• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (3)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

ضرب المثل في دروس الداعية سعيد بن مسفر

ضرب المثل في دروس الداعية سعيد بن مسفر
مرشد الحيالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/5/2012 ميلادي - 26/6/1433 هجري

الزيارات: 46185

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضرب المثل في دروس الداعية سعيد بن مسفر

 

لعلَّ أهمَّ ما يميِّزُ دروسَ ومواعظَ الشَّيخِ كثرةُ استعمالِه لأسلوب ضربِ المثَل، وهذا ما جعل دروسَه محبَّبةً لدى شريحةٍ واسعة من المدعوين، وفي هذه الأسطُرِ سنبيِّنُ قطوفًا من تلك الأمثالِ، ونوضِّح المنهجَ القرآنِيَّ في ضرب المثَل، وما له من الأثَرِ في الدَّعوة والتربية والتَّعليم، وباللهِ التوفيقُ:

البداية: انخرط الشَّيخ سعيدُ بن مُسفر في مجال التَّربية والتعليم قرابةَ الثلاثين عامًا[1]؛ حتى أكسبَتْه تلك الوظيفةُ مهاراتٍ وخِبراتٍ في التعامل مع النَّاس، ومعرفة نفسيَّاتِ مَن يعلِّمُهم، وانطلق بعدها يجوبُ البلادَ في الدَّعوة إلى اللهِ في القرى والمدُن، وألقى المئاتِ من المحاضراتِ والدُّروس النَّافعة المؤثِّرة في المساجدِ، والمؤسَّسات التَّعليمية والثقافية، وتلقَّى دعَواتٍ من بلادٍ عدَّة؛ لكونِ مواعظِه سهلةَ الفهمِ، واضحةَ المقصود، محدَّدة الهدفِ، لا تعقيدَ فيها ولا غموضَ، وسنبيِّنُ ذلك في الأسطر التَّالية:

ضرب المثل:

والمثلُ هو الشَّبيه، وهو من أساليبِ البلاغة، وأشدِّها تأثيرًا في النَّفس والقلب، وأبلغُ أنواع التَّمثيل هو تمثيلُ المعاني المعقولةِ بالصُّورة المحسوسةِ أو العكس، والسَّببُ في ضرب المثَل هو أنَّ: "المعاني الكلِّية تعرِضُ للذِّهن مجمَلةً مُبهمةً، فيصعُبُ عليه أن يُحيطَ بها، وينفُذَ منها، فيستخرجَ سِرَّها، والمثَلُ هو الذي يفصِّل مجمَلَها، ويوضِّح مبهَمَها؛ فهو ميزانُ البلاغة وقِسطاسُها، ومشكاةُ الهداية ونِبْراسُها"[2]، ويلعب المثَلُ دورًا هامًّا في التَّربية والتعليم والتَّوجيهِ؛ لِمَا فيه من تقريبِ المعاني، وتسهيلِ فَهْمِها؛ عن طريقِ عرْضِ ما يُشبِهُها أو يماثِلُها، وفي القرآن بضعةٌ وأربعون مثَلاً، وما ذاك إلا لِمَا في ضرب الأمثالِ من الحكمة والموعظة والإيمان، وكان بعضُ السَّلف عندما يمرُّ على مثَلٍ لا يفهمُه يبكي ويقولُ: لستُ من العالِمِينَ[3].

 

فوائد ضربِ المثَل في الدعوة:

1- المثَلُ يكشِفُ عن وجه الحقيقةِ، ويُبْرِزُ الغائبَ في صورةِ الحاضرِ، فلا تغيبُ عن الإنسان صورتُهُ في جميع الأحوال.

 

2- في التَّرغيب أو الترهيب، يستعمَلُ ضربُ المثَلِ لأجلِ ترغيب النَّفس في الخيرِ، والحثِّ عليه، والتَّنفيرِ من الشَّر، والتَّحذيرِ من الاقترابِ منه، أو التَّنفير من الاتِّصافِ بصفاتٍ خبيثةٍ يُبْغِضُها اللهُ.

 

3- إنَّ ضرْبَ المثَل أبلغُ في التَّأثير، وأوقعُ في النَّفس، وأقوى في إقامة الحجَّة، ويجعل الحقائقَ أثبتَ في العقول، وأعلقَ بالنَّفس، فكم من آيةٍ يمرُّ عليها الإنسانُ غيرَ مكترثٍ بها، فاقدَ الاتِّعاظِ والتَّذكرة، ولكن حينما تأتي في صورةِ مثَلٍ - قريبًا من المثالِ - تتحرَّكُ العواطفُ، ويستيقظُ الضَّمير، وفيه ذِكْرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السَّمعَ وهو شهيدٌ.

 

4- في ضرب المثل إشراكُ أكثرَ مِنْ حاسَّةٍ في فهم المعنى، وتوظيفٌ للعقلِ في التَّحليل والاستنتاجِ.

 

5- يساعد أسلوبُ ضرب المثَلِ على دفعِ الملَل والسآمةِ عن المستمعِ، ويشوِّقُ إليه سماعَ الموعظةِ، ويجعلُه يتمتَّعُ بالإصغاء إليها.

 

وأسلوبُ ضربِ المثل هو منهجُ القرآن والسُّنَّةِ في عرضِهما للحقائقِ، خاصَّةً فيما يتعلَّقُ بجوانب العقيدةِ الإسلامية؛ وذلك لِمَا له من مزايا عدَّة، منها:

قدرتُهُ على التَّوضيح والتَّأثيرِ وعرْضِ الحقيقة، مع ما فيه من الإيجازِ، بخلاف الأسلوبِ المجرَّدِ الذي يتبعُه المناطِقَةُ والفلاسفةُ في عَرْضِ الحقائق، وهي طريقةٌ انتقدَها كثيرٌ من العلماءِ؛ لِمَا فيها من تعقيدٍ وغموضٍ في الوصول إلى فَهْمِ الحقائق، وسلوكِ السَّبيلِ الأبعدِ في إيصال المعنى، وهو مَعيبٌ، والمقصودُ هو أن يستغلَّ الدَّاعيةُ تلك الطَّريقةَ في التَّوجيه والتربية.

 

مصادر الأمثال:

القرآنُ مصدرٌ هامٌّ في ضرب المثَل لبيانِ المعنى، وتقريبِه إلى الفهمِ، وشرحِ المقصود، ومعرفةِ الأشباه والنظائر، وأمثاله من أهم ما يكشف العبرة، ويبين ما خفِيَ من أسرارٍ، وهو يربط بين الصُّوَرِ التي يعرِضُها المثَلُ مع موطنِ الهدايةِ ونحوِها؛ ولذا فهو مصدرٌ هامٌّ في التَّوجيهِ والتَّربية، ومن الأمثلةِ القُرآنية تشبيهُ حالِ مَن أشركَ باللهِ وجعلَ له ندًّا، بصورةٍ محسوسةٍ كحالِ مَنْ هوَى مِنَ السَّماءِ بلا قرارٍ، قد مزَّقَتْه الأهواءُ، وتخطَّفَه الشَّهوات، وما تبقَّى منه فالرِّيحُ تأخذُه في مكانٍ سحيقٍ[4]، وهو مثَلٌ مطابِقٌ لحالِ ونفسيَّةِ المشركِ، فهو لا يكاد ينتهي من شدَّةٍ، حتى يقعَ في مِثْلِها؛ لأنه اعتمد على مَنْ لا يُغنيه، ولا يدفع عنه ضَرًّا، ولا يجلِبُ له نفعًا؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [الحج: 31].

 

السُّنَّة المطهَّرة:

والسُّنَّة كذلك مصدرٌ نافعٌ للدَّاعية في أنْ يستشهدَ بأمثالِها في تقريب المعاني، وتوضيحِ المقصود، وتجلِيَةِ ما أُبْهِمَ من المعنى على المستمعِ.

 

ومن الأمثلةِ: ما ثبت في الصَّحيحينِ عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((لَلهُ أشدُّ فرَحًا بتوبةِ عبدِه حين يتوبُ إليه مِنْ أحدِكم كان على راحلتِه بأرضٍ فلاةٍ، فانفلتَتْ منه، وعليها طعامُه وشرابُه، فأَيِسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجعَ في ظلِّها - قد أَيِسَ من راحلتِهِ - فبَيْنَا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذَ بخطامِها، ثمَّ قالَ من شدَّةِ الفرَحِ: اللَّهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك - أخطأَ من شدَّةِ الفرحِ))[5]، فهو مثَلٌ بديعٌ في بيانِ محبَّةِ اللهِ للتَّائب، وفرحه بتوبته أعظم مِنْ فرَحِ مَن وجدَ الطَّعامَ والشَّراب - وهما مادَّةُ الحياةِ، وخاصَّةً في صحْراءَ قاحلةٍ محرقةٍ - وفيه دليلٌ للحثِّ على التَّوبةِ، والمسارعةِ إلى الإنابة، ويمكِنُ للدَّاعيةِ أن يفصِّلَ في شرحِ الحديثِ، ويبيِّنَ فوائدَه وفضائلَ التَّوبةِ؛ منطلقًا مِن هذا المثَلِ البديعِ.

 

الأمثالُ الفصيحة:

وتعتبرُ مصدرًا من مصادر الأمثالِ، على أنَّ هناك تشابهًا في المعنى في كثيرٍ من الأمثالِ، ولكنَّ تغييرًا حدَثَ بسبب اللَّهجة، ويمكِنُ للدَّاعية - كذلك - أنْ يدعَمَ نصحَهُ وموعظتَهُ بما يعرفُهُ من الأمثالِ الشَّعبيةِ، ومن تلك الأمثالِ قولُ القائلِ: "كلُّ شاةٍ برجْلِها تُناطُ"، أو "كلُّ شاةٍ معلَّقةٌ بكُرَاعِها"، ومعناه أنَّ الإنسانَ يُجازَى على عملِهِ، إنْ خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشَرٌّ، فلا يأمُل أنْ يجدَ النجاةَ وهو لَم يقدِّمْ شيئًا، إضافة إلى ذلك فالدَّاعيةُ الفطِنُ يجد في بيئتِه وما حوله العديدَ من الأمثالِ التي يمكِنُه أنْ يوصِّلَ المعلومةَ من خلالها، "وبطريقةٍ سهلةٍ ميسَّرةٍ، بحيث يتجدَّدُ أثرُها كلما شاع المثَلُ وانتشر استعمالُهُ، وتردَّدَ عند حدوث حادثٍ مشابهٍ للَّذي ذُكِرَ فيه عند صدور المثَلِ"[6].

 

أمثلة من الأمثالِ في مواعظ الشيخ:

لم يكنِ الشَّيخُ يستعمل ضربَ الأمثالِ لأجلِ التَّعمية أو الإلغازِ، بل القصد من ذلك أن يعتبرَ المستمعُ، ويُعملَ عقلَه وتفكيرَهُ، ويتدبَّرَ الآياتِ المشهودةَ، فيدفعَهُ ذلك إلى الإنابةِ والرُّجوعِ، وبذلِ المزيد من عملِ الخيرِ، والصَّالحِ من الأعمال، وهي أمثلةٌ مؤثِّرةٌ، بالغة في التَّأثيرِ؛ لأنَّ الشيخَ يختارُها من واقعِ المسلمين، وأحيانًا يُدخِلُ عليها من الفُكاهةِ واللَّطافة، ورشاقةِ العبارة، ومرَحِ الدُّعابة ما يجعلُها أكثرَ قَبولاً، وأشدَّ تأثيرًا، ومن الأمثلةِ المستقاةِ من دروسِه ما يلي:

في الإنسان الذي يتوبُ ثم يرجعُ للمعصيةِ:

يقول الشَّيخ: هذا يلعبُ، وليس صادقًا في توبتِهِ، ومثَلُه مثَلُ رجُلٍ ضربَ سيارةَ رجُلٍ آخَرَ، فاعتذر منه، وقالَ له: هذه آخِرُ مرَّةٍ، فيمكن للرجُلِ أن يسامِحَه، ولكن بعد لحظاتٍ جاءه من الخلف فضرب سيَّارتَه، فهل سيعفو عنه الرَّجُل الآخر؟ بالتَّأكيد: لا.

 

• لماذا يُحبُّ الإنسانُ المعاصيَ: لأنَّ قلبَه مريضٌ، فقَدَ السَّيطرةَ على إدارة الجسمِ، مثَلُه مثَلُ رجُلٍ قُدِّمَ له أنواعُ الطَّعام، فقيل له: كُلْ دجاجًا، فقال: لا أُحِبُّه، قيل له: اللَّحم، قال: لا أحبُّه، الرُّز، وهكذا، فالعيبُ ليس بالطَّعامِ؛ وإنَّما لكونِهِ مريضًا، فكذا صاحبُ القلبِ المريض إذا أراد سماعَ القرآنِ، قال له القلبُ: أغلِقْ، وإذا أراد الذَّهابَ للصلاةِ في المسجد، قالَ له: اقعُدْ، أليس هذه طاعاتٍ محبوبةً؟ وإذا أراد رؤيةَ الحرامِ، ترَكَه القلبُ وما يشتهي.

 

كيف تعرِف العاصيَ؟ وما علامتُه؟

إذا ذهب الإنسانُ إلى الطَّبيب: أوَّلُ شيءٍ يكشف عنه حرارةُ الجسم، وضغطُ الدَّمِ، ونبضُ القلبِ، ويحكمُ بعدها على الشَّخص بما يناسب، وكذلك نحن نستعملُ تلك الفحوصاتِ، هل يُحبُّ الطَّاعةَ ويَرغب فيها؟

 

إذا رأيتَ الرَّجُل لا يأتي صلاةَ الجماعةِ إلا في الرَّكعةِ الأخيرة، وأحيانًا في الجمعة ترى بعضَ الشَّباب يأتي في السُّجود من الرَّكعة الأخيرة، بِماذا تحكُم عليهم؟

 

أنَّ الصَّلاةَ ثقيلةٌ، وقلبه مريضٌ.

 

• الغفلةُ من أمراض القلب[7]: بعضُ النَّاس يَجعل له برنامجًا لكلِّ شيءٍ، إلا ما يتعلَّقُ بالله؛ للفطور موعدٌ، وللدَّوام موعدٌ، بل بعضُهم عنده الحمَّامُ أهمُّ ما يستولي عليه، فتجده إذا استأجرَ فُندقًا، سألَ: كم فيه من حمَّامٍ؟ يريدُ أربعةَ حمَّامات!! ولكن لا يسأل عن المسجدِ، بل إذا عرَف المسجدَ قريبًا منه، تحوَّلَ عنه؛ يقول: الأذانُ يُزعجني.

 

وهناك أمثلةٌ كثيرةٌ من الواقع والبيئةِ التي يعيشُ فيها يمكِنُ أنْ يستدلَّ بها الدَّاعيةُ، ويدعَمَ فكرتَهُ، ويؤيِّدَ حجَّتَه، ويجبُ على الدَّاعيةِ الحذَرُ ممَّا يلي عند ضرب الأمثال:

• ألاَّ يكون فيها مساسٌ بالعقيدة، وخاصَّةً فيما يتعلَّقُ بصفاتِ اللهِ وأسمائه، وألاَّ يؤدِّيَ إلى تشبيهِ الخالق بالمخلوقِ، ووصفِهِ بما لَمْ يصِفْ به نفسَه، أو تعطيلِ صفةٍ من صفاتِه، كما يقع به بعضُ الدُّعاة[8].

 

• ألاَّ يكونَ في ضرب المثَلِ إخلالٌ بالآدابِ الإسلاميَّة، والأخلاقِ المرعيَّة، فيخرُج الدَّاعيةُ عن حدودِ الأدبِ والحياء، فيأتي بأمثلةٍ لا يحسُنُ ذكرُها في المواعظ والدُّروس[9].

 

• أن يكونَ ممَّا هو قريبٌ من أفهامِ النَّاس وعقولِهم، بحيث يتطابقُ ضربُ المثَلِ مع الحدَثِ، وألا يكونَ بعيدَ المنال[10].

 

وهذه أمثلةٌ يمكن للدَّاعي أن يستعينَ بها في مواعظِه، وهي على سبيلِ المثال لا الحصر، ولا بأسَ أنْ يكون للدَّاعي كشكول خاصٌّ يدوِّنُ ما يسمعُهُ ويقرؤُه من الأمثالِ؛ لتكون له رصيدًا عند الحاجة، ومن تلك الأمثلة:

• ربَّ أكْلةٍ منعَتْ أكلاتٍ: يُضرَبُ في بيانِ عواقبِ الهوى، واتِّباع المعصية، فكما أنَّ الإفراط في الأكل يؤدِّي إلى التُّخمة وحِرمان الإنسان من الطعامِ، كذلك: "كم أضاعَتْ معصيتُه من فضيلةٍ، وكم أوقعت في رذيلةٍ، وكم أكلة منعَت أكلاتٍ، وكم من لذَّةٍ فوَّتت لذَّاتٍ، وكم من شهوة كسَرت جاهًا، ونكَّست رأسًا، وقبَّحت ذِكْرًا، وأورثَتْ ذمًّا، وأعقبَتْ ذلاًّ، وألزمَتْ عارًا لا يغسِلُه الماءُ، غيرَ أنَّ عين صاحب الهوى عَمياء"[11].

 

• مثَل الجاهل: مثَلُه مثَلُ طبيبٍ يأتي إليه مَن يشكو الحمَّى، فيعطيه دواءَ وجَعِ الجُرح، أو يشكو إليه وجَعَ الضِّرْسِ، فيعطيه قطرةً للعين، فكذا الجاهلُ يُفسد ولا يُصلح، ونحوه.

 

• رؤية السَّراب في الصَّحْراء يدلُّ على أعمال المرائي؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [النور: 39]، "والسَّراب": "ما يُرَى نِصفَ النَّهار في اشتدادِ الحرِّ، كالماءِ في المفاوزِ يلتصق بالأرضِ، و"الآل": الذي يكونُ ضُحًى كالماءِ، إلا أنَّه يرتفعُ عن الأرضِ حتى يصيرَ كأنَّه بين الأرضِ والسَّماءِ، وسمِّي السراب سرابًا؛ لأنَّه يسربُ؛ أي: يجري كالماء، ويقال: سرَب الفحل؛ أي: مضى وسار في الأرضِ، ويسمَّى الآلَ أيضًا، ولا يكونُ إلا في البَرِّيَّة والحرِّ فيغتَرُّ به العطشانُ"؛ تفسير القرطبي لسورة النُّور.

 

• مفتاح الجنة: مَن رام فتْحَ الغرفةِ بدون مِفتاحٍ له أسنانٌ لا يفتح، وكذلك مَن جاء بمِفتاح بغيرِ صلاةٍ ولا صيامٍ ولا زكاةٍ، لا يُفتح له بابُ الجنَّة.

 

• مثَل التقوى: كرجُلٍ دخل مفازةً فيها شَوْكٌ، فشمَّرَ عن ثيابِه، قيل: إنَّ عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - سأل أبَيَّ بنَ كعبٍ عن التَّقوى؟ فقال له: أمَا سلكْتَ طريقًا ذَا شوكٍ، قال: بلى، قال: فما عملتَ؟ قال: شمَّرتُ واجتهدتُ، قال: فذلك التَّقوى.[12]

 

• الشَّمعة تحرِقُ نفسَها وتضيءُ للآخرين، كحال العالِم أو القارئ المنافقِ الذي لا يعملُ بعِلمه، أو يخالف قولَهُ فعلُهُ، هو ينفع الآخرين ويضرُّ نفسَه.

 

• مثَل مُحبِّ الدُّنيا مثَل شاربِ ماء البحرِ، كلَّما ازداد شربًا ازداد عطشًا، فلا يزال يشربُ حتَّى يقتلَه الماء المالحُ.

 

والدنيا كالظِّلِّ للإنسان، لا يمكِنُ أنْ يدركَه ولو مشى الدَّهرَ كلَّه، والله - عزَّ وجلَّ - خلَق الدُّنيا ليبتليَ بها العبادَ، ولِيَنظرَ مَن يركن إليها فتقتلَه، ومن يُطيع اللهَ ويتَّبعُ هداه فيسعَد في الدنيا والآخرةِ.

 

• المحب الحقيقيُّ للرسولِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: مثَل رجليْنِ وقفا أمام الملِك وأمرَهما بأمرٍ، فسارع الأوَّلُ إلى تلبية طلَبِ الملِكِ دون تردُّدٍ، ووقف الآخَرُ يُثني عليه ويمدَحُه، فماذا يكون ردُّ الملِك؟

 

• الخشوع في الصَّلاة: مثَل رجُلٍ قدَّم جاريةً ميِّتةً للملِك، فكيف يليقُ بالعبد أن يهدي لله صلاةً بلا خشوعٍ، يقول ابن القيِّم - رحِمَه الله -: "أفلا يستحي العبدُ أنْ يُهديَ إلى مخلوقٍ مثله عبدًا ميِّتًا أو جاريةً ميِّتة، فما ظنُّ هذا العبدِ أن تقعَ تلك الهديَّةُ ممَّن قصده بها من ملِكٍ أو أميرٍ أو غيره؟".[13]

 

حال العِلم:

مثَل الماءِ إنْ وضعتَه في كأسٍ لونُه أسودُ، بانَ أسودَ، وإن وضعتَهُ في أبيضَ بانَ أبيضَ؛ فكذا العِلمُ، إنْ لَم يكنِ المحلُّ - القلب - قابلاً له، تلوَّنَ بلونِه.

 

مثَل قدوم ملَك الموت:

قال بعضُ العلماء: "والعجَبُ أنَّ الإنسانَ لو كان في أعظمِ اللَّذات، وأكبرِ مجالسِ اللَّهو، فانتظر أن يدخلَ عليه جنديٌّ فيضربه بخمسِ خشَبات، لتكدَّرت عليه لذَّتُه، وفسَد عليه عَيشُه، وهو في كلِّ نَفَسٍ قد يدخُل عليه ملَك الموتِ، وهو عنه غافلٌ، فما لهذا سببٌ إلا الجهلُ والغرور".[14]

 

• مثل شهوات الدُّنيا في القلب كشهَوات الأطعمةِ في المعِدة، وسوف يجدُ الإنسانُ عند الموت لِشَهوات الدنيا في قلبِه من الكراهةِ والفِتَن والقُبحِ - ما يجدُه للأطعمة اللَّذيذة إذا انتهت في المعِدة غايتُها، واستحالت إلى رجيعٍ قذِرٍ.

 

• بُخْلُ النَّفْس عن تحصيل الثواب:

في ذِكْر الوضوء: مَن قالَها فُتِحت له أبوابُ الجنَّة: لو قال لك شخصٌ: أعطيك مِفتاحَ البيتِ وتقولَ كلامًا معيَّنًا، لقلتَهُ ألفَ مرَّةٍ، بل آلافًا، فلِمَ تبخلُ عن ذِكْر الوضوء وأنت تعلمُ ما فيه من ثوابٍ وأجر؟

 

• العبد بعد التَّوبة: السَّيِّئات والذُّنوب هي أمراضٌ قلبية، كما أن الحمَّى والأوجاع أمراضٌ بدنيَّةٌ، والمريضُ إذا عُوفِيَ مِن مرضِه معافاة تامَّةً، عادَت قوَّتُه وأفضلُ منها، حتى كأنَّه لَم يضعُفْ قط، فالقوَّةُ المتقدِّمة بمنزلةِ الحسنات، والمرضُ بمنزلة الذُّنوب، والصحَّة والعافية بمنزلة التَّوبة سواء بسواء[15].

 

والأمثلة في الباب كثيرةٌ.

 

وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ، وعلى آلِه، وصحبِه، ومن تبعه إلى يوم الدين.



[1] هو سعيد بن مُسفِر بن مُفَرِّحٍ القحطانيُّ، ولد عام 1361 هجرية، بمدينة أبْها السُّعودية، يُعدُّ الشيخُ - حفِظه الله - من البارزين في المضمار الدَّعوي، ولا أدلَّ على ذلك من كثرة وغزارة المواد الدعوية، والتي تعكس نشاطًا دعويًّا ملحوظًا، مركِّزًا على قضايا الإيمان، ومشاكلِ الشَّباب، وشؤون الأسرة، ويعتمد أسلوبُه على البساطة وعدم التكلُّف، وقوةِ الآثارِ، والجذب بكثرةِ إيراد القصص، وضرب الأمثلة، وبعض الطُّرَف والنوادر؛ انظر "الموسوعة الحرة".

[2] "تفسير المنار"؛ للعلامة محمد رشيد رضا (1/ 169).

[3] انظر: معالم التنزيل؛ للبغوي (4/ 243)، وأورده ابن القيم في "مفتاح دار السعادة".

[4] مقتبس من بحث قيِّم، عنوانه: "أمثال القرآن" بقلم/ رياض أدهمي.

[5] في صحيح مسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - رقم 2744.

[6] "ضرب الأمثال في الحديث النبوي الشريف وأثرها في التربية والتقويم"؛ للباحث/ أحمد الوادي.

[7] من لقاء مع فضيلة الشيخ سعيد بن مسفر على قناة المجد، والأمثال التي ذكرها، بتصرف.

[8] كقول بعض الخطباء: صدرُ الله واسعٌ، أو قلبه واسعٌ، ونحوه من الألفاظ التي يذكُرُها بعضُ الجهلة في ضربهم للأمثال على الأخلاق والصِّفات الحسنة، ويدلُّ على جهلِهم بعقيدةِ الأسماء والصِّفات.

[9] يحاول بعضُ الدُّعاةِ إدخالَ السُّرور والمرح والفكاهة في مواعظِهم، لكنَّهم يخرُجون عن حدود الأدب الحسَن إلى ما لا يحسُن ذكرُه، وقد بيَّنَّا ذلك في بحثِنا المنشور على الألوكة بعنوان: "الفكاهة والطُّرفة في المجال الدَّعوي"؛ فراجِعْه إن شئت.

[10] والسَّبب هو عدم التَّحضير الجيِّد للدَّرس، فيلجأ بعضُهم أحيانًا إلى ذِكر ما يحضُره من مثَل ولو كان غيرَ مطابق، أو بعيدًا عن موضوع الدرس، فيفقد ربما ثمرةَ درسِه، والأفضل هو التَّحضير والتهيُّؤ لذلك.

[11] "روضة المحبِّين" للعلامة ابن القيم ج1 ص473، نشر دار الكتب العلمية بيروت 1412-1992 انظر الموسوعة الشاملة.

[12] تفسير البغوي (1 / 60)، وابن كثير في تفسيرِه أيضًا.

[13] ذكر هذا المثَلَ البديعَ ابنُ القيِّم في كتابه القيِّمِ: "الوابل الصيب" عند الكلام عن الخشوعِ في الصلاة؛ انظر ص17 دار علم [عالم] الفوائد، بتمويل من مؤسسة سليمان الراجحي الخيرية، بتحقيق عبدالرحمن قائد، راجعه العلامة بكر أبو زيد.

[14] البحر الرَّائق في الزهد والرقائق (ص264 - 265)؛ لأحمد فريد، أورده الغزالي - رحمه الله - في الإحياء (ج 4 ص461)، نشر دار المعرفة ببيروت.

[15] انظر: "الوابل الصيب من الكلِم الطيب"؛ لابن القيم - رحمه الله - ص25، دار عالم لفوائد، بتمويل من مؤسسة سليمان الراجحي الخيرية، بتحقيق عبدالرحمن قائد، راجعه العلامة بكر أبو زيد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • توجيه الداعية للقصد والاعتدال

مختارات من الشبكة

  • مجال التأديب بالضرب .. ضرب الزوجة والولد(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • الضرب ضرب أبي محجن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مجال التأديب بالضرب .. ضرب العبد(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • التأديب بالضرب ( ضرب التلميذ )(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • التأديب بالضرب ( حقيقة الضرب المشروع في التأديب 2 )(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • التأديب بالضرب ( حقيقة الضرب المشروع في التأديب 1 )(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • ضرب الأمثال بالغيث (2) (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • موارد ومصادر كتاب رفع الباس، وكشف الالتباس، في ضرب المثل من القرآن والاقتباس للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • موارد ومصادر كتاب وقع الأسل فيمن جهل ضرب المثل للسيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة رفع الباس وكشف الالتباس في ضرب المثل من القرآن والاقتباس(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
4- شكرا
مرشد الحيالي - الإمارات 10-09-2012 11:52 AM

الأخ العزيز أبوأنس شكرا لك وبارك فيك.

3- شكر وامتنان
aboanas - alger 08-09-2012 04:29 PM

أشكر القائمين على هذا الموقع وأدعوا الله أن يبارك فيكم ويحفظكم من كل سوء

2- شكر
مرشد الحيالي - الامارات 19-05-2012 09:50 AM

أشكرك أخي أحمد على التقييم ومطالعة البحث وجعلنا وإياك ممن يستمع القول فيتبع أحسنه آمين .

1- مقال حقا رائع ونافع
أحمد نصيب - مصر 18-05-2012 10:41 PM

هذا المقال رائع ونافع فما أجمل أن يبحث الطلاب في الدروس الدعوية ويستخرجوا منها الفوائد والعبر والدرر

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/12/1446هـ - الساعة: 12:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب