• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

مشيخة الإسلام في الدولة العثمانية

مشيخة الإسلام في الدولة العثمانية
عبدالكريم السمك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/3/2014 ميلادي - 20/5/1435 هجري

الزيارات: 35085

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مشيخة الإسلام

في الدولة العثمانية

غاب الاسم وبقيت آثاره ومهامه


 

مؤسسة مشيخة الإسلام في الدولة العثمانية صورة عكست حال النظام السياسي للدولة العثمانية، التي اتخذت من الإسلام نظامًا أساسيًا لهذه الدولة التي ولدت ونهضت في وسط جغرافي دوله تدين بالنصرانية، فاحتلت المشيخة صدارة القرار والفصل في كثير من القضايا التي تخدم مسيرة الدولة وتقودها من نجاح إلى نجاح، وقد تحقق لها ذلك، بما عاشته قرابة الستة قرون من نشأتها، وقصة هذه الإدارة في نشأتها، وفي وظيفتها ورجالها ومكانتها وحتى إلغائها الذي تزامن مع إلغاء نظام الخلافة العثمانية، هي موضوع ذاكرة هذا العدد التاريخية، وقد جاء سقوط الخلافة مع استعمار ولاياتها العربية، من قبل دول الغرب الأوروبي، وما نتج عنه من إقامة كيان يهودي على أرض فلسطين، بعد أن تمتعت الولايات العربية بحماية الدولة العثمانية، قرابة أربع مائة وثلاثة عشر سنة وبضعة أشهر.

 

العثمانيون في التاريخ:

يعود الأتراك - العثمانيون - في أصولهم إلى الأصول الأوغوزية التي ينتسب إليها سكان تركستان جميع الأعراق التركية، وقد دخلت الإسلام هذه الشعوب في عهد الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه، وذلك سنة (29هـ- 469م). وكانت هذه الشعوب في حياتها الاجتماعية، مجتمعات بدوية تعيش على تربية المواشي والرعي، ومع اعتناقهم للإسلام بدأ الكثير منهم في الاستيطان والتحضر، عندما دخلوا في خدمة الخلافة العباسية، وكان ظهورهم بشكل مباشر في عهد الخليفة المعتصم سنة (218هـ- 833م) وخاصة في موقعة عمورية ضد الروم، ومنذ ذلك التاريخ بدأ ظهورهم في الغرب الآسيوي، مع الغزو المغولي القادم من الشرق إلى الغرب، فقد اكتسح في طريقه دولًا وإمارات، وأزهق أرواحًا كثيرة لا تحصى، كان من ضحاياها، دولة خوارزم شاه فيما وراء النهر، وذلك سنة (617هـ- 1220م)، فكانت من أوائل الدول الإسلامية التي سقطت على يد هذا الغزو الجارف، وقد دفع هذا السيل الجارف مع من دفع، الأتراك وكان أميرهم يومها سليمان بن قيالب "جد عثمان"، حيث وصل إلى دولة سلاجقة الروم، وكان عدد أفراد قبيلته في حدود الخمسة آلاف، وكان ذلك سنة (621هـ- 1224م)، وبعد وفاته غرقًا في الفرات، تولى زعامة القبيلة ابنه أرطغرل والد عثمان، وبعد وفاته عام (680هـ- 1281م)، خلفه ابنه عثمان الذي ينتسب إليه الأتراك العثمانيون.

 

سار عثمان على خطى أبيه في الجهاد الإسلامي، واستولى سنة (687هـ- 1288م) على حصن "قرجة حصار"، وهي قلعة حصينة بأرض الروم تقع على نهر سقاريا، ومع ضعف حال سلاجقة الروم بعد الغزو المغولي لها سنة (699هـ- 1300م)، ونصرة عثمان للحاكم السلجوقي علاء الدين، وانتصاره على المغول، فقد استقل عثمان بما وقعت عليه يده من أقاليم، واتخذ من مدينة "بني شهر - المدينة الجديدة" عاصمة له، جاعلًا من نفسه حاكمًا لها، وأطلق على نفسه لقب "باد شاه آل عثمان" أي "سلطان العثمانيين"، وكانت هي البداية الأولى لمولد السلطنة العثمانية، التي قامت على أركان الدولة السلجوقية وجغرافيتها، التي أرخ سقوطها بــ(699هـ- 1300م).

 

وبقيام السلطنة العثمانية هذه، ذهبت في التوسع في جغرافيتها غربًا، حتى تم فتح القسطنطينية سنة (1453م)، وجاء هذا الفتح بمثابة حد فاصل بين عهدين في حياة الدولة العثمانية المسلمة، وجوارها من الغرب الأوروبي المسيحي، فقد وحد بين الأتراك، وانتقلوا بهذا الفتح من المجتمع القبلي الإقليمي، إلى الدولة السياسية العالمية التي تدين بالإسلام عقيدة ونظام حياة، ورفع هذا الفتح من شأن العثمانيين عند دول العالم الإسلامي ومجتمعاته، خاصة بعد أن جسد قول محمد الفاتح لشعبه عندما هم بفتح هذه المدينة فقال في ذلك: "هدفنا ليس الاستيلاء على قلعة من القلاع، وإنما نشر عدالة الإسلام، وعلى هذه الأصول قامت الدولة العثمانية، حتى تم لمجموعة من القوميين الأتراك، بدافع من يهود الدونمة إلى الانقلاب على نظام السلطنة العثمانية، وذلك سنة 1923م، لتقوم على أنقاضها دولة جمهورية برئاسة كمال أتاتورك الذي أعلن العلمانية دستورًا لهذه الدولة، فألغى الحرف العربي في الكتابة، ونظام الشريعة الإسلامي، وها هي في عصرها الحديث تعود لأصولها الإسلامية بعد خمس وسبعين سنة من علمانيتها.

 

إدارة مشيخة الإسلام ودواعي نشأتها:

يعود دخول الأتراك في الإسلام كما سبقت الإشارة، إلى السنوات الأولى من وصوله إلى بلادهم في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه. فقد أسلموا وحسن إسلامهم، وذهب الكثير منهم إلى التطوع في خدمة دولة الإسلام، وخاصة الدولة العباسية، وقد حافظ الأتراك على معتقدهم السني، في ظل ما عصف في المجتمعات الإسلامية من عواصف الفكر الإلحادي الباطني الكافر، تحت مظلة الانتصار لآل البيت، وقد جاء الإسلام على الأتراك بالخير، لما فيه مصلحة لهم وللمسلمين، فقد كانوا بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح القسطنطينية، وعلى واقع زعامة عثمان لقومه، بعد الغزو المغولي القادم من الشرق، فقد طاب لعثمان وقومه النزوح إلى دولة سلاجقة الروم، الذين تربطهم بأبناء عمومتهم الأتراك وحدة النسب في نسب الأوغوز، ومن هذا النسب انقسم الفرعان، وطاب للأتراك - العثمانيين - العيش في كنف الدولة السلجوقية، وفي استقرارهم هذا، فقد مضى هذا المجتمع البدوي والرعوي إلى التحضر والاستقرار، وعلى واقع الغزو المغولي المتجدد، والقادم من الشرق، فقد أنجد عثمان سلطان السلاجقة ضد المغول كما سبق في الحديث، وانتصر عليهم، وأمام هذا أقطع لهم السلطان السلجوقي أراض في كنف دولته، ومضى السلطان عثمان في السير في سياسة البناء، لإعداد دولة قوية يتحدى بها عواصف الزمن، بما يضمن لها الاستمرارية والبقاء.

 

وكان ضعف دولة سلاجقة الروم العسكري والسياسي، أن جعلها مطمعًا لدولة الروم، وخوفًا من هذا الواقع على مسلمي الدولة وعلى الدولة نفسها، من أن تسقط بيد الروم، ذهب السلطان عثمان في وضع يده على دولة سلاجقة الروم، ومضى في بناء الدولة على الأصول والنظم الإسلامية، التي كانت تسود الدولة الإسلامية، فيما قبل قيام الدولة العثمانية، وكان من هذه الأنظمة نظام قاضي القضاة الذي عرف في عهد الخليفة هارون الرشيد (194- 170هـ = 808- 786م)، فقد استبدله السلطان عثمان، بنظام مشيخة الإسلام، كنظام من النظم التي ستقوم عليها هذه الدولة، ولا سيما أن هذه الدولة جغرافيًا محاطة بدول نصرانية، ولا يقوم على ديمومتها واستمراريتها سوى النظام وحسن الإدارة والحكم بالإسلام.

 

وفي الحديث عن إدارة - مؤسسة شيخ الإسلام - فقد أكرم منزلتها بأن جعلها في صدارة الإدارات بعد إدارة الصدر الأعظم، وذلك لسمو مكانتها عند الرعية، فهي صلة الوصل بينها وبين السلطان، وقد مرت هذه المؤسسة في دورين اثنين في عهد مؤسسها السلطان عثمان، وعرفت في المرحلة الأولى بنظام المفتي، حيث كان هذا النظام سائدًا في عدد من الدول الإسلامية، وقد أوكل عثمان هذا المنصب في الفتوى، إلى الشيخ "إده بالي" وذلك سنة (725هـ- 1325م)، ثم جاء بعده صهره "طورسون أفندي"، وبالنسبة لشيخ الإسلام، فقد تعددت الآراء في الوجهة التاريخية عن تاريخ نشأة وظيفة شيخ الإسلام، وهناك شبه إجماع على أن مراد الثاني، هو الذي أتى على هذا النظام في نشأته، وأن الشيخ "شمس الدين الفناري" هو الذي حمل لقب "المفتي الأكبر - شيخ الإسلام"، وذلك سنة (828هـ- 1425م)، ويؤرخ المؤرخ العثماني "مستقيم زادة سليمان سعد الدين أفندي" في كتابه دوحة المشايخ، وبناء على بيانات المؤرخ العثماني الثاني "علي أمير أفندي"، حول تاريخ نشأة المشيخة، فقد أشار فيما كتبه في مجلة "علمية سالنامة"، على أن هذه الإدارة إنما ظهرت في عهد مراد الثاني، وارتبط وجودها مع تكليف الشيخ "الفناري أفندي" بوظيفة "المفتي الأكبر"، وأن المشيخة كانت أول ما ظهرت في عام (828هـ- 1425م)، وكان مركزها الأول في مدينة "بروسة"، ومنها انتقل إلى مدينة "أدرنة"، ثم تم نقلها إلى "إسطنبول" بعد فتحها سنة (1453م).

 

أما دواعي نشأة هذه الإدارة، فقد جاءت نشأتها سيرًا مع تنظيم أمور الدولة، ومن جانب آخر، توحيد الأمة على منهج أهل السنة والجماعة، في عصر تكاثرت فيه عقائد الرافضة، وساد مع وجودها قضايا الاغتيالات السياسية والدينية، وكان أصحاب هذه السياسة في الاغتيال طائفة الحشيشيين الإسماعيلية، حيث أشار بن القلانسي في القرن الخامس الهجري، أن القتل كان يحدث في كل مكان. لا يفرق بين أمير وعالم دين، وكان قادة هؤلاء القتلة، كل من داعية القرامطة، وصاحب الزنج، وحسن الصباح صاحب الدعوة الحشيشية، وقد ظهر في عهد مراد الثاني داعية منحرف وذلك سنة (816هـ- 1416م)، واسمه "بدر الدين بن تاضي السماونة" والذي ذهب في الدعوة إلى شيوعية المال والملك، وقال بأن الجنة والنار هي الألم والفرح، وتأتيان نتيجة لفعل الخير والشر، وذهب هذا الداعي إلى القول بأن كل المحرمات قد رفعت، وأن كل شيء محلل وجائز، وهذا ما قال به الداعية القرمطي بتحليل البنات والأخوات للمحارم، وقد كلف السلطنة العثمانية الشيء الكثير حتى تم قتله والقضاء عليه وعلى دعوته وذلك سنة (823هـ- 1420م).

 

ومن هنا جاءت وظيفة مشيخة الإسلام، لتضفي على المجتمع العثماني، الوجه السني في معتقدها الإسلامي شريعة ومنهج حياة، وسيرًا على خطى الخلافة العباسية التي اتخذت من مذهب أبي حنيفة مذهبًا رسميًا للدولة، وعلى خطاها اتخذت السلطنة العثمانية، من المذهب الحنفي مذهبًا رسميًا للدولة، بقصد قطع الطريق على أي خلاف ديني، ولا غرابة أن نجد أن العثمانيين قد ساروا على نهج غيرهم من مجتمعات العالم الإسلامي في وظيفة شيخ الإسلام، فقد عرفت الخلافة العباسية، نظام وإدارة قاضي القضاة، والذي استحدث في عهد الخليفة هارون الرشيد سنة (194- 170هـ = 808- 786م)، ويلحق بدواعي نشأة مشيخة الإسلام، قضية عدم تعدد المفتين الرسميين من قبل الدولة، فتنحصر الفتوى بشخص واحد، وبذل يتم قطع الطريق على أي مفتٍ يفتي على هواه، حسمًا للفوضى الدينية، إذا لم يكن المفتي من أهل العلم والقدرة على الفتوى.

 

ويضاف إلى دواعي نشأة إدارة مشيخة الإسلام، إسلامية الدولة وتمسكها برسالة الإسلام شريعة ونظام دولة، وذلك ما توصل إليه السلطان العثماني، بأن جعل الإسلام هو المرجعية الأولى في بناء الدولة، ولهذا جاءت إدارة مشيخة الإسلام لتقدم صورة الدولة العثمانية أمام جوارها من الدول الأوروبية التي تدين بالنصرانية، وعندما تبلور مصطلح "المسألة الشرقية" بعد مؤتمر فيرونا سنة (1822م). فقد برهن هذا المصطلح بأنه جسد في هدفه صراع الغرب الأوروبي النصراني، مع الدولة العثمانية الإسلامية.

 

من قاضي العسكر إلى شيخ الإسلام:

عرف العثمانيون في بداية دولتهم في عهد عثمان، نظام "قاضي العسكر" وذلك سنة "765هـ- 1363م"، قبل استحداث إدارة "مشيخة الإسلام"، وكان قاضي العسكر يومها "جاندارلي خليل أفندي" وكان على درجة عالية من العلمية والمكانة الاجتماعية، كما كان يشرف على سائر أعمال القضاة، ويقوم كذلك بترجيح من يقع عليه اختياره بشغل وظائف القضاء، وتشير كلمة "العسكر" التي يحتويها مصطلح "قاضي العسكر"، على الهوية التي يتميز بها هذا الجهاز، والذي تأسس قبل اثنين وستين عامًا على تأسيس "مشيخة الإسلام" وكان الغرض منها تلبية حاجات الجند والعسكر ارتباطًا بعسكرة هذا المجتمع يومها، وكانت مهام إدارة "قاضي العسكر أو قاضي الجند"، تتركز في القضايا التالية:

• إدارة الأجهزة التعليمية، "التدريس والمدرسين"، وجهاز القضاء العثماني.

• تلبية حاجات القضاء والأفراد والجيش في أوقات السلم والحرب، وحل خلافاتهم والنظر في دعاواهم.

• إصدار الفتاوى السياسية والإدارية للدولة العثمانية قبل تأسيس المشيخة.

 

فعلى هذا الشأن والحال ودواعي الحاجة "لمشيخة الإسلام" كانت هذه الإدارة في الدولة العثمانية الناهضة، وقد جعلها السلطان العثماني قريبة منه في العاصمة، وارتبطت بهذه الإدارة جميع ولايات الدولة العثمانية، في القضايا التشريعية والقضايا المتعلقة بالفتيا والأحكام الشرعية، ومع امتداد عمر الدولة العثمانية، كانت هذه الإدارة في تجدد دائم من تاريخ نشأتها، الذي امتد بها العمر من "513 سنة هجرية - 497 سنة ميلادية" وانتهى عهدها مع إلغاء الخلافة العثمانية في 11 ربيع الأول 1341هـ - تشرين الثاني 1922م.

 

إلغاء مشيخة الإسلام:

مع بيان التاريخ الذي سبق، وفيه تم إلغاء الخلافة العثمانية كنظام سياسي إسلامي، طال فيه العمر أكثر من ستة قرون، وانتهى مع نظام الخلافة سقوط آخر خليفة، هو محمد وحيد خان، وسقط مع هذا النظام، إدارة الصدارة العظمى، ولحق بها الإدارة التي تليها في المكانة الرسمية في دولة الخلافة، والتي هي إدارة مشيخة الإسلام، والتي بلغ عددها (131) شيخًا، فكان الأول منهم الشيخ "محمد شمس الدين فناري أفندي"، وقد جاءت مشيخته (834- 828هـ/ 1425- 1431م)، في عهد السلطان مراد الثاني، وكان آخرهم الذي حمل الرقم (131) "محمد نوري أفندي المدني"، والذي استلم مشيخته (1341-1339هـ/ 1920م- 1922م)، في عهد الخليفة محمد وحيد الدين السادس.

 

ومن هؤلاء المشايخ من أدار المشيخة لمرتين ومنهم من أدارها لثلاث مرات، والكثير من هؤلاء المشايخ من ترك من خلفه موروثًا كبيرًا من الفتاوى، حتى عرفت بفتاوى الشيخ الذي تنسب إليه، وكان الجميع على أهلية علمية في العلوم الشرعية، بما يؤهله لهذه المكانة الرسمية في الدولة.

 

خصوصيات ارتبطت بأسماء البعض من هذه الإدارة:

1. الشيخ محمد شمس الدين فناري أفندي، وهو الشيخ الذي ارتبط فيه تأسيس هذه الإدارة ونشأتها في عهد السلطان مراد الثاني، وكانت مشيخته بين سنتي (834- 828هـ/ 1431- 1425م)، فكان الأول فيها.

 

2. الشيخ زنبيللي علي أفندي، وقد حمل اللقب هذا، من "زنبيل" حيث كان هذا الشيخ يجلس في شرفة منزله، يرقب من يأتيه للسؤال، وله زنبيل - سلة - مربوط بحبل مدلي من الشرفة حيث يضع السائل سؤاله فيها، وقد عرف هذا الشيخ بورعه وتقواه وعلمه، فيضع السائل سؤاله في الزنبيل، ويهزه السائل مرتين، فيسحبه الشيخ حيث يجلس، وبعد الانتهاء من الإجابة، يعيده بالطريقة نفسها، وكان اسمه قبل اللقب علي بن أحمد بن محمد الجمالي الرومي، وينتهي بنسبه إلى محمد فخر الدين الرازي، وحمل الرقم (9) في سلسلة المشايخ، وجاءت مشيخته "908- 932هـ/ 1525- 1503م"، في عهد السلطان بايزيد الثاني وسليم الأول وسليمان القانوني.

 

3. الشيخ محمد ضياء الدين أفندي، مفتي عزل السلطان عبدالحميد الثاني، جاء رقمه التسلسلي (120) بين جملة مشايخ هذه الإدارة، وجاءت سنوات مشيخته في بدايتها 5/5/1909م.

 

4. الشيخ مصطفى صبري أفندي، والذي حمل الرقم التسلسلي (129) بين مشايخ الإدارة، وكان من أنشط أبناء هذه الإدارة فقد ناهض الحركة الطورانية ومسألة إلغاء الخلافة، وجاءت مشيخته في ظل حكم السلطان محمد وحيد، وجاءت مشيخته مدة سنة واحدة من سنة "1337هـ- 1919م ولغاية 1338هـ - 1920م"، وقد هاجر إلى مصر، وله العديد من المؤلفات ناهض فيها يهود الدونمة والانقلابيون، كانت وفاته في مصر سنة "1373هـ- 1954م".

 

5. الشيخ محمد نوري أفندي المدني الذي حمل الرقم التسلسلي (131)، فكان آخر شيوخ الإسلام من أبناء هذه الإدارة، وجاءت مشيخته من "1339- 1341هـ/ 1920- 1922م"، في عهد السلطان محمد وحيد خان.

 

إن تاريخ إنشاء بناء المشيخة الإسلامية العثمانية في إستانبول الذي يعود إلى سنة 1555م، هو من منجزات السلطان سليمان القانوني يرحمه الله، وقد تعرض البناء للزلازل، وتعرّض للحرائق المتكررة جرَّاء الفتن سنة 1660م، وسنة 1750م، وسنة 1771م، وسنة 1782م، وقد تم ترميم البناء وتسليمه إلى المشيخة الإسلامية سنة 1826م، وصدر فرمان عثماني بذلك عن السلطان محمود الثاني سنة 1827م، وبقي البناء مقرًا رسميًا للمشيخة الإسلامية العثمانية حتى سنة 1924م، عندما حلت محل المشيخة الإسلامية العثمانية، وزارة الشئون الدينية، وخصصت مكان المشيخة لمفتي إستانبول، ثم تعرّض البناء للحريق سنة 1927م، ثم تم ترميمه سنة 1985م، وما زال مقرًا لمديرية إفتاء إستانبول، والغريب أن اسم مشيخة الإسلام الذي ولد مع الدولة العثمانية اختفى في ظل الجمهورية التركية وظل هذا الاسم مستخدمًا في دول أخرى مثل ألبانيا ومقدونيا والبوسنة والهرسك وكوسوفا.

 

وبعد فإن مشيخة الإسلام التي عاشت في عمرها قرابة الستة قرون، كانت مدعاة للاهتمام من قبل الكثير من طلبة العلم والمؤرخين، حتى قام الأستاذ أحمد صدفي شقيرات بدراسة هذه الإدارة بدراسة موسعة في مجلدين كبيرين بلغ مجموع صفحات الكتاب في حدود (1250) صفحة والكتاب الذي استغرق إعداده أربع سنوات، علمي ووثائقي، ونفيس، لم يسبقه إليه أحد، في بيان مكانة إدارة مشيخة الإسلام في تاريخ الدولة العثمانية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشيخ مصطفى صبري : حياته وعصره
  • مذهب الشيخ مصطفى صبري في الخلافة (1)
  • مذهب الشيخ مصطفى صبري في الخلافة (2)
  • العمارة العثمانية في بلاد الشام من خلال كتب الرحلات العربية

مختارات من الشبكة

  • ألبانيا: المشيخة الإسلامية تستقبل وفدا من المشيخة الصربية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • كوسوفو: رئيس المشيخة الإسلامية يجتمع مع المسؤولين وموظفي المشيخة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المجر: المشيخة الإسلامية تطلب من رئيس علماء البوسنة رئاسة المشيخة في بلدهم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مخطوطة أحاديث منتخبة من مشيخة بن كليب ( منتخب مشيخة ابن كليب )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • ألبانيا: المشيخة الإسلامية الكوسوفية تقدم دعمًا للمشيخة الألبانية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • جزء فيه أربعون حديثا مخرجة عن كبار مشيخة شيخ الإسلام ابن تيمية للواني (المقدمة) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كتاب الأربعين من الأحاديث النبوية عن أربعين من مشايخ الإسلام مروية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كوسوفو: المشيخة الإسلامية تفتتح مشروعا وقفيا وجامعا في سوهاريكا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • كوسوفو: ندوة علمية وإفطار جماعي للمشيخة الإسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • البوسنة: بناء وقف تجاري في منطقة موستار(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب