• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

فضائل الصبر في القرآن الكريم

فضائل الصبر في القرآن الكريم
الشيخ ندا أبو أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/3/2023 ميلادي - 8/8/1444 هجري

الزيارات: 33709

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضائل الصبر في القرآن الكريم


1- الله جمع للصابرين ثلاثة أمور لم يجمعها لغيرهم؛ وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم:

قال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [سورة البقرة: 155- 157].


قال السعدي رحمه الله في تفسيره عند هذه الآيات: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ أي: بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب، فالصابرون، هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة، والمنحة الجسيمة، ثم وصفهم بقوله: ﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ﴾ وهي كل ما يؤلم القلب أو البدن أو كليهما مما تقدم ذكره[1]. ﴿ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ ﴾ أي: مملوكون لله، مدبرون تحت أمره وتصريفه، فليس لنا من أنفسنا وأموالنا شيء، فإذا ابتلانا بشيء منها, فقد تصرف أرحم الراحمين، بمماليكه وأموالهم، فلا اعتراض عليه، بل من كمال عبودية العبد، علمه بأن وقوع البلية من المالك الحكيم، الذي هو أرحم بعبده من نفسه، فيوجب له ذلك، الرضا عن الله، والشكر له على تدبيره، لما هو خير لعبده، وإن لم يشعر بذلك، ومع أننا مملوكون لله، فإنا إليه راجعون يوم المعاد، فمجاز كل عامل بعمله، فإن صبرنا واحتسبنا وجدنا أجرنا موفورًا عنده، وإن جزعنا وسخطنا، لم يكن حظنا إلا السخط وفوات الأجر، فكون العبد لله، وراجعًا إليه، من أقوى أسباب الصبر.

 

﴿ أُولَئِكَ ﴾ الموصوفون بالصبر المذكور ﴿ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ أي: ثناء وتنويه بحالهم ﴿ وَرَحْمَةٌ ﴾ عظيمة، ومن رحمته إياهم، أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر، ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ الذين عرفوا الحق، وهو في هذا الموضع، علمهم بأنهم لله، وأنهم إليه راجعون، وعملوا به وهو هنا صبرهم لله؛ اهـ.

 

ونقل ابن كثير رحمه الله عن عمر رضي الله عنه أنه قال:" نعم العدلان، ونعمت العلاوة ".


وقوله:" نعم العدلان" يقصد: الصلاة، والرحمة في قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ﴾ وقوله:" ونعمت العلاوة" يقصد: الهدى في قوله تعالى: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾، والعدلان: وهو ما يوضع على جانبي البعير، يعدل كل منهما الآخر، والعلاوة: هي ما توضع بين العدلين، وهي زيادة في الحمل[2]، وكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضًا؛ اهـ؛ (تفسير ابن كثير:1/ 285).

 

وقال بعض السلف وقد عُزِّي على مصيبة نالته، فقال:" مالي لا أصبر، وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال، كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها[3]"؛ (عدة الصابرين ص 85).


فالمسلم من استسلم لقضاء الله، وصبر واحتسب ورضي، والمصاب هو من حُرِم الثواب الذي وعد به الملك الوهَّاب في الآية السابقة.

 

وقد جعل الله عز وجل كلمات الاسترجاع وهي قول المصاب: ﴿ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾ ملجأً وملاذًا لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين من الشيطان، لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة، فيهيج ما سكن، ويظهر ما كمن، إذا لجأ إلى هذه الكلمات الجامعات لمعاني الخير والبركة فإن قوله: ﴿ إِنَّا لِلّهِ ﴾ إقرار بالعبودية والملك واعتراف العبد لله بما أصابه منه فالملك يتصرف في ملكه كيف يشاء، وعلى العبد أن يعلم أنه مملوك وليس للمملوك في نفسه شيء، وقوله: ﴿ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾ إقرار بأن الله يهلكنا ثم يبعثنا، فله الحكم في الأولى وله المرجع في الأخرى، وفيه كذلك رجاء ما عند الله من الثواب.

 

ولقد وعد الله تعالى كل من نزلت به مصيبة فصبر، وحمد الله، واسترجع، أن يخلف عليه في الدنيا خير مما أُخذ منه، مع ما ينتظره في الآخرة من الأجر العظيم والفضل الكبير، فمن بركة الاسترجاع العاجلة: ما رواه الإمام مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" ما من مُسلم تُصيبهُ مُصيبة فيقول ما أمره الله: ﴿ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾ اللهم أجرني في مصيبتي، وأَخْلِف لي خيرًا منها إلا أخلف الله له خيرًا منها " قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيتٍ هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثُم إني قُلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم".


أما ثمرة الاسترجاع في الآخرة، فإن الله تعالى يبني له بيتًا في الجنة ألا وهو بيت الحمد: فقد أخرج الترمذي من حديث أبي سنان قال: دفنت ابني سنانًا وأبو طلحة الخولاني جالس عند شفير القبر، فلما فرغت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده[4]؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد".

فسبحان من ينعم بالبلاء.


فليعلم المصاب أن ما يعقبه الصبر والاحتساب من اللذة والمسرة أضعاف ما يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقي عليه، ويكفيه في ذلك بيت الحمد الذي يبني له في الجنة على حمده واسترجاعه على مصيبته، فلينظر أي المصيبتين أعظم، مصيبته العاجلة بفوت محبوبه، أو مصيبته بفوات بيت الحمد في جنة الخلد؟

 

فيا من نزلت به مصيبة لفقد حبيب لا تنسى أن تقول: ﴿ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾، فهي بلسم الجروح والآلام والأحزان.


قال سعيد بن جبير رحمه الله: "لم يُعط هذه الكلمات نبي قبل نبينا، ولو عرفها يعقوب عليه السلام لما قال: ﴿ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ﴾ [يوسف: ٨٤].

 

قال الأصمعي رحمه الله: خرجت أنا وصديق لي إلى البادية، فضللنا الطريق، فإذا نحن بخيمة عن يمين الطريق، فقصدناها، فسلمنا، فإذا امرأة ترد علينا السلام. قالت: ما أنتم؟ قلنا: قوم ضالون عن الطريق، أتيناكم فأنسنا بكم، فقالت: يا هؤلاء ولوا وجوهكم عني، حتى أقضي من حقكم ما أنتم له أهل، ففعلنا، فألقت لنا مسحًا[5]، فقالت: اجلسوا عليه إلى أن يأتي ابني، ثم جعلت ترفع طرف الخيمة وتردها، إلى أن رفعتها، فقالت: أسأل الله بركة المقبل، أما البعير فبعير ابني، وأما الراكب فليس بابني، فوقف الراكب عليها، فقال: يا أم عقيل، أعظم الله أجرك في عقيل! قالت: ويحك! مات ابني؟ قال: نعم، قالت: وما سبب موته؟ قال: ازدحمت عليه الإبل، فرمت به في البئر، فقالت: انزل فاقض ذمام القوم[6]، ودفعت إليه كبشًا، فذبحه وأصلحه، وقرب إلينا الطعام، فجعلنا نأكل ونتعجب من صبرها! فلما فرغنا، خرجت إلينا وقد تكورت، فقالت: يا هؤلاء، هل فيكم من أحد يحسن من كتاب الله شيئًا؟

 

قلت: نعم، قالت: اقرأ من كتاب الله آيات أتعزى بها، قلت: يقول الله عز وجل في كتابه: ﴿  وَبَشِّرِ الصَّابِرينَ * الَّذينَ إِذا أَصابَتهُم مُصيبَةٌ قالوا إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيهِ راجِعونَ * أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ المُهتَدونَ ﴾ [البقرة:155-157].

 

قالت: آلله، إنها لفي كتاب الله هكذا؟ قلت: آلله، إنها لفي كتاب الله هكذا! قالت: السلام عليكم، ثم صفت قدميها، وصلت ركعات، ثم قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب عقيلًا "تقول ذلك ثلاثًا"، اللهم إني فعلت ما أمرتني به، فأنجز لي ما وعدتني؛ (عيون الحكايات لابن الجوزي).

 

وهذا الموقف تعجز عنه الكلمات في كرم الضيافة، والصبر، والرضا، والاحتساب.

 

2- الصبر من الخصال الحميدة التي يتحلى بها الأنبياء والصالحين:

قال تعالى: ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الأنبياء: 86،85].

 

وقال تعالى حكاية عن إبراهيم: ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات:99-102]، وقال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [سورة ص:44،41]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [الأحقاف:35]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق:39]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى ﴾ [طه:130]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الروم:60]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [غافر:55]، وقال تعالى:﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ﴾ [غافر:77]، وقال تعالى:﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [المدثر:7]، وقال تعالى:﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ [الطور:49،48]، وقال تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾ [المعارج:5-7]، وقال تعالى:﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ *لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [القلم:48-50]، وقال تعالى:﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴾ [الإنسان:24]، وقال تعالى لنبيه صالح عليه السلام: ﴿ إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ﴾ [القمر:27]، وقال تعالى:﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران:17،16]، وقال تعالى:﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:35].

 

وقال تعالى: ﴿ وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [الأعراف:78].

 

3- بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:" بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين". ثم تلا قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ (سورة السجدة: 24)، (مدارج السالكين: 2/ 153، وعدة الصابرين ص 84).

 

قال سفيان بن عيينة رحمه الله في الآية السابقة: "لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوسًا"، وقال زهير بن نعيم الباني رحمه الله: "إن هذا الأمر - أي الإمامة في الدين - لا يتم إلا بشيئين: الصبر واليقين، فإن كان يقينًا ولم يكن معه صبر لم يتم، فإن كان صبرًا ولم يكن معه يقين لم يتم".

 

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: "مثل اليقين والصبر كمثل فدادين(مزارعين) يحفران الأرض، فإذا جلس واحد جلس الآخر"؛ (صفة الصفوة:4/ 7).

 

4- الصابرون أعد الله لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا:

قال تعالى: ﴿ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ...إلى قوله:... أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:35]، وقال تعالى:﴿ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [هود:11].

 

5- الناس في خسران إلا أهل الصبر والإيمان:

قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [سورة العصر].

 

أقسم الله تبارك وتعالى، في كتابه، بالعصر، الذي هو الزمان، وذلك لأن الزمان تقع فيه أعمال الإنسان، من خير وشر، وطاعة ومعصية، ولأن الزمان تقع فيه تصرفات الأحوال، وتبدلاتها، من ليل ونهار، وإظلام وإسفار، وحر وبرد، وغنى وفقر، وأمن وخوف، فتدل هذه التصاريف، على وجود الله تبارك وتعالى، وسعة علمه، وعظيم قدرته، وأنه المعبود الحق، الذي لا معبود يستحق العبادة سواه.

 

وما دام الله عز وجل قد أقسم بالعصر فلابد أن يكون المقسم عليه شريفًا، والآيات ذكرت أن كل إنسان في خسارة، إلا من استثناه الله عز وجل، فاختاره واصطفاه، وجعله من أهل الفلاح.

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾، والخسارة هنا تكون خسارة تامة كلية، وذلك إذا كفر الإنسان، فلم يدخل في دين الله، الذي هو دين الإسلام، فيكون قد عاش ليزداد إثمًا، وتكون عاقبته النار، ﴿ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾، وتكون الخسارة خسارة ناقصة جزئية، وذلك إذا خالف طريقة أهل الاستقامة على طاعة الله، والاستقامة على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع دخوله في الإسلام، فيكون قد فاته من الخير بمقدار بعده عن هذه الاستقامة. ثم استثنى الله عز وجل من الخاسرين، من جمع صفات الخير، فقال عز وجل: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾، فهؤلاء هم الذين نجوا من الخسارة، وربحوا رضا الله عز وجل، ودخول جنته، التي أعدها لأوليائه. فهم أهل الإيمان بالله، الذين سلمت قلوبهم من كل شبهة، تعارض خبر الله عز وجل، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وسلمت قلوبهم من كل شهوة، تخالف أمر الله عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم. وهم أهل العمل بما يدعو إليه الإيمان، فعملوا الصالحات، من أعمال القلوب، والجوارح، على اختلاف أنواعها، وألوانها. فعمرت قلوبهم بالتوكل على الله، والرجاء فيه، والخوف منه، والرغبة فيما عنده، والرهبة منه، والمحبة والإجلال له، والخشوع والإخبات، وعمرت جوارحهم بالصلاة، والزكاة، والصيام، والصدقات، والكلمات الطيبات، والسعي في الحاجات، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الناس وبقية المخلوقات. وهم أهل التواصي بالحق والصبر.

 

قال الإمام الشافعي رحمه الله عن سورة العصر: "لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم، وفي رواية: "لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم"، (انظر: تفسير الإمام الشافعي:3/ 1461)، (مجموع الفتاوى:28/ 152)، (تفسير ابن كثير:1/ 203).

 

6- الصبر سبيل للفوز بمحبة الله تعالى:

لو لم يكن في الصبر من فضيلة إلا الفوز بمحبة الله تعالي لكفى.

 

قال تعالى: ﴿ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران:146]، ومحبة الله لعبده هي أعظم مكسب يحصل للعبد، فإن العبد إذا كان محبوبًا لله، أقبل عليه الخير من كل جهة، واندفع عنه الشر والأذى، وتحققت له سعادة الدنيا والآخرة.

 

قال ابن ناصر الدين الدمشقي -رحمه الله -:

سبحان من ابتلى أُناسا
أحبهم والبلا عطاءُ
فاصبر لبلوي وكن راضيًا
فإن هذا هو الدواءُ
سلِّم إلى الله ما قضاه
ويفعل الله ما يشاءُ

(برد الأكباد عند فقد الأولاد ص12)

 

7- الصبر سبيل للفوز بمعية الله تعالى:

قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46].

 

قال تعالى: ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:153].

 

قال تعالى: ﴿ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال:66].

 

قال بعض السلف: "ذهب الصابرون بخيري الدنيا والآخرة، لأنهم نالوا من الله معية الله"؛ (عدة الصابرين ص 134).

 

وقال أبو علي الدقاق رحمه الله: " فاز الصابرون بعز الدارين؛ لأنهم نالوا من الله معيَّته، فإن الله مع الصابرين"؛ (مدارج السالكين: 2/ 166).

 

وهذه المعية تسمى بالمعية الخاصة وهي تتضمن الحفظ والكلأ والرعاية والتأييد والحماية، وتكون لأولياء الله وأحبائه، وهذه المعية غير المعية العامة لكل الخلق - وهي معية العلم والإحاطة - وهي المقصودة بقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الحديد:4].

 

8- علق الله تعالى الفلاح والنجاح على الصبر والتقوى:

فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: ٢٠٠]، فالمصابرة والمرابطة على طاعة الله طريق الفلاح في الدنيا والآخرة.

 

9- أهل الصبر هم أهل العزائم الكُمَّل، وأصحاب التجارة التي لا تبور:

قال تعالى: ﴿ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [سورة الشورى: 43].

 

قال تعالى: ﴿ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [آل عمران:186].

 

قال لقمان لابنه: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان:17].

 

أي: مما يعزم من الأمور التي إنما يعزم على أجلها وأشرفها، وقد قيل: الصبر مُرٌّ، لا يتجرعه إلا حُرٌّ".

 

قال تعالى: ﴿ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف:128].

 

10- وعد الله الصابرين بأن يجازيهم بأَحسن ما كانوا يعملون:

قال تعالى: ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96].

 

فهذا قسم من الله تعالى مؤكد باللام أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا؛ (انظر تفسير ابن كثير، وتفسير السعدي عند هذه الآية).

 

قال أبو يعلى الموصلي:

إني رأيت وفي الأيام تجربة
للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جدَّ في أمر يحاوله
واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر

(انظر الصبر الجميل لسليم الهلالي ص 15)

 

11- الصبر خير معين على مصائب ومتاعب الحياة الدنيا:

فالله تعالى أرشدنا في كتابه الكريم إذا ضاقت بنا الحياة وحاصرتنا الهموم أن نستعين بالصبر والصلاة، فالصبر والصلاة كليهما خير ما يستعين به المؤمن على مجابهة ما يتعرض له كل يوم من فتن، ومحن، وبلاء، وهما خير سلاح يدرأ به المسلم عن نفسه ما يصيبها من همٍّ، أو غمٍّ، أو حزن لخير فاته، أو سوء أصابه. فقال تعالى:﴿ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ ]البقرة:45]، وقال تعالى: ﴿ َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة:153]؛ يقول ابن القيم-رحمه الله-: "فمن لا صبر له لا عون له".

 

12- وعد الله تعالى الصابرين بحسن العِوض عما فات، والإخلاف عما فُقد:

فإن الله لا يضيع عنده أجر عامل، ولا مثوبة محسن، كيف وقد وعد وعدًا مؤكدًا أنه لا يضيع أجر المحسنين. وهذا يشمل الدنيا والآخرة جميعًا، فهو في الدنيا يُعِّوضهم ويُخلف عليهم خيرًا مما حُرِموا، ويُمَكِّن لهم بعد أن غُلِبوا، وهو في الآخرة يُؤتيهم أجورهم بغير حساب؛ يقول تعالى واعدًا المهاجرين في سبيله بحسن العوض عما حُرموا من الوطن والعشيرة: ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل:42،41].

 

وقد عرفنا في قصة نبي الله أيوب - عليه السلام - كيف صبر على ما أصابه من ضُرٍّ في نفسه وأهله، فانتهي به الصبر إلى أجمل العواقب، وكشف الله عنه ضُره، ووهب له أهله ومثلهم معهم، رحمة من عنده وذكرى للعابدين وعبرة لأولي الألباب. وهذا يؤكد لنا أن الصبر المُرّ لا يُجتنى من ورائه إلا أحلى الثمرات في الدنيا قبل الآخرة. ومن هنا جاء خطاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في سورة هود إذ يقول: ﴿ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود:115]، فثمرة الصبر لا تضيع في الأولى ولا في الآخرة.

 

ويتحدث القرآن على لسان يوسف حين كشف لإخوته عن نفسه، فقالوا: ﴿ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف:90].

 

ويعقب القرآن على موقف يوسف بعد أن استدعاه الملك واستخلصه لنفسه، وقال له في اعتزاز وتكريم ﴿ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ ﴾ [يوسف:54]، يُعَقِّب القرآن فيقول: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾ [يوسف:57،56].

 

وقد نبهت الآية الأخيرة إلى أن قوله تعالى: ﴿ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ إنما يُراد به - أولًا وبالذات - أجر الدنيا وجزاء العاجلة، أما أجر الآخرة وثوابها فقد أفادته الآية الثانية: ﴿ وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ ﴾.


ومن الوقائع الثابتة التي تدل على أن الله يُعَوِّض الصابرين خيرًا مما فقدوا ما رواه مسلم في صحيحه عن أم سلمة – رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فيَقولُ ما أمَرَهُ اللَّهُ: ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156]، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وأَخْلِفْ لي خَيْرًا مِنْها، إلَّا أخْلَفَ اللَّهُ له خَيْرًا مِنْها، قالَتْ: فَلَمَّا ماتَ أبو سَلَمَةَ، قُلتُ: أيُّ المُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِن أبِي سَلَمَةَ؟ أوَّلُ بَيْتٍ هاجَرَ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إنِّي قُلتُها، فأخْلَفَ اللَّهُ لي رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم".


13- كرَّم اللهُ الصبرَ وشرَّفه وذلك بإضافته لنفسه سبحانه:

قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ﴾ [النحل:127]، فأضاف الله تعالى الصبر إلى نفسه بعد الأمر به، ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [المدثر:7]، وإن كان كل شيء في الوجود لا يقوم إلا به سبحانه، وكل عمل صالح لا يكون إلا له، ولكن التخصيص دليل التكريم والتشريف.

 

14- وعد الله تعالى أهل الصبر والتقوى بحسن العاقبة:

يحكي القرآن الكريم على لسان موسى ناصحًا قومه، بعد أن هددهم من التنقيل والتعذيب والتنكيل: ﴿ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف:128].

 

ويخاطب الله تعالى خاتم رسله محمدًا صلى الله عليه وسلم بعد أن قص عليه قصة نوح - عليه السلام - مع قومه وابنه وما انتهى إليه أمرهم، ثم يعقب على القصة بقوله: ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود:49]، وقصص الرسل مع أقوامهم التي حفل بها القرآن، تؤكد هذا القانون الإلهي: أن العاقبة لأهل الصبر والتقوى.

 

15- خصال الخير لا يلقاها إلا الصابرون:

نقل القرآن الكريم في قصة قارون قول الذين أوتوا العلم للذين تمنوا مثل ما أوتي قارون، فقال تعالى:

﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ [القصص: 80]، وعندما أمر الله تعالى العبد أن يدفع بالتي هي أحسن، فإذا فعل ذلك صار الذي بينه وبينه عداوة كأنه ولي حميم، ثم قال تعالى بعدها مبينًا فضل الصبر: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35].

 

16- الصابرون لهم البشرىمن الله تعالى:

قال تعالى:﴿ ولَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155].


وقال تعالى:﴿ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ [الحج: 34، 35].

 

ذكر القرآن أن من أوصاف المخبتين الخشوع والتواضع والطمأنينة والسكينة، وجعل الله الصبر من أجمل حلاهم، وأبرز مزاياهم.

 

17- الصابرون يوفيهم الله أجورهم بأفضل منها في الدنيا والآخرة:

• فالله تعالى وعد الصابرين بالجزاء الحسن والفضل العظيم في الدنيا، كما وعد المهاجرين في سبيله بحسن العوض عما حرموا من الوطن والعشيرة، فقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل:42،41].


• وكما رأينا في قصة نبي الله أيوب - عليه السلام - كيف صبر على ما أصابه من ضُرٍّ في نفسه وأهله، فانتهى به الصبر إلى أجمل العواقب؛ كما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 84،83].

 

• وأيضًا في قصة يوسف - عليه السلام - حين كشف لإخوته عن نفسه، فقالوا: ﴿ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف:90].

 

قال التنوخي رحمه الله: أَخْبرنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن يحيى الصولي بِالْبَصْرَةِ سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَلَاث مائَة، قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع عَن البرقي، قَالَ: رَأَيْت امْرَأَة بالبادية، وَقد جَاءَ الْبرد فَذهب بزرع كَانَ لَهَا، فجَاء النَّاس يعزونها، فَرفعت طرفها إِلَى السَّمَاء، وَقَالَت: اللَّهُمَّ أَنْت المأمول لأحسن الْخلف، وبيدك التعويض عَمَّا تلف، فافعل بِنَا مَا أَنْت أَهله، فَإِن أرزاقنا عَلَيْك، وآمالنا مصروفة إِلَيْك. قَالَ: فَلم أَبْرَح، حَتَّى جَاءَ رجل من الأجلاء، فَحدث بِمَا كَانَ، فوهب لَهَا خمس مائَة دِينَار؛ (الفرج بعد الشدة للتنوخي:1/ 181).

 

وهذه من بركات الصبر العاجلة، أما في الآخرة فيوفيهم أجورهم بأفضل الجزاء، كما قال تعالى: ﴿ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ ﴾ [آل عمران:185]، كما جاء في قصة يوسف عليه السلام حين استدعاه الملك واستخلصه لنفسه، وقال له: ﴿ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ ﴾ [يوسف:54]، ثم قال رب العالمين بعد أن مُكِّن ليوسف: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ﴾ [يوسف:57،56].

 

ففي قوله تعالى: ﴿ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾، إنما يراد به الجزاء في الدنيا، إما أجر الآخرة، فقد دلت عليه الآية الثانية: ﴿ وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ ﴾ بل سيوفي الله الصابرين أجرهم يوم القيامة بغير حساب.

 

18- الصابرون يضاعف لهم الأجر والثواب:

قال تعالى: ﴿ أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ﴾ [القصص:54].

 

19-ومن فضل الصبر أن الله تعالى قرنه بأركان الإسلام ومقامات الإيمان كلها:

فقرنه بالصلاة، كقوله تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة: 45].

 

وقال تعالى:﴿ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود:114، 115].

 

وقرنه بالأعمال الصالحة، كقوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [هود: 11].


وجعله قرين التقوى، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90].

 

وقال تعالى:﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران:120].

 

وقال تعالى:﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾ [آل عمران:186].

 

وجعله قرين الشكر، كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [إبراهيم: 5].

 

وجعله قرين الحق، كقوله تعالى: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 3].

 

وجعله قرين الرحمة، كقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ [البلد: 17].

 

وجعله قرين اليقين، كقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24].

 

وجعله قرين الصدق، كقوله تعالى: ﴿ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35].

 

وجعله قرين التوكل، كقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل:42] [العنكبوت:59].

 

وجعله قرين الجهاد، كقوله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد:31].

 

وقال تعالى:﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [النحل:110].

 

وجعله قرين التسبيح والاستغفار، كقوله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [غافر:55]، وقال تعالى:﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴾ [الطور:48].

 

وجعله سببَ محبته ومعيته وعونه ونصره وحسن جزائه، ويكفيه بعض ذلك شرفًا وفضلًا.

 

20- الله تعالى وعد الصابرين بالنصر والظفر:

وهي كلمته التي سبقت لهم، وقد نالوها بالصبر؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ ﴾ [الأعراف:137].

 

 

21- الله تعالى جعل الصبر والتقوى جُنَّة عظيمة من كيد العدو ومكره:

قال تعالى: ﴿ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران:120].

 

فالمؤمنون الصابرون في مأمن رباني، وحصن إلهي من كيد الأعداء ومكرهم.

 

22- الصابرين أثنى الله عليهم وزكاهم؛ ووصفهم: بالصدق والتقوى:

قال تعالى: ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة:177].

 

وكذلك أثنى الله تعالى على نبيه أيوب عليه السلام؛ لأنه كان صابرًا، فقال تعالى:﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص:44]، فلما صبر على البلاء أثنى الله عليه، وقال: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ ﴾، وهذا يدل على أن من لم يصبر إذا ابتُلي، فإنه بئس العبد.

 

23- أخبر الله تعالى أنه إنما ينتفع بآياته ويتعظ بها أهل الصبر والشكر:

فقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [إبراهيم: 5]، وقال تعالى في لقمان: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [لقمان: 31]، وقال تعالى في قصة سبأ: ﴿ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [سبأ: 19]، وقال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ 32 إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ [الشورى: 32، 33]، فهذه أربعة مواضع في القرآن تدل على أن آيات الله تعالى إنما يَنتفع بها أهل الصبر والشكر.

 

24- أخبر الله تعالى أن الصبر خير لأهله، ومن أصدق من الله قيلًا:

قال تعالى: ﴿ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [النساء:25]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ﴾ [النحل:126]، فتأمل هذا التأكيد بالقسم المدلول عليه بالواو ثم باللام بعده، ثم باللام التي في الجواب.

 

وقد مر بنا الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أم سلمة – رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مُسلم تُصيبهُ مُصيبة فيقول ما أمره الله: ﴿ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ﴾ اللهم أجرني في مصيبتي، وأَخْلِف لي خيرًا منها إلا أخلف الله له خيرًا منها " قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيتٍ هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثُم إني قُلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ".


25- الله تعالى علَّق النصر والمدد على الصبر والتقوى:

قال تعالى: ﴿ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: ١٢٥].

 

ففي الآية علق الله تعالى النصر والمدد على الصبر والتقوى، والنبي يؤكد على هذا فيقول: "واعلم أن النصر مع الصبر"؛ (رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث ابن عباس-رضي الله عنهما- وهو في صحيح الجامع:6806)، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال:66،65].

 

26- أهل الصبر والمرحمة هم أصحاب الميمنة:

قال تعالى: ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ *أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴾ [البلد:18،17].

 

وهذا أيضًا فيه تزكية لأهل الصبر؛ لأنه سبحانه خص أهل الميمنة بأنهم أهل الصبر والمرحمة، والناس بالنسبة للصبر والمرحمة ينقسمون إلى أربعة أقسام: الأول وهو خير الأقسام: من جمع بين الصبر والمرحمة، والثاني: من لا صبر له ولا رحمة فيه وهو أشرُّهم، والثالث: من له صبر ولا رحمة عنده، والرابع: من عنده رحمة ولكن لا صبر له، فمن جمع بين الصبر والمرحمة؛ فهو من أصحاب الميمنة.

 

27- الصابرون يوفيهم الله أجورهم يوم القيامة بغير حساب:

قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: ١٠]، قال الأوزاعي رحمه الله: "ليس يوزن لهم ولا يكال، إنما يغرف لهم غرفًا"؛ (تفسير ابن كثير:7/ 90).

 

وقال سليمان بن القاسم رحمه الله: "كل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ قال: كالماء المنهمر؛ (عدة الصابرين ص85).

 

فكل طاعة لها أجر معلوم، وثواب مقدور، إلا الصبر فإنه يغرف لأهله غرفًا، فلا تنظر إلى سوء الحال، ولكن تأمل جميل المآل.

 

قال ابن جزي رحمه الله في كتابه التسهيل: ورد ذكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعًا، وذلك لعظمة موقعه في الدين، قال بعض العلماء: كل الحسنات لها أجر محصور من عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصبر، فإنه لا يحصر أجره، لقوله تعالى: ﴿ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ ﴾.

 

وقال السعدي رحمه الله: وقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾، وهذا عام في جميع أنواع الصبر، الصبر على أقدار اللّه المؤلمة فلا يتسخَّطها، والصبر عن معاصيه فلا يرتكبها، والصبر على طاعته حتى يؤديها، فوعد الله الصابرين أجرهم بغير حساب، أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار، وما ذاك إلا لفضيلة الصبر ومحله عند اللّه، وأنه معين على كل الأمور؛ اهـ.

 

28- الصبر سبيل للفوز والنجاة في الآخرة:

قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [المؤمنون:109-111].

 

29- الملائكة تسلم على الصابرين في الجنة جزاء صبرهم:

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: ٢٢ – ٢٤].

 

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "صبروا عما أُمروا به، وصبروا عما نُهوا عنه".

 

30- الصابرون ليس لهم جزاء إلا الجنة:

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [العنكبوت: 59،58]، وقال تعالى:﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران:15-17]، وقال تعالى:﴿ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ [الإنسان:12]، وقال تعالى:﴿ أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا *خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان:76،75].

 

يقول أبو طالب المكي رحمه الله: "اعلم أن الصبر سببٌ لدخول الجنة والنجاة من النار؛ لأنه جاء في الخبر: "حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات"؛ ا هـ.

 

فيحتاج المؤمن إلى الصبر على المكاره ليدخل الجنة، وإلى صبر عن الشهوات لينجو من النار".

 

31- الصابرون يسكنون الغرف في أعلى درجات الجنة:

قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [العنكبوت: ٥٨، ٥٩].

فاعلم أن الصبر هو الدواء الناجع لكل بلية، وهو الترياق النافع لكل رزية، وهو السلاح الماضي الذي لا ينبو ولا يثلم، وهو الجنة الحصينة التي لا تهدم، ويكفي أن صاحبه يظفر بمعية الله، ولو لم يكن في الصبر من فضيلة إلا الفوز بمحبة الله لكفي بها فضيلة، فقد قال تعالى:﴿ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: ١٤٦].


وجعل الله تعالى الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين، وعلق الله تعالي الفلاح على الصبر والتقوى، وجعل الصبر كله خير، وجعل لأهل الصبر البشرى في الدنيا والآخرة، ووعدهم بمضاعفة الأجر، وأخبرهم أنه يوفيهم أجرهم بغير حساب، وجعل الفوز بالجنة والنجاة من النار من نصيب الصابرين.



[1] قال القرطبي- رحمه الله -: والمصيبة: هي كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه.

[2] قال سعيد بن المسيب كما عند" البخاري تعليقًا: 3/ 137": والعلاوة: ما يُحمل فوق العدلين على البعير.

[3] يقصد الآية السابقة.

[4] ثمرة فؤاده: قال ابن الأثير: يقال للولد الثمرة، وذلك لأن الثمرة هي ما تنتجه الشجرة، وكذلك الولد من الرجل ما ينتجه.

[5] المسح: الفراش.

[6] الذمام: الحرمة، وإنما تقصد حق ضيافة القوم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عن الصبر في العبادة
  • الأطفال وفضيلة الصبر في شهر رمضان
  • الصبر في الإسلام
  • الصبر في البأساء (بطاقة)
  • الصبر في زمن الابتلاء (خطبة)
  • خطبة فضائل الصبر

مختارات من الشبكة

  • فضائل الصبر في السنة النبوية المباركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل ووسائل الصبر على موت الوالدين والأولاد والأصحاب(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • فضائل ووسائل الصبر على موت الوالدين والأولاد والأصحاب(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • فضائل الصبر في هذا الزمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان شهر الصبر (4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • أنواع الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصبر في قصائد ديوان (مراكب ذكرياتي) للدكتور عبد الرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رمضان شهر الصبر (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وبشر الصابرين: أنواع الصبر - ما يهون المصائب - ثمرات الصبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رمضان شهر الصبر (3)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب