• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

الشيخ عبد الحق بن عبد الواحد الهاشمي

محمد زياد التكلة


تاريخ الإضافة: 27/8/2008 ميلادي - 24/8/1429 هجري

الزيارات: 67280

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
من كبار علماء أهل الحديث في الهند، ثم في مكة المكرمة في القرن الرابع عشر، صاحب المؤلفات المفيدة، وشيخ كبار المشايخ.

اسمه ونسبه:
قال رحمه الله في ترجمته الذاتية[1] (ص139-140): "أنا أبو محمد عبد الحـق بن عبد الواحد بن محمد بن الهاشم بن رمضان بن بلال بن هبة الله بن علي بن إسماعيل بن جلال بن الشمس بن الأمير بن جعفر بن عبد الرحمن بن جلال بن محمد الكبير بن الأمير بن واصل بن أبي العباس بن هاشم بن محمد الكبير بن عبد الرحمن بن جلال بن محمود بن عمر بن جلال بن الأمير بن محمد بن الأمير بن نجيب بن عمر بن نصير بن محمد بن عابد بن أبي بكر بن نجيب بن زيد بن عابد بن أبي مسلم بن عبد الله بن عباس بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه".
وقال (ص135): "بيني وبين عمر بن الخطاب رضي الله عنه اثنان وأربعون جدًّا في سلسلة النسب المدوَّن عندنا".
وقد ارتحل آباؤه إلى الهند أيام محمد بن القاسم الثَّقَفي، وتسمى قبيلته هناك قبيلة الشيوخ حتى اليوم.

مولده ونشأته:
قال رحمه الله (ص135): "ولدت في (كوتلة الشُّيوخ) بمقاطعة (بهاوَلْفُور) سنة اثنتين وثلاثمائة وألف من الهجرة، وتربيت في حجر والدَيّ، وكنت آخر أولادهما، وقد مات إخوتي الذين وُلدوا قبلي، وبقيت وحدي محبوبًا من الوالدَين، وربياني أحسن تربية، وقرأتُ القرآن على والدي[2]، وأخذت منه اللغة الفارسية، ودرست عليه علم التصريف والنَّحْو، ثم أمرني بالخروج لطلب العلم، فخرجت إلى القرى والبلدان، وتلقيت مختلف العلوم من المشايخ المهرة، وأخذت نصيبًا وافرًا من علم الصرف والنحو والمعاني والبيان والبلاغة والأدب واللغة والشعر، ودَرَست كتب العقائد وأصول الفقه، وقرأت أمهات الكتب في الفقه والتفسير على المشايخ، ثم أقبلت على علوم الحديث والقرآن، وطالعتُ كتبًا كثيرة لأئمة السنة".

مشايخه:
كان رحمه الله على طريقة أهل العلم السابقين في الإكثار من الشيوخ وملازمتهم، وقد أخذ عن نحو ستين شيخًا.
قال رحمه الله (ص137-139): "وأما مشايخي فكثيرون، أذكر منهم هاهنا أشهر شيوخي الذين استفدت منهم العلوم، وأقدّمهم على غيرهم لاعتقادهم مذهب السَّلَف، وصحة عقائدهم في التوحيد والإيمان ومسائل الصفات الإلهية، وهجرهم التقليد، واتّباعهم الكتاب والسنّة المطهرة، وقد أجازوني بأسانيدهم المذكورة في ثَبَتي.
فمنهم: شيخنا أبو القاسم عيسى بن أحمد الراعي: قرأتُ عليه كثيرًا من كتب النَّحْو، والمشكاة، والصحاح، وأجزاء من تفسير الطبري، وكتاب الأسماء والصفات للبيهقي، وسمعت عليه كثيرًا من الكتب، وكان من تلامذة شيخ الهند محمود الحسن الدِّيُوبَنْدي وغيره.
ومنهم: شيخنا أبو الفضل إمام الدين بن محمد بن ماجَهْ القنبري [الغزلاني][3] السلماني، قرأت عليه الصحيحين بتمامهما، وسنن أبي داود، وسمعت عليه السنن الثلاثة، [و] قرأت عليه مسند الإمام أحمد بتمامه، وبعض تفسير ابن جرير، وقرأت عليه البيضاوي، وكتب البلاغة؛ كالمطوَّل للتَّفْتازاني، وغيرها من الكتب في الأدب واللغة، وكان من تلامذة الشيخ عبد القادر اللَّدْيانَوي، والشيخ أبو الخير يوسُف بن محمد البَغْدادي.
ومنهم: شيخنا أبو الفضل محمد بن عبد الله الرّياسي، حصَّلتُ منه الإجازة بالمشافهة، وكان من تلاميذ شيخ الكل السيد نَذير الدِّهْلَوي.
ومنهم: شيخنا أبو عبد الرب محمد بن أبي محمد الغيطي، قرأت عليه الموطأ للإمام مالك، وكثيرًا من كتب الأدب، كالمقامات الحريرية والدواوين، وسمعت عليه كثيرًا من كتب الفقه والحديث، وكان من تلاميذ شيخ الهند[4]. 
ومنهم: شيخنا أبو اليسار محمد بن عبد الله الغيطي، قرأت عليه أطرافًا من صحيح البخاري، وكان من تلاميذ المحدث السيد نَذير الدِّهْلَوي.
ومنهم: شيخنا أحمد بن عبد الله بن سالم البغدادي المدني، قرأت عليه صحيح البخاري، ومسند الإمام أحمد، وأطرافًا من الكتب الأخرى في الحديث، وله مشايخ كثيرون، وهو من تلامذة السيد عبد الرحمن بن عباس بن عبد الرحمن، ومحمد بن عبد الله بن حُميد المكي، وكتب لي الإجازة بخطه[5].
ومنهم: شيخنا أبو إسماعيل إبراهيم بن عبد الله اللاهُوْري، قرأت عليه أطرافًا من صحيح البخاري.
ومنهم: شيخنا أبو محمد بن محمود الطنافسي، سمعت عليه أطرافًا من صحيح البخاري، وكان من تلامذة السيد نَذير المحدث الدِّهْلَوي.
ومنهم: شيخنا عبد التواب القَدير آبادي[6]، قرأت عليه أطرافًا من الكتب الستة ومسند الإمام أحمد، وهو من تلامذة السيد نَذير الدِّهْلَوي.
ومنهم: شيخنا أبو عبد الله عثمان الحسين العَظيم آبادي، قرأت عليه أطرافًا من صحيح البخاري، وهو من تلامذة السيد نَذير حسين.
ومنهم: شيخنا أبو الحسن محمد بن الحسين الدِّهْلَوي، حصّلت منه الإجازة بالمشافهة.
ومنهم: شيخنا أبو الوفاء الأَمَرَتْسَرِي، حصّلت منه الإجازة بالمشافهة.
ومنهم: شيخنا أبو سعيد حسين بن عبد الرحيم البَتَالَوي، قرأت عليه الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد، وأطرافًا من المعاجم والمسانيد[7]، وكتب لي الإجازة بخطه، وكان من تلامذة السيد نَذير حسين شيخ الكل.
ومنهم: شيخنا حسين بن حيدر الهاشمي، قرأت عليه أطرافًا من صحيح البخاري، وهو يروي عن حسين بن مُحْسِن الأنصاري.
ومنهم: شيخنا أبو إدريس عبد التواب بن عبد الوهاب الإسكندر آبادي، قرأت عليه صحيح البخاري، وهو يروي أيضًا عن حسين بن مُحْسِن الأنصاري.
ومنهم: شيخنا أبو محمد هبة الله بن محمود الملاني، قرأت عليه بعض صحيح البخاري، وسمعت عليه بعضه، وسمعت عليه السنن الأربعة، وصحيح مسلم، وهو يروي أيضًا عن الأنصاري.
ومنهم: شيخنا خليل بن محمد بن حسين بن مُحْسِن الأنصاري، قرأت عليه صحيح البخاري بالمسجد الحرام، وهو يروي عن جدِّه.
ومنهم: شيخنا سعيد بن محمد المكي، سمعت منه أطرافًا من صحيح البخاري.
ومنهم: شيخنا عمر بن أبي بكر الحضرمي المكي، سمعت منه أطرافًا من صحيح البخاري.
ومنهم: شيخنا هبة الله أبو محمد المهدوي[8]، قرأت عليه كثيرًا من الكتب، وسمعت منه الكثير، وكان من تلامذة حُسين بن مُحْسِن الأنصاري اليماني". اهـ.

فهؤلاء المنتَقَوْنَ من شيوخه بالقراءة والإجازة الخاصة، ثم زاد (ص139): "ومنهم شيخنا السيد نَذير حسين المحدِّث الدِّهْلَوي، أروي عنه بالإجازة العامة، فإنه أجاز أهل عصره"[9].

وقال ابنه أبو تُراب[10]: إن والدي رحمه الله قد ترك نصف مشايخه؛ من المبتدعة، وكان مشايخه حوالي ستين شيخًا.

مقروءاتُه وتحصيلُه:
قال رحمه الله (ص140-142): "قرأتُ على بعض هؤلاء المشايخ من كتب الصَّرْف: كتابَ الزّرادي والزّنْجاني، وشرحَه للتَّفْتازاني، والشافية لابن الحاجِب، وشرحها للجاربردي، والرَّضيّ، وغيرها.

ومن كتب النَّحْو: شرحَ عوامل الجُرْجاني للجامي، وهداية النحو لأبي حَيّان، والكافية لابن الحاجب -واستظهرتُ مَتْنَها- وشرحَها للجامي والرَّضي، وألفيةَ ابن مالك وشروحَها لابن النّاظم وابن عَقيل والمَكُودي والأُشمُوني، ومفصَّل الزَّمَخْشَري وشرحَه لابن يَعيش، وشرح القَطْر، والشَّذَرات، وأوضح المَسالك، ومُغْني اللَّبيب لابن هشام، وكتاب سِيْبَوَيْه، والأَشباه والنَّظائر للسُّيوطي، وغيرها.

ومن كتب الأَدَب: مقاماتِ الحَريري، ومقامات البَديع الهَمَذاني، وحَماسَةَ أبي تَمّام، وديوان المُتنبِّي، والبُحْتُري، وأبي تَمّام، وديوان حَسّان، ودواوين شُعراء الجاهلية، وطالعتُ كتاب الأغاني لأبي الفَرَج الأَصْبَهاني.

ومن كتب المعاني والبيان: مفتاح العلوم للسَّكّاكي، والتلخيص للقَزْويني، والمختصَر والمُطَوَّل للتَّفْتازاني، ودلائل الإعجاز وأسرار البلاغة للجُرْجاني، والطراز ليحيى بن حمزة.

وقرأتُ على بعضهم كتب المَنْطِق المشهورة: كإيساغوجي، وشرح التهذيب، والسُّلَّم وشروحه، وكنت لا أرغب في هذا العِلْمِ في أوان الطلب، وما جعلَ الله في قلبي حُبَّه، وما درَّستُه بعد ما قرأته.

وقرأت من علم فروع الفقه وأُصوله: رسالةَ الإمام الشافعي، وكتاب الأُمِّ له، وأصول ابن الحاجب، وأصول القاضي البَيْضاوي، وطالعتُ المدوَّنة الكبرى لسُحْنون، والمُغْني لابن قُدامة، وشرح المهذَّب للنَّوَوي، وقرأت مختصر القُدُوري، والكَنْز للنَّسَفي، وشرح الوِقاية، والهداية للمَرْغِيْناني، وطالعت فتح القَدير لابن الهُمام، وقرأت أصول الشاشي، وأصول الحُسامي، وشرح نور الأنوار، والتَّلويح والتوضيح، وطالعت العالَـمْكيرية، وغيرها من الفتاوى، وكنت أحبُّ من كتب الفقه كتبَ الأئمة القُدماء دون المتأخرين.

وقرأتُ على بعض المشايخ تفسير: ابن جَرير، والبَغَوي، وابن كَثير، والجَلالَين، والبَيْضاوي، والكشّاف للزَّمَخْشَري، وطالعت الفَخْر الرازي، والدرَّ المنثور للسُّيوطي، والقُرْطُبي.

وقرأتُ على بعضهم شرح العقائد: النَّسَفية، وعقيدة الطَّحاوي مع الشَّرح، وكتاب الأسماء والصفات للبَيْهَقي، وطالعتُ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية في مسائل العقائد والتوحيد.
وقرأت السراجية والشَّريفية على المشايخ.

[في الحديث وعلومه]: ثم قرأت بلوغ المَرام لابن حَجَر، ومِشْكاة المصابيح للتِّبْريزي، والمصابيح للبَغَوي، وتيسير الوصول للدَّيْبَع، وجامع الأصول لابن الأَثير، ومَجْمَع الزوائد للهَيْثَمي، وكنز العُمّال للمُتّقي، والمنهج له، والجامع الكبير للسُّيوطي، والترغيب والترهيب للمُنْذِري.

وقرأتُ على المشايخ: النُّخبة لابن حَجَر وشرحها، وألفيّة العِراقي مع شرحها للمؤلف والسَّخاوي، وطالعتُ ألفيّة السُّيوطي، وكِفايةَ الخَطيب البغدادي، وتدريب الراوي للسُّيوطي.

ثم أخذتُ قراءةً على المشايخ: الموطأ، والصحيحين، والسنن الأربعة، ومسند الطَّيالسي، والدارِمي، ومسند الإمام أحمد، والسنن الكبرى للبيهقي، والمستدرك للحاكم، وسنن الدارقطني، ومسند الشافعي، والأدب المفرد للبخاري، ومسانيد أبي حنيفة، ومعجم الطَّبراني الصغير، وصحيح ابن حِبّان، ومسند أبي يَعْلى، والبَزّار، والفِرْدوس، ومصنف عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، ومسند أبي عَوانة، والمنتقى لابن الجارود، والمختارة للضِّياء، وشرح معاني الآثار، ومشكل الآثار للطَّحاوي، ومعجم الطَّبَراني الكبير، وسنن سعيد بن منصور، وحصَّلتُ قطعة من صحيح ابن خُزَيمة، ومسند ابن راهُويَه، وغيرها.
وطالعتُ طبقات ابن سَعْد، والإصابة لابن حَجَر، وأُسْد الغابة لابن الأَثير، والتجريد للذَّهَبي، وتقريب التهذيب، وتهذيب التهذيب لابن حَجَر، والخلاصة للخَزْرَجي، ورجال الصحيحين للمَقْدِسي، وميزان الاعتدال للذهبي، والكاشف له، وكذلك تذكرة الحُفّاظ، وسير النُّبلاء، وتهذيب المِزّي، ولسان الميزان لابن حَجَر، والتاريخ الصغير والكبير للبخاري، وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، وعلل الحديث له، وعلل الدارَقُطْني، وسيرة ابن هشام، والرَّوض للسُّهَيلي، والبداية والنهاية لابن كَثير، والحلية لأبي نُعيم، وتاريخ ابن جَرير، وابن عَساكر، والخطيب البغدادي، وتاريخ أصبهان لأبي نُعيم، وتاريخ ابن الأَثير، وتاريخ ابن خَلْدون، والمنتظم لابن الجَوْزي، وطبقات السُّبْكي، وابن خَلِّكان، وأنساب السَّمْعاني، والإكمال لابن ماكولا، ومشتبه النِّسبة للذهبي، وتبصير المنتبه لابن حَجَر، والضعفاء للعُقيلي، والثقات لابن حِبّان، وغيرها.

[في اللغة وغريبها]: وطالعت صحاح الجوهري، وقاموس المَجْد، وشرحه تاج العروس للزَّبِيدي، ومقاييس ابن فارس، وجمهرة ابن دُريد، ولسان العرب لابن مَنْظور، والمخصّص لابن سِيْدَه، والنهاية لابن الأَثير، والفائق للزَّمَخْشَري، وغريب الحديث لابن سَلّام، وغيرها.

[في التخاريج والشروح الحديثية]: وطالعتُ نَصْبَ الراية للزَّيْلَعي، والدِّراية لابن حَجَر، والتلخيص الحبير له، والمنتقى للباجي، وشرح الموطأ للزُّرْقاني، والاستذكار لابن عبد البَرّ، والتمهيد له، وشرح الكِرْماني، والعَيْني، والقَسْطَلّاني، والزين زكريا، وفتح الباري مع المقدمة، وعون المعبود، وغاية المقصود، والمنهل المورود، ومعالم السنن، وعارضة الأَحْوَذي لابن العَرَبي، وتحفة الأحوذي، وفيض الباري، وشرح النووي، وعون الباري للنَّوَّاب[11]، ومشارق القاضي عياض، وغيرها.

وطالعت أكثر تصانيف شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحمهم الله، وكذلك تواليف الحافظ ابن حَزْم، وأنا أُحبُّه لمناضلته عن الحديث".

عقيدته:
كان رحمه الله على منهج السلف أهل الحديث، يصرح بذلك، ويدعو إليه، فمن أقواله رحمه الله (ص134): "ومما أنعم الله عليَّ أنه جعلني من أمة سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، ومما أنعم عليَّ أن جعلني من أصحاب الحديث السَّلَفيين عقيدةً وعَمَلاً".

وقال (ص127): "فإن عقيدتي هي عقيدة السَّلَف الصالح من أهل السُّنَّة والجماعة من الفقهاء والمحدِّثين، وهي عقيدة العَمَلِ بالكتاب والسُّنَّة، وحَمْلِهما على ظواهرهما من دون تأويل أو تحريف فيهما، فمَذْهبي هو مذهبُ أصحاب الحديث اعتقادًا وعَمَلاً".

وقال رحمه الله (ص128-129): "وأنا شديدُ التَّحرّي في مسألة الصِّفات، فأُثْبِتُ ما جاء في الكتاب والسنة من الصِّفات المقدَّسة، كالاستواء واليدين والعين والأصابع والقَدَم والضحك والكلام وغيرها، وأُجْريها على ظاهرها وعلى ما دَلَّت عليه ألفاظُها من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه، فعِلْمُها حاصلٌ لنا بدَلالة الكلماتِ التي خاطَبَنا اللهُ بها، وإنما أُفَوِّضُ في الكيفية فقط، لأنها هي المجهولة، وأما ما أنبأَ عنه اللَّفْظُ اللُّغوي فهو معلومٌ لا تفويض فيه.
وأنا أُنكر على المؤوِّلة إنكارًا شديدًا، لأن التأويل في الصِّفات يُفضي إلى الخطأ والضلال، وأَسْلَمُ الناس عقيدةً أبعدُهم عن التأويل في آيات الصِّفات وأحاديثه، فالمرادُ منها بدَلالتها اللفظية الظاهرة معلومٌ واجبٌ الإيمان به.
وأُثْبِتُ رؤيةَ المؤمنين يوم القيامة لربّهم.
وأُثبتُ العُلُوَّ لله تعالى، وهو في السماء، لا أنها تُقِلُّه أو تُظِلُّه، وليس معنى مَعِيَّتِه أنه مختلِطٌ بالخَلْقِ حُلولاً، وإنما هو بالرِّعاية والعِلْم، وأُثبتُ لله عز وجل ما وَصَفَ به نفسه من الصِّفات، وأَنفي مماثَلَتَه بشيءٍ من المخلوقات، من غير إلحادٍ في أسمائه ولا آياته، إثباتًا بلا تَشبيه، وتَنْزيهًا بلا تعطيل، ومعرفةُ معاني الصِّفات هي عِلْمُ الراسخين، وهو سبحانه وتعالى مُسْتَوٍ على عَرْشه، والبدعةُ في السؤال عن الكيفية، وفي التأويل الذي لا أَدين به، فكما أن ذاتَه غيرُ مُكَيَّفة، فكذلك صفاتُه التي انفرد بها لا يُضاهيها مخلوق، وإثباتُها إيمانٌ، ونفيُ ما أثبتَه كُفْرٌ.
والجَهْميّة، والمعطِّلة، والمشبِّهة، والمتفلسفة، والمعتزلة، والخوارج، والكَرّامية، والمُرجئة، والجَبْرية، والقَدَرية، والقَرامطة، والباطنية: فِرَقٌ ضالّة".

ثم أطال رحمه الله في ذكر عقيدته في الإيمان، والصِّفات والالتزام بالألفاظ الشرعية فيها، والبدعة، والاستغاثة، والحَلِف بغير الله، والتوسل، والقبور، وغيرها من مسائل الاعتقاد (ص129-133) ولولا خشية الإطالة لنقلنا كلامه كاملاً.

وقد تقدم أنه انتقى من شُيوخه مَن كان على اعتقاد السَّلَف، وتَرَكَ مَنْ سواهم.

وحسْبُك تلك التزكية العالية من إمام السُّنَّة في عصرنا سماحةِ الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز؛ عندما قرَّظ هذه العقيدة، فقال:
"الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد اطلعتُ على العقيدة التي أملاها الشيخ العلّامة ناصر السّنّة وقامع البدعة أبو محمد عبد الحق الهاشمي، فألفيتُها عقيدة جليلة، موافقة لما درج عليه أهل السنة والجماعة في أبواب التوحيد والإيمان وصفات الله وأسمائه، وفي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، وفي غير ذلك من الأبواب، فجزاه الله خيرًا، ورفع درجاته في المهديين، وضاعف مثوبته على ما كتبه من نَصْر السّنّة، وأصلح الله ذريته وبارك فيهم، ونصر بهم الحق، وثبَّتهم على الهدى، كما أسأله أن يتغمد الشيخ عبد الحق برحمته ورضوانه، وأن يغفر سيئاته، ويرفع درجاته، وأن يجمعنا به وجميع مشايخنا وأحبابنا في الله في دار الكرامة، وأن يحسن لنا الختام، ويلحقنا بعباده الصالحين غير خزايا ولا مفتونين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على خير خلقه وسيد رسله نبينا وإمامنا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أملاه الفقير إلى عفو ربه: عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن آل باز عفا الله عنه.
حرر في 15/11/1404هـ".

هذه تزكية سماحة الشيخ ابن باز لشيخه عبد الحق في السّنّة خُصوصًا، أما عمومًا فقد قال عنه: "ما وزنت به أحدًا في عصرنا في سعة العلم"[12].

مذهبُه الفقهي:
قال رحمه الله (ص127): "والحمدُ لله تعالى على أن جعلني مُحبًّا للسنَّة المطهرة، وهجرتُ التقليد؛ مع تعظيم الأئمة الأربعة وغيرهم، وتَرْكَ الاعتراض عليهم في اجتهادهم، مع تقديم السنّة على الرأي المجرد..
ومن طريقتي أني أُفتي بما جاء في القرآن، فإن لم أجد في القرآن فإني أُفتي بما جاء في الحديث، وأجعل الحديث مفسّرًا أو موضحًا للقرآن، وإن لم أجد في القرآن والحديث شيئًا فإني أفتي بأقوال الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم من الأئمة والمجتهدين، الأقدم فالأقدم؛ والأسبق فالأسبق في الاجتهاد، والأقرب فالأقرب في الصواب.
ولا أبالي بلومة لائم وتعنيف معنِّفٍ في ترك التقليد للأئمة الأربعة وغيرهم، فكلُّ أحد يُؤخذ من قوله ويُترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه الإمام الأعظم المُطاع المُقتَدَى به، وكلُّ الناس من زمان الصحابة إلى يوم القيامة مأمورون بإطاعته واتّباعه".

وقال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله تعالى: "إن الشيخ عبد الحق الهاشمي -والد أبي تُراب- كان متحررًا لا يتقيد بمذهب، وكان عِلْمُه بالحديث جيّدًا، وكذلك علمه بالفقه الحنفي"[13].

موقفه من أئمة الفقه:
قال رحمه الله (ص134): "ومما أَنعم عليَّ أنه رزقني محبَّته ومحبَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، ومحبَّة القرابة والصحابة والتابعين، ومن بعدهم من أتباع التابعين لهم بإحسان، ومحبَّة المحدِّثين والفقهاء المجتهدين والصالحين".

وقال (ص135-136): "وأنا أحترم شأن الأئمة الأربعة وغيرهم، وأُثْبِتُ لأئمة الفقهاء المجتهدين الأَجرين فيما أَصابوا، والأجرَ الواحد فيما أخطئوا، ولا أَنْسُبُ إليهم مخالَفةَ الحديث قصدًا، فإنه مهما أمكن تعليلُ قولِ إمامٍ ظاهرُه مخالِفٌ للحديث؛ حتى يكون موافقًا للحديث: فهذا خيرٌ مِنْ نِسْبَتِهِ للمخالفة عَمْدًا، والتِماسُ الأعذار لهم من أسباب الخلاف -وهي كثيرة- خيرٌ.
ذلك كقول الإمام أبي حَنيفة: "الإشْعارُ مُثْلَة"، فظاهرُه مخالفٌ لما ثَبَتَ في السنّة من إشعار الهَدْي، لكن يمكن أن يُقال: إنه ما أنكر الإشعار الثابت، وإنما أنكر الشِّعار الذي أحدثه أهلُ الكُوفة، فإنهم كانوا يبالغون في شَقِّ السَّنام للبَعير، حتى كان الهَدْيُ يَضعف في بعض الأوقات؛ فيموت ولا يبلغ مكة، فلعله أراد أن مثل هذا الشعار مُثْلَة؛ لأن الثابت في الحديث هو الشعار بقدر ما يُخرِج الدَّمَ من السَّنام فقط، فمثلُ هذه التوجيهات في أقوال الأئمة تُخْرِجُها مِنْ نِسْبَتها إلى مخالفةِ ظاهرِ الحديث، والتماسُ الأعذار لهم عندي خيرٌ من صِمَتِهم بالمخالفة.
وقلَّما نَجِدُ قولاً من أقوال الأئمة إلا وجدتُ له دليلاً من الكتاب، أو السنّة، أو من أثر صحابي، أو قول تابعي، أو أي متعلَّق ضعيف أو صحيح.
وأنا إذا ذكرتُ هؤلاء الأئمة الأربعة ذكرتُ مالِكًا بلفظ: إمام دار الهجرة، وذكرت الشافعي بلفظ: ناصر السنّة، وذكرت أبا حنيفة بلفظ: إمام فقهاء الرأي، وذكرت أحمد بلفظ: إمام المحدِّثين، وأنا أُعَظِّم الإمام أحمد جدًّا، وأحبُّه أكثر من حُبِّي غيره، وذلك من أجل صبره على المحنة، ووضعه المسند الكبير؛ وجعله إمامًا لهذه الأمة المرحومة".

وقال الأستاذ عمر عبد الجبار[14] عن الشيخ عبد الحق رحمهما الله: "وهو إلى هذا حافظٌ للصِّحاح الستّة وأسانيدها، ومسائل الخلاف بين الأئمة وحُجَجِهم، ويقوّي ترجيح الراجح، مع احترامه لآراء العلماء، وحبِّه للأئمة المتقدمين".

الدعوة والمنهج والصبر فيهما:
قال رحمه الله (ص137): "وأنا أولُ من أظهرتُ في قريتي مسألةَ الفاتحة خلف الإمام، ورفع اليدين عند الركوع، والرفع منه، وعند السجود، والرفع منه، والتأمين بالجهر، وإلصاق القدم بالقدم في صف الصلاة، ومحاربة البدع، وغيرها من المسائل التي امتاز بها أهلُ الحديث في الهند، وكان شغلي فيها وفي الحرمين تدريسُ الكتاب والسنّة، والدعوة إلى توحيد الله في ذاته وصفاته، والدعوة إلى اتّباع السنّة المطهّرة والعمل بما جاء فيها، وهجر التقليد مع توقير الأئمة الفقهاء المجتهدين، وعلى هذا النهج أمضيتُ سنوات عمري؛ سوى ما أمضيتُ منه في تحصيل العلم".

وقال (ص127): "وأنا أولُ من أظهرت في قريتي وما حولَها اعتقادَ السَّلَف الصالح: من إجراء النُّصوص الواردة في الصِّفات على ظاهرها، كالاستواء، والنزول إلى السماء، وإثبات اليد، والعين، والقَدَم، وغيرها، من غير تعطيل، ولا تكييف، ولا تشبيه، ولا تأويل، وباهلتُ أهل الشرك والنُّذور للقبور في الهند، فأظهر الله الحق؛ وأهلك خصمائي فيه، واتَّبع السنّة مئاتٌ منهم بسبـبي حين ناظرتُ الشيعة والقاديانية وأهل الزيغ والباطل، فانتشر هناك مذهبُ أهلِ الحديث بحمد الله".

وقال (ص133): "وأُنْكِرُ أشدَّ الإنكار على المبتدعة في الحَلِفِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، والتوسل إلى الله بأعيان الأشخاص -دون الأعمال الصالحة-، وإقامة مجالس المَوْلِد، والقيام فيه لتشخيص النبي صلى الله عليه وسلم، أو اعتقاد حضوره، وسائر المبتدعات.
وأنا أول من حاربت في قريتي (كوتلة الشُّيوخ) وما حولها الاستغاثة بالأولياء والأموات والنذور والأضرحة، وبقرية (أُج) وحدها هناك مائة ضريح! فرفعتُ راية التوحيد، وباهلتُ من عارضني فقطع الله دابرهم، وناظرتُ غير واحد من أهل الزيغ والإلحاد، ولا سيما كبيرهم الداعية إلى الشرك (يار محمد كرهي واله)، فنصر الله الحق، وهدى بي الناس في تلك البلاد، فاتَّبَع الطريق المستقيم كثيرٌ منهم، فأقمتُ بينهم بالجامع العباسي (أحمد بور الشرقية) خمسة وعشرين عامًا خطيبًا ومدرّسًا للعلوم الدينية".

وقال (ص128): "ولقد تحمَّلت في زمان الطَّلَبِ مشقّات كثيرة من جهلة المقلِّدين الجامدين في التقليد الشخصي من زملائي في الطلب، ونالَني منهم أذًى كثير[15]، حتى ما كنتُ في أوائل زمان طلب الحديث أصلّي صلاةً إلا وأنا ملتحفٌ برداء، فأرفع يدي عند الركوع والرفع منه مخافة إيذائهم، ولئلا يكونوا سببًا لإخراجي من حَلْقة الدرس؛ لصِغَر سِنِّي ومُخالفتي منهجَهم، فلما قَوِيتْ شَكيمتي واستحكمتُ في المناظرة وأَمِنْتُ أذاهم بَدَتْ منهم البغضاء لهجري التقليد، وكانوا يسخرون بي، ويقولون: إني على ضلالة وعمى! لأني أُفتي بتحريم التقليد وتَرْكِه، وأقول: هو الإشراك في الرسالة".

مفهومه للتقليد الذي يحاربه:
قال - رحمه الله - مواصلاً كلامه السابق (ص128): "وذلك أني كنتُ أقول لهم: من قلَّد شخصًا مخصوصًا لا يَترك قوله أبدًا، ولو كان مخالِفًا للسنّة، وكان بغير دليل، فكأنَّ هذا الرجل جعل هذا الإمام شريكًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في الإطاعة، وكنتُ أقول لهم:
ما أحسنَ قولَ الحافظ ابنِ عبد البَرّ رحمه الله:
فَاهرُبْ مِنَ التَّقْليدِ فهو ضَلالةٌ        إنَّ  المُقَلِّدَ  في   سَبيل   الحائرِ
لا  فَرْقَ  بين   مُقَلِّدٍ   وبَهِيمَةٍ        تَنْقادُ   بينَ   حَبائلٍ   ودَعاثِرِ
دَعْ كُلَّ قَوْلٍ دُوْنَ قَوْلِ  محمَّدٍ        ما  آمِنٌ  في  دِينِهِ   كمُخاطِرِ

وقولَ الإمامِ عبدِ الله ابن الإمام أحمد:
دِيْنُ  النبيِّ  محمَّدٍ   آثارُ[16]        نِعْمَ    المَطِيَّةُ    للفَتَى    آثارُ
لا تَرْغَبَنَّ عن الحديثِ وأَهْلِهِ        فَالرَّأْيُ  لَيْلٌ  والحَديثُ  نَهارُ
وَلَرُبَّما جَهِلَ الفَتَى أَثَرَ الهُدَى        والشَّمْسُ  بازِغَةٌ   لها   أَنْوارُ
 
وإذا بَلَغَنا عن النبي المعصوم حديثٌ؛ وقولُ الإمام يخالِفُه، فتَرَكْنا الحديث، واتَّبَعْنا ذلك الظنَّ والتخمين: فمَنْ أظلمُ منّا؟ وما عُذرُنا يوم يقوم الناس لرب العالمين"؟

التدريس في الهند[17]:
مضى ذكر شيء من كلام الشيخ عبد الحق في هذا، وقال الأستاذ عمر عبد الجبار رحمه الله: "وبعد أن أجيز بالتدريس حُلِّقَتْ أول حَلْقَة له في مدينة أحمد بور الشرقية، المعروفة ببغداد الجديدة، فأقبل عليه الطلاب من كافة أنحاء الهند، فسطع نجمُه، وطار صيته إلى أقصى البلاد. ولما كثر طلابه أنشأ لهم معهدًا علميًّا، كان يقوم بالتدريس فيه أربع عشرة ساعة بين اليوم والليلة، دون أن يشعر بكلل أو سآمة أو ملل.
والشيخ عبد الحق كان مولَعًا بالبادية، فكان يخرج إليها فيرعى الإبل وهو يحمل كتبه، وقد يتبعه بعض طلابه من رواد العلم، فيؤدي رسالته بجانب هوايته رعي الإبل.
خمسون سنة قضاها الشيخ عبد الحق في نشر العلم في شتى العلوم، فعَلَتْ منزلتُه عند سلطان المقاطعة، فأكرمه وعيَّنه قاضيًا شرعيًّا وخطيبًا بالجامع العَبّاسي، وهو إلى ذلك كان يُدعى إلى المؤتمرات الدينية التي كانت تُقام في شتى أنحاء الهند، كما كان يُدعى إلى المناظرات العلمية مع مختلف الأديان والفِرَقِ الضالّة، وكثيرًا ما ترأّس جلسات هذه المؤتمرات، وانتصر في نهايتها على أعداء الإسلام.
ويُعتبر الشيخ عبد الحق خطيبًا مِصْقَعًا باللغة الهندية، وواعظًا حكيمًا، يمتلك القلوب ويُلينها، وكان إذا خطب في حفلٍ استمع إليه الآلاف من الهنود من كافة البلدان، فكم من أحزاب اختلفت فوَفَّقَ بينها، وكم من جماعات تفرَّقت كلمتُها فأَلَّف بينهم بحِكْمَتِه وحُنْكته ودِرايته ومرانِ خِبْرةٍ طويلة، فتخرَّج على يده الكثير ممن شغلوا أهم مناصب التعليم والدعوة والإرشاد، وقد أسلم على يده الكثير ممن ناظرهم وأفحمهم".

قال أبو تُراب الظاهري: "أسَّس دار الحديث، واشتغل بالتدريس في علوم القرآن والسنة، وحاربَ أهل الأهواء والبدع والشرك: بالخطابة والكتابة. وأسلم على يده أناس كثيرون من الكفار، وتاب آخرون [من] الشرك والنذور لأهل القبور؛ كما كانوا على ذلك في بلاده التي عاش فيها، وحارب القبوريين بالمناظرات والمباهلات فنصره الله، وقامت مدرستُه ببَثِّ علوم الإسلام في أنحاء البلاد، وتخرج على يده فيها مئات العلماء، من أكابرهم اليوم الشيخ سلطان محمود شيخ دار الحديث بجَلال بور"[18].

الاستقرار في مكة، وعلاقته مع العلماء، وبعض أقوالهم فيه:
لما قدم مكة للحج جرت مناقشات علمية بينه وبين بعض المشايخ، فما أن سمع به كبار علماء المملكة، وعلموا أنه شَرَح المسند، وجلسوا معه: طلبوا منه الاستقرار والتدريس في مكة، ورغب في ذلك، فسَعَوا في ذلك لدى الملك عبد العزيز، واستصدر منه رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ أمرًا ملكيًّا بتعيين الشيخ عبد الحق مدرّسًا في المسجد الحرام سنة 1367هـ وكلَّف الشيخ عبدُ الحق ولدَه أبا تراب بشحن مكتبته إلى مكة، فبقي فيها مدرّسًا حتى وفاته[19].

قال رحمه الله (ص133-134): "ثم إنه تعالى يسَّر لي الهجرةَ إلى هذا البلد الأمين، فطَلَبني وعيَّنني مدرّسًا بالمسجد الحرام الرجلُ الصالح الملك المعظم عبدُ العزيز أسكنه الله الفردوس الأعلى من فسيح جناته، وجعل خلفاءه خير خلفاء، ووفَّقهم لنُصرة الدين والعِلْم ومساعدة أهله.
وكان ذلك بواسطة رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى وأسكنه جنته، ورئيس الهيئات الآمرة بالرياض الشيخ عمر بن حسن، وأكرمني هؤلاء الأفاضل الأماجد الكرام نفع الله المسلمين بهم، وهم: المفتي رئيس القضاة الشيخ محمد بن إبراهيم، ورئيس الهيئات الآمرة بالحجاز الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، والأخ الكريم الأستاذ الجليل الشيخ عبد العزيز بن باز، فكل هؤلاء من إخواني السَّلَفيين قَرابتي في الدِّين، وفئتي في السنّة المطهرة، رزقهم الله تعالى من الحسنات في الدنيا والآخرة، آمين.
وأنا الآن بمكة منذ سنة سبع وستين -بلطف الله تعالى ورعايته، وحفظه وحمايته- مشتغِلٌ بتدريس الكتب الستّة، ومسند الإمام أحمد، وتفسير القرآن بالحرم المكي الشريف، ودار الحديث المكية، أسأل الله الكريم العفو والعافية، والتوفيق لما يحب ويرضى".

قال ابنه أبو تراب[20]: حجَّ أيام الشريف حسين، والملك عبد العزيز عدة مرات.
قلنا: استمر رحمه الله مدرّسًا للحديث والعلوم الدينية في المسجد الحَرام وفي دار الحديث المكية من سنة 1367هـ حتى وفاته، ولم يتخلَّف عن التدريس إلا أيامًا يسيرة، قال رحمه الله (ص137): "وكان شغلي فيها [يعني في الهند] وفي الحرمين تدريسُ الكتاب والسنة، والدعوة إلى توحيد الله في ذاته وصفاته، والدعوة إلى اتّباع السنّة المطهرة والعمل بما جاء فيها، وهجر التقليد مع توقير الأئمة الفقهاء المجتهدين".

وقال الأستاذ عمر عبد الجبار رحمه الله تعالى: "والشيخ عبدُ الحق في العقد الثامن من حياته الحافلة بجليل الأعمال، ولكنه رغم ذلك متواضعٌ زاهدٌ وَرِعٌ قَنوع، مواظبٌ على التدريس في المسجد الحرام، وإلقاء الدروس في مدرسة المهاجرين السَّلَفية، ودار الحديث المكية، يبتعد عن الرياء والظُّهور، شأن علماء الدين في جميع العصور".

وقال الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله تعالى: "الشيخ عبد الحق الهاشمي دَرَسْتُ عليه، وكان يُدَرِّسُ عند باب إبراهيم، عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام"[21].

وقال عنه الشيخ محمد عمر عبد الهادي -مدير دار الحديث المكية- رحمه الله تعالى: "كان مثالاً للعالم الصالح خُلُقًا، ومواظبة، واستقامة، وحبًّا في نشر العلم، وحرصًا على إفادة الطلبة؛ حتى نَفَعَ الله به، وتخرَّج على يديه طلبةُ عِلْمٍ لهم شأنٌ عظيم وقَدَمُ صِدْقٍ في خدمة العلم وطلابه، فرحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته"[22].

وقال ابنه الشيخ أبو تراب الظاهري رحمه الله تعالى: "كان إمامًا جِهْبِذًا حَمَل كافة علوم الإسلام.. وكان رحمه الله عَلَمًا شامخًا في العلوم الإسلامية بأجمعها، وأُولِعَ بالحديث ورُواته وعِلَلِه، وحَمَلَ راية التوحيد والحديث وعقيدة السَّلَف في رئاسة بهاولبور بالهند، وهي باكستان الآن، وانضوى تحت رايته جماعاتٌ كثيرة، وكان واعظًا بليغًا، جَهير الصوت، رخيم النَّبَرات، يأسِرُ القلوب، وكان صوتُه يصل إلى ثلاثة كيلوات في الخلاء بدون ميكروفون[23]، وقد جاب البلاد واعظًا وخطيبًا مِصْقَعًا، وكان يُدعى لِوَعْظِه إلى المؤتمرات التي تُعقد في كل صُقْع، وكان حاضر البديهة، مُوغِلاً في كتب التاريخ والتراجم والسيرة، نحويًا لُغويًّا، دَرَس على علماء عصره كتبًا عظيمة في علوم الآلة والشِّعر والأدب، وبَرَّز في علم الحديث أيَّ تبريز، وهو من حفاظ صحيح البخاري[24]، وهو صاحب السَّنَد العالي، وروى كتب الحديث عن أشياخ كثيرين بأسانيدهم، وله ثَبَتٌ بها، واقتصر على تدريس الحديث والتفسير في آخر حياته، ولم ينقطع عن التدريس في الحرم المكي إلا أيامًا كان فيها مريضًا مرض الموت، وصُلِّي عليه بالمسجد الحرام، ثم بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ودُفن بالبَقيع بجوار الإمام مالك رحمه الله، وإبراهيم ابن رسول الله عليه الصلاة والسلام..

وكان رحمه الله من مُحِبِّي السنّة، مُتّبعًا لها، داعيًا إليها، قضى حياتَه كلَّها في الدعوة إلى الاتّباع وقمع الابتداع، وطرح التقليد الأعمى، وناظر الخصوم من المبتدعة وأهل الشرك القبوريين، وناظر الشيعة والقاديانية، واتَّبعه خَلْقٌ كثيرون، وتخرّج على يده علماء مشهورون في بلدان شتى، ورحل إليه من الآفاق طلبةُ العلم، كما رحل هو في طلب العلم إلى بقاع كثيرة، بعد أن تعلم على يَدَي والده الكتب التي تؤهل المرء للرقي إلى سُلَّم العلوم من الكتب الكبيرة.
وبالجملة فإنه كان ذا بَصَرٍ ثاقب في علم الحديث والأصول والفقه والنحو واللغة"[25].

وقال أبو تراب في أشياخ ومقالات (ص13): "كان سريعَ الخط، رديئَه، سريعَ المشي، مقدامًا شجاعًا، يُجيد الفروسية والرمي والسباحة..
وكان صحيح البخاري لا يفارقه[26]، ولا يندُّ عنه حديثٌ في السُّنن والمسانيد، وكان حافظًا راوية، وكان زاهدًا في الدنيا، يحبُّ نشر العلم، ولا يتقاضى على التدريس أجرًا البتة، اللهم إلا ما رتبت له الحكومة ودار الحديث في أخرياته، وهو أحد زعماء أهل الحديث بالهند -باكستان حاليًّا- شهيرًا بها.. " الخ.

وقال أبو تراب عن سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمهما الله تعالى -: "..ورُبطت بيني وبينه آصرة وُدٍّ وتقدير، وكلما اجتمع بي تَذَكَّر أبي وترحَّم عليه، ودعا له قائلاً: جَمَعَنا الله به في دار القرار، وكان يُجِلُّ والدي أعظم إجلال، ويصرِّح بأنه أعلم علماء العصر، وقد قرَّظ رسالة والدي في العقيدة، وأثنى عليه، وكان إذا حَضَر دَرْسَ أبي أُعجب أشدَّ الإعجاب بشَرْحِه.

أَذْكُرُ أنه حضر درس التفسير للوالد مرة، وسأل قائده بعد أن استمع إليه: في أي كتاب يَقرأ الشيخ؟ قالوا: ليس معه إلا المصحف. فقضى عَجَبًا من غزارة عِلْمِ الوالد وحفظه"[27].

وقال الشيخ عبد العزيز الزهراني - حفظه الله تعالى -: إن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى قال: "ما أحدٌ من أهل السنّة شَرَح صحيح البخاري كما شَرَحَه أبو محمد عبد الحق الهاشمي"[28].

وأخبرنا شيخنا العلامة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عَقيل - حفظه الله تعالى - قال: "الشيخ عبد الحق أخذت عنه [يعني الإجازة] سنة 1381 أو 1382هـ تقريبا، وكان عالمًا، وكان شَرَح مسند الإمام أحمد، وإنما ضَعُفَ بصرُه، وكان لا يُبصر إلا وهو قائم؛ لا أدري كيف، ثم رَدَّ الله عليه بصره، أظنُّهُ هو إن لم أَكن واهمًا، وكان درسُه في الحَرَم في الجهة الشمالية، الظاهر أنه مقابل الميزاب، على الحصباء - تلك الأيام كان هناك حصىً ورمل، هناك مشّايات من باب السّلام إلى الكعبة، ومن باب علي إلى الكعبة، والباقي ردهات فيها رمل وحصباء، والناس تأتي بسجاداتها، لم تكن هناك فُرُش، إما يصلون على الحصباء أو على سجادته - فالظاهر أنه كان يجلس مقابل الميزاب شماليّ الكعبة، حضرنا عليه دروسًا، كان يدرّس في الصحيحين وكتب الحديث، هو ومحمد خير الهندي، وكان أكثر كلامه على متن الحديث، وأما الإسناد فيسرده سردًا، لا يتكلم على الرجال، وكان سَلَفي العقيدة، وما عثرت عليه كلمة تخالف العقيدة.

ومن مؤلفاته ترتيبُه للبُخاري على المسانيد، وهو عندنا".

وقال أيضًا: "حضرتُ عليه خلال سنوات جملةً من دُروسه في الأمهات الستّ، وذلك في أسفار كثيرة إلى مكة.. وكان ثقةً وزيادة، وما سمعنا منه -ولا من المشايخ عنه- إلا الخير".

وأخبرنا الحافظ ثناء الله بن عيسى خان المَدَني حفظه الله تعالى، قال: "حضرتُ لقاءات علمية عديدة للشيخ عبد الحق بين سنتي 1964 و1968م [1383-1387هـ تقريبًا] في الحرم المكي عند باب إبراهيم -متأخرًا عن مكان درس الشيخ وصي الله عباس حاليَّا- فحضرتُ دروسه في الحديث عمومًا، وفي كتاب الأمّ خصوصًا، وكنا نَدْرُس عليه في البيت وفي مكتبته الخاصة، كما دَرَسْنا عليه في الحرم المدني في الصيف.

وكان أسلوبه علميًّا في الدرس، لا عاميًّا، يتكلم كلامًا واضحًا سهلاً بالدلائل والبراهين، ويتطرق في دروسه للردود، خصوصًا على الحنفية، ويمتاز الشيخ عبد الحق على غيره من مشايخنا في الحجاز بالشرح الكامل الوافي لمسألته.

وكان يتميز في فقه الحديث، وما كان يتقيَّد بمذهب، ويختار الأقرب للكتاب والسنة، وكان يعرف المذهب الحنفي ويُلِمُّ به، وكان رفيع الصوت لا يحتاج إلى مكبّر! وكان متينًا جسيمًا.

كان يدرّس في الحرم صحيح البخاري من الشرح الذي أَلَّفه، وهو في أربعة عشر مجلدًا، درّسه سنوات، ودروسُه كل يوم بعد المغرب، وقُرئت عليه كتبٌ كثيرة، مثل البداية والنهاية.

له خدماتٌ جليلة في منافحة أهل البدع والشرك، ومناهضة أهل الرأي، جلسنا مرة في بيته؛ فجعل يحدّث عن بعض الحنفية مثل أشرف التَّهانوي، فذكر بعض مسائله؛ أظنها في الحج، ثم رد عليه ردًّا عنيفًا على ضوء الكتاب والسنّة.

من أبرز تلامذته الشيخ سلطان محمود رحمه الله، واحدٌ من كبار العلماء، درّس البخاري خمسًا وستين مرة، دَرَس عليه قبل استقراره في الحجاز.

وفي سنة 1953م [سنة 1372هـ] حجَّ أبي رحمه الله، فلما رجع أخبرني أنه كان يجلس في درس الشيخ عبد الحق.

ومن أولاد الشيخ عبد الحق أحدُ العلماء الكبار اسمه عبد الرزاق، كان خطيبًا عظيمًا، توفي من مدة، وولد عبد الرزاق اسمه إسرائيل محاضر في كلية الهندسة في لاهور". انتهى بتصرف يسير.

ووصفه الشيخ ثناء الله المذكور في ثَبَته المسمى "تذكرة الجهابذة الدرري" (ص19): "الأستاذ الفاضل المحدّث الشهير صاحب التآليف الكثيرة".

قلنا: ومما يتصل بعلاقات الشيخ عبد الحق مع أهل العلم ما ذكره ابنُه أبو تُراب الظاهري في معرض حديثه عن الشيخ الوجيه محمد نَصيف، رحم الله الجميع، فقال: "وفي مكتبتي ومكتبة والدي رحمه الله كتبٌ كثيرة عليها خطُّه، وكنا إذا جئنا جُدّة ننزل عنده في منزله العامر، ولا نقصد غيره، وقد رُبطت بينه وبين والدي آصِرَةُ الصداقة منذ القِدَم، وكان والدي يُشيد بكَرَمِهِ وشَهامته، ونُهوضه بالأعباء الجسام، ويعتزُّ ويفتخر بِصِلَته"[29].

وكان يجتمع عنده كبار علماء الحديث في الهند وباكستان عند ورود مكة، من أمثال العلامة عبد الله الروبري، والسامرودي، وغيرهما[30]. وممن كانت تربطه به علاقةٌ وطيدة العلامة الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المُعَلِّمي اليماني رحمه الله، وهو أحد من قرَّظ مسند الصحيحين للشيخ عبد الحق، فمما قال فيه:
"..وقد أوقفني الشيخُ العلّامة الجليل أبو محمد عبد الحق بن عبد الواحد الهاشمي على المجلد الأول من مؤلفه مسند الصحيحين، فتصفحته، فوجدته جمعًا وافيًا بين الصحيحين.. ".

وقرّظ الكتاب أيضًا الشيخ بديع الدين الراشدي السِّنْدي رحمه الله، ومما قال: "..ومصنِّفه الشيخ المحدّث الفاضل العالم الباسل أبو محمد عبد الحق الهاشمي المدرس في الحرم المكي، الصافي للناس من أبيار السنة.. " الخ.

وممن قرّظ مؤلفات الشيخ عبد الحق أيضًا: الإمام المحدّث محمد ناصر الدين الألباني، وأبو الخير إسماعيل السَّلَفي، وغيره من علماء الحديث في الهند، رحم الله الجميع[31].

من أخلاقه:
تقدم ضمن كلام العلماء آنفًا أن الشيخ عبد الحق رحمه الله: متواضع، زاهد، وَرِعٌ، قَنوع، يبتعد عن الرياء والظُّهور، حريصٌ جدًّا على نَشْرِ العِلْم ونَفْعِ الطَّلبة، ضَنينٌ بوقته.

ومن تواضعه رحمه الله أنه كان يكتب على بعض مؤلفاته: أحقر المدرّسين بالمسجد الحرام أبو محمد عبد الحق الهاشمي.

ومن ذلك أن أحد المشايخ طلب من الشيخ ترجمةً ذاتية، فمما أجابه:
"بعد التحية والاحترام أرفع لكم أنه قد وصل كتابُكم الكريم، كتبتم فيه أنكم رأيتم حقًّا عليكم أن تُدرجوا ترجمتي في تراجم المشايخ الذين ذكرتم تراجمهم في كتاب تريدون طبعه، فلما قرأتُ الكتاب وتفكَّرتُ في نفسي قلت: أَعْجَبُ من الشيخ أن يُدرج ترجمتي مع تراجم المشايخ الكبار الأعلام، وأين المتعلم من المعلِّم؟ وأين العامي من العالِم؟ وأين الظُّلْمة من النور؟ وأين الأرض من السماء، وأين الكوكب من الشمس، وأين الصغير من الكبير؟ وأين الفاصل من الواصل؟ وأين قليلُ البضاعة في العلم من كثير البضاعة فيه؟ وأين النواة من التمر؟ ما أنا إلا كالدوحة قليلة الأثمار، أو الشجرة قليلة الأزهار.. " الخ.

ومن صفاته البارزة حِرْصُه الشديد على تطبيق السنّة، وكان ينبّه أئمة الحرم المكي على بعض ما يقع من ترك أو مخالفة بعض السنن في الصلاة[32].

بل كان ينكر على المؤولة ويناظرهم عند حَجِّه واجتماعه بعلماء الحرمين أيام الشريف حسين، وكان الشيخ عبد الحق موضع إجلال في مناظراته معهم[33].

ومن عجيب أخباره في تتبع العلم وحرصه عليه وهمته مع تقدم سنه: ما أخبرناه ابنه الشيخ عبد الوكيل غير مرة: أن أحد الكتبيين حج؛ واصطحب معه مخطوطة تاريخ الدوري عن ابن معين، فلما رآه الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة أخبر به الشيخ عبد الحق، فطلبه عارية، ولم يكن التصوير متيسرًا، فاشتغل بنسخه هو وأولاده بالتناوب، حتى أتموه في ثلاثة أيام متواصلة! وأرانا الشيخ عبد الوكيل هذه النسخة، وفيها خط الشيخ، وخط ابنه أبي تراب، وعدد من إخوانه، في مجلد كامل!

ومن نافلة القول أن مكتبة الشيخ عبد الحق كانت في غاية النفاسة، ولا سيما في الحديث، فكان عنده مخطوطات نادرة، مثل قطعة من صحيح ابن خزيمة، ومسند ابن راهُويه، ولكن تفرقت هذه المكتبة بعد وفاة ابنه أبي تراب مؤخرًا، وبقي القليل منها لدى ابنه الشيخ عبد الوكيل.

مؤلفاته:
كان رحمه الله مكثرًا من التأليف، ولا سيما في السنّة، وتجلَّت خدماته في الصحيحين والموطأ أكثر من غيرها، وأحصيت له أكثر من ثمانين مؤلَّفًا، منها:
تفسير القرآن بالقرآن والسنة، والجمع بين الصحاح الستة، كشف المغطى عن رجال الصحيحين والموطَّا، مفتاح الموطأ والصحيحين، شرح الصحيحين والموطأ، مسند الصحيحين، مصنّف الصحيحين، شرح تراجم البخاري، التعليق المعتلي في شرح المسند الحنبلي، كتاب الجمع بين منظومة الأمير اليماني، وألفية العراقي، والسيوطي، وله رسائل صغيرة في اثني عشر مجموعًا، طبع ثلاث منها فقط، له الثَّبَت الكبير، والثبت الوجيز، الذي كتبه لسماحة الشيخ ابن باز، وله إجازات كثيرة، ومراسلات مع بعض المراسلات مع العلماء والوجهاء، سواء مع مشايخه ومن في طبقتهم (كالبتالوي والمباركفوري وأحمد الله الدهلوي)، أو مع تلاميذه، مثل السؤالات العلمية من الشيخ بديع الدين الراشدي (كما في إتحاف أهل الرسوخ)، وانظر كتاب: محمد نصيف حياته وآثاره (ص164).

الآخذون عنه:

هم من الكثرة بمكان، حيث درّس في الهند ومكة مدة تزيد على سبعين سنة[34]، ولا تكاد تجد أحدًا من العلماء السَّلَفيين ممن ورد مكة إلا وأخذ عنه واستفاد منه واستجازه، سواء حال إقامته في مكة أو مواسم الحج والعمرة، وغالب المدرّسين في الحرم منذ مدة هم تلامذته، وكذا المدرسون في دار الحديث المكية.

كما حرص أهل العلم على وصل سَنَدِهم به ونيل إجازته العالية، لعلو مكانته وسِنِّه ورواياته.

ومن مشاهير الآخذين عنه:

أبناؤه: وأكبرهم عبد الرزاق، وهو الذي خَلَف أباه في نَشْرِ العِلْم في بلاده، وأبو تُراب الظاهري - وقال: إنه قرأ عليه أكثر من مائتي ألف حديث من سائر الكتب - وعبد الوكيل، وغيرهم.

ومنهم: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وسماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، والشيخ سليمان الصَّنيع، والشيخ حماد الأنصاري، والشيخ إسماعيل الأنصاري، والشيخ عمر بن محمد فَلّاته، والشيخ محمد بن عبد الله الصومالي، والشيخ بَديع الدين شاه الراشدي السِّنْدي، وأخوه الشيخ محب الدين شاه، والشيخ سلطان محمود الهندي -وهو أكبر من أخذ عنه في بلده-، والشيخ عبد الصمد شرف الدين الهندي، والشيخ عبد الله اللكنوي، والشيخ عبد الرحمن مظهر، والشيخ محمد بن عبد الله آد الشنقيطي المدني، والشيخ ناجي بن محمد سيف المخلافي، والشيخ محمد الحسن الهاشمي، والشيخ أحمد الحُسامي، والشيخ سالم بن أحمد بن عفيف - رحمهم الله تعالى.

والشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، والشيخ محمد بن عبد الله بن سبيل، والشيخ يحيى بن عثمان المُدَرِّس العَظيم آبادي، والحافظ ثَناء الله بن عيسى خان المدني، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن سعيد الزهراني، والشيخ سليمان بن سالم بن عبد الله اللهيبي الحربي، والشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، والشيخ محمد بن أحمد التُّنْبُكْتي، والشيخ محمد بن عبد الستار الدِّهْلَوي، والشيخ عبد الله بن بخيت، والشيخ عثمان كِيْتا المدني، والشيخ أحمد بن علي الحُريبي، والشيخ عبد الله بن أحمد الحَكَمي، والشيخ الكوثري بن الزمزمي الأنصاري، والشيخ محمد الحبيب الشريف، والشيخ حامد العبادي، وغيرهم كثير - حفظهم الله تعالى.

من الرؤى المبشرات:

قال رحمه الله (ص134-135): "ومما أنعم الله عليَّ في زمان طَلَب الحديث أني رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام، وقد مرَّ بين يديّ، وعليه لباسٌ أبيض، وكأن القمر يجري في وجهه.
ورأيتُه أيضًا في المنام كأنه نزل على كرسي من السماء في لباسٍ حَسَن فعانقني.
ورأيتُ أيضًا في المنام أني حملتُ جنازته على رأسي ورجلٌ آخر، وأنا حاملٌ من جهة رأسه الكريم، وهو حاملٌ من جهة رجليه، وأنا أخوض في الماء في هذه الحالة، فألقي في رُوْعي في المنام أنّي أُحْيي سنّتَه الميتاء.
ورأيتُ أيضًا في المنام أني دخلت في الحجرة النبوية وبين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ديوان كبير، فسألتُه عن اسم صحابي، فقال لي: انظر في هذا الديوان. فرأيت اسمه مكتوبًا فيه.
وأيضًا رأت أُمّي النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام أنه دخل بيتَنا، ودعاني، فذهبتُ إليه، وفي يدي القَلَم والدَّواة، فصار يُمْلي عليّ وأنا أكتب، ثم تَقَرَّبَتْ منّا، فقام عليه السلام، فقُمتُ معه، ثم دَخَلْنا في بيت آخر، فجعل يُمْلي عليّ.
وما ذكرت هذه الرؤى ترفُّعًا وافتخارًا وتكبّرًا واغترارًا، بل ذكرتُها إظهارًا لِـمِنَّة ربي على عبده الضعيف، وشُكرًا لنعمته سبحانه وتعالى، والله على ما أقول شهيد، وهو حسيـبي".

وفاته:

توفي -رحمه الله - في مكة، ويُخبر الشيخ عبد الوكيل عن وفاة أبيه فيقول[35]: "في رمضان 1392هـ أصيب والدي رحمه الله بذات الرئة مرتين، مرة في اليمنى ومرة في اليسرى، وكان بكامل حواسه، حتى إذا سمع غلطة في مسائل العلم أومأ برأسه، وبقي على هذا طيلة شهر رمضان المبارك، وفي يوم الخميس الثامن عشر من شهر شوال قام؛ وجلس على فراشه، وحرّك من أعضائه، ثم استلقى، وأسلم الروح بكلمة الشهادة لبارئها. خسارة كبرى منيت بها الأمة الإسلامية، فإنه يعزّ وجود عالم مثله في هذا الزمان! وغُسِّل رحمه الله، وصلى عليه أكثر من ثمانين ألفًا، ثم حُمِلَ في السيارة إلى المسجد النبوي، وصلى عليه هناك أكثر من سبعين ألفًا من صُبح يوم الجمعة، وحمل نعشُه على رؤوس الأصابع، والناس مزدحمون، ودُفِنَ عند أقدام الإمام مالك إمام دار الهجرة، وعند رأس إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وبجانبه سعد بن معاذ الذي اهتز بموته عرش الرحمن، وبجانب عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنهم. وقد نزلتُ في قبره وأودعتُه في لَحْده، فطوبى له وقد بلغ أمنيته، فإنه كان يتمنى أن يُدفن في البقيع، وهكذا كان. عظّم الله أجرنا جميعًا، وعوّض الله أهل الحديث عنه خيرًا، وأجزل مثوبته، وأسكنه الفردوس، آمين ثم آمين".

وأخبرنا الشيخ عبد الوكيل أن الذي صلى عليه في مكة الشيخ عبد الله الخليفي، وصلى عليه في المدينة الشيخ عبد العزيز بن صالح، رحم الله الجميع.

وذكرت بعض المصادر وفاته سنة 1394هـ[36] ووقع في بعضها أنها سنة 1393هـ، والصحيح ما قدَّمْناه. فيكون -رحمه الله- قد عُمِّر تسعين سنة.

وقد رثاه ابنُه أبو تُراب بقصيدة في ستّين بيتًا، مطلعها:
أَسْقاكَ مِرْعادُ الهَتُونِ بِصَيِّبِ        يا قَبْرَ خَيْرِ أَبٍ وخَيْرِ مُؤَدِّبِ
اللهم اغفر للشيخ عبد الحق، وارفع درجته في المهديين، واخْلُفْه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وَاجْزِهِ عن الإسلام والمسلمين أفضل ما جزيت به العلماء العاملين.

ذريته:
كان -رحمه الله- قد تزوج سبع مرات، وله خمسةٌ وعشرون من الولد، كما ذكر أبو تراب وعمر عبد الجبار.

وأفاد الشيخ عبد الولي ابن الشيخ عبد الحق: أن أبرز أولاد الشيخ عبد الحق: الشيخ عبد الرزاق -رحمه الله- الذي خَلَف أباه في التدريس في باكستان، وكان متميزًا في السنّة وعلومها، أما أبو تراب فتميز في اللغة والأدب وغيرهما.

وله من زوجة أخرى: أبو تُراب، وعبد الوكيل، وعبد الجليل، وعبد الولي، وهاشم، وثلاث بنات، فهؤلاء أشقاء. وبقية أولاد الشيخ عبد الحق من زوجات أخر توفوا صغارًا.

وقد أجاز الشيخ عبد الحق جميع أولاده، وكانت له عناية بهم، فابنتُه أم سلمة كانت تحفظ الموطأ بإشارة من أبيها، وأخبرنا الشيخ عبد الوكيل: أن والده كان يقول لأولاده: احفظوا مشكاة المصابيح وأُعطيكم على كل حديث نصف ريال! فحفظ أخي عبد الجليل ثلثه[37].

اتصالي به:
قال أفقر العباد محمد زياد عفا الله عنه:
أروي الكتب السبعة وكثيرًا من كتب السنة المشرفة قراءة وسماعًا على أصحاب المترجم، وأجازني عنه بضعة عشر شيخًا، منهم أبناؤه الثلاثة أبو تراب الظاهري رحمه الله تعالى، وعبد الوكيل، وعبد الولي.

فأروي سماعًا وإجازة عن المشايخ الأجلاء: عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، وثناء الله بن عيسى خان مفتي لاهور، ويحيى بن عثمان المدرس، وأبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري.

وإجازة فقط عن جمع، أجلّهم الشيخ محمد بن عبد الله الصومالي رحمه الله تعالى. كلهم عن المترجم.

وأقتصر بطرف إسناد كتاب واحد من طريقه، وهو الكتاب الذي كانت له به عناية خاصة.

فقرأت صحيح البخاري من أوله إلى آخره -مع غيري- على ابن المترجم الشيخ عبد الوكيل، وعلى الشيخ ثناء الله بن عيسى خان مجتمعَين في الجامع الكبير بالكويت، وطرفًا منه على الشيخين عبد الله بن عقيل في منزله بالرياض، ويحيى المدرس في منزله بمكة.

قال الأول: أخبرنا والدي الشيخ عبد الحق لجميعه غير مرة.
وقال الثاني والثالث: أخبرنا بأطراف منه.
وقال الأخير: أخبرنا بكثير منه.

والشيخ عبد الحق يرويه قراءة وسماعًا عن جماعة، منهم الشيخ محمد حسين البتالوي، والشيخ أحمد بن عبد الله بن سالم البغدادي المدني.

فالأول: عن نذير حسين قراءة لجميعه، بسنده السماعي المشهور.
والثاني: عن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ إجازة إن لم يكن سماعًا ولو لبعضه، عن جده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب سماعًا عليه لبعضه وإجازة، بسنده.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 
ــــــــــــــــــــــــ
[1] طبعت ضمن المجموعة الثالثة من رسائله (ص125-143) كتـبها في مكة، في شهر ربيع الأول من سنة 1382، ومنها النقل فيما يلي؛ إلا ما أنص عليه. 
وطُبعت مفردة بعد ذلك، ثم مع الثبت الكبير للمترجم، بعنوان: اعتقاد الفرقة الناجية.
* وقد يسّر الله لي قراءتها في الكويت على المشايخ الثلاثة: عبد الوكيل بن عبد الحق الهاشمي، وثناء الله المدني، ومحمد إسرائيل السلفي الندوي، ثم سمعتها في الرياض على سماحة الشيخ عبد الله العقيل، بسماع الأول، وإجازة الثاني والرابع من مؤلفها.
[2] قال في ترجمته التي كتبها للشيخ سليمان الصنيع: "وبعد أن تم له خمس سنوات شرع في قراءة القرآن، وبعد أن أتم العاشرة شرع في تلقي العلوم الشرعية". 
[3] في المطبوع: "الغزاني"، ووقع في جميع مواضع ذكره في الثَّبَت الكبير بخط المؤلف كما أثبت، وكذلك في إجازته بخطه للشيخين حماد وإسماعيل الأنصاريَّين (ص4، وهي في هدي الساري ص708)، رحم الله الجميع. 
وقال العلامة عبد الحق في ترجمته التي كتبها للصنيع: "وكان أبو الفضل إمام الدين وأبو الخير عيسى [يعني ابن أحمد الراعي] هذان هما الذَين قرأت عليهما في علوم الآلة والمعقول، علاوة على كتب الحديث والفقه أيضًا".
[4] يعني: محمود حسن الدِّيُوبَنْدي. 
[5] وهو أعلى شيوخ الشيخ عبد الحق إسنادًا، ومن مشايـخ البغدادي الآخرين في الرواية المشايخ: عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، ونُعمان الأَلُوسي، وأحمد زيني، وداود بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد، الراوي عن سعيد بن عبد الواحد الأنصاري الأَشْعَري، عن محمد بن إسماعيل الأمير الصَّنْعاني. (كما يستفاد من أثبات الشيخ عبد الحق).
وقال أبو تراب الظاهري في ترجمته الخطية لأبيه: ومن أشهر من أجازه وكتب بخطه الإجازة في الحديث: السيد أحمد البغدادي، الذي كان عند النواب صديق حسن خان القِنَّوجي. 
[6] وأخذ الشيخ عبد الحق مسلسل المد من الشيخ عبد الودود -ابن الشيخ عبد التواب هذا- عن العلامة أحمد الله الدهلوي بسنده. 
[7] هذا العالم الأثري الجليل (1256-1338) هو عمدة الشيخ عبد الحق في الرواية، ومما قرأ عليه أيضا الموطأ والدارمي وبعض مسند أحمد -كما أفادتنا الإجازة التي بين أيدينا- وقرأ الشيخ البَتَالَوي -ويكتب أيضا: البَطالَوي- الكتب السبعة والمشكاة على السيد نَذير حسين، وهو أحد أجلّ تلامذته، كما في نزهة الخواطر (8/451 و526). 
وأخبرنا الشيخ عبد الوكيل أن أباه تخرج في الحديث على البتالوي، ولازمه في جميع الكتب، وهو الذي ألبسه العمامة على طريقة أهل بلده عند التخرج.
[8] يظهر أنه تكرر سهوًا، وأنه الملاني المذكور قبل؛ لأن الشيخ عبد الحق سيذكر فيما يأتي من سند صحيح البخاري: "وأبو محمود هبة الله بن محمود الملاني المهدوي"، وكذا في إجازة الرواية، ولا يذكر الشيخ عبد الحق سوى واحد عند روايته عن حسين الأنصاري. ويلاحظ أن الكنية هنا (أبو محمد)، ولكن وقع في إجازته هذه، وفي إجازة الرواية، وفي الثَّبَت الكبير: "أبو محمود"، في جميع المواضع التي ذُكر فيها، مع أنه جاء في موضعين من إجازته للشيخين حماد وإسماعيل الأنصاريين: "أبو محمد"، والله أعلم. 
[9] هذا نصٌّ مفسَّر منه لنوع روايته عن الشيخ نَذير حسين (ت1320)، فمن جعلها بالإجازة الخاصة -فضلاً عن السماع الجزئي- فلعله وهم، ومما يدل على ذلك -زيادةً على التصريح المفسَّر المذكور- أن الشيخ عبد الحق أسند جميع الكتب -حتى بالإجازة- عن الشيخ نَذير حسين بواسطة، بل نجده يُسند بعض ما اتصل بالإجازة قائلاً: "بالسَّنَد إلى السيّد نَذير حُسين"، بل إنه روى بواسطة عمن توفي بعده من علماء الهند، مثل: حسين بن مُحْسِن الأنصاري (ت1327هـ)، وشمس الحق العَظيم آبادي (ت1329هـ) -وهذا تلميذ نَذير حسين- ومحمود حسن الديوبندي (ت1339هـ)، رحم الله الجميع، نعم، وقع في هذه الإجازة في سند البخاري: "وأرويه بالإجازة العامة عن السيد نَذير حسين"، وفي إجازة الرواية المطبوعة أول المجموعة الثالثة من الرسائل (ص8): "وأما الموطأ فأخبرني به الحسين بن عبد الرحيم، عن السيد نَذير حسين (ح) وأرويه عن السيد نَذير حسين بالإجازة العامة قبل موته"، ووقع في المطبوع ضمن النجم البادي (ص38) عن سند البخاري: "وأرويه بالإجازة عن السيد نَذير حسين.. "، وكذا في مقدمة مسند الصحيحين (1/9): "وأرويه أنا عن [نَذير حسين] بالإجازة العامة منه" فالمقصود من ذلك الإجازة (العامة) لأهل العصر، وأنه أدرك من حياة الشيخ قبل موته جزءًا يدخله في عمومها، لا الإجازة (بعامة) المرويات، فالنص المجمل يبينه المفصل، هذا ما انتهى إليه اجتهادنا وعلمنا في هذا الأمر، والله أعلم.
ثم راجعتُ شيخنا عبد الوكيل ابن المترجَم فقال لي: إنه يتوقف في أخذ أبيه عن نذير حسين مباشرة. 
[10] فيما أملاه على الأخ الشيخ عبد الوهاب الزيد. 
[11] هو الأمير العالم صِدّيق حَسَن خان القِنَّوجي رحمه الله تعالى. 
[12] نقله أبو تراب الظاهري في ترجمته لوالده بخطه. 
[13] المجموع في ترجمة الشيخ حماد الأنصاري (2/613). 
[14] في مقاله المنشور بجريدة البلاد بتاريخ 10/11/1379هـ عن سيرة الشيخ عبد الحق، وجميع ما يأتي عن عمر عبد الجبار فمن هذا المقال. 
[15] أخبرنا الشيخ عبد الوكيل (ابن المترجم) غير مرة عن الشيخ بديع الدين الراشدي أن بعض المبتدعة حاولوا قتل الشيخ عبد الحق -لما دعاه للدعوة ي سعيد آباد- بإلقاء آجرّة على رأسه من سطح المسجد، ولكن لطف الله به فأصابت كتفه، بل كانت هذه الإصابة سببًا في شفائه من أحد الأمراض.
[16] كذا في المطبوع، وجاءَ في عِدَّةِ مَصادر: "أخبارُ"، وقد نُسِبَتِ الأبياتُ لغيرِ واحِدٍ. 
[17] من المعلوم أن إطلاق النسبة للهند أيام الشيخ عبد الحق (قبل التقسيم) يشمل باكستان أيضًا. 
[18] أشياخ ومقالات (ص12).
[19] أفاد بما سبق الأخ الشيخ رياض السعيد عن أبي تراب الظاهري، وهو مذكور باختصار في كتاب أشياخ ومقالات (ص13).
ولشحن المكتبة قصة ذكرها أبو تراب رحمه الله في كتاب: محمد نَصيف حياته وآثاره (ص353) تدل على شهامة الشيخ محمد نَصيف، وفيها أن المكتبة كانت خمسة وثلاثين صندوقًا خشبيًّا كبيرًا.
وذكر الأستاذ عمر عبد الجبار رحمه الله أنه "..صدر الأمر الملكي الكريم بتعيين الشيخ عبد الحق مدرّسًا بالمسجد الحرام، وبلّغت السفارة السعودية بترحيله من الهند إلى الحجاز، فأسف على فراقه طُلّابُه، كما أَسِفَ سلطان المقاطعة ببعاده". 
[20] فيما أملاه على الأخ الشيخ عبد الوهاب الزيد، ويعين على تقريب التاريخ معرفة وفيات بعض مشايخه المكيين، حيث توفي الشيخ سعيد بن محمد اليماني سنة 1352هـ وتوفي الشيخ عمر ابن أبي بكر باجُنيد الحضرمي المكي سنة 1354هـ رحم الله الجميع.
وأما ما ذكره عمر عبد الجبار رحمه الله من أن الشيخ عبد الحق حج ستين حجة ففيه نظر، والله أعلم. 
[21] المجموع في ترجمة الشيخ حماد الأنصاري (1/455). 
[22] إتحاف أهل الرسوخ (خ)، وفيه أن الكتابة سنة 1397هـ. 
[23] قال أبو تراب عن أبيه: خطب مرة بدار المهاجرين بالعتيبية فأسمع من بالبيان بدون ميكرفون -وهو شيخ كبير!- في حفل أقيم على شرف الأمير عبد الله بن سعود، أيام تأسيس دار المهاجرين. (أشياخ ومقالات ص13).
[24] حدثنا الشيخ عبد الوكيل أن والده كان يسرد عليه صحيح البخاري من حفظه وهو مستلقٍ، ويتبّع خلفه.
[25] من ترجمته لوالده بخطه.
[26] أخبرنا الشيخان عبد الوكيل الهاشمي وثناء الله بن عيسى خان المدني مجتمعَين أن الشيخ عبد الحق كان يقرأ بعد الفجر ورده من القرآن، مع جزء من البخاري، وآخر من مسلم، وكان هذا دأبه يوميًّا إلى أن مات رحمه الله.
[27] مقال بعنوان: "ألا رحم الله ابن باز"، جريدة المدينة 24/2/1420هـ، بواسطة الإنجاز في ترجمة الإمام ابن باز (588-589).
[28] قال الشيخ بدر العتيبي في مقدمته لثبت عبد الحق الكبير: أخبرني شيخنا عبد العزيز الزهراني.. فذكره.
قلت: لعله لأجل شرحه الموافق للسلف لكتاب التوحيد أو الرد على الجهمية.
وأخبرنا الشيخ عبد الوكيل أن سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله كان يُرسل لوالده أسئلة عن الأحاديث الغرائب.
[29] محمد نَصيف حياته وآثاره (ص352). 
[30] كما أخبرنا الشيخان عبد الوكيل وثناء الله المدني. 
[31] كلام المعلمي وما بعده استفدناه من مقدمة ثَبَت الشيخ عبد الحق الكبير للشيخ بدر العتيبي. 
[32] من إتحاف أهل الرسوخ، بتصرف. 
[33] أشياخ ومقالات (ص12).
[34] قاله أبو تراب الظاهري في ترجمة أبيه بخطه، وقال في أشياخ ومقالات (ص13): "قام بتدريس الحديث بالهند -قبل أن تكون باكستان- أكثر من أربعين سنة، وقام بالتدريس بالمسجد الحرام ودار الحديث بمكة أكثر من خمس وعشرين سنة.
أخذ عنه إجازة الرواية مئات من العلماء والطلبة، وعلى رأسهم بعض كبار المشايخ في نجد والبلد الحرام؛ لأنه صاحب سند عال، وصاحب طرق متعددة في الروايات واتصال الأسانيد، لذا تجد تلامذته في أنحاء الدنيا شرقًا وغربًا". 
[35] فيما كتب به للأخ الشيخ بدر العتيبي، وهو التاريخ الذي أخبرناه الشيخ عبد الوكيل شفاهًا، وأثبته عنه الشيخ أحمد بن عمر بازمول في النجم البادي (ص13) كذلك. 
[36] وكذا أملاه الشيخ أبو تراب على الأخ الشيخ عبد الوهاب الزيد. 
[37] قلت: هذه الترجمة ملخصة من ترجمتي له المثبتة مطلع تحقيق ثبته الوجيز، يسّر الله طبعه. 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن التويجري في محاضرة: وقفات مع قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة}(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • رسالة وفاء ومحبة لعلماء دمشق من الشيخ محمد عبد الجواد القاياتي إلى الشيخ عبد الرزاق البيطار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ترجمة الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا دعاة الباطل لا تكونوا كاليهود: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير قوله تعالى: {يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- ثناء ودعاء
عراقي محمود حامد - مصر الكنانة 20-02-2016 06:42 PM

طرح ممتاز، وترجمة رائعة، جزاك الله خيرا، ودعواتي بدوام التوفيق!

3- شكر لله عز وجل
عبدالله خالد عبدالله مساوى - اليمن - حضرموت - الشحر 11-05-2010 03:21 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه الطاهرين ...
أما بعد ،،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير يا شيخ على هذا الموضوع
ونسأل الله أن يرحمه ويغفر له ويدخله الفردوس الأعلى ... آمين

والحمد لله رب العالمين ، لقد مّـن الله عليّ بأن أخذت إجازة سماعاً من الشيخ عبدالوكيل بن عبدالحق الهاشمي حفظه الله ورعاه وأطال في عمره
في كتاب ( الأدب المفرد للإمام البخاري رحمه الله تعالى )
وذلك في دولة الكويت في المسجد الكبير
ولله الفضل والمنّة

ونسأل الله الهداية والصلاح في القول والعمل
وأسألكم بالله بأن تدعو لي أن يهديني ويصلحني ويغفر لي السيئات ويرزقني إنه على ذلك قدير ،
اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين
واغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات
اللهم ارحم جدتيّ واغفرلها واعفُ عنها
يارب العالمين

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
- عبدالله خالد عبدالله مساوى

2- شكر وتقدير
علي ياسين جاسم المحيمد - السعودية، سوريا. 14-12-2008 08:43 AM
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم المسند المفضال محمد زياد التكلة ونفع الله بعلمكم وزادكم الله من فضله ترجمة والله ماتعة بحق نسأل الله أن يتغمد المترجم برحمته وأن يدخله وعلماء المسلمين فسيح جنته وأن يميتنا على المحجة البيضاء وأن يحشرنا والقراء الأكارم مع أهل الحديث ومحبيه
1- تعليق
محمد بن غريب الفودري 01-09-2008 11:41 AM
شكرا على الترجمة

رحمه الله من إمام علامة محدث فهامة
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب