• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

القراءة في المواصلات والأماكن العامة

القراءة في المواصلات والأماكن العامة
ربيع بن المدني السملالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/11/2015 ميلادي - 11/2/1437 هجري

الزيارات: 12932

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القراءة في المواصلات والأماكن العامة


إن القراءةَ في الأماكن العامة والمواصلات؛ كالحافلات، والقطارات، والمقاهي، والحدائق، والمنتزهات وغيرها - أصبحت شبهَ منعدمة في ديار المسلمين، بل أصبح القارئُ الذي يحمل كتابًا يَدفن فيه وجهَه في هذه الأماكن - شخصًا شاذًّا في نظر الكثيرين، تنظر إليه الأعينُ باستغراب، وكأنه أتى شيئًا من المنكر الذي يستحقُّ عليه التعزير!

 

وقد رأيت مَن يستر كتابَه في الحافلة؛ كما يستر أحدُنا عورته؛ تجنُّبًا للأعين الفضوليَّة التي تخترقه، وهذا يدل دلالة واضحة على المستوى المتدني الذي ترتع في أوحاله أمَّتُنا؛ أمةُ "اقرأ"؛ فالقراءة نوع من أنواع الحرية - إن لم تكن هي عينَ الحرية - فلماذا يكرهُ الناسُ الحريةَ، ويرضَون بالعبودية؛ عبوديَّة الجهل والتخلُّف والرضا بالذل والهوان؟! لذلك قال الرئيس الأمريكي الثالث جيفرسون: إن الذين يقرؤون فقط هم الأحرار؛ ذلك لأن القراءة تطردُ الجهل والخرافة، وهما من ألدِّ أعداء الحرية.

 

(فالكِتاب من أروعِ رفقاء السفر؛ فإنك تجدُه قاطعًا للصمت، طاويًا للمسافات، يمضي بالوقت من غير أن تَشعُرَ، فلا تَمَل من طول السفر وبُعده، وفي الوقت نفسه يكسبُك الكثير من الفائدة، مما يساعد في تنمية ذاتك وتطويرها)[1].

وحين يجد الإنسانُ لذةَ القراءة في سفرنا الدنيوي الطويل، وتصير متعتُه اليومية في تقليب صفحات الكتب، والانتشاء بما يعثرُ عليه من فوائد ودررٍ ومعلومات، والتعرف على حضارات الشعوب وتقاليدهم - يشعرُ تجاه الآخرين بالشَّفقة، وأقصد بـ (الآخرين) أولئك الذين هجَروا القراءة، وناصبوا الكتبَ العداء، وبَخِلوا على أنفسهم بالدخول إلى هذه الجنَّة؛ التي لو علم بها الملوكُ وأبناء الملوك، لَجالَدوهم عليها بالسيوف!

 

يقول المُفكِّر الكبير عباس محمود العقاد، مُتحدِّثًا عن نفسه حديثَ من دخل إلى هذه الجنة: (أهوى القراءة؛ لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني، ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعثِ الحركة.

 

والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثرَ من حياة واحدة في مدى عمر الإنسان الواحد؛ لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق، وإن كانت لا تطيلها بمقاديرِ الحساب.

 

فكرتُك أنت فكرة واحدة.

شعورك أنت شعور واحد.

خيالُك أنت خيال فرد إذا قصرتَه عليك.

 

ولكنك إذا لاقيتَ بفكرتك فكرةً أخرى، أو لاقيت بشعورك شعورًا آخرَ، أو لاقيت بخيالك خيالَ غيرك، فليس قصارى الأمر أن الفكرة تصبحُ فكرتين، أو أن الشعور يصبح شعورين، أو أن الخيال يصبح خيالين، كلَّا؛ وإنما تصبح الفكرة بهذا التلاقي مئات من الفِكَر في القوة، والعمق، والامتداد...)[2].

قلت: وقد فهم الغرب في عصرنا الحاضر هذا المعنى الذي أشار إليه العقاد فهمًا عميقًا؛ فارتبطوا به ارتباطًا وثيقًا، وجعلوا الكتابَ صديقَهم الوفي في حلِّهم وترحالِهم؛ في غرفة النوم، وفي المطبخ، وفي الصالونات، وفي الأندية، وفي العيادات والمراكز، وفي الحدائق، والقطارات، والحافلات ... حتى إنك قد لا تجد جيبًا يخلو من كتاب.

ففي حوار مع أشهر روائي في اليابان (هاروكي موراكامي) يقول:

(أريد لقرائي أن يضحكوا بعضَ الأحيان، والكثير من قرائي اليابانيِّين يقرؤون أعمالي وهم يتنقلون في القطارات، ومعظم اليابانيين يقضون ساعتين يوميًّا في المعدل وهم يتنقَّلون، ويستغلُّون هذا الوقت في القراءة؛ ولذا ترى أن كتبي تُطبَعُ في العادة بمجلدَيْن بدل مجلدٍ واحد لكلٍّ منها؛ لكي تكون سهلةَ الحمل والقراءة أثناء التنقُّل.

 

أستلمُ الكثير من الرسائل لقرَّاء يقولون لي: إنهم يضحكون كثيرًا أثناء قراءة أعمالي وهم جالسون وسط قطارات النقل، وهذا ما يسبب لهم حرجًا كبيرًا أمام الآخرين!

أحبُّ هذا النوعَ من الرسائل كثيرًا، وأتمنى أن أجعل قرائي يضحكون مرةً على الأقل عند قراءة كلِّ عشر صفحات من أي عمل لي)[3].

 

انظر أيها العربي، أيها المسلمُ، إلى هذا الشغف بالقراءة، وإلى هذا الحب للمعرفة، وإلى هذه المتعة ... بل انظر إلى تجاوب الكاتب مع قرائه، فأين نحن؟ أين ضعف الكاتب العربي ومكتوبه؟ وضاع القارئ وسطَ ركام من تفاهاته اليوميَّة، التي تستبدُّ بعقله المحدود، وتستولي على قلبه الضامر الضائع في متاهات الغيِّ سَبَهْللًا.

 

صُنِّفت الكتب، ودُبِّجت المقالات، وبُحَّت أصوات المفكرين والدعاة؛ من أجل تحريض الإنسان العربي على القراءة، والعودة به إلى ذلك الوطن الكبير؛ الذي يقال له: ( الثقافة)، ولكن لا حياةَ لمن تُنادي، يقول د. عائض القرني:

(فإنك كلما قرأتَ فُتِحت أمامك آفاقٌ واسعة من المعرفة، والتجارب، والدراية؛ فكلُّ سطر له معنًى، وكلُّ كلمة لها رمز، وما عليك إلا أن تكون قارئًا ذكيًّا يُوظِّف المعلومة، ويجيد تخزينَ المعرفة في ذاكرة اكتسبت الوعيَ من المِران، وحفظت الفوائد بالمِراس، افتح كتابًا نافعًا، وكأنك فتحت مدينة، وطالع ديوانًا مفيدًا، وكأنك طالعت قارة، إنما المهمُّ أن تقرأ، وأوصيك دائمًا أن تقرأ، ولو قبلت نصيحتي لقُلتُ لك: اقرأ)[4].

 

ويذهب إلى أبعد من ذلك الدكتور أحمد خيري العمري حين يقول:

(عندما يبتدئ الوحي بـ(اقرأ)، فالأمر أكثر من الاستحباب، وأكثر حتى من الوجوب.

 

إنه يقع في منطقة خارج التقسيمات الاصطلاحيَّة التقليدية، ويقع في منطقة عميقة جدًّا في البناء الإسلامي: في الأساس، في الأركان، في القاعدة.

 

وهذا ما كان واضحًا دونما تنظير فكري، بل واقعًا يوميًّا معيشًا لأفراد الجيل الأول، وهو الذي شكَّل الدفعة العلمية الكبرى التي أنجزتها الحضارة الإسلامية.

 

أما أن نتصوَّر أن (الحـث) والأوامر الإسلامية بطلب العلم قد حقَّقت ذلك الثواب، وتلك الطفرة، فهو أقرب إلى السذاجة منه إلى النظر والتحقيق العلمي.

 

لقد كان الإسلام لغةً جديدة، روحًا جديدة، مضمونًا جديدًا بصياغة جديدة للعَلاقات الإنسانية بعضها مع بعض ومع الله.

 

وكانت المفردة الأولى التي تكوَّنت في هذه اللغة الجديدة، بالأبجدية الجديدة، هي كلمة "اقرأ" ...)[5].

 

(فالقراءة إذًا هي الوسيلةُ الأساسية للاتصال بين الأفراد والمجتمعات؛ فهي أداة الإنسان لكَسْب المعارف والتعلم، وهي أداةُ المجتمع للربط بين أفراده، وهي أداة البشرية للتعارف بين شعوبها مهما تفرَّقت أوطانهم، وبين أجيالها مهما تباعدت أزمانهم.

 

وإذا كان الكتاب هو الخزانةَ التي تحفظ الخبرات المتراكمة من الأجيال الماضية، فإن القراءة هي المِفتاح الذي يتيح الانتفاع بهذه الخزانة، وهي الوسيلة التي تمكن الخَلَف - مهما كان قزمًا - أن يطلَّ من فوق كتف السَّلَف - مهما كان عملاقًا - ليشاهد كلَّ ما شاهده السلف، وأشياء أخرى لم يدركها السلف ولم يشاهدوها؛ فتتفتَّح لهم - على قدر قراءتهم - رؤًى جديدةٌ، ومفاهيمُ جديدة يضيفونها إلى خزانة معارفهم، ويُغْنُون بها أفكارهم؛ فتتطور حياتُهم، ويتغلَّبون على مشكلاتهم، ويرتفعُ مستواهم، ويتقدمون على من سواهم؛ تلك هي سنة الله في المجتمعات البشرية: من يقرأ أكثر، ينل أكثر، ويرتقِ أكثر)[6].

وقد كان أسلافنا يقدرون الكتب تقديرًا عظيمًا، ويدركون ما للقراءة من قيمة في بناء الإنسان الذي استخلفه الله على هذه الأرض، وقد أطنب عمرو بن بحر الجاحظ في ذكر محاسن الكتاب والقراءة في كتابه الموسوعة (الحيوان)، ومن ذلك قوله:

(مَن لم تكن نفقتُه التي تخرج في الكتب ألذَّ عنده من إنفاق عشَّاق القيان، والمستهترين بالبنيان، لم يبلغ في العلم مبلغًا رضيًّا، وليس ينتفع بإنفاقه حتى يُؤثر اتِّخاذ الكتب إيثار الأعرابي فرسَه باللبن على عياله، وحتى يؤمل في العلم ما يؤمل الأعرابي في فرسه)[7].


واسمع إلى ابن القيم وهو يُخبر عن جدِّ ابن تيمية في كتابه (روضة المحبِّين): وحدثني أخو شيخنا - يعني: أحمدَ بن تيمية - عبدالرحمن بن تيمية عن أبيه عبدالحليم قال: كان الجدُّ أبو البركات إذا دخل الخلاءَ يقول لي: اقرأ في هذا الكتاب، وارفع صوتَك؛ حتى أسمع)[8].


ومن علمائنا من صنَّف الكتب وهو في سَفَر؛ كابن القيِّم رحمه الله، فقد ألَّف كتابه العظيم (زاد المعاد في هدي خير العباد) وهو بعيد عن مكتبته وداره، يقول العلامة بكر أبو زيد:

(ومن المُدهِش أن هذا الكتاب أملاه مؤلفه رحمه الله تعالى وهو في حال سفره وغيبته عن داره ومكتبته، وقد تحدث عن ذلك في فاتحة الكتاب فقال:

"وهذه كلمات يسيرة لا يستغني عن معرفتِها مَن له أدنى نعمة إلى معرفة نبيه صلى الله عليه وسلم، وسيرته وهديه، اقتضاها الخاطر المكدود على عُجَره وبُجَره مع البضاعة المزجاة ... مع تعليقها في حال السفر لا الإقامة، والقلب بكل وادٍ منه شعبة، والهمة قد تفرَّقت شذرَ مذرَ".

 

وأن السفر والبُعد عن الأولاد والوطن لم يَشغلْه شيءٌ من ذلك عن التأليف والنظر؛ فابن القيم - وإن سافر - لا يحمل إلا زادًا ومزادة، فمكتبته في صدره)[9].

 

وذكر الأديبُ الأريب علي الطنطاوي عن صديقه الجليل الأستاذ الشيخ بهجت البيطار أنه كان يتردَّد من سنوات بين دمشق وبيروت، يُعلِّم في كلية المقاصد، وثانوية البنات، فكان يتسلَّى في القطار بالنظر في كتاب (قواعد التحديث)؛ للإمام القاسمي، فكان من ذلك تصحيحاته وتعليقاته المطبوعة مع الكتاب[10].

 

فالمداومة على القراءة في كل مكان يَجد فيه المرءُ الفرصةَ التي ستجعله بعد مرور الأيام وكرِّ الليالي قارئًا متمكِّنًا، يحمل في صدره كلَّ ما لذ وطاب من المعلومات والفوائد والدرر، والأخبار المُستحسنة والشاردة، وقد أتاح الله لنا هذه الهواتفَ الذكيَّة التي تجعلك تحمل في ذاكرتها كلَّ ما يَرُوق لك من كتب ومجلات ومقالات، وكلَّ ما يخطر في بالك من علوم، ولا عذر لكسول أو خامل، ولو كانت هذه الوسائلُ عند أسلافنا لبلغوا من العلم أضعافَ ما بلغوه.

 

يقرأ القارئ العادي ثلاثمائة كلمة في الدقيقة؛ أي: ما يعادل خمسَ عشرة صفحة في عشر دقائق، فلو عوَّدت نفسك أن تقرأ عشر دقائق كلَّ يوم، لأمكن أن تقرأ كتابًا صغيرًا كلَّ أسبوع، أو كتابًا كبيرًا كلَّ شهر؛ أي: إنك ستقرأ حوالي عشرين كتابًا في كل عام من أحجام مختلفة، فهل يتعذَّر على أحد أن يُوفِّر هذه الدقائق العشر من وقته كلَّ يوم للقراءة؟!

 

لقد وضع طبيبٌ لنفسه قانونًا صارمًا أن يقرأ كلَّ ليلة ربع ساعة مهما تأخَّر في عمله، وقبل أن يأوي إلى فراشه، فإذا هو يجد نفسه بين المشتغلين في الأدب بجانب تخصصه المهني، وإذا به يشعر بسعادة غامرة؛ ساعدته على التفوق والنجاح في تخصصه نفسه.

 

وأعرف ناشرًا عربيًّا ألزم نفسَه بساعة قبل نومه يقضيها في القراءة في كتب الطبقات، وفهارس كتب التراث، وباقي فروع المعرفة، فإذا به موسوعة ناطقة، إذا جلست إليه شعرت أنك في مجلس عالم مطلع[11].


إذا كانت القراءة أهمَّ وسيلة لاكتساب المعرفة، وإذا كان اكتساب المعرفة أحدَ أهم شروط التقدم الحضاري، فإن علينا ألا نبخل بأي جهد يتطلَّبه توطين القراءة في حياتنا الشخصية، وفي حياة الأمة عامة؛ فالمسألة ليست كماليَّة ولا ترفيهية؛ وإنما هي مسألة مصير.

 

لا ريب أن جعل (القراءة) إحدى مفردات أعمالنا اليومية، لن يكون يسيرًا؛ حيث يقتضي تغييرًا جوهريًّا في سلوكاتنا وعاداتنا، كما يتطلب توفير المال والوقت، وقبل ذلك الأهداف والدوافع، ومع كل ما في ذلك من عناء ومشقة، إلا أنه لا خيار آخر أمامَنا، وعلينا ما دمنا نودُّ أن نحيا الحياة التي تليق بكرامة المسلم وغايات وجوده على هذه الأرض - أن نتحمل تكاليف ذلك عن طيب خاطر[12].


وفي الأخير: يروق لي أن أنبِّه على حسن اختيار الكتب؛ فالكتب كما يقول الأديب علي الطنطاوي: مثل الأطعمة، فيها النافع وفيها الضار، ومنها المغذِّي المفيد، وما هو كثير الدَّسم عظيم النفع، ولكن لا تشتهيه النفس، وما هو مُشَهٍّ لذيذ ولكن لا ينفع، ومنها السمُّ القاتل، ومنها ما هو سمٌّ ولكنه ملفوف بغشاء من السكر، فمَن انخدع بحلاوة الغشاء قتَله السم، ومَن أكل كلَّ ما يجده- يخلط به الحلو والحامض، والحار والبارد - أصابتْه التخمة وسوء الهضم، ومَن قرأ كلَّ شيء صار معه سوء هضم عقلي.


ومن الكتب ما يُدخِل الجنة، ومنها ما يُدخل النار؛ فليَنتبهِ الطالب، وليسأل مَن يَثِقُ به من المدرِّسين والعلماء، وإلا كان تركُ المطالعة خيرًا منها[13].


عوِّد نفسَك يا صديقي أن تدسَّ بين ملابسك وأنت على أهبة السفر كتابًا أو كتابين، كما تدسُّ قارورةَ عطرك الجميل، وقميصَك الأنيق، وفرشاة أسنانك الضرورية.

 

واحرص على تطهير أفكارك من الدَّنس بالقراءة وبمصاحبة الكتاب؛ كما تحرص على نظافة ثوبك وجسدك بكل غالٍ ونفيس؛ لعلك تستحقُّ ذلك التشريفَ والتكريم عند الله في الخالدين، ودامت لك المسرَّات!

 


[1] عاشق؛ للدكتور عائض القرني، ص: 86.

[2] كتاب (أنا) ص: 85.

[3] أصوات الرواية؛ حوارات مع نخبة من الروائيَّات والروائيين ص: 189.

[4] عاشق ص: 183.

[5] البوصلة القرآنية ص: 20.

[6] (القراءة أولًا) ص: 42؛ لكاتبه: محمد عدنان سالم.

[7] الحيوان ج 1 ص: 55، طبعة دار الجيل؛ تحقيق: عبدالسلام هارون.

[8] روضة المحبين ص:70.

[9] ابن القيم: حياته، آثاره، موارده، ص: 261، وكذلك ص: 60.

[10] صور وخواطر ص: 23.

[11] القراءة أولًا ص: 163.

[12] القراءة المثمرة؛ للدكتور عبدالكريم بكار ص: 16.

[13] فصول في الثقافة والأدب ص: 182.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القراءة في صلاة الليل
  • كيف تعود طفلك القراءة؟
  • مشروع (القراءة منهج حياة)
  • متعة القراءة
  • إلى القراءة من جديد
  • أهداف القراءة وعملياتها
  • إثارة الساكن في حكم حجز الأماكن

مختارات من الشبكة

  • ملخص مفاهيم القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهمية القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مقدار القراءة في صلاة الصبح وبيان أن تخفيف القراءة فيها لا يكره (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • القراءة البطيئة مع التدبر، أم القراءة السريعة لتكثير الأجر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القراءة القراءة أيها المعلمون(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قياس وتدريبات القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وقل رب زدني علما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • بؤس القراءة الحداثية للوحي العزيز: قراءة في فكر محمد شحرور(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أئمة القراءات الشاذة وحكم القراءة بها(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- مبتدأ في القراءة
مصطفي محمود - مصري 01-01-2016 08:47 PM

موضوع جميل جدا أسأل الله أن ينفعني وينفعكم به 
أعشق القراءة
سأحاول وأحاول ومن حاول ثم حاول لن يفشل
أسألكم الدعاء

3- مشاركة
أبو عمر الرياض 15-12-2015 12:09 AM

جاء في هذا المقال الماتع:"وأن السفر والبُعد عن الأولاد والوطن لم يَشغلْه شيءٌ من ذلك عن التأليف والنظر". وكذلك السجن وهنا واقعة يقصها علينا محدث العصر الشيخ الألباني على غرار ما فعله العلامة الشيخ بهجت البيطار، في سفره، فعلها الشيخ الألباني في سجنه، وأترك الشيخ الألباني لكي يحكي لنا كيف صنف كتاباً في محبسه خلال ثلاثة أشهر،سجل ذلك في "مختصر صحيح الإمام البخاري" (1 /8-9):"ولما كان "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم"، قد تلقاهما العلماء بالقبول؛ لم يكن ثمة حاجة إلى الكلام على أسانيدهما كما كنت بينت ذلك في المقدمة المشار إليها-يعني مقدمته تحقيق كتاب مختصر صحيح مسلم للمنذري- ، فالعمل فيهما إذن منحصر في حذف أسانيدهما والمكرر من متونهما.
وكان أول ما صنعته في ذلك أن حققت "مختصر مسلم " المذكور، ورقَّمْتُ أحاديثه، وشرحتُ غريبه، وعلّقتُ عليه تعليقاتٍ مفيدةً، ثم طبعتهُ في بيروت.
وكان قد تبين لي بعد الفراغ منه أن الحافظ المنذري -رحمه الله- لم يقتصر في اختصاره إياه على حذف أسانيده والمكرر من متونه فقط، بل حذف منه بعض المتون أيضاً، فلما بدا لي ذلك تمنيت أَنْ لو تتاح لي فرصة، لأتولى أنا بنفسي اختصاره بطريقتي الخاصة، وشاء الله تبارك وتعالى ذلك، حيث قدّر علي أن أسجن في عام 1389هـ الموافق لسنة 1969م مع عدد من العلماء من غير جريرة اقترفناها سوى الدعوة إلى الإسلام وتعليمه للناس، فأُساقُ إلى سجن القلعة وغيره في دمشق، ثم يُفرج عني بعد مدة لأساق مرة ثانية وأنفى إلى الجزيرة، لأقضي في سجنها بضعة أشهر، أحتسبها في سبيل الله عز وجل.
وقد قدر الله ألا يكون معي فيه إلا كتابي المحبب: "صحيح الإِمام مسلم"، وقلم رصاص وممحاة، وهناك عكفت على تحقيق أمنيتي، في اختصاره وتهذيبه،وفرغت من ذلك في نحو ثلاثة أشهر، كنت أعمل فيه ليل نهار، ودون كلل ولا ملل، وبذلك انقلب ما أراده أعداء الأمة انتقاماً منا إلى نعمة لنا، يتفيأ ظلالها طلاب العلم من المسلمين في كل مكان، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات".

2- في العمق !!
المغتربه - المملكة المتحدة 25-11-2015 12:42 AM

مقالة رائعة جدا .. بارك الله فيكم أستاذ ربيع
وضعت النقاط على الحروف .. و أعطيت القاريء مفتاحا ذهبيا من حيث لا تدري ... سلمت يمينك

1- مقالة رائعة من كاتب نعتبره عاشق كتب بامتياز
أمينة رامي - المغرب 24-11-2015 04:49 PM

طال شوقنا لهذه المقالة
المفيدة الممتعة فجزاك الله خيرا على هذه النصائح البليغة وهذا الأسلوب البديع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب