مقروءات العلامة ابن الشماع على العلامة السيوطي من ثبته الكبير

مقروءات العلامة ابن الشماع على العلامة السيوطي

من (ثبته الكبير)

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فقد يسر الله تعالى وكتبت عدة مقالات من قبل تتضمن كلام العلامة ابن الشماع الحلبي عن شيخه العلامة السيوطي في عدة كتب له، وهذه درة جديدة تُضاف لهذا العقد، وهي تتضمن كلامه عن شيخه من (ثبته الكبير) وَذِكْر مسموعاته ومقروءاته عليه والزمان والمكان ومن كان برفقته وبعض الفوائد الأخر، وكل ذلك بخطه، ثم إثبات نص إجازة العلامة السيوطي له بثلاثيات الإمام البخاري بخطه.

وهي تنشر لأول مرة ولله الحمد:

،وهذا كنز عظيم، وغنيمة كبرى، ولله الحمد في الأولى والأخرى.

♦♦ ♦♦ ♦♦

قال العلامة ابن الشماع رحمه الله في (ثبته الكبير) اللوحة:6:

الحمد لله على نعمه:

وقرأتُ على شيخ الإسلام، خاتمة المجتهدين، جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن ابن العلامة كمال الدين أبي بكر محمد[1] بن أبي بكر الخضيري الأسيوطي ثم القاهري الشافعي:

1- قطعة صالحة من أول (صحيح البخاري) - رحمه الله تعالى - لم أضبط آخرها،

2- ثم جميع (الثلاثيات) المستخرجة منه.

قال أخبرني به جمعٌ منهم:

الشيخ جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد القمصي بقراءتي عليه من أوله إلى كتاب البيوع، والمسند محب الدين أبي عبد الله محمد بن علي الحلبي المعروف بابن الألواحي بقراءتي عليه من كتاب البيوع إلى آخر (الصحيح)، وإجازةً منهما لسائره قالا: أنا أبو الحسن علي بن أبي المجد الدمشقي قال: أنا الرحْلة أبو العباس أحمد بن أبي طالب ابن الشحنة بسنده المعروف عند أهله.

وسمع القراءةَ جمعٌ منهم:

صاحبنا الشيخ العالم المفنن عبد المعطي بن عمر بن حسان المكي الشافعي[2]، وأبو الحسن القباني القاهري[3]، وغيرهما.

وأجاز سيدنا المُسْمِعُ لمن قرأ وسمع جميع ما يجوز له وعنه روايته وجميع مؤلفاته، صح ذلك وثبت في سنة إحدى عشرة وتسعمائة، بمنزله من الروضة المقابلة لمصر العتيقة، وكتب خطه بذلك على نسخة الثلاثيات المودعة ضمنَ هذا (الثبت)، وستجد خطه عليها فيما يأتي.

♦♦ ♦♦ ♦♦

وقد قرأت وسمعت عليه غير ما ذكر من ذلك:

3-(شرحه على النقاية)[4].

وآخر ما أتذكر الآن أني قرأته عليه:

4- كتابه:(وصول الأماني بأصول التهاني)[5].

ولم أكمله، ثم توعك، ومات، وحضرت الصلاة عليه ودفنه بالقرافة من القاهرة.

وقد رأيتُ بخطي في ورقة ما صورته:

وسمعت عليه:

5- أول (سنن أبي داود).

6- و(النسائي)، ولا أتذكره الآن، والظاهر أني ما كتبته إلا بعد وقوعه، والله أعلم، وقد علمتَ أن القراءة عليه في سنة إحدى عشرة، وتعليق هذا الثبت بعد سنة ست عشرة. انتهى.

♦♦ ♦♦ ♦♦

فوائد من هذا النص الوجيز:

قول العلامة ابن الشماع:" وسمع القراءةَ جمعٌ منهم:

صاحبنا الشيخ العالم المفنن عبد المعطي بن عمر بن حسان المكي الشافعي، وأبو الحسن القباني القاهري، وغيرهما"

يفيدنا في معرفة بعض تلاميذ العلامة السيوطي وأسماء الآخذين عنه.

♦♦ ♦♦ ♦♦

قول العلامة ابن الشماع:" وآخر ما أتذكر الآن أني قرأته عليه:

4- كتابه: (وصول الأماني بأصول التهاني)[6].

ولم أكمله، ثم توعك، ومات، وحضرت الصلاة عليه ودفنه بالقرافة من القاهرة".

هذا الكلام نص فريد فيه عدة فوائد:

همة العلامة السيوطي في الإقراء والتعليم حتى إلى آخر لحظات حياته وساعات عمره، وألف الشيخ ابن عزوز كتابا نفيسا فيمن تعلم العلم أو علمه حتى في ساعة الاحتضار.

همة العلامة ابن الشماع أثناء الطلب وحرصه على الانتفاع والتلقي-وكل هذا بأدب جم وبرضا الشيخ بداهة- مما أهله لأن يكون من أكابر العلماء وأماثل النبلاء الفضلاء.

أمانة ابن الشماع ودقة المحدثين في نصه أنه لم يكمله مع أنه جزء وجيزٌ جدا، والله المستعان، ونسأله سبحانه أن يخلقنا بأخلاق هؤلاء السادات ويؤدبنا بآدابهم ويلحقنا بهم على خير. آمين.

♦♦ ♦♦ ♦♦

قول العلامة ابن الشماع:" ثم توعك، ومات، وحضرت الصلاة عليه ودفنه بالقرافة من القاهرة:

هذا أيضا نص نفيس في بيان موضع قبر العلامة السيوطي، وألف فيه العلامة أحمد تيمور باشا رسالة مفردة ولم يقف على هذا الكلام الذي يبت في المسألة، ويقطع النزاع ويُنهي الخلاف، وموضع هذا القبر موجود إلى الآن ومعروف.

♦♦ ♦♦ ♦♦

قول العلامة ابن الشماع:" والظاهر أني ما كتبته إلا بعد وقوعه، والله أعلم، وقد علمتَ أن القراءة عليه في سنة إحدى عشرة، وتعليق هذا الثبت بعد سنة ست عشرة. انتهى".

يفيدنا أيضا أمانته وديانته وصيانته ودقته:

ويفيدنا أن طلب العلم لابد أن يعتني بتدوين ما يقرأه ويسمعه على شيوخه أولا بأول، ويثبته في كناش عنده أو مذكرة، ثم يبيضه، فهذا العلامة ابن الشماع في ريعان الشباب والمدة ليست بعيدة جدا نسبيا، ومع هذا نسي بعض الأشياء المهمة التي رحل لأجلها وتعب في تحصيلها.

وعلى طالب العلم عموما وطالب الحديث خصوصا أن يهتم في ذلك كله ببيان هذه الأمور، وإثبات هذه التفصيلات، وتقييدها وضبطها:

1- الشيخ الذي سمع منه أو عليه أو قرأ عليه.

2- الشيء المسموع والمقروء.

3- قدر السماع أو القراءة.

4- المكان.

5- الزمان.

6- الحضور.

7- وهذا مهم وكثيرا ما يغفله الطلبة: حواشي الشيخ وتعليقاته على النص المسموع أو المقروء، لأنها خلاصة خبرته، ونتاج تجاربه، وعصارة عمره، ونقاية[7] جهده وتعبه ونصبه وحصيلة طلبه، وقد تجرد هذه الحواشي والفوائد والتنكيتات وتنشر في جزء مفرد ينتفع به أهل العلم وطلبته، ولهذا نظائر كثيرة في التراث.

وأيضا تدوين ما قد يكون في المجلس من سؤالات للشيخ ومداخلات وأسئلة يجيب عنها أو إشكالات يحلها، فكل هذه كنوز لا تعوض، وغالبا أنها تنسى وتضيع إذا لم تدون والله المستعان، وكم ضاع مني بسبب التقصير في هذا ما لو أنفقت عليه كنوز الدنيا لإرجاعه لما وفيته حقه، ويعرف قدر كلامي هذا بعد موت الأشياخ وكبر السن وكثرة العوائق والعلائق، وإلى الله المشتكى، ولا حول ولا قوة إلا به.

♦♦ ♦♦ ♦♦

أيضا من فوائد النص المتقدمة:

معرفة بعض أسانيد العلامة السيوطي وبعض مسموعاته على شيوخه وأسمائهم، وأسماء بعض تصانيفه التي ألفها والتي كان يقرئها أو تقرأ عليه،

ومنها: ما يفيد في دراسة سيرة العلامة ابن الشماع نفسه في معرفة شيوخه ومسموعاته ومقروءاته ورفقائه في الطلب ورحلاته والبلدان التي رحل إليها وتاريخ ذلك والكتب التي اطلع عليها والتي أثرت في تكوينه الشخصي وبنائه الذهني والعلمي والمعرفي.

ومنها ما كان عليه علماء الإسلام من عقد مجالس للسماع والإقراء، وإجازة السامعين والقارئين والحاضرين الإجازة الخاصة والعامة.

ومنها: الحرص على إثبات خطوط الشيوخ، والاحتفاظ بها من باب التوثيق، ولكونها خطوطا كم خُطَّ بها، لخدمة الإسلام ونفع المسلمين، وبأقلام كم تحركت وتحرقت لنشر دين رب العالمين.

وغير ذلك من الفوائد والفرائد، والله الموفق:

هذا ما تيسر إيراده، وتحصل إعداده في هذه المقالة على عجالة، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأستغفر الله لي ولوالدي ولمشايخي ولجميع المسلمين، آمين

♦♦ ♦♦ ♦♦

وهذا محضر القراءة على العلامة السيوطي بخط العلامة ابن الشماع نفسه

صورة إجازة العلامة السيوطي بخطه للعلامة ابن الشماع بي (ثلاثيات صحيح الإمام البخاري).

فمتعوا أنظاركم، ونزِّهوا أبصاركم بخط هذا العالم الجليل الذي خدم الإسلام والمسلمين في آخر حياته المباركة

نص الإجازة:

الحمد لله، قرأ علي متن (الثلاثيات) الشيخ العالم الفاضل زين الدين عمر ابن الشماع - نفع الله به -، وأجزتُ له روايتها وجميعَ (الصحيح)، وجميعَ مروياتي ومؤلفاتي.

كتبه: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي. لطف الله به.