• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

سب الصحابة رضي الله عنهم

الشيخ ندا أبو أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/10/2015 ميلادي - 28/12/1436 هجري

الزيارات: 114211

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سب الصحابة رضي الله عنهم


من المعلوم من عقيدة أهل السنة والجماعة: أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كلهم عدول، وهذه من مسائل العقيدة القطعية، ومما هو معلوم من الدين بالضرورة، والأدلة على ذلك كثيرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".


أولًا: الأدلة من القرآن الكريم على عدالة الصحابة:

تجد أن رب العالمين في كثير من الآيات القرآنية يثني على الصحابة، ويترضى عنهم؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]، فتجد في هذه الآية أن الله تعالى زكى بواطنهم وما في قلوبهم، وهذا لا يعلمه إلا الله؛ لذا ترضى عنهم، يقول ابن حزم رحمه الله تعالى كما في "الفصل في الملل والنحل" (4/ 148):

"فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزل السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم، أو الشك فيهم البتة"؛ اهـ.


وقال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29]، قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى : "وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور"؛ (زاد المسير: 1/ 204).


• وقال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].


• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في "الصارم المسلول" (ص572):

"فرَضِيَ عن السابقين عن غير اشتراط إحسان، ولم يرضَ عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان"؛ اهـ.


• وقال تعالى: ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾[1] [الحديد: 10].


وقد استدل ابن حزم رحمه الله تعالى بهذه الآية على: "أن الصحابة جميعًا من أهل الجنة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ﴾ [الحديد: 10]؛ (الفصل في الملل والنحل: 4/ 148).


• وقال تعالى: ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ﴾ [النمل: 59].


يقول سفيان الثوري والسدي في هذه الآية: "هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم"؛ (تفسير ابن كثير: 3/ 503).


وقال تعالى: ﴿ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [سبأ: 6].


يقول قتادة رحمه الله تعالى في هذه الآية: "هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم"؛ (تفسير الطبري: 22/ 44).


وهناك كثير من الآيات التي تبين مكانة الصحابة ورفعة درجاتهم، كيف لا؟ وهم الذين اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم، وأبنائهم وأموالهم، وقاتلوا دونه، ورفعوا رايته، وأعزوا سنته، ونصروا شريعته.


• يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:

"من كان منكم متأسيًا، فليتأسَّ بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه؛ فاعرِفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"؛ (جامع بيان العلم وفضله: 2/ 947).


ثانيًا: الأدلة من السنَّة المطهرة على عدالة الصحابة:

فكما أثنى رب العالمين على الصحابة أجمعين، فكذلك أثنى عليهم النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؛ فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم[2]، ثم الذين يلونهم...))؛ الحديث.


• ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سبِّهم، وحذر من الطعن فيهم.

1) فقد أخرج الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن سب أصحابي، فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين))؛ (الصحيحة: 2340) (صحيح الجامع: 6285).


2) وأخرج الطبراني أيضًا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((لعن اللهُ من سب أصحابي))؛ (صحيح الجامع: 5111).


3) وأخرج الطبراني كذلك عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا))؛ (صحيح الجامع: 545).


4) وأخرج ابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((احفظوني في أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).


5) وأخرج "البخاري ومسلم" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسبوا أصحابي؛ فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا، ما بلغ مُدَّ[3] أحدهم، ولا نصيفه[4])).


• وفي رواية الإمام أحمد: ((لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أُحدٍ ذهبًا، ما بلغ مُدَّ أحدهم))؛ (صحيح الجامع: 7310).


6) وأخرج البخاري في "التاريخ" والترمذي - بسند فيه مقال - عن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهَ الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرَضًا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله أوشك أن يأخذه".


وإن كان الحديث ضعيفًا إلا أن المعنى صحيح، ويشهد لمعناه الأحاديث السابقة؛ لأن من سب الصحابة فقد رد ثناء الله عليهم، وكذَّب بصريح القرآن، وبكلام الحبيب العدنان صلى الله عليه وسلم.


7) وأخرج الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((النجوم أمنة[5] للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أنا أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)).


8) وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم في "السنة" عن واثلة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحبني))؛ (حسنه الحافظ في الفتح: 7/ 5).


9) وأخرج الإمام أحمد والنسائي والحاكم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أكرموا أصحابي؛ فإنهم خياركم)).


10) وأخرج ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفًا عليه قال: "لا تسبوا أصحاب محمد؛ فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة".


• وفي رواية: "خير من عمل أحدكم عمره".


وهناك أحاديث كثيرة جدًّا تدل على فضائل الصحابة، وقد جمع الإمام أحمد رحمه الله تعالى في كتابه "فضائل الصحابة " مجلدين، قريبًا من ألفي حديث وأثر، وهو أجمع كتاب في بابه.


• أما عن سب الصحابة وحكمه:

فإن سب الصحابة أنواع، ولكل نوع من السب حكمه الخاص به؛ فمن رمى الصحابة بالكفر أو الفسق ليس كمن رماهم بالبخل أو ضعف الرأي، ويختلف كذلك الحكم فيمن سبهم جميعًا أو أكثرهم، أو يكون السب لبعضهم أو لفرد منهم.


• أما من سب الصحابة بالكفر أو الفسق أو الردة، لجميعهم أو معظمهم، فلا شك في كفره؛ لأن العلم الحاصل من الكتاب والسنة الدال على فضلهم قطعي، ومن أنكر ما هو قطعي فقد كفر.


• يقول الهيثمي رحمه الله تعالى : "ثم الكلام - أي الخلاف - إنما هو في سب بعضهم، أما سب جميعهم فلا شك في أنه كفر"؛ اهـ (الصواعق المحرقة: ص 379).


• يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في "الصارم المسلول"(ص 586):

"وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلا نفرًا قليلًا لا يبلغون بضعة عشر نفسًا - أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضًا في كفره؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع، من الرضا عنهم، والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين... إلى أن قال: "وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام"؛ اهـ.


• وقال ابن فرحون في كتابه "تبصرة الحكام"(2/ 213):

"وأما من شتم أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أو عمر أو عثمان أو عليًّا أو معاوية أو عمرو بن العاص - فإن قال: كانوا على ضلال، فقد كفر، وقُتل، وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس، نكل نكالًا شديدًا، ومن سب أحدًا من آل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب ضربًا وجيعًا، ويشهر، ويحبس طويلًا حتى تظهر توبته؛ لأنه استخفاف بحق الرسول صلى الله عليه وسلم؛ اهـ بتصرف.


• وقد استنبط الإمام مالك من قوله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ﴾ [الفتح: 29] كُفْرَ من يبغضون الصحابة؛ لأن الصحابة يغيظونهم، ومن غاظه الصحابة فهو كافر، ووافقه الشافعي وغيره"؛ (الصواعق المحرقة: ص317)، (تفسير ابن كثير: 4/ 204).


• وقال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه "الكبائر" (ص276):

"إنما يعرف فضائل الصحابة رضي الله عنهم من تدبر أحوالهم وسيرهم وآثارهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد موته؛ من المسابقة إلى الإيمان، والمجاهدة للكفار، ونشر الدين، وإظهار شعائر الإسلام، وإعلاء كلمة الله ورسوله، وتعليم فرائضه وسننه، ولولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل ولا فرع، ولا علمنا من الفرائض والسنن سنةً ولا فرضًا، ولا علمنا من الأحاديث والأخبار شيئًا.


فمن طعن فيهم أو سبهم، فقد خرج من الدين، ومرق من ملة المسلمين؛ لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساوئهم، وإضمار الحقد فيهم، وإنكار ما ذكره الله تعالى في كتابه من ثنائه عليهم، وفضائلهم ومناقبهم وحبهم.


ولأنهم أرضى الوسائل المأثورة، والوسائط من المنقول، والطعن في الوسائط طعن في الأصل، والازدراء بالناقل ازدراء بالمنقول، وهذا ظاهر لمن تدبره وسلم من النفاق والزندقة والإلحاد في عقيدته"؛ اهـ.


أما عن سب بعضهم سبًّا يطعن في دينهم، كأن يتهمهم بالكفر أو الفسق، وكان ممن تواترت[6] النصوص بفضله كالخلفاء، فذلك كفر - على الصحيح - لأن في هذا تكذيبًا لأمر متواتر.


• يقول أبو محمد بن أبي زيد عن سحنون رحمه الله تعالى :

"من قال في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي: إنهم كانوا على ضلال أو كفر، قتل، ومن شتم غيرهم من الصحابة بمثل ذلك، نكل النكال الشديد[7]".


• وقال هشام بن عمار: "سمعت مالكًا يقول: "من سب أبا بكر وعمر قتل، ومن سب عائشة قتل؛ لأن الله تعالى يقول فيها: ﴿ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [النور: 17]، فمن رماها، فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن، قُتل[8]".


• أما قول الإمام مالك رحمه الله تعالى في الرواية الأخرى: "من سب أبا بكر جلد، ومن سب عائشة قتل، قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن"، فالظاهر - والله أعلم - أن مقصود الإمام مالك رحمه الله تعالى هنا في سب أبي بكر فيما دون الكفر؛ اهـ.

(اعتقاد أهل السنة في الصحابة للدكتور محمد بن عبدالله الوهيبي).


وعلى هذا يحمل كلام أهل العلم الذين لم يكفروا من طعن في الصحابة.


• يقول الهيثمي رحمه الله تعالى : "أجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة على أنهم فساق[9]".


• يقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى في كتابه "السنة" (ص 71):

"ومن الحجة الواضحة البينة المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين، والكف عن ذكر مساوئهم، والخلاف الذي شجر بينهم؛ فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحدًا منهم أو تنقص أو طعن عليهم، أو عرَّض بعيبهم أو عاب أحدًا منهم - فهو مبتدع رافضي خبيث، مخالف، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا، بل حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خير الناس، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئًا من مساوئهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص؛ اهـ.


• ويقول الإمام أحمد أيضًا رحمه الله تعالى : "إذا رأيت أحدًا يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء، فاتهمه على الإسلام - أو قال: ما أراه على الإسلام".


• قال القاضي أبو يعلى معلقًا على قول الإمام أحمد: "ما أراه على الإسلام" إذا استحل سبهم، فإنه يكفر بلا خلاف، ويحمل إسقاط القتل على من لم يستحل ذلك مع اعتقاده لتحريمه.


• وعن مصعب بن عبدالله قال: حدثني أبي عبدالله بن مصعب الزبيري، قال: قال لي أمير المؤمنين المهدي: يا أبا بكر، ما تقول فيمن تنقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قال: قلت: زنادقة، قال: ما سمعت أحدًا قال هذا قبلك! قال: قلت: هم قوم أرادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقص، فلم يجدوا أحدًا من الأمة يتابعهم على ذلك، فتنقصوا هؤلاء عند أبناء هؤلاء، وهؤلاء عند أبناء هؤلاء، فكأنهم قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحبه صحابة السوء، وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة السوء! فقال: ما أراه إلا كما قلت"؛ (تاريخ بغداد: 10/ 174).


• وقال أبو زرعة الرازي رحمه الله تعالى : "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابةُ، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة"؛ (فتح المغيث: 3/ 101).


• وقال النووي رحمه الله تعالى "شرح مسلم" (5/ 400):

"واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام، من فواحش المحرمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون، قال القاضي: "وسب أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل، وقال بعض المالكية: يقتل".


• وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري" (7/ 36):

"اختلف في ساب الصحابي، فقال عياض: "ذهب الجمهور إلى أنه يعزر، وعن بعض المالكية يقتل، وخص بعض الشافعية ذلك بالشيخين والحسنين، فحكى القاضي حسين في ذلك وجهين، وقواه السبكي في حق من كفر الشيخين، وكذا من كفر من صرح النبي صلى الله عليه وسلم بإيمانه، أو تبشيره بالجنة، إذا تواتر الخبر بذلك عنه؛ لما تضمن تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم".


• ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : "قال إبراهيم النخعي: كان يقال: شتم أبي بكر وعمر من الكبائر، وكذلك قال أبو إسحاق السبيعي: شتم أبي بكر وعمر من الكبائر التي قال الله تعالى فيها: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ ﴾ [النساء: 31].


• ونقل الإمام النووي رحمه الله تعالى في "شرحه على مسلم" (16/ 93) عن القاضي عياض قال: "وسب أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور أن يعزر ولا يقتل"؛ اهـ.


• ويقول الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى مبينًا حكم استحلال سب الصحابة: "ومن خص بعضهم بالسب، فإن كان ممن تواتر النقل في فضله وكماله كالخلفاء، فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته، فقد كفر؛ لتكذيبه ما ثبت قطعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومكذبه كافر، وإن سبه من غير اعتقاد حقية سبه أو إباحته، فقد تفسق؛ لأن سِباب المسلم فسوق، وقد حكم البعض فيمن سب الشيخين بالكفر مطلقًا، والله أعلم"؛ (الرد على الرافضة: ص19).


خلاصة ما سبق:

من سب بعض الصحابة سبًّا يطعن في دينه وعدالته، وكان ممن تواترت النصوص بفضله، فإنه يكفر - على الراجح - لتكذيبه أمرًا متواترًا، أما من لم يكفره العلماء، فأجمعوا على أنه من أهل الكبائر، ويستحق التعزير والتأديب، ولا يجوز للإمام أن يعفو عنه، ويزاد في العقوبة على حسب منزلة الصحابة، ولا يكفر عندهم - إلا إذا استحل السب.


• أما سب صحابي سبًّا يطعن في دينه، لم يتواتر النقل بفضله، فقول جمهور العلماء بعدم كفر من سبه، إلا أن يسبه من حيث الصحبة.


يقول الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى : "وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله، فالظاهر أن سابه فاسق، إلا أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يكفر".


• أما سب بعضهم سبًّا لا يطعن في دينهم وعدالتهم؛ كاتهامهم بضعف الرأي، وضعف الشخصية والغفلة، وحب الدنيا... ونحو ذلك، فلا شك أن فاعل ذلك يستحق التعزير والتأديب.


يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما في "الصارم المسلول" (ص 586):

"وأما إن سبهم سبًّا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم، مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد... ونحو ذلك، فهو الذي يستحق التأديب والتعزير، ولا يحكم بكفره بمجرد ذلك، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من العلماء"؛ ا.هـ.

(اعتقاد أهل السنة في الصحابة للدكتور محمد بن عبدالله الوهيبي).



[1] الحسنى: الجنة؛ كذا قال مجاهد وقتادة" (انظر تفسير ابن جرير الطبري: 2/ 127).

[2] ويدخل في هذا النهي عن سب التابعين، بدلالة هذه الأحاديث، وثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليهم.

[3] المد: قال في لسان العرب: المُد: ضرب من المكاييل، وهو ربع صاع، وهو قدر مد النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر أقوالًا أخرى، وقال: وقيل: "إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعامًا، ونقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" (7/ 34) عن البيضاوي قوله: "معنى الحديث: لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهبًا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مُد طعام أو نصيفه، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية، قلت: (القائل: الحافظ): وأعظم من ذلك في سبب الأفضلية عظم موقع ذلك؛ لشدة الاحتياج إليه، وأشار بالأفضلية بسبب الإنفاق إلى الأفضلية بسبب القتال؛ كما وقع في الآية: ﴿ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ﴾ [الحديد: 10]، فإن فيها إشارة إلى موقع السبب الذي ذكرته؛ وذلك أن الإنفاق والقتال كان قبل فتح مكة عظيمًا؛ لشدة الحاجة إليه، وقلة المعتني به، بخلاف ما وقع بعد ذلك؛ لأن المسلمين كثروا بعد الفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، فإنه لا يقع ذلك الموقع المتقدم، والله أعلم.

[4] وقوله: نصيفه، قال الترمذي: "أي: نصف المد".

[5] الأَمَنَة: هي الأمــان.

[6] بعض العلماء يقيد ذلك بالخلفاء، والبعض يقتصر على الشيخين، ومنهم مَن يفرق باعتبار تواتر النصوص بفضله أو عدم تواترها، ولعله الأقرب، والله أعلم.

[7] الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض: 2/ 1109 (تحقيق البجاوي).

[8] الصواعق المحرقة: ص 384.

[9] الصواعق المحرقة: ص 384.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سب الدين أو الملة
  • من سب الله تعالى مستحلا لذلك أو غير مستحل
  • سب الملائكة وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم
  • سب العلماء والطعن فيهم والاستهزاء بهم
  • سب المسلم العاصي
  • سب الشيطان والأموات
  • صور من خوف الصحابة رضي الله عنهم
  • حرمة سب الصحابة
  • مكانة أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • سب الدهر والريح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من الكبائر الشائعة (5) سب أحد من الصحابة رضي الله عنهم أو بغضه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخبار ما وقع في حكم خلفاء الدولة العبيدية من سب الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التفصيل في حكم سب الصحابة(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • حكم سب الدين في حالة الغضب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الغبار والنهي عن سب الريح(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • التحذير من سب الأيام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن سب الشيطان وأن ذلك مما يزيده تعاظما في نفسه والأمر بالاستعاذة بالله منه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ظاهرة سب الدين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: أن يقول الصائم إذا شتم أو سب إني صائم(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- بارك الله بكم وجعلها في ميزان حسناتكم
صلاح - السويد 20-10-2021 05:23 PM

اللهم صل وسلم وبارك على هذا النبي الكريم صاحب الخلق العظيم حبيبنا محمد إمام الأنبياء والمرسلين وقائد الغر المحجلين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه الأبرار، بارك الله بكم وجزاكم كل خير.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب