• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

عرض كتاب: صناعة الخبر في كواليس الصحافة الأمريكية (2)

عرض كتاب: صناعة الخبر في كواليس الصحافة الأمريكية
محمود ثروت أبو الفضل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/7/2015 ميلادي - 13/10/1436 هجري

الزيارات: 9048

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرض كتاب

صناعة الخبر في كواليس الصحافة الأمريكية

جون ماكسويل هاملتون - جورج أ. كريمسكي

 

• الكتاب: صناعة الخبر في كواليس الصحافة الأمريكية.

• المؤلف: جون ماكسويل هاملتون - جورج أ. كريمسكي.

• ترجمة: أحمد محمود.

• عدد الصفحات: 212.

• الناشر: دار الشروق.

• الطبعة: الثانية.

• سنة النشر: 1423هــ- 2002م.

 

ناقشنا في الجزءِ الأول من عرض كتاب "صناعة الخبر في كواليس الصحافة الأمريكية" بيانًا بتقسيمِ فصول الكتاب، ومحتوياتها، وما تتطلبه مهنةُ الصحفي، والهيكل الإداري لعمل الصحف الأمريكية، وارتباط الصحافة بتجارةِ تسويق الخبر الصحفي، وتأثير الجانب الإعلاني في مضمونِ الصحف الأمريكية في بعضِ الأحيان، وكيفية تنظيم عرض الصحيفة بالشَّكلِ الذي يظهرُ للقارئ، وطرق صياغةِ الخبر الصحفي، ونستكملُ في هذا الجزءِ الأخير عرضَ أهمِّ ما تضمنته باقي فصول الكتاب.

 

ما الذي يمكن أن يكون خبرًا؟

يلخص أحد محرري الـ"نيويورك صن- New York Sun" ماهيةَ الخبر بتلك المقولة الطريفة: "عندما يعضُّ كلبٌ رجلاً، فهذا ليس بخبر، لكن عندما يعض رجلٌ كلبًا، فهذا هو الخبر"، فالخبر الصحفي هو ما يحملُ جديدًا متعلِّقًا بقضيةٍ تلقى اهتمامًا شعبيًّا، فالقراءُ لا يريدون أن يشتروا صحيفةً تخبرهم بأنَّ شيئًا لم يتغير في اليومِ السَّابق، كما أنَّ القراء - بصفة عامة - لا يثقون في الأخبارِ الصحفية، ويرون أنَّها تفتقرُ لرؤية الأشياء وَفْقًا لأهميتِها النسبية، فبضعة أخبار عن ارتفاعِ معدل الجريمةِ المنظَّمة في المدنِ الأمريكية في العشرينيات جعلت الأجانبَ ينظرون إلى "شيكاغو" - على سبيلِ المثال - على أنها مدينة لا يمكنُ أن تسيرَ فيها ليلاً في شوارعها دون خوف، وسط سيطرةِ رجال العصابات، وهو من بابِ المبالغة الفجَّة، كما تبرزُ مشكلة الدِّقةِ وتخبط الآراء عند الصحفيين؛ ففي صفحةِ الصحةِ بالصحيفة تجدُ في إحدى السنوات أنَّ الزبد غير مفيدٍ لك، بينما في العامِ التالي تجد على نفسِ الصَّفحةِ أنَّ الزبد لا ضررَ منه، ولكن الزبد النباتي ليس كذلك، وهكذا حتى تفتقد تلك الأخبار مصداقيتها عند النَّاس.

 

الصحفيون - من ناحيتهم - يرون أنَّ عليهم أن يبرزوا ما هو جديد، وعلى القارئِ أن يستشفَّ ويفكر فيما يبقى على حالِه مما سيحدِثُ تغييرًا فعليًّا في حياة المجتمع.

 

خمس طرق لصنع الأخبار:

نتيجة للتنافس المحموم على سوقِ وكالات الأخبار من جانبِ الوكالات الحكومية وأعضاء المجالس النيابية وقادة السِّياسة؛ يضعُ الكاتبان خمسَ طرق طريفة تستطيعُ بها شقَّ طريقِك إلى الصحيفةِ في خبر ما:

1- اربط قصتَك بقصةٍ لا بد أن يغطيَها المخبرون الصحفيون: على سبيلِ المثال اختر الوقتَ المناسب لعرضِ قصتك، فإذا أردت أن تصدرَ تقريرًا عن البطالةِ، انتظر حتى الجمعة الأولى من الشهرِ، فهذا هو اليومُ الذي ستصدرُ فيه إدارة العمل تقريرَها الشهري عن البطالة، وبالطبعِ سوف يستحقُّ تقريرُك ذكرًا ما في خلال القصة الإخبارية الروتينية المعتادة من جانب المحرِّر عن ذلك التقرير الشهري.

 

2- حاول أن تظهرَ في صورةٍ مميزة: عندما أراد موظفو العلاقاتِ العامة بوكالةِ التنمية الإدارية لفتَ الانتباه إلى الأموالِ التي وفَّروها خلال العام، رتَّبوا ما يسمَّى في نطاقِ البيت الأبيض بفرصة صورة مع الرئيس، لكن لعلمِهم أنَّ الصور التقليدية والتي تصوِّر الرئيسَ يتلقى تقريرًا في صفحاتٍ من رئيس وكالة التنميةِ الإدارية، نادرًا ما تحظى باهتمامِ الناشر لتوفيرِ المساحة لأخبار أخرى؛ جعلوا الصورةَ مختلفة؛ حيث أهدى رئيسُ وكالةِ التنمية الإدارية الرئيسَ الأمريكي شيكًا بالحجمِ الكبير؛ طوله قرابة خمسة أقدام؛ ليبينَ الملايين التي أعيدت للخزانة العامَّة.

 

3- قدم للمحررين زاوية لا يسعهم مقاومتها: حاول أن تربطَ خبرَك أو إعلانك بما يدعو إليه بصورةٍ أو أخرى؛ مثال: إذا أردت نشرَ إعلان عن التلوثِ السمعي، اعقد مؤتمرًا صحفيًّا بقربِ موقع بناء به آلاتُ حفرٍ وبناء، تصدرُ أصواتًا مزعجة، وهذا ما فعله السيناتور "تشارلز جوديل" من نيويورك قبل ذلك، وخرجت أغلبُ الصحف في اليومِ التالي بمقدماتٍ من نوعية: "أعلن سيادة السيناتور جوديل اليوم وهو يكاد يغرق في طنين الضوضاء أن.....".

 

4- ازرع الفكرة كأنها شائعة: الصحفي فضولي بطبعِه، وأي شائعة يتشمَّمُها بحثًا عن صيد، ولبيانِ هذه الحقيقة فيمكن حكاية هذه القصة المهمَّة، عن مدى فاعليةِ الشائعة واستغلالها صحفيًّا من جانبِ أحد أعضاء الكونجرس، الذي ما أن علم باستقالةِ أحد الوزراء، حتى أوعزَ إلى مستشارِه الصحفي أن يتصلَ بأحدِ الصحفيين ليسألَه السؤال التالي: "اسمع، تصلنا مكالماتٌ منذ الصباحِ من صحفيين؛ يقولون إنَّ رئيسي عليه الدور في المنصب، ولكنَّنا لكي نكون صادقين لم نسمع شيئًا من البيتِ الأبيض مباشرة حتى الآن، فهل لك أن تفيدَنا وتتأكد من هذا الموضوع؟"، وبالطبعِ اتصل الصحفي بمندوبِ الصحيفة في البيتِ الأبيض الذي استأذن سويعات للتأكُّد، وذهب لسؤالِ بقية زملائه من الصَّحفيين أيهم اتصلَ بسكرتير نائبِ الكونجرس، وأبلغه هذه الشَّائعة، وفي خلالِ ساعة كان اسمُ عضو الكونجرس يتردَّدُ بين كلِّ مندوبي الصحف في البيت الأبيض، واحدٌ من الصحفيين تطوَّعَ واتصل بالسكرتير الصحفي للرَّئيس، الذي أجاب إجابةً دبلوماسية؛ بأنَّه لا يمكن التعليقُ على ذلك الأمرِ لحين استعدادِ الرئيس لإذاعةِ إعلانه، وأنه أمرٌ سري، بالطبعِ ازدادت الشَّائعةُ قوة، وفي الساعةِ السابعة كان اسمُ نائب الكونجرس أحد ثلاثة أسماء لمرشحين محتملين للمنصبِ في كافَّةِ الصحف وقنوات الإعلام، وكان موظفو البيت الأبيض يفكِّرون فيه بقوة، نهاية الحكايةِ أنَّ عضو الكونجرس لم يكن الخيار النهائي، لكنَّه حظي بدعايةٍ كبيرة كان لها تأثيرها على أبناءِ دائرته الانتخابية، ودخل في كثيرٍ من دوائرِ الترشيح الوزارية بعد ذلك.

 

كن رئيسًا: كل شيء تفعلُه وأنت رئيس يعدُّ خبرًا، وهو ما وضحَ من نشر أحد وسائل الإعلام قصةً عن الرئيس "جورج بوش"، مفادها أنَّ الرَّجلَ لا يحبُّ تناول "البروكلي"، وبالطبع لم يكن أمرًا مستهجنًا للغاية، بل حظي بمتابعةٍ جيدة من جمهورِ القارئين.

 

أخلاقيات الصحافة:

للصحفِ المحافظة قواعدُ صارمةٌ تتعلَّقُ بأخلاقيات الصحافة، ولغتها الملتزمة، نتيجة التزام أغلب الصحف الأمريكية - ولو ظاهريًّا - بعدم تشجيعِ أي سلوكٍ مناوئ للمجتمع، وعدم الإساءةِ إلى معتقدات القرَّاء الدينية والأخلاقية؛ وذلك خوفًا أيضًا من إلغاءِ القراء اشتراكاتهم.

 

وهذه أهمُّ القراراتِ التي وجد فيها المحرِّرون الصحفيون أنها بحاجةٍ للموازنة بين أخلاقيات النَّشر، وبين إظهارِ الحقيقة للنَّاس كاملة؛ للترهيبِ والتحذير من خطورةِ الحدث:

• سنة 1993 قطعت امرأةٌ من فرجينيا قضيبَ زوجها بسكينِ مطبخ طوله 12 بوصة؛ انتقامًا من سوءِ المعاملة، وبخاصة معاملتها جنسيًّا، وقعت الصحفُ في تخبطٍ بشأن هذا الخبر؛ فبعض الصحف استعملت صراحةً كلمة "قضيب" في العناوين، في حينِ لجأت صحفٌ أخرى إلى تعابير أكثر تهذيبًا؛ من نوعيةِ "بتر" و"إيذاء عضو".

 

• في أثناء حرب فيتنام التقطت عدسةُ مصور أسوشيتدبرس "نك أوت" صورةً لفتاةٍ عارية، تفرُّ مذعورة من النيرانِ التي اندلعت في قريتِها؛ من جراءِ إلقاء جيش فيتنام الجنوبية المدعوم من أمريكا النابالم على المواطنين، وقد فازت هذه الصورةُ بجائزةِ "بوليتزر"، وأصبحت واحدةً من أكثر صور الحروب إيلامًا، ولكن في وقت النشرِ ذعر بعضُ المحررين من مجرد التفكيرِ من نشر الصورة، والتي أظهرت الجزءَ العلوي عاريًا تمامًا على الرَّغمِ من صغر سنِّ الفتاة.

 

• مشهد سحل الجنود الأمريكيين في الصُّومال عام 1993، والذي حدث إثر محاصرةِ بعضِ الصُّوماليين لإحدى الطائرات الأمريكية، وسحل طياريها في شوارعِ مقديشو، وصورت من جانبِ كثيرٍ من وكالات الإعلان، قام بعضُ المحررين بنشرِ الصورة، والبعضُ الآخر رفضَ نشرَها؛ لأنها تؤذي مشاعر القراء، والبعض من الناشرين دفنها داخلَ الصفحاتِ الداخلية.

 

• في سنة 1994 التقط مصورٌ صحفي صورةً مؤثرة من الاحتفالِ بمهرجان "وود ستوك"، وكانت الصورة لامرأةٍ تنظر باشمئزازِ إلى رجلٍ عارٍ يجلسُ على كرسي، ولم تستخدم "واشنطن تايمز" هذه الصورة، وقال مديرُ التحرير: "هذه صحيفة أسرة"، غير أنَّ الصورة فازت بعد ذلك بجائزةٍ في مسابقة اتحاد مصوري الأخبارِ بالبيت الأبيض.

 

• كانت معظم الصحف حتى الخمسينيات لا تستخدمُ كلمةَ "اغتصاب" بتاتًا، ورغم رفع الحظرِ بعد ذلك، يفضلُ أغلب المحرِّرين الملتزمين أن يكونوا أكثرَ تشددًا فيما يتعلَّقُ بالأمورِ الجنسية، ونجد أنَّ أحد الصحفِ الشعبية "بلوفيد ديلي تليجراف - Bluefield Daily Telegraph" في "وست فرجينيا" رفضتْ توزيعَ مجلة "يو إس إيه ويكيند- USA Weekend" التي توزع مع العددِ كل يوم أَحَد على مستوى الدولةِ وتخصص للأطفال؛ لأنَّ صورةَ الغلاف كانت تضمُّ ثلاثة من أطفالِ الحضانة يمسكون بخضرواتٍ للتنويه بمشروعات التغذية، وكان تعليقُ محررِ الصحيفة أن الجزرةَ التي يمسكها أحدُ الأطفال بدت أشبه بصورةِ العضو الذكري، وقال المحرِّرُ في أسبابِ رفضه: "الغلاف يمثل صورة تخالفُ معاييرَ صحيفة الأسرة".

 

مصادر الأخبار، والعلاقة بين المصدر والصحفي:

منذ اليوم الأول لعمل الصحفي داخل الجريدة يُطلَب منه أن ينقلَ الحقائق كما هي، ولا يتدخل فيها برأيه ألبتة، وأن يبحثَ عن المصادرِ الموثوقة المؤكدة، وينسب الكلامَ لأشخاصٍ معلومين غير مجهولين، فمهمة الصحفي ليست تجميع المعلوماتِ وحسب، ونجد أن نسبةَ القول لأشخاصٍ مسؤولين هي المظلة التي تحمي عملَ الصحفي والصحيفة، فحتى لو كان القولُ خطأً، فالخطأ بلا شكٍّ سيقع على المصدرِ دون الصحيفة، إن لم يبادر المصدرُ نفسه بتكذيب الصحيفة، ومن أهم الأخبار التي اعتمدت على مصدر مسؤول، وكان لها دورٌ حاسم في احتلالِها صدارة عناوين الصحف الأمريكية خريف 1992م - هو ذلك الخبرُ الذي ذكر فيه مساعدٌ سابق في مجلسِ الأمن القومي أنه كان قد أبلغ بوش بأنَّه تأكَّدَ لديه أنَّ الولايات المتحدة تتعاملُ في السلاحِ مع إيران!

 

ومن نصائحِ المحرِّرين للصحفيين في بدايات عملهم ضرورة أن يكونَ للصحفي كقاعدةٍ مصدران على الأقلِّ للمعلومات المهمة المثيرة؛ ومثال ذلك تحقيق "الواشنطن بوست" عام 1992 بشأن اتهام السناتور "بوب باكوود" بالتحرشِ جنسيًّا بالموظفات، وبالطبعِ كانت هذه القصةُ ستحدث فرقًا كبيرًا في ترشيحِه من عدمه، إلا أنَّ الصحيفةَ آثرت طبعَ القصة بعد عدة أسابيع من إتمامِ الاقتراع؛ بحجة أنَّه لا يوجدُ طرف ثالث شاهد على حساسيةِ تلك القضية، سوى النِّساء المتحرَّش بهنَّ أنفسهن.

 

نجد بعض الحالات الشهيرة لإخفاءِ المصدر في القضايا الشهيرة المصيرية؛ مثل قضية "ووتر جيت" الخاصة بالرئيس "نيكسون"، والتي تسببتْ في إقالته، فقد آثر "بوب وودورد" الصحفي الشابُّ بجريدة "واشنطن بوست" مفجر تلك القضيةِ - الحفاظَ على سريةِ مصدره وجهالته، وأطلق عليه لقب "الحلق العميق - Deep Throat"؛ وذلك من أجلِ حماية المصدرِ، ولخطورة المعلومات التي حاز عليها، وفي بعضِ حالات النشر يمكنُ للصحفي استخدام المعلومات المبلغة من المصدرِ دون استخدام اسمه والاستفادة منها في توضيحِ خلفية "Background" الحدث، وأغلب تلك المصادرِ يكونُ من الشخصياتِ الدبلوماسية الذين يرغبون في كشفِ بعض الحقائق دون أي مساءلة قانونية، وفي بعضِ الحالات يكون كلامُ بعضِ المصادر كلامًا ليس للنشر "off the record"، لكن الصحفي يستفيدُ من تلك المعلوماتِ في اصطيادِ معلوماتٍ من أشخاص آخرين متورِّطين في القصة الإخبارية.

 

وقد يتعرَّضُ الصحفي في بعضِ الأحيان - نتيجةَ إخفاء مصدرِه، والتزام الصمتِ - للمساءلة القانونية؛ مثل حادثة "مايرون فاربر" مندوب "النيويورك تايمز"، والذي نقلَ أخبارًا عن حالاتِ وفاة غامضة في أحد مستشفيات نيوجيرسي، والذي أدَّتْ مقالاتُه لاتهامِ طبيب بتسميم خمسة مرضى، وعندما طلب محامي الدفاعِ الاطلاع على ملاحظات "فاربر" ومصادره رفضَ "فاربر" والجريدةُ إطلاعَ القاضي عليها لسريةِ المعلومات؛ مما أدَّى لشعورِ المحكمة بالحرج وتغريم الاثنين؛ فاربر والصحيفة، وقضى "فاربر" أربعين يومًا في الحبسِ بتهمة إهانة المحكمة.

 

وهذا يحدثُ نتيجة أنَّ الصحفيين ملتزمون بحمايةِ المصادر الخاصة بهم، وهم يعلمون جيدًا أنَّ الصحفي إن خان مصادرَه فلن يتحدثَ إليه أحدٌ مرةً أخرى بكلام ليس للنشر، ومن ثَمَّ لن يكونَ له مستقبلٌ صحفي.

 

والصحفي ليس ملزمًا بعرضِ قصصه الإخبارية أو تحقيقاته على المصدر قبل النَّشرِ لمراجعة ما تم نسبته إليه، ورغم أنَّ بعضَ الصحفيين يوافقون على تلك الحيلةِ لجعل المصدر يتحدث ويدلي بما عنده، ويتعاونُ معهم مستقبلاً، فهم يعتبرونها تقييدًا من حريةِ الصحافة وحقًّا غير مستحقٍّ، للمصدرِ أن يعدلَ أقوالَه بعد التصريحِ بها، ويسميها الإعلامي "بيتر فايس" بأنها "شكل من أشكالِ الفساد منخفض المستوى، الذي يقبله الطرفان، دون أن يتحدَّثا عنه"، ومع ذلك يرى بعضُ الصحفيين الآخرين أنَّ هذا يضفي شكلاً من المصداقيةِ على عملِ الصحفي، وإثبات سلامة النيةِ وتحرِّي الدِّقة قبل الحرص، كما أنه ينفي عن الصَّحيفةِ أيَّ حرج في حالةِ وجود أي مساءلة قضائية.

 

بعض حيل الحرفة للحصول على الخبر من المصدر:

يتقنُ الصحفي الحصولَ على ما يريدُه من معلومةٍ من المصدر بطرقٍ عديدة؛ بعضها يعتمدُ على إراحةِ الشخص المراد إجراء مقابلة معه؛ لكي يشعر بالاطمئنانِ للصحفي، وأنه يهدفُ لخدمةِ قضيته، وأحيانًا يتبع بعضُ الصحفيين أساليبَ غير قانونية عن طريقِ التنصت على شخصٍ أو التقاط بعض الصور المحرجة له، ورغم عدم قانونية بعضِ هذه الوسائل، يدافعُ الصحفيون عن أساليبِهم، من كونها هي الطريقة الوحيدة لكشف الشرور، والتي تحدث في بعض الأماكن التي لا يمكن الوصولُ إليها، وأنَّ الجمهورَ من حقِّه معرفة تلك الشُّرور، ويضع المؤلفان حيلاً أكثر احترامًا للمهنةِ ولأصحابها؛ ومنها:

1- تحطيم الجليد: وذلك أثناء المقابلةِ مع المصدر، عن طريقِ البدء بدردشةٍ عن بعضِ الأمور الأسرية المحببة؛ لكي يشعر المصدرُ بالارتياحِ، ويقتنع بأنَّ الصحفي "كائن إنساني"!

 

2- مباغتة المصدرِ بسؤالٍ محدَّدٍ بعد سلسلة من الأسئلة التافهة؛ وهذا الأسلوبُ يستخدمُ لمفاجأةِ المصدر بالسؤال، ويأملُ الصحفي أن يُخرِجَ المصدرُ المعلوماتِ بدون قصد، أو يصرح بها بدون تفكير.

 

3- خداع المصدر: عن طريقِ إيهامه بأنَّ الصحفي يعرف شيئًا عن القضية، واستعمال هذه الخدعة شائع، ففي حالةِ تخمين الصحفي بأنَّ شيئًا ما صحيح، يمكنه إثبات ذلك باتصال تليفوني بالمصدرِ؛ ليتأكَّدَ من صحةِ تخمينه، فبمجرد أن يفاجأ المصدرُ بهذا الأمر يتأكَّدُ لدى الصحفي أنه صحيحٌ، حتى ولو لم ينفِه المصدر أو يؤكده، ولكنه سيدلي بأيِّ معلومة جانبية تكونُ طرف خيط لمعلومةٍ أخرى، التي سيجنيها الصحفي من مصدرٍ ثانٍ يتصلُ به؛ لتنهار كلُّ الحواجزِ مع كل اتصال بمصدرٍ جديد، وتكون لدى الصحفي في النهايةِ حصيلةٌ أكثر مما كان يتمناه من المعلومات.

 

4- تشكيلُ المعلومات: في بعضِ الأحيان يمكنُ للمخبر الصحفي أن يشكِّلَ إجابة ما بسؤال تحريضي، كأن يسأل المصدرَ مثلاً على لسانِ خصمِه: "ماذا ستضطر لقولِه بشأن القضيةِ بعد البيانات المتسمة بالقذفِ التي أدلى بها خصمُك؟"، بالطبع بعد هذا السؤال التحريضي من جانبِ الصحفي، ورغم حرصِ المصدر على عدم الدخول في مراشقاتٍ، يصبحُ من الصعبِ أن يحتفظَ المصدر برباطةِ جأشه وتحاشي المواجهة.

 

5- عدم توجيه أي أسئلة بالمرة: هذه الوسيلةُ يجيدها الصحفيون المخضرمون، فما أن يبدأَ المصدرُ بحكايةِ قصته ولو بأسلوب بطيء نوعًا ما، يصمتُ الصحفي ويترك المصدرَ يدلي بكلِّ ما عنده دون مقاطعة، هذه الطريقةُ تعدُّ أفضل في إدلاء المصدرِ بكلِّ ما في جعبتِه بدونِ مقاطعة بأسئلة تملأ فراغَ المحادثة.

 

أمَّا عن النصائحِ المضادة لتجنبِ أسئلة الصحفيين، فيرى "كن ميتزلر" - أستاذُ الصحافة في جامعة "أوريجون" - أنَّ أفضلَ وسيلة للدفاعِ عندما يوجَّه لك هذا النوعُ من الأسئلة، ليس في تحاشي مقابلةِ الصحفيين، فهذا يزيدُ نارَ الشائعات اشتعالاً، يقول "ميتزلر": "تحدثوا إليهم؛ لأنَّ الرفضَ يزيدُ الشائعات، ويتسبَّبُ في ظهورِ كلام لا يتسم بالدِّقة خلال بحثهم عن مصادر بديلة، فإذا فعلت شيئًا شنيعًا لا تريدُ أن يعلَمه أحد، اعقد مؤتمرًا صحفيًّا، واعترف بكلِّ شيء بالتفصيلِ الممل، وسوف يكون هذا خبرًا مؤلمًا ليومٍ واحد، وسرعان ما يُنسى"، وبقية نصائحه للمصدرِ الحذر كالتالي:

• لا تجبْ على الأسئلة التكهنية.

• لا تسمح للمحاورِ أن يخرجَك عن صلب الموضوع.

• لا تكذب على الصحفي.

• لا تخمِّن الإجابة.

• كن مستعدًّا.

 

نصائح للصحفيين:

يوجه مؤلفَا الكتابِ عشرَ نصائح للصحفيين، من المفترض ألا يفعلوها:

1- الكذب بالكلمةِ المكتوبة، أو على الهواء، أو استخدام التكنولوجيا الحديثة في تغييرِ الصُّور.

 

2- الكذب على المصدرِ أو تهديدِه.

 

3- نقل الشائعات أو المعلومات غير المؤكدة.

 

4- فرض رأيٍ، أو حذف رأي لا يوافقُ عليه المرء.

 

5- إبداء المحسوبيةِ أو التحيز الشخصي فيما ينقلُه المرء أو يكتبه.

 

6- تقديم المرء لنفسِه بصفةٍ غير صفته، أو اللجوءِ للخداعِ؛ للحصولِ على قصة ما دون أن تكونَ هناك أسبابٌ قوية لفعل ذلك؛ كأن تدَّعي أنك شرطيٌّ مثلاً للحصولِ على معلومات.

 

7- سرقة الكلمات أو الأفكار.

 

8- التنصت على المكالماتِ التليفونية أو تسجيلها دون إذن.

 

9- استخدام المرءِ لمنصبِه لتحقيقِ مكاسبَ شخصيةٍ (قبول هدايا من المصدر).

 

10- القيام بأيِّ شيء يمكن تفسيرُه على أنه "صراع مصالح"؛ مثال ذلك: كتابة الخطبِ السياسية لمرشحٍ تغطي أخبارَه في الانتخابات.

 

مزايا الصحفيين وعيوبهم:

• مصلحون وليسوا ثوارًا: يفرحُ الصحفيون بصورتهم في الأذهانِ المرتبطة بأنهم عناصرُ مناوئة لسطوةِ السلطة، ولعلَّ هذا ما جعلَ نائب الرئيس ريتشارد نيكسون "سبيرو أجنيو" يصفُهم بأنهم "ملوك السلبية الثرثارون"، لكن الصحفيين ليس لديهم أي ميلٍ قوي إلى هدمِ بنى المجتمع الأمريكي الأساسية، وميلهم الأقوى لأن يروه وقد تحسَّن، فأغلبهم من أصحابِ الطبقة المتوسطة المثقفة الذين لديهم طموحاتٌ "رومانسية" بالنسبةِ لتطورهم في وظيفتِهم ومستقبلهم المهني، ونتيجة لهذه الرغبةِ الإصلاحية المحايدة؛ فنادرًا ما يعلن الصحفيون عن انتماءاتِهم السياسية، والاستطلاعات تظهرهم كجماعةٍ؛ على أنهم يسار الوسط، فـ44% يعتبرون أنفسَهم ديمقراطيين، و16% جمهوريين، و34% مستقلين، وتصفهم التحليلاتُ بأنهم "ليسوا بقاذفي قنابل"، وأكثر تسامحًا واعتدالاً مع التوجهاتِ الاجتماعية، وفخرهم بأنهم محايدون أكثر من فخرِهم بكونهم جزءًا من حزبٍ ما.

 

• ميَّالون لمضايقةِ الناس: يقول الأديبُ الساخر "أوسكار وايلد": "في الأيامِ الخوالي كان الرِّجال لديهم آلات تعذيب، أمَّا الآن فلديهم الصحافة"؛ تطاردُ الصحافةُ المشاهيرَ وبقسوة، وتميلُ لاستفزازهم والتشهير بهم بطرقٍ خفية، تستدعي غيظَ بعضهم وخروجهم عن طورِه في تصرفاتِه في بعض الأحيان؛ ضايقت الصحافةُ "جيمي كارتر"، وتهكَّمتْ عليه كثيرًا عندما زعم أنَّه تصدَّى لأرنب "قاتل" سبح في اتجاهِه مكشرًا عن أنيابه، عندما كان يجدف في إحدى البرك، كما طاردت الأمير "تشارلز" و"ديانا" حتى حال انفصالهما، كما سخرت من نائبِ الرَّئيس "دان كويل" لتهجيه الخاطئ لكلمة "Potato"، ويرى الصحفيون أنَّهم أبطال "حق النَّاس في المعرفة"، لكن أحيانًا تزداد حملاتُ الصحفيين استئسادًا على بعضِ السِّياسيين، بل ويجتمعون في هجومِهم معًا على نفس الشخص، كما لو كان الهدفُ إسقاطه تمامًا بهجمة رجل واحد، ورغم أنَّ هذا قد يمثِّلُ في بعضِ الأحيان شبهةَ "التواطؤ" بين الصحفيين بعضهم البعض، فنجد أنَّ هذا غيرُ صحيحٍ بالمرة، فهي سمةٌ للصحفيين - عمومًا - في التنافسِ بينهم مهنيًّا على إظهارِ مثالب هذه الشخصية السياسية، من بابِ الخوف من التخلفِ عن تغطية القصة الإخبارية، إلى جانبِ أنهم يرون أنهم مسؤولون عن إعلامِ الجمهور بشأنِ السُّلوكِ الشخصي للسياسي، الذي يؤثِّر تأثيرًا خطيرًا على العملِ العام.

 

• لديهم صفة الإقدام: الصحافةُ ليست مهنة المتردِّدين، بل تتطلبُ قدرًا من الثَّبات، وما يسميه أهلُ نيويورك "Moxie"، وهي كلمةٌ تعني الشجاعة مع مسحة عدوانية، وهذه بعضُ الأمثلة التي أوردها المؤلفون لحالاتٍ من الإقدام تتخذُ أشكالاً مختلفة:

♦ يروي "كورت فونيجوت" في كتابٍ له تجربتَه كمخبر صحفي صغير في شيكاغو، عندما غطَّى وفاةً بشعةً لرجل سُحِق في حادث مصعدٍ، وتشوهت الجثة تمامًا، طلب منه محرِّرُه أن ينقلَ الخبر لزوجةِ الرجل، ومعرفة رد فعلها؛ لكي يتمَّ ذكرُه في تغطيةِ الحادث، وهو ما فعله بالضبط.

 

♦ عندما تم إطلاقُ النَّار على "كينيدي" عام 1963، كان "جاك بيل" من جريدةِ "أسوشيتدبرس"، و"ميريمان سميث" من جريدة "يونايتد بريس إنترناشيونال" في سيارةٍ خلفه، ولتغطيةِ الخبر سارع "ميريمان" باختطافِ التليفون الوحيد الذي في السيارةِ لإبلاغ صحيفتَه بالخبرِ الحصري، ولم يتركه من يدِه رغم أنَّ "جاك" سدَّد إليه لكمةً موجعة، وبالطبع بثَّت جريدتُه "يونايتد بريس" أولَ خبرٍ حصري في العالم عن إطلاقِ النَّار بعد دقائق من الحادث، والذي دومًا ترغبُ الدوائرُ الدبلوماسية في تعميتِه لوقتٍ ما حتى يتم التصرف ساعتها، الجديرُ بالذِّكر أنَّ "ميريمان" فاز بجائزة "بوليتزر" نتيجة تغطيتِه لخبرِ الاغتيال بهذه السُّرعة.

 

الجمهور والصحافة:

رغم أنَّ الصحفيين يزهون بدورِهم كمراقبين يتوَّلون حراسةَ المصلحةِ العامة، غير أنهم يرفضون رفضًا تامًّا مجرد مناقشة فكرة الخضوع للمراقبة من جانبِ المجتمع، مما ترك هذا السؤال الشائك: "من يحرسُ الحراس؟" بدون إجابةٍ حتى الآن، وقد لخصَ الصحفي "جاري أتلي" هذه الحقيقةَ قائلاً: "إنَّ شأن كلِّ إنسان هو من صميمِ عمل الصحفي، أمَّا عمل الصحفي، فليس لأحدٍ شأن به"!

 

وقد قاوم الصحفيون وعارضوا كلَّ محاولاتِ الرقابة عليهم اجتماعيًّا، وفي سنة 1947م نشأت فكرة "مجالس الأخبار" كمجالس استشارية لمراقبةِ سير الصحافة، وظلَّتْ الفكرةُ قائمة حتى تم تنفيذُها عام 1973م، ولم تحققْ هذه المجالسُ أي نجاح يذكر، وتم إغلاقُ المركزِ القومي للأخبار عام 1984م وسط فشلٍ ذريع، وكانت آراءُ الصحفيين أنَّ مجالسَ الأخبار قد تفتحُ البابَ أمام قيودٍ أشد من جانبِ الجماهير، لتقييدِ حرية الصحافة.

 

وحتى عندما عمَّمتِ الجرائدُ والصحف القومية وظيفةَ "محقق الشكاوى" التي ترد للجريدة، لم تنجحْ التجربة، فعلى الرَّغم من أنَّ محقق الشكاوى كان حلقةَ اتصالِ الجمهور بالجريدة، لكن فشلت الفكرةُ؛ لكون محققِ الشكاوى نفسه هو مجرد موظفٍ لدي الجريدة التي تدفع له راتبَه، فكيف يكون رقيبًا عليها؟!

 

وحتى عندما نشأت مجلاتُ مراجعةِ الصحافة، التي تبحثُ في سقطاتِ الصحف والشكاوى المثارة ضدَّها، وكان من أبرزِها مجلة "أمريكان جورناليزم ريفيو - American Journalism Review"، و"كولومبيا جورناليزم ريفيو - Columbia Journalism Review"، عانت من تجاهلِ الصحفيين، وظلَّت تكافحُ من أجلِ البقاء، ونادرًا ما كان يقرؤها الجمهورُ العام، ناهيك عن الصحفيين أنفسِهم.

 

ولكن مع تطورِ الصحافة، اضطر الصحفيون لتحسينِ عَلاقتهم بالقراء، فقضايا القذف التي تُرفَع على الجرائدِ في المحاكم هي أكثرُ ما يؤرق أيَّ جريدة ناجحة، ورغم أنَّ أغلب هذه القضايا تسقطُ قضائيًّا (أظهرت دراسة أنَّ 7% فقط من الشخصياتِ العامة التي ترفع دعاوى قذف هي التي تكسب القضايا بالفعل)، إلا أنَّ هذا سرعان ما يؤثِّرُ في مصداقية الجريدة، ويجعلها أكثر حذرًا في النشر؛ لذلك عمدت الصحفُ الأمريكية لجذبِ ود جمهورِ القارئين عن طريقِ نشر رسائلهم في أبوابِ الرأي المخصَّصة للقراء، وغالبًا ما يكون في كلِّ قسم من أقسامِ الجريدة مساحة مخصصة لآراء ومساهمات القراء، وربما شكاواهم التي يُنظر لها بعناية، ويضطر أغلبُ المحرِّرين المحافظين إلى الردِّ على الرسائل التي تصلهم على بريدِهم بصفةٍ دورية، ومثل هذه الأبواب تزدادُ شعبيتُها، بل إن صحيفةَ "بالم بيتش بوست- Palm Beach Post" تخصِّصُ صفحةً كاملة للرسائلِ يوم السبت، بل وطبقًا لما تبينه رسائلُ إحدى الدراسات، فإنَّ رسائلَ القراء تحظى بنسبةِ قراءة أكثر من صفحاتِ الرِّياضة والتجارة والأعمال.

 

ويمكن إيجازُ العَلاقة بين القارئ وفريق إدارة الصحيفة فيما وضعه مؤلفَا الكتابِ من إرشاداتٍ، فيما يُعرف بـ"قانون حقوق مستهلك الأخبار".

 

قانون حقوق مستهلك الأخبار:

كشأنِ غيرِهم من المستهلكين، لقراء الصحفِ عددٌ من الحقوق تجاه الجريدة كالتالي:

1- كتابة رسالة قابلة للنَّشرِ تتضمَّنُ شكوى ما إلى المحرر، وإذا كانت الرسالةُ معقولة فقد تُنشر.

 

2- كتابة رسالة مباشرة إلى النَّاشر، وأغلب تلك الرسائل تحظى بالردِّ بالطريقة الملائمة؛ لأنَّ الذي يبحثُ تلك الشكاوى الخاصة الناشرُ نفسه.

 

3- المطالبة بتصحيحٍ أو تراجع، وذلك في حالةِ ما إذا أخطأت الجريدةُ في بعضِ الحقائق التي يمكن إثباتها، وتلتزم الجريدةُ المحافظة بنشرِ التصحيح في العددِ الذي يليه.

 

4- رفض إجراء مقابلةٍ إذا طُلب منك ذلك، ليس هناك قانونٌ يجبرك على الحديثِ إلى الصَّحافة.

 

5- رفض أن يجريَ المقابلة معك مخبرٌ صحفي بعينِه، وإذا كنتَ لا تحبُّ عملَ هذا الصحفي، يمكنُك رفضُ الكلام معه وحسب.

 

6- التسجيل لمن يسجِّل لك، أخرجْ جهازَ التسجيل الخاص بك وسجِّلْ ما قلتَه.

 

7- طلب رؤية القصةِ قبل نشرها، يمكنك على الأقلِّ مطالعة الاقتباساتِ الصحفية التي يعدلها المحرِّرُ والمأخوذة من كلامِك؛ لعدمِ اقتطاعها عن سياقِها.

 

8- الطلب من الصحفي الخروج من بيتِك، والابتعاد عن ممتلكاتك، في حالةِ الإزعاج.

 

9- إلغاء اشتراكك، والتهديد بجعلِ أصدقائك يلغون اشتراكَهم كذلك، وهو ما يكرهُه النَّاشرون بشدة.

 

10- التظاهر أمام مكاتبِ الصحيفةِ في حالة وجود تصريح من الشرطة، مع مراعاةِ عدم التعدِّي على الممتلكات في حال التظاهر، والالتزام بسلميةِ المظاهرة.

 

11- اتخاذ إجراء قانوني تجاه ما نُشر ضدك، ويعد رفع دعوى قذف هو أكثر الإجراءات نمطية.

 

هل ستبقى الصحيفة؟

كان لظهور "التلفاز" كوسيلةِ إعلامٍ مرئية جذابة أثرُه البالغ في قلقِ النَّاشرين، وأصحاب مهنة الصحافة، فلم تستطعِ الصحفُ أن تتجاهلَ تأثير التلفاز في نقلِ الأخبار، ويمكن القولُ بأنَّ التلفازَ هو الذي جعل الصحفَ تجري لنفسِها عملية "شد وجه"، فقد اضطرت الصحفُ أن تتخلَّى عن تقليديتها، وأن تضيفَ الألوان والقصص المختصرة، وأعطت أهميةً أكبر للرسومِ التوضيحية، وغيَّرت تعريفَ الخبر، فقديمًا كانت أهمية الأسبقية في الحصولِ على الخبر لها تأثيرها البالغ في رواجِ مهنة الصحافة، أمَّا الآن فنادرًا ما تنشرُ الجريدة خبرًا للجمهورِ ما لم تنقلْه وسائلُ الإعلام الإلكترونية أولاً، وسَعَت الصحف في مقابل هذا التراجع أن تحدِّثَ صفحاتِها؛ لكي تصبح "مرئية" أكثر، ونتيجةً لذلك أدخلت الصحفُ مطابعَ ألوانٍ غالية الثمن، ووظفت المزيدَ من فناني الجرافيك، حتى أنَّ جريدة "نيويورك تايمز" أنفقت 400 مليون دولار على معدات الإنتاجِ الملون؛ لتجميلِ صورة الصحيفة.

 

ونجد أنَّ الصحفَ تتفوَّقُ على وسائلِ الإعلام المرئية في عدةِ نقاط؛ فهي مناسبة أكثر لنقلِ الأخبار الجادة، ولصحافة التحقيق، وللتحليلِ الإخباري، كما أنَّ بها مساحة أكبر كي تكونَ شاملة من ناحيةِ تقديم تفاصيل القصة وسياقها، بعيدًا عن تسطيحِ الإعلام للقضايا المهمة وشخصنتها، إلى جانبِ أنَّ الصحفَ كانت تنفردُ بتقديم خدمات للجمهور، لا يقدمها التلفاز قديمًا؛ مثل أخبار الميلاد والزواج والوفَيَات، والإعلانات المبوبة، والإعلانات الحكومية، وعرض شامل لحركةِ الأسعار في البورصة، وأيضًا قوائم لبرامجِ التلفاز نفسِه، وتحليلات لمعظم برامجه، وعرض سريع لما يُطرحُ فيها.

 

لكن وبالطبعِ بعد ازدياد ثورة التكنولوجيا في عصرِنا الحديث، ومع الوسائلِ الحديثة غير النمطية، صار هناك قلقٌ عام بشأن مستقبلِ الصحيفة الورقية بصفةٍ عامة، ويبدو أنَّ الناشرين أدركوا المستقبل المظلم الذي يحيطُ بالصحافةِ التقليدية؛ فبادروا بالتطويرِ، وأشاروا إلى تلك التغييراتِ وشيكةِ الحدوث، ونجد مقالاً بمطبوعة "نايت ريدر نيوز- Knight- Ridder News" الداخلية عام 1993م عن التقني "روجر فيدلر" والذي أجرى تجاربَ على طريقِ توصيلِ الأخبار اليومية من خلالِ أجهزةِ كمبيوتر محمولة في اليد؛ حيث انتهى إلى ما أسماه قرصَ الصحيفةِ الذي يحلُّ محلَّ النسخةِ المطبوعة، وأشارت الصحيفةُ ذاتها إلى ضرورةِ تبني تلك الأفكار التطويرية لمستقبلِ الصَّحافة.

 

ونجد أنَّ معظمَ الصحف في العصر الحديث صنعت لها نسخًا إلكترونية على صفحاتِ الإنترنت، واعتمدت فيها على استخدامِ وسائط الميديا والتحديثات الوقتية للأخبار، ولكن نجدُ أنَّ آليات التوصيل الجديدة تلك ما زالت تستخدمُ مفاهيمَ الصحافةِ التقليدية، ونفس تكنيكات الإخراجِ التقليدية، من بابِ أنَّ شكلَ الصحيفة التقليدية ما زال الأكثر ألفة للقرَّاء، كما أنَّ الصحيفةَ الورقية ما زالت تجدُ لها عشاقها، فليس كل الناس يجيدُ التعاملَ مع وسائل التكنولوجيا الحديثة، كما أنَّ الصحيفةَ من السَّهلِ التنقل بها؛ كأن تقرأها في وسائلِ المواصلات، أو في استراحة العمل، كما أنها مألوفةٌ، إلى جانب أنَّ قراءةَ الموضوعات على شاشاتِ الكمبيوتر تقلُّ سرعتها بمقدار 25% عن سرعةِ قراءتها من الصحيفةِ الورقية، وأغلبُ النَّاسِ ليس لديهم صبرٌ على القراءةِ على الحاسوب، كما أنهم لا يهتمُّون بتفاصيلِ الخبر، ويكتفون فقط بقراءةِ رأس الخبر وأجزاءٍ منه، بعكس قارئ الصحيفة الورقية الذي يحرصُ على قراءةِ التحليلات الإخبارية بأريحية أكثر.

 

ورغم أنَّ الصحافةَ التقليدية لم تتأثر من قبل بظهورِ التلفاز والراديو، ومن الواضح أنها لم تتأثر بشدة أيضًا بشكلٍ خطير مع ظهورِ الصحافة الإلكترونية؛ بل حاولت أن تواكبَ تلك التطوراتِ التكنولوجية لصالحها والاستفادة منها في ترسيخ قيمةِ الخبر الصحفي، إلا أنَّ وسائلَ التكنولوجيا الحديثة، والاقتصادياتِ وأنماط المعيشة المتغيرة، واهتماماتِ الأجيال الجديدة من الشَّباب، وغيرها من العوامل - تجعلُ الصحفَ ينبغي عليها إعادة التفكير في دورِها ومقاربتها للأخبار.

 

وتجعلنا كلُّ هذه التطورات نتساءل بشيءٍ من القلقِ والحنين إلى الماضي: هل حانت ساعةُ النهايةِ لعهد الصحيفة الورقية التقليدية عامةً، ولصناعة الخبرِ الصحفي بشكلٍ خاص؟!

 

ملاحظات على الكتاب:

1- يعد الكتابُ من أهمِّ الكتب الحديثة التي تحدثتْ عن تطورِ صناعة الخبر الصحفي، وما الذي تتطلبه مهنةُ الصحافة بشكلٍ عام، وهي دراسة جديرة، يُنصح كلُّ من يعمل بمجال الصحافة بالاطلاعِ عليها، ومحاولة الاستفادةِ مما جاء فيها.

 

2- يجمع أسلوبُ الكتابةِ بين الطرافة وسلاسة التحليل، وساعدت خبرةُ مؤلفي الكتاب بالعملِ الصحفي ودهاليز العمل في الصحف الإخبارية الشهيرة الكبرى في الولايات المتحدة - على الإلمامِ بأدَقِّ التفاصيل المتعلِّقةِ بنجاح دراستهما وإظهارها بالشكلِ اللائق، كما اعتمد مؤلفا الكتابِ على لغةِ الأرقام ووسائل التحليل الإحصائية؛ لاعتمادِ التدقيق في مباحث الدراسة.

 

3- رغم محاولة مؤلفي الكتاب التوكيد على نزاهةِ الصحافة بشكلٍِ عام، وحيادها في أغلبِ القضايا التي تتبناها، فلم يذكرا - من قريبٍ أو بعيد - عَلاقَةَ السياسة - وبخاصة إستراتيجيات السياسةِ الأمريكية - بوسائل الإعلامِ التي تسيطرُ عليها فعليًّا؛ وعلى رأسِها الصحافة، ومدى تدخلها في "توجيه" الصحافةِ لتسيير شؤون سياساتِها الداخلية والخارجية.

 

4- ساعدت الترجمةُ الطيبة للمترجمِ في إظهارِ الكتاب بصورةٍ لائقة في النسخة العربية، إلى جانب شرحِه أهمَّ المصطلحات الصحفية، وترجمات الأشخاص، وإشارات الأماكن التي ذكرها مؤلفا الكتاب، وخصَّا بها القارئ الأمريكي، ويخفى فهمُها على القارئ العربي العادي، في هوامشِ الكتاب، ووضع تعريفات مبسطة بها.

 

5- الكتاب في نسخته المترجمة صدرت له أكثرُ من طبعة، وكانت الطبعةُ الأولى له عام 1421هـ -2000م، ثم أُعيد طبعُه ونشره مرة ثانية عام 1423هـ - 2002م.

 

6- أسعار مطبوعات "دار الشروق" - التي تولَّت نشر النسخة المترجمة للكتاب - مرتفعةٌ للغاية، ورغم قيمة الدراسة وأهميتها، فإنَّ المواطنَ العربي قد يتغاضى عن دفعِ سعرٍ مرتفع لكتاب؛ وبخاصة إذا كان يتعلَّقُ بدراسةٍ نقدية متخصصة في موضوعِ الصحافة!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عرض كتاب: عبدالله بن المعتز العباسي للدكتور محمد الكفراوي
  • عرض كتاب: التصحر .. تدهور الأراضي في المناطق الجافة
  • عرض كتاب: الإسلام في شعر حمام للدكتور طاهر عبداللطيف عوض
  • عرض كتاب: تاريخ ضائع - التراث الخالد لعلماء الإسلام ومفكريه وفنانيه
  • عرض كتاب: صناعة الخبر في كواليس الصحافة الأمريكية (1)
  • عرض كتاب: الصحافة المهاجرة دراسة وتحليل - للدكتور حلمي القاعود
  • مهمة الصحافة العربية
  • الكتابة الصحفية وحراس البوابات
  • شرح نيل الأرب من قواعد ابن رجب لعبد الله بن أحمد الخولاني

مختارات من الشبكة

  • عرض كتاب: صناعة الكتاب المدرسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (التحقيق في كلمات القرآن الكريم) للعلامة المصطفوي (كتاب فريد)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • كواليس (الأستاذ "والسيد التلميذ" والإصلاح)(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • روسيا: تغريم محل لبيع الكتب لعرضه كتاب حصن المسلم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • عرض كتاب : الكتب الممنوعة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب (معجم شيوخ الطبري الذين روى عنهم في كتبه المسندة المطبوعة) للشيخ أكرم الفالوجي(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • كتاب حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة "عرض نقدي مختصر (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب الشاي ( ماذا تعرف عن صناعته؟ )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عرض كتاب: سوريا وتركيا الواقع الراهن واحتمالات المستقبل(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب