• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

عبث الأطفال في المساجد.. علموهم ولا تطردوهم

عبث الأطفال في المساجد.. علموهم ولا تطردوهم
د. محمد جمعة الحلبوسي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/5/2022 ميلادي - 25/10/1443 هجري

الزيارات: 37587

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبث الأطفال في المساجد.. علِّموهم ولا تطرُدوهم


الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمَده سبحانه وأُثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحْبه، ومَن اتَّبع سنته بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

في ذات يوم كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يصلي بالصحابة الكرام رضي الله عنهم إمامًا، فأطال السجود، وإذا بالقلق يغزو قلوب الصحابة رضي الله عنهم! حتى ظنَّ بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قُبِضَ، وبعضهم ظنَّ أن مرضًا أصاب النبي صلى الله عليه وسلم فجعَله لا يقْوى على الحركة، وبعضهم ظنَّ أن الوحي نزل عليه، وبعضهم ظنَّ أنها دعوة ومناجاة، حتى إن أحد الصحابة واسمه (شَدَّاد بن الهاد رضي الله عنه) يقول عندما أطال النبي صلى الله عليه وسلم السجود: رَفَعْتُ رَأْسِي وَإِذَا بالحسن أو الحسين عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ سَاجِدٌ، فَرَجَعْتُ إِلَى سُجُودِي، وبعد الصلاة إذا بالصحابة رضي الله عنهم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك يا رسول الله أطلت علينا السجود؟ سجدت سجدةً أطلْتَها حتى ظننَّا أنَّه قد حدث أمر، أو أنَّه يُوحى إليك؟! فيقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي - يعني جعلني راحلة وركب علي - فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ ))[1].

 

هل تتخيلون معي هذا الموقف؟! هل تتصورون معي هذا المشهد؟! الصلاة فرض، والإمام هو سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والجماعة التي تصلي خلفه هم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ومع هذا كله يركب سيدنا الحسن أو الحسين على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم ليلعب، والنبي صلى الله عليه وسلم يتركه يلعب ويمرح ولم يقطع عليه لعبه حتى انتهى من لعبه.

 

هذا هو نبيُّكم صلى الله عليه وسلم، وهذه هي طريقة تعامُله مع الأطفال في المساجد، وهكذا كانت رحمته وشفقته بالأطفال أثناء الصلاة، حتى وإن كان إمامًا بالناس ترك الطفل يلعب على ظهره لكي يحقِّق لعبه.

 

يقول العماء (رحمهم الله): في هذا الموقف دلالة واضحة على أن الأطفال كانون يأتون إلى المساجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ويلعبون ويمرحون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعاملهم المعاملة الطيبة، وكان الواحد منهم يركب على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فيتركه يلعب ويلعب، ولا يقطع عليه لعبَه حتى ينتهي هو مِن لعبِه[2].

 

فأين المسلمُ الذي ينزعج من وجود الأطفال في المساجد وصلاتهم بجانبه من هذا الموقف النبوي؟! أين الذي لا يتحمل لعبَ الأطفال وحركتَهم الزائدة في المساجد من هذا التعامل النبوي؟! أين الذي إذا أخطأ الطفل أمامَه في المسجد، أو أساء التصرف، أو ضحك في صلاته، قام مباشرة بتعنيف الطفل ورفع صوته عليه، وربما تصل الحالة به إلى ضربه وطردِه من المسجد، أين هذا من الرحمة واللطف واللين التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل بها مع الأطفال في المساجد؟!

 

أيها المسلمون، نبيُّكم صلى الله عليه وسلم كان رحيمًا بالأطفال، كان يفرح بوجود الأطفال في المساجد، كان يبتسم معهم، ويمزح معهم، ويلاطفهم ويدخل السرور عليهم، لم ينزعج في يوم من الأيام من بكاء طفل أو من لعبه داخل المسجد، ولو نظَرنا في سيرته العطرة مع الأطفال، لرأينا مواقفَ كثيرة تبيِّن لنا مدى حبِّه ورحمته بالأطفال.

 

يقول الصحابي الجليل أبو قَتَادَة الْأَنْصَارِيّ رضي الله عنه: بَيْنَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِي صَبِيَّةٌ يَحْمِلُهَا عَلَى عَاتِقِهِ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِي عَلَى عَاتِقِهِ يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا[3]، هذا هو تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال في أثناء الصلاة.

 

وفي ذات يوم كان رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا)، عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ، فماذا فعـل النبي صلى الله عليه وسلم؟ َنَـزَلَ من على المنبـر فَأَخَذَهُمَا، فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: ((صَدَقَ اللَّهُ: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التغابن: 15]، رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ))، ثُمَّ أَكمل خطبته صلى الله عليه وسلم[4].

 

بل إن الإمام البخاري أورد في صحيحه بابًا بعنوان: (باب مَنْ أَخَفَّ الصَّلاَةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصَّبِىِّ)؛ لأن المساجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت تجتمع فيها الرجال والنساء، فيصف الرجال أولًا، ثم الأطفال، ثم النساء، فذكر الإمام البخاري حديثًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنِّي لأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِه))[5]، ومعنى وَجْدِ أُمِّهِ: أي حزنَها وتألُّمَها لبكائه، وهي شديدة الحبِّ له.

 

هذه هي مشاعرُ نبيكم صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة ويريد إِطَالَتَهَا، فيسمع بكاء الطفل فيُشفق على قلب أمه فيُخففها.

 

هكذا كان الأطفال يبكون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم ينزعج لبكائهم أو يطرُدهم، أو يأمر الأمهات بعدم إحضار أبنائهنَّ تجنبًا للإزعاج، أو يأمر الأم التي يبكي طفلها بمغادرة المسجد عند بكائه، كلا لم يفعل ذلك رسولنا الرؤوف الرحيم شيئًا من هذه الغلظة على الإطلاق، بل كان يراعي الصغار ويقدِّر وجودهم، ويختصر الصلاة ويخفِّفها من أجلهم.

 

لقد صدق الله العظيم يوم أن وصف نبيَّنا صلى الله عليه وسلم بقوله:﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

 

أرأيتم كيف كانت طريقة تعامُل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال في المسجد وأثناء الصلاة، فهي تختلف اختلافًا واضحًا عن واقع تعامل الكثير من المسلمين اليوم مع الأطفال في المساجد!

 

بعض المصلين اليوم إذا رأى طفلًا أخطأ أمامه في المسجد أو أساء التصرف أو ضحك في صلاته، فبدلًا من أن ينصَحه ويعلِّمه، ويرشده إلى الصواب، يعنِّفه ويرفع صوته عليه، وربما تصل الحالة به إلى ضربه وطرده من المسجد... أين الرحمة والشفقة والكلام الطيب مع الأطفال؟ هذا التعامل ليس من أخلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

 

ألا تذكرون قصة الأعرابي الذي قام يبول في المسجد النبوي وأمام حضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمام الصحابة رضي الله عنهم، فقام الصحابة ليضربوه، فقال لهم رسـول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا تُزْرِمُوهُ دَعُـوهُ)) فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ دَعَاهُ النبي صلى الله عليه وسلمفَقَالَ لَهُ: ((إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ))[6]، فعندما رأى الأعرابي هذا الأسلوب الطيب قال: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لِلأَعْرَابِيِّ: لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا يُرِيدُ رَحْمَةَ اللهِ[7].

 

والله أنا أتعجَّب لماذا أصحاب المحلات والأسواق يتحملون الأطفال ولا ينزعجون منهم عندما يأتون إليهم ويشترون منهم؟! لماذا المعلم أو المدرس يتحمل ضجيج الأطفال في المدارس ولا ينزعج منهم، بل يبتسم في وجوههم ويعلِّمهم وينصحهم؟! لماذا صاحب البيت يتحمل أطفال الضيوف الذين يأتون إلى بيته ويكرمهم أكرامًا لضيوفه؟!

 

فلماذا إذًا نحن لا نتحمل الأطفال في المساجد؟! أليست المساجد هي بيوت الله تعالى؟ والأطفال عندما يأتون إلى المساجد هم ضيوف الله، فلماذا لا نحترم الأطفال الذين هم ليسوا ضيوف شيخ العشيرة ولا مختار الحي ولا المسؤول، بل هم ضيوف الله، فأين من يحترم ضيوف الله؟!

 

كان أحد التابعين واسمه (زُبَيْدُ بنُ الحَارِثِ اليَامِيُّ الكُوْفِيُّ) وهو مُؤَذِّن مَسْجِدِه، يَقُوْلُ لِلصِّبْيَانِ: تَعَالَوْا، فَصَلُّوا، أَهَبْ لَكُم جَوْزًا، فَكَانُوا يُصَلُّوْنَ، ثُمَّ يُحِيطُوْنَ بِهِ، فقالوا ولماذا تفعل ذلك؟ فَقَالَ: وَمَا عَلَيَّ أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُم جَوْزًا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ، وَيَتَعَوَّدُوْنَ الصَّلاَةَ[8].

 

ونحن لا نريد من المصلي أن يشتري جوزًا ويهب للأطفال، ولا نريد أن يشتري هدايا للأطفال، ولكن فقط ابتسامة، وشفقة ورحمة، وكلمة طيبة تشجعهم على أداء الصلاة في المساجد؛ لأن الكلام الطيب والابتسامة، وتشجيعه على الصلاة، تبقى في ذاكرة الطفل، فيبقى يحب المساجد والصلاة فيها.

 

يقول المثل العثماني: إذا لم تُسمع أصوات الأطفال في الصفوف الخلفية في المساجد، فعلينا أن نقلق على الأجيال القادمة.

 

لذلك كان نبينا صلى الله عليه وسلم يحرِص على حضورهم إلى المساجد، ويلعب معهم، ويوجِّههم ويعلمهم ويربيهم بالرفق حينًا وبالحزم حينًا، فأين نحن من الهدي النبوي ومن أخلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟! قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

أما بعد:

فيا أيها المسلم الكريم، بقي أن أنبه على مسألة هي أن إحضار الأطفال ـ ولو دون سنِّ التمييز ـ له أصل من الشرع، ولكن قد يخالف الأصل لمصلحة راجحة، ومن القواعد المقررة أن الضرر يُزال، وأن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، فمَن تيقَّن منه الضرر على المصلين مُنع الحضور مِن قِبَلِ وليِّه.

 

لذلك نقول: إن الصبي إذا كان ممن لا يلعب ولا يُشوش على المصلين بكثرة حركته ورفعه لصوته، في المسجد، فمثل هذا لا يُمنع من دخول المسجد، بل يشجع على حضوره.

 

أما إن كان الصبي ممن عُرف عنه كثرة اللعب ورفع الصوت في المسجد، وعدم الخوف من الكبير، ولا ينتهي إذا أُمر بالكفِّ عن اللعب، فمثل هذا قد نهى أهل العلم عن إدخاله إلى المسجد لعِظَمِ مفسدته ولأذيته للمصلين.

 

فقد سُئِل الإمام مالكٌ (رحمه الله) عن الصبيان يُؤتى بهم المساجد؟ فقال: إنْ كَانَ لَا يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ وَيَكُفُّ إذَا نُهِيَ، فَلَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا، وَإِنْ كَانَ يَعْبَثُ لِصِغَرِهِ فَلَا أَرَى أَنْ يُؤْتَى بِهِ إلى الْمَسْجِدِ[9].

 

ومع هذا كله نقول: ينبغي للمصلي أن يتحمل الطفل الصغير ويعامله بلطفٍ وشفقة، وأن ينصحه ويعلمه آداب المسجد، ولا يتركه يشوِّش على المصلين، وينبغي أن يُعلم أن مجرد حصول صوت أو حركة من الصبي الصغير في المسجد، ليس بمسوغٍ لطرده من المسجد، فقد كان الأطفال يفعلون ذلك في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويُقرهم، ويخفف الصلاة رحمةً بهم، وبأمهاتهم، ولكن مَن عُلم منه زيادة أذيةِ للمصلين، فهذا هو الذي ينبغي ألا يصحب إلى المسجد حتى يتأدب بآدابه.

 

والحكمة في حضورهم إلى المساجد هي تعويدهم على الطاعة وحضور الجماعة منذ نعومة أظفارهم، فإن لتلك المشاهد التي يرونها في المساجد وما يسمعونه - من الذكر وقراءة القرآن والتكبير والتحميد والتسبيح - أثرًا قويًّا في نفوسهم من حيث لا يشعرون، لا يزول أو من الصعب أن يزول حين بلوغهم الرشد، ودخولهم معترك الحياة وزخارفها.

 

نسأل الله أن يَجعَلَنا وإياكم من المتمسكين بهدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.



[1] السنن الكبرى للنسائي، كتاب السهو- هَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ سَجْدَةٌ أَطْوَلَ مِنْ سَجْدَةٍ: (1/ 366)، برقم (731)، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

[2] ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، للشيخ العلاّمة محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي: (14/ 39).

[3] سنن أبي داود، كتاب الصلاة - باب العمل في الصلاة: (2/ 184)، برقم (918)، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح، والحديث أصله في البخاري ومسلم عن أبي قتادة قال: (( رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا )) صحيح البخاري، كتاب الأدب - باب رَحْمَةِ الْوَلَدِ وَتَقْبِيلِهِ وَمُعَانَقَتِهِ:(8/ 8)، برقم (5996)، وصحيح مسلم، كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ- بَابُ جَوَازِ حَمْلَ الصِّبْيَانِ فِي الصَّلَاةِ: (1/ 385)، برقم (543).

[4] أبو داود، كتاب الصلاة- باب الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث: (2/ 327)، برقم (1109)، وسنن الترمذي، أَبْوَابُ الْمَنَاقِبِ- بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (6/ 122)، برقم (3774)، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث الحسين بن واقد.

[5] صحيح البخاري، كتاب الأذان- باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي:(1/ 181)، برقم (709).

[6] صحيح مسلم، كتاب الطهارة- بَابُ وُجُوبِ غُسْلِ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ النَّجَاسَاتِ إِذَا حَصَلَتْ فِي الْمَسْجِدِ: (1/ 236)، برقم (285).

[7] صحيح البخاري، كتاب الأدب - باب رَحْمَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ: (8/ 11)، برقم (6010).

[8] سير أعلام النبلاء للذهبي:(5/ 297).

[9] المدونة للإمام مالك: (1/ 195).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لا مجال للعبث
  • عبث (قصيدة)
  • العبث بالزمن
  • العبث بتقنية المعلومات
  • العبث بالديمقراطية

مختارات من الشبكة

  • القيم المستفادة من قصص الأطفال للكاتب "السيد إبراهيم"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • هل أطفال هذا الزمان أسوأ من غيرهم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • روسيا: حفل إفطار للأيتام في قازان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال للجمزوري (المتوفى سنة 1227 هـ) ومعه منظومة تحفة الأطفال (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • همم الرجال في شرح تحفة الأطفال ويليه منظومة تحفة الأطفال للإمام سليمان الجمزوري رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • متن تحفة الأطفال المسمى تحفة الأطفال والغلمان في تجويد القرآن للشيخ سليمان بن حسين الجمزوري(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • طفلك ليس أنت(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القصة في مجلات الأطفال ودورها في تنشئة الأطفال اجتماعيا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حاجات الأطفال الموهوبين ومشكلاتهم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الكذب عند الأطفال : دوافعه وأسبابه وكيفية علاجه(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
Rabouhdahdouh - الجزائر 08-01-2024 08:19 PM

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

1- ثناء
عبد النور - الجزائر 03-02-2023 01:07 PM

خطبة رائعة وفي القمة
سبحان الله كانت في نفسي وبنفس ترتيب الشيخ.
جزاكم الله خيرا.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب