آداب المتعلم داخل الفصل ومع الكتاب (2)

آداب المتعلم داخل الفصل ومع الكتاب (2)

آداب خاصة بالقرآن الكريم:

كتاب الله تعالى هو أعظم الكتب التي بين أيدينا، وأعلاها شرفًا، هو أصدق كتاب، وأوفى جواب، وهو فصل الخطاب، فيه خبر ما قبلنا، ونبأ ما بعدنا، وحُكم ما بيننا، وهو الفصل ليس بالهزل، من تمسك به هداه الله، ومن أبعده أبعده الله، هو كلام الحق تبارك وتعالى، تكلم به حقيقةً، ونزل به جبريل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، محفوظ من الزيادة والنقصان؛ يقول الله جل وعلا: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، والباحث وضَعه مع هذا الأدب ليس تابعًا، ولكنه متبوع، ولكن لما تكلم الباحث عن آداب الكتاب بشكل عام، ألحق هذه المفردة معه لبيان الحقوق الخاصة التي يتميز بها القرآن الكريم عن غيره من الكتب، والتي ينبغي على المتعلم أن يولِيَها غاية العناية، وقد أورد ابن مفلح المقدسي رحمه الله مجموعةً من الآداب الخاصة بالقرآن الكريم، سيوردها الباحث على شكل نقاط:

• الطهارة: قال ابن مفلح المقدسي: "ومنها أن يتحرى قراءته متطهرًا"[1].

• قال ابن مفلح المقدسي: "ويجوز تقبيل المصحف، قدَّمه في الرعاية وغيرها، وعنه يستحب؛ لأن عكرمة بن أبي جهل كان يفعل ذلك؛ رواه جماعة، منهم: الدارمي، وأبو بكر عبدالعزيز"[2].

• القيام له؛ قال ابن مفلح المقدسي: "وقال الشيخ تقي الدين: إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض، فقيامهم لكتاب الله أحق"[3].

• عدم الاتكاء عليه؛ قال ابن مفلح المقدسي: "وقال ابن عبدالقوي في كتابه مجمع البحرين: إنه يحرم الاتكاء على المصحف، وعلى كتب الحديث، وما فيه شيء من القرآن، اتفاقًا؛ انتهى كلامه"[4].

• الحذر من الاستخفاف بآياته أو جحودها؛ قال ابن مفلح المقدسي: "وقال القاضي عياض: اعلم أن من استخف بالقرآن أو بالمصحف أو بشيء منه أو جحد حرفًا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه، من حُكم أو خبر، أو أثبت ما نفاه، أو نفى ما أثبته، وهو عالم بذلك، أو شك في شيء من ذلك - فهو كافر بإجماع المسلمين"[5].

• الترتيل وعدم السرعة في قراءته؛ قال ابن مفلح المقدسي: "ويستحب ترتيل القراءة وإعرابها، وتمكن حروف المد واللين من غير تكلف، قال أحمد: تعجبني القراءة السهلة، وكره السرعة في القراءة"[6].

• تحسين الصوت بقراءته؛ قال ابن مفلح المقدسي: "قال أحمد: يحسِّن القارئ صوته بالقرآن، ويقرؤه بحزن وتدبر، وهو معنى قوله عليه السلام: ((ما أذِن الله لشيء كإِذْنِه لنبي يتغنَّى بالقرآن)) نص عليه"[7].

• مجموعة من الآداب؛ قال ابن مفلح المقدسي: "وذكر جماعة من أصحابنا وغيرهم - منهم الآجري والحافظ أبو موسى - لقراءة القرآن آدابًا، منها: إدمان تلاوته، ومنها: البكاء، فإن لم يكن فالتباكي، ومنها حمد الله عند قطع القراءة على توفيقه ونعمته، وسؤال الثبات والإخلاص، ومنها: السؤال ابتداءً، ومنها: أن يسأل عند آية الرحمة، ويتعوذ عند آية العذاب، ومنها: أن يجهَر بالقراءة ليلاً لا نهارًا، ومنها: أن يواليَ قراءته، ولا يقطعها لحديث الناس، وفيها نظر إذا عرضت حاجة، ومنها: أن يقرأ بالقراءة المستفيضة لا الشاذة الغريبة، ومنها: أن تكون قراءته عن العدول الصالحين العارفين بمعانيها، ومنها: أن يقرأ ما أمكنه في الصلاة؛ لأنه أفضل أحوال العبد، ولأن في الحديث: أن القراءة فيها تضاعف على القراءة خارجًا عنها"[8].

• قال ابن مفلح المقدسي: "وقال محمد بن جحادة: كانوا يستحبون أن يختموا في ركعتي المغرب، أو في الركعتين قبل الفجر"[9].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "ومنها: إن كان قاعدًا استقبل القِبلة، ومنها: كثرة تلاوته في رمضان، ومنها: أن يتحرى أن يعرضه كل عام على مَن هو أقرأ منه"[10].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "ومنها: أن يفخمه؛ لأنه رُوي عنه عليه السلام: ((نزل القرآن بالتفخيم))، قال الحافظ أبو موسى: معناه: أن يقرأه على قراءة الرجال، ولا يخضع الصوت به ككلام النساء، وليس معناه كراهة الإمالة، ويحتمل إرادتها، ثم رخص فيها"[11].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "ومنها: أن يفصل بين سورة مما قبلها، إما بالوقف أو التسمية، ولا يقرأ من أخرى قبل فراغ الأولى"[12].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "ومنها: الوقف على رؤوس الآيِ وإن لم يتم الكلام؛ لوقفه في قراءة الفاتحة على كل آية، ولم يتم الكلام؛ قال أبو موسى: ولأن الوقف على آخر السورة لا شك في استحبابه، وقد يتعلق بعضها ببعض كسورة الفيل مع قريش"[13].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "ومنها: أن يعتقد جزيل ما أنعم الله عليه؛ إذ أهَّله لحفظ كتابه، ويستصغر عرض الدنيا أجمع في جَنْبِ ما خوَّله الله تعالى، ويجتهد في شُكره"[14].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "ومنها: ترك المباهاة، وألا يطلب به الدنيا، بل ما عند الله"[15].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "ومنها: ألا يقرأ في المواضع القذرة"[16].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "وينبغي أن يكون ذا سكينة ووقار وقناعة ورضا بما قسم الله تعالى، مجانبًا للدنايا، محاسبًا لنفسه، يعرف القرآن في سَمتِه وخُلقه؛ لأنه صاحب الملك، والمطلع على ما قد وعد فيه وهدد، فإذا بدرت منه سيئة بادر محوها بالحسنة"[17].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "وروى الحافظ أبو موسى بإسناده عن ابن مسعود قال: ينبغي لحامل القرآن أن يُعرَف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطِرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخلطون، وبخشوعه إذا الناس يختالون، وينبغي أن يكون باكيًا محزونًا حكيمًا عليمًا سكينًا، ولا يكون جافيًا، ولا غافلاً، ولا صاخبًا، ولا صيَّاحًا، ولا حديدًا"[18].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "وذكر الحافظ أبو موسى وغيره أن من جملة الأدب: ألا يجهر بين مصلين أو نيام أو تالين جهرًا يؤذيهم"[19].

• قال ابن مفلح المقدسي رحمه الله: "من غلط فترك شيئًا من القرآن فقال: "أُنسِيت ذلك" أو أسقطه اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصحيحين من حديث عائشة، وفيهما عن ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((بئسما لأحدكم - وللبخاري: لأحدهم - يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نُسِّي، استذكروا القرآن؛ فهو أشد تفلتًا من صدور الرجال من النَّعَم))[20].

[1] المقدسي، محمد بن مفلح. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج2. ص441 - 442.

[2] (المرجع السابق): ج2. ص408.

[3] (المرجع السابق): ج2. ص409.

[4] (المرجع السابق): ج2. ص410.

[5] (المرجع السابق): ج2. ص410.

[6] (المرجع السابق): ج2. ص437.

[7] المقدسي، محمد بن مفلح. الآداب الشرعية. (المرجع السابق): ج2. ص438.

[8] (المرجع السابق): ج2. ص441 - 442.

[9] (المرجع السابق): ج2. ص441 - 442.

[10] (المرجع السابق): ج2. ص441 - 442.

[11] (المرجع السابق): ج2. ص441 - 442.

[12] المقدسي، محمد بن مفلح. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج2. ص441 - 442.

[13] (المرجع السابق): ج2. ص441 - 442.

[14] (المرجع السابق): ج2. ص441 - 442.

[15] (المرجع السابق): ج2. ص441 - 442.

[16] (المرجع السابق): ج2. ص441 - 442.

[17] (المرجع السابق). ج2. ص441 - 442.

[18] المقدسي، محمد بن مفلح. الآداب الشرعية. (المرجع السابق). ج2. ص441 - 442.

[19] (المرجع السابق): ج2. ص455.

[20] (المرجع السابق): ج2. ص460 - 461.