التعريف بمختصر الطليطلي في الفقه المالكي (1)

التعريف بـ(مختصر الطليطلي) في الفقه المالكي (1)

هذه رسالة في التعريف بـ(مختصر ابن عبيد الطليطلي علي بن عيسى بن عبيد التجيبي)، (ت: منتصف القرن الرابع)؛ لأنَّ الواجب على أهل العلم أمرانِ:

الأول: العناية بكتب الأقدمين، وتكون:

1- بإخراج النص اعتمادًا على ما أمكن من النُّسَخ الخطيَّة.

2- دراسة مناهج مؤلِّفيها فيها.

3- تقريب مسائل الكتاب بتوثيق الآثار والأقوال، ووضع فهارس وكشَّافات.

ويجمعها علمُ التحقيق، لكن التسرُّع وعدم أهلية المشتغل بالتحقيق أساء إلى كثيرٍ مِن الكتب.

الآخر: التأليف والبحث في المسائل التي تحتاج إلى بحث.

وهذه الرسالة من النوع الأول، أرجو أن أُوفَّق لِما أردتُ، وأن أسهم في صرف المعلمين والمتعلمين إلى هذا الكتاب، وبالله أستعين.

وقد سبقه التعريف بـ"الخصال لابن زرب".

الباب الأول: أسانيد الكتاب والعناية به.

المبحث الأول: ترجمة المؤلف:

قال القاضي عِياض بن موسى اليحصبي (ت: 544):  

علي بن عيسى بن عبيد التجيبي طليطلي أبو الحسن.

أخذ بقرطبة عن [أبي مَرْوان] عبدالله بن يحيى [(ت: 298)]، و[أبي عثمان] سعيد بن عثمان [التجيبي، يعرف بالأعناقي والعناقي (ت: 305)]، و[أبي عمر] أحمد بن خالد [المعروف بابن الجباب (ت: 322)] ونظرائهم.

وبطُلَيْطلة عن [أبي محمد] وسيم بن سعدون (ت: 313) وغيره.

وكان فقيهًا عالِمًا، وله مختصر مشهور يُنتَفع به[1].

روى عنه ابن مدراج [عبدالرحمن بن عيسى (ت: 363)] و[أبو عبدالحميد] شكور بن حبيب [الهاشمي (ت: 375)]، وانتقدت عليه فيه مسائل، وهي صحيحة جيدة جاريةٌ في الأصول، وإن خالفَه فيها غيرُه، وقال بعضُ الفقهاء: مَن حفِظه فهو فقيه قرية؛ فقال ابن مغيث - [أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبدالله بن محمد بن مغيث (ت: 532)، شيخُ القاضي عياض، وهو مذكور في بعض أسانيد المختصر كما يأتي، ويحتمل أن يكون جد جده يونس بن عبدالله (ت: 429)، ولكن عِياضًا يقول فيه: القاضي يونس بن مغيث (2 / 85 - 6 / 107 - 7 / 18 - 8 / 117)، وفي ترجمته: القاضي يونس بن الصفار (8 / 15)] -: لو كانت مثل مصر لمن أتقن حفظه والتفقه في أصوله.

قال أبو الأصبغ [عيسى] بن سهل (ت: 486): سألت [أبا عبدالله محمد] بن عتاب (ت: 462) عنه، فقال: كان مِن أهل العلم، ثم احتججت بعد ذلك عليه في مسألة جرتْ بيني وبينه بما في مختصر ابن عبيد، فقال غير الكلام الأول.

قال [أبو جعفر أحمد بن عبدالرحمن] ابن مطاهر[2] (ت: 489): كان عبيد فقيهًا عالِمًا، ثقة، زاهدًا ورعًا، مجاب الدعوة، محسنًا في تعليمه قانعًا، يأمر بالمعروف وينهَى عن المنكر، حتى استثقله أهل طُلَيطلة، فانحاز عنهم إلى قرية كان له بها جنة، يحفرها ويعتمِلُها بيده، ويقوم منها حاله، وكان الطلبة ينهضون إليه بها، فيأخذون عنه، وبلغه رغبة الحكم المستنصر في استجلابه، ففرَّ عن موضعه.

وكان ابن الفخار [أبو عبدالله محمد بن عمر (ت: 419)] يقول: يا أهلَ طليطلة، كتابانِ جازا قنطرتَكم وتلقَّاهما الناس: تفسير [الموطأ لـ:] يحيى [بن إبراهيم] بن مزين (ت: 259)، ومختصر ابن عبيد[3].

وسأله رجلٌ أن يكتب له إلى قائد طلبيرة في ردِّ مالٍ غصبه له، فكتب إليه: مِن علي بن عيسى إلى الظالم يحيى، رُدَّ على الرجل مالَه، واتَّقِ الله، وإياك ودعوةَ المظلوم، فليس بينها وبين اللهِ حجابٌ، فقال الرجل: لست أحمل هذا الكتاب أبدًا، فبلغ ذلك العامل، فردَّ مظلمته؛ اهـ[4].

وجاء في بعض أسانيد "المختصر" - كما يأتي -: حدَّثني به أبو القاسم خلف بن يحيى الطليطلي، قراءة مني عليه، قال حدثنا به أبو عبدالحميد شكور بن حبيب الهاشمي، قال: حدثنا الرجل الصالح أبو الحسن علي بن عيسى بن عبيد التجيبي الطليطلي مؤلفه رحمه الله؛ اهـ[5].

المبحث الثاني: أسانيد الكتاب:

أكثر الأسانيد تنتهي إلى: أبي عبدالحميد شكور بن حبيب الهاشمي (ت: 375)، وبعضها ينتهي إلى: ابن مِدْراج عبد الرحمن بن عيسى (ت: 363).

ويُروى من طريق أبي عمر [يوسف بن عبدالله بن محمد] ابن عبد البر (ت: 463) عن أبي القاسم القشيري - كما في فهرسة ابن خير، ووصف بأنه أديب - أو البشيري - كما في برنامج التجيبي وأصلِه برنامج ابن أبي الربيع؛ لأنه يرويه عنه - أو السري - كما في فهرسة المنتوري، وروايته من طريق ابن أبي الربيع - عن المؤلف.

ويحتمل أن يكون الصواب "الفهري"، وهو: خلف بن يحيى بن غيث الفهري أبو القاسم الطليطلي نزيل قرطبة (ت: 405) يروي "المختصر" عن ابن شكور، وكثير الرواية عن ابن مِدراج.

ويحتمل: اليسيري.

قال ابن بَشْكُوال أبو القاسم خلف بن عبد الملك (ت: 578): أبو القاسم اليسيري: يروي عن ابن عبيد "مختصره في الفقه"، حدّث به عنه أبو عمر بن عبدالبر، لقيه بقرطبة وأخذه عنه. اهـ[6].

قال ابن خير الإشبيلي أبو بكر محمد بن خير (ت: 575):

حدثني به شيخنا أبو الحسين عبدالملك بن محمد بن هشام رحمه الله قراءة مني عليه، قال: حدثني به أبو محمد عبدالرحمن بن محمد بن عتاب رحمه الله قراءة عليه وأنا أسمع، قال: حدثني به أبي [أبو عبدالله محمد بن عتاب] رحمه الله قراءة مني عليه وأنا أسمع، قال: حدثني به أبو القاسم خلف بن يحيى الطليطلي قراءة مني عليه، قال: حدثنا به أبو عبدالحميد شكور بن حبيب الهاشمي، قال: حدثنا الرجل الصالح أبو الحسن علي بن عيسى بن عبيد التجيبي الطليطلي مؤلفه رحمه الله.

قال أبو عبدالله محمد بن عتاب: قال أبو القاسم خلف بن يحيى: وقُرئ على أبي المطرف عبدالرحمن بن عيسى بن محمد - ويعرف بابن مِدْراج - فأجازه.

ومعنى قوله: "فأجازه" لم ينكر منه شيئًا؛ لعلمه وفضله، وعرض عليه فاستحسنه وجوَّده.

قال أبو محمد بن عتاب: وأخبرني به أيضًا إجازةً أبو عمر [يوسف بن عبدالله بن محمد] بن عبدالبر النمري الحافظ (ت: 463) قال: قرأته على الأديب أبي القاسم القشيري [في برنامج ابن أبي الربيع والتجيبي: البشيري، وفي الصلة: اليسيري، وفي فهرسة المنتوري: السري]، وحدَّثني به عن مؤلفه علي بن عيسى ابن عبيد رحمه الله.

وحدثني به أبو محمد بن عتاب رحمه الله إجازةً فيما كتب به إليَّ بالأسانيد المتقدمة.

وحدثني به أيضًا:

الشيخ أبو الأصبغ عيسى بن محمد بن أبي البحر رحمه الله قراءة عليه.

وأبو القاسم أحمد بن محمد بن بقي رحمه الله إجازةً.

والفقيه المشاور أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث رحمه الله إذنًا ومشافهةً.

قالوا: حدَّثنا الفقيه أبو عبدالله محمد بن فرج قال: حدثنا به الفقيه أبو محمد عبدالله بن محمد بن الوليد قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبدالله النخيلي عن شكور بن حبيب عن علي بن عيسى بن عبيد الطليطي مؤلفه.

وحدثني به أيضًا الشيخ الفقيه الإمام الزاهد أبو عبدالله محمد بن أحمد بن عبيدالله بن عبدالرحمن الأنصاري رضي الله عنه، قراءة عليه في مسجده، قال: حدثني به الشيخ أبو عمر أحمد بن مبشر الأموي قراءة مني عليه، وأكملتُه بالقراءة عليه في يوم عرفة سنةَ ست وخمسمائة، قال: حدثني به أبو القاسم عبدالرحمن بن قاسم بن ما شاء الله المرادي، قال: حدثنا به أبو محمد عبدالرحمن بن محمد بن عباس عن شكور بن حبيب عن علي بن عيسى بن عبيد مؤلفه؛ اهـ[7].

قال التجيبي القاسم بن يونس (ت: 730): قرأتُ جميعَه تفقهًا على العلامة أبي الحسين ابن أبي الربيع القرشي [عبيدالله بن أحمد، صاحب البرنامج] رحمه الله تعالى، وكمل ذلك في سنة ست وثمانين وستمائة.

وحدثنا به [القرشي المذكور وهو في برنامجه[8]] عن أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقي، عن أبي محمد بن عبيدالله الحجري، عن أبي الحسن علي بن عبدالله بن موهب، عن ابن عبدالبر، عن أبي القاسم البشيري [في فهرسة ابن خير: القشيري]، عن المؤلف، رحم الله جميعهم.

وقرأت طائفة منه بمدينة مالقة - حرسها الله تعالى - على الشيخ الصالح أبي عبدالله محمد ابن الشيخ الثقة أبي بكر عياش بن محمد القرطبي رحمه الله تعالى، وناولنا سائره، وصحَّ ذلك في شهر رمضان المعظم من سنة أربع وتسعين وستمائة بحقِّ سماعه له على أبيه أبي بكر، قال: أخبرنا أبي أبو عبدالله، قال: حدثني صهري المقري أبو القاسم غالب قال: حدثنا أبو الحسن يونس بن مغيث، عن أبي عبدالله محمد بن فرج بن الطلاع، عن أبي محمد عبدالله بن الوليد المصري، عن أبي عثمان سعيد بن عبدالله النخلي، عن شكور بن حبيب، عن المصنف.

قال أبو بكر بن محمد المذكور [عياش القرطبي]:

وحدثنا أيضًا به أبو عبدالله المذكور، عن أبي القاسم بن بشكوال، عن أبي محمد بن عتاب، عن أبيه، عن أبي القاسم خلف بن يحيى [الفهري الطليطلي]، عن شكور المذكور.

قال شيخنا أبو عبدالله: وحدثنا أيضًا به صهري أبو القاسم بن الطيلسان - قراءةً عليه لبعضه وإجازةً لسائره - عن الفقيه أبي محمد بن عبدالحق - قراءةً عليه - قال: قرأتُه على أبي قال: حدثنا الفقيه المشاور أبو عبدالله محمد بن فرج المذكور.

قال شيخنا أبو عبدالله: وقد أجازه القاضي أبو محمد بن عبدالحق لأبي، رحمهم الله أجمعين؛ اهـ[9].

وقال المِنْتَوري لأبي عبدالله محمد بن عبدالملك بن علي القيسي المنتوري (ت: 834): قرأتُ جميعه على الأستاذ أبي عبدالله محمد بن محمد بن عمر، وحدَّثني به عن الأستاذ أبي الحسن علي بن سليمان القرطبي، عن الأستاذ أبي الحسين عُبيدالله بن أحمد بن أبي الربيع، عن القاضي أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقي، عن الشيخ أبي محمد عبدالله بن محمد الحَجْري، عن الحاج أبي الحسن علي بن عبدالله بن موهب، عن الحافظ أبي عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر، عن أبي القاسم السري عنه؛ اهـ[10].

وقال ابن الأبار محمد بن عبدالله بن أبي بكر القضاعي البلنسي (ت: 658): وحدَّث [علي بن عبدالله بن خلف] أبو الحسن بن النعمة (ت: 567) في "برنامجه" بـ"مختصر الطليطلي"، عن أبي عبدالله الخولاني [محمد بن الحسن البلغي] المذكور، عن موسى بن هارون بن أبي درهم، قرأةًَ عليه، قال: حدثنا خلف بن مسعود قال: أخبرنا حكم بن إسماعيل قال: أخبرنا شكور بن حبيب قال: أخبرنا علي بن عيسى بن عبيد.

وهذا إسناد لا يصح؛ لأن موسى بن هارون لم يروِ عن خلف بن مسعود - وهو ابن الجلاد - ولعله يحدث عن أبيه أو عن جده عنه، فسقط بينهما رجل، وحكم هو ابن محمد بن إسماعيل السالمي، كذا نسبه ابن بشكوال؛ اهـ[11].

وممن أخذ المختصر عن مؤلفه:

 1- عمرو بن عثمان بن خطار (ت: 400):

قال ابن بَشْكُوال: عمرو بن عثمان بن خطار بن بشير بن عمرو بن يزيد بن روق بن رفاعة بن سعيد بن عبدالملك الذي جاز مع طارق بن زياد وموسى بن نصير الأندلس، يعرف بعبدالرزاق، من أهل قرطبة، يكنى أبا حفص، أخذ عن أبي الحسن علي بن عبيد مختصره في الفقه؛ اهـ[12].

 2- أبو عبدالله محمد بن عبدالله، المعروف بالحشاء:

قال ابن الأبار: محمد بن عبدالله المعروف بالحشاء يكنى أبا عبدالله، حدث بـ"مختصر الطليطلي"، وروى عنه أبو القاسم خلف [بن أحمد] بن بطال (مولده في حدود: 398)، وفيه عندي نظر؛ اهـ[13].

المبحث الثالث: الثناء على المختصر:

قال القاضي عِياض بن موسى اليحصبي (ت: 544): وله مختصر مشهور ينتفع به، روى عنه [المختصر] ابن مِدْراج [عبدالرحمن بن عيسى (ت: 363)]، وشكور بن حبيب (ت: 375)، وانتقدت عليه فيه مسائل، وهي صحيحة جيدة جارية في الأصول، وإن خالفه فيها غيره، وقال بعض الفقهاء: مَن حفِظه فهو فقيه قرية، فقال ابن مغيث [أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث (ت: 532)]: لو كانت مثل مصر لمن أتقن حفظه، والتفقه في أصوله...، قال ابن الفخار [أبو عبدالله محمد بن عمر (ت: 419)]: يا أهل طليطلة، كتابانِ جازا قنطرتكم وتلقَّاهما الناس: تفسير [الموطأ لـ] يحيى بن [بن إبراهيم] بن مزين (ت: 259) ومختصر بن عبيد؛ اهـ[14].

وقال ابن الفرضي أبو الوليد عبدالله بن محمد (ت: 403): وله مختصر في المسائل، أخذه الناس عنه وانتفع به؛ اهـ[15].

قال التجيبي القاسم بن يونس (ت: 730): ظهرت بركته، واشتهرت منفعته، وكان شيخُنا أبو الحسن ابن أبي الربيع المذكور رحمه الله يُحرِّض مَن أراد أن يقرأ الفقه أن يبتدئ به، ويقول: إن البركة عُرِفت في ذلك أو كما قال؛ اهـ[16].

وأسانيده ومخطوطاته - وذكر له محقق الكتاب في الطبعة المشار إليها خمس نسخ خطية - وله نسخة بالعامية الأندلسية "الخاميادو" كما يأتي.

وذكر ابن بَشْكُوال أبو القاسم خلف بن عبدالملك (ت: 578) عن ابن الحصار عبدالرحمن بن محمد (ت: 438): وكان صبورًا على النسخ، ذكر عنه أنه نسخ "مختصر ابن عبيد"، وعارضه في يوم واحد؛ اهـ[17].

ويزيد في الدلالة على أهميته إقراؤه والتحديث به زيادة على الأسانيد السابقة:

قال ابن الأبار محمد بن عبدالله بن أبي بكر القضاعي البلنسي (ت: 658): محمد بن يوسف بن سعيد بن عيسى الكناني من أهل طليطلة، وسكن بلنسية، يكنى أبا عبدالله (ت: قبل الـ500)، روى عن أبي بكر أحمد بن يوسف بن حماد (ت: 449)، سمع منه "مختصر الطليطلي" في الفقه، وحدَّثه به عن [أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن حسين] ابن شنظير (ت: 401)؛ اهـ[18].

قال ابن الأبار: أحمد بن مبشر الأموي مِن أهل إشبيلية، يكنى أبا عمر: روى عن أبي القاسم عبدالرحمن بن ما شاء الله الطليطلي، وكان فقيهًا، حدث عنه أبو عبدالله بن المجاهد بـ"مختصر الطليطلي" في الفقه، وذكر أنه أكمل قراءته عليه يوم عرفة سنة ست وخمسمائة من خط ابن خير؛ اهـ[19].

قال ابن الأبار في محمد بن مسعود بن خالص من أهل شلب يعرف بالأمروشي: ووقفت على سماع له في "مختصر الطيلطلي" مع القنطري هذا [أبي القاسم محمد بن عبدالله بن أحمد (ت: 561)] بخط أبي بكر بن خير وبقراءته على أبي الحسين بن الطلاء في سنة تسع وأربعين وخمسمائة؛ اهـ[20].

قال ابن الأبار: علي بن محمد بن علي بن هذيل عن أهل بلنسية، وأصله من أصيلا بالعدوة، وكثيرًا ما يقول فيه ابن عياد الأصيلي، يكنى أبا الحسن (ت: 564)، روى عن أبي داود سليمان بن نجاح المقرئ (ت: 496)، واختصَّ به وتحقق ولازمه نحوًا من عشرين سنة بـ"دانية" و"بلنسية"، ونشأ في حجره؛ لأنه خلف على أمه بعد أبيه، وأخذ عنه القراءات عرضًا، وسمع منه جُلَّ رواياته، وهو أثبت الناس فيه، وصارت إليه أصوله العتيقة في فنون العلم بخطه، وكان أبو داود قد كتب الكثير، وسمع أيضًا من أبي محمد الركلي صحيح البخاري وغيره، ومن أبي عبدالله بن عيسى "مختصر الطليطلي" في الفقه؛ اهـ[21].

قال ابن الأبار: مسعدة بنت أبي الحسن علي بن أحمد بن الباذش - زوج أبي عبدالله النميري، وأخت الأستاذ أبي جعفر - كانت من عفائف النساء وصوالحهن، وكانت لها رواية عن أبيها، ذكرها لي ابن سالم، وقال: أظنها حدثت عنه بـ"مختصر الطليطلي" في الفقه، وتوفيت بعد السبعين وخمسمائة؛ اهـ[22].

قال ابن الأبار: محمد بن حسين بن عبدالله بن عمر بن هارون بن موسى، سكن بلنسية...، وكتب بخطه علمًا كثيرًا، لقيتُه وناولني كتبًا؛ منها: رسالة ابن أبي زيد، و"مختصر الطليطلي"، والتيسير لأبي عمرو المقرئ، ولم يكن له بصر بالحديث، وتوفي في ظهر يوم الثلاثاء السادس لذي القعدة سنة تسع وستمائة؛ اهـ[23].

قال ابن الأبار: فاطمة بنت أبي القاسم عبدالرحمن بن محمد بن غالب الشراط من أهل قرطبة، تعرف بأم الفتح (ت: 613)، أخذت عن أبيها قراءةَ نافع، وختمت عليه بها القرآن غير مرَّة، واستظهرت عليه الشهاب للقضاعي، والتنبيه لمكي، و"مختصر الطليطلي"؛ اهـ[24].

قال التجيبي القاسم بن يونس (ت: 730): قرأتُ جميعَه تفقهًا على العلَّامة أبي الحسين ابن أبي الربيع [عبيدالله بن أحمد - صاحب البرنامج] القرشي، رحمه الله تعالى، (ت: 688)، وكمل ذلك في سنة ست وثمانين وستمائة؛ اهـ[25].

المبحث الرابع: شروحه:

1- شرح أبي عبدالله بن المجاهد الإشبيلي (ت 574)، له نسخة خطية بدار الكتب المصرية، وهو قيد التحقيق[26].

2- تقييد لأبي عبدالله محمد بن عبدالرحمن الكرسوطي الفاسي (ت: 690).

قال أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن سعيد، المعروف بلسان الدين (ت: 776)، وقيَّد على مختصر الطليطلي؛ اهـ[27].

3- منظوم الدرر في شرح كتاب المختصر لابن الفخار محمد بن أحمد المالقي (ت: 723).

جاء في أوله: "قال... أبو بكر محمد بن علي بن محمد ابن الفخار الجُذامي رضي الله عنه وأرضاه وأكرم في الدارين مثواه، وجعل الجنة منزله ومأواه في تمشيته على كتاب مختصر الطليطلي رحمه الله تعالى؛ اهـ[28]، محقَّق ومطبوع بمركز الدراسات والأبحاث - المغرب.

4- شرح ابن كشتغدي محمد بن أحمد المصري.

نقل أحمد بابا التنبكتي (ت: 1036)، عن الخطيب ابن مرزوق أبي عبدالله محمد بن أحمد (ت: 780) [الظاهر في "فهرسة شيوخه"]: قرأت عليه [ابن كشتغدي]:... ومن "شرح لمختصر أبي الحسن الطليطلي"، الذي ألَّفه باقتراح السلطان مالي موسى ملك السودان؛ اهـ[29].

المبحث الخامس: نظمه:

قال ابن فرحون إبراهيم بن علي اليعمري (ت: 799): أبو حاتم الضرير كان ذا مشاركة في الفقه والأدب، ورجَز مختصرَ أبي الحسن علي بن عيسى بن عبيد الطليطلي في الفقه، وأكمله في أرجوزة مزدوجة اهـ[30].

ظاهر كلامه أنه أتمَّه بذكر باقي كتب وأبواب الفقه.

لكن قال ابن الأبار: أبو حاتم الضرير من أهل قرطبة: كان مشاركًا في الفقه والأدب، وله أرجوزة مزدوجة نظم فيها مختصر أبي الحسن الطليطلي، وأتى على أبوابه، ولا أعرفه بغير هذا؛ اهـ[31].

المبحث السادس: التتمَّات عليه:

كتاب الجنائز: يأتي أنه لم يذكر "باب الجنائز".

قال ابن خير الإشبيلي أبو بكر محمد بن خير (ت: 575) - بعد أن أسند الكتاب من طريق أبي عبدالله محمد بن عتاب -: قال أبو عبدالله محمد بن عتاب: وزدت أنا فيه بابًا في "الصلاة على الجنائز"، وقرأت هذا الباب [الصلاة على الجنائز] على شيخنا أبي الحسن عبدالملك بن محمد بن هشام المذكور [في سند الكتاب] قال: قرأته على أبي محمد [عبدالرحمن] بن عتاب، وحدثني به عن أبيه رحمه الله؛ اهـ[32].

يتبع.