبة من طريق مسعر عن جبلة، وفيه "انكوا" بدل "أتكرى"، كأن المصحح لم يقدر على قراءته". وطبعة مصنف ابن أبي شيبة المشار إليه طبعة قديمة كثيرة التصحيف والتحريف، ولكن في طبعات مصنف ابن أبي شيبة الجديدة مثل:[طبعة مكتبة الرشد، تحقيق الجمعة واللحيدان](1 /141) رقم (831) ، و[طبعة شركة دار القبلة، تحقيق عوامة]،(1 /491) رقم (831) : حدثنا حفص ووكيع، عن مسعر، عن جبلة، عن ابن عمر قال:"إني لأغتسل من الجنابة ثم أتكوَّى بالمرأة قبل أن تغتسل".
فتبين من رواية ابن أبي شيبة أن لفظ: "أتكرى"، خطأ؛ إنما هو: "أتكوَّى"أي: أستدفئ بحر جسمها، وأصله من الكي، كما في "النهاية" لابن الأثير (4/212)، وفي "غريب الحديث" للخطابي (2/ 407)قال أبو سليمان الخطابي:" في حديث ابن عمر أنه قال: "إني لأغتسل قبل امرأتي ثم أتكوى بها"، من حديث حجاج بن منهال أخبرنا شعبة أنبأنا جبلة بن سحيم سمعت ابن عمر يقوله.
قوله: أتكوى بها: معناه استدفئ بها وأصله من الكي وهو لذع الحديدة المحماة يقال: اكتوى الرجل إذا كوي واستكوى إذا طلب أن يكوى والكي في الأصل كوي مثل اللي أصله لوي". فوجب تصحيح هذاالخطأ. والله أعلم.

لا شك أستاذنا الدكتور أن التصحيف الغريب، والتفسير الأغرب، أمر واقع مشاهد تعج به أمهات المصنفات، فجزاك الله خيراً، على هذه المبادرة العلمية الثرية، فما أجل من إصلاح الخطأ، فما أحوجنا إلى تصويب هذه الأخطاء، أو التعليق عليها بما يفيد إدراك القارئ لموضع الخطأ فيها. وقد وقع لي أشياء كثيرة من تلك الغرائب، فشجعني صنيعكم هذا، أن أعرض بعض ما عندي:
عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لدرهم أعطيه في غفل أحب إلي من خمسة في غيره".
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (36/ 236).
كذا وقع الحديث في "تاريخ دمشق" المطبوع تحقيق عمر بن غرامة العمري بلفظ:"في غفل"، وعلق عليه المحقق بقوله:"في غفل: أي في رجل غير مسمى أو غير معروف".
وقد أخرج الحديث أيضاً ابن أبي عاصم، في "الديات" (ص/525) رقم (291)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7266)
بلفظ:" لدرهم أعطيه في عقل أحب إلي من خمسة في غيره". وقد تصحف "عقل" إلى "غفل" والعقل هنا:هو الدية،
كما هو معلوم، قال ابن الأثير في "النهاية" (3/ 278):"أما العقل: فهو الدية، وأصله: أن القاتل كان إذا قتل قتيلاً جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول:أي شدها في عقلها ليسلمها إليهم ويقبضوها منه، فسميت الدية عقلاً بالمصدر".وقال القاضي عياض في "مشارق الأنوار" (2/ 100):"الدية على العاقل: أي على القرابات من قبل الأب وهم عصبته وقومه". وقد أودع ابن أبي عاصم هذا الحديث في كتابه "الديات"، وبوب عليه :"باب: فضل ما تؤدي العاقلة". ثم إنه لو رجع إلى "فيض القدير" (3/524) للمناوي لوجد شرح الحديث، فقال المناوي:"في عقل: أي إعانة في الدية التي على العاقلة". وقال أيضاً في "التيسير" (2/5-6):"في عقل: أي إعانة في دية قتيل سميت عقلاً تسمية بالمصدر؛ لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي القتيل ثم كثر استعماله حتى أطلق على الدية إبلاً كانت أو نقداً. وعقلت عنه: غرمت عنه ما لزمه من دية أو جناية". فكان على محقق "تاريخ دمشق" حين وقع رسم هذه الكلمة كما ظهر له "غفل"، أن يبحث عمن أخرج هذا الحديث غير ابن عساكر ليتأكد من ضبط ألفاظ الحديث. والله أعلم.

جزاك الله خيرا على هذا التوصيح والجهد القيم. وأسأل الله جل وعلا أن يجعله في ميزان حسناتك. اللهم آمين.