• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

وتعاونوا على البر والتقوى

محمد إقبال النائطي الندوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/8/2013 ميلادي - 18/10/1434 هجري

الزيارات: 424355

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وتعاونوا على البرّ والتقوى

 

إنّه من سنن الله في الكون أن تتفاوتَ قدراتُ الناس وطاقاتُهم، وتتباين مَلَكاتهم وحاجاتهم، فأحدهم مستطيع، وآخر عاجز، وبعضهم أغنياء، والآخرون فقراء، لقد أخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأن يدَ الله على الجماعةِ، وهذا مما يُدركه العقلاءُ؛ أن الجماعةَ خير من الفُرقة، وأن الانعزالية والأثَرَة مدعاةٌ للمشقة والضياع والهلَكة؛ لذا حرَص الإسلام أشد الحرص على جعلِ المسلمين أمةً يتكافل أفرادُها فيما بينهم، ويتعاون بعضُهم مع بعض، القوي يستخدم قوته لنصر الضعيف، والغني يجعل غناه في قضاء حاجة الفقير؛ يقول الرب - عز وجل -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]؛ فالتعاون في الإسلام أن يعينَ بعضُ المسلمين بعضًا؛ قولاً وفعلاً، كما عرَّف به الشيخ عبدالرحمن السعدي: "الإعانة هي: الإتيان بكل خَصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، والامتناع عن كل خَصلة من خصال الشر المأمور بتركها، فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيرِه من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليها، وينشط لها، وبكل فعل كذلك وكل معصية وظلم يجب على العبد كفُّ نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه؛ (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص: 218).


ويقول القرطبي في تفسير هذه الآية: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2]: هو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البرِّ والتقوى؛ أي: لِيُعِنْ بعضُكم بعضًا، وتحَاثُّوا على أمر الله - تعالى - واعمَلوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه، وامتنعوا منه، وهذا موافق لِما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الدالُّ على الخير كفاعله))، وقد قيل: الدال على الشرِّ كصانعه، والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه؛ فواجبٌ على العالِم أن يعين الناس بعلمه فيعلِّمهم، ويعينهم الغني بماله، والشجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون متظاهِرِين كاليد الواحدة؛ ((المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتِهم أدناهم، وهم يد على من سواهم))، ويجب الإعراضُ عن المتعدي، وتركُ النصرة له، وردُّه عما هو عليه؛ (الجامع لأحكام القرآن، 6/46-47).


ويتحدث ابنُ القيم عن هذه الآية الكريمة فيقول: اشتملت هذه الآيةُ على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم فيما بينهم بعضهم بعضًا، وفيما بينهم وبين ربهم؛ فإن كلَّ عبد لا ينفكُّ عن هاتين الحالتين، وهذين الواجبين، واجب بينه وبين الله، وواجب بينه وبين الخَلق؛ من المعاشرة والمعاونة والصحبة، فالواجب عليه فيها أن يكونَ اجتماعُه بهم وصحبته لهم تعاونًا على مرضاة الله وطاعته التي هي غاية سعادة العبد وفلاحه، ولا سعادة له إلا بها، وهي البر والتقوى اللذان هما جِماعُ الدِّين كله؛ (زاد المهاجر، 1/6-7)، وقد بين - رحمه الله - ما للتعاون على البرِّ والتقوى من الضرورة والأهمية في المجتمع الإنساني فقال: "والمقصود من اجتماع الناس وتعاشرهم هو التعاون على البرِّ والتقوى، فيعين كل واحد صاحبَه على ذلك علمًا وعملاً، فإن العبد وحده لا يستقلُّ بعلم ذلك، ولا بالقدرة عليه، فاقتضت حكمةُ الرب - سبحانه - أنْ جعَل النوعَ الإنساني قائمًا بعضُه ببعضه، معينًا بعضه لبعضه"؛ (زاد المهاجر: 1/13).


يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسَّهر والحمى))؛ (صحيح مسلم، رقم: 2586).

 

فالتعاون على الخير من الفطرة التي فطر اللهُ عليها الناس، كما يقول ابن خلدون في مقدِّمتِه: "الإنسان قد شاركته جميعُ الحيوانات في حيوانيَّتِه من الحس، والحركة، والغذاء، والكنِّ، وغير ذلك، وإنما تميَّز عنها بالفكر الذي يهتدي به لتحصيل معاشه، والتعاون عليه بأبناء جنسه، والاجتماع المهيئِ لذلك التعاون، وقبول ما جاءت به الأنبياء عن الله - تعالى - والعمل به، واتباع صلاح أخراه"؛ (مقدمة ابن خلدون: 1/429).

 

وهذا التعاون والتعاضد والتضامن يأتي بأضعافٍ مضاعفة من النتائج الحسنة والثمار الطيبة في كل عمل من الأعمال المفيدة، وإلى هذا أشار ابن خلدون فقال: قد عُرِف وثبَت أن الواحد من البشر غيرُ مستقل لتحصيل حاجاته في معاشه، وأنهم متعاونون جميعًا في عُمرانهم على ذلك، والحاجة التي تحصل بتعاون طائفة منهم تسُدُّ ضرورةَ الأكثر من عددهم أضعافًا؛ فالقوتُ من الحنطة مثلاً لا يستقل الواحد بتحصيل حصته منه، وإذا انتدب لتحصيله الستة أو العشرة من حدَّادٍ ونجار للآلات، وقائم على البقر، وإثارة الأرض، وحصاد السنبل، وسائر مُؤَن الفلح، وتوزَّعوا على تلك الأعمال أو اجتمعوا، وحصل بعملهم ذلك مقدار من القوت، فإنه حينئذ قوت لأضعافهم مرات؛ فالأعمال بعد الاجتماع زائدة على حاجات العاملين وضروراتهم؛ (المصدر السابق: 1/360).

 

وقد أكَّد الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - على التعاونِ بين المسلمين، وجعَل ذلك من شعارهم، ودليلاً على إيمانهم؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على راحلة له، فجعل يصرف بصرَه يمينًا وشمالاً، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كان معه فضلُ ظَهرٍ فليَعُدْ به على مَن لا ظهرَ له، ومن كان له فضل من زادٍ فليَعُدْ به على مَن لا زاد له))، فذكَر من أصناف المال ما ذكَر حتى رأينا أنه لا حقَّ لأحدٍ منا في فضل؛ (صحيح مسلم، رقم: 1728).

 

لقد عُنِي الإسلامُ بالتعاضد والتناصر والتكافل والتعاون فيما بين المسلمين أيَّما عناية، حتى جعَل الصلاةَ التي هي عماد الدين عملاً يعرِف به المسلمُ ما يعيشه أخوه المسلم من بلاء ومحنة وضيق وشدة بعد حضوره في المسجد، وشهودِه الصلاةَ مع الجماعة، وجعَل الإحسان إلى المساكين وابن السبيل والأرملة والمصابين شرطًا لقبول الأعمال الصالحة، واستحقاق الأجر والثواب عليها بجلب الرحمة والمغفرة إثرها ؛يقول النبي - صلّى الله عليه وسلّم-: الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء(سنن أبي داود، رقم:4941)، سنن الترمذي، رقم:1924) وهذه الرحمة تختلف باختلاف الأشخاص، و تتعدّد بتعدّد الأفراد فالمريض مثلا إذا زُرته وعُدته وأعنته على مداواته فقد رحمته.وهكذا الفقير الجائع إذا أطعمته وقضيت له حاجته فقد رحمته، والأسير بغير حق إذا شفعت له شفاعة حسنة وسعيت في فكّ أسره فقد رحمته. واليتيم إذا مسحت رأسه، وأدخلت السرور على قلبه، وآنست وحشته فقد رحمته. وهلمّ جرا. لقد أولى الإسلامُ عناية فائقة ورعاية زائدة لليتامى والمساكين وأبناء السبيل، وجعلهم في عِداد من يُنفَق عليهم، ويُحسَن إليهم، من الوالدين والأقربين والجيران؛ يقول الله - عز وجل -: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].

 

لقد أوضحت الآيةُ الكريمة ما للتعاون والتناصر والتعاضد والتراحم من قيمة كبيرة ومكانة عظيمة في الإسلام أيما إيضاح، وفصلت مَن هو أحقّ بالإحسان إليه والبرّ به، وسمَّت مَن أبى ذلك مختالاً فخورًا ممَّن يُبغضهم الله ولا يُحبّهم؛ لذا شرَع الإسلامُ الزكاة فريضة محكمة، وأمرًا معلومًا من الدين بالضرورة؛ فالإسلام يهدف إلى محوِ فوارقِ ونوازعِ الاستعلاء والاستكبار، ودوافع الشحّ والبخل والطمع والحرص، ويرمي إلى خَلقِ غريزة التعاون والتناصر فيما بين المسلمين، ويقول الرب - عز وجل -: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].ويقول –عزوجل-: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر:7]

وهكذا الصوم شرعه الإسلام لأتباعه لخَلْقِ صفة التقوى في قلوبهم؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

"لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" تحمل في طيّها معانيَ كثيرة، ومطالب واسعة؛ فبالصوم يتّقي المسلمُ الحرصَ، والشحَّ، والطمع، والحقد، والضغن، والحسد، وحب المال، وجميع الأخلاق الرديئة، والعادات الدنيئة؛ من الاستبداد، والاستئثار، والاستغلال، والاحتكار؛ لذا ورد في الحديث عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الصوم جنة من النار كجنة أحدكم من القتال))؛(سنن النسائي، رقم:2231) جُنَّة من النار وما يقرِّبُ إليها من الأقوال والأفعال والأعمال التي تورِثُ صاحبها الشحناء والبغضاء التي يتشتَّتُ بها شملُ الأمة الإسلامية، ويتفرَّق جمعُها، ويتزلزل بنيانها.

 

وقد ذكَر العلماءُ أن الحكمة في فرض الصيام هو أن يذوق الغنيُّ طعم الجوع، فلا ينسى أخاه المعوِزَ الفقير.

 

وفي الحج لما شرع الله فيه الهَديَ، نرى أن التكافل الاجتماعي وصفةَ التناصر والتعاضد تمتاز بها هذه الفريضةُ الربانية؛ ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36].

 

لقد رغب الله - عز وجل - عباده في القيام بهذا العمل العظيم في مواضعَ من القرآن الكريم؛ يقول - عز وجل -: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، ويقول - عز وجل -: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 215].

 

ففي الصحيحين عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: على كلّ مسلم صدقة. فقالوا:يا نبي الله، فمن لم يجد؟: قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدّق. قالوا: فإن لم يجد ؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا:فإن لم يجد ؟ قال: فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة.(صحيح البخاري، رقم:1445، صحيح مسلم، رقم:1008).

 

وكان من سنَّة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يهتم بإطعام الناس والإنفاق عليهم؛ ليلاً ونهارًا، سرًّا وجهارًا؛ أخرج الإمامان البخاري ومسلم - رحمهما الله - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في حَرَّةٍ بالمدينة، فاستقبَلَنا أُحُدٌ، فقال: ((يا أبا ذرٍّ))، قلتُ: لبيك يا رسول الله، قال: ((ما يسرُّني أن عندي مثلَ أُحدٍ هذا ذهبًا تمضي عليَّ ثالثةٌ وعندي منه دينار، إلا شيء أُرصِدُه لدَين، إلا أن أقولَ به في عباد الله هكذا وهكذا، عن يمينه وعن شماله، ومن خلفه)) ثم سار فقال: ((إن الأكثرين هم الأقلُّون يوم القيامة، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا، عن يمينه، وعن شماله، ومن خلفه، وقليل ما هم))؛ (صحيح البخاري، رقم: 6444، صحيح مسلم، رقم: 991).

 

وكان - صلى الله عليه وسلم - يزداد جودُه وكرمه وسخاؤه في شهر رمضان، وكان كالريح المرسلة، وقد بشَّر - صلى الله عليه وسلم - أمَّتَه بأن إطعام الطعام مما يُدخِل المسلمَ الجنَّةَ بسلام؛ أخرج الترمذي - رحمه الله - عن أبي يوسفَ عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - أنه قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((يا أيها الناس، أفشُوا السلام، وأطعموا الطعامَ، وصلُّوا والناس نيام، تدخلون الجنَّةَ بسلام))؛ (سنن الترمذي، رقم: 2485). وقد مدح الله-عزوجل- الأنصار لقيامهم بالتعاون مع المهاجرين والتناصر لهم.فقال –عزوجل-: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر:9] وأثنى الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - على الأشعريِّين خيرًا لما كانوا يقومون بعمل التكافل والتعاضد فيما بينهم؛ فعن أبي موسى- رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الأشعريِّين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعامُ عيالهم بالمدينة، جمَعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية؛ فهم مني وأنا منهم)) (صحيح البخاري، رقم:2486، صحيح مسلم، رقم:2500) وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله أقواما اختصهم بالنعم لمنافع العباد يقرّهم فيها ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم فحوّلها إلى غيرهم.(صحيح الترغيب والترهيب، رقم:2617).


وكان أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده يُعنَوْنَ بهذا الجانب المهمّ مِن الدِّين أيما عناية؛ ففي فتوح البلدان للبلاذري أن عمر - رضي الله عنه - كان إذا أُتي باللقيط فرَض له مائة، وفرض له رزقًا يأخذه وليُّه كل شهر بقدرِ ما يصلحه، ثم ينقُله من سنَة إلى سنة، وكان يوصي بهم خيرًا، ويجعل رضاعتهم ونفقتهم من بيت المال، وبعدما رأى من المرأة التي أرادت إجبار رضيعها على الفطام كي يفرض له من بيت المال، قال لنفسه: يا ويل عمر! كم احتمل مِن وِزر وهو لا يعلم، ثم أمَر مناديه لينادي في الناس بألاّ يعجلوا بفطام أولادهم، فقد فرَض أميرُ المؤمنين لكل مولودٍ في الإسلام وللمنفوسِ مائة درهم.(فتوح البلدان، البلاذري، 1/441).

 

ومما أورد الطبريُّ في كتابه في حوادث سنة ثمانين الهجرية أن الوليدَ بن عبدالملك حبَس المجذومين عن أن يخرجوا على الناس، وأجرى عليهم أرزاقًا، وكان عمر بن عبدالعزيز إذا كثُر عنده أرقاء الخُمس فرَّقه بين كل مُقعَدَين، بين كل زَمِنين خصَّص غلامًا يخدمُهما، ولكل أعمى غلامًا يقوده.

 

فلينظر المسلمون إلى الواقع الذي يعيشه إخوانهم المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها من هموم وغموم وبلايا ومحن، ويستعرضوا أنفسهم ويتساءلوا فيما بينهم: ماذا يقدِّمون لهم من عون ونصر ودعمٍ مما آتاهم اللهُ من أموالهم ومواهبهم وقواتهم؛ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله ؟ فقال: أحبّ الناس إلى الله أنفعهم للناس.


وأحبّ الأعمال إلى الله عز وجل سرور تُدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحبّ إلي من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضى ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبّت الله قدميه يوم تزول الأقدام. (صحيح الترغيب والترهيب، رقم:2623).


ولينظر الشباب المسلمون ما أصيبت به الأمة الإسلامية في بقاع الأرض المختلفة من نكبات وأزمات في الأرض المباركة فلسطين، وبلاد الرافدين، وسوريا، ومصر، وأفغانستان، والشيشان، والصومال، وكشمير، كيف يواجهون هذه الأحوالَ الشائكة، ويعانون تلك الضربات القاصمة من أمم العالم الجائرة الظالمة؟يقول الربّ - عز وجل-: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، ويقول - عز وجل-: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 75]، ويقول - عز وجل -: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الأنفال: 72]. ويقول - عز وجل -: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38].

 

وصلَّى الله - تعالى - على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وبارَك وسلَّم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البر حسن الخلق
  • البر حقيقته وخصاله
  • ضوابط في التعاون على البر والتقوى
  • آيات عن التعاون على البر والتقوى
  • وتعاونوا على البر والتقوى
  • وقفات مع القاعدة القرآنية: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب)

مختارات من الشبكة

  • التعاون (وتعاونوا على البر والتقوى)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • شرح باب التعاون على البر والتقوى من كتاب رياض الصالحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعاون على البر والتقوى(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • تركيا: دعوة للتعاون على البر من وزارة الشؤون الدينية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التعاون مع الآخرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهمية التعاون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة عن فضل التعاون في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليس البر والتقوى... (تأمل في المدلول)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • رمضان شهر البر والتقوى(مقالة - ملفات خاصة)
  • مرحباً بشهر رمضان، شهر البر والتقوى(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب