• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

طريق الفلاح لمن أراد الإصلاح (2)

ريهام سامح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/5/2011 ميلادي - 25/6/1432 هجري

الزيارات: 9861

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طريق الفلاح لمن أراد الإصلاح (2)

 

تكلَّمنا في المقال السابق عن أهميةِ الاعتصام بالكتاب والسنَّةِ، والحذر من الرأي والقول بغيرِ دليلٍ، وأنَّهما مرجعيةُ الإصلاحِ، وكما قيل: أدهى ما يعترضُ سالكَ السبيلِ هو أن يمشيَ بغيرِ دليل، ولكن كيف يعتصمُ بالكتاب والسنةِ من هو جاهلٌ بهما أصلاً؛ لذلك كان لزامًا على من أراد الإصلاحَ أن يطلبَ العلم وترسخ قدمُه فيه؛ لأنَّ الإسلامَ دين متكاملٌ شامل يصلح لكلِّ زمانٍ ومكان وهو منهجُ حياة؛ لأنَّ من وضعه هو اللهُ وقد ختمَ به الرسالاتِ السماوية فأكملَه ورضيه لنا، والله عليمٌ بما سيحدثُ للأمَّةِ من فتنٍ ودواهٍ، وتضمن وضَمِنَ الإسلامُ الحلولَ لها وطريقةَ التعامل معها، فأعلمُ النَّاسِ بسبيلِ الإصلاح أعلمُهم بالدِّين، قال الإمامُ الماوردي - رحمه الله -: "الدِّين أقوى قاعدة في صلاحِ الدُّنيا واستقامتها، وأجدى الأمورِ نفعًا في انتظامِها وسلامتها، ولذلك لم يخلِ اللهُ تعالى خلقَه مذ فطرَهم عقلاءَ من تكليفٍ شرعي، واعتقادٍ ديني ينقادون لحكمِه فلا تختلف بهم الآراء، ويستسلمون لأمرِه فلا تتصرَّفُ بهم الأهواء"؛ أدب الدُّنيا والدِّين (161).

 

قال الحسنُ البصري - رحمه الله -: "الفتنةُ إذا أقبلتْ عرفَها كلُّ عالم، وإذا أدبرتْ عرفها كلُّ جاهل"، ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر : 9] تدبَّرْ قولَ نبيك - صلى الله عليه وسلم -: ((من سلك طريقًا يلتمسُ فيه علمًا سهَّل الله له طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائكة لتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العلم، وإنَّ طالبَ العلمِ يستغفرُ له من في السَّماءِ والأرض، حتَّى الحيتان في الماءِ، وإنَّ فضلَ العالم على العابدِ كفضل القمرِ على سائر الكواكب، إنَّ العلماءَ هم ورثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذَ بحظٍّ وافر))؛ صحيح ابن ماجه (183). قال الحبيبُ - صلى الله عليه وسلم -: ((من يردِ اللهُ به خيرًا يفقه في الدِّين))؛ رواه البخاري.

 

"وإنَّما جعلَ طلبَ العلم من سبيلِ الله؛ لأنَّ به قوام الإسلام كما أنَّ قوامَه بالجهادِ, فقوامُ الدين بالعلمِ والجهاد, ولهذا كان الجهادُ نوعين: جهادٌ باليدِ والسنانِ؛ وهذا المشارك فيه كثير، والثاني: الجهادُ بالحجةِ والبيان، وهذا جهادُ الخاصَّةِ من أتباعِ الرُّسلِ وهو جهادُ الأئمَّةِ، وهو أفضلُ الجهادَيْن؛ لعظمِ منفعته وشدة مؤنته وكثرَةِ أعدائِهِ، قَال الله - تعالى - في سُورة الفرقان وهي مكية: ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا * فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 51-52]، فهذا جِهَادٌ لهم بالقرآنِ وهو أكبرُ الجِهَادَيْن؛ مفتاح دار السعادة (271/1).

عَلَى الْعِلْمِ نَبْكِي إِذْ قَدِ انْدَرَسَ الْعِلْمُ
وَلَمْ يَبْقَ فِينَا مِْنهُ رُوحٌ وَلاَ جِسْمُ
وَلَكِنْ بَقِي رَسْمٌ مِنَ الْعِلْمِ دَاثِرٌ
وَعَمَّا قَلِيلٍ سَوْفَ يَنْطَمِسُ الرَّسْمُ
وَلَيْسَ يُفِيدُ الْعِلْمَ كَثْرَةُ كُتْبِهِ
فَمَاذَا تُفِيدُ الْكُتْبُ إِنْ فُقِدَ الْفَهْمُ
وَعَارٌ عَلَى الْمَرْءِ الَّذِي تَمَّ عَقْلُهُ
وَقَدْ أُمِّلَتْ فِيهِ الْمُرُوءَةُ وَالْحَزْمُ
إِذَا قِيلَ مَاذَا أَوَجَبَ اللهُ يَا فَتَى
أَجَابَ بِلاَ أَدْرِي وَأَنَّى لِيَ الْعِلْمُ
فَكَيْفَ إِذَا مَا الْبَحْثُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ
جَرَى وَهْوَ بَيْنَ الْقَوْمِ لَيْسَ لَهُ سَهْمُ
تَدُورُ بِهِمْ عَيْنَاهُ لَيْسَ بِنَاطِقٍ
فَغَيْرُ حَرِيٍّ أَنْ يَرَى فَاضِلاً قدْمُ
وَأَقْبَحُ مِنْ ذَا لَوْ أَجَابَ سُؤَالَهُ
بِجَهْلٍ فِِإنَّ الْجَهْلَ مَوْرِدُهُ وَخْمُ

 

((إنَّ اللهَ لا ينتزعُ العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعًا، ولكن ينتزعُه منهم مع قبضِ العلماء بعلمِهم، فيبقى ناسٌ جهَّال، يستفتون فيفتون برأيهِم، فيَضلُّون ويُضلُّون))؛ رواه البخاري.

فللأسف كان من نتيجةِ قلةِ العلم في زماننا ذيوعُ التقليدِ الأعمى لكلِّ من هبَّ ودبَّ، وحتَّى إن خالفَ الكتابَ والسنة، "لما أعرضَ النَّاسُ عن تحكيمِ الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما، واعتقدوا عدمَ الاكتفاءِ بهما، وعدلوا إلى الآراءِ والقياسِ والاستحسان وأقوالِ الشيوخ، عرض لهم من ذلك فسادٌ في فطرِهم، وظلمةٌ في قلوبِهم، وكدرٌ في أفهامِهم، ومحق في عقولهم، وعمَّتهم هذه الأمورُ وغلبت عليهم، حتَّى رُبِّي فيها الصغير، وهَرَمَ عليها الكبير، فلم يروها مكرًا، فجاءتهم دولةٌ أخرى قامت فيها البدعُ مقامَ السنن، والنفسُ مقامَ العقل، والهوى مقامَ الرُّشدِ، والضلالُ مقامَ الهدى، والمنكرُ مقام المعروف، والجهلُ مقامَ العلمِ، والرِّياءُ مقام الإخلاص، والباطلُ مقام الحق، والكذبُ مقامَ الصدق، والمداهنةُ مقامَ النصيحة، والظلمُ مقام العدل، فصارتِ الدولةُ والغلبةُ لهذه الأمور، وأهلها هم المُشار إليهم، وكانت قبل ذلك لأضدادها، وكان أهلُها هم المشار إليهم، فإذا رأيت دولةَ هذه الأمور قد أقبلت، وراياتِها قد نُصبت، وجيوشَها قد ركبت، فبطنُ الأرض - والله - خير من ظهرِها، وقممُ الجبال خير من السُّهول، ومخالطةُ الوحشِ أسلم من مخالطة الناس"؛ الفوائد ابن القيم (88).

 

فَجَاهِدْ وَقَلِّدْ كِتَابَ الْإِلَهِ
لِتَلْقَى الْإِلَهَ إِذَا مِتَّ بِهْ
فَقَدْ قَلَّدَ النَّاسُ رُهْبَانَهُمْ
وَكُلٌّ يُجَادِلُ عَنْ رَاهِبِهْ
وَلِلْحَقِّ مُسْتَنْبَطٌ وَاحِدٌ
وَكُلٌّ يَرَى الْحَقَّ فِي مَذْهَبِهْ
فَفِيمَا أَرَى عَجَبٌ غَيْرَ أَنْ
بَيَانُ التَّفَرُّقِ مِنْ أَعْجَبِهْ

 

قال ابنُ القيم فِي أول كتابه القيَّم "إعلام الموقعين": "ثم خلفَ من بعدِهم خلوف فرَّقوا دينَهم وكانوا شيعًا، كلُّ حزبٍ بما لديهم فرحون، وتقطَّعوا أمرَهم بينهم زبرًا وكلٌّ إلى ربهم راجعون، جعلوا التعصبَ للمذاهبِ ديانتَهم التي بها يدينون، ورؤوسَ أموالهم التي بها يتَّجرون، وآخرون منهم قنعوا بمحضِ التقليدِ، وقالوا: إنَّا وجدنا آباءَنا على أمَّةٍ وإنا على آثارهم مقتدون"!

وقال: "فحقيقٌ بمن لنفسِه عنده قدرٌ وقيمة ألا يلتفتَ إلى هؤلاء، ولا يرضى لها بما لديهم، وإذا رفع له علم السنَّة النبوية؛ شَمَّرَ إليه ولم يحبسْ نفسَه عليهم، فما هي إلا ساعة حتى يبعثرَ ما في القبور، ويحصل ما في الصُّدور، وتتساوى أقدامُ الخلائق فِي القيام لله، وينظر كلُّ عبدٍ ما قدمتْ يداه، ويقع التمييزُ بين المحقِّين والمبطلين، ويعلم المعرضون عن كتابِ رَبِّهم وسنةِ نبيهم أَنَّهم كانوا كاذبين".

 

لذلك وجب على العلماء البحثُ عن المعادنِ الطيبة والعقول النيِّرة، ونجباءِ أمتنا؛ ليحفظوا لنا هذا العلم، فصناعةُ طالبِ العلم الآن من أوجب الواجبات، وهي صمامُ أمانٍ لهذه الأمة، فالأمَّة لا تحتاجُ إلى كثرة الدُّعاةِ بقدر ما تحتاجُ إلى العلماءِ الرَّاسخين في العلم، وكما قال بدر الدين بن جماعة: "كان علماءُ السَّلف النَّاصحون لله ودينه يلقون شبكَ الاجتهاد لصيدِ طالبٍ ينتفعُ به النَّاسُ في حياتِهم ومن بعدهم, ولو لم يكن للعالم إلا طالبٌ واحد ينفع النَّاسَ بعلمه وعمله وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله - تعالى - فإنَّه لا يتصلُ شيء من علمِه إلى أحدٍ فينتفع به إلا كان له نصيبٌ من الأجر"؛ تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم (157)، "كان أبو العاليةِ إذا جلسَ إليهِ أربعةٌ قام"؛ العلم لزهير بن حرب.

 

فلم يكن هديُ السَّلفِ الحرص على كثرةِ الطُّلاب، وإنما كان حرصُهم على البناءِ الصحيح لطالبِ العلم، كان حرصُهم على الكيفِ والنَّوع لا الكم، فصناعةُ خمسةِ علماء راسخين في العلم، يحملون على رقابِهم أمانةَ التبليغ خيرٌ من آلافِ الدُّعاة لا يعرفون سوى قشور من العلم، فأين الآن العلماءُ الرَّبانيون، الذين يعلِّمون النَّاسَ بسمتِهم وخُلُقِهم قبل أن يعلِّموهم بلسانِهم؟ أين العلماء الذين يصطادون الطلابَ النُّجباء؟ فيحرصون على تهذيبِهم وتأديبهم، ثم تعليمهم أصول العلمِ وفنونه وفروعه بمنهجيةٍ علمية خطوة خطوة.

 

إنَّ المسؤوليةَ التي في رقابِ العلماء الآن جسيمةٌ وعظيمة؛ لقلةِ الرَّاسخين في العلم وندرتِهم، فينبغي أن يقوموا بما كان يقومُ به ثُلَّةٌ من العلماءِ في الماضي، جاء في "آدابِ العلماء والمتعلِّمين" للحسين بن المنصور بالله؛ قال ابنُ سيرين: "كانوا يتعلَّمون الهدى كما يتعلَّمون العلم"، وقال الحسنُ: "إنْ كان الرَّجلُ ليخرج في أدبِ نفسه السنتين ثم السنتين"، وقال بعضُهم لابنه: "يا بني لأنْ تتعلَّم بابًا من الأدبِ أحب إليَّ من أن تتعلَّمَ سبعين بابًا من أبوابِ العلم"، وقال مخلد بن الحسين لابن المبارك: "نحن إلى كثيرٍ من الأدبِ أحوج منَّا إلى كثيرٍ من الحديث"! هذا في زمانِهم، فكيف بزمانِنا الذي انعدم فيه الأدبُ عند غالبِ طلاَّبِ العلم، ففتنوا النَّاسَ بأخلاقِهم، وضيَّعوا العلمَ والحقَّ بسوء صنيعِهم؟! عند أدنى خلافٍ تظهر خفايا قلوبِهم وآفات نفوسهم، من اتباع الهوى وضعفِ العلم والتعصُّبِ للأشخاص والمذاهب والآراء، والتَّعالُمِ والتشبُّع بما لم يُعطوا، والانتصار للنَّفسِ وإسقاط المخالف وسوء الظَّنِّ به ورميه بالباطل، والتنابز والتَّشاحُن والحدَّة والغِلظة، والحرص على الدنيا والافتتان بالمال والنساء، عن بلال بنِ سعدٍ يقولُ: "عالمُكم جاهلٌ, وزاهدُكم راغبٌ, وعابدُكم مُقَصِّرٌ"؛ العلم لزهير بن حرب.

 

قال عمرُ بن عبدالعزيز - رحمه الله -: "أيها النَّاسُ أصلِحوا آخرتَكم تصلحْ لكم دنياكم، وأصلحوا سرائرَكم تصلحْ لكم علانيتُكم"؛ حلية الأولياء (266/5)، عن أبي عبداللَّه محمَّد بن القَاسِم المعروف بأبي العيناء، قَالَ: "أتيتُ عبدَاللَّه بن داود الخريبي، فَقَالَ لي: مَا جاءَ بك؟ قَالَ: قلتُ: الحديث، قَالَ: اذهبْ فاحفظ القرآن، قلتُ: قَدْ حفظتُ القرآن، قَالَ: فاقرأ: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ﴾ [يونس : 71]، قَالَ: فقرأتُ العشر حَتَّى أنفدته، قَالَ: اذهب فتعلَّم الفرائضَ، قَالَ: قلتُ: قَدْ حفظتُ الصلب والجد والكبر، قَالَ: فأيما أقرب إليك، ابن أخيك أَوْ عمك؟ قَالَ: قلتُ ابن أخي، قَالَ: ولم؟ قَالَ: قلت: لأنَّ ابنَ أخي من أَبِي، وعمي من جدِّي، قَالَ: اذهب الآن فتعلَّم العربية، قَالَ: قلتُ، قَدْ علمتها قبل ذين، قالَ: فلم قال عُمَر بن الخَطَّاب حين طُعن: يالَلَّه لِلمُسلمين، فلم فتح تلك اللام وكسر هَذِهِ؟ قَالَ: قلت: فتح تلك للدُّعاءِ وكسر هَذِهِ للاستنصار، قال: لو حدَّثتُ أحدًا لحدَّثتُك"؛ (الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي)؛ لأبي الفرج المعافى بن زكريا النهرواني الجريري.

 

فكان طالبُ العلم عند السَّلفِ موسوعة علم، حاز أصولَ الفنون وتدرج بها خطوةً خطوة، أمَّا أنْ يتكلَّمَ طالبُ العلم في دقائقِ الفقه وهو جاهلٌ بأصولِ العقيدة، فأي علمٍ هذا وأي منهجية تلك؟ ومن العجيبِ في زماننا أن تجدَ مَنْ يحدِّثك أنَّ من شيوخِه كذا وكذا من أكابرِ العلماء، وأنَّه درس العقيدةَ والسنةَ عند العلامةِ فلان، ثم تتفاجأ بخلطِه في الأصولِ وجهله بمنهج أهلِ السنَّةِ في الاستدلال! جاء في "جامع بيانِ العلم وفضله" لابن عبدالبر: "سمعتُ يحيى بنَ سعيدٍ القطَّان يقول: عن شعبةَ قال: رآني الأعمشُ وأنا أحدِّثُ قومًا فقال: "ويحك يا شعبة تعلِّق اللؤلؤَ في أعناقِ الخنازير"، قال عكرمة: "إنَّ لهذا العلم ثمنًا"، قيل: وما ثمنُه؟ قال: "أن تضعَه عند من يحفظُه ولا يضيعه"، ورحم اللهُ القائلَ:

أَأَنْثُرُ دُرًّا بَيْنَ سَائِمَةِ النَّعَمْ
أَمَ انْظِمُهُ نَظْمًا لِمُهْمِلَةِ الْغَنَمْ
أَلَمْ تَرَنِي ضُيِّعْتُ فِي شَرِّ بَلْدَةٍ
فَلَسْتُ مُضِيعًا بَيْنَهُمْ دُرَرَ الْكَلِمْ
فَإِنْ يَشْفِنِي الرَّحْمَنُ مِنْ طُولِ مَا أَرَى
وَصَادَفْتُ أَهْلاً لِلْعُلُومِ وَلِلْحِكَمْ
بَقِيتُ مُفِيدًا وَاسْتَفَدْتُ وِدَادَهُمْ
وَإِلاَّ فَمَخْزُونٌ لَدَيَّ وَمُكْتَتَمْ

 

عن كثيرِ بن مرة الحضرمي، أنَّه قال: "إنَّ عليك في علمِك حقًّا كما أنَّ عليك في مالك حقًّا، لا تحدِّثِ العلم غير أهله فتجهل، ولا تمنعِ العلمَ أهلَه فتأثم، ولا تحدِّثْ بالحكمة عند السفهاءِ فيكذبوك، ولا تحدث بالباطلِ عند الحكماء فيمقتوك"، ولقد أحسن القائل:

قَالُوا نَرَاكَ طَوِيلَ الصَّمْتِ قُلْتُ لَهُمْ
مَا طُولُ صَمْتِيَ مِنْ عِيٍّ وَلاَ خَرَسِ
لَكِنَّهُ أَحْمَدُ الْأَشْيَاءِ عَاقِبَةً
عِنْدِي وَأَيْسَرُهُ مِنْ مَنْطِقٍ شَكَسِ
أَأَنْشُرُ الْبَزَّ فِيمَنْ لَيْسَ يَعْرِفُهُ
أَمْ أَنْثُرُ الدُّرَّ بَيْنَ الْعُمْيَ فِي الْغَلَسِ

 

لذلك فإنَّ صناعةَ العلماء الرَّبانيين أهمُّ ركائز الإصلاح، وإن تطلَّبتْ قرونًا، فينبغي للعلماءِ أن يحرصوا على اصطيادِ المعادن الخيرة وتزكيةِ نفوسها وتربية أخلاقِها وتعليمها بمنهجيةٍ وتدرُّج كافَّةَ فروعِ العلم وكتاب ربِّها وسنة نبيها الصَّحيحة الصافية، "يا مُخنَّثَ العزمِ أين أنت والطريق؟ طَريقٌ تَعِبَ فيه آدمُ، وناح لأَجلهِ نُوح، ورُميَ فِي النَّار الخليل، وأُضجِعَ للذَّبحِ إسماعيلُ، وبِيعَ يُوسُف بثمنٍ بَخس ولَبِثَ فِي السِّجنِ بِضعَ سِنين، ونُشِرَ بالمنشار زكريا، وذُبِحَ السَّيدُ الحصورُ يحي، وقاسى الضُّرَّ أيوبُ، وزادَ على المقدار بُكاءُ داود، وسارَ مع الوحشِ عيسى، وعالج الفقرَ وأنواعَ الأذَى محمَّد - صلَّى الله عليه وسلم"؛ فوائد ابن القيم (ص: 56).

 

وللحديث بقية إن شاء الله





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أقسام العلماء
  • فضل العلم، وماذا يطلب من العلماء؟
  • دور العلماء في تجديد الدين
  • طريق الفلاح لمن أراد الإصلاح (1)
  • طريق الفلاح لمن أراد الإصلاح (3)

مختارات من الشبكة

  • الداعية أناهيد السميري: التميز طريق الفلاح والتميع طريق الخيبة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • طرق الفساد وطريق الإصلاح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • طريق الحق واحد وطرق الضلال كثيرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل البحر انشق لموسى طريقا واحدا أو اثني عشر طريقا؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك في الطريق...(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • طريق الدعوة .. طريق منتصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طريق الدعوة .. طريق واضح(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقائق على طريق الدعوة .. طريق طويل شاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث الصباح لشرح تحفة الفلاح لما لحفص من طريق المصباح (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أداء الزكاة طريق الفلاح(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب