• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

حق القرآن الكريم (3)

حق القرآن الكريم (3)
أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/1/2017 ميلادي - 25/4/1438 هجري

الزيارات: 23896

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حق القرآن الكريم (3)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

إخوتي الكرام؛ مرة أخرى مع القرآن الكريم، وبعد أن تعرّفنا على عظمة القرآن ومكانته، نتحدث اليوم عن حقوقه على العباد، تلكم الحقوق التي أمر الله تعالى بأدائها، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على القيام بها، ففي أدائها كل خير وصلاح، وكل فوز وفلاح..

إنها حقوق عظيمة جليلة، لأنها تتعلق بالقرآن العظيم، الذي هو رسالة إلينا من عند ربنا وخالقنا العظيم الجليل..

إنها حقوق تشمل حياة المسلم كلها، فبأدائها يَعْبُدُ العبدُ ربه في كل وقت وحين..

 

وهذه خلاصة لهذه الحقوق، فاسمعوها بآذان صاغية، وقلوب واعية..

1- الإيمان بالقرآن الكريم؛ حق على كل إنسان بلغه هذا القرآن أن يُؤمنَ به، بأن يَعتقدَ جازما أنه كلامُ الله ووحيُه وكتابُه، وأن يُصَدّق بكل ما جاء فيه من أمر ونهي وخبر ووَعْدٍ ووعيد.. فالإيمان به رُكن من أركان الإيمان التي لا يصح الإيمان ولا يثبت بدونها، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم في جوابه لجبريل عليه السلام حين سأله قائلا: أخبرْني عن الإيمان، فقال: «أن تؤمنَ بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمنَ بالقدر خيره وشره». قال: صدقت...

وقال ربنا سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا ﴾. فمَنْ آمَنَ بهذا القرآن وصدّق به نجا وأفلح واهتدى، ومن كفر به وكذّبَ به ضلّ وخابَ واعتدى.

 

2- قراءته، وحفظ ما تيسّرَ منه؛ حق على كل مسلم أن يقرأ ما تيسّرَ من كتاب الله، فقد أمر الله تعالى بذلك فقال سبحانه: ﴿ فاقرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ﴾. وبين سبحانه أنّ تلاوته علامة على الإيمان به فقال عز وجل: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فأولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾.

 

• فبتلاوته تزكو النفوس وتتهذب الأخلاق؛ ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترُجّة، ريحُها طيّب، وطعمها طيّب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمْرَة، لا ريح لها، وطعمها حلو. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الرّيْحانة، ريحها طيب، وطعمها مُرّ. ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح، وطعمها مُرّ».

 

• وبتلاوة القرآن وحفظه يُنالُ العلم، وتكونُ المعرفة؛ قال تعالى: ﴿ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾.

 

• وبقراءة القرآن يكون الأجر والثواب، وتكثر الحسنات، وتغفرُ السيئات؛ فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». أخرجه الترمذي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

 

• وبقراءة القرآن ومدارسته تنزلُ السكينة، وتعُمّ الرحمة، وتحضرُ الملائكة، ويعلو مقام العبد عند ربه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرَهم الله فيمنْ عِنده». رواه مسلم.

 

• وخيرُ ما يَشغل به المرء نفسه، ويملأ به وقته، أن يُقبِلَ على كتاب الله، يقرأه ويتعلمُه ويتدبّرُه.. فعن عقبة بن عامر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصّفّة، فقال: «أيّكم يُحِبّ أن يغدوَ كل يوم إلى بُطحانَ أو إلى العقيق فيأتيَ منه بناقتين كوْمَاوَيْن في غير إثم ولا قطْعِ رَحِم؟». فقلنا: يا رسول الله، نحِبّ ذلك. قال: «أفلا يَغدُو أحدكم إلى المسجد فيَعلمَ أو يَقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل، خيرٌ له من ناقتين، وثلاثٌ خير له من ثلاث، وأربعٌ خير له من أربع، ومِن أعدادهن من الإبل». رواه مسلم.

 

• وخيرُ ما يتنافسُ فيه الناس قراءةُ القرآن وحِفظه، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا حسدَ إلا في اثنتين: رجلٌ علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل، وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعمِلتُ مثلَ ما يعمل. ورجل آتاه الله مالا فهو يُهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل"..

 

وبفضل الله تعالى فالقرآن مُيَسّرٌ لمن أراد حفظه ومدارسته، فقد قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ ﴾. قال القرطبي رحمه الله: "أي: سهَّلناه للحِفظ، وأعَنَّا عليه مَن أراد حِفظَه، فهل من طالبٍ لحِفظه فيُعان عليه؟". فهذا ممَّا يُقوِّي العزيمة ويُعْلِي الهمَّة في طلَب حِفظ كتاب الله تعالى.

 

• بقراءة القرآن وحفظه يُنالُ الشرف، وتعلو منزلة المرء ومكانته عند العباد وعند رَبّ العباد؛ فحافظ القُرآن الكريم يستحقّ التكريم والاحترام والتبجيل، فعن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله إكرامَ ذي الشيبة المسلم، وحاملِ القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرامَ ذي السلطان المقسِط». أخرجه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني في المشكاة وصحيح الترغيب والترهيب..

 

فهنيئا لك يا حاملَ القرآن، فأنت مُقدّم في أعظم الأمور وأشرفها، فأنت المقدَّم في الصلاة، فعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤمّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله...». أخرجه مسلم.

 

وأنت المقدمُ في اللحد بعد الموت، ففي صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين رجلين من قتلى أحُدٍ، ثم يقول: «أيهم أكثرُ أخذا للقرآن؟» فإذا أشِيرَ له إلى أحدهما، قدّمه في اللحْدِ، فقال: «أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة»..

 

فأقبِلْ يا عبدَ الله على تلاوة القرآن، وحاولْ أن تكون ماهراً بالقرآن، متقناً لتلاوته، حافظاً له ومجوّداً، لتفوز بصحبة السفرَةِ الكرام البَرَرَة. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماهرُ بالقرآن مع السفرة الكرام البَرَرَة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران». متفق عليه.

 

وداومْ على تعهد ما حفظته من القرآن حتى لا يُنسَى، فقد حَثّ على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصّياً من الإبل في عُقُلِها». رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري.

 

ومن أصابه التعبُ أو كان أمّيّا لا يقرأ فلا يَحْرمْ نفسَه من أجر الإنصات والاستماع، فقد قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.

 

وإياكم أن تهْجُرُوا القرآن، تلاوة وتدبرا واستماعا وعملا، حتى لا تكونوا ممن يشكوهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه، كما قال الله تعالى عنه: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾.

فيا من تشكو من الفراغ، أين أنت من كتاب الله؟. أما وجدتَ فيه أنسَك وراحتك وطمأنينتك؟.

يا من تقضي نهارَك هائما تائها في الأزقة والشوارع والشواطئ... املأ فراغك بقراءة القرآن..

 

يا من تقضي يومك في المقاهي والجلوس في الطرقات، ألا يستحق منك القرآن أن تمنحه نصيبا من وقتك الذي تضيّعه فيما لا ينفع..

 

يا من تقضي أوقاتك في مجالس الغيبة والنميمة وهتك الأعراض وتتبع العورات؛ عدْ إلى مجالس القرآن، واشْغَلْ وقتك بقراءة القرآن، وهذب لسانك بتلاوة القرآن..

 

يا مَن تمرّ بك الأيام كادحا عاملا ساعيا على النفس والأهل والعِيال... ألا يستحق منك القرآن أن تمنحَه جزءا من وقتك وجُهدك واهتمامك؟..

 

3- تدبّرُ القرآن وتفهّمُ معانِيه؛ فكلامُ الله يحتاج منا إلى تدَبّر وتأمّل، إذ لا سبيل إلى الانتفاع به وتفهّم معانيه واستخراج كنوزه ومعرفة مقاصده إلا بتدبره والتأمل في آياته. وهذا ما أنزِلَ القرآنُ من أجله، كما قال ربنا سبحانه: ﴿ كِتَابٌ أنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أولو الأَلبَابِ ﴾.

 

وأنكرَ المولى سبحانه وتعالى على الذين أعْرَضوا عن كتابه، فلا يتعظون به ولا يتدبرونه، فقال عز وجل: ﴿ أفلا يَتَدَبَّرُونَ القرْآنَ أمْ عَلَى قلوبٍ أقفالهَا ﴾.

 

فهذ دعوة إلى تدبر كتاب الله، واستلهام ما فيه من العبر والعِظات، والوقوف عند عجائبه، وتحريك القلوب وتهذيب النفوس بمواعظه وزواجره.. فقد قال سبحانه في وصف عباده المؤمنين: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾.

 

وقدوتنا في التأثر بالقرآن هو حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي كان يقرأ القرآن فيَخشَع، ويسمعه مِنْ غيره فيَخشَع..

ففي صحيح مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ. ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا. ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ.

 

وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود، قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «اقرَأ عَليّ»، قلت: يا رسول الله، آقرأ عليك، وعليك أنزل، قال: «نعم» - «إني أحب أن أسمعه من غيري» - فقرأتُ سورة النساء، حتى أتيتُ إلى هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾، قال: «حَسْبُك الآنَ» فالتفتّ إليه، فإذا عيناه تذرفان..

 

فما بالُ القلوب لم تعُدْ تخشعُ بالقرآن، ولم تعدْ تتأثرُ بالقرآن؟ هل طال العهد بينها وبين القرآن، بسبب هجر أصحابها للقرآن؟. أم أنها قلوب مقفلة مغلقة بالذنوب والآثام؟. ﴿ أَلَمْ يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾.

 

4- تعليم القرآن، والدعوة إليه؛ فمَن يُردِ الله به خيرا يجعله من أهل القرآن، يتعلم القرآن، ويتعلم أخلاقه وأحكامه، ثم يُعَلّمُ ذلك لغيره من الناس.. فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيرُكم مَن تعلم القرآن وعَلمَه». رواه البخاري.

 

فمن تعلم شيئا من القرآن فلا يبخلْ به عن غيره، ليحظى بشرَف التبليغ عن الله ورسوله، فقد رَوَى البخاري عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار».

 

5- العمل بالقرآن؛ حقّ واجبٌ لازم على أمة القرآن: أن تعملَ بأحكامِ القرآن، وتتخلقَ بأخلاقِه، أن تُحِلّ حلاله، وتُحَرّمَ حرامه، وتقفَ عند حدوده.. تمتثلُ أمره، وتجتنبُ نهيه.. تعملُ بمُحكمِه، وتؤمن بمتشابهه.. تقيمُ حدوده كما تقيمُ حروفه... فذاك هو سبيلُ الفوز والفلاح، والنجاةِ من عذاب الله، قال تعالى: ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ﴾. وقال عز وجل: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفونَ ﴾.

 

من حق القرآن علينا أن نُذعِنَ لأحكامه، ونستسلم لأمره ونهيه؛ بلا تردد ولا مجادلة ولا اعتراض، لأننا نعلمُ يقينا أن هذا القرآن هو كلام رب العالمين، العليم الحكيم، الذي هو أعلم بمصالح الناس ومنافعهم، وأعلمُ بما يَصْلحُ لهم في أمور مَعاشهم ومَعادهم، قال عز وجل: ﴿ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾. فكيف يليق بعاقل أن يعترض على كتاب الله، وهو يعلم أنه من عند الحكيم العليم، الذي وسع علمه كل شيء، وأحاطت حكمته بكل أمر ونهي؟. ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

 

فلا يعترضُ على كتاب الله إلا جاهل أو جاحد أو سفيه، أما المؤمن التقيّ العاقل اللبيب فلا يعترض على كتاب ربه، ولا يُقدم هواه على مراد الله ورسوله، بل يستسلمُ ويَنقادُ لما جاءه من عند الله ورسوله، كما قال ربنا سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولهُ أَمْرًا أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾. وقال تعالى في وَصْفِ عباده المؤمنين: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾.

 

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284]، قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ، الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ، وَقَد انْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَة وَلَا نُطِيقُهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ". قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ، ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي إِثْرِهَا: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286] " قَالَ: نَعَمْ " ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ﴾ [البقرة: 286] "قَالَ: نَعَمْ". ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286] " قَالَ: نَعَمْ". ﴿ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286 ] "قَالَ: نَعَمْ".

 

وتوَعّد الله تعالى بأشد الوعيد من يُعْرِضُ عن كتابه، ويصدّ الناس عنه، فقال عز وجل: ﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ * وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ﴾.

 

ومن حق القرآن علينا أن نتخلق بأخلاقه، ونتأدبَ بآدابه؛ تأسيا واقتداء بحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن، فعن سعد بن هشام بن عامر أنه قال لعائشة رضي الله عنها: أخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالتْ: ألسْتَ تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: «خلق نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن». رواه مسلم.

 

فلا يكفي أن نقرأ القرآن ونحفظه، بل علينا أن نعمل بأحكامه، ونتخلق بأخلاقه، فهذا هو حال الصالحين قبلنا من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، كما قال أبو عبد الرحمن السّلَمِيّ رحمه الله: "حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا القرآن، كعثمان بنِ عفان وعبدِ الله بن مسعود وغيِرهما: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عَشْرَ آياتٍ لم يُجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمْنا القرآن والعِلمَ والعمل جميعًا".

 

فلا يليق بحامل القرآن أن يكون بعيدا عن أخلاق القرآن والعمل بالقرآن، بلْ أحق الناس وأوْلاهم بالاستقامة هم أهلُ القرآن، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: «يا معشرَ القرّاء استقيموا، فقد سَبقتم سَبْقا بعيدا، فإنْ أخذتم يمينا وشمالا، لقد ضللتم ضلالا بعيدا». أخرجه البخاري عن حذيفة.

 

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ينبغي لحامل القرآن أن يُعرَفَ بليله إذِ الناسُ نائمون، وبنهاره إذِ الناس مُفطِرون، وبوَرَعِهِ إذِ الناس يَخْلِطون، وبتواضُعِهِ إذِ الناس يخْتالون، وبحُزْنِه إذِ الناس يفرحون، وبِبُكائه إذِ الناس يضحكون، وبصَمْتِهِ إذِ الناس يخوضون".

 

ويقول الفضيل بن عياض رحمه الله: "حاملُ القرآنِ حاملُ رايةِ الإسلام، لا ينبغي أن يَلهوَ مع مَنْ يلهو، ولا يسهو مع مَن يسهو، ولا يلغو مع مَن يلغو، تعظيما لحق القرآن"..

 

فأين نحن من أخلاق القرآن وآدابه وأحكامه؟.

أين نحن من أحكام القرآن وأخلاقه في علاقتنا مع خالقنا ومولانا عز وجل؟. هل وَحّدْنا الله وعبَدْناه كما أمرَ وشرَع؟. هل حافظنا على الصلاة وآتيْنا الزكاة وأطعْنا الله ورسوله؟.

أين نحن من القيام بين يدي الله بما نحفظه من القرآن؟..

أين نحن من أحكام القرآن في علاقاتنا الأسرية؟ في بر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الأقارب؟..

أين نحن من أخلاق القرآن في أسواقنا وشوارعنا وفي علاقاتنا الاجتماعية؟.. في البيع والشراء، وفي المعامل والإدارات والمؤسسات؟...

هل ربينا أبناءنا بتربية القرآن؟. هل علمناهم أخلاق القرآن كما في وصية لقمان؟..

أين نحن من الرحمة والصدق والوفاء والأخوة والتعاون والإحسان، وغير ذلك من مكارم الأخلاق التي دعا إليها القرآن؟.

هل اجتنبنا الغيبة والنميمة والسخرية وسوءَ الظن والظلمَ والكذبَ والنفاق، وغيرَ ذلك من مساوئ الأخلاق التي حذر منها القرآن؟..

 

فمَنْ أحَبَّ أنْ يَعْلمَ حاله، ويختبرَ عمله، فليَعْرِضْ نفسَهُ على كتاب الله. كما قال الحسن البصري رحمه الله: "رحم الله امْرَءاً عرَض نفسه وعَمَله على كتاب الله، فإنْ وافق كتابَ الله، حَمِدَ الله وسأله المزيد، وإن خالفَ أعتبَ نفسه وحاسبها، ورجع إلى ربه من قريب".

 

الوسائل المعينة على أداء حقوق القرآن:

إخوتي الكرام؛ ما الوسائل التي تعين وتحفز على الاجتهاد في أداء حقوق القرآن؟.

أولا: اعلم أن القرآن رسالة من الله تعالى إليك؛ فكلنا مخاطبون بهذا القرآن، فما من آية إلا ولنا فيها حُكم أو عقيدة أو عبرة وعِظة، لذا يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعتَ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ في كتابه: ﴿ يَا أيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ فأصْغِ لها سَمْعَك؛ فإنَّه خيرٌ تُؤمَرُ به، أو شرّ تُصرَفُ عنه".

ويقول الحسن بن علي رضي الله عنه: "إنّ مَنْ كان قبلكم رَأوُا القرآنَ رَسائلَ مِن ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار".

 

ثانيا: اعلم أن في إقبالك على القرآن تجارة رابحة؛ أجرٌ عظيم، وثواب جزيل، وعطاء وكرم من الله الكريم، لمن أقبل على كتابه يتلون ويأخذ بأحكامه.. فقد قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾.

 

ثالثا: بقدر إقبالك على كتاب الله يكون منزلك ومقامك في الجنة؛ فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها». أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

 

رابعا: باتباع القرآن والتمسك بهديه تكون العصمة من الغواية والضلالة؛ فقد قال ربنا سبحانه: ﴿ ...فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾.

 

وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الطويل من حَجة الوداع، وفيه: «تركتُ فيكم ما لنْ تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتابَ الله. وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات».... رواه مسلم.

 

خامسا: بإقبال العباد على كتاب الله يفوزون بشفاعته يوم القيامة؛ ﴿ يَوْمَ يَنظرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾. في ذلك اليوم الذي يتخلى فيه القريب عن قريبه، والصديق عن صديقه، ويحتاج المرء إلى شفيع له عند الله، يأتي القرآن ليشفعَ لمن كان من أهله في الدنيا.. فعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صوافّ، تحاجّان عن أصحابهما. اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة». أخرجه مسلم.

 

وروى مسلم عن النواس بن سمعان قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « يُؤتى بالقرآنِ يوم القيامة وأهلِه الذين كانوا يعملون به، تقدُمُهُ سورة البقرة وآلُ عمران، تحاجّان عن صاحبهما».

فهنيئا لمن أقبل على كتاب الله، واهتدى بهُدَاه.. وويل لمن أعرض عن كتاب الله، واتبع هواه..

 

فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بكتاب الله، فهو الحياة والروح، والغذاء والشفاء، وهو العصمة والنجاة.. قِفوا عند حلاله وحرامه، اجعلوا لبيوتكم وخلوَاتكم حظاً من قراءته، قوموا بحقه، تفكروا في عجائبه، واعملوا بمُحْكَمِه، وآمِنوا بمتشابهه، وانشروا علومه، وادعوا إلى سبيله... فذلك خيرٌ لكم في دنياكم وفي أخراكم.

 

احرصوا رحمكم الله على تعليم أولادِكم وبناتِكم كتابَ الله، بَادِرُوا بتسجيلهم في حلقات القرآن، في الكتاتيب وَدُور القرآن، اغرسوا في قلوبهم حبّ القرآن، علموهم العيش في رحابه، والاغتراف من معينه، وتعاهدوهم بتربيتهم تربية قرآنية، كي تسعدوا جميعاً في الدنيا والآخرة..

 

شاركوا في دعم المحاضِن التربوية، والدور القرآنية، التي تبني أجيالاً قرآنية صالحة، فلكمْ مثلُ أجورهم لا ينقص من أجورهم شيء، فالدالّ على الخير كفاعله.. ﴿ وَتعَاوَنُوا عَلى البِرّ وَالتقوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلى الإثمِ وَالعُدْوَانِ ﴾.

فاللهم ارفعنا وانفعنا بالقرآن العظيم، واجعله لنا إماماً ونوراً وهدى، واجعلنا من أهله يا رب العالمين..

اللهم ارزقنا التمسك بكتابك، ووفقنا للعمل به واتباعه، وأداء حقوقه...

اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك.

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، وقائدنا ودليلنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم.

اللهم اجعل القرآن لنا في الدنيا قرينا، وفي القبر مؤنسا، وفي القيامة شفيعا، وعلى الصراط نورا، وإلى الجنة دليلا، ومن النار سترا وحجابا.. يا رب العالمين.

اللهم اجعلنا ممن يُحِلّ حلاله، ويُحرّم حرامه، ويعمل بمحكمه، ويؤمن بمتشابهه، ويتلوه حق تلاوته..

اللهم ألبسنا به الحلل، وأسكنا به الظلل، وأسبغ علينا به النعم، وادفع عنا به النقم.. يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين.

اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، وأصلح أحوال المسلمين، واشف مرضى المسلمين أجمعين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

 

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حق القرآن الكريم (1)
  • حق القرآن الكريم (2)

مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإخلاص في الذكر عند قيام الليل والأذان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (2) الملك(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • تعريف الحقوق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق الزوجة وحق الزوج(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا دعاة الباطل لا تكونوا كاليهود: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • حديث: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 


تعليقات الزوار
1- القرآن الكريم.. رسالة الله تعالى الى البشر
معصوم محمد خلف - ألمانيا 30-01-2017 01:25 AM

يعد القرآن الكريم كتاب ظهر قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة، هز قريشا والعرب بل والعالم أجمع، إلى يومنا هذا يقدّسه المسلمون ويعنونَ بقراءته وتفسيره،كما استخراج مكنوناته وكنوزه، نسمعه في التلفاز والمذياع، في الصلوات الخمس والمساجد، ونقرأه في المحاضرات والكتب.
هو بيان من الله تعالى (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) هو كلام رب العالمين، خالق الكون ومبدعه، ورسالته الاخيرة للناس أجمعين
إنه بحر من الغيب يحدثنا ونور من السموات يخاطبنا فلنكن على قدر الخطاب، لنكون إن شاء الله من الفائزين فلنتعلّق بحبل الله عز وجل، يعصمنا من الضلالة والتهلكة، وذلك مصداقاً لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (أبشروا.. فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به ،فإنكم لن تهلكوا، ولن تضلوا بعده أبدا) رواه الطبري وصححه الألباني.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب