• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

خصائص كلام ابن تيمية

خصائص كلام ابن تيمية
د. بليل عبدالكريم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/12/2011 ميلادي - 26/1/1433 هجري

الزيارات: 51485

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يُعدُّ ابن تيمية ممَّن أكثروا التأليف، ونظَّروا لمسائل، وقعَّدوا لأصول، ومَن كثُر قُرَّاؤه؛ لا بدَّ أن يميِّز عن غيرِه بما يجذبهم له، ومِن ذلك ما مِن بُدٍّ للقارئ والباحِث الاطِّلاع على خصائصِ تآليف ابن تيمية أولاً، خاصَّة وأنَّ كثيرًا ممن يرمونه بالتناقُض، أو ينقُلون عنه، بعضهم لا يَعي أصولَه ولا منهجَه في الكتابة، كما أنَّ استيعابَ أسلوب الكتابة يختصِر الطريق لفَهم منهجِ ابن تيمية.

 

كثَرةُ كتابته في العقائد:

كتَب ابنُ تيمية في فنونٍ عِدَّة، وسطَّر كتبًا متعدِّدة، غير أنَّ مباحث العقيدة هي السِّمة الغالبة في مؤلَّفاته.

 

وميزتها بيانُ معتقَد السَّلف الصالح، وشرْح أصول العقيدة السلفيَّة، ونقْدُ وتقييمُ والردُّ على مخالفيها مِن متكلمين، وفلاسفة، وصوفية، ورافضة، وباطنيَّة، وغيرهم.

 

فكان ربَّما يفرد الردَّ على مقالة تكون لفِرقة بعينها، أو أخذتْ بها فِرَق عِدَّة، وانتشرتْ بين طوائفَ ومذاهب، أو يُفرِد نقدًا لفرقة وحْدها، فيَعرِض أصولَها، ويَحكي نشأتها ويعدِّد أئمتها، أو ربما خصَّص لمخالف مصنَّفًا للردِّ عليه، ونقْد أصولٍ شاعتْ عنه.

 

وبين ثنايا النقْد والمناقشة للفِرق أو أتباعها أو مقالاتها، كان يَنصُر معتقد السَّلف الصالح، ويَعرِضه بدلائله العقليَّة والنَّقليَّة.

 

وتميَّز بحثُه في العقائد بالدراية الواسعة بما يواجِه وينقُد، مِن فِرَق ومذاهب؛ قال الذهبيُّ: "عرَف أقوال المتكلِّمين، وردَّ عليهم، ونبَّه على خطئِهم، وحذَّر منهم، ونصَر السُّنة بأوضحِ حُجج، وأبهر براهين"[1].

 

فلم يكُن يَكتفي بالإنكار؛ بل يَزيد ذلك بالبيان والاستدلال، وإقامة الحُجج، قال البزَّار عن مؤلَّفاته: "وقدْ أبان - بحمدِ الله تعالى - فيما ألَّف فيها لكلِّ بصيرٍ الحقَّ مِن الباطل، وأعانه بتوفيقه، حتى ردَّ عليهم بِدعَهم وآراءَهم، وخُدَعَهم وأهواءَهم، مع الدلائل النقليَّة بالطريقة العقليَّة، حتى يُجيب عن كلِّ شبهةٍ مِن شبههم؛ بعدَّة أجوبة جليلة واضِحة، يَعقلها كلُّ ذي عقلٍ صحيح، ويشهَد لصحَّتها كلُّ عاقل رجيح"[2].

 

وابنُ تيميَّة خاضَ في الكلام عنِ المخالفين لمعتقدِ السَّلف، حتى ما دَري قوم بمقالة؛ إلاَّ وجَد له كلامًا عنهم، قال: "وذكَرْنا عامَّةَ طرائق أهلِ الأرض في إثباتِ الصانِع؛ مِن المتكلِّمين والفلاسفة، وطُرق الأنبياء - صلوات الله عليهم - وما سلَكه عامَّة نظار الإسلام؛ مِن معتزلي، وكَرَّامي، وكلاَّبي، وأشعري، وفيلسوف، وغيرهم"[3].

 

وكلامه عن الفِرق كان بتأصيلٍ وبسطٍ لقواعدهم، واستيعاب لأصولِهم، ومُعلِّمًا خصومَه في مناظرتهم له: "أنا أعلمُ كلَّ بدعةٍ حدَثتْ في الإسلام، وأوَّلَ مَن ابتدعها، وما كان سببَ ابتداعها"[4].

 

وكثرة رُدوده وترصُّده للمخالفات، التي يأبى على أصحابِها نِسبتَها للإسلام أو السُّنة، جلبتْ له النكيرَ والعداوة ممَّن خالفه، واستهجان بعضِ أتباعه أو مُوافقيه، وقد تمنَّى بعض مَن ترجَم لابن تيمية أنْ لو جعل جهدَه في تفسيرِ القرآن العظيم، وشرْح السُّنة المطهَّرة، بدلاً مِن الإكثار من الرد على أهلِ البِدعِ والأهواء؛ قال الصفديُّ: "وضيَّع الزمانَ في ردِّه على النصارى، والرافضة، ومَنْ عاندَ الدِّين أو ناقَضه، ولو تصدَّى لشرْح البخاري، أو لتفسير القرآن العظيم، لقلَّد أعناقَ أهل العلم بدرُ كلامِه النَّظيم"[5].

 

وإنْ كان لابن تيمية تفسيرٌ للقرآن؛ فهو لبعضِ آياته مما أشتد فيها الخلاف، أو كثُر في بيانها الكلام، كما أنَّ ما بسطَه في المجالس مِن تفسير - قيل: يُقارب الخمسين مجلدًا - ضاع جُلُّه.

 

وممَّا جُمِع من تفسيره غالبه مرتبطٌ بالردود وتقعيد الأصول! وقد سألَه غير واحدٍ عن مِثل ما قال به الصفديُّ، قال البزَّار: "ولقدْ أكثر - رضي الله عنه - التصنيفَ في الأصول، فضلاً عن غيرها مِن بقيَّة العلوم، فسألتُه عن سببِ ذلك، والتمستُ منه تأليفَ نصٍّ في الفقه، يجمع اختياراتِه وترجيحاتِه؛ ليكون عمدةً في الإفتاء، فقال لي ما معناه: الفروعُ أمرُها قريب، ومتى قلَّد المسلمُ فيها أحدَ العلماء المقلَّدين، جازَ له العملُ بقوله ما لَم يتيقَّن خطأَه، وأمَّا الأصول: فإنِّي رأيتُ أهلَ البِدع والضلالات والأهواء؛ كالمتفلسفة، والباطنية، والملاحِدة، والقائلين بوَحدةِ الوجود، والدهرية، والقدرية، والنُّصيريَّة، والجهميَّة، والحلولية، والمعطِّلة، والمجسِّمة، والمشبِّهة، والراوندية، والكلاَّبية، والسليميَّة[6]، وغيرهم مِن أهل البدع؛ قد تجاذبوا فيها بأَزِمَّة الضلال، وبان لي أنَّ كثيرًا منهم إنما قصَد إبطال الشريعة المقدَّسة المحمديَّة، الظاهرة العليَّة على كلِّ دِين، وأنَّ جمهورهم أوقع الناسَ في التشكيك في أصولِ دِينهم.

 

ولهذا قلَّ أنْ سمعت أو رأيت مُعرِضًا عن الكتاب والسُّنة، مُقبِلاً على مقالاتهم إلا وتَزندَق، أو صار على غير يَقينٍ في دِينه واعتقاده.

 

فلما رأيتُ الأمرَ على ذلك، بان لي أنَّه يجب على كلِّ مَن يقدِر على دفْع شُبهتهم وأباطيلهم، وقطْع حُجَّتهم وأضاليلهم، أنْ يبذل جهدَه؛ ليكشف رذائِلَهم، ويزيِّف دَلائلهم؛ ذبًّا عن الملة الحنيفيَّة، والسُّنة الصحيحة الجليَّة... فهذا ونحوه؛ هو الذي أوجب أنِّي صرفتُ جلَّ همِّي إلى الأصول، وألْزمني أن أوردتُ مقالاتهم، وأجبتُ عنها بما أنعمَ الله تعالى به مِن الأجوبة النقليَّة والعقليَّة"[7].

 

وهو يُرشد مَن أُهِّلَ لدفع شرِّ البدع والضلال، وكشْف خطرِها، ومحْو شبهات أهلها وباطلهم، أنَّ ذا الصنيع واجبُ عينٍ عليه؛ للذبِّ عن المحجَّة البيضاء، ولنُصرة سنة سيِّد المرسَلين.

 

وقد تحقَّقتْ فيه دعوةُ النووي؛ قائلاً: "اللهمَّ أقِمْ لدِينك رجلاً يكسِر العمودَ المخلَّق[8]، ويُخرِّب القبر الذي في جيروت"[9]، فكان لها ابنُ تيمية، كاسرًا للعمود، مكاسرًا لتخاريفِ أهله.

 

الموسوعية:

كُتُب ابن تيمية عامرةٌ بالمسائل والقضايا العقديَّة والفقهيَّة والحديثيَّة، وله مباحثُ في اللُّغة والمنطِق والأصول، ومباحِث نادرةٌ في التفسير، وهو عُمدة أهلِه في الفتوى؛ لذا تجِده خاضَ في جميع نوازل عصره، مِن الوضوء إلى السياسة العامَّة، ومِن التيمم بالتراب إلى مطالعِ النجوم، وغالِبُ مؤلَّفاته "لا تقتصر على موضوعٍ واحد، بل تضمُّ مباحثَ متنوِّعة، فهو لا يَتقيَّد دائمًا بالمحور الأساسي الذي حدَّده مِن خلال العنوان"[10].

 

فإذا عرض مسألة، لم يترك دونها شاردةً ولا واردةً إلاَّ أثبتَها، فيورد أقوالَ مَن يوافقه ومَن يخالفه، ولا يغفُل عن استدلالاتِهم ومصطلحاتِهم، فهو وعَى مصطلحاتِ أهل الفنون، ودرى أصولَ غالب المذاهب، وناظَر في علوم شتَّى.

 

وطرَق جميعَ أبواب الفِقه الحنبلي ومذاهب الأئمَّة، وأصول الفِقه، والحديث وتقويم الرِّجال وعلوم المصطلَح، والتفسير وعلوم القرآن، وعلوم اللُّغة مِن نحوٍ وصرْف وبلاغة، وخَطابة وغيرها، والتاريخ والسِّيرة والتراجم، والعقيدة، وعِلم الكلام، والفِرق والنِّحل والمِلل، والفلسفة والمنطق، وتَكلَّم في الفلك والنجوم والتقويم؛ قال عنه البزَّار: "وقلَّ كتابٌ مِن فنون العلم إلاَّ وقَف عليه"[11].

 

وقال ابنُ وردي: "له خِبرةٌ تامَّة بالرِّجال وجَرْحهم وتعديلهم، وبالعالي والنازل، والصحيح والسَّقيم، مع حِفظه لمتونه التي انفرَد به، وهو عجبٌ في استحضارِه واستخراج الحُجج منه!"[12].

 

وما مِن قارئٍ لمصنفاته؛ إلا ويلحَظ في كتاباته كأنَّما هو يتدفَّق، حتى إنَّه يأتي بشُعب في البحث لم يسبق لأهلها إيرادها فيها، فلا يذر لذي عينٍ مطلبًا، يكرُّ ويفرُّ بين الخصوم في أعوصِ المسائل، ويدقِّق ويُحقِّق في أندرِ المباحث، فيَعرِض المسائل ويُطوِّف بينها يفككها مسألة مسألة، فيُورد ما لم يَذكُرْه غيره مِن متعلقاتها ومضامينها، ويَعرِض لوازمها، ويستطرد كثيرًا في فروعها، حتى يكاد القارئ يُنَسى أصولَها، ويَعرِض غالب الأقوال فيها، وإنِ استقلَّت، ويُكثِر من النقول والاستدلال والاستئناس بأقوالِ العلماء ممَّن سبقه ومَن عايشه، حتى يُحيطَ بما يُريد، ويَدري المخاطَب أنَّ الخطيب أحاطَ بما عرض عليه علمًا.

 

مثال لذاك: في عرضه لمسألة الحقيقة والمجاز استطالَ حتى استغرقتْ 179 صفحة من كتاب الفتاوى، ولما تَكلَّم عن إبطال قول المناطقة: "إنَّ التصور الذي ليس ببديهي؛ لا يُقال إلا بالحد"، أوردَه في تِسعة عشرَ وجهًا مِن 16 صفحة مِن كتاب "نقض المنطق".

 

فكتُبه "جمعَتْ فأوعت: جمعتْ جميعَ الفنون النافِعة، والعلوم الصحيحة، جمعتْ علومَ الأصول والفروع، وعلوم النَّقل والعقل، وعلوم الأخلاق، والآداب الظاهِرة والباطِنة، وجمعتْ بيْن المقاصِد والوسائل، وبيْن المسائل والدلائل، وبيْن الأحكام وبيان حِكَمها وأسرارها، وبيْن تقرير مذاهب الحق، والردِّ على جميع المبطلين.

 

وامتازتْ على كثيرٍ مِن الكتب المصنَّفة بغزارة عِلمها، وكثرتِه وقوَّته، وجودته وتحقيقه، بحيث يجزم مِن له اطلاع عليها وعلى غيرها؛ أنَّه لا يوجد لها نظيرٌ يساويها أو يقاربها"[13]؛ فهي غزيرةُ المادة، جزيلةُ المباحث، سديدةُ المناهج، سهلةُ الأسلوب، عذبةُ الموارد، ناصعةُ البيان، واضحةُ التعبير، مشرقةُ الدلالة، تُدرَك فوائدها مِنغيرِ مؤونة، ولا كَدِّ ذِهن، ولا جهد فِكر، مَن تصفَّحها وجدَها مشبعة الفصول، مستوعبة لأطرافِ الفنون، جامعة لشتيت الفوائد، ومنثور المسائِل، قدِ استوعبت أصولَ العلوم، وأحاطت بفروعها، واستقصتْ غرائبَ مسائلها، وشواذَّها ونوادرَها.

 

وموسوعيَّته كامِنة في مباحِثِ المسائل العويصة، والانفراد عنْ أهلِ الفنِّ بفنهم، مثال ذاك نقضُه للمنطق، فقد حرَّر فيه ما غاب عن أساطينِه مِن المسلمين، كما فعَل في الردِّ على المنطقيِّين، قال الندويُّ عن كتاب "الرد على المنطقيين: "وإذا أمعنتَ النظرَ في هذا الكتاب تجِد مسائلَ منطقيَّة وفلسفية؛ ابن تيمية أبو عُذْرتها، وهي تُطابق كلَّ المطابقة ما قال فلاسفة الإفرنج في هذا العصْر، فمما يجِب عليَّ في هذه الوجيز الإلماع به؛ هو ما قال المصنِّف في حقيقةِ الحدِّ والجنس والفصل واللزوم، وحقيقة العلَّة والقياس والاستقراء، والاستدلال بالمشهورات، والاكتفاء بمقدِّمة واحدة في القياس، وغيره مِن المباحث العويصة التي حلَّ المصنِّفُ مشكلَها، ببيانٍ واضحٍ ودليل راهن، ومسألة اللزوم والعلية مِن المسائل العويصة التي ضلَّت في واديها الأفهام، ونبعَتْ من عيونها ضلالات الطبائعيِّين مِن أهل الإلحاد، وكم لهذا النابغةِ في الكتاب مِن نوادرَ لم يسبقْه إليها أحد"[14].

 

قوَّة العبارة وجودة الأسلوب:

مِن سِيمات المصنَّفات الأكثر انتشارًا، قوةُ مفرداتها وجودة عرْض أفكارها، فقوة العبارة، وجمال الأسلوب مِن دواعي إقبال القرَّاء، وأسلوب ابنِ تيمية في الكتابة ميزتُه العبارة الجزْلة المتناسِبة مع مقامِ الطرح، فزاد على ما وعتْ مِن علوم "فوق ذلك؛ بإشراقِ الديباجة، وطلاوةِ العبارة، وسلامةِ المنهاج العربي، ووضْع الألفاظ في مواضعها من حيثُ السبكُ العربي الجيِّد، من غير أن يكونَ ذلك على حسابِ المعنى، أو يخرج بالقارئِ مِن نِطاق الكتابة العلميَّة، إلى حيثُ الكتابةُ الأدبية التي تشبع الخيال، وتوجِّهه مِن غير أن تُثير العقلَ العِلمي وتنبِّهه، فهو الكاتبُ العلميُّ المجوِّد لألفاظه وأسلوبه"[15].

 

فالقضايا المثارَة في البحثِ تمتازُ بالمصطلحات العلميَّة الصَّعبة، التي قد لا يَعيها غيرُ أهل ذاك الفنِّ، ممَّا يُحوج إلى أسلوبٍ يكسِر حِدَّة المصطلح ضِمن النِّظام اللُّغوي، ويُسهِّل التدرُّجَ في الفَهم، ومتابعة القِراءة لبلوغ المقصود، مع الحفاظ على الهيكلِ العِلمي مِن مصداقيةِ المعلومة وثرائها؛ بُغيةَ دفعِ الكَلل أو الملل، الناتج عن طولِ بسْط البحث وفرْك الفكرة.

 

والأسلوب الجيِّد مع العبارات المنتقاة بدقَّة، يُقدِّم الأفكار السهلةَ التناول، السريعة التداول؛ لداعي الوضوح، ممَّا يُكسبها قابليةً أكثر للنظَّار والناظرين، وعبارات ابن تيمية "واضحةٌ مشرِقة نيِّرة، لا تَعقيدَ فيها ولا إبهام، ولعلَّ السر في هذا الوضوح أنَّها كانت في كثيرٍ من الأحوال ردودًا في مجالات، أو نقدًا لبعض المناحي والآراء، أو توضيحًا لفِكرة شرعيَّة استبهمتْ على العقول، أو ردًّا لفكرة إلى المحرَّر مِن الأصول، وكل ذلك مِن شأنه أن يجعلَ الفِكرة جليةً، والعبارات بَيِّنةً في الدَّلالة عليها"[16].

 

فطريقةُ ابن تيمية في الكتابةِ شُهِد لها بالحظوةِ فيها، والاستخدامات اللُّغويَّة ذات الفصاحة والسلاسة، وحُسن البيان، جليٌّ في أسلوب عرْض الأفكار، والانسجام بادٍ بين تراكيب الجُمَل، وركاكة العبارة وتعقيد المعنى مُنتفٍ.

 

اللغة العِلمية:

يُكثِر ابنُ تيمية مِن استعمال مصطلحاتِ أهل الفنون، فلكلِّ فنٍّ لُغته، وهي ما تُعرَف باللغة العُرفيَّة؛ فإنْ بحَث مسألة فقهية خاطَب بكلام الفقهاء، وناقَش وحرَّر بمصطلحاتهم، وضرَب الأمثلة وصوَّر المسائل، واستدلَّ بمسالكهم، وإذا تَكلَّم في العقائد، عرَض مقالاتِ الإسلاميين بما يُوردونه بلفظِها ونظْمها، ونقَدَ بلغتهم، وبيَّن أصلَ كلِّ مصطلح لهم، فلا يُوهِم في فَهْم مرادهم، ولا يلتبس عليه المعنى الاصطلاحي للفِرقة، بمعنًى لُغوي أو خاصَّة بفِرقٍ أخرى، فيَعي أبوابَ كلِّ علم بتبويب أهلِه، ويرتِّب الردود وَفقَ عرْض مذهبِ مَن نقدَهم، أو بسَط لمقالاتهم.

 

وامتاز بكثرة بحثِ المصطلحات، واستفسار أهلِها بالمراد منها، مِن مصنفات أئمتهم، أو مَن لاقى منهم، والتدقيق في المراد والدَّلالة الاستعمالية، "ثم التعبير عن تلك المعاني إنْ كان في ألفاظها اشتباهٌ أو إجمال بغيرِها، أو بين مرادِه بها، بحيث يحصُل تعريفُ الحق بالوجهِ الشرعي، فإنَّ كثيرًا مِن نزاع الناس سببُه ألفاظٌ مجمَلة مبتدَعة، ومعانٍ مشتبهة، حتى تجِد الرَّجلين يتخاصمانِ ويتعاديان على إطلاقِ ألفاظ ونفيها، ولو سُئِل كلٌّ منهما عن معنى ما قاله، لم يتصوَّره، فضلاً عن أن يَعرِف دليلَه"[17].

 

والإجمالُ في التعبير مما يوقِع اللبسَ في الفَهم، ويباعِد كلَّ متقارب، "فأصل ضلالِ بني آدَم من الألفاظِ المجمَلة والمعاني المشتبِهة، ولا سيَّما إذا صادفتْ أذهانًا محبطة، فكيف إذا انضاف إلى ذلك هوًى وتعصُّبٌ؟!"[18].

 

فالناظر في كلامِ ابن تيمية، إنْ لم يكن له شيءٌ مِن علوم الآلة ومصطلحات أهلِ الفنون، ربَّما خلَط بين مصطلح وآخَر، وربَّما حمَل لفظ ابنِ تيمية على ما لا يُريد هو، فيجري المعنى اللُّغويّ على الاصطلاحيّ، وذا خطؤه بيِّن، فهنالك فارقٌ في الأوضاع العُرفيَّة اللُّغوية للكلمات حسبَ استعمال أصحابِ كلِّ فن؛ وبيْن الاستخدامِ اللُّغوي؛ لأنَّ العُرف تخصيص، ولُغة العِلم مُحكَمة؛ لأنَّها تَنفي التداخل، ويتمايز أهلُ العلم فيما بينهم، ويتفاضلون بمقدارِ استعمالهم للغة العِلم، فكلَّما زاد، علا قدْرُ كلامهم، وقَوِي تأصيلهم.

 

وابنُ تيمية كان يَعرِض المصطلحاتِ بمفهوم أهلِها ويبينه، وكل ما أجمَل، عدَّد وجوهَه، وحدَّد المراد منه في السِّياق المعروض.

 

التبويب والتقسيم:

امتازتْ كتاباتُ ابن تيمية بجودةِ التقسيم، وحبكةِ الفِهرست، الأهمّ فالمهم، والمقدِّمات تَليها النتائج، والمُجمَل يتلوه المفصَّل، والباب يتبعه المتَّصلُ به، وذا ما عرَفه كلُّ مَن طالَع مصنَّفاتِه، فأقرَّ أنَّ "له مُقدِرة على حُسن التصنيف والتقسيم والترتيب بيْن المقدمات والنتائج"[19]، فمَع رتابة البحث، يَعرِض ابنُ تيمية الردودَ؛ إما في وجوهٍ أو أنواع، بمنهجِ السَّبْر والتقسيم، أو يُرتِّب الردودَ على نسَقِ المردود عليه، فيُعالج القضايا على تبويبها في عِلمها، كردِّه على الفلاسفةِ أو المنطقيِّين.

 

قال ابنُ الزملكانيّ: "وكانتْ له اليدُ الطُّولَى في حُسنِ التصنيف، وجودةِ العبارة والترتيب، والتقسيم والتبيين"[20].

 

أمثلة لذلك:

الرِّسالة الواسطية عرَض أبوابها كالآتي:

• مُجمل اعتقاد أهلِ السُّنة والجماعة.

• الكلام عن صِفات الله وأفعاله إجمالاً ثم تفصيلاً، بعَرْض كلِّ صفة ودَلائل ثبوتها ومعانيها.

• ثم أحوال الناس بعدَ الموت، ثم البَعث، والحِساب، والحوض والصِّراط، والشفاعة، واليوم الآخِر.

• ثم تَعرَّض لأفعال العباد.

• ثم أصحاب رسولِ الله، وقَرابته، وأزواجه، والموقِف ممَّا شجَر بين الصحابة.

• ثم الكلام عن وجوبِ اتِّباع آثارِ الرسول والصحابة وإجماع الأمَّة.

• بعدَها منهج أهلِ السُّنة والجماعة في تعاملِهم مع الناس.

 

فالبحثُ كلُّه مرتَّب كالآتي: باب التوحيد، باب المنهج، باب السُّلوك.

 

فباب التوحيد: هو بيانُ أفعال الله نحوَ الخلْق (الربوبية)، ثم بيان أفعال العِباد نحو الخالق(الألوهية)، ثم بيان أسماءِ وصِفات الله.

 

أما باب المنهج: فيَعرِض فيه هُويةَ المسلم السُّني المنتمي لأهل السُّنة والجماعة، وما يُميِّزه عن غيرِه من النِّحَل والمِلل.

 

وفي باب السلوك: عرَض علاقةَ المسلم السُّني بغيرِه، سواء ممَّن يوافقه أو يخالفه، مِن دِينه أو دِين غيره.

 

وله تنسيقٌ في الردودِ على الفِرق والطوائف والأديان، والفلاسفة والمناطِقة، فهو يعتمد ترتيبَهم لأبوابِ علومهم في نقْد المسائِل التي يرَى أنَّهم مخالفون فيها.

 

ففي فتواه الموسومة بـ (الفتوى الحمويَّة الكُبرى) حوتْ جملةً مِن المقاصد بلغَتْ عِشرين مقصدًا، يُقرِّرها في ثلاث مقامات:

الأول: البيان؛ لمن كان متمسِّكًا بهَدي السَّلَف.

الثاني: الدعوة؛ للمخالِف.

الثالث: الرد؛ على المخالِف غير المستجيب.

 

فيعتمد في الحمويةِ على البيان، الدعوة، الردّ، وهي على نسَق الآية: الحِكمة فالموعِظة، ثم الجدل، فالحِكمة بيانٌ للمُوافِق الجاهِل بأمْره، والموعظة تذكيرٌ للعاصي، والجدل نقدٌ للمعرِض المعاند.

 

وله ردودٌ على الفلاسفة والمناطِقة، أجَلُّها نادرةُ مصنَّفاتِه"الرد على المنطقيِّين":

• بدأه بملخَّص لأصولِ المنطق واصطلاحاته، الحدّ والقياس، أقسام الحدّ، أقسام القياس باعتبار الموادّ، الكُليَّات الخمس التي تتألَّف منها الحدود، القضايا التي تتألَّف منها الأقيسة، طُرق الاستدلال.

 

ثم أخَذ يفصِّل الكلام على المنطقيِّين، وقسَّمه على أربع مقامات:

• الأوَّل:المقام السَّلبي؛ الحدود والتصوُّرات.

• ثم عرَض وجوهَ الأدلَّة على بطلان المقام.

 

• الثاني: المقام الإيجابي؛ الحدود والتصوُّرات.

• ثم عرَض وجوهَ الأدلَّة على بُطلانِ المقام.

 

• الثالث: المقام السَّلبي؛ الأقيسة والتَّصديقات.

• ثم عرَض وجوهَ الأدلَّة على بُطلان المقام.

 

• الرابع: المقام الإيجابي؛ الأقيسة والتصديقات.

• ثم عرَض وجوهَ الأدلَّة على بُطلانِ المقام.

 

وراح في الكلام يَبسُط مقولاتِ اليونان، ومَن تبعهم كابن سينا والرازي، وأبي حامد الغزالي، ويتطرَّق لها واحدةً بواحدة.

 

الاختصار والبسْط:

قال الخليلُ: "يختصر الكلامُ ليُحفظ؛ ويبسط ليُفهم"[21]، وسيمةُ كلامِ ابن تيمية بأنَّ منه تواليفَ مختصرةً، وأُخرَ طِوالاً، والمختصر ذريعةٌ للمطوَّل ووسيلة إليه، فمَن لم يفهم المختصرات لن يعيَ المطوَّلات، وله في المختصرات: "الواسطية" و"الحموية" و"التدمرية"، وله في السلوك "التحفة العراقية"، وله في الكرامات "قاعدة في المعجزات والكرامات".

 

المختصَرات يؤصِّل فيها الكلام، ويكون خلاصةُ ما عندَه مِن العِلم في ذلك، أمَّا المطوَّلات فيبسُط فيها القول، ويُوسِّع شرْح مفرداته، وبيان دَلالة المصطلحات، ويُكثِر النُّقول، ويتوسَّع في عرْض الأقوال والآراء، ويذكُر أقوال المخالفين، ويُفصِّل أدلتهم ومصطلحاتهم، ثم يُطنِب في الردِّ عليهم، ويحشد لذلك مناهجَ وعلومًا، وآياتٍ وأحاديثَ، وآثارًا وأقوالاً لأئمة وعلماء، واستنباطاتٍ نقليَّةً، وبراهينَ عقليَّةً.

 

وربَّما اختصَر وبسَط في مسألةٍ وحدها، في مصنَّف واحد، أو تواليف عِدة، كأنْ يعرِض لقضيةٍ باختصار في موضعٍ مِن كتابٍ ما، ثم تجِده بسَط القول فيها في كتاب آخَر، وما اختصر فيه هو زُبدة كلامه، وما طوَّل هو تفصيلُه والاستدلالُ له، والتنظير له.

 

مثال ذلك كلامه عن الشِّيعة مبثوثٌ في كُتبه، في مسائلَ عقدية عِدَّة، يُوردهم ذكرًا أو تذكيرًا بهم، ثم أفرد الردَّ عليهم في مجلَّدات كتاب "منهاج السُّنة النبويَّة"، ومسألة علاقة النَّقل بالعقل، ما استدعاها مقالٌ أو مقام، إلا تَكلَّم عنها، وقعَّد لها في المختصَرات، ببيان وجوبِ اتِّباع الكتاب والسُّنة، والاحتكام لهما كميزانٍ للحقِّ والباطل، ثم بسَط في "درْء التعارض"، وتعرَّض لكلامِ المتصوِّفة ولآراءِ بعضهم، ثم بسَط الكلام عنهم في "الفُرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان".

 

وتتبَّع كلامَ المتكلِّمين المعتزلة والأشاعِرة، والفلاسفة والصوفيَّة، في دلائلِ النبوَّة، وفي حدِّ المعجزة وغيرها، وقرَّر الأصولَ في المختصرات، ونوَّه بردودٍ في بعضِ المؤلَّفات، ثم أفْرَد ذلك في كتاب"النبوات"، وردَّ على الجهميَّة في مسائلِ الصفات، ثم أفرَد ذاك بكتاب "بيان تلبيس الجهميَّة في تأسيس بِدَعهم الكلاميَّة"[22]، وردَّ على المعتزلة في ثنايا التآلِيف، وأفرَد لهم "التدمرية"، أمَّا الأشاعرة فقدْ أكثَر وأطال في الردِّ عليهم، في أجوبة ورسائل، وأفرد لهم ولبعضِ أئمَّتهم ردودًا، فأفرد كتابَ "التسعينيَّة" جوابًا عن محاكمةِ الأشاعرة له، "شرح العقيدة الأصفهانيَّة"؛ نقدًا لأصولِ الأشاعرةِ التي كتبَها شمسُ الدين الأصفهانيُّ (ت: 688)[23]، وأفرَد ردًّا في مسائلَ معيَّنة مِثل مسألة الإيمان في كتاب "الإيمان"؛ ردًّا على الأشاعرة، وردَّ على الأشاعرية المالكيَّة في كتاب "القاعدة المراكشيَّة"، وردَّ على الفلاسفة في كتاب"الصفدية".

 

فجميعُ هذه الفِرق والطوائف ربَّما تَجِده بيْن الفَينةِ والأخرى، وثنايا كتابٍ ما يَذكُرهم، وفي الآخَر يردُّ على جزئيةٍ معيَّنة لفِرقة أو مذهب، ثم يتفرَّغ بإفرادِ كلِّ فرقة، وكل رأس في الكلام أو التصوُّف أو الفلسفة بالردِّ.

 

الاجتهاد وتحقيق المسائل:

مِن الأمور البارزة في ثنايا تَصانيفِ ابنِ تيمية، سعيُه نحوَ الراجِح الذي استقرَّ عندَه بغيرِ تقليدٍ لإمامٍ ما، بل ما أدَّاه إليه اجتهادُه في البحث، وتجلَّت له صحَّتُه من الأدلَّة، فامتاز باختياراتِه العِلميَّة الفقهيَّة، والعقديَّة، والأصوليَّة، والتفسيريَّة، والنحويَّة، وله نوادرُ ومسائلُ انفرَد في تحقيقها، وكان أبا عُذرتها، وهذا المنهج الاجتهادي قام في عصرٍ بسَط التقليدُ نفوذَه حتى بيْن العلماء، وصارتْ مفردة "الاجتهاد والمجتهد" تسبقُها جملةُ "في قديم الزَّمان"، وعلم اليقين بيْن معاصريه أنَّ أولئك القوم "المجتهدين" انقرَضوا، ولا عقبَ لهم، فهي نادرةٌ في مسار تاريخ المسلمين، مرحلة زمنيَّة مبارَكة تُحكَى للتبرُّك، وصار الاجتهاد نشوزًا، بل حُرِمه البعض، وقال أوسطهم: إنَّه مستعصٍ، وجعَلوا له شروطًا لو أُنزلت على أبي بكرٍ وعمر ما قُبِل منهما قولٌ.

 

فكان ابنُ تيمية في كتاباتِه معاكسًا للتيَّار، مخالفًا للعادة والمألوف، فَجَر عليه ذاك البلاءَ مِن أئمَّة التقليد، فلم يُثنِه الحبْسُ، ولا كسر قناته العزْلُ، بل صار منهجه ثورةً على التقليد والجمود، فهو "يتتبَّع أقوالَ السلف والأئمة، ويستقرئ نصوصَ الكتاب والسُّنة، ويَستعين بعلومِ الآلة، فما ترجَّح أذاعه، ولو عارض الشائعَ المشهور، بل بيَّن أنَّ كثيرًا مما قيل إنَّ عليه إجماعًا غيرُ ثابت، فدَعا إلى حريَّة الاجتهاد لأهلِ العِلم، ممَّن توافرتْ فيهم شروطُ الاجتهاد"[24].

 

وفي نقدِه للمخالِف ما كان يتألَّى عليه، بل أخَذ بالمنهج التحليلي في مناقشةِ خصومه، وما عُرِف أنَّه ممن يقبل رأيًا أو يرفضه بلا تمحيص، لمجرَّد انتماءِ قائله لفِرق يدافع عنها أو يُناهِضها، بل كان يستوضِح صاحبه، "فهو يرَى أنَّ مِن أسبابِ الخلاف بين العلماء استعمالَ الألفاظ المجمَلة، والمعاني المبهَمة، والاستدلال بما لا يدلُّ على المدلول، ولقدْ تأمَّل ابنُ تيمية مقالاتِ المتكلِّمين والفلاسفة والصوفيَّة والباطنيَّة والشيعة، فوجَد عندَ جميعهم مقالاتٍ لا أصلَ لها في كتاب ولا سُنة"[25].

 

فكانتْ ردودُه عن تبصُّر وإلمام، وإحجامه عن مسائلَ عن تُؤدَة واستفهام، مِن ذلك نقضه للمنطِق، يَحكي هو: "فإنَّني كنتُ دائمًا أعلم أنَّ المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكيُّ، ولا ينتفع به البليدُ، ولكن كنتُ أحسبُ أنَّ قضاياه صادقة، لِمَا رأيتُ من صِدق كثير منها، ثم تبيَّن لي فيما بعدُ خطأُ طائفةٍ مِن قضاياه، وكتبتُ في ذلك شيئًا"[26].

 

وتبحره في العلوم قادَه لمراجعةِ كثيرٍ مِن المسائل والمقالات، حتى على كبار أهلِ العلم، ولم يتهيَّب من مقامهم، فاحترامُهم لا يَعني عِصمتَهم، وتقدريهم إنَّما يكون بالسيرِ على مناهجهم، في بحثِ الحق وطلب الحقيقة، لا بتقديسِ أقوالهم ورفْعها لمقام لا مساس.

 

فكانتْ له تعقيباتٌ نحويَّة على إمام النحو سيبويه؛ أبهَر بها أئمَّةَ النحو في عصرِه، وفتاوى فقهيَّة جمعتِ الرُّكَب حول مجالسه، "وكان إذا أفتَى لا يلتزم بمذهبٍ معيَّن، بل يُفتي بما يقوم عندَه دليلُه، فنصَر طريقةَ السلف، وانتصَر لها من المتكلِّمين والفلاسفة والمتصوِّفة، وردَّ على هؤلاء جميعًا، وبيَّن خطَأهم في كثيرٍ مِن المسائل، ونصَر السنَّة بأوضحِ بُرهان وأقوم دليل"[27]، ولا يمرُّ على المسائلِ مرَّ الكرام، بل يُبحِر ويَلِج أعماقها.

 

كثرة النقول:

مِن مميِّزات كلامِه حشدُه لأقوالِ العلماء السابقين ومَن عاصر، ممَّن هم على مذهبه، ومَن خالفوه، بل يُورِد على مَن يردُّ ما يخالِف معتقدَه من كلامِ أئمَّته! ويطنب في النقل عن أهلِ العلم، وذا الإطناب بغيتُه التدليلُ على أنَّ ما ذهَب إليه ليس متفردًا به، وإلزام الخصْم بكلامِ العلماء، وبيان أنَّ الأصلَ لا يلزم شهرةً، وذا جليٌّ في "الحموية" و"دَرْء التعارض"، و"الرد على المنطقيِّين"، وكتُب ورسائل عدَّة.

 

وتلازمًا مع كثرة نقْل أقوال العلماء، كثرة الأدلَّة وتنوعها، مِن آيات وأحاديث وآثار، وقواعد فقهيَّة وأصوليَّة، ومبادئ عقليَّة، وعلوم لُغة، ومصطلح؛ وذا كلّه لئلاَّ يستهين المخالفُ بالقول المعارِض، ويطمئن الموافِقُ، ويقتنعَ المعاند، فتنويعُ الدليلِ تقويةٌ لأوجه الاستدلال، ودَعمٌ للمدلول، وذا يدفَع شبهًا كثيرة، ويُشعِر المخاطب بالاطمئنان، ويمكن لِمَن هو للحقِّ طالب تقريب المفهوم المراد، فإنْ وَهِم في دليل، وعَى ما يليه.

 

فتَجِد أنَّه يستدلُّ بآياتِ القرآن استدلالاً مستفيضًا، وينوِّع فيه وفي أقوال المفسِّرين، والأوجه والنظائِر، ويستدلُّ بالسنن، ويميِّز بيْن المقبول منها والمردود، وما أدرجه أئمةُ السنَّة قبلَه في تواليفهم، وما لم يُوردوه، كذلك يستدلُّ بالإجماع والقياس، ويستدلُّ بالتقعيد الفقهي، وأقوال الصحابة.

 

وذي المزيةُ مدحَه عليها الكثير، وذكَروا ما امتازتْ مصنَّفاته عن غيرها من "الإكثار مِن الاستشهادِ بالأحاديث النبويَّة، والآثار السلفيَّة مِن أقوال الصحابة والتابعين وتابعيهم، والأئمَّة المجتهدين على اختلافِ مناهجهم، حتى كأنَّك إذْ تقرأ له، تقرأُ علمَ السلف قد نقلَه إليك، وإذا استغرقتْك قراءتُه، نقل فِكرَك وعقلك إلى حيثُ كان السلفُ الصالح يعيشون ويفكِّرون، فهو ينقُل إليك آثارَهم لينقلَ عقلَك إليهم، ويَسْمو بفِكرك إلى مناهجهم"[28].

 

استعمال علوم الآلة:

يُكثِر ابنُ تيمية مِن استعماله لعلومِ الآلة، مِن القواعد الأصوليَّة والفقهيَّة، والنحو في المواردِ التي يحتاجها، وينقُل كلامَ المناطِقة والمتكلِّمين فيما يُريد تقريرَه، أو ما يُريد الردَّ فيه على المخالفين.

 

فمعالجتُه للمواضيع المختلِفة تجعلُه يغيِّر مسالك بحثِها، فيصطنع تارةً طريقةَ المحدِّثين والمفسِّرين؛ فيكثر مِن النقل، ويحشد الآياتِ والأحاديث، ويشرح ويفسِّر، وقد يُطنب في آية، ويَعرِض أقوالَ المفسِّرين فيه، أو يَتكلَّم عن حديث، ويَعرِض دراستَه مِن الحُكم على درجتِه إلى أسانيده ورِواياته المختلفة، وتقويم رُواته، وربما أخَذ مِن الحديث أو الآية مسألةً لُغوية أو نحوية، فأطنب في تحقيقِها، حتى يُقال: لا يَدري غيرَها، وأشهد عليه قارِئها أنَّه مِن أهلهِا.

 

وقدْ يصطنع تارةً طريقةَ المتكلمين والمناطِقة، فيُكثِر الاستدلالَ العقلي، ويَعرِض لأقوالِ المخالفين، فيُناقش جميعَ فروضِهم الممكنة، وَيذكُر الإلزامات، ويفصِّل الوجوه، ويردُّ ويُبطل بالبراهين؛ واحدةً واحدة[29].

 

التكرار:

وهو الإتيانُ بعناصر متماثِلة في مواضعَ مختلفة مِن العمل الفني[30]، وهو نوعٌ من الإطناب، وخاصية قرآنية.

 

قال أبو زهرة: "وكُتُب ابن تيمية فيها تَكرارٌ للموضوعات والمعلومات، فتراه يكتُب الموضوعَ الواحِد في عِدَّة مِن كتبه، فترَى في كتاب مِنهاج السُّنة كثيرًا مِن آرائه في الوحدانية والصِّفات، كما ترَى في كتابِه "نقض المنطق" بعض كلامٍ في ذلك، وفي المتشابه والتأويل، وترَى في "التدمرية" ذلك كثيرًا، كما تراه في "الحموية"، وهو لبُّها، وكما تراه في رسالة "الفرقان"، وهكذا تجِد الموضوعَ الواحد قد ذُكِر في عِدَّة مِن كُتبه ورَسائله، فليس كلُّ كتابٍ مِن كُتبه، أو كلُّ رسالةٍ مِن رسائله قدِ اختصَّ بطائفةٍ مِن المعلومات؛ لا توجَد في غيرِه، إلاَّ إذا اقتضتْ ذلك ضرورةُ التنسيق والترتيب والتبويب، وتكميل الموضوعاتِ وإيفاؤها.

 

والسبب في هذا التَّكرار أمران:

أولهما: استطرادُه الكثير، فإنَّ استطرادَه في بعضِ المسائل، قدْ يدفعه إلى شرحِها في عِدَّة كتُب؛ لأنَّه كلَّما جاءتْ مناسَبةٌ لبيانها بيَّنها، مِن غير أن يُحيل على ما كتَب مِن قبل.

 

أما الأمر الثاني: وهو أظهرُ مِن الأول وأوضح، فهو أنَّ كثيرًا مِن كتبه كان جدلاً بيْنه وبيْن غيره، وبعض رسائل يُرسلها إجابةً عن مسائل يُسأل عنها، يكتُب الموضوع مستوفًى، إما إجابة للسائل المستفِهم، أو المجادل المنازل، فما كان ثَمَّة فرصةٌ للإحالة على ما كتَب مِن قبل، وما كان مِن المناسب أن يسكُتَ عنِ الإجابةِ وهي مطلوبة، أو يسكُت عن المناظر، وهو قادرٌ على إفحامِه في الحال"[31].

 

فغالِبُ كتُب ابنِ تيمية ردودٌ ومناظرات ورسائلُ لأهل الأمصار، كما أنَّ ظروفَه غيرُ مستقرَّة، فهو إمَّا في جيش محارِب، أو حبس معاقَب، أو مجلس محاسب، كما أنَّ بعض ما ألَّف كان يذهب به أفراد، وحال طلبه لا يجِده؛ فيُعيد ما قال في كتُب أُخر، وتنقُله بيْن الشام ومصر، تبِعه تآليفُ في غير ما مكان، ولأناسٍ متباعدين، فكانتِ الأمور المهمَّة ملحَّة في ذِهنه كيما يُعيد ذِكرها، وقد تكون لِمَن كتَب له أوَّل مرَّة يَقرؤها، فهو لم يكُن يراعي أن ما كتب في دمشق سيصِل للإسكندرية؛ فضلاً عن أن يعلمَ به مَن هو في القاهرة، وما كتَبه لواسط لا يَدري هل يصِل لحماة وواسط وقُبرص وبغداد، ومراكش وأهل الثغور؟

 

وضرورات الزَّمان، وهمَّة الدعوة والإصلاح، تورد تلك المسائِل كلَّما أراد الكتابة؛ لخطورتها، وإلحاحها عليه في ذِهنه، فيذكِّر بها؛ لينبَّه على جلَل الأمْر، ويقضي على كلِّ شُبهة، وله أُسوةٌ في القرآن، في تَكْرار القصص، وتَكْرار ذِكر التوحيد، وبيان حال أهل الكتاب، والمنافقين، وتَكرار النِّداءات الإيمانيَّة، وتَكْرار بيان وحْدة دعوةِ الأنبياء، وتَكرار الرد على شبه المنافقين والمشرِكين وأهل الكتاب، وفي السُّنة كثيرٌ من ذلك.

 

وكان ابنُ تيمية قد يُورِد مسألةً ما، في الكتاب الواحِد مرَّات، أو في غيرِه، أو يُحيل، وذلك لمقتضياتِ الردِّ، أو البناء على ما سبَق ذِكرُه، أو تأكيد المهم، قال السُّيوطي: "ومِن سُنن العرَب: التكرير والإعادة، إرادة الإبلاغ بحسبِ العناية بالأحْرى"[32].

 

مثال ذلك:

• حُكم النَّظر (نظر الفِكر)، يكرِّر عقدَ البحث فيه في الرد على المنطقيِّين (352، 353)، ونقْض المنطق (31، 38)، والنبوات (231، 232)، و"درء تعارُض العقل والنقل" (3/ 304).

• التأويل: تكلم عنه في "الحموية" (108، 109)، و"درء التعارض" (1/206، 207)، و"الصفدية" (1/288، 289).

• الإجمال في المصطلح: بحثَه في "بيان تلبيس الجهمية" (1/ 523) (2/ 499)، و"الاستقامة" (1/31، 32)، و"الفتاوى الكبرى" (1/452، 453).

 

وميزةُ التَّكرار بيانُ ترابط المسائل، وتكاملها فيما بيْنها، والتنبيه لها؛ لئلاَّ يسهوَ عنها القارئ، فإنْ كان دواءُ النِّسيان دوام النظر، فدواءُ السهوِ التَّكرار، خاصَّة أنَّ استطرادات ابنِ تيمية تجعَل طولَ الكلام يُنسي آخرُه أولَه، ممَّا يستدعي التنبيهَ على المقدِّمات.

 

والتَّكرار "ليس بعيبٍ قادح، بل مفيدٌ أحيانًا؛ لترسيخِ أفكار معيَّنة، وربْطها بغيرها حتى يظهرَ ما بينها مِن علاقة، وعلى كلِّ حال، فهذا النوع مِن الكتابة هو طريقةٌ متَّبعة مِن طرَف الكثير مِن المؤلفين"[33]، ويعدُّ مِن الظواهر الأدبية، ما دام يَحمِل فائدة، ومقصدًا داعيًا له، وقدِ اعتنى به جملة من العلماء.

 

التأصيل والاستطراد:

الاستطراد هو الخروجُ عن الموضوع الرئيس في السِّياق إلى آخَرَ تابِعٍ له في اللحاق لأدْنَى مناسَبة، ثم العود على بَدْء، ويُعرَف عندَ أهل البلاغة "حُسن الخروج"، ويعدُّ مِن المحسِّنات البديعيَّة المعنويَّة[34]، "وقدِ اعتُبرَ في بعضِ العهود الأدبية مظهرًا من مظاهرِ الشمول الثقافي، ووجهًا مِن وجوه التنويع، المؤدِّي إلى الترويحِ عن السامعِ أو القارئ، وتنشيط ذِهنه، غير أنَّ غلبةَ الصناعة المنطقيَّة على التأليف المعاصِر، قضَتْ على هذا المنهج، واعتبرتْه مِن العيوب المشوِّهة للفكر وللأسلوب معًا"[35].

 

وله فوائدُ ومزايا تُلجِئ بعضَ الكتَّاب إليه؛ إذ "الاستطراد في البحوثِ العلميَّة يجعل البحثَ كمائدةٍ عليها ألوانٌ مِن الطعام الشهي اللذيذ، فهو أمرٌ محبَّب إلى النفس تأخُذ به راحة، ومتنفسًا يشدُّها إلى متابعةِ القراءة للبحث، والاستطراد يُكسِب القارئ معرفةَ الارتباط بيْن العلوم الإسلامية، ومدَى تشابكها ببعضٍ، والاستطراد التناسبي ليس كلُّ عالم يستطيعه، ولا كلُّ مؤلِّف يطبعه، فهو لا يأتي إلا مِن أكابرِ الحفَّاظ، وأوعيةِ العِلم، الذين تموج قرائحُهم وأذهانُهم بشتَّى العلوم والمعارف"[36].

 

وكثير مِن أهلِ العلم الموسوعيِّين، يَنفرِدون به؛ لتوارد العلوم والأفكار عليهم، حال الكتابة، فتُفيض قرائحهم بنوادرَ، ويستوعبون في المسألةِ ما قد يجمع له الأكابر، فيتشعَّبون كالشجرةِ أصلُها ثابتٌ وفرعُها في السماء، فيَدري مَن أحاط بها نظرُه الأصلَ مِن الفرع مِن غير مشقَّة، ومَن قصُر بصرُه عسُر عليه الإحاطةُ، فما عابَ وافر الشجر ضعفُ النظر.

 

فالاستطرادُ عند ابن تيمية يَقتضيه المقال، ويُوجِبه الموضوع، فهو يتوسَّعُ فيما يحتاجه للتأصيلِ عليه، وينبِّه لما يتمُّ فائدة الكلام به، ويُقوِّي أوجه الاستدلال، فيبسُط في معنى مفردة لغويًّا أو اصطلاحيًّا، أو يفصِّل في أصل مقالةٍ كلامية، فيَحكي أصولَها في المِلل الأخرى، وأوَّل مَن قال بها، ومحيط قائلها ودعاوي قولها، وقد يَحكي عن حال قائلها من دِين ودُنيا، وينقِّب عن جذورِها العقديَّة، وغايته أنْ يبنيَ على ما استطرد مِن الكلام نتائج تدعم أصلَ البحثِ الذي هو في صدَدِ عَرْضه، مما يناسِب ترجيحاتِه واختياراتِه، مثال ذلك:

1 - كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم"[37] يمكن تلخيصُه في أربعين أو خمسين صفحة، والكتاب في جزْأَين، وقدْ قام بعضُ الباحثين بتهذيبه في كتاب واحدٍ بحجم 330 صفحة، ونهج في ذلك حذْفَ التَّكرار في أغلب الأحوال، والاستغناء عنِ الاستطرادات في الخلافاتِ الفقهيَّة واللُّغويَّة[38].

2-في أوَّل "درء التعارض" ردَّ بردودٍ مختصرة، ثم استطرَد في إبطال قانون الرازي.
3- في "النبوات"[39] تَكلَّم عن آياتِ الأنبياء والفروق بينها، ثم استطرَد في الكلامِ عن الابتداع والاتِّباع، وفصَّل في مرجعيةِ الكتاب والسُّنة، ثم فصَّل في الدليل والمدلول، بعدَها رجَع للكلام حولَ النبوة.

4- في "الاستقامة"[40] تكلَّم عن مصطلح أصولِ الدِّين لدَى المتكلمين، ونقَدَ التقسيم، ثم استطرَد في الكلامِ على أنَّ الفقه مِن أبواب الظنون.

5- في "شرح حديث النزول"، استطرَد في أنَّ الليل يختلِف باختلاف البلدان والفُصول، في التقدُّم والتأخُّر والطول والقِصر، والكلام حول الجِسم والتركيب، ثم رجَع إلى الموضوع[41].

 

6- في "الرد على المنطقيِّين"[42]؛ حالَ عرْضه لعلاقة التجرِبة بالحسِّ والعقل، استطرَد في بيانِ الصِّلة بيْن الفؤاد وحاستي السَّمع والبصر.

والغرَض مِن ذلك بيانُ أنَّ الفؤادَ موردُ العقل، والسَّمع والبصر أصلُ الحس، والحس هو الناقِل المباشر لما يَحوي العالَم الخارجي إلى العقل، والتجرِبة مكانها الفضاء الخارجي، وهو ما لا يَصِل له العقلُ إلا بحاستي السَّمْع والبصَر المباشِر.

 

7- في "الصفدية"[43]: تكلَّم عن خصائصِ النبوَّة عندَ الفلاسفة، ثم استطرد في الردِّ على قولهم بقِدم العالَم، ونفْي الصفات، ثم عاد لكلامِه حولَ النبوَّة.

 

فقولهم بقِدَم العالَم جعلَهم ينفُون الصِّفات، ومِن الصفاتِ كلامُ الله ووحيه، فنفوا بذلك وحيَه للبشَر، فسقطتِ النبوة، ونفَوا علمَه وتدبيرَه للعالَم السُّفلي، فقَطعوا مصدرَ النبوَّة والغاية منها.

 

واعتبر ابنُ القيِّم هذا الاستطرادَ عندَ ابن تيمية مِن الجود بالعلم: "فمِن جود الإنسان بالعِلم: أنَّه لا يَقتصِر على مسألةِ السائِل، بل يذكُر له نظائرَها ومتعلّقها ومأخذها، بحيث يَشفيه ويَكفيه، وكان خصومُه يَعيبونه بذلك، ويقولون: سألَه السائلُ عن طريقِ مِصر- مثلاً - فيذكُر له معها طريقَ مكة والمدينة وخراسان والعراق والهند.. ولعمر الله ليس ذلك بعيب، ومثلهم كمن قال للعنقود: هو حامِض؛ أنْ لم يصل له"[44].

 

فأسلوبُ ابن تيميَّة في التأليف أنَّه يؤصِّل ويستطرد؛ أي: يعرض المختصَر ويقعِّد الأصول، ثم يبسُط الكلام، فكأنَّما هو يضَع الأساس ثم يَبني عليه، متفرعًا ذات الشمال وذات اليَمين، فيَذكُر في المسألة أصولَها وفروعَها وصُوَرها والحُكم عليها، ثم يستطرد إمَّا ناقلاً لتأييدِ كلامه، وإما عارضًا للنظائِر للاستئناس، وبيان صواب ترجيحاته، وإما استطرادًا ببيانِ أقوال المخالفين، ولوازمها، وأصولهم، وجذورها التاريخيَّة في هذه المسألة، ثم يُفَصِّل في الردِّ عليها بأوجهٍ عِدَّة، لا تُبقي لذي قول حُجَّةً.

 

والكلام المستطرد لا يُراد منه تأصيلُ المسألة، وإنَّما يُراد منه التدليلُ على صحَّة الأصل؛ إمَّا بتقعيدٍ أو تنظيرٍ، أو استدلالٍ أو نُقُولٍ، أو ردٍّ أو نقدٍ أو تقويم، أو بيان ضَعْف حُجَّة مَن خالف ذلك التأصيل.

 

غير أنَّ بعضَ المعاصرين عدَّ ذاك عيبًا في تصانيفِ ابن تيمية، ومنهم أبو زهرة؛ فقال: "في كتاباته في كثيرٍ مِن الأحوال عيبٌ واضح، وهو كثرةُ الاستطراد، حتى إنَّه أحيانًا يتكلَّم في العقائد، فيستطرد ويَشرَح مسألةً في الحديث، وأحيانًا يكتُب في مسألةٍ فقهيَّة، فيستطرد استطرادًا طويلاً، يوضِّح معها مسألةً أصولية، ثم يعود بعدَ رِحلةٍ طويلة إلى المسألةِ الفقهيَّة، التي هي مِن أصلِ الموضوع، ويَبتدئ؛ فيقول: والمقصود.

 

وإنَّ ذلك يَتكرَّر في كثيرٍ مِن بحوثه الفقهية، وكثيرًا ما يقرِّر قواعدَ أصوليَّة مُحكَمة في أثناء شرْح جزئيَّة فقهيَّة والاستدلال لها، وربَّما كانتِ القاعدة التي ذكرَها استطرادًا أدقَّ وأحكم، وأكثر إنتاجًا مِن ذات الموضوع نفسِه.

 

وإنَّ هذا الاستطراد بلا شكٍّ عيبٌ في التأليف، يُصعِّب القراءة، ويؤثِّر في الاستفادة، فإنَّ مَن أراد الاطلاعَ على الموضوع الأصلي، يجد نفسَه مضطرًّا ليقرأ غيرَ ما يطلب، ويطَّلع إكراهًا منه على غيرِ ما يُريد؛ لأنه لا محالة سيقرؤه؛ حتى يعرفَ في أيِّ مكان يعود إلى الموضوعِ الأصلي، وإنَّ قِراءته الكارِهة لا يَستفيد منها؛ لأنَّه لا يَطلبها فلا يُمعن فيها، بل يُعبِّرها عبورًا سريعًا إلى مقصودِه ومطلوبِه، ويمرُّ عليها كأنَّها من اللغو؛ لأنَّها غير ما يُريد، مع أنَّها عِلم قيِّم مفيد.

 

والمسائل الاستطراديَّة لا يستفيد منها طالبُها بيُسرٍ وسهولة؛ لأنَّه إنْ طلبها فسيبحث عنها في مظانِّها، فلا يجدها، وقدْ يهتدي إليها إنْ كان متمرِّسًا بكتابة ابن تيمية، مستوعبًا لكثيرٍ منها؛ إذ يَجِدها في موضعِ استطرادها[45].

 

وقال آخَر: "وهذا عيبٌ في كتُبه؛ إذ لا يُركِّز على محورِ الموضوع، ولا يُفرِد الموضوعاتِ المهمَّة بأبحاثٍ مستوفاة، يُحيل إليها حينما يحتاجُ إلى ذلك، ويمكن أن نلتمسَ له العذر؛ إذ ليس عندَه وقت معيَّن يخلو فيه بنفسِه للكتابة المتأنية، فهو غالبًا ما يكون في صِراعٍ مع خصومِه، وربَّما يُراعي حاجةَ السائل إلى التطرُّقِ لموضوعاتٍ مختلفة، وغالب كتاباتِه إنَّما هي ردودٌ سريعة على أسئلةٍ طارئة، وعلى أفكارٍ ومذاهبَ معيَّنة"[46].

 

غير أنَّ في الإنكار على استطراداتِ ابن تيمية، ملاحظاتٍ: فالأولى محاكَمة أسلوبِ عصرٍ بما شاع في عصرٍ لاحِق، وإغفال مقامِ ابن تيمية ومرجعيَّته في عصرِه، والنظر لِمَن كان يكتُب، وظروف كتابتِه، ومقامه في الفتْوَى، وكثرَة مُريديه، وكثرة تنقُّلاته وكتاباته فيها.

 

أما أنْ يُحاكم بالنظرِ إلى تشتيتِ ذِهن القارئ، فأيُّ قارئ يُراد؟! ابن القيِّم، وابن كثير، وابن عبدالهادي، وابن الوردي، فأولئك كانتِ الموسوعات الفقهيَّة والعقدية قدْ ملأتِ الدنيا عليهم، بل عَدُّوا ذلك من كرمِ المسؤول على السائِل، وعُلوِّ قدرِه في الفنون، والأوعية الكبير تسيل بقَدْرها، فيحتمل السائلُ بقدرِ وعيه، وما ينفع الناس، له حمَلته، وإنْ أريد بتشتيتِ ذهن مَن في زَماننا، فهنا القياسُ مع الفارِق، ولا مَشقَّة في بيانِ اتساع الشُّقَّة.

 

وجُلُّ مَن أنكر، أقرَّ بأنَّ ما في الاستطراد هو قيِّم، غير أنَّه لأُولي العزْم، وأصحاب النَّفَس الطويل في القراءة، ولا يُطالب ابن تيمية أن يكونَ مروحةً للكسالَى، وهو وإنْ كان عالِمًا ربانيًّا، وداعية يسوس العلمَ للعلماء والعامَّة، فقد جعَل المختصراتِ للمبتدِي، والمطولات للمنتهِي، ولكلٍّ قسمته، "وأمَّا اعتبار بعضِ المعاصرين للاستطراد مِن عِيِّ الكلام؛ لغلبةِ الصناعة المنطقيَّة عليهم، فهذا رأيٌ لا يُعتدُّ به؛ لأنَّ الاستطرادَ صناعة أدبيَّة عربيَّة، فلا غرابةَ في ألاَّ تناسب الذوقَ المنطقي اليوناني"[47].

 

المتشابه:

كلامُ ابن تيميَّة في المختصَرات، مُحكَم مؤصَّل، يُقرِّر فيه معتقدَه، ويقعِّد الأصولَ التي يَبني عليها فيما بعدُ.

 

فصُلب معتقدِه وحُرُّ كلامه، يُجمَع مِن مختصراته، وهي تعدُّ مُحكمَ كلامه، غير أنَّ المطولات تشمل استطراداتٍ كثيرةً، وإطنابًا في مسائل، وطولاً في العَرْض، وردودًا وتقريرات وإلْزامات للخصوم، ممَّا يوقِع بعضَ مَن ينهكه طولُ السرد في تشابُهٍ، بيْن ما أصّل بدأً، وما حرّر ضِمنًا، وبعض مَن يترصَّد لابن تيمية نقائضَ ما قرَّر، يَعثُر عليها في متشابهِ كلامه في الاستطراداتِ والردود، فيتتبَّعون ذاك ابتغاءَ تأويله، وحملِه على غيرِ ما أرادَ ابنُ تيمية؛ للطعنِ في نيَّته أو علمه، أو الحُكم عليه بالتناقُض، بل زعَم قومٌ أنه يتسلَّى بتبنِّي القول ونقيضه.

 

فالمُحكَم ما يتَّضح معناه، والمتشابِه ما حمل معناه وجوهًا متعدِّد مغايرة للأصْل، وهو ما أشكل فهمُه بناء لما عُلِم مِن أصول ابن تيميَّة السلفيَّة.

 

والمتشابهُ ورَدَ في كلامِ الله وكلام رسوله، وكلام الأئمَّة، ويُحَلُّ هذا المتشابه بالنظَر في المواضع الأُخَر التي تَكلَّم فيها؛ لتوضيحِ المبسوط، وبالعَودِ على المضبوطِ عن هذه المسألة، فيكون في الموضعِ الآخَر إيضاح لهذا الموضع الذي اشتبه على الناظر.

 

والمحكَم مِن كلام ابن تيمية هو المؤصَّل الذي يوافق كلامَ السَّلَف، ويوافق كلامَه هو في المختصَرات، فهو "يَتحدَّث عن عقيدتِه في أكثرَ مِن موضع، فلا يرَى نفسَه إلا معرِبًا عن الالتزامِ الكامِل بكتابِ الله تعالى، مجتهدًا في استخراجِ عقيدته منه... ومسترشدًا في ذلك بالسنَّة النبويَّة، مفسِّرة وموضِّحة لمعانيه، ومفصِّلة لمجمَله، ومستنيرًا في ذلك بآراءِ السَّلف الصالِح والتابعين، وكذلك مَن تَبِعهم بإحسان، ممَّن يدور في فلكِ الكتاب والسُّنة، ولا يَحيد عنهما"[48].

 

فمُحكَم ابن تيمية في أصولِه ما أحْكَمه السَّلَف، فقد "كانت دراستُه للمذهب الحنبلي فقهًا وعقيدةً، مفيدةً له، بحيث مكَّنته مِن الاطلاع الواسِع على السنَّة الصحيحة، وأقوال السَّلَف مِن الصحابة والتابعين والأئمَّة المجتهدين، كما مَكَّنته من التصوُّر الصحيح للمنهجِ السَّلفي، في فَهم رُوح الإسلام باطنًا وظاهرًا، مضمونًا وشكلاً.

 

فانتهَى إلى الاقتناعِ بسدادِ المنهج السلفي، باعتبار أنَّه لا يَتناقض مع صحيحِ النقل، ولا صريحِ العقل، ولا يَلجأ إلى التعسُّف في التأويل، ومصادَمة العُرف اللُّغوي، ولقدْ سار في بحثِه على أساسِ قواعد هذا المنهَج، ولم يَحِدْ عنها؛ وهي:

• مرجعية نُصوصِ الوحي.

• تقديم النَّقْل على العقل.

• منْع تعارُض العقل والنقل.

• ردّ التأويلِ الفاسد"[49].

 

وكلامُه الذي يَشتبه - يحتمل فيه مراده أوجهًا - لا بدَّ أن يُحمَل على ما يُعلم مِن طريقته، ومِن تقريره ومِن عقيدته، فقد علم أنَّ ابنَ تيمية سلفيُّ العقيدة، فكلُّ ما ورَد مِن بعضِ كلامه مخالفًا أو يحتمل الخلافَ لكلام السَّلف، يُرجَع به إلى ما قَرَّر في المختصرات، وما أَصَّل في مقدِّمات كُتُبِه.



[1] "ذيل طبقات الحنابلة"، ابن رجب، (2/ 389).

[2] "الأعلام العليَّة، البزار، (ص: 37).

[3] "الرد على المنطقيِّين - نصيحة أهل الإيمان في الردِّ على منطق اليونان"، تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني؛ تح: عبدالصمد شرَف الدين الكُتبي، مؤسَّسة الريان: بيروت. ط(1)، 2005، (ص: 253).

[4] "مجموع الفتاوى"، ابن تيمية ( 3/ 184).

[5] "الوافي بالوفيات" الصفدي (7/ 32).

[6] لعلَّ المقصود بهم السالمية.

[7] "الأعلام العلية"، البزَّار، (ص: 35 - 37).

[8] قال ابن كثيرٍ: "وفي هذا الشهر بعينِه راح الشيخُ تقيُّ الدين ابن تيمية إلى المسجدِ النارنج، وأمر أصحابَه ومعهم حجَّارون بقطْعِ صخرةٍ كانتْ بنهر قلوط، تُزار ويُنذر لها، فقطَعها وأراح المسلمين منها ومِن الشِّرك بها، فأزاح عن المسلمين شبهةً كان شرُّها عظيمًا، وبهذا وأمثاله حسَدوه وأبرزوا له العداوة"؛ "البداية والنهاية" ابن كثير، (14/ 36).

[9] قال ابنُ كثير: وهو بابٌ شرقي جامِع دمشق لم يُرَ بابٌ أوسع ولا أعلى منه... مِن عجائب الدنيا، وقد ذكرتْه العرب في أشعارها، وهو منسوبٌ إلى ملِك يقال له: جيروت بن سعد، كان بناؤه قبلَ الخليل عليه السلام"؛ المرجع نفسه (14/ 253).

[10] "تكامل المنهج المَعرفي عندَ ابن تيمية"، إبراهيم العقيلي (ص: 105).

[11] "الأعلام العلية"، البزَّار (ص: 9 -10).

[12] "العقود الدرية"، ابن عبدالهادي (ص: 25).

[13] "طريق الوصول إلى العلم المأمول"، عبدالرحمن السَّعدي. (ص: أ - ب).

[14] "الرد على المنطقيين"، ابن تيمية (ص: 18).

[15] "ابن تيمية" أبو زهرة، (ص: 435).

[16] "ابن تيمية" أبو زهرة (ص: 434).

[17] "مجموع الفتاوى" ابن تيمية (12/ 114).

[18] "الصَّواعق المرسَلة على الجهميَّة والمعطِّلة"، ابن قيم الجوزية، تح: علي بن محمد الرخيل الله، دار العاصمة: الرياض. ط (3)، 1998، (3/ 927).

[19] "تكامل المنهج المَعرفي عندَ ابن تيمية"، إبراهيم العقيلي (ص: 105).

[20] "العقود الدرية" ابن عبدالهادي (ص: 7 – 8).

[21] "الفروق اللغوية"، أبو هلال الحسَن بن عبدالله بن سهل بن سعيدِ بن يحيى العسكريّ، تحقيق محمَّد إبراهيم سليم، دار العلم والثقافة: القاهرة. ط (1)، دت، (ص: 56).

[22] قال عنِ الكتاب المحدِّث ابنُ عبدالهادي: "وهو كتابٌ جليلُ المقدار، معدومُ النظير، كشَف الشيخُ فيه أسرارَ الجهميَّة، وهتَك أستارَهم، ولو رَحَل طالبُ العلم لأجلِ تحصيلِه إلى الصين، ما ضاعتْ رحلتُه!"؛ "العقود الدرية"، ابن عبدالهادي (ص: 22).

[23] هو شمسُ الدِّين أبو عبدالله محمَّد بن محمود بن محمد بن عبَّاد السلماني الأصفهاني، الأُصولي، المتكلِّم.

- "شَذَرات الذهب"، ابن العماد (5/ 406).

[24] "منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد"، إبراهيم بن محمد بن عبدالله البريكان، دار ابن القيم: الرياض. ط1، 2004، (1/ 32).

[25] "الإمام ابن تيمية وقضية التأويل"، محمد السيِّد الجليند (ص: 130، 135، 136).

[26] "الرد على المنطقيين" ابن تيمية، (ص: 46).

[27] "الإمام ابن تيمية وقضية التأويل"، محمد السيد الجليند (ص: 15).

[28] "ابن تيمية" أبو زهرة (ص: 434).

[29] "تكامل المنهج المعرفي عند ابن تيمية"، إبراهيم العقيلي (ص: 106).

[30] "معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب"، مجدي وهبة، كامل المهندس. مكتبة لبنان: بيروت. ط (2)، 1984، (ص: 170).

[31] "ابن تيمية"، أبو زهرة، (ص: 436).

[32] "المزهر في علوم اللغة وأنواعها"، عبدالرحمن جلال الدين السيوطي، المكتبة العصرية: بيروت، 1987، (1/ 332).

[33] "تكامل المنهج المعرفي عند ابن تيمية"، إبراهيم العقيلي (ص: 105).

[34] "جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع"، أحمد الهاشمي، دار الكتب العلمية: بيروت، 1985 (ص: 362).

[35] المعجم الأدبي، جبور عبدالنور، دار العلم للملايين: بيروت. ط(3)، 1984، (ص: 18).

[36] "ابن القيم حياته وآثارُه"، بكْر بن عبدالله أبو زيد. دار الهلال: عمان. ط (1)،1980، (ص: 61).

[37] "اقتضاءُ الصراطِ المستقيم مخالفةَ أصحاب الجحيم"، أبو العباس تقي الدِّين أحمد بن تيمية؛ تح: ناصر بن عبدالكريم العقل. مكتبة الرشد: الرياض. ط (5)، 1996.

[38] "مهذَّب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفةَ أصحاب الجحيم لابن تيميَّة"؛ ترتيب: عبدالرحمن الجبار، مؤسسة الرسالة: بيروت، ط (1)،1993.

[39] "النبوات"، ابن تيمية، (ص: 188 - 266).

[40] "الاستقامة"، أبو العبَّاس تقي الدين أحمد بن عبدالحليم ابن تيمية؛ تح: محمد رشاد سالم. مؤسسة قرطبة: القاهرة، ط(2)، دت، (1/ 47 - 69).

[41] "شرح حديث النزول"، ابن تيمية، المكتب الإسلامي: دمشق، ط (7)،1991، (ص: 68 - 81).

[42] "الرد على المنطقيِّين"، ابن تيمية، (ص: 94 - 97).

[43] "الصفدية" أبو العباس تقيُّ الدين أحمد بن عبدالحليم بن تيمية، مكتبة أضواء السلف، الرياض. ط(1)، 2002. (1/ 8 - 134).

[44] "مدارج السالكين"، شمس الدين محمَّد بن القيِّم؛ عبدالحميد عبدالمنعم مدكور، دار الكتب المصرية: القاهرة. ط (2)،1996، (2/ 294 - 295).

[45] "ابن تيمية"، أبو زهرة، (ص: 435 – 436).

[46] "تكامل المنهج المعرفي عند ابن تيمية"، إبراهيم العقيلي، (ص: 107).

[47] "منهج شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير عقيدة التوحيد"، إبراهيم البريكان، (ص: 35).

[48] "العقيدة السلفيَّة بيْن الإمام ابن حنبل والإمام ابن تيمية"، سيد عبدالعزيز السيلي (ص: 271).

[49] "تكامل المنهج المعرفي عند ابن تيمية"، إبراهيم العقيلي، (ص: 103).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ابن تيمية واعظًا وخطيبًا
  • عصر ابن تيمية وأثره فيه (2)
  • عن ابن تيمية أتحدث..
  • كلمات ذهبية لشيخ الإسلام ابن تيمية
  • معاني العقل عند الإمام ابن تيمية
  • مواقف مؤثرة من سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية
  • أهمية العقيدة الواسطية لابن تيمية
  • بين الإمام ابن تيمية والرحالة ابن بطوطة
  • معنى التنزيه عند الإمام ابن تيمية

مختارات من الشبكة

  • خصائص النظم في " خصائص العربية " لأبي الفتح عثمان بن جني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • صدر حديثا كتب السنة وعلومها (88)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • طريقة الكتب في عرض الخصائص النبوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • السبيل إلى معرفة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • خصيصة من خصائص العلم العقدي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (2) وحدة الموضوع وتكامله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (1) علم أصول الفقه يجمع بين العقل والنقل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الربانية خصيصة من خصائص السيرة النبوية(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الخصائص الكبرى (المعجزات والخصائص)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- ابن تيمية مرة ثانية!
د.م / اسماعيل ابو انجاة - مصر 16-01-2012 03:14 AM

بسم الله الرحمن الرحيم؛ فليسامحنى الكاتب، فقد نضحت بعض خصائص كتابات ابن تيمية على أسلوبه، مثل التكرار والتطويل والإطناب والتشعب... و لعله يريدنا بذلك الإسلوب أن يجسد لنا منهج ابن تيمية، فنشعر بما شعر به من انتقد ابن تيمية فى هذه الجزئية بالذات. وعلى كل حال فالمقالة بها معلومات قيمة عن ابن تيمية و إنتاجه الغزير.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب