• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

الشيخ مصطفى صبري : حياته وعصره

الشيخ مصطفى صبري: حياته وعصره
أ. د. مصطفى حلمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2013 ميلادي - 2/6/1434 هجري

الزيارات: 39790

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشيخ مصطفى صبري: حياته وعصره


أخذ العلم - أولاً - في بلده (توقاد)، ثم استأذن أباه للسفر إلى (قيصرية) لتلقي العلم، وكانت مشهورة بعلمائها بين مدن الأناضول، وسافر بعدها إلى الأستانة؛ وذلك كله لتحقيق رغبة أبيه الشديدة في أن يُصبِح عالمًا مِن علماء الدِّين.

 

ثم عُيِّن في سن الثانية والعشرين مدرِّسًا بجامع السلطان محمد الفاتح - وكان في عهد الدولة العثمانية كالأزهر بالقاهرة - ولكن أباه لم يرضَ على هذا التعيين؛ إذ كان بوده استكمال تعليمه، فقال لبعض أصدقائه:

"استأذنَني لطلب العلم في الآستانة بعد القيصريَّة، فما لبثَ أن حصل على شهادة العالميَّة، وتربع على كرسيِّ التدريس، وكان الواجب عندي أن يستمر في التعليم حتى يَبلغ الثلاثين على الأقل"[1].

 

وبلهجة المُعتذر يُخاطِب أباه في مقدمة الكتاب، فيُعدِّد الأسباب المعوِّقة لآمال أبيه فيه؛ حيث تولى وظيفة التدريس بمرتَّب الحكومة، ثم منصب المشيَخة الإسلامية في الدولة العثمانية.

 

ولكنه يَختتِم ذلك بذكر مجالات نشاطه وعمله وجهاده؛ ليُعوِّض أباه عما سلف، ويكتسب رضاه وإعجابه، فيقول في عبارة جامعة لترجمة حياته في إجمال:

"ولكنَّك لو رأيتَني وأنا أكافح سياسة الظلم والهدْم والفسوق والمروق، في مجلس النوَّاب، وفي الصحف والمجلات قبل عهد المشيَخة والنيابة وبعدهما، وأُدافع عن دِين الأمة وأخلاقها وآدابها وسائر مُشخَّصاتها، وأَقضي ثلث قرنٍ في حياة الكفاح، مُعانيًا من خلاله ألوان الشدائد والمصائب، ومُغادِرًا المال والوطن مرتَين في سبيل عدم مُغادَرة المبادئ، مع اعتقالٍ فيما وقع بين الهجرتَين، غير محسٍّ يومًا بالندامة على ما ضحَّيتُ به في هذه السبيل مِن حظوظ الدنيا ومرافقها - لأوليتَني إعجابك ورضاك".

 

ثم يذكر أنه ألَّف كتابه الكبير؛ أي: "موقف العقل والعلم والعالم مِن رب العالمين وعباده المرسلين"[2]، في سنوات عمره الأخيرة أثناء توقفه في المهجَر عن الجهاد السياسيِّ، مُتفرِّغًا للجهاد العِلمي الديني، فجمع فيه "ما يَحتاج المتعلِّم المسلم إلى معرفته مِن المسائل العِلمية والفلسفية؛ لتَسْلَم عقيدتُه الدينيَّة وتَصمد أمام تيارات الزيغ العَصري، وناضلتُ أشتاتًا مِن أهل العلم والأدب في الشرق والغرب أحياءً وأمواتًا"[3].

 

ومِن المصادر النادرة التي نستمدُّ منها ترجمة لحياته كتاب الدكتور محمد حسين "الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر"؛ نقلاً عن الأستاذ إبراهيم صبري[4] (أستاذ اللغات الشرقية بجامعة الإسكندرية سابقًا)، وهي:

"غادر الشيخ مصطفى صبري الآستانة فرارًا من الكماليين قبيل استيلائهم عليها سنة 1923، فحضر إلى مصر، ثم انتقل إلى ضيافة الملك في الحجاز، ثم عاد إلى مصر؛ حيث احتدم النقاش بينه وبين المُتعصِّبين لمصطفى كمال، فسافر إلى لبنان، وطبع هناك كتابه "النكير على منكري النعمة"، ثم سافر إلى رومانيا ثم إلى اليونان؛ حيث أصدر جريدة "يارن" ومعناها "الغد"، وظل يُصدِرها نحو خمس سنوات حتى أخرجته الحكومة اليونانية بِناءً على طلب الكماليِّين، فاستقرَّ في مصر إلى أن توفي بها (سنة 1953 م - 1373هـ).

 

وقد بدأ مصطفى صبري نشاطه السياسي بعد إعلان الدستور الثاني سنة 1908؛ إذ انتُخب وقتذاك عن بلدته (توقاد) في الأناضول، فبرز اسمه وقتذاك لمقدرته الخطابية، ولم يلبَث حين تبيَّن سوء نية الاتحاديِّين أن انضمَّ إلى الحزب الذي تألف مِن الترك والعرب الأروام الذين يُعارِضون النزعة الطورانية التي اتسم بها الاتحاديون وقتذاك، وكان نائبًا لرئيس هذا الحزب المعارض.

 

ولما استفحل نفوذ الاتحاديِّين، فرَّ مِن اضطهادهم سنة 1913، فأقام في مصر مدة، ثم تنقَّل في بلاد أوروبا حتى عاد إلى الآستانة مَقبوضًا عليه عند دخول الجيوش التركية إلى بوخارست في الحرب العالمية؛ حيث كان يُقيم لاجئًا إليها وقئذاك، وقد ظلَّ معتقلاً إلى أن انتهَت الحرب بهزيمة تركيا وفرار زعماء الاتحاديِّين، فعاد إلى نشاطه السياسي في الآستانة، وعُيِّن شيخًا للإسلام وعضوًا في مجلس الشيوخ العثماني، وناب عن الصدر الأعظم في رياسة الوزارة أثناء غيابه في أوروبا للمُفاوضات، وظل في منصبه إلى أن استولى الكماليون على العاصمة، ففر إلى مصر"[5].

 

وقد مرَّت حياته السياسية بمواقف صعبة، ومِحَن مُستمِرَّة، منها:

• العداء الذي لقيَه في مصر؛ بسبب خداع مصطفى كمال أتاتورك، الذي أصاب غالبية الشعب المصري، فضلاً عن تشجيع الإنجليز واليهود لبعض العناصر لمضايقتِه وإلحاق الأذى به واتهامه بالخيانة.

 

• التبسَ الأمر بينه وبين شيخ الإسلام الأسبق (عبدالله بك دري زاده)؛ حيث نسبَت إليه صحف مصر الفتوى التي أصدرها الثاني أيام الخليفة محمد وحيد مُعلِنة بنفي مصطفى أتاتورك وخروجه على الإمام.

 

ويبدو أن خصومه استغلوا هذه الفتوى؛ لإثارة العامة ضده حينما كانت الفتنة بأتاتورك قد عمَّت الجميع.

 

• كان يعاني مِن الفاقة طوال هجرته؛ فقد اضطر إلى بيع كتبه؛ للحصول على نفقات سفره مع أسرته مِن الآستانة إلى الإسكندرية، ولم يَستطِع إلا ركوب الدرجة الثالثة.

 

• واستدلَّ بذلك على استقامته ونزاهته وطلبه للرزق الحلال؛ إذ بالرغم من توليه منصب المشيخة الإسلامية أربع مرات، فإنه لم يوفِّر عشرات الآلاف مِن الجنيهات التي كان في إمكانه الحصول عليها لو فرط في نزاهته وخان أمانته وقَبِل التعاون مع الاتحاديِّين.

 

وقد نقل لنا الأستاذ عبدالفتاح أبو غدة بعض أبيات الشعر التي تَفيض بالأسى والحزن؛ إذ قارن فيها بين زهده الجَبري وزهد غاندي الاختياري وقتذاك، وجاء في غايته هذه الأبيات التي قال فيها:

في سبيل الإسلام ما أنا لاقٍ
ولئن متُّ فليَعِش هو بعدِي
فليعشْ رغم مُسلِمي العصرِ دينٌ
ضيَّعُوه ولم يَفوهُ بعهدِ
كان مثلي يموتُ جوعًا ولا يُع
رف لو كان شيخُهم شيخَ هندِ[6]

 

نظرات الشيخ وتحليلاته لأحداث عصره:

تلاحقت الأحداث أثناء حياته وكأنها كانت على موعد معه ليُبدي رأيه فيها، فتَصِلنا عبر مؤلفاته؛ لتنير للمسلم المعاصر طريقَ الرؤية الصحيحة وسط الضباب الكثيف الذي أحدثه دخان المعارك ضدَّ الإسلام والمسلمين.

 

وتتَّصل تحليلاته وتعليلاته بوحدة فكرته النابعة مِن القرآن الكريم والحديث الشريف، وهو شبيه في تفسيره لفلاسفة التاريخ.

 

وكانت أهمُّ الكوارث التي أصابت المسلمين في مقتل هي:

أولاً: تضافُر القوى اليهودية والصليبية للقضاء على الخلافة العُثمانية باعتبارها التجسيد الحي للأمة الإسلامية وقتذاك، فأخذ الغرب يَقتطع أجزاءها، فاقتطعَت روسيا منذ عهد كاترين سنة 1762 - 1796م بعض الأراضي والولايات، ثم توالت بعدها الحملات العسكرية الاستعمارية؛ فهاجم نابليون مصر عام 1798م، ثم احتلت فرنسا الجزائر عام 1830، وتونس عام 1881، ومراكش عام 1912، كما احتلَّت إيطاليا ليبيا عام 1911، وكانت الدول متَّفقة على اقتسام ميراث السلطنة العُثمانية عند زوالها من الوجود، فكانت بريطانيا تطمَع في بترول المَوصِل وضمان إنشاء خطٍّ ثانٍ للهند، وهو خط بريٌّ يمتدُّ مِن فلسطين إلى الخليج الفارسي.

 

وكانت فرنسا تُجاهر بأنها ستطيب استقلالها الاقتصادي بما تَجنيه مِن القطن في حلب، ومِن الحرير في لبنان، والصوف في سوريا، وكانت إيطاليا مُقتَنعة بالاستيلاء على القسم الغربي من الأناضول، وكانت روسيا تطمع في قسم مِن تراقية والآستانة وأرمينيا وكردستان[7].

 

كما احتلَّت بريطانيا عدن عام 1839 وبسطَت حمايتها على الحج والمحميات مِن حدود اليمن الجنوبية إلى شرق الجزيرة، وكان الإنجليز قد استولوا على الهند قبل ذلك، وانتزعوا باستعمارهم لها سيادة المسلمين، ثم استولوا على مصر عام 1882، وعلى السودان عام 1898، واستولَت هولندا على جزر الهند الشرقية، وحُوصرت أفغانستان تحت الضغط الإنجليزي والروسي، كما حوصرت إيران، ولم يكتفِ الغربيون بإشعال الثورات في داخل الدولة العثمانية باعتبارها الدولة الإسلامية التي تمثِّل المسلمين، بل حرَّضوا شعوب البلقان على الثورة منذ عام 1804 م، وأمدُّوهم بالمساعدة حتى انفصَلت عن الخلافة سنة 1878، كما حرَّضت اليونان على الثورة منذ عام 1820 حتى استقلَّت اليونان عن تركيا عام 1830، ولم يَكتفِ أهل الغرب بذلك، بل شجَّعوا الحركات الانفصالية داخل الدولة بين الترك والعرب، وحرَّكوا الثورة العربية بواسطة عملائهم؛ كلورنس وجلوب، وأثاروا فِتنَة القوميات والعصبيات الإقليمية؛ بغرض التفريق والتفتيت[8].

 

ثانيًا: انتهَت حركات التطويق والإعارات والتفتيت بإنهاء وجود الدولة الإسلامية في شكلها الأخير - ويعني بذلك الخلافة العثمانية - على يد مصطفى كمال أتاتورك، وكان للفتنة اليهودية دورها في سلسلة مُحكمة الحلقات، فمنذ تآمَر عبدالله بن سبأ الذي أطلق فكرةَ تأليه البشر، وتآمر على قتل الخليفة الثالث، وأشعل أتباعه نار الفِتنة في واقعتَي الجمل وصِفِّين، نجد هذا الدور يؤديه آخَرون بالدهاء والخبث نفسه؛ فقام ابن كلس وزير الإخشيدي بإفشاء أسرار البلاد للمعز لدين الله الفاطمي، وهو لا يختلف عن دزرائيلي الذي اشترى لقومه أسهم قناة السويس[9].

 

وأخيرًا ظهر رأس الرمح الموجَّه للقدس بيد تيودور هرتزل، الذي ظلَّ ست سنوات كاملات يُحاول بجهد متوصل ورجاء المتوسِّل المُلحِّ أن يتمكَّن مِن مُقابلة السلطان عام 1901؛ ليضع خدمات اليهود في خدمة الدولة؛ تمهيدًا للحصول من جلالته على تصريح لصالح اليهود.

 

وعندما رفَض، أخذوا يتحيَّنون الفرص مع السعي الذي لا يهدأ، وكتب يقول: "إن الأمور تتأزم في تركيا، إذا زاد هذا التأزم بخصوص المسألة الشرقية وانتهى إلى حدٍّ يَقضي بتقسيم تركيا في المؤتمر الأوربي، فقد نتمكَّن مِن أخذ قطعة أرض محايدة لأنفسنا"[10].

 

ولم تكن هذه الأرض بطبيعة الحال سوى فلسطين التي وصلوا إليها عن طريق القسطنطينية، وإذا كان هناك مَن يشكُّ بهذه الواقعة، فعليه قراءة بروتوكولات حكماء صهيون، واستيعاب الرسم الرمزي لها المشبه بالأفعى؛ حيث تظهر القسطنطينية كأنها المرحلة الأخيرة لطريق الأفعى قبل وصولها إلى أورشليم[11].

 

وكان الأخطبوط اليهودي يعمل في دأب مستغلاًّ أحوال العالم الإسلامي المُنهارَة؛ ليَخطو الخطوة تلو الأخرى؛ ولهذا نرى تلاحُق الأحداث وصِلَتها بعضها ببعض؛ فقد انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في بال بقيادة هرتزل عام 1897، وتلاه عام 1916 عقد معاهدة "سايكس بيكو" بين بريطانيا وفرنسا؛ لاقتسام بلاد المسلمين التي كانت تابعة للخلافة.

 

وفي نفس العام قامت الثورة العربية بقيادة "الشريف حسين"؛ للتخلص مِن حكم الأتراك واستقلال البلاد العربية، فكانت نتيجتها وبالاً على العرب والمسلمين، وفي عام 1917 صدر وعد بلفور ليمنَح اليهود حق إنشاء وطنٍ قوميٍّ لهم في فلسطين.

 

وفي عام 1918 انهزمت تركيا واحتل الإنجليز فلسطين[12].

 

وكان الشيخ مصطفى صبري وهو يؤلف كتابه "النكير" يرقب هذه الأحوال، ويُحذِّر مِن فتنة اليهود، موجِّهًا الأنظارَ إلى استثنائهم في المعاملة دون باقي الأتراك.

 

ولا يُدهشنا بعد ذلك - إزاء فداحة الخطب - أن يعبِّر عن إلغاء الخلافة، فيَصفها بأنها بمثابة (طعن الدين من الداخل)، وقد ثبت أنْ أصاب الحقيقة، فما استطاعت الأصابع اليهودية الامتداد إلى القدس بخاصة - وفلسطين بعامة - إلا على أشلاء الخلافة العثمانية.

 

أضفْ إلى ذلك تحذيره مِن إثارة النعرات القومية، والنزعات الإقليمية، والعداوات بين المسلمين، وهنا تظهر أيضًا صحَّة توقُّعاته عندما عارضَ فِكرة القومية الطورانية، وسخر مِن شعر (ضياء كوك آلب) الذي كان يتغنَّى به، فأخذ أتباعه يَعدُّونه قرآنَ الترك.

 

فماذا حدث بعده؟!

لقد نجح الاستعمار بنوعيه الشرقي والغربي في تفتيت الجسد الواحد، وحوَّله إلى دول ودويلات لكل منها حاكم وعلَم ونشيد وحدود جغرافية مصطنَعة، وغزاها بأفكار القومية والوطنية، فأصبح ولاء الأمة إما لأشخاص الزعماء والقادة ورجال الحكم والسياسة، أو للأفكار والمذاهب والفلسفات الواردة، وبذلك حوَّل الشعوبَ الإسلامية عن الولاء الوحيد الذي يَنبغي أن تخضع له دون سواه، وهو الولاء لله الواحد القهار، واتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكي تنسى هدفها الأساسي المتضمّن للآية: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، وتسعى جاهدة لتجعل كلمة الله - تعالى - وحدها هي العليا.

 

واستطاع المؤلف بحكم معرفته بما يَدور حوله مِن أحداث - راقبَها وشارَك فيها - أن يَربط الأسباب بالمسبِّبات، كذلك أراد بحكم معرفته بشخصية مصطفى كمال جيدًا، أن يفتَح أعين المسلمين على ما يُراد بالإسلام، ومكَّنتْه حصيلتُه الوافرة مِن المعرفة التاريخيَّة وخُطط أعداء المسلمين[13] امتلاك القدرة على التعليل والتفسير، بدلاً مِن أن يَعيش الأحداث مُنفصلة في الزمان والكون، فأخذ يقارن بين خطوات الكماليِّين وما فعلته الثورة الفرنسية قبلهم، ويُحلِّل الدوافع الكامِنة وراء التصرُّفات التي بدَت في ظاهرها إصلاحية جزئية، أو انتصارات مؤقَّتة، فخدعَت الكثيرين مِن معاصريه، ولكنها لم تخدعْه؛ ولهذا جاءت الحوادث كلها مؤيِّدة لصدق حدسه!

 

علمه وخلقه:

كان الشيخ حافظًا للقرآن الكريم، محيطًا بالسنَّة النبوية، فاهمًا لعقيدته الإسلامية حق الفهم، فقيهًا عالمًا بأصول الفقه - وربما قارب مرتبة الاجتهاد - واثقًا بنفسه، مُعتزًّا بإسلامه وأمته وحضارته، محيطًا بما يدور في عصره، سواء في بلاد المسلمين أو العالم الخارجي.

 

لذلك تمكَّن مِن وضع يده على مكامن الانحراف في عقائد مُعاصِريه مِن العلماء، ولم تُرهبه أسماؤهم ولا مراكزهم الوظيفية؛ لإحساسه بثقل المسؤولية على كاهله، ولا سيما أنه كان شيخ الإسلام في الخلافة العثمانية[14]، وهو مركز عِلمي مؤثِّر، كان له النفوذ الواسع أيام أمجاد الخلافة[15].

 

كما نظر إلى حضارة الغرب نظر المعتزِّ بإسلامه، الفَخور بتاريخ الحضارة الإسلامية ومكانة الشريعة الإسلامية التي تعلو على سائر الشرائع.

 

لهذا؛ كان يتعجَّب مِن المفتونين بكل ما يَرِد مِن الغرب الزاحف على المسلمين عسكريًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا، ويُطالبهم بالتخلُّص مِن هذا المرض النفسي، ولا يرى سببًا للتخاذل أمام دول تزعم التحضُّر، وهي في الحقيقة طامعة حاقدة تفهَم العدل بمقياسَين؛ أحدهما لمُواطنيها، والآخَر للتعامل مع الدول المَغلوبة!

 

وبلغَت مِحنة الرجل ذروتها عندما كان يقرأ ويسمَع ويُشاهد "الازدواجية" بين الحقيقة والواقع، وبين البيانات المزوَّرة المُعلَنة للجماهير المَسوقة بعواطفها وراء قادة خوَنة، وحمَلة أقلام غير أمناء.

 

وتعجَّب شيخنا أكثرَ ما تعجَّبَ عندما أُطلقت تغاريد النصر، ورُفعت أكاليل الفخر على هامة مصطفى كمال، بينما يَقتضي الواجب ذرفَ الدموع ساخنة على ما يَنتظر المسلمين من مآسٍ!

 

تعجَّب لأن الجميع هللوا لأتاتورك لانتصاره "الظاهري" على إنجلترا وإخراج اليونان من أزمير[16]، بينما استطاع الشيخ مصطفى بدراسته العميقة لشخصيَّة أتاتورك وأعماله وتاريخه وانتماءاته، استطاع أن يوقن بأن ما حدث كان تمثيليَّة وراءها "سرٌّ عميق"، فقد عقَدت إنجلترا مع مصطفى كمال صفقة عمرها - بل صفقة عمر أوروبا كلها - حينما تنازلت بمحض إرادتها وهي الخارِجة مُنتصرةً مِن الحرب العالمية الأولى، تنازلت عن أزمير؛ لتُظهر أتاتورك أمام العالم الإسلامي بأنه "المنتصر" و"الغازي"، ثم تَفرِض شروطها عليه؛ لتتخلص - وبصفة نهائية كما يشهد التاريخ المعاصر - مِن المقاوَمة الفعالة المؤثِّرة للاستعمار الغربي في ظل راية (الجهاد) الذي كان يعلنه خليفة المسلمين كلما تعرَّض أيُّ بلد مِن بلادهم لخطر الغزو والاستعمار.

 

وكان لها ما أرادت! ورأى الشيخ مصطفى صبري أن واجبه يَقتضي الوقوف في وجه تزييف الحقائق، وإظهار ما وراءها من أسرار.

 

ولتقريب فهم الدور الضخم الذي قام به الشيخ، نُجمل موقفه في هذه الدوائر الثلاث:

1- إظهار حقيقة انتصار "الغازي"؛ لأنه في الحقيقة هزيمة للمسلمين وضياع للخلافة الإسلامية.

 

2- فصل الدِّين عن السياسة ليَنفرِد كل منهما باختصاصه وشؤونه كما زعم أتاتورك[17]، ولكنه في الحقيقة إبعاد الإسلام عن الحكم، وتحويل النظام الحاكم في تركيا إلى نظام لا ديني، بل معادٍ للدِّين وللمُتديِّنين.

 

3- إن التقدم والتطور إلى الأمام وراء أوروبا هو في حقيقته تراجعٌ وتقليد ومهانة، وكان الشيخ يصرخ بأعلى صوته، وهكذا نَشعُر عند قراءة صفحات كتابه، كان يَصرخ منفعلاً أشدَّ الانفعال، واصفًا بالكفر الصريح الكماليِّين قاطبة ومَن سار على نهجهم مِن الكتَّاب العصريِّين، الذين يَسحرون الناس بأقلامهم وهم يُبطنون الإلحاد ويَخشون إعلانه.

 

وهنا تتضح مع علمه وفقهه وإخلاصه، صفةٌ أخرى خُلقية يتميز بها العلماء المخلصون، ألا وهي (البطولة).

 

أجل؛ إن الجهاد الذي قام بأعبائه في وجه عتاة الكماليِّين لَيُقاسُ أيضًا بجهاده العِلمي إذا وزناه بميزان إحساسه بالغربة وسط العلماء المُندفِعين وراء تيار (التفرنُج).

 

لقد احتاج الشيخ إلى جهد خارق؛ للمحافظة على ثقته بدينه وبنفسه وبأمته وسط تيار شعبي مخدوع من ناحية، ومجموعة كتَّاب تريد الانسلال من الإسلام تحت شعارات لا مضمون حقيقي لها، تَحمِل لافتات التجديد، والتحديث، والتمدُّن، وهي كالطبول الجوفاء تُخفي وراءها وجوهًا كالِحة، وجوهَ الإلحاد وتقليد الغرب تقليدًا أعمى في كل شيء، مع الجهل أو التجاهل بحقيقة الإسلام وعقيدته وشريعته.

 

إن لم تكن هذه بطولة، فما هي إذًا؟!

لنتخيَّل قائدًا يقف بمفرده أمام الأعداء يُنادي جنده الفارين مِن حوله: "هلمُّوا إليَّ"، الحق معي والنصر لي، ولا يَكاد يُصدِّقه أحد!

 

ثم تسير عجلة الزمن، وتمضي الأعوام تلو الأعوام، وتَنصهِر الأمة في تجارب طاحنة ذهب ضحيَّتها الملايين، وذاقت خلالها المَذلة والهَوان، وتخلَّفت فأُلحِقت بذيل الأمم بعد أن كانت في المقدِّمة.

 

وتبيَّن - ولكن بعد فوات الأوان - صِدق فراسة الرجل، وصوابُ آرائه، وشجاعةُ مواقفه!

 

لمحَات عن مواقفِه العلمية وأقواله المأثورة:

مع أن الكتاب مخصَّص لفِكر الشيخ مصطفى صبري السياسي، غير أننا لا يُمكن أن نُغفِل موقفه العِلمي ودفاعه عن عقيدة الإسلام؛ لأنه لا يرى الفصل بين الدين والسياسة كما سنرى.

 

ومِن هنا نراه مُدافعًا بشدة عن عقائد المسلمين الأوائل، مُنكرًا على المُنحرِفين فهمهم للإسلام بدعوى "التحديث" أو "العصرية".

 

وقد أخذ على عاتقه صدَّ هجمات عنيفة مع كثير مِن العلماء، ووقف وحده يُغالب المَبهورين بحضارة الغرب، فاضطروا إلى إنكار أو تأويل بعض الأصول في العقيدة الإسلامية، واعتبرَهم مُنحرِفين عن الثقافة الإسلامية إلى الثقافة الغربية؛ قال في هذا الشأن:

"وأصْل المسألة للمُتعلِّمين العصريِّين مِن الكتَّاب عقيدةٌ راسخة أرسخها في أذهانهم العلمُ الحديث المادي الذي يؤمِنون به فوق إيمانهم بكتاب الله وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهي إنكار الأمور الغيبيَّة؛ مثل المعجزات والنبوة بمعناها المعروف عن المِليِّين؛ إذ لما رأوه منها في كتب الحديث طعنوا في صحته، ولما رأوه في القرآن أوَّلوه"[18].

 

وكان الشيخ أمام موجة عاتية من تأويلات مسرفة، خشي عليها من إنكار أصول في الإسلام، ومن أهمها الإيمان بالغيب.

 

وقد لاحظَ المعركة التي دارت بين فرح أنطون مُنشئ مجلة "الجامعة" وبين الشيخ محمد عبده، ومن أقوال أنطون التي أثارتْه ودفعته إلى تأليف كتابه الآنف الذكر، من أقواله هذا الرأي:

"إن الدين هو الإيمان بخالق غير منظور، وآخِرة غير منظورة، ومعجزة ووحي ونبوءة، وبعْث وحشر، وسؤال وحساب، وثواب وعذاب في الجنة والنار، وكلها غير محسوسة ولا معقولة؛ ولهذا كان العقلاء مِن الفلاسفة ورجال الدين في كل ملة يُنادون بإبعاد العقل عن الدين".

 

فرأى الشيخ مصطفى في هذا الرأي دافعًا لتأليف كتابه المسمى "موقف العقل والعلم من رب العالمين ورسله" وسبقه بالكتاب المشار إليه بالهامش[19].

 

والنظرة الفاحصة لأسماء العلماء الذين أورد ذكرهم في كتبه منقبًا عن آرائهم، ومُعترضًا على بعضِها، هذه النظرة تُساعدنا في تكوين فِكرة عن أثقال المسؤوليات العِلمية التي ناء بحملها، فمِن هؤلاء:

فريد وجدي، الشيخ محمد عبده، الشيخ رشيد رضا، قاسم أمين، طه حسين، دكتور محمد حسنين هيكل، الأستاذ العقاد، زكي مبارك، الشيخ المراغي، الشيخ عبدالعزيز البشري، الأستاذ أحمد الأمين، الشيخ شلتوت.

 

ولكنه وجد أعوانًا له التمسَها في آراء أمثال الشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ محمد زهران، والشيخ محمد يس، والعالم الهندي مولانا شبلي النعماني.

 

كذلك كان غيورًا على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه لاحظ أن "الطائفة العصرية" لا تعوِّل على كتب الحديث؛ حيث أوضح أن اعتماد السنَّة يجب أن يكون صنو الأخذ بالقرآن الحكيم، وعلى العكس فإن "التشكيك في أمانة المنابع الإسلامية عن آخِرها بالنسبة إلى الأحاديث، يستلزم التشكيك في تلك المنابع بالنسبة إلى القرآن أيضًا"[20].

 

وعاش الرجل في عصر فِتنة العلم الغربي التجريبي الذي طغى على العقيدة النصرانية في الغرب، وحاول المثقَّفون المتأثرون بأوربا نقل الفتنة بحذافيرها إلى الشرق الإسلامى، ولم ينتهوا إلى اختلاف التصوُّرَين للعلم بين الإسلام والنصرانية، وعلاقته بالعقيدة في كلٍّ منهما.

 

ولم يَعِش الشيخ معَنا ليرى انتصار الدين في عصرنا هذا بعد انحسار موجة فتنة العلم، وأصبح العلماء يتَّجهون إلى الدين مِن جديد (وكذلك الساسة كما سيتضح لنا) بتواضُع ومعرفة لأقدارهم.

 

ولكن يَكفي الشيخ صبري فخرًا أنه لم يخضَع لموجة الفِتنة، ورفع رأسه عاليًا شامخًا معتزًا بعقيدته الإسلامية المؤيدة بالعلم والعقل، وأخذ يُكافح المتشكِّكين وعِلمهم الحديث الذي اتخذوا منه دعامة لشكوكهم.

 

ومِن العجب أنه اعتبر منهج الشيخ محمد عبده يمثل باسم النهضة الدينية الحركة القهقرية أمام خصوم الإسلام الغربيِّين المتسلِّطين على كتابه[21].

 

كذلك أثار عجبَنا الدفاعُ عن "علم الكلام"، وربما نجد له العذر في سيطرة الثقافة الإسلامية بالمناهج المعروفة آنذاك، فظنَّ أنه لا بد للمدافع عن الإسلام مِن علم الكلام التقليدي؛ لصد هجمات المثقفين ثقافة غربية.

 

ونعذره أيضًا لأن اطلاعاته الواسعة على كتب مُعاصريه ربما حجبَت عنه قراءة منهج علم الكلام عند شيوخ السلف أمثال: ابن حنبل وابن تيمية وابن القيم، فضلاً عن تأثره بالاتهامات الباطلة الموجَّهة حينذاك لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولم تكن قد طُبعت وراجت بمثل الرواج الذي نعرفه اليوم، ولو كانت هناك فرصة للاطِّلاع عليها ودراستها، لأنصف الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم بدل نقدهما واتهامهما بالابتداع!

 

من أقواله المأثورة:

• في الغرب نزاع وجدال بين العلم والدِّين، ناشئ عن خصوصية دين الغربيِّين، وليس في الشرق هذا النزاع إلا في قلوب مُقلِّدي الغرب الذين لا يعرفون الإسلام رغم أنه دينهم (2: 18)... وهذا الأسلوب المفرِّق بين العقل والقلب ينتهي إلى القول بأن الإنسان يؤمن بالعقائد الدينيَّة ولا يؤمن بعقله، وهذا القول كما يَنطبِق على الدين المسيحي، لكن الإسلام لا يوجد في عقائده ما لا يقبله العقل (1: 439).

 

• لا نعترف بأن الأمم المتحضِّرة المتغلبة بأنهم أعقل الأمم، نعم؛ لعقولهم تقدُّم في الماديات لا في المعنويات (1: 12)... ويقول: "إن العقل الحر في دائرة قوانينه الخاصة حسْب المسلم نبراسًا في إنارة طريقه إلى أصول العقائد الدينية" (1: 328).

 

• إن السقوط الديني للشرق الإسلامي أفظع عندي وأعظم خطرًا وأكثر مَساسًا بكرامته من سقوطه السياسي (1: 359).

 

• لو قارنتم ما فعل السلف مِن علمائنا مع فلسفة اليونان، بما فعل الخلف مع فلسفة الغرب، لوجدتم الفرق بين قوة السلف وضعف الخلَف هائلاً (2: 112).

 

• مِن آثار الإلحاد في النفوس الخلاء الموحش؛ بسبب فقدان الأنيس الروحي، الذي هو الدين (1: 103).

 

• قال - عندما اتهموه بالجمود -: أذيب الجامد، فنجم الجاحد (1: 103).

 

• إن استعمار القلوب أصعب مِن الاستعمار العسكري (2: 442).

 

• إن في الشرق اليوم شخصيات وأسماء أُكبرت واتُّخذت قدوة في الزَّيغ عن محجَّة الإسلام (1: 45).

 

• إن ما يَحدث في تركيا تحت إكراه حكومتها يَحصل بمصر في هدوء وطواعية (1: 444).

 

ويتلخص نقد الشيخ مصطفى صبري لما كان يدور في مصر حينذاك "مسامحة الوزارات المصرية في أمر الدِّين، وضعفِ التمسُّك به في أوساط المثقَّفين الجدد المُعتلِّين بتقليد المبادئ الغربية من ناحية، وتقليد الشيخ محمد عبده مِن ناحية، الذي أحدث بما أسرَف مِن تأويلاته لنصوص القرآن مادية جديدة في الإسلام، أو باطنيَّة جديدة متمشية مع مادية الغرب" (1: 323).

 

وقد اعترض على طول الكتاب وعَرضه على أبرز القضايا التي تفجَّرت في عصره؛ منها: كتاب طه حسين "في الشعر الجاهلي"، وكتاب علي عبدالرازق "الإسلام وأصول الحكْم".

 

فللمُسلم قوتان: قوة مِن دِينه، وقوة مِن عقله، ولا قوة لمن لا دِين له مِن دينه، والمسيحي في حرب مُستمرة بين دِينه وعقله المتعارِضين.

 

• أهمية العقيدة وضرورة العناية بها وتصحيحها: "مما يدلُّ على عظم خطورة الناحية الاعتقادية في الإسلام، التي هي الناحية العلمية، بالنسبة إلى الناحية العملية، مع كون الثانية أصعب مِن الأولى، إن شارب الخمر بالفعل، أو الزاني بالفعل - مثلاً - لا يَكفر ما دام يعدُّ نفسه آثمًا فيما يفعله، ويَكفر مَن لم يزنِ ولم يشرب الخمر ولكنه أباحهما".

 

• خشيته مِن التحول العصري مِن النبوة إلى العبقرية، ويرى أن الكلام عن عبقرية النبي - صلى الله عليه وسلم - يُخفي عدم الإقرار بالنبوة "وخلاصة هدف كُتَّاب العبقرية - باستثناء العقاد - جعل محمدًا - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا للعرب".

 

العناية بالعمل مع العلم:

وبانضِمام العمل إلى العقيدة يَحصل الكمال في الإسلام، ويَنتفِع المسلم الكامل بدينه في الدنيا قبل أن يَنتفع به في الآخِرة.

 

قال بعد أن أورَد أقوال شاهدَين كبيرَين مِن فضلاء المسيحيِّين هما "صليب سامي باشا" و"صاوا باشا الرومي": "إن الإسلام له تشريع مستقل بُني على نصوص الكتاب والسنة، أو استنباط أئمة الفقه المُجتهدين منهما، وهذا التشريع الإسلامي المنطوي على كل ما نحتاج إليه فردًا وأمة ودولة، نراه موجودًا بأيدينا، وفي خزائن دور الكتب التي ورثناها من أسلافنا - أثمنُ مِن كل كنز أثري وغير أثري يوجد في الدنيا، وقد عَملت به الدول الإسلامية العُظمى إلى أقرب عهد منَّا، فوجود هذه الشريعة المباركة الفسيحة الأرجاء التي يُعجَز عن الإتيان بمثلها بل بعشر معشار مثلها لو أعدَّ له أكبر لجنة مِن العلماء القانونيِّين، مِن حقه أن يكون أعظم مانع لنا مِن فصل الدين عن السياسة".

 

• الخلافة التي هي بمعنى الخلافة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبارة عن التزام أحكام الشرع الإسلامي ممَّن يتولى الحكم على المسلمين؛ لأنه إنما يكون بهذه الطريقة خليفة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم.

 

• ظل لفظ الأتراك يُستعمَل أجيالاً طويلة على لسان الغربيِّين كمرادف للمسلمين.

 

• تناقلت الألسن حكاياتِ القُضاة المرتشين، حتى اتخذ منها أعداء الإسلام مِن الأجانب والمسلمين المتفرنجين دعايةً مُستمرة ضد المحاكم الشرعية، إلا أن تلك المحاكم وقُضاتها الشرعيِّين المفروض كونهم مؤمنين بالله وبقوانينه المنزلة - لا يُمكن أن يميلوا عن الحق أكثر مِن المحاكم غير الشرعية وقضاتها غير المربوطةِ رؤوسُهم بحكومة الله.

 

• نقد قاسم أمين في تناوله لقضية المرأة، منبهًا إلى أن كتابه "قولي في المرأة" كان أسبق من كتاب قاسم أمين، وأزعجه بداية الانهيار؛ بسبب رفع الحجاب، والرقص، وضياع الحياء، وفقْد الغيرة على النساء.

 

• ونقد الدكتور محمد حسنين هيكل في منهجه المتَّبع بكتاب "حياة محمد - صلى الله عليه وسلم"، وموقفه من الأحاديث النبوية.

 

• اعترض على كل مِن توفيق الحكيم وأمين الخولي بمناسبة رسالة قُدِّمت للجامعة المصرية تطعَن في قصة أصحاب الكهف.

 

• كما انتقد اتخاذ الجامعة المصرية لشارة "الفرعونية"، واعتبارها جامعة "لا دينية" في مواجهة جامعة الأزهر.

 

• قال: إن النهضة الفكرية المزعومة على أيدي المُتفرنجين لا تُخيف المستعمرين؛ بل يُخيفهم القرآن.

 

• رأى أن أعظم الواجبات تصحيحُ عقيدة الخاصة كما يقال: "حاميها حراميها، وهاديها معاديها".

 

• اعترض على زكي مبارك في ثورتِه على الأمور الغيبيَّة.

 

• كما نوَّه بأن شبلي شميل هو ناشر فكرة الإلحاد في البلاد العربية.

 

• مع إعجابه بالأستاذ العقاد بكتابه "عبقرية محمد - صلى الله عليه وسلم"، ونقده لباقي العبقريات، يرى خطأ العقاد؛ لتبنِّيه فكرة قيد الزمان والمكان لنبوَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول: "القرآن هو سبب النجاح، وليس التهيؤ المزعوم لظروف البيئة والزمان".

 

• هاجم الشيخَ شلتوت لإنكاره الشيطان - كما صوَّره القرآن - شخصًا يرى ويسمع، ويقول ويجادل ويتكبَّر، فيُؤمَر بالسجدة لآدم ويعصي الله، ويَعِد ويُمنِّي، ويَنسل إلى يوم الوقت المعلوم، وهاجمه أيضًا بسبب إنكاره رفع عيسى - عليه السلام.

 

• نقد بعض علماء الدين الجاعلين ديدنهم تهيئة الأدلة المُتمشيَة مع أهواء المتعلمين؛ أي: إخضاع الشرع للتفسيرات العلمية المتغيِّرة بتغيُّر العصور والاكتشافات في حقول التجارب وأجهزة المعامل، فتوسَّعوا في داء التأويل، وكان من الآفات الكبيرة في التاريخ العقدي للمسلمين، كما هاجم بشدة التأويلات المخالفة لتفسير السلف أو تكذيب الرواة.

 

• نقد بشدة غلو فكرة القومية عند الترك وعند العرب، وكان يفضِّل العرب على الترك؛ لأن القرآن نزل على لغتهم، ولغةُ العرب أفصح جميع اللغات وأفضلها، ولأن فيهم - أي العرب - فضلاً عن محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - المبعوث إلى الناس خاتم النبيين ورحمة للعالمين - رجالاً ممتازين مثل أبي بكر وعمر، ولا يوجد ولا يُمكن أن يوجد نظيرهم في الإسلام والإنسانية في غير العرب.

 

• لم تَنطلِ عليه تصريحات (ويلسون) - رئيس الجمهورية الأمريكية السابق - عن الحرية لكافة الشعوب؛ لأنه انتهى إلى وضع بلاد المسلمين - وهي التابعة للقوانين السماوية - تحت انتداب الدول الإنجليزية والفرنسية العاملة بالقوانين الأرضية، فكأنما أراد أن يجعل الأرض سماءً والسماء أرضًا[22].

 

• نبَّه إلى تأييد الاستعمار لحركات التجديد الهدَّام للإسلام، ومعاداة الحركات السلفية.

 


[1] مقدمة كتاب "موقف العقل والعلم والدين من رب العالمين وعباده المرسلين"، ط دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه - 1369 هـ - 1950 م.

[2] ومِن كتبه المطبوعة بالعربية:

1- مسألة ترجمان القرآن.

2- قولي في المرأة.

3- تحت سلطان القدر.

4- القول الفصل بين الذين يؤمنون بالغيب والذين لا يؤمنون، (ثم جعله أحد فصول كتابه الكبير).

[3] نفسه (ص: 2).

[4] عَلمنا أنه توفي - رحمه الله تعالى - في سبتمبر سنة 1983 م.

[5] الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر (2: 327 - 328)، مكتبة الآداب بالجماميز 1388هـ - 1968 م.

[6] عبدالفتاح أبو غدة: "صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل" (ص: 61)، وينظر تعليقنا رقم 126 بهذا الكتاب.

[7] أوجيد يونغ: "الإسلام وآسيا أمام المطامع الأوربية"، (ص: 58)، مطبعة النهضة بمصر سنة 1928 م.

[8] سميح عاطف الدين: عوامل ضعف المسلمين، دار الكتاب اللبناني (ص: 22)، وما بعدها.

[9] د. محمد بديع الشريف: الصراع بين الموالي والعرب (ص: 179)، دار الكتاب العربي بمصر سنة 1954 م.

[10] زهدي الفاتح: لورنس العرب (ص: 42، 48، 49).

[11] بروتوكلات حكماء صهيون؛ ترجمة محمد خليفة التونسي (ص: 238، 239).

[12] عبدالله التل: خطر اليهودية العالمية على الإسلام والمسيحية (ص: 230، 231)، دار القلم، 1965 م.

[13] لأنه ناب - كما مرَّ بنا - عن الصدر الأعظم في رياسة الوزارة أثناء غيابه في أوربا للمفاوضات.

[14] يقرر د. عبدالعزيز الشناوي أن الدولة العثمانية كانت حريصة كل الحرص على الالتزام بتطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية، فأنشأت لذلك الغرض الهيئة الدينية الإسلامية الحاكمة، وجعلت لها اختصاصات واسعة، ورصدت لها مواردَ مالية ضخمة، وكان شيخ الإسلام هو الذي يرأس هذه الهيئة، وكانت تعاونه مجموعات مِن كبار علماء الدين.

[15] لمزيد مِن التفاصيل، ينظر المرجع السابق الفصل الرابع عشر من (ص: 396) إلى (ص: 420).

[16] وكانت اليونان قد احتلت أزمير بمعاونة الحلفاء، ولكن استطاع الأتراك بعد تخلي الإنجليز عن اليونانيِّين أن يستردُّوا مدينة أزمير.

[17] يقول الشيخ مصطفى صبري: "إن الراغبين في تجريد الحكومة مِن الدِّين يُسمونه فصل الدين عن السياسة تخفيفًا لخطره وسوء تأثيره في جمع الأمة المتديِّنة، فهم يتوسلون إلى القضاء على دين الحكومة بأن يُعبِّروا عن هذا القضاء بالفصل بين الدِّين والسياسة، ثم يتوسَّلون بالقضاء على دين الحكومة إلى القضاء على دين الأمة"؛ (ص: 291، 292).

[18] (24)، القول الفصل بين الذين يؤمنون بالغيب والذين لا يؤمنون.

[19] نفسه (ص: 19).

[20] نفسه (ص: 174).

[21] موقف العقل والعلم (1: 347).

وتنبَّه إلى أن معارضة الدين باسم العلم ليست عامة بأوربا، فإن في الغرب مسالك فلسفية ورجالاً آخرين كثيرين انتقدوا مذهب المادية الإلحادية والإثباتية الوضعية انتقادًا شديدًا، ولم يوافقوهم على القول بمنافاة العقل والعلم للدين (ص: 364 - 365).

[22] ويقول الأستاذ عبدالفتاح عبدالمقصود - بمناسبة مولد ميثاق (عصبة الأمم) عقب الحرب العالمية الأولى -: كليمنصو النمر الفرنسي يتنكر ويتنمر، لويد جورج الثعلب البريطاني يستأسد ويزأر، أما ويلسون، فقد بدأ طريقه وهو صاحب دعوة، ثم أفاق وهو صاحب ادِّعاء، ووضعت مصاير الشعوب على مائدة المؤتمر كصِحاف طعام بمأدبة ذئاب، لقد تغيَّر الشِّعار، لم يعد: "الحرية لكافة الشعوب"، بل أصبح الآن: "الويل للضعيف والويل للمغلوب"، من كتابه: صليبية إلى الأبد (ص: 22) - الهيئة المصرية للكتاب سنة (1975م).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشيخ مصطفى أحمد ناجي (ت 1423هـ)
  • الشيخ مصطفى الحمصي.. رجل السماحة والنور
  • حوار مع الشيخ مصطفى سيرتش
  • الشيخ مصطفى العنوسي .. مصري لم يشتهر
  • مذهب الشيخ مصطفى صبري في الخلافة (1)
  • حياة تقي الدين السروجي وثقافته (1)
  • مشيخة الإسلام في الدولة العثمانية

مختارات من الشبكة

  • مذهب الشيخ مصطفى صبري في الخلافة (2)(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • الشيخ مصطفى صبري وموقفه من الفكر الوافد(رسالة علمية - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن التويجري في محاضرة: وقفات مع قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • عرض كتاب: النكير على منكري النعمة لشيخ الإسلام مصطفى صبري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار مع الشيخ عكرمة صبري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رسالة الشيخ عبدالكريم الدبان إلى شيخه الشيخ أحمد الراوي (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أنواع الصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد في محاضرة: مسائل متعلقة بشهري شعبان ورمضان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • حياة المؤمن بين صبر وشكر(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
3- يفنى المرء ويبقى الأثر
عبدالحميد الجبرتي الزيلعي - الصومال 18-03-2025 04:20 PM

رضي الله عن شيخ مشايخ الإسلام مصطفى صبري أفندي، وجزاه الله - عما لقي في سبيل الدفاع عن الإسلام (دين الأنبياء والرسل) ضد الأحزاب أعداء الله ورسله من جهد وبلاء وفتن ومحن - خير الجزاء وأسكنه الفردوس الأعلى.
لقد كان الشيخ رحمة الله عليه عالما فذا وحبرا فردا، إماما في المنقول وفنون المعقول والحكمة والمنطق، وكتابه [موقف العلم والعقل ....] أبان فيه عن علم وعرفان بمذاهب الماديين أهل الإلحاد وشبهاتهم موردا عليهم صنوف المشكلات المتضمنة في آرائهم وأقوالهم ومذاهبهم والتي يعجزون عن الجواب عنها، وذكر أن أغلبهم جهلة غوغاء لا يفهمون ما يلزم من مقالاتهم وأفكارهم من التناقض.

2- مواقف لعلماء الدولة العثمانية
حيدر محمد سليمان - السودان 02-05-2017 05:55 PM

ما كنت أعرف بأن هنالك علماء عاشوا في ظل الدولة العثمانية تحلوا بمواقف باهرة مجيدة ضد الإرتداد عن الإرث والتراث الإسلامي ، الذي وقف ضده بعض العلماء باعتباره تخلفا ونكوصا بل النكوص والتخلف هو البعد عن منهج الدين والتدين الذي من خلاله اكتسب القادة والخلفاء العثمانيون روح الجهاد والغلبة على غيرهم .
وكم كنت أتمنى أن اقف على موقف الشيخ الكريم في رده على مسألة ترجمة القرآن الكريم فهل أسعفتمونا بها .
جزاكم الله خيرا بالتعريف بهذا العالم الجديد الذي ما كنا نعلم عنه شيئا ...

1- علمائنا فخرنا
حسين العدواني - الكويت 11-06-2016 03:05 PM

جزاكم الله خيرا، المقال رائع وبصراحة شدني وان شاءالله سأقرأ كتب الشيخ والفضل في هذا يرجع لكم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب