• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

الإسلام دين الأمانة

الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2016 ميلادي - 25/10/1437 هجري

الزيارات: 23498

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسلام دين الأمانة


الحمد لله الذي خضعت لعزته الرقاب، وأشرقت لنور وجهه الظلمات، وصلَح على شرعه أمرُ الدنيا والآخرة، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن للأمانة منزلةً سامية في الإسلام، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

تعريف الأمانة:

الأمانة: لفظ عام يشمل كل ما افترضه الله تعالى على المسلم، وأمَره بحفظه، فيدخل فيها حفظ قلبه وجوارحه عن كل ما يُغضب الله تعالى، وحفظ كل ما ائتمنه الناس عليه؛ (موسوعة فقه القلوب - لمحمد التويجري - جـ 2 صـ 1263).


التكاليف الشرعية أمانة:

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].

قال سعيد بن جُبير: الأمانة: الفرائض التي افترضها الله على العباد؛ (تفسير الطبري جـ 22 صـ 225).


(1) إقامة الصلاة المفروضة أمانة:

الصلاةُ المفروضة هي الركن الثاني مِن أركان الإسلام بعد الشَّهادتين، مَن أقامها فقد أقام الدِّين، ومَن هدمها فقد هدم الدِّين.

يجب على المسلم أن يحافظ على إقامتها في وقتها في المساجد، مع المحافظة على شروطها وأركانها، وأدائها بقلب خاشع لرب العالمين.


قال الله تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238].

قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103].

لا تصحُّ صلاة الفريضة قبل وقتها، ولا بعد خروج وقتها، إلا بعذرٍ شرعي.


(1) روى الشيخانِ عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بُني الإسلام على خمس: شَهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان))؛ (البخاري حديث 8/ مسلم حديث 16).


(2) روى الترمذي عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أولَ ما يحاسب به العبد يوم القيامة مِن عمله صلاتُه، فإن صلَحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسَدت فقد خاب وخسِر، فإن انتقص من فريضته شيءٌ، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 337).


(3) روى مسلم عن عبدالله بن مسعود، قال: (مَن سرَّه أن يلقى اللهَ غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهنَّ؛ فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سُنَنَ الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلفُ في بيته، لتركتم سنَّةَ نبيكم، ولو تركتم سنَّةَ نبيكم لضللتم، وما مِن رجل يتطهر فيحسن الطُّهور، ثم يعمِد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتَب الله له بكل خطوة يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحط عنه بها سيئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلومُ النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادَى بين الرجُلين حتى يقامَ في الصف)؛ (مسلم حديث: 654).


(4) كان علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) كلما دخل عليه وقت صلاة، اصفرَّ لونه مرةً، واحمرَّ أخرى، فقيل له في ذلك، فقال: أتَتْني الأمانةُ التي عُرضت على السموات والأرض والجبال فأبَيْنَ أن يحمِلْنها، وأشفَقْنَ منها، وحملتُها أنا، فلا أدري أأسيءُ فيها أم أُحسِن؛ (أدب الدنيا والدين للماوردي صـ: 90).

 

(2) أداء الزكاة المفروضة أمانة:

الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وجاءت مقرونة بالصلاة في اثنتين وثمانين آية من القرآن الكريم.

قال الله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [البقرة: 43].

وقال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ [التوبة: 34، 35].


على مَن تجب الزكاة؟

تجبُ الزكاة على كل مسلم حرٍّ، مالك للنصاب ملكًا تامًّا، مع مُضيِّ عام هجري، ويعتبر ابتداء العام من يوم ملك النصاب، وأما بالنسبة للزروع والثمار، فتكون يوم حصادها؛ (فقه السنة للسيد سابق جـ 1 صـ 395).


3)) صيام شهر رمضان أمانة:

قال سبحانه: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].


ينبغي للمسلم أن يجعل مجالسَه مع إخوانه مملوءةً بذِكر الله، والتفقُّه في دِينه، وخاصة في شهر رمضان المبارك، ويجب عليه أن يتجنَّبَ الحسد والغِيبة، والنميمة والكذب، وشَهادة الزُّور، والخداع والغش، والنظر إلى المحرمات، وغيرها من سائر المحرمات؛ لأن هذه المعاصيَ تأكل الحسناتِ كما تأكل النارُ الحطبَ.


قال جابر بن عبدالله (رضي الله عنهما): إذا صُمْتَ، فليصُمْ سمعُك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودَعْ أذى الجار، وليكُنْ عليك وقارٌ وسَكينة يوم صومك، ولا تجعَلْ يوم صومك ويوم فِطرك سواءً؛ (لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي صـ: 292).


(4) أداء مناسك الحج أمانة:

يقول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97].

الحجُّ فريضة على كل مسلم، بالغ، عاقل، حرٍّ، قادر على الذهاب لأداء مناسك الحج.

يجب على المسلم أن يختار لحجه المالَ الحلال، البعيد عن الشبهات؛ وذلك لأن الله طيِّب لا يقبَل إلا طيبًا؛ يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾ [البقرة: 172].


كيفية الاستطاعة لأداء مناسك الحج:

الاستطاعة تتحقق بالصحة، ومِلك ما يكفي المسلمَ لذهابه وعودته مِن المشاعر المقدسة، زائدًا عن حاجة مَن تلزمه نفقته، وبأمن الطريق، مع وجود محرَم بالنسبة للمرأة، فإذا لم تجد محرَمًا فليست بمستطيعةٍ؛ (المغني لابن قدامة جـ 5 صـ 30: صـ 32).


العقل أمانةٌ عظيمة:

العقل مِن أعظم نِعَم الله تعالى على الإنسان؛ فالعقل هو الذي يتميز به الإنسان عن الحيوان، وهو أساس التكاليف الشرعية، والثواب والعقاب، وهو أمانة عند الإنسان، سوف يحاسبه الله تعالى عليها يوم القيامة، فيجبُ على المسلم أن يحافظ على هذه الأمانة، ويستخدمها في طاعة الله ورسوله، وبالتفكير في العلوم النافعة، التي تعود بالنفع على المسلمين في أمور دِينهم ودنياهم.

قال سبحانه: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190].


قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): قوله تعالى: ﴿ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]؛ أي: العقول التامة الذكيَّة، التي تدرِك الأشياءَ بحقائقها على جليَّاتها، وليسوا كالصمِّ البُكْم الذين لا يَعقِلون؛ (تفسير ابن كثير جـ 3 صـ 295).

وليحذَرِ المسلم أن يستخدم نعمة العقل في معصية الله، أو فيما يضر المسلمين، ومَن فعل ذلك فقد خان أمانة العقل، التي أمره الله تعالى بالمحافظة عليها.


جوارح المسلم أمانة:

الجوارح التي خلَقها الله تعالى للمسلم أمانة في عنقه، سوف يسأله الله عنها يوم القيامة.

قال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [فصلت: 19، 21].

وقال سبحانه: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].


روى مسلمٌ عن أنس بن مالك، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحِك، فقال: ((هل تدرون ممَّ أضحك؟))، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((مِن مخاطبة العبدِ ربَّه، يقول: يا رب، ألم تُجِرْني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا، وبالكرام الكاتبين شهودًا، قال: فيختم على فيه، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بُعدًا لكنَّ وسُحقًا؛ فعنكنَّ كنتُ أناضل "أي: أدافع"))؛ (مسلم حديث 2969).


الأُذُن أمانة:

قال تعالى: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسؤولا ﴾ [الإسراء: 36].

احرِصْ، أخي الكريم، على المحافظة على نعمة الأُذن، فتستخدمها في سماع القرآن الكريم، وسنَّة نبينا صلى الله عليه وسلم، وكل العلوم التي تنفعك في أمور دِينك ودنياك، واحذَرْ أن تستخدم نعمة الأُذن في معصية الله؛ كالاستماع إلى الغِيبة والنميمة، والخوض في أعراض الناس بالباطل، أو بالاستماع إلى الموسيقا والغناء الماجن، الذي يدعو إلى المجون والخلاعة، وإثارة الفتنة، وتهييج الشهوة، مِن خلال الحديث عن الحب والغرام والجمال، ووصف محاسن النساء، سواء صاحبته آلات الموسيقا، أو لم تصاحِبْه.


قال الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [لقمان: 6].

روى ابنُ جَرير الطبري عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء البكري: أنه سمع عبدالله بن مسعود وهو يُسأَل عن هذه الآية: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [لقمان: 6]، فقال عبدالله: الغِناء، والذي لا إله إلا هو، يرددها ثلاث مرات؛ (تفسير الطبري جـ 21 صـ 61).


قال الحسن البصري (رحمه الله): نزلت هذه الآية: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ﴾ [لقمان: 6] في الغِناء والمزامير؛ (تفسير ابن أبي حاتم جـ 9 صـ 3096 رقم 17526).

روى البخاريُّ - معلَّقًا - عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليكونَنَّ مِن أمتي أقوام، يستحلون الحِرَ (الزنا)، والحرير، والخمر، والمعازف))؛ (البخاري حديث: 5590).


روى الترمذيُّ عن عمران بن حصين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في هذه الأمة خَسْف ومَسْخ وقَذْف))، فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذاك؟ قال: ((إذا ظهرت القَيْنَات (المغنِّيات)، والمعازف، وشُربت الخمور))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1801).

روى أبو داود عن نافع، قال: سمع ابن عمر مزمارًا، فوضع إصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافعُ، هل تسمع شيئًا؟ فقلت: لا، قال: فرفع إصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع مثل هذا، فصنع مثل هذا؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 4116).


العين أمانة:

نعمة البصر مِن نِعَم الله تعالى على المسلم، وهي أمانة عنده، يجب عليه أن يستخدمها في طاعة الله، ويتجنَّب استخدامها في معصيته سبحانه؛ لأنه مسؤول عنها أمام الله يوم القيامة.

قال سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 30، 31].


روى أبو داود عن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: ((يا عليُّ، لا تُتْبِعِ النظرةَ النظرةَ؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث: 1881).

روى أبو داود عن جرير، قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة؟ فقال: ((اصرِفْ بصرك))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث: 1880).


الأيدي أمانة:

احرص، أخي المسلم الكريم، أن تستخدمَ هذه النعمة في طاعة الله تعالى، فتكتب بها من العلوم النافعة، في أمور الدِّين والدنيا، ما يكون في ميزان حسناتك يوم القيامة.


قال الشاعر أمين الجندي:

وما مِن كاتبٍ إلا سيَفْنى
ويَبقى الدهرَ ما كتبَتْ يداه
فلا تكتُبْ بكفِّك غيرَ شيء
يسُرُّك في القيامة أن تراه

(صيد الأفكار لحسين محمد المهدي - صـ 112).


واحرص كذلك على مساعدة كلِّ مَن يحتاج إلى مساعدتك، واحذر أن تستخدم يديك فيما يغضب الله تعالى؛ كأخذ الرِّشوة، أو كتابة شَهادة الزور، أو السرقة، أو الغش، أو مساعدة الظالمين.


الأقدام أمانة:

احرص، أخي الكريم، أن تستخدم نعمة الأقدام في طاعة الله تعالى؛ فاحرص على الذهاب إلى المساجد لأداء الصلوات المفروضة جماعة، واحرص على قيام الليل في المنزل، وعلى حضور مجالس العلم النافع، الذي ينفع المسلمين في أمور دِينهم ودنياهم، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وصلة الأرحام، وقضاء حوائج الناس المشروعة.


(1) روى الشيخانِ عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن غدا إلى المسجد وراح، أعدَّ الله له نُزُلَه من الجنة كلما غدَا أو راح))؛ (البخاري حديث 662/ مسلم حديث 669).


(2) روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن تطهَّر في بيته ثم مشى إلى بيت مِن بيوت الله؛ ليقضي فريضةً من فرائض الله - كانت خَطْوتاه إحداهما تحط خطيئةً، والأخرى ترفع درجةً))؛ (مسلم حديث 666).


(3) روى مسلم عن أُبَيِّ بن كعب، قال: كان رجل لا أعلم رجلًا أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة، فقيل له - أو قلت له -: لو اشتريت حمارًا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد؛ إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد جمع الله لك ذلك كلَّه))؛ (مسلم حديث 663).

واحذر، أخي المسلم، أن تستخدم هذه الأقدام في الذهاب إلى أماكن اللهو والمعاصي.


اللسان أمانة:

اللسان مِن نِعَم الله تعالى العظيمة، يزرع بقوله الحسنات والسيئات، ثم يحصد الإنسان ما زرعه بلسانه، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر؛فاحرص، أخي الكريم، على أن تستخدم نعمة اللسان في طاعة الله تعالى، والحصول على الحسنات، وتجنُّب الكذب والغِيبة والنميمة، والسخريَّة بعباد الله تعالى؛ لتنجوَ مِن غضب الله تعالى في الدنيا والآخرة.


روى الترمذي عن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده، وذروة سنامه؟))، قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((رأس الأمر الإسلام، وعَموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد))، ثم قال: ((ألا أخبرك بمِلاك "ما به إحكام الشيء وتقويته" ذلك كله؟))، قلت: بلى يا نبي الله، فأخذ بلسانه، قال: ((كُفَّ عليك هذا))، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكِلَتْك أمُّك يا معاذ، وهل يكُبُّ الناسَ "يلقيهم" في النار على وجوههم - أو على مناخرهم - إلا حصائدُ ألسنتهم؟!))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2110).


روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاءَ كلَّها تُكفِّر اللسان "تَذِلُّ وتخضع له"، فتقول: اتقِ الله فينا؛ فإنما نحن بك؛ فإن استقَمْتَ استقمنا، وإن اعوجَجْتَ اعوجَجْنا))؛ (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1962).


الوالدانِ أمانة:

طاعةُ الوالدينِ والإحسان إليهما أمانةٌ في أعناق الأبناء، يجب أن يحافظوا عليها؛ لأنهم مسؤولون عن آبائهم أمام الله تعالى يوم القيامة.


أوصانا الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين؛ فقال سبحانه: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36].

وقال سبحانه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 23 - 25].


قال الإمام القرطبي:

قوله تعالى: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا ﴾ [الإسراء: 23] خصَّ حالة الكِبَر؛ لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى برِّه؛ لتغيُّر الحال عليهما بالضعف والكِبَر، فألزم في هذه الحالة مِن مراعاة أحوالهما أكثرَ مما ألزمه مِن قبل؛ لأنهما في هذه الحالة قد صارا كَلًّا عليه، فيحتاجانِ أن يَلِيَ منهما في الكِبَرِ ما كان يحتاج في صِغَرِه أن يَلِيَا منه؛ فلذلك خص هذه الحالةَ بالذِّكر؛ (تفسير القرطبي جـ 10 صـ 246).


قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ﴾ [الإسراء: 23]، قال مجاهد بن جبر: معناه: إذا رأيتَ منهما في حال الشيخ الغائطَ والبول الذي رأَيَاه منك في الصِّغَر، فلا تَقْذَرهما، وتقل: أُفٍّ؛ (تفسير الطبري جـ 15 صـ 64).


وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ [الإسراء: 23]؛ أي: ولا يصدر منك إليهما فعلٌ قبيح؛ (تفسير ابن كثير جـ 8 صـ 467).

قال الإمام القرطبي: قال علماؤنا: وإنما صارت قولة: "أف" للأبوينِ أردأَ شيء؛ لأنه رفَضَهما رفضَ كفرِ النعمة، وجَحَد التربية، وردَّ الوصيةَ التي أوصاه في التنزيل، و"أف" كلمة مقولة لكل شيء مرفوض؛ (تفسير القرطبي جـ 10 صـ 246).


(1) روى الشيخانِ عن عبدالله بن مسعود، قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: ((الصلاةُ على ميقاتها))، قلت: ثم أي؟ قال: ((ثم بر الوالدين))، قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))؛ (البخاري حديث 527/ مسلم حديث 85).


(2) روى الترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رضا الربِّ في رضا الوالد، وسخَط الربِّ في سخط الوالد))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1549).

وليحذَرْ كل مسلم من عقوق الوالدين؛ لأن عقوقَهما خيانة للأمانة التي جعلها الله في أعناق الأبناء.


(1) روى الشيخانِ عن أبي بكرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر)) ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - وجلس وكان متكئًا فقال: - ألا وقول الزور))، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليتَه سكتَ؛ (البخاري حديث 2654/ مسلم حديث 87).


(2) روى النسائي عن عبدالله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، والمرأة المترجِّلة، والديُّوث))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح النسائي للألباني حديث 2402).

قال السندي: قوله: (لا ينظر الله)؛ أي: نظر رحمة أولًا، وإلا فلا يغيب أحد عن نظره، والمؤمن مرحوم بالآخرة قطعًا، (العاق لوالديه): المقصِّر في أداء الحقوق إليهما، (المترجِّلة) التي تتشبَّه بالرجال في زيِّهم وهيئاتهم، فأما في العلم والرأي فمحمود، (والديُّوث) وهو الذي لا غَيرةَ له على أهله؛ (سنن النسائي بحاشية السندي جـ 5 صـ 84).


(3)روى الحاكمُ عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بابانِ معجَّلان عقوبتهما في الدنيا: البَغْيُ والعقوق؛ "أي عقوق الوالدين"))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 2810).

 

الأولاد أمانة:

تربية الأبناء أمانة في أعناق الآباء، وهم مسؤولون عن أبنائهم أمام الله يوم القيامة.

يعتبر الوالدان هما المؤثر الفعال في شخصية الأبناء، فكلما كان الوالدانِ على تقوَى من الله، انعكَس ذلك على أولادهما.


(1) روى البخاري عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل مولودٍ يولَد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه "يجعلونه ممن يعبدُ النار"))؛ (البخاري حديث 1385).


(2) روى البخاري عن عبدالله بن عمر: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية، وهي مسؤولة عن رعيتها))؛ (البخاري حديث 2558).


ومِن مسؤولية الوالدين عن رعيَّتِهما: ملاحظة الأبناء، ومراقبة تصرفاتهم، حتى إذا أهمل الأبناء حقًّا مِن حقوق الله، أرشدوهم إليه، وإذا قصروا في واجبٍ نصحوهم، وإذا رأَوْا منهم منكرًا نهَوْهم عنه، وإذا فعلوا معروفًا شكَروهم عليه.

التقصيرُ في تربية الأبناء خيانة للأمانة التي جعلها الله في أعناق الآباء، وسوف يحاسبهم عليها يوم القيامة.

ومِن حفظ الأمانة في تربية الأبناء: العدل بينهم في العطاء، وعدم تفضيل بعضهم على بعض؛ لأن ذلك يزرع الحقدَ والكراهية بين الإخوة.


(3) روى البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: أعطاني أبي عطيةً، فقالت عمرة بنت رواحة (والدة النعمان): لا أرضى حتى تُشهِدَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أعطيت ابني مِن عمرةَ بنت رواحة عطيةً، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: ((أعطيتَ سائر ولدك مثل هذا؟))، قال: لا، قال: ((فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم))، قال: فرجع فردَّ عطيَّته؛ (البخاري حديث: 2587).


الجيران أمانة:

الجيران أمانة، يجب أن نحافظَ عليهم من كل سوء، ولقد أوصانا الله تعالى ورسولُه صلى الله عليه وسلم بالإحسان إليهم؛ فقال سبحانه: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].


(1) روى البخاري عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ­((ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننتُ أنه سيورِّثه))؛ (البخاري حديث 6014).


(2) روى مسلم عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر، إذا طبختَ مرقةً، فأكثِرْ ماءَها، وتعاهَدْ جيرانك))؛ (مسلم حديث 2625).


وليحذَرْ كل مسلم أن يؤذي جيرانه، بالقول أو بالفعل، فيكون بذلك قد خان الأمانة التي وصَّاه الله تعالى ورسولُه صلى الله عليه وسلم بها.


(3) روى الشيخان عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذِ جاره))؛ (البخاري حديث 6018/ مسلم حديث 75).


(4) روى البخاريُّ عن أبي شريح: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قيل: ومَن يا رسول الله؟ قال: ((الذي لا يأمن جارُه بوائقَه "الظلم والشر"))؛ (البخاري حديث: 6016).


(5) روى البخاري (في الأدب المفرد) عن أبي هريرة قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ((يا رسول الله، إن فلانةَ تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل، وتَصَدَّقُ، وتؤذي جيرانها بلسانها! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا خير فيها، هي من أهل النار))؛ (حديث صحيح) (صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 88).


تولية القضاء أمانة:

تولِّي منصب القضاء للحكم بين الناس أمانة عظيمة في أعناق القضاة، وليعلموا أنهم مسؤولون عن ذلك أمام الله يوم القيامة؛ فليجتهِدِ القاضي في الحكم بين الناس، على ضوء كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.


(1) روى البخاريُّ عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع خصومةً بباب حجرته، فخرج إليهم فقال: ((إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخَصم، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسَب أنه صادق، فأقضي له بذلك، فمَن قضيت له بحق مسلم، فإنما هي قطعةٌ من النار، فليأخُذْها، أو ليتركها))؛ (البخاري حديث 2458).


(2) روى أبو داود عن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب، فله أجرانِ، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3052).

وليحذَرْ مِن تولية القضاء مَن لا قدرة له؛ لأنه يعرِّضُ نفسَه لغضب الله في الدنيا والآخرة.


(3) روى أبو داود عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن وَلِيَ القضاءَ، فقد ذُبِحَ بغير سكين))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3049).


(4) روى أبو داود، عن بُريدةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((القضاة ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجلٌ عرَف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3051).


المال أمانة:

قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التغابن: 15].

يجب على المسلمِ أن ينفقَ المال الذي رزقه الله فيما يُرضي الله، وليعلم أنه مسؤولٌ عن ذلك المالِ يوم القيامة.


روى الترمذي عن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدمَا عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره؛ فيمَ أفناه؟ وعن علمه؛ فيمَ فعل؟ وعن ماله؛ مِن أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن جسمه؛ فيمَ أبلاه))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1970).

ليحذر المسلم أن ينفق ماله في معصية الله تعالى، فيكون وبالًا عليه يوم القيامة.


العلم النافع أمانةٌ:

العلم أمانة في عنق العالم، يسأله الله عنه يوم القيامة، فيجب عليه أن يؤديَ هذه الأمانة إلى الناس، وليتذكر العالم عظيم ثواب الله يوم القيامة.


(1) روى الشيخانِ عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي بن أبي طالب: ((واللهِ لأن يُهدَى بك رجلٌ واحد، خيرٌ لك مِن حُمْرِ النَّعَم "الإبل الحمراء، وكانت أنفسَ الأموال عند العرب"))؛ (البخاري حديث: 2942/ مسلم حديث: 2406).


وليحذر العالم أن يخالف فعلُه قولَه، فيكون بذلك قد خان أمانة العلم.

(1) قال الله تعالى: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].

(2) وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].


روى الشيخانِ عن أسامةَ بن زيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيدور كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: أي فلانُ، ما شأنك؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكَر وآتيه))؛ (البخاري حديث 3267/ مسلم حديث 2989).

وليحذَرِ العالم أيضًا من التهاون أو التقصير في نشر العلم بين الناس، فيكون خائنًا للأمانة التي وضعها الله تعالى في عنقه، والمقصود بالعلم هو كل علمٍ ينفع المسلمين في أمور دِينهم ودنياهم.


(2) روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سُئل عن علم فكتمه، ألجمه الله بلجام مِن نار يوم القيامة))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3106).


إتقانُ العمل أمانة:

إتقانُ العمل أمرٌ واجب على المسلم، وهو أمانة عظيمة في عنقه، وهو سبيل تقدُّم الأمة الإسلامية، وليعلم المسلم أن الله تعالى مطَّلع عليه، وسوف يحاسبه يوم القيامة.

 

روى البيهقيُّ عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يحبُّ إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنَه))؛ (حديث حسن) (السلسلة الصحيحة للألباني حديث: 1113).


وليحذَرِ المسلم خيانة أمانة العمل، وذلك بالتقصير في عمله، أو غش المسلمين من أجل الحصول على الربح الكثير؛ فإن هذا المال حرام، ولا بركة فيه.

 

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صُبْرةِ طعام (الكومة المجموعة من الطعام)، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعُه بللًا، فقال: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟))، قال: أصابته السماء (المطر) يا رسول الله، قال: ((أفلا جعلتَه فوق الطعام؛ كي يراه الناس؟! مَن غشَّ، فليس مني))؛ (مسلم حديث: 102).


الوقت أمانة:

رأسُ مال العبد المسلم في هذه الدنيا وقتٌ قصير، وأنفاس محدودة، وأيام معدودة؛ فمَن استثمر تلك اللحظات والساعات في أعمال الخير، فطوبى له، ومَن أضاعها وفرَّط فيها، فقد خسِر خسرانًا مبينًا، وليعلم المسلم أنه مسؤول عن الوقت يوم القيامة.


روى الحاكم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعِظه: ((اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابَك قبل هَرَمك، وصحتَك قبل سقَمك، وغِناك قبل فقرك، وفراغك قبل شُغلك، وحياتك قبل موتك))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث 1063).


فيجبُ على كل مسلم أن يحافظ على أمانة الوقت، ويستغل هذا الوقت في طاعة الله تعالى، وفي خدمة نفسه وإخوانه المسلمين، فيما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، وليحذر من قضاء الوقت في اللهو ومعصية الله، فيندم حين لا ينفع الندم، ويبكي حين لا ينفع البكاء.


قال سبحانه: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100].

واحذَرْ، أخي المسلم، أن تضيع أمانة الوقت مع أصدقاء السوء، فتخسر الدنيا والآخرة.


يقول الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].


حفظ الأسرار أمانة:

حِفظ الأسرار ينشُرُ السلام والمحبة بين أفراد المجتمع المسلم، وإفشاء الأسرار ينشُرُ الحقد والكراهية بين الناس.

يجبُ على الرجل أن يحافظ على أسرار زوجته وبيته، والمرأة تحافظ على أسرار زوجها وبيتها، والصديق يحافظ على أسرار صديقه، والعامل يحافظ على أسرار العمل في المكان الذي يعمل فيه؛ فمَن أفشى الأسرار، فقد خان الأمانة التي جعلها الناس في عنقه.


(1) روى مسلم عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: أتى عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، فسلَّم علينا، فبعثني إلى حاجة، فأبطأتُ على أمي، فلما جئت قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لا تحدثنَّ بسرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا، قال أنس: والله لو حدثت به أحدًا لحدثتك يا ثابتُ؛ (مسلم حديث 2482).


(2) قال العباس بن عبدالمطلب لابنه عبدالله: يا بني، إن أمير المؤمنين (يعني عمر بن الخطاب) يُدْنيك "يقربك إليه"، فاحفظ عني ثلاثًا: لا تفشين له سرًّا، ولا تغتابن عنده أحدًا، ولا يطلعن منك على كذبة؛ (الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ 2 صـ 268).


تولية مناصب الدولة أمانة:

ولاية مناصب الدولة أمانة عظيمة في أعناق ولاة أمور المسلمين، سوف يسألهم الله تعالى عنها يوم القيامة، فليجتهد ولاة الأمور في القيام بمهام هذه الأمانة العظيمة، التي جعلها المسلمون في أعناقهم، وليحذر المسؤولون من استغلال مناصبهم في جلب منافع شخصية لهم، أو تعيين أشخاص من غير ذوي الكفاءات في الأماكن التي يتولَّوْن قيادتها، أو في أي مكان آخر، فمن فعل ذلك منهم، فقد خان اللهَ ورسوله والمؤمنين.


(1) روى مسلم عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: ((يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا مَن أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها))؛ (مسلم حديث: 1825).


قال الإمام النووي (رحمه الله): هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعفٌ عن القيام بوظائف تلك الولاية، وأما الخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلًا لها، أو كان أهلًا ولم يعدل فيها، فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه، ويندم على ما فرط، وأما مَن كان أهلًا للولاية وعدل فيها، فله فضل عظيم، تظاهرت به الأحاديث الصحيحة؛ كحديث: (سبعة يظلهم الله)، وحديث: (إن المُقْسِطين عند الله على منابرَ مِن نور)، وغير ذلك، وإجماع المسلمين منعقد عليه، ومع هذا فلكثرة الخطر فيها، حذَّره صلى الله عليه وسلم منها، وكذا حذر العلماءُ، وامتنع منها خلائق من السلف، وصبروا على الأذى حين امتنعوا؛ (مسلم بشرح النووي جـ 6 صـ 450).


(2) روى الشيخانِ عن أبي حميد الساعدي، قال: استعمَل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأَسْد، يقال له: ابن اللُّتبيَّة، على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا لي، أهدي لي، قال: فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فحمِد الله وأثنى عليه، وقال: ((ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي؟! أفلا قعد في بيت أبيه أو في بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟! والذي نفس محمد بيده، لا ينال أحد منكم منها شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه؛ بعير له رُغَاء، أو بقرة لها خُوَار، أو شاة تَيْعَر))، ثم رفع يديه حتى رأينا عُفْرَتَيْ إِبْطيه (بياض ليس بالناصع)، ثم قال: ((اللهم هل بلغتُ؟!)) مرتين؛ (البخاري حديث 7174/ مسلم حديث 1832).


(3) روى مسلم عن عدي بن عميرة الكندي، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن استعملناه منكم على عمل، فكتَمَنا مخيطًا "الإبرة" فما فوقه، كان غُلولًا "سرقة"، يأتي به يوم القيامة))؛ (مسلم حديث: 1833).


(4) روى مسلم عن معقل بن يسار المزني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن عبدٍ يسترعيه الله رعيةً، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته، إلا حرَّم الله عليه الجنة))؛ (مسلم حديث: 142).


(5) قال أميرُ المؤمنين عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه: مَن استعمل رجلًا لمودة، أو لقرابة، لا يستعمله إلا لذلك، فقد خان اللهَ ورسوله والمؤمنين؛ (مناقب عمر لابن الجوزي صـ 78).


حِفظ ودائع الناس أمانة:

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].


قال الإمام ابن كثير (رحمه الله): (يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وهذا يعُمُّ جميع الأمانات الواجبة على الإنسان؛ مِن حقوق الله عز وجل على عباده، من الصلوات والزكوات، والكفَّارات والنذور والصيام، وغير ذلك، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض؛ كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطِّلاع بينة على ذلك، فأمر الله عز وجل بأدائها، فمَن لم يفعل ذلك في الدنيا، أُخِذ منه ذلك يوم القيامة)؛ (تفسير ابن كثير جـ 4 صـ 125: 124).


أداء الأمانة من صفات المؤمنين:

قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].


نبيُّنا صلى الله عليه وسلم يحثنا على حفظ الأمانة:

(1) روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك، ولا تخُنْ مَن خانك))؛ (حديث حسن صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 3019).


(2) روى الشيخانِ عن أبي موسى الأشعري، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الخازن الأمين، الذي يؤدِّي ما أُمِرَ به طيبةً نفسه، أحد المتصدقين))؛ (البخاري حديث: 2260/ مسلم حديث: 1023).


(3) روى الترمذي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم مَن سلِم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن مَن أمِنه الناس على دمائهم وأموالهم))؛ (حديث حسن صحيح)(صحيح الترمذي للألباني حديث 2118).


(4) روى أحمدُ عن عبادة بن الصامت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدُقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغُضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديَكم))؛ (حديث حسن لغيره) (مسند أحمد جـ 37 صـ 417 حديث: 22757).


(5) روى أحمد عن أنس بن مالك، قال: ما خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم إلا قال: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دِين لمن لا عهد له))؛ (حديث حسن) (مسند أحمد جـ 20 صـ 423 حديث: 13199).


(6) روى الشيخانِ عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل أمَّة أمينٌ، وأمين هذه الأمة: أبو عبيدةَ بنُ الجراح))؛ (البخاري حديث: 4382/ مسلم حديث: 2419).

 

أقوال سلفنا الصالح في الأمانة:

(1) قيل للقمان الحكيم: ألست عبد بني فلان؟ قال: بلى، قيل: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: تقوى الله عز وجل، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يَعنيني؛ (الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ 1 صـ 39).


(2) قال عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه وهو يخطب الناس: لا يعجبنكم مِن الرجل طَنْطنتُه (شهرته)، ولكنه مَن أدى الأمانة، وكفَّ عن أعراض الناس، فهو الرجل؛ (السنن الكبرى للبيهقي جـ 6 صـ 472 رقم: 12695).


(3) قال نافع مولى ابن عمر: طاف ابن عمر سبعًا وصلى ركعتين، فقال له رجل من قريش: ما أسرع ما طُفْتَ وصليت يا أبا عبدالرحمن! فقال ابن عمر: أنتم أكثر منا طوافًا وصيامًا، ونحن خير منكم بصدق الحديث وأداء الأمانة؛ (الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي جـ 1 صـ 40).


(4) قال الأصمعي: قال بعض حكماء العرب: إن مما تعجل عقوبته ولا تؤخر: الأمانة تخان، والإحسان يكفر، والرحم تقطع، والبَغْي على الناس، وأيما رجل أدى أمانته طيبًا بها نفسه، فهو أحد الصِّدِّيقين؛ (المجالسة للدينوري جـ 6 صـ 308 رقم: 2677).


نبينا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في الأمانة:

روى البيهقي (في سننه الكبرى) عن عائشة قالت (وهي تتحدث عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ): أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا رضي الله عنه أن يتخلف عنه بمكة؛ حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس؛ (السنن الكبرى للبيهقي جـ 6 صـ 472 حديث: 12696).


الله تعالى في عون المسلم الأمين:

إذا اقترض المسلم مالًا وكان في نيته سداده، أعانه الله تعالى.

(1) روى البخاريُّ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها، أدَّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها، أتلَفه الله))؛ (البخاري حديث: 2387).


(2) روى النسائي عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة: أن ميمونةَ زوج النبي صلى الله عليه وسلم استدانت، فقيل لها: يا أم المؤمنين، تَستدينين وليس عندك وفاء؟! قالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن أخذ دَينًا وهو يريد أن يؤديه، أعانه الله عز وجل))؛ (حديث صحيح)(صحيح النسائي للألباني جـ 3 صـ 260).


(3) روى البخاريُّ: قال الشعبي: حدثني جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما: أن أباه استُشهِد يوم أُحد وترك ست بنات وترك عليه دَينًا، فلما حضر جِداد (قطع ثمار) النخل، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، قد علمتَ أن والدي استُشهد يوم أُحد، وترك عليه دَينًا كثيرًا، وإني أحب أن يراك الغرماء، قال: ((اذهب فبَيْدِرْ "اجعلها أكوامًا" كل تمر على ناحيته))، ففعلت، ثم دعوته، فلما نظروا إليه أُغروا بي "ألحوا في طلب الدَّين" تلك الساعة، فلما رأى ما يصنعون أطاف حول أعظمها بيدرًا ثلاث مرات، ثم جلس عليه، ثم قال: ((ادع أصحابك))، فما زال يكيل لهم حتى أدى الله أمانة والدي، وأنا والله راضٍ أن يؤدي الله أمانة والدي، ولا أرجع إلى أخواتي بتمرة، فسلِم والله البيادرُ "الأكوام" كلها، حتى إني أنظر إلى البيدر الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه لم ينقص تمرةً واحدةً))؛ (البخاري حديث: 2781).


(4) روى البخاري عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه ذكَر رجلًا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أُشهدهم، فقال: كفى بالله شهيدًا، قال: فأتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلًا، قال: صدقت! فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبًا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجَّله، فلم يجد مركبًا، فأخذ خشبةً فنقرها، فأدخل فيها ألف دينار وصحيفةً منه إلى صاحبه، ثم زجج موضعها، ثم أتى بها إلى البحر، فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلانًا ألف دينار، فسألني كفيلًا، فقلت: كفى بالله كفيلًا، فرضي بك، وسألني شهيدًا، فقلت: كفى بالله شهيدًا، فرضي بك، وأني جهدت أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي له فلم أقدر، وإني أستودعكها، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبًا يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبًا، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذي كان أسلفه، فأتى بالألف دينار، فقال: والله ما زلت جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدت مركبًا قبل الذي أتيت فيه، قال: هل كنت بعثت إليَّ بشيء؟ قال: أخبرك أني لم أجد مركبًا قبل الذي جئت فيه، قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف الدينار راشدًا؛ (البخاري حديث 2291).


ضَياع الأمانة من علامات يوم القيامة:

روى البخاري عن أبي هريرة قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث، فقال بعض القوم: سمع ما قال، فكرِه ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى حديثه قال: ((أين السائل عن الساعة؟))، قال: ها أنا يا رسول الله، قال: ((فإذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة))، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وُسِّد "أُسنِد" الأمرُ إلى غير أهله، فانتظر الساعةَ))؛ (البخاري حديث: 59).


نبيُّنا يستعيذ بالله من الخيانة:

روى أبو داود عن أبي هريرة، قال: كان رسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئستِ البِطانة))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث 1368).


التحذير من خيانة الأمانة:

(1) روى الشيخان عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذَب، وإذا وعد أخلَف، وإذا اؤتمن خان))؛ (البخاري حديث: 33/ مسلم حديث: 59).


(2) روى البخاريُّ عن حكيم بن حزام، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدَقا وبيَّنا، بورك لهما في بيعهما، وإن كذَبا وكتَما، مُحِقت بركة بيعهما))؛ (البخاري حديث 2079).


(3) روى مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لتؤدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجَلْحاء "التي لا قرن لها" مِن الشاة القَرْناء))؛ (مسلم حديث: 2582).


(4) روى البيهقيُّ (في شعب الإيمان) عن زاذان، عن عبدالله بن مسعود قال: القتل في سبيل الله يكفِّر الذنوب كلها إلا الأمانة، قال: يؤتى بالعبد يوم القيامة، وإن قتل في سبيل الله، فيقال: أدِّ أمانتك، فيقول: أي رب، كيف وقد ذهبت الدنيا؟ قال: فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، فينطلق به إلى الهاوية، ويمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه، فيراها فيعرفها فيَهْوِي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه، حتى إذا ظن أنه خارج زلَّتْ عن منكبيه، فهو يَهوِي في أثرها أبد الآبدين، ثم قال: الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكَيْل أمانة، وأشياء عددها، وأعظم ذلك الودائع، فأتيت البراء بن عازب فقلت: ألا ترى إلى ما قال ابن مسعود؟ قال: كذا، قال: صدق؛ أما سمعتَ يقول الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]؛ (حديث حسن) (صحيح الترغيب للألباني جـ 2 صـ 176 حديث 1763).


صور مشرقة للأمانة:

(1) روى الشيخانِ عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اشترى رجل من رجل عقارًا (أرضًا أو منزلًا) له، فوجد الرجلُ الذي اشترى العقار في عقاره جرةً فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني؛ إنما اشتريت منك الأرض، ولم أبتَعْ (أشتَرِ) منك الذهب، وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدَّقَا))؛ (البخاري حديث: 3472/ مسلم حديث: 1721).


(2) روى أحمد عن عبدالله بن مسعود، قال: كنت أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فقال: ((يا غلام، هل من لبن؟))، قال: قلت: نعم، ولكني مؤتمن، قال: ((فهل مِن شاة لم ينزُ عليها (يجامعها) الفحل؟))، فأتيتُه بشاة، فمسح ضرعها، فنزل لبن، فحلبه في إناء، فشرب، وسقى أبا بكر، ثم قال للضرع: ((اقلص)) "ارجع كما كنت" فقلص، قال: ثم أتيته بعد هذا، فقلت: يا رسول الله، علِّمْني من هذا القول، قال: فمسح رأسي، وقال: ((يرحمك الله؛ فإنك غُلَيْم مُعلَّم))؛ (حديث حسن) (مسند أحمد جـ 6 صـ 82 حديث: 3598).

 

(3) نهى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن مَذْق (خلط) اللبن بالماء، فخرج ذات ليلة في حواشي المدينة، فإذا بامرأة تقول لابنة لها: ألا تمذقين (تخلطين) اللبن؟! فقالت الجارية: كيف أمذق وقد نهى أمير المؤمنين عن المذق؟! فقالت الأم: قد مذق الناس، فامذقي، فما يدري أمير المؤمنين!فقالت الفتاة: إن كان عمر لا يعلم، فإله عمر يعلم، ما كنت لأفعله وقد نهى عنه، فوقعت مقالتها من عمر، فلما أصبح دعا عاصمًا ابنَه، فقال: يا بني، اذهب إلى موضع كذا وكذا، فاسأل عن الجارية، ووصفها له، فذهب عاصم، فإذا هي جارية من بني هلال، فقال له عمر: اذهب يا بني فتزوجها، فما أحراها أن تأتي بفارس يسود العرب! فتزوجها عاصم بن عمر، فولدت له أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فتزوَّجها عبدالعزيز بن مروان بن الحكم، فرزقه الله تعالى منها عمر بن عبدالعزيز الخليفةَ العادل؛ (سيرة عمر بن عبدالعزيز لابن عبدالحكم صـ 19: صـ 20).


(4) علي بن عَقيل الحنبلي:

حكى الإمام ابن عقيل عن نفسه فقال: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر، فإذا شيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مائة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير، فامتنعت، وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، وقصدت بغداد، فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع، فقدموني، فصليت بهم، فأطعموني، وكان أول رمضان، فقالوا: إمامنا توفي، فصَلِّ بنا هذا الشهر، ففعلت، فقالوا: لإمامنا بنت، فزُوِّجتُ بها، فأقمت معها سنة، وأولدتها ولدًا ذكرًا، فمرضَتْ في نفاسها، فتأملتها يومًا فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر، فقلت لها: لهذا قصة، وحكيت لها، فبكَتْ، وقالت: أنت هو والله، لقد كان أبي يبكي، ويقول: اللهم ارزُقْ بنتي مثل الذي رد العقد عليَّ، وقد استجاب الله منه، ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 19 صـ 450: 449).

 

(5) المبارك بن واضح:

كان المبارك بن واضح (والد الإمام عبدالله بن المبارك) يعمل أجيرًا في بستان، فجاء صاحب البستان يومًا، وقال له: "أريد رمانًا حلوًا"، فمضى إلى بعض الشجر، وأحضر منها رمانًا، فكسره فوجده حامضًا، فغضب عليه، وقال: "أطلب الحلو فتحضر لي الحامض؟ هات حلوًا"، فمضى، وقطع من شجرة أخرى، فلما كسرها وجده أيضًا حامضًا، فاشتد غضبه عليه، وفعل ذلك مرة ثالثة، فذاقه، فوجده أيضًا حامضًا، فقال له بعد ذلك: "أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟"، فقال: "لا"، فقال: "وكيف ذلك؟"، فقال: "لأني ما أكلت منه شيئًا حتى أعرفه"، فقال: "ولم لم تأكل؟"، قال: "لأنك ما أذنتَ لي بالأكل منه"، فعجب من ذلك صاحب البستان، وسأل عن ذلك فوجده حقًّا، فعظم المبارك في عينيه، وزاد قدره عنده، وكانت له بنت خُطبت كثيرًا، فقال له: "يا مبارك، مَن ترى تزوج هذه البنت؟"، فقال: "أهل الجاهلية كانوا يزوجون للحسب، واليهود للمال، والنصارى للجمال، وهذه الأمة للدِّين"، فأعجبه عقله، وذهب فأخبر به أمها، وقال لها: "ما أرى لهذه البنت زوجًا غير مبارك"، فتزوجها، فجاءت بعبدالله بن المبارك؛ (وفيات الأعيان جـ 3 صـ 33) (شذرات الذهب جـ 3 صـ 362).

 

أخي المسلم الكريم، انظر كيف عفَّ المبارك عن أكل رمانة من البستان، فرزقه الله تعالى البستان وصاحبته، وهذا الرزق الكثير من بركات المحافظة على الأمانة.

 

(6) عبدالله بن المبارك:

قال الإمام عبدالله بن المبارك: استعرت قلمًا بأرض الشام، فذهبت على أن أرده، فلما قدمت مرو (مدينة في تركمانستان)، نظرت، فإذا هو معي، فرجعت إلى الشام حتى رددته على صاحبه؛ (سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 8 صـ 395).

 

(7) يونس بن عبيد:

كان عند يونس بن عبيد حُلَل (نوع من الثياب) مختلفة الأثمان، يتاجر فيها، ضربٌ قيمة كل حلة منها أربعمائة درهم، وضرب كل حلة قيمتها مائتا درهم، فذهب إلى الصلاة وترك ابن أخيه في الدكان، فجاء أعرابي وطلب حلة بأربعمائة درهم، فعرض عليه من حلل المائتين، فاستحسنها ورضيها، فاشتراها، فمضى بها وهي على يديه، فاستقبله يونس فعرَف حلته، فقال للأعرابي: بكم اشتريت؟ فقال: بأربعمائة درهم، فقال يونس: لا تساوي أكثر من مائتي درهم، فارجع حتى تردها، فقال الأعرابي: هذه تساوي في بلدنا خمسمائة درهم، وأنا أرتضيها، فقال له يونس: انصرف؛ فإن النصحَ في الدين خير من الدنيا بما فيها، ثم رده إلى الدكان ورد عليه مائتي درهم، وخاصم ابن أخيه في ذلك، وقال له: أما استحييت، أما اتقيت الله، تربح مثل الثمن، وتترك النصح للمسلمين، فقال: والله ما أخذها إلا وهو راضٍ بها، قال: فهلا رضيتَ له بما ترضاه لنفسك؛ (إحياء علوم الدين للغزالي جـ 2 صـ 126).


وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسلام دين العمل
  • الإسلام دين العمل والإصلاح
  • الإسلام دين العقل والعلم
  • الإسلام دين الرحمة
  • منظومة الأمانة في الإسلام
  • الإسلام دين العدل
  • الإسلام دين الفطرة.. صالح لكل زمان ومكان
  • الإسلام دين لا يقبل الله سواه
  • الإسلام دين الحنيفية السمحة
  • الإسلام هو دين الفطرة

مختارات من الشبكة

  • الإسلام دين جميع الأنبياء، ومن ابتغى غير الإسلام فهو كافر من أهل النار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا اختيار الإسلام دينا؟ الاختيار بين الإسلام والمعتقدات الأخرى (كالنصرانية واليهودية والهندوسية والبوذية..) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كلمات حول الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مختارات من كتاب: الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان للعلامة بكر أبو زيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرضا بالإسلام دينا (فضل الإسلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحرب في الإسلام لحماية النفوس وفي غير الإسلام لقطع الرؤوس: غزوة تبوك نموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لو فهموا الإسلام لما قالوا نسوية (منهج الإسلام في التعامل مع مظالم المرأة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • اليابان وتعاليم الإسلام وكيفية حل الإسلام للمشاكل القديمة والمعاصرة (باللغة اليابانية)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب