الأثر الموسوعي في مؤلفات الدكتور أيمن الشوا

الأثر الموسوعي في مؤلفات الدكتور أيمن الشوَّا

يُعد الدكتور أيمن الشوَّا من الدارسين المحدَثين القلائل الذين استطاعوا الجمع بين سِمتي التخصص والموسوعية، فهو باحث معطاء وأستاذ جامعي نشط كاسرًا نمطية الأستاذ الجامعي المتكئ على درجته العلمية وحسب.

تكتسب مؤلفاته سمة فارقة وهي (الموسوعية) وربما أطلقَت على مؤلفات فضفاضة سطحية مما أفقدها بعدها الموضوعي، وليس المقصد من (الموسوعية) كثرة الصفحات والحشو والاستطراد وإنما اصطفاء الخلاصات العلمية وتنظيم الأفكار وفق ترتيب منهجي.

ولا تتأتى هذه الميزة (الموسوعية) للباحث إلا بعد طول تأمل وتحليل معمق، فلا يبني دراسته على أفكار عجلى بجمل مسبقة الصنع، وإنما يجب أن يتمتع الباحث بتؤدة وصبر مضبوط على إيقاع الدقة والموضوعية، وقديما قيل:

لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبِرا

والدكتور أيمن الشوا هو بحق باحثٌ بحاثة غزير الإنتاج، ينقب عميقًا في دراساته، فلا يقنع بالمشهور من المعلومات ولا يرتضي بالاختزال المخل للمفاهيم.

وتتجلى الموسوعية عنده في مظاهر عديدة، ومن أهمها:

1- بناء بحث متكامل المفاهيم إزاء مسألة لم يعهد أن ألِّف فيها لا قديمًا ولا حديثًا، نحو: (هاء السكت) فقد استطاع المؤلف أن يكوِّن بحثًا من مئات الصفحات عنها، وهذا ما يجعل كتابه (هاء السكت) سابقة نحوية وقفزة رصينة في الدراسات اللغوية.

2- استحضار القراءات القرآنية في معالجة القضايا النحوية، وهذا ربط خلاق يكشف عن كنوز لغوية في القراءات القرآنية، نحو كتابه (بناء الفعل المبني للمجهول).

3- القدرة على التنقيب في بطون الكتب اللغوية ورصد آراء النحويين الأوائل نحو كتابه (من أسرار الجمل الاستئنافية).

4- الشمولية في التأليف بما في ذلك من جهد مضنٍ وتمحيص وتحليل، وآية ذلك معجمه الجامع (معجم أسماء الأفعال) فقد استطاع بما أوتي من صبر علمي وعزيمة صلبة أن يرصد أسماء الأفعال في كتب التراث اللغوي ويصنفها ضمن مؤلف واحد.

5- تنويع النتاج العلمي عنده فرغم اختصاصه في النحو لكنه تجاوز ذلك إلى البحث في علوم القرآن وغيرها نحو (الوفاء في رحاب القرآن والحديث والأدب) و(إرشاد القرآن والسنة) و(بطل الأبطال). وإلى غير ذلك من مظاهر علمية للموسوعية عنده، وهو بذلك ينتهج منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.