• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

مقدمة في أصول التحقيق (مقدمة كتاب الانتصار)

مقدمة في أصول التحقيق (مقدمة كتاب الانتصار)
د. محمد السيد الجليند

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/1/2018 ميلادي - 22/4/1439 هجري

الزيارات: 32927

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة في أصول التحقيق

(مقدمة كتاب الانتصار)

 

مقدمة:

إن الحمد لله، نَحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وصلَّى الله وسلم وبارَك على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن عمِل بسنته، أما بعدُ:

فمن حقِّ الأجيالِ المُعاصِرة أن تتعرَّف على حياة النماذج البشرية وسيرتِها الذاتية، خاصة تلك النماذج التي تركَتْ أثرَها في حركة التاريخ الثقافيِّ والاجتماعي لأُمَّتها.

 

وقد تكون الحاجةُ شديدةً ومُلحَّة إلى إحياء تاريخِ هذه النماذج في أوقات الأزمات التاريخية التي تمر بها الأمم وتعيشها الشعوب، ومِن واجب المسؤولين عن رعايةِ الشباب وقيادتهم - أن يُذَكِّروا الأجيال بتاريخ هذه النماذج، ويعمَلوا على إحياء سيرتِهم؛ لتكونَ نِبراسًا لهم يسيرون على هَدْيه، وقدوةً لهم يترسَّمون خُطاهم حين يَغيب عن مجتمعِهم القدوةُ والنموذج.

 

وما أحوجَ أبناءَ هذا الجيلِ إلى نَبْشِ التاريخ، يستمدُّون منه القدوةَ، ويتلمَّسون فيه المَثَلَ والنموذج؛ حتى يَحيا الأمل في نفوسهم الذي كاد أن يتلاشى، وحتى نَقضِي على رُوح اليأس التي كادت خيوطُها أن تتسلَّل إلى قلوب الناس، وما أكثَر هذه النماذج في تاريخ أُمَّتنا وماضيها!

 

ومِن حُسن الطالع أن يهتمَّ المجلسُ الأعلى للشؤون الإسلامية، ويُبادِر بالنهوض بهذه المسؤولية القومية، مِن خلال أحد مراكزِه البحثية، وهو مركزُ السِّيرة والسُّنة، فيعملَ على إحياء التراث الذاخر بهذه النماذج المضيئة على هدى مِن المنهج العلمي الدقيق، ويختار مِن كتب التراث أنفعَها، ويتولى تحقيقها ونشرَها، فيعُم بذلك نفعُها والإفادةُ منها بين الباحثين والمتخصصين.

 

ويأتي هذا الكتاب (الانتصار) واحدًا من سلسلة كتب التراثِ التي يُقدِّمها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية إلى قرَّاء العربية، كاشفًا عن حياة نموذجٍ من العلماء العاملين الذين أَثْرَوا حياةَ الأمة وأثَّرُوا في تاريخها الثقافيِّ والاجتماعي؛ ليتعرَّف الشبابُ على مواقف العلماء التي سجَّلها التاريخ بأحرُفٍ مِن نورٍ، وليعرفَ الشبابُ كيف يعيشُ العلماء همومَ الأمةِ بدلًا مِن أن يكونوا بمَعزِلٍ عنها، وكيف يؤثِّرون في حركة التاريخ بدلًا من أن يعيشوا على هامشه.

 

ومِن المعروف أنه على قدر عظمةِ الرجال وقوة تأثيرها، يكون الاهتمام بها والاحتفاء بتُراثها، كما يكون الاختلاف وتعدُّد الآراء بين المؤيِّد والمُعارِض، وبين الولاء والبَراء، وهذه سُنة الله في خلقه.

 

وشخصيةُ ابنِ تيميَّةَ واحدةٌ مِن هذه النماذج التي أثَّرت وأَثْرَتِ التاريخ الفكريَّ لأُمتنا؛ إذ كان نموذجًا للعالِم العامل، لم يَعرِف النفاقُ طريقًا إلى قلبه، وقَفَ مِن أمراض مجتمعه موقفَ الطبيب الحاذِق في معرفة العِلة وأسبابها، والطريق إلى علاجها، لم يتردَّد أبدًا أن يُمسِك بيده مِبْضَعَ الجرَّاح؛ ليعمَل على استئصال ما فسَد مِن عادات المجتمعِ وتقاليده، لم يتردَّد في أن يرفعَ أمام أُمَّته شعارَ الجهاد في وجه التتار، حتى تَمَّ تحريرُ أرض الشام منهم، تقدَّم الصفوف في شهرِ رمضان وأفطَر أمام الجنودِ، وأفتى بضرورةِ الفطر؛ ليَقوَى الجنودُ على مُلاقاة عدوِّهم، جاهَد أهل البدع والخُرافات؛ ليَسْلَمَ بُنيانُ المجتمع منها، كما جاهَد أهل المِلَل والنِّحَل الفاسدة؛ لتَصِحَّ العقيدة في قلوب أبنائها، وما أكثَر هذه النماذجَ في تاريخنا، وما أحوَجَنا إلى التعرُّف على حياتها وإحياء سِيرتها!

 

وفي هذه العُجالة أرى مِن واجبنا أن نُقدِّم الشكر الجزيل إلى كل القائمين على هذا المشروع القومي الجليل، وأَخُص مِن بينهم معاليَ وزير الأوقاف الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق؛ رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والأستاذ الدكتور عبدالصبور مرزوق؛ الأمين العام للمجلس، وكذلك السيدة الفاضلة الدكتورة إلهام خليل؛ المدير العام المسؤول عن تجميع وتحقيق التراث بمركز السيرة والسُّنة، التي كان لمتابعتِها الدائمة دورٌ كبير في إنجاز هذا العمل، كما لا يَفوتني أن أُنوِّه بالجهد المشكور الذي يَبذُله الأخ الفاضل الأستاذ أبو سليمان صالح؛ وكيل الوَزارة، المسؤول عن متابعة هذا المشروع، كما أخُص بالشكر الأخ الفاضل الأستاذ محمد الشيباني؛ المدير المسؤول عن مركز المخطوطات والتراث والوثائق بدولة الكويت، الذي تفضَّل بتصوير نسخة خطية لهذا الكتاب، وسارَع بإرسالها إلينا؛ فجزى الله جميعَهم خيرَ الجزاء، وجعَل جهدَهم المشكور في ميزان حسناتهم.

اللهم اجعَل عملنا خالصًا لوجهك الكريم، وتقبَّله منا قَبولًا حسنًا، ولا تَحرِمنا أجرَه يوم القيامة، آمين.

أ. د. محمد السيد الجليند

الجيزة في 15 جمادى الأولى سنة 1422هـ

الموافق ٥ أغسطس سنة 2001م

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

ابن عبدالهادي حياته وتراثه

(٧٠٤ - ٧٤٤هـ)

هو محمد بن الشيخ عماد الدين أحمد بن عبدالهادي بن عبدالحميد بن عبدالهادي بن يوسف بن محمد بن قُدامة المقدسي الجَمَّاعيلي، ثم الصَّالِحي الحَنْبلي، درَس الفقه وأصوله، وبرَع في مسائل الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وقرأ القرآن الكريم بالروايات وأَقرَأه، واشتغل بالحديث وعلومه، واشتَهَر بالنحو وفنونه، واللغة وآدابها، وله فيهما جهدٌ طيب، أثنى عليه كلُّ مَن ترجَم لحياته.

 

اختلف المُؤرِّخون في تاريخ مولدِه:

فذكَره ابنُ رجب الحنبلي في (الذيل على طبقات الحنابلة)[1]، وقال: إن مولدَه كان في شهر رجب سنة 704 هـ (أربع وسبعمائة)، وإن وفاتَه كانت في العاشر من شهر جُمادى الأولى سنة 744 هـ، (أربع وأربعين وسبعمائة)، ووافَقه على ذلك ابنُ العماد في (شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب)[2].

 

وذكَره الذهبي في (تذكرة الحفَّاظ)، فقال: إن مولدَه كان سنة خمس أو ستٍّ وسبعمائة[3].

وترجَم له ابنُ كثير في (البداية والنهاية)، فذكر أن مولده كان في شهر رجب سنة 705 هـ (خمس وسبعمائة)[4].

 

وكذلك ذكره السيوطي في (بُغْية الوعاة في طبقات اللُّغويين والنُّحاة)، وقال: إن مولدَه كان في شهر رجب سنة 705 هـ (خمس وسبعمائة)[5].

 

والذي صحَّ عندي أن مولده كان في سنة 704 هـ، وأن وفاتَه كانت سنة 744 هـ، بإجماع المؤرخين؛ حيث قالوا: إنه تُوفِّي عن أربعين عامًا.

 

شيوخه:

نشأ ابنُ عبدالهادي في أسرةٍ محبة للعلم، وفي عصر تميَّز بوفرة علمائه الأثبات، فإن القرن الثامن الهجري حفَل بجهود علماء كبار، ذاع صيتهم، وعمَّ فضلُهم، وانتفع بعلمهم الكثيرون من أبناء هذا العصر.

 

ولقد تلقى ابن عبدالهادي العلم والأدب على يدِ كثير من أبناء عصره، فتتلمَذ لابن تيمية ولازمَه فترةً من حياته ليست بالقصيرة أثَّرت في حياته العلمية، وأثَّرت ولا شك في توجيهِ سِيرته العملية، فقرأ عليه كتابَ الأربعين في أصول الدين للرازي، وسمِع مِن شيخه ولا شكَّ رأيه في موقفِ الرازي من الدليل السمعي، الذي وضع مِن أجل إبطاله وتفنيد رأيِه كتابَه العظيم (دَرْء تعارض العقل والنقل)، تلك القضية التي شغَلت حياةَ ابن تيمية الفكريةَ، وجرَّت عليه كثيرًا من المعارك الفكرية التي جَرَت بينه وبين المخالِفين له.

 

وقرأ الفقهَ على الشيخ مجد الدين الحراني على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، كما لازم الشيخ أبا الحجاج المِزي، وأخذ عنه في التاريخ والحديث، وكان لطول ملازمته للمِزِّي أثرٌ كبير في معرفته بعلم الرجال.

 

وتتلمذ على الإمام الذهبي، ونقَل عنه في ترجمته لشيخ الإسلام ابن تيمية، وأفاد منه في علم الرجال والتراجم، وذكره الذهبي في معجمه، فقال: إنه سمع من ابن عبدالهادي وهو يدرس في المدرسة الصدرية.

 

ويَحكي الصفدي أن ابن عبدالهادي واسعُ العلم والمعرفة بفنون عصره - خاصة علم النحو واللغة والأدب - فيقول: كنت إذا لقيته وسألته في مسائلَ أدبية، ينحدر كالسيل، وكنت أراه يوافق المزيَّ في أسماء الرجال ويرد عليه ويَقبَلُ منه.

 

عُني بالحديث وعلومه، وخاصة علم الجرح والتعديل ومعرفة الرجال ودرجاتهم في التحديث، وقرأ الأصلينِ - أصول الفقه وأصول الدين - وألَّف فيهما، كما ألَّف في فنونٍ أخرى بعضها أكمَله، والبعض الآخر لم يكمله؛ لأن المنيَّة عاجلَتْه وهو في الأربعين من عمره.

 

وفاته:

ذكَر ابن كثير أن وفاتَه كانت في عصرِ يوم الأربعاء، العاشر من جمادى الأولى سنة 744 هـ - أربع وأربعين وسبعمائة، ولازمه المرضُ لمدةِ ثلاثة أشهر، كان يشكو فيها من علة أصابَتْه بقرحة وحمى، واشتد به المرض وتزايد ضعفه إلى أن مات قبل أذان العصر يوم الأربعاء، وأخبر عنه والده أن آخرَ كلامه كان قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، اللهم اجعلني من التوَّابين واجعلني من المتطهِّرين).

 

وصلَّى عليه جمعٌ غفير من العلماء ووُجهاء القوم يوم الخميس بالجامع المظفري، وحضر جنازتَه قضاةُ البلد وأعيان الناس من العلماء والتجَّار والعامة، ودُفِن بالروضة إلى جانب قبر السيف ابن المجد بسَفْح قاسيون[6].

 

آثاره العلمية:

ألَّف ابنُ عبدالهادي في كثيرٍ مِن فنون العلوم العربية والإسلامية؛ بحيث نجد له في الفقه، والنحو، والتراجم، وعلم الرجال.

 

ومَن أهم ما ذكَره المؤرخون له:

1- تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق لابن الجوزي - مجلدان.

2- الأحكام الكبرى - المرتبة على أحكام الحافظ الضياء، كمل منها سبعة مجلدات.

3- الرد على أبي بكر الخطيب الحافظ في مسألة الجهر بالبسملة - مجلد.

4- المحرر في الأحكام - مجلد.

5- فصل النزاع بين الخصوم في الكلام على حديث: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) - مجلد.

6- الكلام على أحاديث مسِّ الذكر - جزء كبير.

7- الكلام على حديث: ((البحر هو الطهور ماؤه)) - جزء كبير.

8- الكلام على أحاديث القُلَّتين - جزء.

9- الكلام على حديث معاذ في الحكم بالرأي - جزء كبير.

10- الكلام على حديث: ((أصحابي كالنجوم)) - جزء.

11- الكلام على حديث أبي سفيان: "ثلاث أعطيتهن يا رسول الله"، والرد على ابن حزم في قوله: إنه موضوع.

12- كتاب العمدة في الحفَّاظ - كمل منه مجلدان.

13- تعليقة في الثقات - كمل منه مجلدان.

14- الكلام على أحاديث "مختصر ابن الحاجب".

15- الكلام على أحاديث كثيرة فيها ضعف من "المستدرك" للحاكم.

16- أحاديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

17- جزء منتقى مِن "مختصر المختصر"؛ لابن خزيمة، ومناقشته على أحاديث أخرجها فيه فيها مقال - مجلد.

18- الكلام على أحاديث الزيارة - جزء.

19- مصنَّف في الزيارة - مجلد.

20- الكلام على أحاديث محلل السباق - جزء.

21- جزء في مسافة القصر.

22- جزء في قوله تعالى: ﴿ لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى ﴾ [التوبة: 108].

23- جزء في أحاديث الجمع بين الصلاتين في الحَضَر.

24- الإعلام في ذكر مشايخ الأئمة الأعلام - أصحاب الكتب الستة - عدة أجزاء.

25- الكلام على حديث: ((الطواف بالبيت صلاة)).

26- جزء كبير في مولد النبي صلى الله عليه وسلم.

27- تعليقة على سنن البيهقي الكبرى - كمل منها مجلدان.

28- جزء كبير في المعجزات والكرامات.

29- جزء في تحريم الربا.

30- جزء في تملك الأب مِن مال ولده ما شاء.

31- جزء في العقيقة.

32- جزء في الأكل من الثمار التي لا حائط عليها.

33- الرد على إلكيا الهراسي - جزء كبير.

34- ترجمة الشيخ تقي الدين بن تيمية - مجلد، وهو كتابنا هذا.

35- منتقى من تهذيب الكمال للمِزِّي - كمل منه خمسة أجزاء.

36- إقامة البرهان على عدم وجوب صوم يوم الثلاثين مِن شعبان - جزء.

37- جزء في فضائل الحسن البصري رضي الله عنه.

38- جزء في حجب الأم بالإخوة، وأنها تحجب بدون ثلاثة.

39- جزء في الصبر.

40- جزء في فضائل الشام.

41- صلاة التراويح - جزء كبير.

42- الكلام على أحاديث لبس الخُفَّين للحُرُم - جزء كبير.

43- جزء في صفة الجنة.

44- جزء في المراسيل.

45- جزء في مسألة الجد والإخوة.

46- منتخب من مسند الإمام أحمد - مجلدان.

47- منتخب من سنن البيهقي - مجلد.

48- منتخب من سنن أبي داود - مجلد لطيف.

49- تعليقة على "التسهيل في النحو" - كمل منها مجلدان.

50- جزء في الكلام على حديث: ((أَفْرَضُكم زيدٌ)).

51- أحاديث حياة الأنبياء في قبورهم - جزء.

52- تعليقة على "العلل" لأبي حاتم - كمل منها مجلدان.

53- تعليقة على "الأحكام" لأبي البركات بن تيمية - لم تكمل.

54- منتقى من علل الدارقطني - مجلد.

55- جزء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

56- شرح لألفية ابن مالك - جزء.

57- ما أخذ على تصانيف أبي عبدالله الذهبي الحافظ شيخه - عدة أجزاء.

58- حواشٍ على كتاب "الإلمام".

59- جزء في الرد على أبي حيان النَّحْوي فيما ردَّه على ابن مالك وأخطأ فيه.

60- جزء في اجتماع الضميرين.

61- جزء في تحقيق الهمز والإبدال في القراءات.

62- رد على ابن طاهر وابن دِحية وغيرهما.

• وله تعاليق كثيرة في الفقه وأصوله والحديث، ومنتخبات كثيرة في أنواع العلم.

♦♦ ♦♦ ♦♦


كتاب (الانتصار)

اسم الكتاب:

لقد امتدَّت صحبتي لابن تيمية قرابة الثلاثين عامًا من حياتي العلمية، باحثًا في تراثِه، وتتلمُذًا على مؤلَّفاته، ناهلًا مِن فيض علمِه، مُعتزًّا بشجاعته في الحق مِن أجل الحق، وقد استوقَفني في رحلتي مع تراثِ ابن تيمية بعضُ الأمور؛ لعل من أهمها:

كيف لم يترُك لنا ابن تيمية تفسيرًا للقرآن الكريم، وقد كان القرآن هو شغله الشاغل الذي ملأ عليه حياته العلمية؛ دفاعًا عنه، وتوضيحًا وشرحًا لما غمُض منه على بعض العقول؟!

 

وقد طرحتُ هذه التساؤلاتِ على أستاذي المرحوم الدكتور (محمد رشاد سالم)، حين كنت أعمل معه في إخراج وتحقيق الجزء الأول مِن كتاب "دَرْء تعارض العقل والنقل"[7]، في مطلع السبعينيَّات مِن القرن العشرين، فأخبرني رحمه الله أن ذلك كان يُمثِّل أمنيةً لشيخ الإسلام، ولكن لم تتَّسِع حياتُه بظروفها التي عاشها لإنجازِ هذا العمل.


وقد وفَّقني الله تعالى لتحقيق هذه الأمنية، وقمتُ بجمع ما يتعلَّق بتفسير القرآن الكريم من مؤلفاته - المطبوع منها والمخطوط - وحققتُه، وطبع بعنوان "دقائق التفسير" الجامع لتفسير شيخ الإسلام ابن تيمية.


أما الأمر الثاني الذي استوقفني خلال رحلتي مع تراث ابن تيمية، فهو أن كتاب "العقود الدريَّة" لابن عبدالهادي كان مصدرًا أساسًا في دراستي عن ابن تيمية وعن حياته، كما كان أيضًا بالنسبة لغيري من الدارسين؛ لأهميته التاريخية في تسجيلِ حياة الشيخ ومواقفه.


وهذا الكتابُ قد قام بتصحيحِه والإشراف على طباعته عالِمٌ كبير من المهتمِّين بتراث ابن تيمية ومدرسته السَّلَفية، هو الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى وأجزل عطاءه.


ولا يوجد لهذا الكتابِ طبعاتٌ أخرى يمكن الرجوع إليها، وأثناء عملي في دراستي للماجستير، مع أستاذي المرحوم الدكتور (محمود قاسم) عن "موقف ابن تيمية من قضية التأويل"، استوقفني في كتاب "العقود الدرية" كلمتانِ جاءتا في نصٍّ منقول عن ابن تيمية وصفًا لله سبحانه وتعالى، هما "الفائق الرائق" بالهمز في الكلمتين، توقَّفتُ طويلًا أمام هذين الوصفين باحثًا لهما عن معنًى مقبول أو مصدر في كتاب معروف لابن تيمية، ولم أُوفَّق حينذاك في العثور على حل لهذا الإشكال!


وعدتُ إلى كتاب "العقود الدرية"؛ لأتعرَّف فيه على النسخة الأصلية المخطوطة لهذا الكتاب، فلم أعثر على أي معلومات تتعلق بها، ولا أي بيانات عن مصدرها أو المكتبة التي توجد بها المخطوطة!


وطرَحتُ هذه المشكلة على بعض الأصدقاء المشتغِلين بالمخطوطات وقضايا التراث، فأشار بعضهم بالرجوع إلى فهرس معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، وكان صاحب هذا الفضل صديقي المرحوم الأستاذ منير المدني - ابنٌ مِن أبناء دار العلوم - جزاه الله عني خيرَ الجزاء، وبالرجوع إلى فهرس المخطوطات بذلك المعهد عثَرتُ على مخطوط بعنوان "الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين تقي الدين بن تيمية"، وكان عثوري على هذا المخطوط يُمثِّل فتحًا كبيرًا بالنسبة لي؛ إذ وجدتُ فيه حلًّا للمشكلة التي عانيتُ منها، وهي قراءة كلمتي "الفائق الرائق" بالهمزة على أنهما وصفانِ لله!


إذ وجدت الكلمتين في هذا الكتاب مقروءتين هكذا (الفاتق الراتق) بالتاء المُثنَّاة مِن فوق، مأخوذتين من قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30].

 

فأثلَج ذلك صدري، وأراحني من عناء هذه المشكلة، ولكن ذلك دعاني إلى مقارنة كتاب ابن عبدالهادي المسمَّى "العقود الدرية" بكتاب "الانتصار" الذي عثرتُ عليه؛ لتكون المفاجأةُ أن كتابَ "الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين"، هو هو نفسُ كتاب ابن عبدالهادي المُسمَّى بـ"العُقُود الدريَّة مِن مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية"، وهذا أثار أمامي مشكلةً أخرى؛ مما دعاني إلى البحث عن مصدر هذه التسمية "العقود الدرية"، ومَن الذي وضعها: هل هو ابنُ عبدالهادي نفسه؟ أم هي مِن وضع تلامذته؟ أم مِن وضع الشيخ محمد حامد الفقي؟ ثم شغلتني الصوارف عن ذلك فترةً طويلة امتدَّت إلى عشرين عامًا، كنتُ خلالها أعود إلى القضية بين الحين والآخر؛ لأُجدِّد البحث فيها، ثم تصرفني عنها الصوارف، لكن يعلم الله أنها لم تفارقني خلال هذه الفترة الطويلة!

 

وحين عقَدت النيَّةَ على تحقيق الكتاب، ساعَدني على ذلك ما وجدتُه مِن تشجيع بمركز السِّيرة والسنة بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الذي أمدني مشكورًا بمجموعة من شباب الباحثين، كانوا نِعْمَ العونُ - بعد الله سبحانه وتعالى - في إعانتي على إنجاز هذا العمل، كان أول ما عُنِيت به هو تحقيق هذه المسألة، والتثبُّت منها، ومعرفة مصدر هذه التسمية.

 

لقد ترجَم كثيرون لابن عبدالهادي، واهتمَّ الكثيرون منهم بذكر مناقبه ومؤلفاته، نذكر مِن هؤلاء المؤرِّخين:

1- الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ"[8].

2- الحافظ ابن رجب الحنبلي في "الذيل على طبقات الحنابلة"[9].

3- الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"[10].

4- ابن العماد في "شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب"[11].

5- ابن طولون الصالحي في "تاريخ الصالحية"[12].

6- السيوطي في "بغية الوعاة"[13].

وترجَم لابن عبدالهادي كثيرون ممَّن أتَوا بعد هؤلاءِ من المعاصرين له وغيرهم.

 

والذي لفَت نظري خلال قراءة هذه التراجم - ومعظم أصحابِها كانوا معاصرين لابن عبدالهادي - أنه لم يذكر واحد منهم اسمَ الكتاب المذكور "العقود الدرية"، والذي ذكر مؤلفاته منهم، ذكَر من بينها "ترجمة الشيخ تقي الدين بن تيمية - مجلد"؛ هكذا دون ذكرٍ لاسم هذه الترجمة ولا عُنوانها، وتكرَّر ذلك في جميع التراجم لابن عبدالهادي.

 

وفي "الذيل على طبقات الحنابلة" - (وهي مِن تحقيق الشيخ محمد حامد الفقي، 2/ 436 - 439) - ترجم ابنُ رجب الحنبلي لابن عبدالهادي، وذكر مِن بين مؤلفاته: "ترجمة الشيخ تقي الدين بن تيمية - مجلد"، وعلَّق المحقق الشيخ الفقي في الهامش رقم (1) قائلًا: "وقد أسماها (العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية)، ومِن اللافت للنظر هنا أن المحقِّق هو نفسه الشيخ محمد حامد الفقي الذي تولى تحقيق كتاب"العقود الدرية"، دون أن يشير أو يبين لنا مصدر هذه التسمية، ومِن أي كتاب لابن عبدالهادي أخَذها، وأيضًا دون أن يقولَ لنا: إنه هو صاحب هذه التسمية؛ مما جعلنا في حَيرةٍ من أمرنا: هل هذه التسمية من وضع الشيخ الفقي؟ ولماذا لم يُصرِّح هو بذلك؟

 

ولماذا قال في هامش (2/ 438) مُعلقًا: إن ابن عبدالهادي هو الذي أسماها بالعقود الدرية؟

ولماذا لم يُبيِّن لنا في مقدمة "العقود الدرية" النسخةَ الأصل التي اعتمد عليها؛ حتى نتثبَّت مِن أن هذه التسمية تعود إلى المؤلِّف؟

 

هذه الأسئلة الكثيرة التي لم نجد إجابةً لها عند الشيخ الفقي، قد زالت جميعُها حين قابَلْنا مخطوط "الانتصار" على كتاب "العقود الدرية"، فوجدناه هو هو، إلا في اليسير مِن الفروق المعتادة بين النُّسَخ الكثيرة لكتاب واحد؛ كما هو معروف بين المشتغِلين بالتحقيق.

 

وقد وفَّقني الله تعالى بمساعدة إخوةٍ لنا كرامٍ بدولة الكويت، وأخصُّ منهم الفاضل الأستاذ محمد الشيباني، المدير المسؤول عن مركز تحقيق التراث بدولة الكويت، إذ وجدتُ في فهارس المركز الذي يُديرُه نسخةٌ خطية "ترجمة ابن تيمية"، وتفضَّل مشكورًا بتصويرِ هذه النسخة، وأرسلها إليَّ مع أحد الأبناء مِن طلبة العلم، وعند مطالعة هذه النسخة ظهرت لنا المفاجأة، فقد تبيَّن لنا أن هذه النسخة هي نفس النسخة الخطية التي اعتمد عليها الشيخ محمد حامد الفقي في تحقيقه لهذا الكتاب، وليس في بياناتها أن عُنوان الكتاب هو "العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية"، ولكن صفحة العنوان بها بياناتٌ كثيرة سوف نُوضِّحها فيما بعدُ، لكن أهمَّ ما فيها ما يفيد تَملُّك الشيخ محمد حامد الفقي لهذه النسخةِ الخطية، وهذا قد أكَّد لنا أن هذه التسمية ليست مِن وضع المؤلف (ابن عبدالهادي)؛ وإنما هي من وضع الشيخ محمد حامد الفقي، وفي كلِّ هذه الحالات كان مِن واجب شيخِنا رحمه الله أن يكفيَنا هذا العناء، ويُشير بأن هذه التسمية مِن وضعه هو، أو على الأقل لا ينسُب هذه التسميةَ إلى ابن عبدالهادي في التعليق (هـ 1 - 2/ 436 من الذيل على طبقات الحنابلة)؛ لأن هذا التعليق قد زاد مِن حَيرتنا في البحث عن مصدر هذه التسمية.

 

أما اسم هذا الكتاب الذي اخترناه، فهو الذي وجَدْناه عنوانًا للنسخة الخطيَّة التي عثرنا عليها في معهد المخطوطات بالقاهرة، وهو: "الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين تقي الدين أحمد بن تيمية"، وغالب الظن أن الشيخ الفقي لم يكن قد اطَّلع على هذه النسخة، ولم يقف على عُنوانها، فاختار أن يُسمِّي هذه الترجمة "بالعقود الدرية" اجتهادًا منه، يؤجر عليه إن شاء الله تعالى.

 

وبعد أن عثَرْنا على هذه النسخة بعُنوانها المذكور، فلم يعُدْ هناك ما يُبرِّر الإبقاء على الاسم الذي وضعه الشيخ الفقي مِن عنده، ما دام قد ظهر الاسمُ الأصل لهذه الترجمة عُنوانًا لإحدى النسخ الخطية الموجودة.

 

أما عن نسبة الكتاب إلى مؤلِّفه "ابن عبدالهادي"، فإن جميع المؤرِّخين الذين ترجموا له - خاصة مَن اهتم منهم بذكر مؤلَّفاته - قد ذكروا مِن بين كتبه "ترجمة لشيخ الإسلام ابن تيمية - مجلد"[14]، ولم يُشكِّك أحدٌ في نسبةِ الكتاب إلى مؤلفه، بل إن إجماعَ المختصِّين بتراث ابن تيمية مُنعقدٌ على ذلك، ومِن هنا فقد ذكر كلُّ مَن ترجموا له هذه الترجمةَ منسوبةً إليه، غير أنهم لم يَنصُّوا على اسمها - كما سبق أن أشرنا إلى ذلك - والنسخةُ التي اعتمدنا عليها في اختيار عُنوان الكتاب هي نسخة (ص)؛ لأننا وجدناها تحمِلُ نفس العنوان المذكور، وليس لدينا ما يُشكِّك في ذلك.

♦♦ ♦♦ ♦♦

 

مسائل الكتاب:

اهتمَّ كثيرون مِن مُؤرِّخي الإسلام بابن تيميَّة، وترجَموا له، وأفاضوا في ذكر مناقبه، وتَعداد مواقفه وآرائه العلمية، ومساجلاته ومناظراته مع العلماء، ولا شك أن ذلك الاهتمام بابن تيمية وتاريخه يرجع إلى عظمة الرجل وتعدُّد جوانب حياته العلمية وتنوعها؛ بحيث يجد كل طالب للعلم بُغْيته في تراثه، ومِن هنا نجدُ الفقهاء ورجال الأصول يَعُدُّونه إمامًا فيهم، وصاحب رأي ينفردُ به عن بقية المذاهب الفقهية المعروفة.

 

ونجد علماء الحديث ورجال الجرح والتعديل يعدُّونه رائدًا مِن روَّاد المنهج الحديثي في نقد المتن ونقد الرجال، ومعرفة تامَّة بجوانب الجرح والتعديل ومعرفة العلل.

 

والمتصوفة - مع حِدَّة الخصومة مع ابن تيمية وتراثه - ينقُلون عنه، ويحتكمون إلى أقواله في تقييم تجارِب الصوفية، والحكم عليها بالصواب أو الخطأ حسب موافقتها لِما صحَّ من سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقياس أذواقهم ومواجيدهم على الكتاب والسُّنة.

 

وكذلك نجد المتكلمين والمناطقة؛ إذ لا تجد دارسًا لعلم الكلام والمنطق إلا وله نصيبٌ وافر من التزود بآراء الشيخ والتعرُّف على مواقفه، وأيضًا نجد دارسَ الفلسفة الإسلامية لا تكتَمِلُ له رؤيته المعرفية الصحيحة إلا إذا تعرَّف على موقفِ ابن تيمية من المسائل الفلسفية الأم، واستوضَح رأيَه فيها وموقفه من الفلاسفة ورأيهم فيها؛ مثل رأيه في مسائل: الخلود - الزمان - المكان - الخلاء - الملاء - الطبيعة، بالإضافة إلى آرائه في قضايا الألوهية.

 

مِن هنا كان لا بد أن تتسع دائرة الاهتمام بابن تيمية، وأن تتنوع وتختلف مواقف المفكرين منه ومن تراثه ما بين مُؤيِّد ومُعارِض، بل ما بين محب عاشق، وغاضب ساخط حاقد.

 

لقد كانت حياةُ ابن تيمية، والتأريخ له، وتسجيل مواقفه وآرائه - محلَّ اهتمام وعنايةٍ مِن كِلا الفريقين على سواء؛ من المحب العاشق، ومن الغاضب الحاقد، وكان تراثُه أشبهَ بدائرة المعارف التي وجد فيها كل فريق هدفه وغايته، وهذا التراث الموسوعيُّ الذي خلَّفه لنا شيخ الإسلام فسَّر لنا كثرة التراجم التي امتلأت بها كتب التاريخ والطبقات، والتي قل أن نجد نظيرًا لها بين أبناء جيله.

 

ويكفي أن نضع أمام القارئ الكريم إشارةً مُوجزةً إلى أهمِّ هذه التراجم كنموذج ومثال لاهتمام المؤرخين بحياة ابن تيمية، وتسجيل مواقفه التاريخية مِن أحداث عصره وسلاطين زمانه، فقد ترجم له على سبيل المثال لا الحصر:

1- ابن سيِّد الناس (671 - 734 هـ)[15].

2- ابن دقيق العيد (ت 702 هـ)[16].

3- ابن الوَرْدي (ت 749 هـ) في تاريخه الكبير[17].

4- أبو حيان النَّحْوي (654 - 745 هـ)[18].

5- ابن القيم (691 - 751 هـ)[19].

6- ابن الزملكاني (666 - 727 هـ)[20].

٧ - الذهبي (٦٧٣ - ٧٤٨ هـ) في تاريخ الإسلام، وتذكرة الحفاظ.

٨ - الإمام المزِّي (٦٠٤-٧٤٢ هـ)[21].

٩ - البِرْزالي (٦٦٥ - ٧٣٨ هـ)[22] في معجم شيوخه.

.١- ابن رجب الحنبلي (ت ٧٩٥ هـ) [23].

١١- ابن فضل الله العمري (٦٩٧ - ٧٤٩ هـ) في كتابه مسالك الأبصار في ممالك الأمصار[24].

١٢- السبكي (٧٠٧ - ٧٧٧ هـ)[25].

١٣- ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) في البداية والنهاية[26].

14- مرعي الحنبلي (ت ٧٣٢ هـ)[27].

15- أبو عبدالله الدمشقي (ت ٨٤٩ هـ)[28].

١٦- البزَّار (٧٤٩ هـ) في الأعلام العلية[29].

١٧- ابن عبدالهادي في كتابنا هذا "الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين شيخ الإسلام أحمد بن تيمية"، والذي سبق أن طبعه الشيخ محمد حامد الفقي بعُنوان "العقود الدرية من مناقب ابن تيمية"!

 

وتختلف هذه التراجم السابقة فيما بينها - طولًا وقصرًا، وتفصيلًا وإجمالًا - ومعظمها قد دوَّنه تلاميذ الشيخ بأنفسهم، حسب مشاهداتهم للحوادث التي عاصروها أو المواقف التي رأَوْها، غيرَ أن كتابَنا هذا يقفُ وحدَه بين هذه الترجماتِ مُتميزًا عنها كمًّا وكيفًا، فكان أكثرَ تفصيلًا وسردًا للأحداث والمواقفِ، وكان أضبطَ مِن غيره في دقَّة التأريخ للأحداث وتدوينِها؛ ذلك أن المؤلِّف كان ملازمًا لشيخِه، فدوَّن ما سمِع مِن شيخه كما سمِعه، وسجَّل ما رآه وشاهَده، كما أنه كان يملِكُ حسَّ الناقد ودقَّة المؤرِّخ، وكان صاحب ذوقٍ خاصٍّ في ملازمتِه لشيخه، وربما شارَك ابن القيم في كثيرٍ مِن صفات النجابة والتلمَذة لابن تيميَّة، فكان أمينًا في نقله عنه، دقيقًا في تسجيلِ أحداث حياتِه، وما جرى له مِن مِحَن وابتلاءات، فكانت ترجمتُه أوفى التراجمِ كمًّا، وأدقَّها كيفًا، جمع فيها المؤلفُ ما سمِعه مِن الثقات الذين شاهَدوا ابن تيمية أو عاصَروه؛ أمثال: الذهبي، والبِرزالي، والبزَّار، وابن القيم، وأضاف إلى ذلك ما سمِعه وما شاهده هو مما حدَث لشيخه، ومِن هنا كان هذا الكتاب مصدرًا أساسًا لكل مَن أراد أن يتعرَّف على حياة ابن تيمية، أو يقف على الأحداث التي وقعت له في حياتِه مع خصومِه ومع حُكَّام عصرِه في الشام وفي مصر، سواء ما كان منها في داخلِ السجن، أو في خارجه، وهي حياةٌ حافلة ولا شك بنمادجَ مِن مواقف العلماء الأفذاذ الذين لا يجودُ الزمان بمثلِهم كثيرًا، خاصةً في ساعات العُسْرة، وما أكثرَها في تاريخ أمتنا! حيث يتلمَّس الشباب فيهم القدوة، ويأخذ مِن حياتهم المثل والعبرة على المثابرة، وتحمُّل تبِعات كلمة الحق، فإن قول الحق والتمسُّك به له تبِعات جَسيمة، تحتاج إلى نوع مُعيَّن مِن أصحاب العزائم القويَّة، وطبيعة خاصة لا يتمتَّع بها إلا القليلُ مِن العلماء، خاصةً أن طلاب الحق في كل عصر قليلون، والمتمسِّكون به والمدافِعون عنه قلة، كما يتميَّز هذا الكتاب بأنه تسجيلٌ تاريخي لحياة ابن تيمية ومواقفه من القضايا الكبرى التي حاوَره فيها المخالِفون، والتي كانت سببًا في إثارة الحكَّام أو تأليب العوامِّ عليه؛ ليدخلَ الحبس بسبب غضب السلطان ضدَّه حينًا، أو شكوى الصوفية أحيانًا، والذي يتابع هذا الكتابَ مِن أوله إلى آخره يستطيع أن يقفَ على تاريخ حياة الرجل، وتاريخ مواقفه، وتاريخ دخوله الحبس مراتٍ عديدة، وتاريخ سفره إلى مصر وعودته منها إلى دمشق، فأنت تجد في الكتاب - على سبيل المثال - أنه:

١ - دخل القاهرة في يوم الاثنين الحادي عشر من جمادى الأولى سنة 700 هـ.

 

٢ - في يوم الاثنين الخامس من رمضان سنة 705 هـ كتب السلطان بإحضار الشيخ إلى مصر ومعه نجم الدين بن صيصرى.

 

٣ - وفي العاشر من شوال سنة ٧٠٧ هـ عقد الصوفية بمصرَ مجلسًا لشيخ الإسلام، وسمِعوا منه كلامه عن الصوفية والتصوُّف، وشكَوْه إلى السلطان وأمر بحبسه.

 

٤ - وفي يوم عيد الفطر سنة 709 هـ، أمر السلطان بإحضار الشيخ من الحبس بالإسكندرية إلى القاهرة.

 

٥ - وفي الرابع عشر من شهر رجب سنة 711 هـ تعرَّض له بعضُ الصوفية بالأذى؛ حيث حاوَلوا الدخولَ إلى مسكنه بالقاهرة والنَّيْل منه؛ لولا تدخُّل أنصاره الذين حضَروا مِن جامع الحُسَينية، فانتصروا له.

 

٦ - وفي يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر رجب سنة 720 هـ شكاه كريم الدين الإبلي وابن عطاء إلى السلطان بسبب فتواه في الطلاق، وظلَّ بالحبس ثمانيةَ عشرَ يومًا وخمسةَ أشهرَ.

 

٧ - وفي يوم الاثنين السادس من شهر شعبان سنة 726 هـ، اجتمع به العلماء وناظروه في مسألة الزيارة وشد الرحال وزيارة القبور عمومًا، ثم تَمَّ حبسه بسبب رأيه في هذه المسائل.

 

ويتميز هذا الكتاب بأمرٍ آخر أكثرَ أهميةً في توضيح التطور الفكري لحياة ابن تيمية، فنجد ابن عبدالهادي قد تنبَّه إلى تسجيل تاريخ كثير مِن مؤلفات الشيخ، وهذه نقطة على جانب كبير مِن الأهمية في تتبُّع حياة الرجل الفكرية وتطوُّر آرائه، فعلى سبيل المثال: يشير المؤلف إلى تاريخ تأليف العقيدة الحَمَويَّة سنة ٦٩٨ هـ، ومناظرته في العقيدة الواسطية سنة 705 هـ، وللأحمدية سنة ٧٠٥ هـ، وغير ذلك مما نبَّه إليه المؤلف، وهذا يُنير الطريق أمام الباحثين لترتيب مؤلَّفات ابن تيمية بشكل تاريخي، يتبيَّن فيه أيها أسبق في التأليف، وهل رجع عن بعضِ آرائه في مؤلَّفاته اللاحقة أم لا؟

 

ويتميَّز هذا الكتاب - من جهةٍ ثالثة - حيث أشار المؤلِّف إلى بعض ما انفرَد به ابن تيميةَ مِن الآراء الفقهية التي خالف فيها كثيرًا مِن الأئمة الكبار؛ مثل فتواه في:

1 - جواز قصر الصلاة في كل ما يُسمَّى سفرًا، طويلًا كان أو قصيرًا.

2 - القول بأن البكر لا تستبرأ وإن كانت كبيرةً.

3 - السجود للتلاوة لا يشترطُ فيه الوضوء كما يشترط في الصلاة.

4 - القول بأن مَن أكل في شهر رمضان معتقدًا أنه في ليلٍ، ثم ظهَر له أنه نهار، لا قضاء عليه.

5 - القول بأن المتمتِّع يكفيه سعيٌ واحد بين الصفا والمروة؛ كالقارن والمُفرِد في الحج.

6 - القول باستبراء المختلِعة بحَيْضة واحدة.

7 - جواز الوضوء بكلِّ ما يسمى ماءً.

8 - القول بأن الطلاق الثلاث لا يقع إلا واحدة.

9 - القول بأن الطلاق المحرَّم لا يقع.

10- القول بجواز التيمُّم لمن خاف فوات صلاة العيد أو الجمعة باستعمال الماء.

11- القول بالتكفير لمن حلف بالطلاق (بأن يدفع كفارةَ يمينٍ).

 

وليس مِن هدفِنا في هذه المقدمة أن نَعرِضَ لموضوع الكتاب بالبسط والتفصيل، لكن الذي أودُّ أن أُنبِّه إليه هنا أن مُؤلِّف الكتاب قد أشار خلاله إلى كثيرٍ مِن المحن والنوازل التي حلَّت بابن تيمية بسبب آرائه ومواقفه، والتي كانت مثارَ الخلاف بينه وبين خصومه، ينتصر فيها للحق من أهل الأهواء والبِدع، وكذلك الذين يتزلَّفون إلى السلطة بالتقوُّل عليه، والدسِّ على آرائه، وتشويهِ أقواله لدى السلطان، مما كان سببًا في كثير مما نزل بالشيخ مِن المحن.

 

كما حرَص المؤلِّفُ أن يضع بين يدي القارئ النصوصَ القاطعة مِن مُؤلَّفات شيخ الإسلام، التي توضِّح رأيَه بجلاءً لا لَبْس فيه في هذه المسائل الكبار، فكان يذكر الموقفَ التاريخيَّ لشيخ الإسلام، ثم يأتي بالنص القاطع لتوضيح رأيه، وسوف أُشير بإيجاز إلى نماذجَ مِن هذه المواقف لأهميتها في تجلية موقف ابن تيمية من هذه القضايا.

 

المسألة الأولى: ما كتبه في العقيدة الحَمَويَّة التي أملاها في الإجابة على سؤال أهل حَماة سنة ٦٩٨ هـ في جِلسة بين الظهر والعصر، والتي جرى بسببِها مِحَنٌ وابتلاءات للشيخ، ومجملُ هذه الرسالة يدور حول رأي ابن تيمية في قضية الصفات الإلهية، وأن الأَوْلى والأوجب أن نأخذ فيها بما جاء في كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، دون تحريف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف، يقول ابن تيمية: "قولُنا فيها ما قاله الله ورسوله، والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتَّبعوهم بإحسان، وما قاله أئمة الهدى...، وهذا هو الواجب على جميع الخلق...؛ فإن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهُدى ودين الحق، وشهد له بأنه بعثه داعيًا إليه بإذنه وسراجًا منيرًا، وأمره أن يقول: ﴿ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ [يوسف: 108]، فمِن المحال في العقل والدين أن يكونَ السراج المُنير الذي أخرج اللهُ به الناسَ مِن الظلمات إلى النور، وأنزل معه الكتابَ بالحق؛ ليحكمَ بين الناس فيما اختلفوا فيه، وأمر الناسَ أن يردُّوا ما تنازعوا فيه من أمر دينهم إلى الله ورسوله، وأخبر أنه أكمل لهم دينهم، وأتم عليهم نعمته، فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك الرسول لم يُحْكِموا هذا الباب اعتقادًا وقولًا؟

 

ومن المحال أيضًا أن يكونَ الرسول بيَّن لأمتِه كل شيء حتى الخراءة (طريقة الاستنجاء)، وقال لأمَّتِه: ((تركتُكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك))، محال مع هذا كلِّه أن يترُك الرسولُ أمرَ هذه الأمة دون بيانٍ لما يجب اعتقاده في أسماء الله الحسنى وصفاته العليا، حتى يأتي أنباط الفرسِ مِن المتكلمين والفلاسفة فيعلموا الناس ما يعتقدونه في ربِّهم، وكيف يتوهم مَن في قلبه أدنى مُسْكَة من الإيمان أن الرسول ترك أمتَه دون بيان لهذا الأمر الأهم في الاعتقاد، حتى نترك ما قاله الله ورسوله في هذا الأمر، ونأخذ بأقوال المتكلمين والفلاسفة؟ ثم كيف يتصور مسلم أن الحق في هذه المسائل قولًا واعتقادًا ليس في قول الله ولا في قول رسوله، وإنما هو في قول الفلاسفة والمتكلمين؟!".

 

ثم يوضح المؤلف شارحًا بنصوص شيخِه سببَ هذه الفتنة، وأنها ترجِعُ في أصلِها التاريخي إلى ما نقله الفلاسفة المشَّاؤُون عن اليونان مِن آراءٍ لأرسطو في الإلهيات، وحسن ظنهم بهذه الآراء، وظنوها حقًّا لا ريب فيه، ولَمَّا لم يجدوا لها سندًا في كتاب الله ولا في سنة ورسوله، دخلوا في باب التحريف تارة والتعطيل أخرى؛ ليوفِّقوا بين ما جاءهم عن اليونان، وما هو في كتاب الله وسنة رسوله، فردُّوا لأجل ذلك كثيرًا من الأحاديث، وعطلوا كثيرًا من الآيات، وحرَّفوها عن مواضعها، وصاروا في معظم أحوالهم (مخالفين للكِتاب، مختلِفين في الكتاب، متفقين على مخالفة الكتاب)، واعتقدوا نفي الصفات الإلهية في نفس الأمر، وكان لا بد للنصوص القرآنية مِن معنًى يثبتونه، فبقوا متردِّدين بين تأويل اللفظ أو تحريفه عن مواضعه؛ ليُعطلوا بذلك الصفة عن موصوفها، ثم يقول الشيخ: "هذا كتاب الله بين أيدينا، وهذه سنة رسوله الصحيحة - إما نص وإما ظاهر - في أن الله موصوفٌ بصفاته العليا على مراد الله منها، دون تمثيل لها بخلقه، ودون تحريف لها عن مواضعها، ودون تعطيل لها عن موصوفها، فأين هذا من أقوال الفلاسفة والمتكلمين من أنه عالم بذاته، أو عالم بعلمٍ وعلمُه عينُ ذاته، أو أن صفاته ليست عينَه وليست غيرَه؟ بل أين هذا من أودية الضلال والتهلُكة التي أوقعوا المسلمين فيها، وفرَّقوا بها صفوفَ الأمة يلعَنُ بعضُهم بعضًا، ويُكفِّر بعضُهم بعضًا؟!".

 

ويتَّضِح لمَن يقرأُ هذه الرسالة الحَمويَّة أن مَنطِق ابن تيمية أقوى حُجةً، وأنصعُ بيانًا، وأكثرُ موافقةً للكتاب والسُّنة، فلقد ناقَش في هذا الكتاب كثيرًا من الألفاظ المُبهَمة التي يستخدمها المتكلِّمون والفلاسفة في حوارهم بعضهم بعضًا، مثل لفظ: الجسم، الجهة، التركيب، الحيِّز، الجوهر والعرَض، وبيَّن لهم ما في هذه الألفاظ من حق وباطل، فلا ينبغي أن يجعلها المتكلمون أصولًا لعقيدتهم في النفي والإثبات، إلا بعد أن يُبينوا للناس ما فيها مِن حقٍّ فيَقبلوه، وما فيها مِن باطل فيَرفُضوه، وحتى يُبيِّنوا ما المقصود منها نفيًا وإثباتًا، ولكن لم يقنَع خصومه إلا بالنَّيْل منه، والتقوُّل عليه ما لم يقل به! يقول الذهبي:

"ولَمَّا صنَّف الشيخُ المسألة الحموية سنة ثمانٍ وتسعين وستمائة تحزَّبوا له...، وآل بهم الأمر إلى أن طافوا به على قصبة من جهة القاضي الحنفي، ونُودِي عليه بألا يُستفتى، ولما كان سنة 705 هـ طلبه الوالي إلى مصر، وجمع له الفقهاء والقضاة ليسألوه عن مُعتقده، واتَّهمه ابن عدلان بالتجسيم، وأنه يقول: إن الله يتكلم بصوت وحروف، وإنه فوق العرش بذاته...، وقال: أنا أطلب عقوبته، فقال ابن مخلوف - وكان هو القاضي -: ما تقول يا فقيه - مشيرًا إلى ابن تيمية -؟ فأخذ ابن تيمية يحمد الله ويثني عليه، فقال له ابن مخلوف: استرح ما أحضرناك لتخطب، فقال ابن تيمية: مَن القاضي فيَّ؟ فأشاروا إلى ابن مخلوف، فقال ابن تيمية: أنت خَصمي فكيف تحكم فيَّ؟ ولم يسمع لقول ابن تيمية، وأُودع الحبس، وكان خصمه هو المدعي وهو الحكم في نفس الوقت.

 

المسألة الثانية: رسالته القيِّمة التي ألَّفها بعنوان: (تنبيه الرجل العاقل، على تمويه الجدل بالباطل)، تكلَّم فيها عن قواعدَ كلية نافعة، يتبيَّن بها الجدل بالحق من الجدل بالباطل، كما يتبيَّن قاصد الحق والراغب فيه من المعاند للحق الراغب عنه، فإن الله تعالى قد علم ما عليه بنو آدم من كثرة الاختلاف والافتراق، وتبايُن العقول والأخلاق؛ حيث خُلقوا من طبائع ذات تنافر، وابتُلوا بتشعُّب الأفكار والخواطر، فبعث الله الرسلَ مُبشِّرين ومُنذِرين، وأمرهم بالردِّ عند التنازع في الدين إلى الله ورسوله، وعذَرهم فيما يتنازعون فيه مِن دقائق العلوم؛ لخفاء مَدْركها، وخِفَّة مَسلَكها...، وحضَّهم على المناظرة والمشاورة...، كما أمرهم بالمجادلة بالحسنى والمقاتلة لمَن عدل عن سبيل الهدى، فكان السلف يتناظرون ويتجادلون لبيان الصواب وتَجليته، وزَيف الباطل وتنحيته، حتى كان قلَّ مجلسٌ يجتمعون عليه إلا ظهر الصواب، ورجع الراجعون إليه باستدلال المستدِل بالصحيح من الدلائل، وعلِم المنازع أن الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل، وهكذا كان شأن السلف الصالح، كان جدالهم بالحسنى، ومناظرتهم لبيان الحق بقصد الرجوع إليه، والاجتماع عليه، لكن قد تغيرت الأحوال، وتبدلت المقاصد، فخَلَفَ مِن بعدهم خلفٌ مِن أبناء فارس والروم، صاروا مُولَعين بنوعٍ مِن جدل المموِّهين، استحدثه طائفةٌ من المشرقيين، أَلْحَقوه بأصول الفقه في الدين، راوغوا فيه مراوغة الثعالب، وحادوا فيه عن المسلك اللاحب...، ألَّفوا الأدلةَ تأليفًا غيرَ مُستقيم، وعدَلوا عن التركيبِ الناتج إلى العقيم، واستعمال الألفاظ المشتركة والمَجازية في المُقدِّمات، ووضعوا الظنِّيات موضعَ القطعيات، والاستدلال بالأدلة العامة؛ حيث ليست لها دلالةٌ على وجهٍ يستلزم الجمع بين النقيضين مع الإحالة والإطالة...، وقد نَفَقَ ذلك على الأَغْتَامِ الطَّماطِم، وراج رَواج البَهْرج على الغِرِّ العادِم، واغترَّ به بعض الأغمار الأعاجم؛ حتى ظنوا أنه بمنزلة الملزوم مِن اللازم، ولم يعلموا أنه والعلم المقرِّب مِن الله متعاندان متنافيان، وأنه والجهل المركَّب متصاحبان متآخيان.

 

وبعد أن يبيِّن ابن تيمية أحوال أهل الجدل في عصره، وما إليه أمر كل فريق منهم، أخذ يقارن بين ما آل إليه أمر المتكلمين مِن الانتصار للمذهب والتعصب له، وما كان عليه سلف الأمة من الانتصار للحقِّ والرجوع إليه، ثم يضع مجموعة مِن القواعد العامة التي ينبغي أن تكون أصلًا من أصول الحوار والمناظرة في عصرنا وفي كل عصر.

 

ومِن الجدير بالملاحظة أن ابنَ تيمية يغوصُ وراء المعاني الدقيقة التي يحتاج إليها طالب الحق في مناظرته مع أهل الباطل؛ ليجدَ لها سندًا في كتاب الله، أو في سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية على سواء، أو في مواقف بعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وقد طبع أخيرًا هذا الكتاب بتحقيق علمي ببيروت.

 

المسألة الثالثة: مناظرته مع ابنِ المُرَحِّل في معاني الحمد والشكر والفرق بينهما، ومعنى النفاق والفرق بينه وبين عبارات أخرى تجري على ألسنة المتحدِّثين بقصد التورية أو الكناية، أو المجاز أو التقية، وأن الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح، وأن الحمد لا يكون إلا باللسان، والمنقول عن السلف في هذه المسائل، والفرق بين الألفاظ المشتركة والمتواطئة، والفرق بين المعاني المفردة والمعاني المضافة، وهي مِن المناظرات التي احتوَتْ معانيَ دقيقة في دلالات الألفاظ ومعانيها، يحتاج إليها طالب أصول الفقه وطالب اللغة على سواء.

 

المسألة الرابعة: تتعلَّق برسالته التي بعث بها إلى مُريديه في غزو التتار، يحثُّهم فيها على التمسُّك بكتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن ينتبهوا وينبهوا المسلمين إلى أن سُنة الله جارية لا تتخلَّف، وينبغي ألا يغفل عنها المسلمون، وأن السنن الكونية محايدة لا تعرف المحاباة أو المجاملة، فإذا توافرت أسبابها وقعت لا محالة، ثم عقد مقارنة ثريَّة بكل المعاني التي تتعلَّق بالنصر وأسبابه، والهزيمة ومقدماتها؛ حيث قارن بين حال المسلمين في غزوة أُحُد والأحزاب وحُنين، وحال المسلمين في مواجهة التتار في عصره، وكيف أظهرت طبيعة المعركة بين الحق والباطل في الموقفين مَعادِن الرجال، وكيف ظهر النفاقُ بين صفوف المسلمين، وكيف أثَّر ذلك في نتائج المعركة في الحالتين، وعندما طهَّر المسلمون صفوفهم من المنافقين، وأعدُّوا عُدَّتَهم للقاء العدو، تغيرت نتائج المعركة، وأيَّد الله جنوده بالنصر بعد أن أحسنوا الأخذ بأسبابه، يقول ابن تيمية: فإن الفتنة التي ابتُلي بها المسلمون مع هذا العدوِّ المفسِد الخارج عن شريعة الإسلام - قد جرى فيها شبيه لما جرى للمسلمين مع عدوِّهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المغازي التي أنزل الله فيها كتابه، وابتلَى بها نبيَّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وإن الله قص علينا قصص مَن قبلنا؛ لتكون لنا عبرةٌ، فنُشبه حالنا بحالهم، ونقيس أواخر الأمم بأوائلها؛ لأن سُنة الله في ذلك مطَّرِدة، وعاداته مستمرة، فينبغي للمسلمين أن يعتبروا بسنن الله وأيامه في عباده؛ ذلك أن خطر التتار كان قد استشرى في العباد وطبق الخافقين، وظهر بين صفوف المسلمين مَن يخذلهم ويفتُّ في عضُدهم بدعوى أن التتار قوم أهل حرب، ولا قِبَلَ للمسلمين بملاقاتهم، وشاع ذلك بين الناس، فيقول الشيخ مصورًا لحال الناس: "... لقد استطار في جميع ديار الإسلام شررُها، وأَطْلَعَ فيها النفاقُ ناصيةَ رأسه، وكشَّر فيها الكفر عن أنيابه وضِرسه، وكاد فيها عمود الكتاب أن يُجتث ويُخترم، وحبل الإيمان أن يُقطع ويُصْطَلَم، وعقر دار المؤمنين أن يَحِل بها البَوار، وأن يزول هذا الدين باستيلاء الفجرة التتار، وظن المنافقون والذين في قلوبهم مرض أن ما وعدهم الله ورسوله إلا غرورًا، وأن المؤمنين لن ينقلب واحد منهم إلى أهله أبدًا، وظنوا بالله الظنون، ونزلت فتنةٌ تركت الحليم فيها حيرانَ، وأنزلت الرجل الصاحي منزلة السكران، وتركت الرجل اللبيب ليس بالنائم ولا اليقظان، وتناكرت فيها قلوب المعارف والإخوان...، وميز الله فيها بين أهل البصائر والإيقان، مِن الذين في قلوبهم مرض أو نفاق وضعف إيمان...".

 

وانتقل الشيخ مِن تصوير حال المسلمين في عصره إلى مقارنة ذلك بموقف المسلمين يوم الأحزاب، وقرأ ما نزل بشأنها مِن القرآن الكريم، وكيف صوَّر القرآنُ نفسيةَ المنافقين والذين في قلوبهم مرض، حين دام الحصار للمسلمين عام الخندق بضعًا وعشرين ليلة، وجاءهم العدوُّ مِن أماكن مختلفة: ﴿ إِذْ جَاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 10 - 12]، وأخذ كل امرئٍ يُدلي بدَلْوِه، وموقف المسلمين أمام التتار يشبه إلى حدٍّ كبير ما جرى للمسلمين يوم الأحزاب؛ حيث زاغت الأبصار وعمَّ البلاء، وظن المسلمون بالله الظنون، فهذا يظن أنه لا يقف أمام التتار أحدٌ، وهذا يظن أن التتار يأخذون أرض الشام في الصباح الباكر، ومن أحسن الظن بالمسلمين قال: إن التتار يأخذون الشام هذا العام كما ملكوها عام هولاكو سنة سبع وخمسين، ثم قد يخرج العسكر من مصر، فينقذونها مِن التتار كما أنقذوها من هولاكو، ثم يخرج الشيخ من هذه المقارنة الرائعة بين الموقفين بمجموعة من القضايا الاجتماعية التي تصلح أن تكون دُستورًا للمسلمين في لقاء العدو في عصرنا هذا خاصة مع الصِّهْيَوْنيَّة المعاصرة.

 

وأول هذه القضايا: أن ظهور النفاق في القلب يوجب الريب في الأنباء الصادقة التي توجب الكفر، وهذا ما صدَّقته الأحداث في الموقفين يوم الأحزاب ويوم التتار، ففي يوم الأحزاب قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا ﴾ [الأحزاب: 13].

 

وهذا حدث نظيرُه في يوم التتار، فلما قدِم التتار قال بعضهم: ما بقِيَت لدولة الإسلام قائمة، فينبغي الدخول في دولة التتار، وقال آخرون: ما بقِيت دولة الشام تُسكَن، وتركها مهاجرًا إلى مصر، أو إلى اليمن أو الحجاز، وقال بعضهم: بل المصلحة في الاستسلام، وصار المسلمون يفرُّون من الثغور إلى المعاقل والحصون؛ طلبًا للنجاة، وهربًا من لقاء العدو.

 

وأخذ هؤلاء وأولئك يتَّهمون مَن ينادي بضرورة الجهاد وملاقاة العدو بأنه مجنون، لاعقل له، يطلب الهلَكة؛ كما قال تعالى في وصف حال المنافقين: ﴿ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ﴾ [الأحزاب: 19]، والله تعالى صرف الأحزاب يوم الخندق بأن أرسل عليهم ريحًا وجنودًا لم ترَوْها، وفرَّق بين قلوبهم ولم ينالوا خيرًا، وكذلك فعل مع المسلمين يوم التتار؛ حيث بدأ رحيلهم عن الشام يوم الاثنين حادي عشر جمادى الأولى حين دخلت مصر عقيب العسكر، واجتمعت بالسلطان وأمراء المسلمين، وألقى اللهُ الرعبَ في قلوب الأعداء، وثبَّت اللهُ قلوب المسلمين، وأخذوا بأسباب النصر، فاهتمُّوا بأمر الجهاد، وأحسَنوا العُدة للقاء العدو، وخلصت النيَّة، وصدقت الهمة، فكان النصر من الله جزاءً وفاقًا.

 

ويُبين شيخ الإسلام أن النصر لا بد معه من الصبر والأخذ بالأسباب، وامتلاء القلوب بحُسن التوكل على الله، وهذا يكون في طلب الجهاد ومباشرته أوكَدَ مِن غيره، فالجهاد سَنام العمل، ومباشرة الجهاد ينتظم فيها المسلم سنام جميع الأحوال الشرعية، ففيه سنام المحبة، وفيه سنام التوكل، وفيه سنام الصبر، وفيه سنام الإنابة؛ لأن المجاهد أحوجُ الناس إلى التحلي بالصبر والتوكل والإنابة، وهذا كله لا يتأتَّى للمجاهد إلا إذا كان يجاهد في سبيل مَن يحب، وإرضاء مَن يحب، وتنفيذًا لأمر مَن يحب، فحبُّ المؤمن لله هو أساس كل هذه الصفات، والصبر واليقين بالنصر من صفات المجاهد، وهما معًا أصل للتوكل على الله، وهما معًا يوجبان الإمامة في الدين؛ كما قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24].

 

ومن هنا كان الجهاد موجبًا للهداية؛ كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]، وفي الجهادِ حقيقة الزهد في الحياة الدنيا، وفي الجهاد حقيقة الإخلاص، وأعظم مراتب الإخلاص أن يُسلم المجاهد نفسه لله، ولما صدَقَ المؤمنون ربَّهم صدَقَهم الله وعدَه بتحقيق النصر لهم على عدوهم.

 

ومما هو جديرٌ بالتسجيل هنا موقف الشيخ في حروب التتار، خاصة في واقعة (شَقْحَب)، وموقعة (مَرْجِ الصُّفَّر)؛ حيث ظهر مِن شجاعته وقوة إيمانه، وثقته بنصر الله، ما بَهَر العقولَ وحيَّر الأمراء، فلقد صفَّ الصفوف ونادى بالإفطار في شهر رمضان؛ حيث كانت الواقعة في أول شهر رمضان سنة 702 هـ، وأخذ يَحُثُّ المسلمين على الثبات وعدم الفرار، والتفَّ حوله الأمراء والولاة وجموع المسلمين، وأصبحت كلمته في ضرورة الجهاد شعارًا، ولم يبقَ مِن ملوك الشام تركيٌّ ولا عربي، إلا واجتمع بالشيخ في تلك المدة، واعتقد خيره وصلاحه ونُصحه لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، ونزل على رأيه في ضرورة الجهاد أمراءُ مصر وولاتها، وقدم جيشٌ صحِبه السلطان الناصر محمد قلاون، واجتمع بهم شيخ الإسلام بمكان (مرج الصُّفَّر)؛ يقول ابن عبدالهادي: (واتَّفق له من اجتماعهم ما لم يتَّفق لأحد قبله من أبناء جنسه؛ حيث اجتمعوا بجملتهم في مكان واحد في يوم واحد، على أمر جامع لهم وله، وظل بينهم يحثهم ويدفعهم إلى الجهاد دفعًا، ويَعِدُهم بإحدى الحسنيين؛ إما النصر مع الصبر، وإما الشهادة، إلى أن صدق الله وعده، ونصر جنده، وهزَم التتار، ودخل جيش الإسلام دمشق، وفي مقدمة صفوفه شيخ الإسلام، شاكيًا سلاحه، عاليةً كلمتُه، قائمةً حُجتُه).

 

وهذا الموقف وما أحاط به من ظروف وملابسات، يُبين هنا كيف كانت حياة الرجل، وكيف اقترن علمه بعمله؛ ليكون نموذجًا للعلماء من بعده.

 

المسألة الخامسة: مناظرته في العقيدة الواسطية، وكانت في يوم الاثنين الثامن من رجب سنة 705 هـ؛ حيث طلبه القضاة والفقهاء؛ ليناظروه في عقيدته بحضرة السلطان الأفرم، فأحضر الشيخ رسالة كتَبها لأهل واسط تسمى بالعقيدة الواسطية، بيَّن لهم فيها رأي أهل السُّنة وسلف الأمة في مسائل الاعتقاد، وقرِئت هذه الرسالة في مجلس السلطان في ثلاثة أيام، وكان على رأس المناظرين له صفي الدين الهندي، وابن الزملكاني، وصدر الدين بن الوكيل (ابن المُرَحِّل)، وحاولوا أن يُحرِّفوا كلام الشيخ عن مواضعه، وأخذ ابن الوكيل يُشنع عليه بما لم يقله، ويقول: إن الشيخ رجع عن عقيدته، وقد سجل ابن تيمية بخطه ما جرى له في هذه المناظرات - خلال الأيام الثلاثة - في رسالتِه التي عنوانها: (مناظرة في العقيدة الواسطية)، ولما سألوه عن عقيدته قال لهم: أما الاعتقاد، فلا يؤخذ عني ولا عمَّن هو أكبر مني، بل يؤخذ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وما أجمع عليه سلفُ الأمة، فما كان في القرآن وجَب اعتقاده، وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة.

 

ولَمَّا سألوه عن الكتب التي يكتُبها يدعو بها الناس إلى عقيدته، قال لهم: أنا لم أكتب إلى أحد كتابًا ابتداءً أدعوه فيه إلى شيء من ذلك، ولكنني كتبت أجوبةً أجبت بها مَن يسألني من أهل الديار المصرية وغيرهم.

 

ثم أخذ الشيخ يوضح للسلطان أن خصومه دسُّوا عليه كلامًا لم يقل به، وكذَبوا عليه آراءً لا يعلم بها، وأن أقواله وآراءه موجودة في كتبه، وأحضر لهم العقيدة الواسطية، وقال لهم وللسلطان: (كان قد بلغني أنه زوِّر عليَّ كتاب إلى الأمير الجاشنكير - أستاذ دار السلطان - يتضمن ذكر عقيدة محرفة، ولم أعلم بحقيقته، لكن علمت أنه مكذوب عليَّ، وأنا أعلم أن أقوامًا يكذبون عليَّ كما كذبوا عليَّ غير مرة)، يقول الشيخ: (ما جمعت إلا عقيدة السلف الصالح...، وقد أمهلت مَن خالفني في شيء منها ثلاث سنين، فإن جاء بحرفٍ واحد عن القرون الثلاثة الأولى...، يخالف ما ذكرته، فأنا أرجع عن ذلك، وأمرت أن تعاد قراءة العقيدة أمام الحاضرين، فلم يكن فيها ما يخالف كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم).

 

النسخ المخطوطة:

(١) وصف نسخة (ك):

هذه النسخة مُصوَّرة مِن مركز المخطوطات والتراث والوثائق بجمعية إحياء التراث الإسلامي بدولة الكويت، عدد لوحاتها (83) لوحة، واللوحة عبارة عن صفحتين (أ، ب)، وقد رقمت صفحات المخطوط بأرقام فارسية تبدأ من صفحة (أ) برقم (١)، وتنتهي أيضًا عند صفحة (أ) برقم (١٦٥)، ومقياس كل صفحة في اللوحة 21 × 29،5 سم، وتشغَل الكتابة في كل صفحة 135 × 23سم من الصفحة، ومسطرتها ما بين ٢٥ - ٢٦ سطرًا، وعدد كلمات السطر الواحد ما بين 18: 20 كلمة، وقد كتبت بخطِّ نسخ جميل واضح إلا بعض الكلمات، كما يوجد بالنسخة فراغات في بعض صفحاتها بمقدار كلمة وأحيانًا كلمتين أو أكثر.

 

وقد بدأ المخطوط بالبسملة في وسط السطر ومعها (حسبي الله ونعم الوكيل)، ثم التصريح باسم المؤلف ثم ذكر مقدمته على النحو التالي:

(قال الشيخ الإمام الحافظ المحقق أبو عبدالله محمد بن عبدالهادي المقدسي رحمه الله ورضي عنه، وأثابه الجنة بفضله ورحمته، وإيانا وسائر المسلمين: الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا... أما بعد: فهذه نبذة يسيرة مختصرة في ذكر حال سيدنا وشيخنا شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية رحمه الله ورضي عنه وأثابه الجنة برحمته، وذكر بعض مناقبه وبعض مصنَّفاته...).

 

وفي اللوحة قبل الأخيرة مِن هذا المخطوط توجد قصيدةُ شعرٍ في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لابن الوردي، لم يُثبِتها الشيخ محمد حامد الفقي في (ط)، وفي نهاية هذه القصيدة كتب الناسخ ما يلي: (وقع الفراغ التام مِن نسخ الكتاب المستطاب من أوله إلى صفحة (١١٥) بيد أبي عبدالله محمد بن حسن سلمه ربه، ومن صفحة (١١٦) إلى آخره بيد أبي إسماعيل يوسف حسين بن محمد حسن الصابر الحنيف السني المحمدي، رواح يوم الاثنين 12 شوال سنة ١٣١٢ الهجرية على صاحبها أتم الصلاة وأزهى التحية)، ثم قال شعرًا:

ستبقى خطوطي في الدفاتر برهةً ♦♦♦ وأَنمَلتي تحت التراب رميمُ


وانتهى المخطوط بذكر مقتل مَرْوان الحمار الجعدي آخر خلفاء بني أمية على يد العباسيين وقيام الدولة العباسية، وقال المؤلف في آخر المخطوط: (... وخرج عليه بنو العباس وعليهم عبدالله بن علي عم السفاح، فسار لحربهم، فالتقى الجمعان بقربِ الموصل، ففرَّ مروان ورجع إلى الشام، فتبعه عبدالله، ففر مروان إلى مصر، فتبعه صالح أخو عبدالله فالتقيا بقرية بوصيرى، فقتل مروان بها في ذي الحجة من السنة المذكورة).

 

وهي كما ترى - لا عَلاقة لها بترجمة المؤلف لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولعل هذا ما جعل الشيخ محمد حامد الفقي لا يثبتها في طبعته الأولى للكتاب.

 

ويوجد في هوامش بعض الصفحاتِ تصويبات وإضافات يسيرة بخط الناسخ نفسه، وكان يشير بجانبها بعبارة (كذا بالأصل)، ثم يذكر اسمه (أبو إسماعيل يوسف حسين...)، وسنشير إليها في موضعها - إن شاء الله تعالى - أثناء التحقيق.

 

وقد أخذ الناسخ بنظام (التعقيبة) في جميع الصفحات، وهي الكلمة التالية لآخر كلمة في الصفحة (أ)، والتي تعتبر الكلمة الأولى للصفحة (ب)، وهو نظام جيد يدل على دقة الناسخ واهتمامه، وحرصه على تنبيه القارئ ببداية الصفحة التالية.

 

وقد جاءت صفحة البيانات الخاصة بهذه المخطوطة "ك" على النحو التالي:

• اسم الكتاب: العقود الدرية في ذكر بعض مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية.

• اسم المؤلف: أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عبدالهادي بن قدامة المقدسي ت 744 هـ.

• رقمه: العام - 2/ 5.

• الفن: تراجم.

• الأجزاء: 1.

• عدد الأوراق: 164 صفحة - مقاسه 33 * 21 سم، وترك لها هامشًا بعرض 4 سم، 27 - 28 سطرًا.

• مصدر الكتاب: مكتبة حامد الفقي.

• تاريخ الخط: الاثنين 12 شوال 1312 هـ.

 

• الملاحظات: كُتِب بخط التعليق الجيد، وعلى هوامشها ذكرٌ لمطالب الكتاب، وهي نسخة مصحَّحة وحالتها جيدة، وكتب الشيخ حامد الفقي بخطه تملُّكَه لهذه النسخة، وأرَّخه في غرة ذي الحجة سنة 1349 هـ.

 

• في آخره: "وقع الفراغ التام من نسخ الكتاب المستطاب من أوله إلى صفحة 115 بيد أبي عبدالله محمد بن حسن سلمه الله، ومن صفحة 116 إلى آخره بيد أبي إسماعيل يوسف حسين بن محمد حسن الصابر الحنيف السني المحمدي".

وقد فضلنا أن نرمز لهذه النسخة بالرمز "ك" إشارة إلى مصدرها، وهو مركز المخطوطات بالكويت.

 

(2) وصف نسخة "ص":

هي نسخة مصورة في معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية ميكروفيلم رقم 913 تاريخ 23 ق، عن نسخة موجودة بمكتبة الشيخ خليل خالدي بالقدس الشريف، وهي بخط نسخ عادي، تم نسخها في القرن التاسع؛ أي: بعد وفاة المؤلف الذي توفي سنة (744 هـ) بوقت غير بعيد.

 

وعدد لوحات المخطوط (199) لوحة، ومسطرتها (13) سطرًا، وعدد كلمات السطر الواحد ما بين 6: 9 كلمات، واللوحة عبارة عن صفحتين (أ، ب)، مقياس كل صفحة 15 * 19.5 سم، وتشغل الكتابة في كل صفحة 13 سم من الصفحة.

 

وقد كتب أعلى صفحة البيانات - على شكل مثلث مقلوب - عُنوان الكتاب على النحو التالي: "كتاب الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية - تغمده الله برحمته - من تصنيف العلامة الأوحد الفهامة سيدي الشيخ عبدالرحمن المقدسي، عفا الله عنه، آمين".

وعلى يسار هذا العُنوان يوجد نص تملُّك بلفظ: "في نوبة الفقير عبدالله الحنبلي عفا الله عنه".

 

وهذه النسخة ناقصة الآخر، وتنتهي بقوله: "وفي ثاني يوم - بعد صلاة الجمعة - جمع القضاة وأكابر الدولة بالقلعة لمحفل الشيخ، وأراد الشيخ أن يتكلَّم، فلم يُمَكَّن من البحث والكلام...".

 

وقد بدأ المخطوط بالبسملة ثم بمقدمة للمؤلف بدايتها: "الحمد لله نحمده ونستعينه...، أما بعد: فهذه نبذة يسيرة مختصرة في ذكر حال سيدنا وشيخنا شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية رضي الله عنه وأدخله الجنة برحمته، وذكر بعض مصنفاته".

 

ويوجد على هوامش بعض الصفحات بعض التصويبات وإضافات يسيرة بخطِّ الناسخ نفسه، سنشير إليها في حينها، إن شاء الله تعالى.

وقد خلَت النسخة مِن أية عناوين للفصول أو عناوين جانبية، لكنها التزمَت بنظام "التعقيبة".

 

وقد جاءت صفحة البيانات الخاصة بنسخة "ص" على النحو التالي:

1- مكتبة الشيخ خليل الخالدي.

2- رقم المخطوط فيها بالقدس - رقم الفيلم 42 من 429.

3- اسم الكتاب: الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية.

4- اسم المؤلف: عبدالرحمن المقدسي.

5- تاريخ النسخ: القرن التاسع الهجري - خط نسخ حسن.

6- عدد الأوراق: 250 تقريبًا.

7- 13 سطرًا، المقاس 13 × 11.

 

8- الملاحظات: المخطوط ناقص الآخر، ينتهي بقوله: "وفي ثاني يوم بعد صلاة الجمعة جمع القضاة وأكابر الدولة بالقلعة لمحفل الشيخ، وأراد الشيخ أن يتكلم، فلم يُمكَّن من البحث والكلام".

 

ولقد تبيَّن لنا من المقارنة بين نسختَي "ص" و"ك" أن نسخة "ص" هي الأقدم من حيث تاريخ نسخها؛ لأنها نُسِخت في القرن التاسع الهجري، أما نسخة "ك"، فقد تم نسخها في القرن الرابع عشر الهجري، وهي منقولة عن أصل آخر لم نعثر على أي إشارة إليه في هذه المخطوطة إلا بعد كلمات؛ مثل: "كذا بالأصل"؛ مما يدل على أنها منسوخة عن أصل آخر.

 

وبعد الفراغ من المقابلة بين النسختين، تبيَّن لنا من ملاحظة الفروق بينهما ما يلي:

1- أن نسخة "ك" تتميز بالاستشهادات وكثرة النصوص التي أخذها ابن عبدالهادي من مؤلفات ابن تيمية؛ مثل: إجابته على سؤال معين، أو فتوى معينة، أو بيان لمسألة عقائدية، وهذا ما نجده في النصوص التي أوردها ابن عبدالهادي من العقيدة الحموية، وفتاوى الطلاق، والعقيدة الواسطية، ومسألة الزيارة، فهذه النصوص لا يوجد معظمها في نسخة "ص"، ولكن يوجد في موضعها المسألة الخاصة التي وردت هذه النصوص بشأنها كدليل على صحة رأي ابن تيمية فيها.

 

2- أن نسخة "ص" أكثر دقة في الكثير من المواضع، واستطعنا بواسطتها تصويبَ كثير من الأخطاء الموجودة في نسخة "ك"، وقد أشرنا إلى ذلك في مواضعه من الهوامش في صفحات الكتاب.

 

3- أن نسخة "ص" - وهي الأقدم كما سبق - اعتبرها المؤلف مُسوَّدة أولى للكتاب، ثم عاد إليها بالتنقيح بعد وفاة شيخه وهذَّبها، بالإضافة لكثير مِن النصوص أو الحذف من نسخة "ك"، ومثال ذلك: أن المؤلِّف قد أورد في نسخة "ص" معظم نص الرسالة الحموية، وفي نسخة "ك" أورد جزءًا يسيرًا مِن هذه الرسالة، ثم عبر عن بقية الرسالة بقوله: "ثم ذكر الشيخ رحمه الله تعالى جملًا نافعة، وأصولًا جامعة في إثبات الصفات والرد على الجهمية، وذكر من النقول عن سلف الأمة وأئمتها في إثبات العلو وغيره - ما يضيق هذا الموضع عن ذكره"[30].

 

والجزء الذي عبَّر عنه المؤلف بقوله: "... ما يضيق هذا الموضع عن ذكره"، يقابله في نسخة "ص" مِن "لوحة 8 أ -60 ب"، وهي عبارة عن معظم العقيدة الحموية التي ذكرها كاملة في "ص"، وعبَّر عنها في "ك" بالعبارة السابقة.

 

وقد فضَّلنا الأخذ بما في نسخة "ك" في هذا الموضع؛ لأن الرسالة الحموية قد طُبِعت مرات عديدة، وفي إثباتها مخالفة لِما استقرَّ عليه رأي المؤلف أخيرًا في نسخة "ك".

 

وتكرَّر ذلك في مواضع أخرى؛ حيث نجد أن النص الذي أورده المؤلف في "ص" لوحة (5 - 7) عبر عنه في "ك" بقوله: "...ثم أطال الشيخ رحمه الله الكلام... إلخ"[31].

 

وفضَّلنا الأخذ بنسخة "ك" في هذا الموضع أيضًا لطول هذه النصوص من جانب؛ ولأن في إثباتها مخالفة لما استقر عليه رأي المؤلف أخيرًا - من جانب آخر - كما سبق.

 

4- أن نسخة "ص" تخلو تمامًا من قصائد الشعر التي قيلت في رثاء ابن تيمية؛ مما يدل بوضوح على أن هذه النسخة فرغ المؤلف مِن معظمها قبل وفاة ابن تيمية؛ يعني في أثناء حياته، ثم أضاف إليها في "ك" الرثاء الذي قاله تلامذة ابن تيمية بعد وفاته؛ مما يدل على أن نسخة "ك" وضعها المؤلف بعد وفاة شيخه.

 

5- تتميز نسخة "ص" بأنها النسخة التي وجدنا عليها عُنوان الكتاب صراحةً باسم "الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية - تغمَّده الله برحمته"، واخترنا أن نرمز لهذه النسخة بالرمز "ص" إشارة إلى عنوان الكتاب "الانتصار".

 

6- حدث خطأٌ في تدوين بيانات نسخة "ص"؛ حيث كتب الناسخ على صفحة العنوان أنها تأليف ".. سيدي عبدالرحمن المقدسي" سهوًا أو توهُّمًا، وهو خطأ واضح، فليُنتَبه إلى ذلك الخطأ.

 

الرموز المستعملة:

1- "ص" يرمز بها لنسخة القدس "الانتصار".

2- "ك" يرمز بها لنسخة "الكويت".

3- "ط" يرمز بها لطبعة الشيخ حامد الفقي.

4- [ ] ما بين الحاصرتين زيادات ليست بالنص.

 

منهج التحقيق:

راعينا في تحقيق الكتاب الخطوات التالية:

١ - المقابلة بين النسختين "ك" و"ص".

٢ - اعتبرنا قراءة نسخة "ص" هي الأصح في كثير من المواقف؛ لدقتها كما هو مبين في مواضعه من الهوامش.

٣ - التزمنا بتخريج الأحاديث الواردة من الكتب الستة قدر الاستطاعة.

٤ - عزو الآيات القرآنية وضبطها بالشكل.

٥ - ترجمة الأعلام التي لها أثرٌ في النص أو في الموقف المعيَّن.

 

٦ - تقسيم النص إلى فقرات؛ مع وضع عناوين رئيسية وجانبية توضيحًا للنص، ووضعها بين حاصرتين إشارة إلى أنها ليست بالنص الأصلي.

٧ - ضبط الكلمات التي كانت في حاجة إلى ذلك.

 

٨- وقد رأينا إكمالًا للفائدة إضافة بعض الملاحق إلى ذلك في الكتاب؛ مثل: ترجمة ابن كثير في "البداية والنهاية" لابن تيمية، وكذلك ترجمة ابن رجب الحنبلي في "الذيل على طبقات الحنابلة" لشيخ الإسلام؛ ليكتمل أمام القارئ صورة كاملة لحياة شيخ الإسلام.



[1] انظر: 2/ 436؛ بتحقيق محمد حامد الفقي، دار إحياء الكتب العربية، (عيسى الحلبي).

[2] انظر: شذرات الذهب: 6/ 141.

[3] انطر: تذكرة الحفاظ: 4/ 1508.

[4] انظر: البداية والنهاية: 14/ 210.

[5] بغية الوعاة: 1/ 29 - تحقيق أبو الفضل إبراهيم.

[6] انظر: البداية والنهاية: 14 / 210.

[7] طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب، ثم أكمله رحمه الله، وطبع كاملًا بعناية جامعة الإمام محمد بن سعود بالسعودية.

[8] 4 / 1508 - دار إحياء الكتاب العربي بيروت.

[9] 2 / 436 - بتحقيق محمد حامد الفقي.

[10] 14/ 201.

[11] 6/ 141.

[12] ص 432 - 435.

[13] 1/ 26.

[14] راجع في ذلك المصادر التي ترجمت لابن عبدالهادي، والتي أشرنا إليها سابقًا.

[15] انظر: الذيل على طبقات الحنابلة 2 / 390.

[16] انظر: الكواكب الدرية، ورقة 3، مخطوط.

[17] انظر: تاريخ ابن الوردي 2 / 407.

[18] انظر: المرجع السابق 2/ 410.

[19] انظر: الرد الوافر ص 68.

[20] انظر: طبقات الحفاظ لابن عبدالهادي، "نقلًا عن الرد الوافر ص 28"، والذيل على طبقات الحنابلة 2 / 392.

[21] انظر: الرد الوافر ص 129.

[22] انظر: السابق ص 120.

[23] انظر: الذيل على طبقات الحنابلة 20 /387.

[24] انظر: الشهادة الذكية؛ لمرعي الحنبلي ص 54.

[25] انظر: الذيل على طبقات الحنابلة 392/2، والرد الوافر ص 50 - 51.

[26] انظر: البداية والنهاية ١٤/ 135.

[27] في الشهادة الذكية، وانظر: الرد الوافر ص 50 ،51، 120.

[28] انظر: الشهادة الذكية ص54.

[29] انظر: الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية، بتحقيق زهير الشاويش.

[30] راجع: ص 103 من ط.

[31] راجع: ص 102 من ط.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في أصول التحقيق العلمي وطبع النصوص
  • حماية المخطوطات وأصول التحقيق عند القدماء في ملتقى وطني أبريل المقبل بجامعة الجلفة

مختارات من الشبكة

  • المقدمات في أصول الفقه: دراسة تأصيلية لمبادئ علم أصول الفقه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب منهاج التحقيق ومحاسن التلفيق في أصول الدين(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • التحقيق في مسائل أصول الفقه التي اختلف النقل فيها عن الإمام مالك بن أنس (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من قضايا أصول النحو عن علماء أصول الفقه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (1) علم أصول الفقه يجمع بين العقل والنقل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من قضايا أصول النحو عند علماء أصول الفقه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (5)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفصيل ثلاثة أصول من أصول العقائد (3)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب