• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

مخطوطة (صحيح الإمام البخاري) بخط الحافظ الصدفي

د. عبدالهادي التازي


تاريخ الإضافة: 21/5/2011 ميلادي - 17/6/1432 هجري

الزيارات: 54085

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

مخطوطة وحيدة في العالم

(صحيح الإمام البخاري) بخط الحافظ الصدفي

للدكتور عبدالهادي التازي


مخطوطةٌ فريدة في العالَم الإسلامي انتقلتْ مِن غرناطة إلى فاس، ثم تحوَّلتْ في ظروفٍ غامضة إلى بلادِ الحرمين ومصر والشام، وانتهتْ إلى إسطنبول عاصمة العثمانيِّين، ومنها اقتناها أحدُ رِجالات طرابُلس الغرْب، حيث وصلتْ أخبارها إلى السُّلطان العالِم الواصِل المولى سليمان الذي عَهِد إلى سفيرٍ له خاص في ليبيا باشترائِها مِن الشيخ (بوطبل)، وقد تَمَّ الشراءُ فعلاً، ولم يَحُلْ دون وصول المخطوطة للمولى سليمان إلا نُشوب حرْبٍ بين ولاةِ الجزائر وياي تونس حمودة باشا، وكان آخِر العهد بها إفادة تُؤكِّد أنَّه انتهَتْ لمكتبة واحة الجغبوب، ولَمَّا سافرتُ لبلادي في تلك الدِّيار عقدتُ العزمَ على البحث عن الكتاب، وقد وفَّقني الله لاكتشاف أمرِه، فأسهمتُ بذلك في مجهودٍ قام به سفيرٌ لنا سابقٌ منذُ زُهاء قرنين من الزمان.

 

حينما ظهرتْ بالمملكة المغربيَّة نسخةٌ مِن المجلد الأول الموافي للخُمس الثاني من الأصل للجامع الصحيح للإمام أبي عبدالله البخاري بخطِّ يدِ الحافظ أبي عمران موسى بن سعادة الأندلسي، اهتزَّتْ رحابُ المجالس الأكاديميَّة بالعمل الجليل الذي قام به الأستاذ ليفي بروفنسال مدير معهد الدروس العُليَا آنذاك[1].

 

والحقيقة أنَّ النسخة المشار إليها - وقد عُثِرَ عليها بخِزانة جامع القرويِّين الكُبرَى[2] - تُعتَبر مِن الأهميَّة بمكان؛ لأنَّ رواية ابن سعادة ظلَّت مُعتمَد المغارِبة أجمعين بنفس اعتمادِ المشارقة على روايةِ اليونيني[3]؛ وقد أتَى هذا الاهتمام مِن كَوْنِ ابن سعادة رَوى عن الصدفي عن الباجي عن أبي ذرٍّ عن شُيوخه الثلاثة عن الفَرَبْرِي عن البخاري؛ فبينه وبيْن الإمام خمس وسائط.

 

هناك فعلاً مميِّزات طبعت المغاربة عن غيرهم مِن المشارقة في شتَّى المجالات ومختلف الميادِين[4]، ونحن نرى هنا أيضًا اعتمادَ البلاد المغربيَّة بما فيها طرابلس وتونس والجزائر والمغرب الأقصى والبلاد الأندلسيَّة، كلها تعتَمِد في رواية البخاري على رواية أبي عبدالله الصدفي وليس على رواية تقي الدين اليونيني...

 

وقد تحدَّثَ صاحب مقدمة المخطوطة المذكورة عن النواحي التي جعَلتْ من رواية ابن سعادة روايةً مفضَّلة عن غيرها من روايات الإمام البخاري ونُسَخه المنتشرة في بلاد الإسلام.

 

وكان أبرز مُرجِّح ومُؤثر لها على ما سِواها أنها نُسخَتْ من نسخة شيخه وصِهره[5] الحافظ أبي عليٍّ الصدفي التي طافَ بها في الأمصار وسمعها وقابَلَها على نُسَخِ شيوخه بالعراق ومصر والشام والحجاز والأندلس، ولا شكَّ أنَّ أصلاً كهذا - في التداوُل وتناوُل الأيدي - لا يَعدِله في الصحة شيءٌ، وبالإضافة إلى هذا فقد كان الصدفي يتوفَّر على نسخةٍ من الصحيح مقروءة على أبي ذرٍّ الهروي، وأبو ذر أخَذ عن تلاميذ الفربري الذي كان يمتلك نسخةً للصحيح بخط البخاري[6].

 

والحقيقة أنَّ سائر المرجِّحات التي ذُكِرت من أجل تزكية نسخة ابن سعادة وتعزيز جانبها كانت في معظمها - إنْ لم نقل كلها - تفسيرا للارتباط الوثيق بنسخة للصدفي، وأنَّ تلك اعتمدَتْ على هذه ومنها استمدَّت قِيمتها وقوَّتها.

 

وعندما يُشِيد الفاسيُّون باسم "النسخة الشيخة" التي نقلوها عن مخطوطة ابن سعادة يَذكُرون في اعتزازٍ كذلك اسم الحافظ الصدفي على أنَّه الذي قيَّم نسخة ابن سعادة[7].

 

الصدفي:

ويُعتَبر الإمام الصدفي فعلاً مَعلَمةً من معالم رُواة الحديث وحُفَّاظه في العصور الأولى للإسلام، وقد تَيمَّن مختلف المؤلِّفين والمؤرِّخين - في القديم والحديث - بالكلام عن ترجمته وعن سِيرته ونزاهته ومركزه[8].

 

ولعلَّ أشملَ تعريفٍ وأوفاه بالحافظ الصدفي هو ما قام به علَمان عَظِيمان من أعلام التاريخ القديم والحديث...

 

ونعني بهما القاضي عياض الذي خصَّه بكتابه "المعجم" ضمَّنَه أخباره وأخبار شيوخه الذين بلَغُوا نحو مائتي شيخ[9]... كما نقصد إلى المحدِّث ابن الأبار الذي آثَرَه هو الآخَر بمعجمٍ ثانٍ من نوعٍ آخَر تناوَل فيه ذكر تلامذة الحافظ الصدفي.

 

وإذا كانت الأقدار قد حرمَتْنا من "معجم عياض" عن شيخه[10]، فإنها لِحُسن الحظِّ وضعتْ بين يدينا المعجم الحافل الذي عُنِي بجمعة ابن الآبار[11].

 

وقد ذكر فيه ثلاثمائة وخمس عشرة شخصيَّة من كِبار رجال المعرفة، كلهم تتلمذوا للحافظ الصدفي.

 

وإنَّ إلقاء نظرةٍ عاجلةٍ على المعجم تَكفِي لأخْذ فكرةٍ عن تلك "المَعلَمة" التي تنتَسِب إليها مخطوطة ابن سعادة؛ فإنها فعلاً لائحة طويلة لجمهورٍ عظيم من كبار المفكِّرين والمحدِّثين والسياسيِّين والمسؤولين كانوا في كلِّ مَزاياهم مَدِينين لشرف الاتِّصال بذلك الرجل الكبير.

 

ومع ذلك فإنَّه لَمِن المفيد أنْ نتلمَّس أخبارَ هذا الأستاذ الجليل من خِلال بعض المصادر التي عُنِيتْ بالحديث عنه، وبخاصَّة مخطوطة الغنية للقاضي عياض[12] مُجمِلين القولَ ومُقتصرين على المهم: وهو القاضي الحافظ أبو عليٍّ الحسين بن محمد بن فيرة[13] بن حيُّون[14] الصدفي المعروف بابن سُكَّرة[15].

 

أصله من سرقسطة من قريةٍ على أربعة أميال منها كانت تُعرَف بمنزل محمود بالثغر الأعلى.

 

ومولده بحاضرتها في نحو أربعٍ وخمسين وأربعمائة[16] أخذ عن شيوخها، ودرس على مُقرِئيها، وسمع من أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، وأبي محمد ابن فورتش[17]، وابن الصوَّاف، وابن سماعة وغيرهم.

 

ودرس في بلنسية تحت إشراف أبي عباسٍ العذري[18].

 

ثم سمع بالمرية من أبي عبدالله محمد بن سعدون القروي وأبي عبدالله ابن المرابط وغيرهما، وقد رحَلَ إلى المشرق فاتح المحرم من سنة إحدى وثمانين وأربعمائة (27 مارس 1088)[19] فلقي بَقايا شيوخ إفريقيَّة بالمهديَّة.

 

ولقي بمصر أبا إسحاق الحبال مسند مصر الذي أعطاه إجازةً، والقاضي أبا الحسن علي بن الحسين الخلعي وابن مشرف وأبا العباس أحمد بن إبراهيم الرازي وغيرهم.

 

كما لقي بالإسكندرية أبا القاسم مهدي بن يوسف الورَّاق، وأبا القاسم شعيب بن سعيد، وغيرهما.

 

كما لقي بمكَّة أبا عبدالله الحسين بن عليٍّ الطبري إمام الحرمين وأبا بكرٍ الطرطوشي وأبا عبدالله الجاحظ وغيرهم.

 

ولَقِيَ بالبصرة أبا القاسم ابن شُعبة، وأبا يعلى المالكي، وأبا العباس الجرجاني، وجماعة أخرى.

 

وسمع بواسط من أبي المعالي محمد بن عبدالسلام الأصبهاني[20]، وغيره.

 

ودخل بغداد يوم الأحد السادس عشر من جمادى الآخرة لسنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، فأطال الإقامة بها خمس سنين كاملة، وسمع من عددٍ من مُحدِّثيها؛ أبي الحسن الطيوري، وأبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون مُسنِد بغداد، وابن البطر والبانياسي، وأبي محمد رزق الله بن عبدالوهاب التميمي، وأبي الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وقاضي القُضاة أبي بكران، والإمام أبي بكرٍ الشاشي، وابن فهد العلاَّف، وابن أيوب البزاز، ودرس الفقهَ والأصول على الشاشي، ولقن جماعة من الخراسانيين الحجاج؛ كالإمام أبي القاسم ابن شافور البلخي، والقاضي أبي محمد الناصحي الرازي.

 

وأخذ بالأنبار عن أبي الحسن ابن الأخضر[21] الخطيب، ثم رحل عنها جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين وأربعمائة.

 

ودخل الشام فسمع بها من الشيخ أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي وابن الفرح سهل بن بشر الإسفراييني وغيرهما.

 

وعندما عاد إلى الأندلس في صفر من سنة تسعين وأربعمائة[22] (18 - 1 - 97 - 15 - 2 - 997)، رحل الناس إليه من كلِّ صوب، وكَثُرَ الآخِذون عنه.

 

ثم ارتحل إلى مدينة سبتة كرَّتين فأخَذَ عنه إذ ذاك جماعةٌ من المشايخ والأصحاب كان من ضِمنهم القاضي عياض كما يحكي هو نفسه[23].

 

وقد استوطن مدينة مرسية، وسمع منه جمهورٌ كبير من الناس كان فيهم مَن هو في عِداد شيوخه، ومَن سمع هو منه ذي قبل؛ كابن داود المقري وغيره؛ وذلك لمعرفته بعلم الحديث والقيام عليه، وحِفظه لأسماء الرجال ومعرفته بقويِّهم من ضعيفهم، إلى ما امتاز به من متانةِ دِينٍ وخُلق حسن وصِيانة الأمانة.

 

وقد ولي القضاءَ بمدينة مرسية سنة خمسٍ وخمسمائة أيَّام حُكم أمير المؤمنين علي بن يوسف بن تاشفين، فحُمِدت سِيرته، وقَوِيتْ في الحق شكيمتُه، إلى أنِ استعفى فلم يُعفَ، وهنا اختفى عن الأنظار عددًا من الشهور إلى أنْ قُبِلَ طلبُه بمساعدة عبدالله اللخمي سنة ثمانٍ وخمسمائة[24]، فتوفَّر على ما كان بسبيله من الإسماع والتفقُّه، وطُلِبَ بعد ذلك لقَضاء إشبيلية، فامتنع ولم يخرج إليها حتى تُوفِّي[25].

 

وقد خرج للغزو سنة أربع عشرة وخمسمائة مع الأمير أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين، وممَّن كان في الصحبة القاضي أبو عبدالله ابن الفرج، وحضر يوم قتندة (cutanda) بالثغر الأعلى يوم الخميس لستٍّ بقين في ربيعٍ الآخر من السنة المذكورة (24 ربيع الأول 514 = (23 يونيه 1120)، وحقَّتْ على المسلمين الدائرة، فكانا ممَّن فُقِدا - رحمهما الله - وخُتِم لهما بالشهادة، وكان القاضي يومئذٍ من أبناء الستين[26].

 

ويحكي القاضي عِياض في "الغنية" أنَّه خرج إليه ذات مرَّة في المحرم سنة ثمانٍ وخمسمائة، فوجده في اختِفائه لكنَّه قصَدَه كرَّة أخرى فسمع عليه "خيرًا كثيرًا"، على حدِّ قول عياض الذي استرسل يُفصِّل بعضَ ما سمعه: الصحيحان: البخاري ومسلم، والشهاب، وكتاب "الجامع"؛ للترمذي، وكتاب "الشمائل"؛ للترمذي كذلك، وكتاب "رياضة المتعلمين"؛ للأصبهاني، وكتاب "الناسخ والمنسوخ" وكتاب "الاستدراكات على البخاري ومسلم"، وهو كتاب "التتبُّع" أيضًا للدارقطني، وكتاب "الإلزامات" له كذلك، وكتاب "الأربعين"؛ للأصبهاني، و"الأربعين"؛ للحسن بن سفيان، وكتاب "أوهام الحاكم في المدخل"؛ لابن سعيد، وكتاب "مشتبه الشبه" و"كتاب المؤتلف والمختلف"؛ لابن سعيد أيضًا، وكتاب "الإشارة"؛ للباجي، وكتاب "آداب الصحبة"؛ للسُّلَمي، وجزءا عوالي الشريف أبي الفوارس، وكتاب "أسامي شيوخ البخاري"؛ جمع أحمد بن عدي، وكتاب "الجرح والتعديل"؛ للباجي، وكتاب "العلل الكبير"؛ للدارقطني، وكتاب "السنن" له كذلك، وكتاب "تلقين المبتدي"؛ لابن نصر، وكتاب "الهداية والإرشاد"؛ للكلاباذي، وكتاب "التاريخ"؛ للبخاري، و"شرح ابن الأنباري".

 

علمٌ من أعلام المعرفة على عهد المرابطين انعكسَتْ على آفاقه العلميَّة كلُّ تلك اللقاءات التي تمَّت له مع أقطاب المعرفة في المغرب والمشرق.

 

ولهذا فإنَّ فضلَه على الثقافة الإسلامية بالدِّيار المغربية والأندلسية أمرٌ لا يقبل المناقشة[27].

 

وقد ورد في "الدِّيباج" قال أبو عليٍّ الصدفي لبعض الفُقَهاء: خُذِ الصحيح فاذكُر أيَّ متنٍ أردت تدقيقَه أذكر لك سنده، وأي سند أردت أذكر لك متنه.

 

وكانت الكرامة المتجلِّية في حياة الإمام الصدفي أنَّه كان مع كثْرة مشاغلة ووفْرة أعماله يعتمد على خَطِّ يده هو في كتابة "العلم الكثير"، وفي كتابة الإجازات العلميَّة لطلبته التي كان منها ما زكَّى به نسخة البخاري لابن سعادة التي كانت خزانة القرويين تحتضنها، ونسخة جامع الترمذي لأبي الفضل مبارك التي كانت بخزانة الجامع الأعظم بمدينة تازة[28].

 

نسخة الصدفي:

وقد كان ممَّا حرَّرَه بخطِّه الجميل الجيِّد الضبط "صحيح الإمام البخاري" في سفرٍ واحد كان يتوفَّر عليها هو، وبها كان يسترشد سائر كبار تلامذته يعتبرون الاهتداء بها من ضروريَّات الاشتغال بالحديث.

 

وقد حسب الناس أنَّ نسخة الصدفي ضاعَتْ نهائيًّا فيما ضاع بسُقوط الأندلس، وغدا الكلام عنها غيرَ ذي موضوع، ومع ذلك فإنَّ أحدًا من المهتمِّين بالحديث الشريف لم يغفل اسم الصدفي والبحث عن تُراثه، وخاصَّة من المغاربة الذين يعتبرون روايته أنها الرواية الجديرة بالاعتبار.

 

وقد أكَّد الرئيس الشيخ المدني ابن الحسني في "مسك الختام لصحيح الإمام" في مخطوطته "مفتاح الصحيح"[29] وقوف الحافظ ابن حجر على نسخة الصدفي، ونقله من خطِّه بهوامشها، وأورد لفظَه في ذلك من المواضع التي ذكرها من "فتح الباري"[30].

 

وقد كان الشيخ المدني في صدر مَن ردَّد صَدَى اكتشاف بعض المغاربة للنسخة الأصليَّة التي بخطِّ الصدفي[31].

 

ويتعلَّق الأمر بإفادة العلامة أبي عبدالله محمد بن عبدالسلام الناصري الدرعي[32] بمناسبة رحلته الثانية عام 1211 (1797-1798م) إلى البِقاع المقدَّسة المسمَّاة "الرحلة الصغرى"، واجتماعه في ليبيا بالعلامة الشيخ أحمد بوطبل[33].

 

قال أثناء كلامٍ له عمَّن لقيه بطرابلس: "... وممَّن بقي بقيد الحياة ممَّن كنت اجتمعت به في الرحلة الأولى الشاب الأرضى الديِّن الخيِّر أبو العباس أحمد أبو الطبل، به عرف فقام وقعد في الإكرام وهشَّ وبشَّ، وكان على ساقٍ في قَضاء أوطارنا، وكلَّفناه بتَلقِين الوِرد الناصري بهذه البلاد؛ إذ انعدم بها الملقن بعد ابن مقبل وأولاده، بارَك الله فيه ونفعه ونفع به.

 

ثم قال بعدَما أنشده قطعة في "البابغا" ما نصُّه: ومن الكنوز التي وقفتُ عليها بيد أبي الطبل المذكور نسخة من صحيح الإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري في مجلدٍ بخط الحافظ أبي عليٍّ الصدفي شيخ القاضي عياض قال: "اشتراها بثمنٍ بخسٍ في عدَّة كتب بمدينة إسطنبول، وراودته على بيعها عازمًا على إعطائه مائة دينار ذهبًا فيها فامتنع، ويَأبَى الله إلا ما أراد، وما هي إلا مضيعة بهذه البلدة، وقد تداولَتْها الأيدي بالأندلس ومصر في سالف القرون، وعليها من سماعات العُلَماء عياض فمن دُونَه إلى الحافظ ابن حجر العجب، وكتب عليها الحافظ السخاوي ما نصُّه: هي الأصل الذي يعتمد عليه ويرجع عند الاختلاف إليه، ولقد اعتمد عليها شيخنا الحافظ أبو الفضل ابن حجر حالةَ شرحه للجامع الذي سمَّاه "فتح الباري"، وعليه أيضًا ما نصُّه لكاتبه ابن العطار في الشيخ الإمام الحافظ أبي علي حسين بن محمد بن عيسى الصدفي كاتب هذا البخاري، وهو شيخ القاضي عياض صاحب كتاب "الشفاء" رضي الله عنهم.

 

قَدْ دَامَ بِالصَّدَفِيِّ العِلْمُ مُنْتَشِرًا
وَجَلَّ قَدْرُ عِيَاضِ الطَّاهِرِ السَّلَفِي
وَلاَ عَجِيبَ إِذَا أَبْدَى لَنَا دُرَرًا
مَا الدُّرُّ مَظْهَرُهُ إِلاَّ مِنَ الصَّدَفِ

 

وقلت أيضًا في سيدنا ومولانا قاضي القضاة برهان الدين ابن جماعة الكناني الشافعي - أدام الله أيامَه وأعزَّ أحكامه - وقد حُمِلتْ له هذه النسخة لمجلسه بالصالحيَّة في العشر الأول من رجب الفرد سنة اثنتين وثمانمائة، فنظر فيها وقال: لو كُتِبتْ واضحةً بخطٍّ حسن وقُوبِلت على هذه لكانت أحسن، فإنَّ كاتبها رجلٌ جليل القدر - رضي الله عنه -:

رَأَى البُخَارِي بِخَطِّ الحَافِظِ الصَّدَفِي
قَاضِي القُضَاةِ إِمَامُ النِّيلِ وَالسَّلَفِ
جَمَالُ وَاسِطَةِ العِقْدِ الثَّمِينِ لَهُ
وَلاَ عَجِيبَ بِمَيْلِ الدُّرِّ للصَّدَفِ

 

قال مفيد الرحلة - سامحه الله -: وقد قلتُ في ذلك وإنْ لم أكن هنالك:

هَذَا سَمَاعُ الإِمَامِ الحَافِظِ الصَّدَفِي
بِخَطِّهِ وَعَلَيْهِ رَوْنَقُ الصَّدَفِ
تَدَاوَلَتْهُ يَدُ الحُفَّاظِ مِنْ خَلَفٍ
عَنْ سَالِفٍ فَرَمَاهُ الدَّهْرُ بِالتَّلَفِ

 

وموجب قول ابن جماعة ما ذكر أنَّ خطَّ الصدفي أندلوسي رقيق غير منقوط إلا أنَّه يُشكل المشكل على عادته وعادة بعض الكُتَّاب، نعم، عليها تصحيحات واختلاف الروايات ورموز وتخريجات لا ينتَفِع بها إلا الماهر في الفن المتدرِّب على الروايات، انتهى بلفظه ومن خطِّه المبارك[34].

 

وبعد تسجيل هذا الحديث عن مخطوطة الصدفي في (رحلته الصغرى) عاد ابن عبدالسلام الناصري في مخطوطته المعنونة بكتاب "المزايا فيما حدث من البدع بأمِّ الزوايا"[35].

 

وقد أفادَنا الشيخ الناصري في هذا النص أنَّ الغيرة حملَتْه على ألاَّ يسمح يترك هذا التراث الكبير ضائعًا في طرابلس، وأنْ يخبر بوجوده السلطان المولى سليمان عاهل المملكة المغربيَّة المعروف بهوايته لنوادر المخطوطات... قال: "... ولقد عثرت على أصْل شيخه (أي: شيخ ابن سعادة) الحافظ الصدفي الذي طافَ به البلاد، بخطِّه بطرابلس في جزءٍ واحدٍ مدموج لا نقط به أصلاً على عادة الصدفي وبعض الكُتَّاب، إلا أنَّ بالهامش فيه كثرة اختلاف الروايات والرمز عليها، وفي آخِره سَماع عياض وغيره من الشيخ بخطِّه، وفي أوَّله كتابة ابن جماعة الكناني والحافظ الدمياطي وابن العطار والسخاوي قائلاً: هذا الأصل هو الذي ظفر به شيخنا ابن حجر العسقلاني وبنى عليه شرحه "الفتح"؛ واعتمد عليه لأنَّه طِيفَ به في مشارق الأرض ومغاربها: الحرمين ومصر والشام والعراق والمغرب، فكان الأَوْلَى بالاعتماد كرواية تلميذه ابن سعادة، ولقد بذلت لِمَن اشتراه - في عدَّة كتب من أهل طرابلس المغرب من إسطنبول بثمنٍ تافهٍ - صرَّة ذهب - فأبى من بيعه وبقي ضائعًا في ذلك القُطر - ولا حول ولا قوة إلا بالله - ثم حملَتْني الغيرة والمحبَّة على أنْ أبلغت خبرَه لإمامنا المنصور أبي الربيع سيدنا سليمان بن محمد - أدام الله مُلكَه وأنجح أمره - فوجه إليه حسبما شافهَنِي به ألف مثقال أو ريال - الشك منِّي - فأجابه مَن هو بيده: أنَّه يقدم به لحضرته[36] وما منعه إلا فتنة الترك فيما بين تونس والجزائر[37]، ثم لَمَّا طال الأمر أعاد الكتب بذلك، وإلى الآن لم يظفره الله به، ولقد داعبته ذات مرَّة قائلاً على سماع الصدفي المذكور: وماذا لمبلِّغ هذه الخصلة؟ فوعدني - ووعْد الملوك تحقيقٌ - أنَّه إنْ ظفر به جرد منه فرعًا وإعطاني أحدهما على اختياري!

 

وكان من مدح ابن العطار له عليه بخطه ما نصه:

قَدْ دَامَ بِالصَّدَفِيِّ العِلْمُ مُنْتَشِرًا = .....................

البيتين.

 

قال ابن العطار: وقلت أيضًا في سيدنا ومولانا قاضي القضاة برهان الدين ابن جماعة الكناني الشافعي - أدام الله أيامه وأعزَّ أحكامه - وقد حُمِلتْ هذه النسخة لمجلسه بالصالحية في العشر الأول من رجب الفرد سنة اثنين وثمانمائة، فنظر إليها وقال: لو كتبت نسخة واضحة بخطٍّ حسن وقُوبِلت على هذه لكانت أحسن، وقال: فإنَّ كاتبها رجل جليل القدر:

رَأَى البُخَارِي بِخَطِّ الحَافِظِ الصَّدَفِي = .......................

 

البيتين، قال مقيُّده - عفا الله عنه -: وقلت أنا في ذلك وإن لم أكن من أولئك:

هَذَا سَمَاعُ الإِمَامِ الحَافِظِ الصَّدَفِي = .........................

البيتين.

 

وممَّن أفاض في وصْف هذه النسخة الفقيه المدرس أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن الشيخ أبي محمد عبدالقادر الفاسي في رحلته الحجازية بتاريخ 1211؛ فقد ورد فيها ما نصُّه[38] - ابتداءً من صفحة 316 إلى 324 - قال: وقفتُ بمحروسة طرابلس - صانَها الله تعالى - على نسخةٍ من البخاري في سفرٍ واحد) نحو من ست عشرة كراسة، وفي كلِّ ورقة خمسون[39] سطرًا من كلِّ جهة، وكلُّها مكتوبة بالمواد لا حمرة بها أصلاً، وهي مبتدأة بما نصه: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على محمد نبيِّه، كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

وعند تمام كلِّ حديث صورة (هـ)، ولا نقط بها إلا ما قلَّ جدًّا، وبآخِرها عند التمام ما صورته:

آخِر الجامع الصحيح الذي صنفه أبو عبدالله البخاري - رحمه الله - والحمد لله على ما مَنَّ به، وإياه أسألُ أنْ ينفع به، وكتبه حسين بن محمد الصدفي من نسخة بخط محمد بن علي بن محمود مقروءة على أبي ذر - رحمه الله - وعليها خطُّه، وكان الفراغ من نسخه يوم الجمعة الحادي والعشرين من المحرم عام ثمانية وخمسمائة، والحمد لله كثيرًا كما هو أهله، وصلواته على محمد نبيِّه ورسوله، صلَّى الله عليه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

وعلى ظهرها: كتاب الجامع الصحيح من حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسننه وأيامه، تصنيف أبي عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري - رضِي الله عنه - رواية أبي عبدالله محمد بن يوسف الفربري عنه - رحمه الله - لحسين بن محمد الصدفي.

 

أوقفني على هذه النسخة المباركة محبنا الفقيه الناسك ذو الأخلاق الحسنة سيدي الحاج أحمد بوطبل، وذكر لي - حفظه الله - أنَّه اشتراها من إسطنبول، وحيث اشتراها اجتمع علماؤها وقالوا له: أخليت إسطنبول!

 

ومكتوبٌ عل ظهر هذه النسخة المباركة ما نصُّه:

للإمام قاضي القضاء أبي عبدالله محمد بن عبدالحق بن سليمان... مصنف...

جَمِيعُ أَحَادِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَى ال
بُخَارِيَّ خَمْسٌ ثُمَّ سَبْعُونَ فِي العَدِّ
وَسَبْعَةُ آلاَفٍ تُضَافُ وَمَا مَضَى
إِلَى مِائَتَيْنِ عَدَّ ذَاكَ أُولُو الجِدِّ [40]

وبعد البيتين المذكورين إجازة الشيخ نجم الدين عبدالرحيم بن عبدالوهاب بن عبدالكريم بن الحسين بن رزين، وعليها إجازاتٌ أخرى لكثيرٍ من الشيوخ المعتبَرين، ونص بعضها:

قرأ جميع هذا الكتاب الجامع على الفقيه الأجل الحافظ الإمام أبي علي حسين بن محمد الصدفي - رضي الله عنه - محمد بن إسماعيل بن حسين الجمحي، وكان الفراغ منه في عَقِب ربيع الأول من سنة عشرٍ وخمسمائة، والحمد لله ربِّ العالمين وصلَّى الله على محمد وعلى آله وسلَّم.

 

وعليها أيضًا إجازة الصدفي المذكور للقاضي عياض في جملةٍ من الفُقَهاء بسَماعهم له في المسجد الجامع بمرسية، وعليها أيضًا ما صورته بخطٍّ جيِّد في غاية الإتقان:

الحمد لله قرأتُ بعضَ هذا الجامع الصحيح للإمام أبي عبدالله البخاري - رضي الله عنه - على الخطيب الصالح الإمام أبي جعفر أحمد بن ولي الله الخطيب الصالح الإمام العالم الزاهد أبي عبدالله محمد بن أبي جعفر أحمد بن يوسف الهاشمي الطنجالي، وحدَّثني به - أبقاه الله - عن جده الإمام أبي جعفر المذكور إجازةً عن الإمام أبي عبدالله محمد بن عبدالعزيز بن سعادة الشاطبي[41] وأبي الخطاب ابن واجب عن الإمام أبي عبدالله محمد بن يوسف بن سعادة الرابع عشر ممَّن تسمَّى في الطبقة الثانية، بخطِّ عامر ابن المستعين بالله عبدالرحمن بن أحمد بن هود، تحته بسَماع ابن سعادة على الإمام كاتب هذا الأصل أبي عليٍّ الصدفي بسنده فيه وأجاز - رضي الله عنه - لي ولبني الثلاثة أحمد وشقيقه محمد، ومحمد المكي يلي القاسم - وفقهم الله - جميع ما تجوز لي روايته بشرطه، وهذا السند من هذا الطريق أعلى ما يُوجَد اليوم على وجْه الأرض - ولله الحمد - وتناولته من يده - رضي الله عنه - وذلك بمدينة غرناطة المحروسة في الثامن لجمادى الأولى عام أربعةٍ وخمسين وسبعمائة، وكتب محمد بن أحمد بن محمد بن مرزوق التلمساني، وبعده: ما ذكر من القراءة والإجازة والمناولة صحيح كما ذكره وخطه، سطر وكتب أحمد بن محمد بن أحمد الهاشمي الطنحالي، وفي تاريخه.

 

وعلى ظهرها أيضًا: هذه النسخة جميعها بخطِّ الإمام أبي علي الحسين بن محمد الصدفي شيخ القاضي عياض وهي أصْل سماع القاضي عياض عليه كما تراه في الطبقة المبينة في الورقة المقابلة[42] لهذه، وهي الأصل الذي يُعتَمد عليه ويُرجَع عند الاختلاف إليه، ولقد اعتمد عليها شيخنا الحافظ أبو الفضل ابن حجر حالةَ شرحه للجامع الذي سماه "فتح الباري" والله الموفِّق.

 

وعلى ظهرها أيضًا بخطٍّ حسنٍ لكاتبة ابن العطار في الشيخ الإمام الحافظ أبي عليٍّ حسين بن محمد بن عيسى الصدفي كاتب هذا البخاري وهو شيخ القاضي عياض صاحب كتاب الشفا - رضي الله عنهم أجمعين.

قَدْ دَامَ بِالصَّدَفِيِّ العِلْمُ مُنْتَشِرًا = ........................

البيتين.

 

وقلت أيضًا في سيدنا ومولانا قاضي القُضاة برهان الدين ابن جماعة الكناني الشافعي - أدام الله أيَّامه وأعزَّ أحكامه - وقد حُمِلتْ إليه هذه النسخة لمجلس حكمه بالصالحية في العشر الأوائل من شهر رجب الفرد سنة اثنتين[43] فنظر فيها وقال: لو كتبت نسخة واضحة بخطٍّ حسن وقُوبِلت على هذه لكانت أحسن - ومال إليها - فإنَّ كاتبها رجل جليل القدر - رضي الله عنه -:

رَأَى البُخَارِي بِخَطِّ الحَافِظِ الصَّدَفِي = ...........................

البيتين.

 

وكان وُقوع هذين البيتين ارتجالاً بالمجلس بحضرة الشيخ سالم الإسكندري لا غير...[44] الدين محمد بن قاسم حاجبه، وعبده فرح رقيق ياقوت، رضي الله عنهم، وغفر لنا ولهم، ولوالدينا ووالديهم ولجميع المسلمين، وصلَّى الله علي سيِّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، إلى غير ذلك من الإجازات وخُطوط الأشياخ والكتابات يعلم ذلك مَن يقف على النسخة المذكورة كما وقفت عليها، ولله الحمدُ بدءًا وعودًا.

 

ومن جملة ما سطر بآخِرها بعد كتاباتٍ بخط الصدفي المذكور ما صورته:

الحمد لله، ترجمة الإمام الصدفي كاتب هذه النسخة: هو الحسين بن محمد بن فيرة بن حيُّون بن سُكَّرة الحافظ أبو عليٍّ الصدفي السرقسطي الأندلسي، ذكره ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وابن العديم في "تاريخ حلب"، وابن النجار في "تاريخ بغداد"، والقاضي عياض في مشيخته، والذهبي في "الحفاظ" و"تاريخ الإسلام"، وابن بشكوال في "الصلة"، وابن فرحون في "الطراز المذهب" وغيرهم، وإنه كان عالِمًا بالحديث وطرقه، عارفًا بعِلَلِه ورجاله، بصيرًا بالجرح والتعديل، مَلِيح الخط، جيِّد الضبط، كثير الكتابة، حافظًا لمصنَّفات الحديث، ذاكرًا لمتونها وأسانيدها، قائمًا على الصحيحين، وجامع ابن عيسى الترمذي[45]، مات شهيدًا في ربيع الأول من سنة أربعة عشر وخمسمائة.

 

وبآخِرها أيضًا بخط الصدفي المذكور التعريف بالبخاري وذكر بعض فضائله - رضي الله عنه[46].

 

•••

لقد عرفنا - من خِلال نُقول الرحَّالة - كيف انتقلتْ مخطوطة الحافظ الصدفي من إسطنبول إلى طرابلس، ويبقى علينا أنْ نعرف كيف تَمَّ انتقالها من الأندلسي إلى بلاد العثمانيين.

 

نعتقد أنَّ هناك مرحلةً أخرى قطعَتْها المخطوطة؛ فلقد وصَل الكتاب من الأندلس إلى المغرب وإلى مدينة فاس بالذات، وهناك قضى ردحًا من الزمان على ما يظهر قبل أنْ يتحوَّل إلى إسطنبول.

 

وهكذا فكما كان الشأن في عددٍ من المخطوطات التي حُمِلتْ إلى العاصمة؛ سواء بطريق الفداء أو طريق المجاملة - كان الشأن كذلك في كتاب الصدفي.

 

لقد ظلَّ هَمُّ الملوك المغاربة مُركَّزًا على إنقاذ ما يمكن إنقاذُه من ذلك التراث الذي وقَع بأيدي القشتاليين.

 

قرأنا عن ثلاثة عشر حملاً من أنفس الكتب بما فيها "كتب الحديث" التي أهداها (صانش) إلى العاهل المغربي يعقوب بن عبدالحق المريني بمناسبة هدنة 15 ربيع الأول عام 684[47].

 

وقرأنا عن سفارات السُّلطان المولى إسماعيل لملك إسبانيا؛ من أجل الحصول على أكبر عدد ممكن من مخطوطاتنا الأسيرة هناك[48].

 

ولهذا فلا يبعد أنْ تكون لكلِّ تلك المساعي علاقةٌ بوجود الكتاب بفاس بالذات.

 

على أنَّ هناك مَسلَكًا آخَر يمكن أنْ يكون الكتاب أخَذَه في الالتحاق بالمغرب، وهو الطريق العائلي؛ فنحن نعلَمُ أنَّه توجد بفاس منذُ القرن السادس الهجري أسرة تحمل اسم (ابن حيُّون الصدفي)، وقد اشتهرت من بينهم شخصيَّة كبيرة هو أبو مروان عبدالملك بن حيُّون (ت 599) الذي كان يَسكُن بدربٍ شرقي جامع القرويين، هذا الدرب كان يحمل اسم درب الغماري، لكنَّه لم يلبثْ أنْ أصبح منسوبًا لابن حيُّون كما عرفه منهم القاضي الحيوني (ت 687) قاضي فاس المشرف على القرويين[49].

 

وقد اشتهر ابن حيُّون بالأعمال الإحسانية الكبرى وبأياديه الكبرى على جامع القرويين[50].

 

ومن المعقول جدًّا أنْ تكون المخطوطة قد صارتْ إلى بنت الشيخ الحافظ خديجة[51]، ولا سيَّما وقد كانت على جانبٍ كبير من الاعتزاز بتراث والدها، وربما يكون الكتاب قد انتقل لفاس بواسطة أحد السادة من الذين لهم صلةٌ بالسيِّدة الصالحة: ابنها مثلاً[52].

 

ومن فاس انتقلَتْ إلى إسطنبول عن طريق وفادة علميَّة أو سفارة سياسيَّة، فقد كان هناك جِسرٌ يربط بين المغرب وبين الآستانة وبخاصَّة أيَّام السعديين.

 

ولهذا فمن المحتمل أنْ يُنقَل الكتاب للعثمانيين بطريقٍ ما من الطرق.

 

وأمامَنا عدَّة أمثلة لمثْل هذه التنقُّلات التي تَمَّتْ أواخر السعديِّين؛ فقد ورد المستشرق كوليوس (1032هـ) ضِمن بعثةٍ هولانديَّة أيَّامَ السلطان زيدان، فكانت له فُرصةٌ لاقتِناء عددٍ من المخطوطات الثمينة، كان منها كتاب ابن بكلاوش يوسف بن إسحاق في الطب، الذي ألَّفه تقريبًا (500هـ) للمستعين بالله ابن محمد بن هود، والذي ما تزال شذراتٌ منه بخزانة القرويين إلى الآن بعنوان "المستعيني"، وكان منها "تاريخ ابن صاحب الصلاة" المؤلَّف أواخر القرن السادس، الذي لا يوجد منه على ظهر الدنيا - فيما نعلم - إلا نسخةٌ واحدة في مكتبة إكسفورد[53].

 

فهل نستغرب بعدَ هذا انتقالَ المخطوطات من بعض الجهات إلى البعض الآخَر؟


•••

ومنذُ صدور تلك الإفادات عام 1211 انقطعت الأخبار عن مخطوطة الصدفي... وهكذا لم تكنْ هناك من نتيجةٍ تُذكَر للبذل الذي قدَّمَه السلطان المولى سليمان إلى الشيخ أبي العباس أحمد بوطبل.

 

ولا بُدَّ أنْ يكون الأستاذ الإمام محمد ابن السنوسي[54] (ت1276هـ) قد سمع بحديث المخطوطة عندما كان مُقِيمًا بمدينة فاس طالبًا للعلم فيما بين عام 1236-1245 ومتصلاً برجالات الدولة الذين كان على رأسهم الملك العالِم العامِل أبو الربيع سليمان[55].

 

ويظهر لي أنَّ اسم الشيخ بوطبل عُرِفَ من لدن ابن السنوسي في فاس قبل أنْ يتتلمذ عليه عند اختياره المقامَ في ليبيا.

 

وأنا على مِثل اليقين من أنَّ تعرُّف الإمام ابن السنوسي على شيخ طرابلس كان فرصةً ثمينة مكَّنت الإمام من حِيازة المخطوطة، ولا سيما وقد عُرِفَ عنه وُلوعُه الزائد بجمْع الكتب، وخاصَّة منها كتب الحديث، وانتساخها واقتنائها من الأماكن البعيدة حسبما يدلُّ على ذلك ما تبقَّى من خَزائنه العظيمة التي تحتضنها اليوم واحة الجغبوب[56].

 

بَيْدَ أنَّ الذي ضاعَف من ظنِّ المهتمِّين والباحِثين ما تعرَّضَتْ له الأراضي الليبيَّة من غزوٍ أجنبي مُتلاحِق ماحق أتى على مَعالِمها، وقضى على ملامحها، واضطرَّ معه بعض القادة السنوسيين إلى هِجرة البلاد في أعقاب نِضالٍ طويلٍ مريرٍ.

 

ولَمَّا احتلَّ الطليان مدينة طرابلس عام 1329هـ[57] (1911م) تقدَّم للجهاد على رأس المؤمنين الشيخ الماجد السيد أحمد الشريف ابن محمد الشريف ابن سيدي محمد السنوسي[58] وكانت مُنازَلات شديدة بين الفريقين لا لين فيها ولا هَوادة.

 

وقد كان كتاب الصدفي لا يُفارِق المجاهِدين في حلِّهم وترحالهم، يتبرَّكون به ويتيمَّنون، ويُرجِعونه إلى مكتبته بعد أداء واجبهم.

 

وفي يومٍ من تلك الأيَّام اشتدَّت حملات الطليان على البلاد، وتقدَّموا بخطواتهم إلى قلب المدينة؛ حيث أخرجوا جميع ما في المكتبة من المخطوطات، وجمعوا بعضها على بعض، وكان من ضِمنها كتاب ابن سُكَّرة، وبينما الجند في نشوةٍ من نصرهم يتهيَّؤون لإلهاب النار، إذا بالمؤمنين يكرُّون عليهم كرَّة أفسدَتْ عليهم خططهم، وقذفت بهم بعيدًا إلى الوراء، وكان أنْ أنقد الله طرابلس بسبب الغيرة على هذا التراث!

 

ولَمَّا وقعت ليبيا أخيرًا أمام تحالُف القُوَى الأوربيَّة الخارجيَّة أصبح من المؤكَّد أنَّ نسخة الحافظ الصدفي لقيت حتْفها، فإمَّا أنْ تكون قد ضاعتْ فيما ضاع من آثار، وإمَّا أنْ تكون انتقلَتْ إلى إحدى المكتبات الأوربيَّة في عداد التحف المنهوبة.

 

لكنْ إشارة وردَتْ على مدينة فاس بواسطة أحد طلبتها الذين تَمَّ لهم لقاء بالمشرق مع السيد أحمد الشريف السنوسي، تُبشِّر تلك الإشارة بأنَّ "الأصل المذكور بخط الصدفي موجود ضمن كتب السيد المشار إليه..."، وأكَّدتْ هذه الإشارة رسالة بخطِّ يده تذكر بالحرف "أن نسخة البخاري التي بخط الصدفي عندي في الكتب التي بجفبوب يحفظها الله"[59].

 

لا أذكر بأيِّ نيَّة ذيَّلت مقيداتي حول هذه النسخة المنشودة في يومٍ من أيَّام ثاني الأشهر الحرم (23 شعبان 1376هـ الموافق 25 مارس 1957م) لا أدري كيف ذيَّلتُها بهذه الكلمة "زر الجغبوب": هل كنت أنوي حقًّا زيارة الجغبوب؟ أم أنَّه كان تعبيرًا يوحي بأنَّ الموضوع انتهى.

 

وحينما أخذت - بعد عشر سنوات - أستعدُّ لاختيار ما يصحبني من أوراق ووثائق، وذلك عندما حظيت بشرف تمثيل بلادي بتلك الديار كان في صدر ما حملته تلك التقاليد...

 

وفي أثناء حديث خاص مع الملك الإدريسي ابن المهدي بمدينة طبرق صيف 1967، وحديث آخر معه في ربيع 1968 بمزرعته في ضواحي طرابلس - تكرَّر الحديث حول مخطوطة الحافظ الصدفي التي ظللت اعتبرها راجعة للخزانة الملكية المغربية.

 

وقد شعرت برغبة العاهل الملحَّة في أنْ يتمكَّن من استِجلاء الحقيقة حول الكتاب المذكور، وتفضل فوجَّه الدعوة إليَّ لزيارة الجغبوب للوقوف على الخزانة العلمية، وكنت منذ اتِّصالاتي الأولى برجالات العلم في البلاد لا أفتأ مُردِّدًا حديثَ هذا المخطوط.

 

وفي هذا الصدد قُمتُ بزِياراتٍ متكرِّرة إلى مكتبة الأوقاف ومكتبات أخرى كان فيها ما هو خاص بأصحابه، وقد جمعَتْني الصدفة يومًا بأحد المشايخ من أهل الفضل وطيب المعشر، وكان ذلك يوم 27 مارس 68 بطرابلس، فعلق لي على الاستفسار بأنْ أكَّد أنَّه يعرف وُجود الكتاب في الجغبوب فعلاً، وأنَّه كان قبل ذلك بخِزانة الأوقاف بطرابلس.

 

وكان هذا ممَّا شجَّع الرَّغبة إلى التفكير في القيام بزيارة (الواحة) ولا سيَّما بعد أنْ يئست من الحصول على المنشود بالعاصمة.

 

وقد وصلتها يوم الأحد 22 أبريل 1968[60]، وكانت فرصة نادرة بالنسبة لي أنْ أقف على هذه المجموعة المهمَّة من المخطوطات التي يتناول أكثرها علوم التفسير والحديث والنحو والفقه، كما كان فيها أيضًا جانبٌ يتعلَّق بالطلب والتوقيت والتاريخ[61].

 

وقد كان عليَّ أن أتصفَّح زُهاء الألف مخطوط بحثًا عن ابن سُكَّرة شيخ ابن سعادة!

 

هذه النسخة الفريدة من صحيح الإمام البخاري التي كان السلطان المقدس مولانا سليمان تاقَ الحصول عليها بالشراء من حاضرة طرابلس والتي أجمعت المصادر على أنها لا تُقدَّر بثمن.

 

كانت ساعات متواصلة في العمل، وكانت في البداية ملذة، إلا أنها في الأخير أخذت تثاقل عندما أوشَكتْ على النهاية، ولم أعثر على كتابٍ للصدفي.

 

وبعد كثيرٍ من السؤال وبعد كثيرٍ من البحث طلبت الوقوف على أوراقٍ توجد في درج كانت تتعلَّق بسير المكتبة، وهكذا زوَّدَنِي الشيخ بوصلٍ كان فيه كلُّ ما كنت أرجوه؛ لأنه وضع أصابعي على المفتاح.

 

لقد علمت منه أنَّ النسخة استُعِيرت منذ 18 سبتمبر من سنة 1956 بمناسبة الذكرى المائة لوفاة الإمام ابن السنوسي، دُعِي إلى مهرجان كبير حضره رجال العلم من معظم الجهات، وكان في المدعوِّين فضيلة الشيخ الفاضل ابن عاشور - جدَّد الله عليه الرحمات - وأظنُّه كان بصدد تأليف في الحديث الشريف، وحيث إنَّه يعرف المركز العظيم الذي تحتلُّه مخطوطة الصدفي فقد استعارها لتدقيق المقابلة.

 

وقد جاء في التوصيل الذي كتبة ووقَّعه ما يلي:

الحمد لله، وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبة وسلَّم.

بنغازي في 11 صفر 1376 موافق 18 شتنبر 1956.

 

توصَّل الموقِّع أسفله محمد الفاضل ابن عاشور من السيد ناظر مكتبة الأوقاف لبنغازي بنسخة صحيح البخاري المخطوطة عدد 2159 لحملها معه إلى تونس لتبقى لخزنة المكتبة العبدليَّة بجامع الزيتونة الأعظم؛ لتُصحَّح عليها نسخة الصحيح ثم تُوجَّه إلى مقرِّها الأصلي، مع الشكر الجزيل، والسلام.

التوقيع

 

وهكذا اختصرتُ الرحلة وعُدتُ فور الحصول على المرغوب للراحة في طبرق؛ حيث أخذت طريقي في الصباح الموالي إلى البيضاء لأطير منها إلى طرابلس عبر بنغازي.

 

وقدوةً بالشيخ ابن عبدالسلام الناصري الذي كان أنشد البيتين الماضيين عندما عثر على النسخة لأوَّل مرَّة، نظمت كذلك على الوزن والقافية:

هَذَا الكِتَابُ الَّذِي تَاقَ المُلُوكُ لَهُ
مِنْ خَطِّ فَخْرِ الرُّوَاةِ الحَافِظِ الصَّدَفِي
رَعَتْهُ زَاوِيَةُ الجغْبُوبِ فِي كَنَفٍ
فَصَانَهَا اللهُ فِي عِزٍّ وَفِي شَرَفِ

 

لقد أفاد توصيل الشيخ ابن عاشور[62] أنَّ المخطوطة كانت في مكتبة بنغازي، وهو ما ذكره محافظ مكتبة الجغبوب مؤكدًا أنَّ كلَّ ما كان هناك تحوَّل إلى الواحة بما في ذلك الخروم والأوراق التي وجدت من بيتها التوصيل المذكور، وهكذا يكون الكتاب ظلَّ متنقِّلاً بين طرابلس وبنغازي والجغبوب حسب أمن المنطقة؛ وذلك زيادة في الحِفاظ عليه.

 

لقد كنت أتصوَّر جيدًا الفرحة التي تملَّكت الملك الإدريس وهو يتلقَّى بُشرَى العُثور على مخطوطةٍ كانت مَطمَح الأمراء والعلماء.

 

ولكنِّي لم أكنْ أتصوَّر أنَّه سيصدر أمره إلى شخصيَّةٍ كُبرَى في الدولة لتأخذ طريقها - أظنُّ في طائرة خاصة - إلى تونس من أجل التأكُّد من وجود المخطوط!

 

لقد طلب منِّي أنْ أقدِّم إليه وصفًا مدققًا للكتاب من خِلال ما كتَبَه الرحَّالون المغاربة، فكان لي شرف إرضاء الطلب الذي ختمتُه بتاريخ 17 ربيع الأول 1388 (13 يونيه 1968) بهذه العبارات:

"... وإذا كان لي من نصيبٍ يُذكَر عند الله في إحياء هذا الكتاب، فإنَّ الفضل الأكبر والمأثرة الجلَّى كانت للذي أظهر من جليل الاهتمام بهذا التراث ما عُرِفَ به المسلمون الأوائل".

 

ومن طريق المصادفات أنَّ مقدم المبعوث الخاص صادَف وجود السيدة أم كلثوم في زيارةٍ فنية لتونس، فتحدَّث بعض الناس بأنَّ الهدف من وصول المبعوث الليبي هو توجيه الدعوة لكوكب الشرق من أجل إحياء ليالي في طرابلس وبنغازي!

 

نعم؛ لم يعد السفير إلا وقد فتح الله عليه، فرجع ومعه ذلك التراث الذي كتب له أنْ يتنقل مرَّة رابعة وخامسة من برقة إلى تونس ومن هذه إلى طرابلس.

 

وفي جلسة خاصَّة مع العاهل في بيته المتواضع بالبيضاء افترَّ ثغرُه وتهلَّلت أساريرُه للمكسب العظيم الذي قال: أنَّه يَفُوق بالنسبة إليه أخبار اكتشاف حقول النفط! مضيفًا إلى هذا أنَّه يعتبر المغرب جديرًا بهذا المخطوط، وأنَّه هو وحدَه الذي يستحقُّ شرف امتلاكه، ليس فقط لأنَّ السلطان المولى سليمان كان اشتراه من مالكه، ولكن أيضًا لأنَّ سفير جلالة الملك الحسن الثاني وُفِّقَ في تقفِّي آثار هذا الكنز الثمين.

 

وتعبيرًا من العاهل الفاضل عمَّا غمره من مَسرَّةٍ تكرَّمَ فآثَرنِي بإجازةٍ على طريقة المشايخ القُدامَى، وكانت تحمل توقيع (محمد إدريس المهدي السنوسي) وتاريخ ثلاثين جمادى الأولى 1388 (25 غشت 1968)، وعندما قدمتُ لمقامه تقييمًا للمجهود الذي قام به بعض المستشرقين عندما نشر جزءًا من نسخة ابن سعادة الذي هو تلميذ الصدفي، لم يتردد في أنْ يُعرِب عن مَشاعِره في أنْ أقوم بمثْل العمل بالنسبة لنسخة الصدفي حتى ينسنَّى توزيع نسخ من المخطوط بعد نشره على كافَّة الملوك والرؤساء المسلمين في سائر جهات الدنيا، على نحو المأثرة التي قام بها الملك الحسن الثاني عاهل المملكة المغربيَّة عندما قدَّم للمسلمين مصحفه الفريد المجيد، وقد وعدت بإنجاز المقدمة التي أُحلِّي بها صدر المخطوط.

 

وبالرغم من أنَّ الواجب نادَى إلى أرض الرافدين من جديد، فقد ظللت وفيًّا بالوعد الذي قطَعتُه على نفسي واستمررت على مُراسَلة العاهل فيما يخصُّ هذا الكتاب الجليل، وقد علمت أنَّه - أي: المخطوط - أُخِذَ إلى محلِّ إقامة الملك بطبرق، ولَمَّا عزمت على الالتحاق ببغداد كان في النيَّة أنْ أعرِّج على تلك الديار من أجل أخْذ اللوحات اللازمة، لكنَّ الإدريسي كان قد تحوَّل إلى غرب البلاد في تفقُّدات داخليَّة.

 

وأغلب الظن أنَّ المخطوط ما يزال بطبرق، وأنه لم يصحب الملك في رحلته الأخيرة التي انتهت بمقامه في الإسكندرية.

 

وبعدُ، فقد رأيتُ اليوم من الأمانة للتاريخ وشفاء للنفس أنْ أتعجَّل بتحرير هذا التعريف، ولو أني كنت آمُل أنْ أتمكَّن - على الأقل - من نشر عدَّة لوحات للمخطوطة توضيحًا لها وتبيينًا، وذلك في انتظار الالتفات إلى ذلك التراث الذي كان كعبة كبار العلماء وأعيان الحفَّاظ في الأندلس وبلاد إفريقيا والمغرب.

 

ذلك التراث الذي لاذَ بالمغرب بعد سُقوط الأندلس وسار في رحلة إلى إسطنبول على أن نحتضنه وفوق طرابلس، ويوجه سلطان المغرب لمالكه ألف مثقال، فتَحُول ظروف عصيبة دون وصول المخطوط إلى حاضرة فاس.


[1] Publication tome xix- imprimerie " francaise et orientale "- chaion - sur - saone - le 31 juillel 1920 - librairie orlentaliste paul geuthner 13 rue javob v.p 1928.

[2] لصحيح الإمام البخاري منزلةٌ كبرى لدَى المغاربة، وعندما أسَّس السلطان المولى إسماعيل جد الأسرة العلويَّة الجيش المغربي أعْطاه اسم (عبيد البخاري)، وقد أتَى الاسمُ من أنَّ العاهل المغربي عندما تَمَّ له تنظيمُ الجيش المذكور مِن نحو مائة وخمسين ألفًا، جمعهم وأحْضر مخطوطةً من صحيح الإمام البخاري، وخطَب في ضبَّاط الجيش: "أنتم وأنا عبيدٌ لسُنَّة رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المجموعة في هذا الكتاب؛ فكلُّ ما أمر به نفعله، وكل ما نهى عنه نتركه، وعليه نقاتل"، وطلب إليهم أداءَ اليمين على البخاريِّ فعاهدوه، ثم إنَّه أمر بالاحتفاظ بتلك المخطوطة وبحملها عندَ الحروب أمامَ الجيش؛ تيمُّنًا بها وتبرُّكًا؛ فلهذا يحمل الجيش المحيط بالعاهل المغربي إلى الآن اسم "البواخر"، أو عبيد البخاري، ومِن هنا أيضًا أُوثِرت قراءة صحيح البخاري بالقصور الملكيَّة في الأشهر الحُرُم، ومِن هنا كذلك فإنَّه لا تخلو خِزانةٌ في مسجدٍ مِن المساجد دون أنْ تجِد فيها مجلَّدات صحيح الإمام البخاري، ولا بُدَّ في بعض البيوت مِن وُجود مخطوطاتٍ مِن البخاري إلى جانبِ المصحف الكريم يَتبارَى في كتابتها الورَّاقون، وفي تحليتِها الصائغون، وقد فتَحتُ عيني في البيت على نُسخةٍ تبتدئ هكذا: "أخبرنا الحافظ أبو علي حسين بن محمَّد بن فيارة الصدفي - رضي الله عنه - قِراءةً منِّي عليه بدانية - حرسها الله... إلخ".

وهي مِن نَسْخ السيِّد عبدالخالق بن عبدالقادر برادة، فرَغ مِن نسخها يوم الأحد 8 ربيع الثاني عام 1310، "المنزع اللطيف" (مخطوط) بالخزانة العامَّة، ص 392، الناصري: "الاستقصا" 7/41، التازي "أمير مغربي في ليبيا" (تحت الطبع) التازي: "تاريخ القرويِّين" (مسجد العبادسة).

[3] هو الحافظ أبو عبدالله محمد بن عبدالله الملقَّب بتقيِّ الدِّين، من سلالة جعفر الصادق، اليونيني، حنبلي المذهب، وُلِد في يونين واشتهر، وتُوُفِّي في بعلبك، وكان مُقرَّبًا من مُلوك عصره كالأشرفِ والكامل، وله معهما ومع غيرهما أخبار، وهو أبو قطب الدِّين موسى المؤرِّخ؛ "البداية والنهاية" (13/ 227)، "ذيل طبقات الحنابلة" (2/269-273)، "شذرات الذهب" (5/294).

[4] سمعنا كثيرًا عن اختيار هؤلاء مثلاً للمذهب المالكي وعقيدة الأشعري، بينما كان الأمر يختلف عن ذلك في الدِّيار الشرقيَّة، وسمعنا اختيار المغاربة لتلاوة القرآن برواية ورش (ت190)، وسمعنا عن أنَّ المغاربة اتَّخذوا لهم لون البياض رمزًا للتعبير عن الحِداد مثلاً، بينما ظلَّ المشارفة يتحلَّون بالسواد في مثل هذه المناسبات.

هناك في التأليف طريقٌ لهؤلاء غيرها عند الآخَرين، وفي استعمال الأرقام دأبنا هناك على أرقامٍ غير التي استمرَّ عليها الآخَرون، وحتى (الأبجدية) كانَّ للمغاربة فيها ترتيبٌ غير الذي كان للمشارقة...

[5] ورد في رسالةٍ كتبها أبو عليٍّ الصدفي لأبي محمد الركلي مقدمة من الشرق: "وإنْ تفضلت بمجاوبتي فإلى دانية يدفع إلى بني سعادة وهم من أهل بلنسية - جبرها الله - تصاهرت الآن معهم لمعنًى لا يمكنني ذكره، وربما علمته من مُوصل كتابي؛ وذلك أنِّي قدمت دانية إثر ما جرى عليَّ في البحر في الغرق، فبالَغ القوم في إكرامي؛ لمعرفةٍ كانت تقدَّمت بيني وبين أحدهم بالإسكندريَّة، فقدر الله الأمر"، "التنويه والإشادة بمقام رواية ابن سعادة"؛ للكتاني.

[6] "الفتح" 2/255.

[7] اشتهرت "النسخة الشيخة" على أنها البديل الوحيد لنسخة ابن سعادة؛ ولهذا نرى الملوك يعتمدون عليها عند تعويض ما ضاعَ من ابن سعادة، وقد أصدر السلطان سيدي محمد بن عبدالرحمن ظهيرًا بتاريخ 20 جُمادَى الأولى عام 1288 جاء فيه: لَمَّا كان الأصل من الجامع الصحيح للإمام البخاري المنتسخ بخطِّ الحافظ ابن سعادة محبسًا بخزانة القرويين وضاع منه الخمس الأول وبحثنا عنه أشدَّ البحث فلم يوجد، أمرنا بانتساخ آخَر بدله من النسخة المعروفة بالشيخة المنتسخة عن الأصل المذكور، وهذا هو المكتوب عليه: وألحقناه بباقي أجزاء الأصل المذكور في التحبيس، وجوَّزناه ليد قيِّم الخزانة المذكورة، "مرآة المحاسن" ص 49.

[8] "تذكرة الحفاظ"؛ للذهبي 4/50، كتاب "الصلة"؛ لابن بشكوال رقم 327، "بغية الملتمس"؛ للضبي، "الديباج"؛ لابن فرحون ص 108، "نفح الطيب"؛ للمقري، 1/365، "أزهار الرياض" 3/151-152-153-154، "مرآة المحاسن"؛ للفاسي ص49-50.

[9] "الفهارس" 2/110.

[10] عُنِي كثير من العلماء المغاربة بالبحث عن "معجم عياض" هذا، وقد ذكر الأستاذ العابد الفاسي محافظ الخزانة الكبرى للقرويين في تحقيقه "الغنية"؛ لعياض، قال: إنَّ المعجم لا يوجد على ظهر الأرض.

[11] طبع في مدينة مجريط بمطبعة روخس سنة 1885م، وقد حلاَّه البروفيسور فرانسيسكو كوديرا بمقدِّمة مفيدة، وقد أعاد طبعه بالأوفيست الأستاذ قاسم الرجب صاحب مكتبة المثنى ببغداد.

[12] اعتمدنا ثلاث نسخ مخطوطة للغنية، فيها اثنتان محفوظتان بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم 1732/د، وتحت رقم 1807/د، أمَّا الثالثة فهي ملك خاص للأستاذ عبدالكريم ابن الشيخ المدني الحسني من علماء مدينة الرباط.

[13] بكسر الفاء وتسكين الباء ben fierro وهاء ساكنة، ويرى ابن فرحون في "الديباج" أنَّ هذه الكلمة عجميَّة، وأنها تعني: الجديد، وضبطها بكسر الفاء وكسر الياء مشدَّدة ثم الراء كذلك مشدَّدة، وربما كتبوها فيارة.

[14] حيُّون مصغر يحيى على نحو ما يقال في سعدون وبدرون.

[15] بضم السين وتشديد الكاف مؤنث سكَّر.

[16] في ابن شنب عند دراسته حول الشخصيَّات التي تضمَّنتْها إجازة الشيخ عبدالقادر الفاسي أنَّ المولد كان سنة 452 (6 فبراير 1060-26 يناير 1061).

[17] في "أزهار الرياض" 3/153: أبو محمد عبدالله بن محمد بن إسماعيل.

[18] ابن شنب رقم 91.

[19] المقري: "أزهار الرياض" 151.

[20] ابن شنب: ibn cheneb : etude sur les personages mentionnes dans lldjaza du cheikh

[21] ابن شنب idn chened : abdelkader el fassy. 1907

[22] يذكر ابن شنب أنَّ ذلك تَمَّ 470، ويتأكَّد أنَّه خطأ، راجع: "أزهار أرياض" عن رحلته للشرق 3/152.

[23] كان من تلامذة الصدفي في المشرق الشيخ صابر وأخوه أبو المعالي محمد بن يحيى القرشي وأبو محمد ابن عيسى وأبو علي ابن سهل.

[24] ورد في ترجمة عياض أنَّه - أي: عياض - رحل من قرطبة إلى مرسية، فقدمها في غرة صفر سنة 508، وأبو عليٍّ الصدفي قد استخفى قبل ذلك بأيَّام ووجد الرحَّالين إليه قد نفدت نفقات بعضهم وفيهم مَن ابتدأ كتابًا لم يتمَّه، فأخذ أكثرهم في الرُّجوع إلى مواطنهم وتربَّص بعضهم، فمكث هو بقيَّة صفر وشهر ربيع الأول لا يقع له على خبرٍ سوى الظن بكونه هنالك، ابن الأبار: "المعجم" ص 204، رقم 279 - 294.

[25] كان للحافظ الصدفي مركزٌ مرموقٌ جدًّا لدى دولة المرابطين، وقد كان أستاذًا لأبي إسحاق إبراهيم بن يوسف بن تاشفين المعروف بابن تاعياشت باسم أمِّه التي شيَّدت بفاس مسجدًا كان معروفًا باسمها، وقد كان واليًا على مرسية من قِبَلِ أخيه أبي الحسن علي بن يوسف أمير المغرب، ويروي ابن الأبار عن أبي بكر بن أبي ليلى - وكان كاتبًا للصدفي - قال: كنت يومًا عند القاضي أبي عليٍّ الصدفي إذ جاء وزير ابن تاشفين فقال: إنَّ الأمير أبا إسحاق يريد أنْ يسمع عليك الحديث - يُعرِّض له بالمشي إليه - فقال له: لهذا جلستُ، فكرَّر عليه فأجابه بمثله، لكنَّه لم يلبث بعد الإلحاح أنْ أسعف الطلب وانتقل إلى إمارة إشبيلية... وهنا تشفَّع للأمير في ردِّ أملاك أبي محمد ابن العربي المُعتَقة على ابنه القاضي أبي بكرٍ، فتَمَّ ذلك كما استقرَّ أبو عليٍّ هنالك، ابن الآبار "المعجم" رقم 40.

[26] يقول عياض: ما وقفتُ على خبر الأمير أبي إسحاق بعد نكبته عام 515، إلا ما ذكره ابن صاحب الصلاة في تاريخه أنَّه قُتِل وفلَّ عسكره، وقد ذكر أنَّ عدد القتلى من المتطوِّعة في المعركة عشرون ألفًا، المقري: "الأزهار" 3/154.

[27] كان الشيخ الإمام مع كلِّ هذا شخصيَّة مرح ونكتة ودعابة، وقد رُوِيَ عنه في هذا الباب أنَّ فتى من طلبته اسمه يوسف كان يلازم مجلسه، نظيف الملبس، معطر الرائحة، غاب لمرضٍ ألَمَّ به، ولَمَّا عاد إلى المجلس وقبل إفضائه إليه سبق أريج ريحه فقال الشيخ: "أني لأجدُ ريح يوسف لولا أنْ تُفنِّدون..."؛ "أزهار الرياض" 3/153.

[28] "الفهارس" 2/110-111-112-113.

[29] كان كتاب الشيخ هذا أوَّل اختتامٍ له على صحيح الإمام البخاري، أملاه بمدينة الرباط عام 1341، والكتاب محفوظ في مكتبة ولد المؤلف الخاصة، ص 12.

[30] ورد في رحلتي الناصري والفاسي أنهما وقفا معًا بخط السخاوي على قوله: ولقد اعتمد على هذه النسخة شيخنا الحافظ ابن حجر حالةَ شرحِه للجامع الذي سماه "فتح الباري"... على ما سيأتي.

[31] "الفهارس" 19 شوال 1346، الجزء الثاني ص 110، الكتاني: "التنويه والإشادة بمقام رواية ابن سعادة".

[32] قال الكوهن في فهرسته لدى ترجمة شيخه الطيب بن كبران: وأجازه - حسبما أخبرني به بعض الثقات - خاتمة الحفَّاظ بالديار المغربيَّة الإمام المحدث أبو عبدالله سيدي محمد بن عبدالسلام الناصري الدرعي المتوفَّى شهر صفر عام 1339، وقال في "طلعة المشتري": كان علامة أديبًا فقيهًا محدثًا حافظًا فاضلاً، لم يَأتِ بعدَ الشيخين في آل ناصر مَن هو أعلم منه، قرأ بفاس على شيوخها؛ كالشيخ جسوس، والشيخ التاودي، والشيخ بتاني، والحافظ العراقي، وأبي العباس الشرايبي، والفقيه السجلماسي عباس بن إبراهيم التعارجي، "تاريخ مراكش" 5/189، عبدالهادي النازي: "ليبيا لدى الرحالة المغاربة" "مجلة المجمع العلمي العراقي" 1970 ص 10.

[33] هو أبو العباس أحمد بن أبي زيد عبدالرحمن بن أبي طبل الطرابلسي من شيوخ سيدي محمد بن علي السنوسي على ما ورد في إجازة الطريقة السنوسيَّة، ونعته صاحب "الفهارس" بالإمام المسند المعمر المعروف بالطبولي الضرير، يروي عن محمد بن محمد الصادق ابن ريون، وعمر بن علي الحساني الطرابلسي، والصعيدي والحفني والدردير ومرتضى الزبيدي والدسوقي ومحمد الكانمي وغيرهم، وممَّن أخذ عنه الفقيه السيد حسين المدعو حسونة ابن محمد بن الحاج حسونة الدغيسي الأزروملي الطرابلسي الحفني الوارد على فاس سنة 1246 والمتوفى بإسطنبول عام 1258.

وقد توفي سنة 1254 تقريبًا، والطبول قبيلة من قبائل أورقلة أولاد محمد أبي طبل المتوفى سنة 987، والمدفون بورقلة بوادي ابن وليد، وكان من أصحاب الشيخ عبدالسلام الأسمر، "الفهارس"؛ للكتاني، 1/353، الطاهر الزاوي "أعلام ليبيا" ص 29-308، "إجازة الطريقة السنوسية" ص 29.

[34] عباس بن إبراهيم، "تاريخ مراكش" 5/189.

[35] اعتمدت على النسخة التي توجد في ملك الأستاذ محمد إبراهيم الكتاني قسم المخطوطات بالمكتبة العامة بالرباط، وقد أورد هذا الكلام عند ذكر البدعة الثالثة عشرة ص 28-29.

[36] يظهر من هذا النص أن السلطان المولى سليمان تملَّك النسخة المشار إليها من صاحبها بعد دفْع الثمن، وأنه لم يبقَ إلا التحويز الذي منعت منه الاشتباكات الجزائرية التونسية.

[37] كان الباشا علي باي يتجرَّع من ولاة الجزائر ما يستفزه، ولما توفي علي بأي وتولى ابنه الباي حمودة باشا أرادوا أيضًا استفزازه فلم يحتمل الضيم، فعزم على حربهم بعد سنة 1216، وفي هذه المدَّة احتبس الغيث فوجه بأبي إسحاق إبراهيم الرياحي سفيرًا إلى السلطان مولاي سليمان سنة 1218.

وبعد التِجاء الحاج مصطفي إنقليز إلى تونس اشتدَّت الأزمة وسافرت المحلة لقسنطينة يوم السبت 15 من ذي القعدة سنة 1221 (24 يناير 1807)، ابن أبي الضياف: الجزء الثالث ص 37.

[38] اعتمدت على نسخة للمؤلف في ملك الأستاذ السيد محمد العابد الفاسي محافظ الخزانة الكبرى التاذي، "ليبيا لدى الرحالة المغاربة"، "مجلة المجمع العلمي العراقي" 1970.

[39] لا ننسى أنَّ نسخة ابن سعادة تحتوي كل ورقة فيها على اثنين وعشرين سطرًا فقط.

[40] في الصفوة لدى ترجمة أبي مهدي الثعالبي - رضِي الله عنه - حول عدد أحاديث البخاري ما نصه:

وَعِدَّةَ احَادِيثِ البُخَارِيِّ خَالِصًا
مِنَ العَوْدِ وَالتَّكْرَارِ أَلْفَانِ مَعْ خُلْفِ
وَزِدْ عَشْرَةً مِنْ بَعْدِهَا وَثَلاَثَةً
أَضِفْهَا إِلَيْهَا تَنْجُ مِنْ شُبَهِ الخلْفِ

[41] وجد على هامش المخطوطة طرة هكذا: هذا هو التحقيق في هذا السند، لا كما زعم بعضهم من سقوط ابن سعادة الأول، قاله ابن مرزوق، ثم ما وجد.

[42] في الهامش طرة هكذا: إشارة إلى إجازته المشار إليها قبلُ.

[43] في الهامش: طرة (لم يدر) وقد علمت أنها سنة ثمانمائة من نقل الناصري.

[44] في الطرة: أكلته الأرضة.

[45] هناك طرة: كان - رحمه الله - له مصنَّفات جليلة، وأُكرِهَ على القضاء، فوليه ثم اختَفى حتى أُعفِي واستُشهِد.

[46] يذكر الفاسي أيضًا: وأوقفني سيدي الحاج أحمد المذكور أيضًا على اختصار "الفتوحات المكية"؛ للشيخ ابن عربي الحاتمي، في أجزاء أحدهما بخطه - [........] - وأوقفني أيضًا - حفظه الله وجزاه عنى خيرًا - على خطِّ الفخر الرازي، [........] ووددت أن لو لقيتُه عند قُدومنا على محروسة طرابلس لأشفي بعض الغليل بالكتب التي عنده؛ فإنَّ له وُلوعًا بالكتب، ولم يقضِ الله بملاقاته إلا عند عزمنا على السفر من طرابلس، والله يفعل ما يشاء.

[ تعليق الألوكة: تم حذف ما بين معكوفتين من الهامش بما لا يخل بالفائدة، لوجود مخالفة شرعية]. الألوكة

[47] ابن خلدون: 7/21، "الاستقصا" 3/62-63.

[48] ابن زيدان: "الإتحاف" 2/64-65.

[49] يُؤثَر عنه أنَّه عطَّل أسراج النَّوايا الكُبرَى تقشُّفًا، وقال: إنَّنا لا نعبُد النار وإنما نعبُد الله، "القرطاس"، طبعة فاس، ص 42.

[50] أسرة ابن حيُّون الموجودة إلى الآن تحمل كذلك لقب الصدفي حسبما أوقفني عليه الأخ الأستاذ قاسم ابن حيُّون في الرسوم القديمة، وقد أكَّد كتاب "بيوتات فاس في القديم" أنَّ درب ابن حيُّون يُنسَب لابن حيُّون الذي حبس الرباع على جامع القرويين وغيرها، وهو أندلسي من أسرة العلامة الحافظ حسين بن فيرة الصدفي شيخ القاضي عياض... وقد دفن يسارَ المارِّ من زقاق الماء بباب عجيسة... التازي: "تاريخ جامع القرويين الكبير".

[51] ترجمها ابن الأبار في "تكملة الصلة" ص 747 هكذا: خديجة بنت أبي عليٍّ الصدفي، نشَأتْ صالحة زاهدة حافظة للقُرآن، وتذكر كثيرًا من الحديث، تكتب وتُطالِع، تزوجها صاحب الصلاة بمرسية عبدالله بن موسى بن برطلة، فولدت له أبا بكر عبدالرحمن وغيره، وتوفيت بعد التسعين وخمسمائة، وقد نيَّفتْ على الثمانين... وكلمة صاحب الصلاة تعني: وزير الأوقاف، وقد احتفظت اللغة الإسبانية بالكلمة (zabazala) ابن الأبار: "معجم أصحاب الصدفي" ص 226.

ابن صاحب الصلاة: "تاريخ المن بالإمامة"، نشر: عبدالهادي التازي، بيروت 1964 ص 16.

[52] ترجم ابن الأبار لابن برطلة زوج خديجة مذكرًا أنَّه من تلامذة الصدفي، وأنَّه رحل عام 510 لأداء فريضة الحج، سمع بالإسكندرية من أبي عبدالله الرازي وأبي الحسن بن مشرف وأبي بكر الطرطوشي وأبي طاهر السِّلفي، كان من أهل النباهة والنزاهة، أنجب من بنت الشيخ ابنه أبا بكر عبدالرحمن... "المعجم" ص 226 رقم 206.

[53] التازي: "تاريخ القرويين (الكبير)"، "دراسة حول تاريخ المدن"، "مجلة المجمع العلمي العراقي" 1964 ص 248-249.

[54] أبو عبدالله محمد بن علي المعروف في مسقط رأسه بابن السنوسي قائد الطريقة السنوسية، وُلِد بمستغانم (الجزائر) ولم يلبث أنِ التحق بفاس من عام 1236 إلى 1245 حيث أخَذ يدرس بجامعة القرويين على عُلَمائها الأعلام، وقد تصوَّف على يد القطب الشيخ عبدالوهاب التازي، وأخَذ عن الشيخ ابن إدريس كما أخذ بمدينة سلا عن الشيخ أحمد السدراتي، ومولاي العربي الدرقاوي، وأجازه من علمائها الشيخ حمدون بن الحاج والشيخ عبدالرحمن العراقي، ثم رحل إلى المشرق ولكنَّه ظلَّ على صلةٍ برجال القرويين من فاس يجيزهم ويستجيزهم، وأقام أخيرًا في الجبل الأخضر برقة (ليبيا) حيث كان له الفضل الأكبر في تصفية النُّفوس وتوحيد الصفوف لمقارعة الأجنبي، له عدَّة مؤلفات، أدركه أجلُه بواحة الجغبوب على مقربة من طبرق، وله فيها مشهد جُلِبت أبوابه من كابل بأفغانستان دفن معه فيه ابنه محمد الشريف، أما ولده الثاني المهدي والد الإدريس فقد دفن في الكفرة، شكيب أرسلان: "حاضر العالم الإسلامي" 1/277، "دائرة المعارف الإسلامية" ج 12، "فهرس الفهارس" 2/374-375، ص 292، عبدالهادي النازي: "أمير مغربي في ليبيا".

[55] إحسان عباس: "الحركة السنوسية" ص 50.

[56] من ذلك أنه لما سمع بأنَّ قاضي فاس أبا محمد عبدالهادي بن عبدالله العلوي شرح تيسير ابن الديبع: "تيسير الوصول إلى جامع الأصول" في مجلدين لابن الديبع حافظ اليمن ومؤرخه كتب له عليه حتى نسخ له... وقد كان مكتوب ابن السنوسي ما يزال بيد ابنه مولاي إدريس عندما ألف صاحب "فهرس الفهارس" كتابه، المجلد الثالث ص 309.

[57] الزاوي "أعلام ليبيا" ص 35.

[58] أحمد الشريف هذا ولد بالجغبوب ليلة الأربعاء 27 شوال سنة 1290هـ (1837م)، مجاهد مناضل لا تُقرَع له قناة، وقد هاجر إلى المدينة المنورة فتوفي بالمدينة المنورة بتاريخ 14 ذي القعدة عام 1351هـ (11 مارس 1933) وصُلِّي عليه صلاة الغائب بفاس من طرف الوطنيين المغاربة يوم الجمعة ثاني محرم 1352 موافق 28 أبريل، وقد حضرت هذه الصلاة غلامًا مع والدي.

[59] "فهرس الفهارس" 2/110-111.

[60] جريدة "الرائد" الطرابلسية بتاريخ 26 أبريل 1968، جريدة "طرابلس الغرب" 12-8-1968.

[61] كانت جولة ممتعة في هذه الدواليب الثمانية، وفي الصناديق الأخرى، وإنَّ أوَّل ما يثير الانتباه حقًّا أنَّ خمسة وسبعين في المائة منها بخطٍّ مغربي، وأنَّ جُلَّ تلك المخطوطات - إن لم أقلْ كلها - لا بُدَّ أنْ نجد فيه تحشية أو توقيفًا بخط الإمام السنوسي - رحمه الله - ومعظمها وضع عليه ختمه، "فيض الفتح القدوسي السيد محمد بن السيد علي ابن السنوسي"، وفيها ما كان بالزاوية الصحابية بمدينة درنة: وقفت هنا على مخطوطةٍ لأبي عبدالله محمد بن محمد بن عبدالله المغربي بعنوان "كتاب البذور" في تراجم الكتب، وكتاب "مجمع البحرين"؛ تأليف الشيخ القتني، والثالث من كتاب "عارضة الأحوذي"؛ لابن العربي، و"رحلة العياشي" في مجلد واحد، وقد استرعت بعض المقاطع اللطيفة فيها نظر الإمام السنوسي؛ مثل: تكارُم أهل مصر فيما بينهم بتراب البنِّ؛ أي: القهوة التي ليست بطعام ولا دواء ولا شهوة! وشرح لطيف للشيخ الدليمي الشهير بالوزازي على الزقاق، وفتوى الشيخ علي السنوسي عن حكم مَن دخَل تحت الذمَّة الكافرة، وفتوى أبي عبدالله بن فطية عن سؤال في حكم الهجرة من الأرض التي تغلَّب عليها الكفار، وكتاب "إجلاء اليهود الفاجرة"؛ لابن أبي الرجال، و"صرف الهمة في تحقيق معنى الذمة"، والنصف الأول من "الذخيرة"؛ للقرافي، و"عيون البصائر على الأشباه والنظائر" في الفقه الحنفي، وفيها مخطوطات متعددة للشيخ زروق، وفي الكتب "طرد الضوال والهمل عن الكروع في حياض مسائل من العمل"؛ لعبدالله بن إبراهيم العلوي، وهو بخط الشيخ محمد المختار بن الأمين بن المختار بن سيد الأمين، وبعضها بالفارسية حول التصوُّف، وفيها "الأمالي"؛ لتعلب، ومخطوطة تتضمَّن الجواب عن خمسة أسئلة لأبي الحسن بن عبدالستار البغدادي الخضار نزيل الحجاز على سبيل المجاز.

ومن المخطوطات المعتنى بها "الدرر المرصعة بأخبار أعيان درعه"؛ لسيدي محمد بن موسي بن محمد الناصري الدرعي، وقد استهلَّ بذكر نسب السلطان المولى إسماعيل... ومجموع يتضمَّن بعض تآليف سيدي أحمد بن إدريس كرسالته "كيميا اليقين"، وتفسيره للضحى وسورة ألم نشرح ولسورة التين والزيتون، وشرحه لحديث: ((المعرفة رأس مالي...)) وهنا رسالة تاريخية مقحمة ضمن مجموع شرح المعلقات من النساخ الوسطي، أنشأها إلى خليفة بغداد الملقَّب بالناصر لدين الله أحمد بن الحسن يحثُّه على إرسال العساكر إلى اليمن لحرب الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، وذكر فيها شيئًا من مناقب الإمام علي.

وَمَنَاقِبٌ شَهِدَ العَدُوُّ بِفَضْلِهَا
وَالحَقُّ مَا شَهِدَتْ بِهِ الأَعْدَاءُ

السلام عليك أيَّتها المغاني المقدسة بالأكياس، المطهَّرة من الأدناس، المحلاة بأفضل لباس، المستحقَّة لخلفاء بني العباس، المتأرِّج عَرفها ونَشرها، السائر مع الملوك ذِكرها، وظل العزَّة الرضيَّة، ومفرش السجود المباركة النبويَّة.


وَمُفْتِي أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَدَارُهُ
وَمِنْهَا عِمَادُ المُلْكِ قَرَّ قَرَارُهُ
تَخَيَّرَهَا المَنْصُورُ دَارًا فَحَلَّهَا
وَأَوْطَنهَا مَنْ كَانَ حَقًّا تِجَارُهُ
هِيَ الرَّوْضَةُ الغَنَّاءُ وَالرَّبْوَةُ الَّتِي
تَخَيَّرَهَا قدْمًا فَصَارَ خِيَارُهُ
وَفِيهَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ مُحَمَّدٌ
وَخَيْرُ شِعَارِ المُوسِرِينَ شِعَارُهُ
وَنَهْمُلُ فِي أَكْتَافِ دِجْلَةَ جِيلهُ
وَيَضْرِبُ فَوْقَ الشَّطِّ مِنْهَا مَضَارِبُهْ

... إلخ.

يَا رُبَّ مَعْنًى لَطِيفٌ فِي مَعَالِمِهَا = تَرَاهُ عَيْنُ عَمى الأَفْكَار قُدْ حُجِبَا

 

يَرْوِي لِبَغْدَادَ أَنَّ العِلْمَ مَتْجَرُهَا

وهنالك مجموعةٌ من الكتب الطبيَّة تُضاهِي كتاب "المفردة"؛ للغافقي الذي اكتُشِف بطرابلس منذ سنوات: "كنز العلوم والدر المنظوم" في فن الطب؛ لمؤلف مجهول وقد اختصره في خمسة أبواب، وبه تعليقات وتوقيفات جد طريفة وذات صلة كبيرة بالطب الحديث... وقد خيط مع هذا كتابٌ آخَر في الطب فيه عشر مَقالات وثلاثة وسبعون فصلاً، كان منها فصلٌ خاص بعلاج الهزال وعلاج البدنة أيضًا... وهناك كتاب ثالث آخَر في الطب اسمه "الإعلام"؛ لعلي بن عبدالصادق العبادي نسبًا الجبالي لقبًا، وكتاب "الداء والدواء"؛ لابن القيم، وهنا "ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا"؛ لشهاب الدين الخفاجي، الذي يتناول أيضًا فيها جانبًا من المغرب... وكتاب "لباب الألباب في تحرير الأنساب"؛ لمحمد بن أحمد التواني... هذا إلى عددٍ من المؤلَّفات في التوقيت وأدواته: الإسطرلاب، أنصاف الدوائر، المزاول، وديوان (شيخنا) سيدي حمدون بن الحاج، وكتاب "الفصوص"؛ لمحيي الدين ابن العربي، ومجموع بعنوان "أسانيد المغاربة" فهرست ابن غازي، والشيخ عبدالقادر والكوهن، والعمبري وابن سودة، والبناني، لكن فُقِدَ من المجموع ابن غازي، والكوهن والبنائي.

ومن محتويات الخزانة نسخة من الإنجيل طبعت بباريز منذ عام 1837، وأتمنَّى أنْ تسمح لي الفرص بتقديم وصف أدق ترتيبًا وأكثر شُمولاً لكلِّ تقييداتي في هذه الرحلة إلى الجغبوب والتي قلتها، جريدة "طرابلس الغرب" عدد الأحد 18 يناير 1953.

[62] في حديث الشيخ ابن عاشور عن "النسخة الشيخة" بمناسبة بحثه حول التوءمة بين فاس والقيروان، لم يُشِر للحديث عن نسخة الصدفي "مجلة المغرب" دجنبر 1965 يناير 1966.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • مخطوطة مسند الإمام أبي حنيفة النعمان برواية الإمام أبي بكر المقرئ(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة سند التاودي بموطأ الإمام مالك وصحيحي الإمامين(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • منهج الإمام الشاطبي في الفتوى من خلال كتاب: (فتاوى الإمام الشاطبي) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الأحاديث التي في مسند الإمام أحمد من طريق الإمام مالك (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التراث العلمي عند الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة الإمام الصالحي الشامي من كتابنا: الإمام الصالحي الشامي حياته وتراثه العلمي(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • متن الزبد في علم الفقه على مذهب الإمام الشافعي للشيخ الإمام أحمد بن رسلان الشافعي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • دعاء وشعر وجدا بخط الإمام محيي الدين النووي (نص محقق)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إذا رفض الإمام الجمع بين الصلاتين في المطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كشاف المخطوطات التي وصلتنا بخط العلامة السيوطي أو عليها خطه (1) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- مكان وجود المخطوط المذكور فى المقال
طارف عمر - Canada 04-01-2022 09:19 AM

المخطوط الموجود في المقال موجود فى مدينة بنغازي عند الإدارة العامة للمكتبات والمطبوعات والنشر جامعة بنغازي وهو عندهم اليوم

1- جزيتم خيراً.
عبدالله أحمد - كوردستان - العراق 20-10-2013 07:39 PM

لطالما أني كنت في أمس الحاجة الى هكذا مخطوط. إلا انني لم أقرأه بعد. لأني سأعمل مقالة في دراسة النصوص التاريخية. بارك الله فيكم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب