• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع / خطب منبرية مفرغة
علامة باركود

رسول الله في زيارة لبنته السيدة فاطمة.. فوائد وحكم

رسول الله في زيارة لبنته السيدة فاطمة.. فوائد وحكم
الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/11/2017 ميلادي - 11/3/1439 هجري

الزيارات: 51327

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة لبنته السيدة فاطمة

فوائد وحكم


إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفُسنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يَهْده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فإنَّ أصْدقَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدْيِ هدْيُ رسول الله، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها الإخوة المؤمنون، في ظلالِ سيرةِ نبيِّنا محمد عليه الصلاة والسلام نرتوي مِن مَعينٍ لا يَنْضَب، وننْهَل مِن مَوردٍ لا يَتكَدَّر، إنه محمد رسول الله أَكْمَل الخلْق، وأَفضلُهم وأَشرفُهم وأَحبُّهم إلى الله جل وعلا، هذه الحياة الكريمة، وهذه السيرة المنيفة لِخيرِ الخلْق؛ جديرٌ بأهل الإيمان أن يتأمَّلوا فيها، وأن يَحْتَذُوا حذْوَها، وأن يَستفيدوا مِن منهاجها، ذلك أنه عليه الصلاة والسلام هو الأُسوة والقدوة، وقد أمَرَنا ربُّنا عزَّ مِن قائل، وحثَّنا على أن نقتدي ونهتدي بهدْيه عليه الصلاة والسلام، قال الله جل شأنه ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، ومهما قلَّبتَ في صفحات حياتك يا عبد الله؛ فإنك واجدٌ أن هدْي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم هو المنهاج الذي لا يَزِلُّ، والطريق الذي مَن سلَكَه لا يَضِلُّ، إنه طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وأنتَ واجدٌ يا عبد الله أن في أخلاقه وتعاملاته ما يجعلُك تكُون على المنهج الصحيح، وتَصِلَ إلى غاياتك دون أن يكون منك خَلَلَ ولا خَطَل.

 

وفي هذه اللحظات نعيش وإياكم موقفًا كريمًا، فيه العديدُ من الفوائد، التي تتعلَّق بتواصُل الإنسان وتعامُله مع أهل بيته، وأيضًا ترسم مناهجًا في كيفية حلِّ المشكلات، والتعامل مع الأخطاء، وتوضِّح أيضًا طريقةً قويمة فيما ينبغي أن يكُون عليه الإنسان من التُّؤَدَة واللطف وعدَم العجَلة.

 

هذا الموقف ثابت في الصحيحين؛ فقد رواه الإمام البخاري في أكثرَ مِن موضع من كتابه الجامع الصحيح، حيث رواه في كتاب الصلاة، وفي كتاب الأدب، وفي كتاب الاستئذان، وفي كتاب الفضائل، لما لهذه الواقعة مِن الصلة بهذه الأمور، والفقه الذي تدل عليه.

 

فقد روى البخاري رحمه الله، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: ما كان لعليٍّ رضي الله عنه اسمٌ أحبَّ إليه من أبي تراب، وإنْ كان ليفرَح به إذا دُعي بها، جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيتَ فاطمة عليها السلام، فلم يجد عليًّا في البيت، فقال: ((أين ابنُ عمِّك؟)). فقالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبَني فخرج فلم يَقِلْ عندي [لم يَقِلْ؛ تعني: لم يَنَمْ وسَط النهار القيلولة]، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإنسان: ((انظر أين هو)) فجاء، فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مضطجع، قد سَقط رداؤه رضي الله عنه عن شِقِّه [عن جانبه] فأصابه تراب، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسحه عنه وهو يقول: ((قُمْ أبا تراب، قُمْ أبا تراب))؛ أي: يا أبا تراب.

 

وفي رواية عند الإمام مسلم في صحيحه: فجاءه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مضطجع، وقد سَقط رداؤه عن شِقِّه فأصابه تراب، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسحه عنه ويقول: (قُمْ أبا التراب، قُمْ أبا التراب)).

 

وسيِّدنا عليٌّ رضي الله عنه كانت هذه الكُنية أحبَّ إليه لما فيها مِن التذكير بملاطفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له، وتودُّده إليه، وقد كان لسيدنا عليٍّ رضي الله عنه كنًى مشهورة فهو أبو الحسَن؛ نسبة إلى ابنه الأكبر الحسن رضي الله عنه، ويكنَّى أيضًا بأبي السِّبْطين وهما الحسن والحسين وهما سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسِّبْط هو: ابن البنت، لأن الحفيد هو: ابن الابن، وأما ابن البنت فيقال له سِبْط، فهما ابنا فاطمة، فهما سِبْطا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الكنية الثالثة فهي أبو تراب، وكانت هذه أحبَّ إليه رضي الله عنه؛ لأن الذي كنَّاه بها هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت هذه الكُنية بهذا السبب الذي تقَّدم إيرادُه في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وهذه القصة غزيرة الفوائد، جمَّة المعاني، ينبغي أن يُستفاد منها في كلِّ ما تدلُّ عليه، ولذلك اجتهد العلماء رحمهم الله في استنباط ما فيها من الدلائل والفوائد، ولا شك أن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل مواقفِه فيها غزيرة الفوائد، جمة المعاني، منهاج ينبغي أن يسلكه المؤمن.

 

في جملة الفوائد ينبِّه العلَّامة الكِرماني في كتابه الحافل (الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري)؛ يقول: إنَّ قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ((أين ابن عمك؟)) ويعني: زوجها عليًّا رضي الله عنه، يقول الكِرماني: فإن قلتَ لم اختار هذه العبارة، ولم يقل أين زوجك؟ أو أين علي؟ قلتُ: لعله صلى الله عليه وآله وسلم فَهِم أنه جرى بينهما شيء؛ فأراد استعطافها عليه بذكْر القرابة النَّسَبية التي بينهما. انتهى كلامه رحمه الله.

 

فكأنه يقول: يا ابنتي يا فاطمة، إن كان وقع بينكما شيء، فإنه غيرَ أنه زوجٌ لك فإنه ابن عمِّك، ولا شك أن للقريب ما ليس لغيره مِن الصلة والمودَّة.

فكأن النبي عليه الصلاة والسلام أراد أن يمهِّد للإصلاح بينهما؛ لأنه استشرف أن ثمة خلافًا بينهما.

 

وفي جملة الفوائد يقول العلَّامة العيني رحمه الله في كتابه (عُمدة القاري شرح صحيح البخاري): فيه من الفوائد: جواز دخول الوالد في بيت ولده بغير إذن زوجها.

 

فإن النبي عليه الصلاة والسلام دخل دون أن يكون ثمة إذنٌ مِن عليٍّ رضي الله عنه، نعم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له من المكانة والمنزلة ما ليس للآباء عمومًا فهو رسول الله، لكن مما تقتضيه المروءة أن يكون الأزواج غيرَ ممانِعين في دخول آباء وأمهات أزواجهم إلى بيوتاتهم، فإنَّ للأب والأم من الفضل والشرف على هذه الزوجة بنتِهما ما ليس لغيرهما.

 

وفيه من الفوائد كما يقول العيني: استِعطاف الشخص على غيره بذكْر ما بينهما من القرابَة. الثالثة: فيه إباحة النوم في المسجد لغير الفقراء، ولغير الغريب.

 

هكذا قال رحمه الله، وهو كذلك، مع ملاحظة ما تقتضيه التنظيمات الإدارية مِن قِبل الجهات المعنيَّة؛ لأنه مع استحداث وجِدَّة الأمور، وما قد يلابس ذلك من بعض الاحتياج إلى غلق المساجد في أوقات معينة؛ حتى لا تُستغلَّ مِن قِبل ضعاف النفوس، أو مَن يريد الشر.

 

ويقول العيني أيضًا: فيه من الفوائد: الممازَحة للغاضب بالتكنية بغير كنية إذا كان ذلك لا يغضبه بل يؤنسه.

ويعني بهذا أن عليًّا رضي الله عنه لم يكن معروفًا بهذه الكُنية مِن قبْل، لكن النبي عليه الصلاة والسلام لما رآه على هذه الحال؛ خرج من داره، ومن النوم على سريره إلى النوم في المسجد وعلى التراب، فإنه أراد ملاطفتَه وممازحتَه حتى يذهب ما في نفسه مما كان من هذا الخلاف.

 

قال العيني: فيه من الفوائد: الخامس: مُداراة الصِّهْرِ، وتسلية أمْره في غيابه. والسادس: فيه جواز التكْنية بغير الولد؛ فإنه صلى اللَّه عليه وسلم كنَّاه: أبا تُرَاب.

 

وفي جملة الفوائد أيضًا، يقول الحافظ ابن حجر في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري): يُستفاد من الحديث: جواز تكْنية الشخص بأكثر من كنية، والتلقيب بلفظ الكنية وبما يُشتقُّ من حال الشخص، وأن اللقب إذا صدر من الكبير في حق الصغير تلقاه بالقبول ولو لم يكن لفظُه لفظَ مدْح، وأن مَن حمَل ذلك على التنقيص لا يُلتفت إليه.

 

وهنا ابن حجر يجيب على مَن يقول: إنَّ هذه الكنية ربما أدَّت إلى أن يُفهم التنقُّص لمن كُنِّي بها بالنظر إلى ملابسَة الحال، فيقول ابن حجر: إنَّ الكنية إذا صدَرت لك مِن شخص له مقامه وقَدْرُه كرسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أعظمُ كبيرٍ مِن الخلْق، وأعظمُ مقدَّر منهم.

 

وهكذا مِن مثل الوالد فإنك تتقبلها؛ لأنها نوع مِن الملاطفة، وإضافة شيء للإنسان ينبغي أن يُحمل على الخير وعلى الفضل.

 

وفي هذا يقول الحافظ ابن بطال الأندلسي رحمه الله في فوائد هذه الواقعة: فيه أنَّ أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طُبع عليه البشَر مِن الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته، ولا يعاب عليه.

 

والمقصود أيها الإخوة المؤمنون:

أن هذه الواقعة حملتْ هذه الفوائد الجمَّة، وفيها دلالة على كل ما تقدم، وواضح أيضًا ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان مِن الحكمة واللطف والتؤدة؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد سعَى إلى الصُّلح بين هذين الزوجين الكريمين؛ عليٍّ وفاطمة رضي الله عنهما، وهكذا ينبغي أن يكون الإنسان، أن يكون مَحْضَر خيرٍ وصُلح وبِرٍّ، وأن يُطفئ من نيران الاختلاف، وأن يُؤلِّف بين القلوب ويقرِّب بينها، وأن يُهوِّن من المشكلات، وألَّا يضخِّمها.

 

هكذا ينبغي أن يكون ديدن الإنسان؛ لأن الله تعالى قد أمر بذلك وحثَّ عليه كما في قوله جل وعلا: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 114].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلَّم على عبد الله ورسوله نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فلا يَخفَى أيها الإخوة المؤمنون أن الزواج آيةٌ من آيات الله جل وعلا، ونعمةٌ من نِعَمِه أن جعل للإنسان مِن نفسه زوجًا يَسكُن إليها؛ كما جاء التنبيهُ ولفْت النظر إليه في القرآن العظيم ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

وهذه العلاقة التي كما قال الله تعالى: ﴿ فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا ﴾ [الفرقان: 54] قائمةٌ فيما ينبغي أن تقوم عليه على الحُبِّ والودِّ والرحمة، ولا شك أن الرجال يُخاطَبون بالمزيد في رعاية هذه الآصرة والعلاقة العميقة؛ لأن الله تعالى فوَّض إليهم بأن جعَل القوامة في أيديهم، وجعَل عقدة النكاح إليهم، فابتداءً عقدةُ النكاح إلى الولي الأب أو الأخ أو مَن ولِّي شأنَ المرأة، بأن يختار لموليته مَن هو كفؤ، فإن النكاح كما قال الحسن البصري: رقٌّ، النكاح نوع من الرق؛ لأنك إذا زوجتَ هذه المرأة لرجل فإنك تسلِّطه عليها، فلا ينبغي أن تسلِّط أحدًا إلا وعنده الرحمة والحكمة واللطف والتؤدة.

 

أما مَن كان عنده سرعة الغضب، والمسارعة إلى البطش، والبُعد عن الحكمة، والتوجه إلى الطيش؛ فهذا ليس بكُفؤ أن يُوَلَّى هذه المرأة، بل ينبغي أن يُبعد عنها.

 

ولذا قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا جاءكم مَن ترضَون دينه وخُلُقه فزوِّجوه إلا تفعلوا تكُن فتنة في الأرض وفساد كبير))، لاحظ أنه قال: ((مَن ترضَون دينه وخُلقه))، فليس الدين بكافٍ، وفي رواية: ((دينه وأمانته))، فلا بدَّ مِن الخُلق مع الدِّين؛ لأنه قد يكون الإنسان مُصلِّيًا، وقد يكون مبادرًا إلى نوافل الطاعات، لكنَّ هذه ينبغي أن يُضاف إليها حُسن الخُلق، فإن حُسن الخُلق هو الذي يضبط علاقة الإنسان مع الآخرين، ومِن المتعيِّن والوضع الطبيعي أن مَن أحسَنَ علاقته بربِّه بالتعبُّد لا بد أن ينعكس ذلك على علاقته بالناس؛ بحفظ حقوقهم، والامتناع عن ظلمهم والجور عليهم.

 

فيقول الحسن البصري لما استُشير فيمَن يزوَّج قال: إن النكاح رقٌّ فانظر عند مَن تُرِقُّ كريمَتَك.

وقال لما استُشير في هذا الأمر أيضًا، قال: زَوِّجْها مَن يخاف الله؛ فإنه إنْ أَحبَّها أَكْرَمَها، وإنْ أَبْغَضَها لم يظلمها.

 

وكثيرٌ من المشكلات اليوم، التي تكون في البيوت، إنما يزداد نطاقُها، ويَكثُر تشعُّبها بسبب البُعد عن هذا المنهاج الذي ينبغي أن يُلاحظ في حل المشكلات، فلن يخلو بيت من مشكلة؛ لأن اجتماع الزوجين اجتماعُ نفسين لكل منهما طبيعة مختلفة، ومزاج مختلف، وتوجُّه واختيارات مختلفة، فإذا لم يوجد ترتيب ومواءمة في هذه التوجُّهات النفسية، والتقلبات المزاجية وقع الخلاف.

 

وما أحسن ما كان من بعض السلف، كما حُكِي عن الإمام أحمد، وعن القاضي شريح، وعن غيرهما؛ أنه لما تزوَّج كما يقول الإمام أحمد بأم عبد الله قال: مكثتُ معها كذا وكذا من السنين فلم نختلف إلا مرة واحدة، وكنتُ أنا المخطئ عليها.

 

والسبب في هذا أنهما وَضَعا منهاجًا في التعامل، ومِن أعظمِ هذه المناهج ما قاله بعضُهم، قال لزوجه: إذا رأيتِني مُغْضَبًا فلا تُواجهيني، وإنْ رأيتُكِ مُغْضَبةً لم أُواجهْك، فإن المشكلة تكون عندما يحتدم النقاش والخلاف والغضب، وكل منهما مواجهٌ للآخر فحينئذٍ يكون الشقاق والتلفُّظُ بالكلمات التي لا ينبغي أن تكون من أحد منهما، وبينهما من العلاقة ما ليس بين أحد مِن الخلْق، وهذا ما نبَّه الله إليه في قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، ﴿ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ﴾ لا يمكن أن يكون هذا إلا بين الزوجين.

 

وما أجملَ وألطفَ ما نبَّه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما عابَ على بعض الأزواج حدَّتهم وتَوجُّهَهم إلى الغضب الشديد القائد لهم إلى نوع من الضرب أو غيره قال: ((لعل أحدكم يَضرب امرأته، ثم يُعاشرها آخر النهار)). أو كما صح عنه عليه الصلاة والسلام.

 

فكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنك يا عبد الله بينك وبين زوجك مِن تلك اللحظات التي فيها الإفضاء بين بعضكما مما هو معلوم مما لا يكون إلا بينكما، ما ينبغي أن تتذكر معه في لحظة الغضب، أنه لا يصلح أن تهدم هذه المشاعر والوشائج القريبة الحميمة التي كانت بينك وبين زوجك.

 

وإنما يَتناسَى هذا الأمر، وهذا العهد الغليظ ﴿ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ مَن هو أقرب إلى الجحود، وأقربُ إلى التفلُّت مِن الأخلاقيات السامية.

 

وعودًا على بدء في قصة هذين الزوجين الكريمين: سيدنا عليّ رضي الله عنه وأرضاه، والسيدة الكريمة فاطمة الزهراء، وكيف كان حلُّ هذه المشكلة بأن انسحب عليٌّ رضي الله عنه وهو سيد الشجعان من البيت ومن مواجهة زوجه؛ تكريمًا لها وتكريمًا لأبيها، وذهب ليبيتَ ويَقيل في المسجد، ثم هذا تعامُلُ الأب الكريم والرسول الرحيم صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لاطفَ ابنته، ولم يواجهها بالمعاتبة: لم فعلت مع زوجك؟ بل أشعرها أنه في صفِّها، وفي الحين نفسه بادر لملاطفة صهره، مع علمه عليه الصلاة والسلام أن عليًّا رضي الله عنه سيستجيب له في كل ما يأمر، لكنه بادر إلى الملاطفة وإلى الحنو في مسحه التراب عن شقه رضي الله عنه، وهكذا ينبغي أن يكون الأب لطيفًا ودودًا، وأن يعلم أنه ليس من المصلحة أن يشدِّد على صهره؛ لأن الصهر تملَّكَ أغلى ما عنده بضعة فؤاده، وفلذة كبده، هذه البنت، فينبغي أن يكون لطيفًا رفيقًا كما يصنع الجراح حينما يتعامل في جراحة مخ أو أعصاب، فهذا أغلى وأغلى، وهي البنت، كل ذلك ليحفَظ لها كَنَفَها ويُبقي على بيتها، وأن لا يكون سببًا في هدمه.

 

وبعد أيها الإخوة المؤمنون؛ فكم نحتاج إلى هذه المنهجية التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل مع هذه المشكلات، التي فيها الحكمة والتؤدة والمبادرة إلى الإصلاح.

 

ألا وصلُّوا وسلِّموا على خير خلْق الله نبيِّنا محمد فقد أمَرنا ربُّنا بذلك فقال عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

اللهم وارضَ عن خلفائه الراشدين، والأئمة المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا؛ ربنا إنك رؤوف رحيم.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشِّرك والمشركين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم احقِن دماءهم، وألِّف بين قلوبهم واجمعهم على الحق يا رب العالمين.

 

اللهم وفِّق ولاة أمورنا لما تحبه وترضاه، اللهم اجعلهم رحمة على رعيَّتهم، اللهم وفِّقْهم لكل خير وبرٍّ يا رب العالمين. اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وأبعِد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين، اللهم واجْزِ وليَّ أمرنا سلمانَ بن عبد العزيز خيرَ الجزاء على ما سعى مِن نصرة شريعة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام؛ بإنشائه لمجمَّع يُعنى بحديث رسولك عليه الصلاة والسلام، اللهم اجعل ذلك في موازين حسناته، وأعنْه على كل خير وبرٍّ، واجعله رحمة وخيرًا وبرًّا على رعيته يا رب العالمين.

 

اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، واكفهم شرارهم، اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، إن بأمَّة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام من الشدة واللأواء، ومن الفرقة وتسلُّط الأعداء ما لا يَعلمه إلا أنت، ولا يَقدر على كشْفه إلا أنت، ولا نشكوه إلا إليك؛ فنسألك اللهم فرجًا عاجلًا لكل مكروب يا رب العالمين.

 

اللهم مَن أراد بالإسلام والمسلمين سوءًا فأشغِله بنفسه، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا سميع الدعاء.

اللهم اغفر لنا ولوالدِينا، وارحمهم كما ربونا صغارًا.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موارد ومصادر (الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة رضي الله عنها) للعلامة السيوطي
  • بين يدي "الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة" للسيوطي
  • مقتطفات من سيرة فاطمة بنت محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم
  • صور لقيمة حسن العشرة من سيرة السيدة فاطمة رضي الله عنها

مختارات من الشبكة

  • رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة لبنته السيدة فاطمة فوائد وحكم(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • زيارة إلى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالي: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحج والعمرة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آداب زيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • الحث على زيارة مسجد الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -(مقالة - ملفات خاصة)
  • زيارة قبر الرسول(مقالة - ملفات خاصة)
  • من فضائل فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • من فضائل فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • هن قدوتي (15): فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب