• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

نداء عاجل إلى الباحثين: (كونوا كأم موسى)

د. رضا جمال عبدالمجيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/8/2010 ميلادي - 19/9/1431 هجري

الزيارات: 11354

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نداء عاجل إلى الباحثين: (كونوا كأم موسى)

 

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله  - صلَّى الله عليه وسلَّم -.

 

أمَّا بعدُ:

(كونوا كأُمِّ موسى؛ تُرضع ولدَها، وتَأخذ أجرًا)، هي كلمةٌ بعث بها واحدٌ من أهل العلم الأفاضل - حفظه الله ونفع به - إلى فريق الباحثين  الشَّرعيِّين واللُّغويِّين العاملين تحت إشرافه، وكنتُ - بحمد الله تعالى - واحدًا منهم، فوقفتُ عندها كثيرًا، فهي كلمةٌ عظيمة تشتمل على معانٍ جليلة، وهكذا مَن تَدبَّر القرآن، ونزَّله على واقعه رأى العجائب.

 

فوقع في نفسي أن أتقدَّم بالنُّصح لإخواني المشتغلين بالعِلم الشَّرعي، بحثًا وتحقيقًا وتصحيحًا، مُفتتِحًا بهذه الكلمة، لعلَّها تكون باكورةَ خيرٍ للنُّصح والإرشاد في هذا الباب.

 

فأقول لمعاشر الباحثين:

أنتم - أيُّها الإخوة - كنتم تَحرِصون على طلب العِلم، وعلى البحث والتَّحقيق، وكنتم تَتحمَّلون المشاقَّ في ذلك، فالآنَ وقد منَّ الله على الأُمَّة بدور نشرٍ للعِلم، وشركاتٍ لتقنية المعلومات، يعمل فيها طُلاَّب العلم باحثين، ويأخذون أجرًا، فلْنكنْ كأُمِّ موسى؛ تُرضع ولدَها وتأخذ أجرًا، فلنكنْ نحن نَطلبُ العِلمَ ونشتغل به - كما كنَّا نحرص عليه مِن قبلُ - ونأخذُ على ذلك أجرًا، يكفينا الله به، ويعفُّنا وأهلينا، فله الحمد والشُّكر.

 

وأتقدَّم بالنُّصح لإخواني الباحثين؛ لأنِّي أُحبهم، فمَن نصحك فهو يحبك، فأقول - وبالله التوفيق –:

1- علينا أن نَشكر اللهَ - تعالى - أنِ اصطفانا لخدمة العِلم الشَّريف، ومَنَّ علينا بالعمل في هذا المجال؛ ففيه نجمع بينَ طلبِ العِلم، وطلب القُوت الحلال، ونتعامل مُعاملةً حسنةً مع أُناس مِن أفاضل النَّاس، ومِن خِيرة طُلاَّب العلم الشَّريف - نحسبهم كذلك ولا نُزكِّي على الله تعالى أحدًا - فكم مِن أناسٍ يعملون في الحَرِّ الشَّديد والأعمال الشَّاقَّة، بل والمُهينة في بعض الأحيان، ويتعاملون مع أقوامٍ - نسأل الله لنا ولهم العافية - ما تَعلَّموا العِلم، ولا الأخلاقَ الحسنة الفاضلة؛ بل معاملتهم جُلُّها سَبٌّ وإهانة،  وغِيبةٌ ونَميمة، ومكرٌ وخِداع،  وغِشٌّ ونِفاق، نسأل الله السَّلامة والعافية، ويتعرَّضون للحُرمات والفِتن، وحدِّثْ عنِ الاختلاط والمخالفات الشَّرعيَّة ولا حرجَ، وقلَّما يخلص لهم الرِّزق الحلال؛ الذي هو بُغيةُ كلِّ مسلمٍ صادق، يُطعم به نفسه وأهله وأولاده، ويَكفُّهم ويُعفُّهم بفضل الله عنِ الحرام.

 

فالشُّكر أساسُ المزيد؛ قال الله - تعالى -: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، وقال - تعالى -: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].

 

وقد أحسن مَن قال:

"إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا
فَإِنَّ المعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمْ
وَحَافِظْ عَلَيهَا بِشُكرِْ الإِلَهِ
فُشُكْرُ الإِلَهِ يُزِيلُ النِّقَمْ

 

ولو لم يَكنْ مِن فَضلِ الشُّكرِ إلاَّ أنَّ النِّعمَ به موصولةٌ، والمزيدَ لها مُرتبِطٌ به، لكانَ كافِيًا، فهو حافظٌ للموجُودِ مِنَ النِّعمِ، جالِبٌ للمَفقُودِ منها بالمزيدِ، فهو قَيدٌ للمَوجُودِ، وصَيْدٌ للمَفقُودِ؛ يعني: تُقَيَّدُ به النِّعمُ الحاضِرةُ، وتُستَجْلَبُ به النِّعمُ المَرجُوَّةُ، فإنَّ النِّعمَ إذا شُكِرَتْ، دَرَّتْ وتزايدَتْ وقَرَّتْ، وإذا كُفِرَتْ، تناقَصَتْ وانْمَحَقَتْ وَفَرَّتْ؛ قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، نِعمةً إلى نِعمةٍ، تَفضُّلاً مِنَ الكريمِ المنَّانِ.

 

فالشُّكرُ جَلاَّبٌ للنِّعمِ، دافِعٌ للنِّقمِ، وَمُوجِبٌ المزيدَ.

فلن يَنْقطِعَ المزيدُ مِنَ اللهِ – تعالى - حتَّى يَنْقَطِعَ الشُّكرُ مِنَ العَبدِ".

فاللهمَّ أعنَّا على الشُّكر، وارزقْنا المَزيد.

 

2- وعلينا أيضًا أن نحتسب النِّيَّةَ الصَّالحة في ذلك، وأن يكونَ خروجُنا للعِلم والعمل خروجًا في سبيل الله؛ فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ومَن سَلكَ طَريقًا يَلْتمسُ فيه عِلمًا سَهَّل اللهُ له بِه طريقًا إلى الجَنَّة))؛ رواه مسلم.

 

وعن أنسٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال : ((مَن خَرجَ في طَلبِ العِلْمِ فهو في سَبيلِ الله حتَّى يَرجِعَ))؛ رواه الترمذي: (2717)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، والطبَّراني في "المعجم الصغير" (380)، وقال : لا يُروى عن أنسٍ إلاَّ بهذا الإسناد، تفرَّد به أبو جعفر الرازي وخالد بن يزيد،  وقال الألبانيُّ: حسنٌ لغيره.

 

وعن كعب بن عُجرةَ - رضي الله عنه - قال: مرَّ على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم – رجلٌ، فرأى أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -  مِن جَلدِه ونشاطه، فقالوا: يا رسولَ الله،  لو كان هذا في سبيل الله،  فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنْ كان خرجَ يَسعَى على وَلدِه صِغارًا، فهو في سبيل الله، وإنْ كان خَرج يَسعَى على أَبوَينِ شَيخَينِ كبيرَينِ، فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يَسعَى على نفسِه يُعفُّها، فهو في سبيل الله، وإنْ كان خرج يَسعَى رِياءً ومُفاخرةً، فهو في سبيل الشَّيطان))؛ رواه الطَّبراني، ورِجاله رجال الصحيح، وقال الألبانيُّ: صحيحٌ لغيره.

ولْنَقُلْ في الصَّباح داعِينَ : ((اللَّهمَّ إنِّي أَسألكَ عِلمًا نافعًا، ورِزقًا طَيِّبًا، وعملاً مُتقبَّلاً))؛ كما كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يفعل[1].

 

3- كما علينا أنْ نراعيَ حقوقَ العملِ، ونلتزمَ فِقهَ الإجارة، فوقتُ العمل مِلكٌ لصاحب العمل، مقابلَ الأجْرِ الذي يدفع، فلا يَنبغي أن يَضيع وقتُ العمل في غير مصلحةِ العمل، وعلينا أن نُراقبَ الله في ذلك؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِين ﴾ [يونس: 61].

 

وعلينا أن نكون أمثلةً صالحةً في البذل والعطاء للعمل، والانضباطِ ومُراعاة أوقاتِ العمل؛ حُضورًا وانصرافًا، وأن نُؤدِّيَ الحقَّ الذي علينا - كما نُحبُّ أن يُؤدَى الحقُّ الذي لنا.

 

ونحن - معاشرَ الباحثين، وطُلاَّب العِلم - أولى بكلِّ خُلقٍ حَسن، وكلِّ شِيمةٍ صالحة، فلا يَنبغي أن نكونَ مثالاً على الكسل، وقِلَّة المبالاة، وعدمِ الانضباط في أعمالنا، لا سِيَّما وهي - بحمد الله تعالى - شَرعيَّةٌ مفيدة، بلِ النَّشاط وعُلوُّ الهمة أولى بِنا، و:

عَلَى قَدْرِ أَهْلِ الْعَزْمِ تَأْتِي الْعَزَائِمُ
وَتَأْتِي عَلَى قَدْرِ الْكِرَامِ الْمَكَارِمُ
وَتَعْظُمُ فِي عَيْنِ الصَّغِيرِ صِغَارُهَا
وَتَصْغُرُ فِي عَيْنِ الْعَظِيمِ الْعَظَائِمُ

 

4- كما علينا مراعاة الأَمانةِ العِلميَّة والدِّينية المُلْقاة على كواهلنا، فلا نُقصِّر في البحث رَغبةً في الإنجاز السَّريع، ولكن على حِساب دِقَّة العمل، فإنَّ هذا الأمرَ دِينٌ، فلا بدَّ مِن التَّدقيق والتَّمحيص، وللعُلماء في ذلك شأنٌ عجيبٌ، وأخبارُهم في ذلك أَشهرُ مِن أن تُذكر، ولا يَنبغي أن نَتكاسل في العَمل والإنتاج بحجَّة الدِّقة والإتقان.

 

5- ومِن أهمِّ ما يلزمنا الحِرصُ على الاستفادة العِلميَّة الجادَّة، وأن نحرص ألاَّ يصيرَ العملُ في العلوم الشرعيَّة كأيِّ عمل، أو كما يقال: هي ساعات تقضى وفقط!

لا يا أخي، فقد يطلعك الله - سبحانه – خلال بحثك وعملك على الكلمة التي تنجيك، وتكون سببًا لدخولك الجنة والفوز العظيم، ورضوان الله البر الرحيم.

وَقَدِّسِ الْعِلْمَ وَاعْرِفْ قَدْرَ حُرْمَتِهِ
فِي الْقَوْلِ وَالفِعْلِ وَالآدَابَ فَالْتَزِمِ
وَاجْهَدْ بِعَزْمٍ قَوَيٍّ لا انْثِنَاءَ لَهُ
لَوْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ قَدْرَ الْعِلْمِ لَمْ يَنَمِ

كما يقول حافظ حكمي – رحمه الله تعالى.

 

6- كما علينا الالتزام بآدابِ الإسلام الرَّفيعة، التي لا يَعرِف العالَمُ مثلَها، والتَّخلُّق بآدابِ العمل الجَماعيِّ، وبآدابِ الأُخوَّة الإِسلاميَّة على وجه العُموم، وتطبيق مواثيقِ المودَّة والموالاة بينَ المؤمنين، ونشْر الحُبِّ والتَّآلف بين فريقِ العمل؛ إذْ معظم الأعمال البحثيَّة يقوم بها فريقُ العمل، والعمل برُوح الفريق - لا برُوح الفرد - لا شكَّ يُثمِر الثَّمرةَ اليانعةَ المرجُوَّة من العمل، والمرءُ قليلٌ بنفسِه كثيرٌ بإخوانه، والمؤمنُ للمؤمن كالبُنيان، يَشدُّ بعضُه بعضًا - كما قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم[2].

 

وتَفهُّم طبيعة العمل، ومعرفة كلِّ فردٍ لدَورِه بدقَّةٍ، وتأديته له بإتقانٍ - مِن أعظم ما يلزمنا - نحن الباحثين - وكذلك في كلِّ عملٍ، وكلِّ مجال، فمَن كان في المقدِّمة كان في المقدِّمة - يعني: قام بدَورِه على أكملِ وجهٍ - ومَن كان في الحِراسة كان في الحراسة، والتَّوسُّط مِن خير الأمور، فلا يَشقُّ مَن ولي شيئًا من أمر إخوانه على إخوانه، ولا يَستنكف مَن أُمِر بشيءٍ أن يُنفِّذه، فلكلٍّ دورُه، وعلى الجميعِ أن يُؤدُّوا دورَهم على أكملِ وجه، والله الهادي إلى سواء السَّبيل.

 

7- دقَّة التَّنظيم، وحُسن ترتيب العملِ يُوفِّر ثلاثةَ أرباع الجُهد: هذه كلمةٌ يُردِّدها النَّاجحون في أعمالهم، ويسيرون عليها، ونحن - معشرَ الباحثين في العلوم الشَّرعيَّة - أولى وأحرى بنا أن نلتزمَ بكلِّ خيرٍ، والله - عز وجل – قد : ﴿ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7]،

والكون كله من صُنْعِ اللهِ: ﴿ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].

 

ودِينه - سبحانه - مبنيٌّ كلُّه على الإتقان والنِّظام في كلِّ شيء، لا يعرف الارتجالية، ولا التَّخبُّط، ولا الفوضى، وخذ إليك مثالاً:

الصَّلاة، وخصوصًا صلاةَ الجماعة، وخصوصًا صلاةَ الخوف، فانظر إلى النِّظام والإتقان، فلو أنَّ أُلوفًا مُؤلَّفة يُصلُّون في وقت واحدٍ لَمَا اختل النِّظام، حتَّى لو سها الإمام، فقد شُرع له كيف يفعل، وشُرع للمأمومين كيف يفعلون.

 

وحادثة الهِجرة العظيمة إلى المدينة النبوية الشَّريفة أعظم مثالٍ على دقَّة التَّخطيط وحُسن التَّنظيم للعمل، فاختيارُ الرَّفيق المناسب، وهو الصِّدِّيق الأكبر، واختيار الطَّريق، والهادي الخِرِّيت، ومَن يأتي لهم بالأخبار، ومَن يأتي لهم بالطَّعام، ومَن يمحو آثارَ الأقدام، إلى غيرِ ذلك، كلُّ هذا أعظمُ دليل على حُسن التَّخطيط ودقَّة التنظيم، وحياتُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كلُّها ملأى بالأمثلة لمن تدبَّر، وكذلك أصحابه - رضوان الله عليهم - وأتباعهم مِن بعدهم.

 

فعلى كلِّ فريقٍ من الباحثين أن يُحسنوا التَّخطيط، ويراعوا دقَّة التَّنظيم للعمل، مِمَّا يوفِّر الجهد والوقت، والذي يؤدِّي إلى نجاح العمل، وإلى جَنيِ ثمارِه يانعةً - بإذن الله تعالى.

ولنحرصْ على ما ينفعنا، ولْنستعنْ بالله ولا نَعجِز - كما أرشدنا نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم -[3]

 

ولنكثر من سؤال الله - تعالى - المَددَ والعونَ والتَّوفيق في جميع أعمالنا، بعدَ أَخذِنا بالأسباب، فمَعِية الله – تعالى - وتوفيقُه وهدايته فوقَ الأسباب، يَمنُّ الله - سبحانه - ويتَفضَّل بها على مَن جاهدَ وأحسن؛ ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

وانظر إلى ما فعلتْه أُمُّ موسى - عليه السَّلام - مِن إرسالِها أُختَه تَقصُّه، وإلى فِعل أُخته، وكيف بَصُرتْ به عن جُنبٍ، واخترقتْ كلَّ الحواجز التي صَنعها فرعونُ وجُنودُه دونَ أن يَشعر بها أحدٌ، وكيف عَرَضتْ عليهم أمرَ إرضاعِه بما لا يُشعرهم بشيءٍ، ولا عَلاقتِها بهذا الوليد، ولا أنَّها أُختُه، ولا أنَّها تذهب به لأُمِّه، وانظرْ كيف أكرمها الله - سبحانه وتعالى – وحرَّم عليه المراضعَ مِن قبلُ، فرَدَّه إليها لتُرضعَه، وتقرَّ عينها، وتَأخذ على ذلك أجرًا؛ قال الله - تعالى:﴿ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ به عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ * فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [القصص : 11 - 13].

 

ألاَ فلْنكنْ كأمِّ موسى؛ تُرضع ولدَها وتأخذ أجرًا.

 

وبعدُ، فهذه نصيحةٌ مختصرةٌ، ذكرتُها لي ولإخواني حبًّا لهم، ولستُ أهلاً للنُّصح، ولكن لعلَّها تكون فاتحةَ خيرٍ أن يُدوِّنَ فيها أحدٌ من أهل العلم والفضل، وحسبي أن أكونَ مُذكِّرا، والذِّكرى تنفع المؤمنين.



[1] أخرجه الإمام أحمد، وابن ماجه، وابن أبي شيبة، وقال الألباني: صحيح.

[2] هو حديث مشهور متفق عليه من حديث أبي موسى الأِشعري- رضي الله عنه.

[3] أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة بلفظ: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت، كان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن "لو" تفتح عمل الشيطان)).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مهمات يجدر بالباحثين في التاريخ معرفتها
  • نصيحة لكل باحث شرعي

مختارات من الشبكة

  • نداء للمؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • دروس دعوية في نداءات سورة الأنفال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النداء : تعريفه وأدواته(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نداء الله للمؤمنين: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نداء للمؤمنين: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين﴾(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المراحل التي سلكتها نملة سليمان عليه السلام في توصيل الخبر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح جامع الترمذي في السنن (باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • العلامة الإعرابية بين القدماء والمحدثين: دراسة في أساليب (النداء، التعجب، المدح والذم، الإغراء والتحذير) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحوالات المالية بعد النداء الثاني ليوم الجمعة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • البيع عبر الإنترنت بعد النداء الثاني للجمعة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
7- أحسن الله اليك
أم مسلم - مصر 16-12-2010 10:48 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاك الله خيرا مقال جميل حقا وأتمنى أن يعمل به كل باحث ويأخذ منه الناس جميعا ما يخصهم منه كي يعم الخير والنفع على الجميع كل في مجاله وللباحثين خاصة جزاك الله خيرا يا شيخنا المفضال ونفع الله بك وبمقالك جميع المسلمين وفي انتظار المزيد بإذن الله

6- جزاك المولى عظيم الأجر
عماد عمر خلف الله - السودان 22-11-2010 11:56 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك المولى عظيم الأجر *** والعفو مع غفرانه والبر
هذه نصيحة قيّمة يا شيخ رضا ما أحوجنا لها في هذا الزمان الذي طغت فيه المادة، وبات الناس سيما بعض طلاب العلم يتأثرون بطغيان المادة، ولا يجتهد الواحد منهم في البحث والتحصيل والدعوة إلا إذا عرف كم يعطى من المال، على خلاف ما كان عليه سلفنا الصالح، ولا مانع أصلاً من أخذ الأجر على التعليم والبحث ولكن لا نجعل ذلك هو الغاية.

5- ما أجمل هذا النداء
عبد الرحمن أبو حاتم - مصر 19-09-2010 11:22 PM

لا فض فوك يا أبا مسلم، على ما سطرت أناملك، لله درك، مقال بديع .
نفع الله بكم

4- تجزية ورد على الاستفسار
أبو مسلم - عفا الله عنه - مصر 12-09-2010 06:12 PM

تجزية: جزاكم الله خيرا جميعا على هذه التعليقات التي أدخلت السرور على قلبي، وأسال الله تعالى أن ينفع بما سطرت، وأن يرزقنا جميعا الإخلاص في القول والعمل.
رد: الأخ الكريم (أبو عبيد الله) أرجو مراسلتي على البريد الخاص إن أحب المتابعة، وهذا بريدي للتواصل redagm19@hotmail.com

3- شكر واستفسار
Hبو عبيدالله - السعودية 09-09-2010 11:47 AM

جزاك الله خيرا , وعندي استفسار, عن التحقيق كيف التعhون فيه مع كبار الباحثين؟ وكيف مردوده المادي؟
وفقك الله وجميع الاخوان لكل خير - آميــــــــن - .

2- جزاك الله خيرا
أحمد بدوي - مصر 31-08-2010 11:19 AM

أعاننا الله يا شيخ رضا وجميع الباحثين على تلبية ندائك، فنعم النداء ونعم المنادي ونعم المثال ونعم النتيجة، وأؤكد على كل ما قلته وأؤيده، وإن كان هذا نداء للباحثين والعاملين في المجال الشرعي بفروعه، فأرجو أن يصغي إليه أصحاب العمل ويعلمون أنه صادر من باحث، فإن كانت هذه نية الباحثين فعليكم معونتهم على إخراج الأعمال على أفضل وجه وبأكثر دقة، وألا يتعجلوهم طالبين لسرعة الإنجاز ولو على حساب الدقة، وألا يسموهم في أثناء معاناتهم أعمالهم بالتأخير حتى لا يحبطوا وهم لا يريدون - كما سمعتم- إلا خيركم وخير أمتكم، فقليلا من الصبر مع المتابعة التي تضمن لكم أنه صبر في محلله.

1- أحسنت كعادتك يا شيخ رضا
أحمد مصطفى عبدالحليم - مصر 30-08-2010 10:56 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلماتٌ نحسبُها خرجتْ من القلب وقد وصلتْ إلى القلب يا أستاذ رضا، ونسأل الله أنْ يرزقَنا العملَ بها، وكما عوَّدتنا النُّصح والإرشاد، فبارَك الله فيك وفي عِلمِك، وزادَك الله حِرصًا على نفْع إخوانك.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب