• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

من تراجم الأئمة الأعلام في القراءات

من تراجم الأئمة الأعلام في القراءات
محمود العشري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/2/2014 ميلادي - 9/4/1435 هجري

الزيارات: 19248

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من تراجم الأئمة الأعلام

في القراءات


1- ترجمة الإمام عاصم - رحمه الله -:

قال الإمام الداني في الأرجوزة المنبهة:

وعاصمٌ إمام أهلِ الكوفة
أخباره رفيعة شريفة
مسطورةٌ في الكُتب عند الناسِ
مشهورةٌ من غير ما التباس
وعلمه بالنحو والقرآنِ
قد انتهى وسار في البلدانِ
هو الإمام ابن أبي النَّجودِ
يُعزَى إلى الشُّمِّ الكرامِ الصِّيدِ
قد بذَّ أهل المِصر في الفصاحة
والعلم بالحظر وبالإباحة

 

وقال الشاطبي في الحرز:

فأما أبو بكرٍ وعاصمٌ اسمه
فشعبةُ راويه المبرز أفضَلا

 

وقال ابن الجزري - رحمه الله - في الطيِّبة:

ثلاثةٌ من كوفةٍ فعاصمُ
فعنه شعبةُ وحفصٌ قائمُ

 

• عاصم: هو أبو بكر، عاصم بن أبي النَّجود بن بهدلة الأسدي مولاهم الكوفي الحناط، شيخ الإقراء بالكوفة، وأحد القرَّاء السبعة.

 

• والنَّجود بفتح النون وضم الجيم، وقد غلط من ضم النون، ويقال: أبو النجود اسم أبيه، لا يُعرف له اسم غير ذلك، ويقال: بهدلة اسم أمه، وهذا لا يصح، بل هو اسم أبيه؛ فقد قال الذهبي في السير عن كون بهدلة اسم أمه: "وليس بشيء، بل هو أبوه"، وقيل: اسم أبي النجود: عبدالله.

 

مولده:

وُلِد الإمام عاصم - رحمه الله - في إمرة الصحابي الجليل/ معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه وأرضاه - وأخذ القراءة عرضًا على زِرِّ بن حُبَيش، وأبي عبدالرحمن السُّلَمي، وأبي عمرو الشيباني، وقرأ هؤلاء الثلاثة على عبدالله بن مسعود، وقرأ السُّلَمي وزِرٌّ على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وقرأ السلمي أيضًا على أُبَي بن كعب وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم جميعًا - وقرأ ابن مسعود، وعثمان وأُبَي، وزيد - رضي الله عنهم - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

 

وانتهت إلى الإمام عاصم - رحمه الله - رئاسةُ الإقراء بالكوفة بعد أبي عبدالرحمن السُّلَمِي، وجلس موضعه، ورحل الناس إليه للقراءة، وجمع - رحمه الله - بين الفصاحة والإتقان والتحرير، وكان أحسن الناس صوتًا بالقرآن، وكان يراعي الابتداء، ويقف حيث تم الكلام.

 

شهادات الأئمة فيه:

قال أبو بكر بن عياش: لما هَلَك أبو عبدالرحمن جلس عاصم يُقرِئ الناس، وكان عاصم أحسنَ الناس صوتًا بالقراءة.

 

وقال سَلَمة بن عاصم: كان عاصم بن أبي النَّجُود ذا نُسُك، وأدب، وفصاحة، وحسن صوت.

 

وقال أبو بكر بن عياش: لا أُحصِي ما سمعت أبا إسحاق السَّبِيعي يقول: ما رأيتُ أحدًا أقرأ من عاصم بن أبي النجود.

 

وقال يحيى بن آدم: حدثنا حسن بن صالح قال: ما رأيتُ أحدًا قط كان أفصح من عاصم، إذا تكلَّم كاد يدخله خيلاء.

 

وقال شريك: كان عاصم صاحب همز ومد، وقراءة سديدة، وكان صاحب سنة، ورأسًا في القرآن، وكان - رحمه الله - ذا نسك وأدب، وكان نَحْويًّا، فصيحًا إذا تكلم.

 

وقال عنه الإمام الذهبي: كان عاصمٌ ثبتًا في القراءة، صدوقًا في الحديث، وكان إذا كان في حاجة له ومر بمسجد يقول لصاحبه: مِلْ بنا؛ فإن الحاجة لا تفوت، ويصلِّي، وقال عاصم عن نفسه: ما قدمت على أبي وائل من سفر إلا قبَّل كفِّي.

 

صفته وخُلقه:

كان الإمام عاصم - رحمه الله - ذا خلق رفيع، دَمِثًا، لا يثور إذا استُثِير، أو تسبب أحد في إصابته.

 

قال أبو بكر بن عياش: كان عاصم نَحْويًّا، فصيحًا إذا تكلم، مشهور الكلام، وكان الأعمش وعاصم وأبو حصين كلهم لا يبصرون، جاء رجل يومًا يقود عاصمًا، فوقع وقعة شديدة، فما كَهَره - نَهَره - ولا قال له شيئًا! فرحمه الله ورضي عنه.

 

فصاحته:

مرَّ معنا أنه - رحمه الله - كان فصيحًا حتى إنه إذا تكلَّم كاد يدخله خيلاء، وكان نَحْويًّا، بحرًا في أوجه النحو، وداعية إلى التبحُّر فيه.

 

قال أبو بكر بن عيَّاش: قال لي عاصم: "مَن لم يُحسن العربية إلا وجهًا واحدًا لم يُحسن شيئًا"، وقال أيضًا: قال لي عاصم: ما أقرأني أحدٌ حرفًا إلا أبو عبدالرحمن، فكنت أرجع من عنده، فأعرض على زِر، وكان زِرٌّ قد قرأ على عبدالله - رضي الله عنه - فقلتُ لعاصم: لقد استوثقتَ.

 

عقيدته:

كان - رحمه الله - صاحب سنة، متبعًا، متمسكًا بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد قال أحمد بن عبدالله العجلي: عاصم بن بهدلة صاحب سنة وقراءة، كان رأسًا في القرآن، قَدِم البصرة فأقرأهم، قرأ عليه سلام أبو المنذر وكان عثمانيًّا.

 

وقال الإمام عبدالله بن الإمام أحمد: سألتُ أبي عن عاصم بن بهدلة فقال: رجل صالح خيِّر ثقة، فسألته: أي القراءة أحبُّ إليك؟ فقال: قراءة أهل المدينة، فإن لم يكن، فقراءة عاصم.

 

شدة إتقانه وقوة انفعاله بالقرآن:

بلغ من شدة إتقانه - رحمه الله - لحفظ القرآن، ما رواه أبو بكر بن عياش قال: قال لي عاصم: مرضتُ سنتين، فلما قمت قرأت القرآن، فما أخطأت حرفًا!

 

وبلغ من قوة انفعاله بالقرآن أنه كان يعد آي القرآن بأصابع يده؛ فقد قال عماد الدين بن سلمة: رأيت حبيب بن الشهيد يعقد الآي في الصلاة، ورأيت عاصم بن بهدلة يعقد ويصنع مثل صنيع عبدالله بن حبيب.

 

وقال حفص: كان عاصم إذا قُرِئ عليه أخرج يده فعدَّ.

 

ورعه وتقواه:

قال أبو بكر بن عياش: كان عاصمٌ إذا صلَّى ينتصب كأنه عود، وكان عاصم يوم الجمعة في المسجد إلى العصر، وكان عابدًا خَيِّرًا، أبدًا يُصلي، ربما أتى حاجة فإذا رأى مسجدًا قال: مِلْ بنا؛ فإن حاجتنا لا تفوت، فرحمه الله ورضي عنه.

 

وكان - رحمه الله - من التابعين: فقد روى عن أبي رِمْثَةَ رفاعة بن يثربي التميمي، والحارث بن حسان البكري، وكانت لهما صحبة.

 

قال ابن الجزري في غاية النهاية (1/347): "أما حديثه عن أبي رِمْثَةَ فهو في مسند أحمد بن حنبل، وأما حديثه عن أبي الحارث، فهو في كتاب أبي القاسم بن سلام".

 

توثيق أهل الحديث له:

قال ابن حجر في التقريب (2/165): "صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون".

 

قال المعلقون على كلام ابن حجر: "بل ثقة يهم؛ فهو حسن الحديث، وقوله: (صدوق له أوهام) ليس بجيد؛ فقد وثَّقه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة الرازي، ويعقوب بن سفيان، وابن حبان، وجعله ابن مَعِين من نظراء الأعمش - وإن فضَّل هو وأحمد الأعمش عليه - وكل هؤلاء وثَّقوه مع معرفتهم ببعض أوهامه اليسيرة؛ وانظر لذلك: تحرير تقريب التهذيب (2/165).

 

وقال أبو حاتم: محله الصدق، وحديثه مخرَّج في الكتب الستة، وممن وثقه أيضًا: شعبة، والحمدان، والسفيانان، وأبو زرعة، وجماعة.

 

وأذكر من أحاديثه - رحمه الله - ما رواه الطبراني في المعجم الكبير بسنده عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقريش: ((يا معشر قريش، لا خير في أحدٍ يُعبَد من دون الله))، فقالوا: ألست تزعم أن عيسى كان نبيًّا وكان عبدًا صالحًا، إن كنت صادقًا إنه لكآلهتِهم، فأنزل الله - تعالى -: ﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾ يضجون ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ﴾ [الزخرف: 57 - 61]، خروج عيسى قبل يوم القيامة - والحديث صحيح، وهو جزء من حديث رواه أحمد في المسند بلفظ: "فإن آلهتهم لكما تقولون"، وكذا رواه ابن أبي حاتم، وذكره ابن كثير في تفسيره عند تفسير هذه الآية.

 

وروى عبدالرزاق في مصنَّفه عن مَعْمَر قال: سمعتُ أيوب يسأل عاصم بن أبي النَّجُود: ما سمعتَ في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: أخبرني أبو وائل أنه سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يفتتح: "الحمد لله رب العالمين".

 

ومن أحاديثه أيضًا حديث في صحيح ابن خزيمة بسنده عن صفوان بن عسال قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من خارج يخرجُ من بيته ليطلبَ العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاءً بما يصنع))، وهو جزء من حديث رواه أحمد في المسند، والبيهقي في السنن الكبرى، والدارقطني في سننه، وصحَّحه الشيخ الألباني.

 

مَن أخذ القراءة عنه:

تلقَّى القراءة عن الإمام عاصم - رحمه الله - خلقٌ كثير، وقد أشار ابن الجزري والشاطبي إلى أشهر رواته، وهما شعبة وحفص، وستأتي ترجمتهما بعد قليل - إن شاء الله - كما روى القراءة غير هذين الشهيرين عددٌ كثي، منهم:

1- أبان بن تغلب الربعي، أبو سعيد - ويقال: أبو أميمة - الكوفي النحوي، مقرئ جليل، قرأ على عاصم، وأبي عمرو الشيباني، وطلحة بن مصرف، والأعمش، وهو أحد الذين ختموا عليه، أخذ القراءة عنه عرضًا: محمد بن صالح بن زيد الكوفي.. وأخذ الحروف عن محمد: القاسم بن بشار الأنباري، وتوفِّي أبان سنة إحدى وأربعين ومائة (141هـ).

 

2- هارون بن موسى الأعور، أبو عبدالله العتكي البصري الأزدي، مولاهم، علاَّمة صدوق نبيل، له قراءة معروفة، روى القراءة عن عاصم الجحدري، وعاصم بن أبي النجود، وعبدالله بن كثير وغيرهم، وروى القراءة عنه علي بن نصر، ويونس بن محمد المؤدب، وشهاب بن شرنقة، ووهيب بن عمرو، وحجاج بن محمد، وغيرهم، وقال أبو حاتم: كان أول مَن سمع بالبصرة وجوهَ القراءات، وألفها، وتتبع الشاذَّ منها، توفِّي سنة (146هـ).

 

3- سليمان بن مهران الأعمش، أبو محمد الأسدي الكاهلي، مولاهم الكوفي، الإمام الجليل، ولد سنة (60 هـ)، أخذ القراءة عرضًا عن إبراهيم النخعي، وزر بن حبيش، وزيد بن وهب، وعاصم بن أبي النجود، وغيرهم، وروى القراءة عنه عرضًا وسماعًا: حمزة الزيَّات، ومحمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، وجرير بن عبدالحميد، وزائدة بن قدامة، وغيرهم، وقال هشام: ما رأيت بالكوفة أحدًا أقرأ لكتاب الله - عز وجل - من الأعمش، وقال - رحمه الله -: إن الله زيَّن بالقرآن أقوامًا، وإني ممَّن زيَّنه الله بالقرآن، ولولا ذلك لكان على عنقي دَين أطوف به في سكك الكوفة، توفِّي - رحمه الله - سنة ثمان وأربعين ومائة (148 هـ).

 

وغير هؤلاء كثير، منهم: أبان بن يزيد العطار - إسماعيل بن مجالد - الحسن بن صالح - حماد بن زيد - حماد بن أبي زياد - نعيم بن ميسرة - سهل بن شعيب - حماد بن عمرو - الضحاك بن ميمون.

 

وروى عنه حروفًا من القرآن: أبو عمرو بن العلاء - الخليل بن أحمد - الحارث بن نبهان - حمزة الزيات - المغيرة الضَبِّي - محمد بن عبدالله العزرمي - وغيرهم خلق كثير، فرَضِي الله عنه، ورحمه رحمة واسعة.

 

وفاته: قال أبو بكر بن عياش: دخلتُ على عاصم وقد احتُضِر، فجعلتُ أَسمعُه يردِّد هذه الآية يحقِّقها حتى كأنه يصلِّي: ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 62].

 

وتُوُفِّي الإمام عاصم - رحمه الله - آخر سنة سبع وعشرين ومائة (127هـ)، وقيل: سنة ثمان وعشرين ومائة (128هـ)، ولا اعتبار بقول مَن قال غير ذلك.

 

وتُوُفِّي - رحمه الله - بالكوفة على الصحيح، وانظر: غاية النهاية (1/147)، والنشر (1/155)، فرحمه الله ورضي عنه، وأسكنه فسيح جناته.

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلَهم
إن التشبُّه بالكرامِ فلاحُ

 

2- ترجمة الإمام شعبة - رحمه الله -:

• شعبة: هو أبو بكر شُعبَة بن عيَّاش بن سالم الأسدي النهشلي الكوفي، الإمام الكبير، أحد الأعلام، مولى واصل الأحدب، اختُلف في اسمه على عشرة أقوال؛ أصحها قولان: أبو بكر، وهو كُنيَته، وما رواه أبو هشام الرفاعي وحسين بن عبدالأول أنهما سألاه عن اسمه، فقال: شعبة، وكان - رحمه الله - حناطًا.

 

مولده وطلبه للعلم:

وُلِدَ - رحمه الله - سنة خمس وتسعين، وقرأ القرآن على عاصم ثلاث مرات، قال يحيى بن آدم: قال لي أبو بكر: تعلَّمتُ من عاصم القرآن كما يتعلَّم الصبي من المعلِّم، فلقي مني شدة، فما أُحسِن غير قراءته، وهذا الذي أخبرتُك به إنما تعلَّمته من عاصم تعلمًا.

 

وروى يحيى أيضًا عنه قال: تعلمتُ من عاصم خمسًا خمسًا، ولم أتعلم من غيره، ولا قرأت على غيره، واختلفتُ إليه نحوًا من ثلاث سنين في الحر والشتاء والأمطار، وأخذ - رحمه الله - القراءة عرضًا على عاصم ثلاث مرات، وعن عطاء بن السائب، وأسلم المنقري، وعمِّر - رحمه الله - دهرًا طويلاً، إلا أنه قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين، وقيل بأكثر.

 

زهده وعبادته وثناء العلماء عليه:

قال عنه الذهبي: وكان سيدًا إمامًا، حجَّة، كثير العلم والعمل، منقطع القرين، وعن عبدالله النخعي ويحيى بن مَعِين قالا: لم يُفرَش لأبي بكر بن عياش فراش خمسين سنة، وذلك كناية عن قيامه الليل كله صلاة وقراءة واستغفارًا، فرحمه الله ورضي عنه.

 

ورُوِي من غير وجه عن أبي بكر بن عيَّاش أنه مكث أربعين سنة أو نحوها يختم القرآن في كل يوم وليلة، وقال يزيد بن هارون: كان أبو بكر خَيِّرًا، لم يضع جنبه إلى الأرض أربعين سنة.

 

ورعه:

جاء في معرفة القراء الكبار (1/137) عن يحيى بن سعيد قال: "زاملتُ أبا بكر بن عياش إلى مكة، فما رأيتُ أورعَ منه، ولقد أهدى له رجلٌ من أهل الكوفة رُطبًا، فبلغه أنه من بستان أخذ من خالد بن سلمة المخزومي، فأتى آل خالد فاستحلَّهم، وتصدَّق بثمنه".

 

كراماته:

قال يحيى الحماني: حدثني أبو بكر بن عيَّاش قال: جئت ليلة إلى زمزم، فاستقيتُ منه دلوًا عسلاً ولبنًا، فهذه كرامة لهذا الإمام العظيم.

 

عقيدته:

كان - رحمه الله - إمامًا كبيرًا، عالمًا عاملاً، حجَّة، وكان يقول عن نفسه: أنا نصف الإسلام، الله أكبر! وكان من كبار أئمة أهل السنة، على منهج وعقيدة الإمام المبجل أحمد بن حنبل - رحمه الله - فقد قال أبو داود: حدثنا حمزة بن سعيد المروزي - وكان ثقة - قال: سألت أبا بكر بن عياش: وقد بلغك ما كان من أمر ابن عُلَية في القرآن؟! قال: ويلك! من زعم أن القرآن مخلوق، فهو عندنا كافر زنديق، عدو الله، لا نجالسه ولا نكلِّمه!

 

ومن خلال اعتقادِه - رحمه الله - في الصحابة، استنبط من كتابِ الله مشروعية خلافة الصدِّيق - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيادة الأمة؛ فقد جاء في غاية النهاية (1/327) عن أبي هشام الرفاعي قال: سمعت أبا بكر - ابن عياش - يقول: أبو بكر الصدِّيق - رضي الله عنه - خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القرآن؛ لأن الله - تعالى - يقول: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 8]، فمَن سماه صادقًا فليس يكذب، هم قالوا: يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

 

قال ابن المبارك: ما رأيت أحدًا أسرع إلى السنَّة من أبي بكر بن عيَّاش.

 

من كلامه:

جاء في معرفة القراء الكبار (1/137): قال أبو بكر بن عياش: "أدنى نفع السكوت: السلامة، وكفى بها عافية، وأدنى ضرر المنطق: الشهرة، وكفى بها بليَّة، وقال: الدخول في العلم سهل، والخروج منه إلى الله شديد".

 

مَن أخذ القراءة عنه:

أخذ القراءة عنه عرضًا: أبو يوسف يعقوب بن خليفة الأعشى - عبدالرحمن بن أبي حماد - عروة بن محمد الأسدي - يحيى بن محمد العليمي - سهل بن شعيب، قال الداني: "ولا يُعلم أحد عرض عليه القرآن غير هؤلاء الخمسة".

 

وروى عنه الحروف سماعًا من غير عرض: إسحاق بن عيسى - إسحاق بن يوسف الأزرق - أحمد بن جبير - علي بن حمزة الكسائي، وروى عنه أبو داود الطيالسي، وأحمد بن حنبل، وخلق كثير.

 

وفاته: عن يحيى الحماني قال: لما حضرتْ أبا بكر بن عياش الوفاةُ بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك؟! انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختمت فيها ثمانية عشر ألف ختمة، وتُوُفِّي - رحمه الله - في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة (193هـ) عن عمر بلغ 98 سنة، فرحمه الله ورضي عنه.

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلَهم
إن التشبُّه بالكرامِ فلاحُ

 

3- ترجمة الإمام حفص - رحمه الله -:

• حفص: هو حفصُ بن سليمان بن المغيرة بن أبي داود الأسدي الغاضري - قبيلة من بني أسد - البزاز، نسبة إلى بيع البزِّ؛ أي: الثياب - المعروف بحُفَيْص، وكنيته: أبو عمر، مولاهم الكوفي.

 

وُلِدَ - رحمه الله - سنة تسعين (90هـ)، وتُوُفِّي سنة ثمانين ومائة (180هـ)، وكان صاحب عاصم وربيبَه - ابن زوجته - وهو أعلم أصحابه بقراءته.

 

ضبطه وإتقانه:

أخذ حفصٌ القراءة عرضًا وتلقينًا عن عاصم، فأتقنها حتى شَهِد له العلماء بذلك، ولقد كان - رحمه الله - كثير الحفظ والإتقان، وقد أثنى عليه الإمام الشاطبي - رحمه الله - بقوله:

"وحفص وبالإتقان كان مفضلا"

 

وقد اشتهرت رواية حفص، وتلقاها الأئمة بالقبول، وليس ذلك بغريب عليه؛ فقد تربَّى في بيت عاصم ولازمه، وأتقن قراءته حتى كان أعلم أصحابه بها، وقام بإقراء الناس بعد وفاة عاصم فترة طويلة من الزمان، وقال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة التي رويت عن عاصم هي رواية أبي عمر حفص بن سليمان.

 

منزلته:

نزل بغداد فأقرأ بها، وجاور في مكة فأقرأ بها، قال أبو هشام الرفاعي: كان حفص أعلم أصحاب عاصم بقراءته، فكان مرجَّحًا على شعبة بضبط الحروف، وقال الذهبي: هو في القراءة ثقة ثبت ضابط، بخلاف حاله في الحديث، وكان الأوَّلون يعدُّونه في الحفظ فوق شعبة، وقدَّم الآخِرون شعبة عليه، وقال ابن المنادي: قرأ على عاصم مرارًا، وكان الأوَّلون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر شعبة بن عياش، ويصفونه بضبط الحروف التي قرأها على عاصم، وأقرأ الناس بها دهرًا طويلاً.

 

رواته:

أخذ القراءةَ عنه عرضًا وسماعًا أناسٌ كثيرون، منهم: حسين بن محمد المروزي - حمزة بن قاسم الأحول - سليمان بن داود الزهراني - حمدان بن أبي عثمان الدقاق - العباس بن فضل الصفاد - عبدالرحمن بن محمد بن واقد - عمرو بن الصباح - عبيد بن الصباح - أبو شعيب القواس - الفضل بن يحيى الأنباري - وغيرهم، فرحمه الله ورضي عنه.

••••

 

4- ترجمة موجزة للعلَم الكبير، شيخنا/ عبدالفتاح مدكور - حفظه الله وأطال عمره في الخير - أعلى قرَّاء مصر سندًا في رواية حفص من طريق الشاطبية.


أود قبل أن أبدأ في شروحي لبعض متون التجويد أن أقدِّم بترجمة موجزة لشيخنا فضيلة الشيخ/ عبدالفتاح مدكور - حفظه الله - حتى أُعَرِّف إخواني الكرام أصحاب القرآن بهذا النجم الساطع في سماء علم التجويد، في إطار التعريف بعلماء هذا الفن العظيم، والله المستعان.

 

اسمه:

عبدالفتاح بن مدكور بن محمد بن بيومي.

 

مولده ونشأته:

وُلِد شيخنا في قرية "أبو النمرس" من قرى محافظة الجيزة يوم: 28/8/1932م، وكان والدُه من حَفَظة القرآن، ومن أعضاء الجمعية الشرعية، وكان لا يُولَد له مولود إلا ومات صغيرًا، فدعا الله أن يُرزَق بمولود ينذرُه للقرآن، وقد رزقه الله - تعالى - بشيخنا - حفظه الله - فالحمد لله رب العالمين.

 

شيوخه:

نظرًا لأن والدَ شيخِنا وهبه للقرآن، وهو قد أوقف حياته لخدمة القرآن تعلمًا وتعليمًا وقراءةً، فقد كثر شيوخه ومن استفاد منهم، ومن هؤلاء: عمه الشيخ/ حسن بيومي، أتم حفظ القرآن على يديه، ومنهم: الشيخ عبدالحميد غالي، قرأ عليه القرآن برواية وَرْش عن نافع، ومنهم: شيخنا العلاَّمة/ عثمان سليمان مراد، قرأ عليه رواية حفص من طريق الشاطبية، وتلقَّى عليه دقائق فن التجويد، ومتن السلسبيل الشافي، ونظم قصر المنفصل لحفص من الطيِّبة، وكذا متن الشاطبية وشرحها، وشيخنا من حفَّاظ السلسبيل القلائل، ويهتم به اهتمامًا بالغًا، ويستشهد به كثيرًا، ومن شيوخه أيضًا العلامة/ علي محمد الضبَّاع، شيخ عموم المقارئ، قرأ عليه ختمة كاملة لحفص.

 

تلاميذه:

قرأ عليه كثيرون رواية حفص عن عاصم، ومنهم: د/ توفيق أحمد العبقري - د/ حامد خير الله - الشيخ/ عبدالحميد إسماعيل لاشين - الشيخ/ حمد الله الصفتي - الشيخ/ عبدالله مجدي - الشيخ/ مصطفى شعبان المصري - الشيخة/ ابتسام المطيعي، واستفاد من شيخنا كثيرون في علوم التجويد، منهم: الشيخ/ زكي محفوظ - د/ سعاد عبدالحميد - وغير هؤلاء كثير كثير.

 

وكنت أنا وأخي صاحب البدر من الذين تشرَّفوا بالقراءة على الشيخ - حفظه الله - والاستفادة من علومه في التجويد، وكذلك في تلقِّي بعض المتون عن فضيلته، وقد حصلنا أنا وأخي صاحب البدر على إجازة القراءة والإقراء برواية حفص عن عاصم بقصر وتوسط المنفصل من الشاطبية والطيبة، يوم الأربعاء، الثاني من جمادى الأولى عام ألف وأربعمائة وتسعة وعشرين، الموافق: 7/5/2008، ولقد رأيت من فضيلته تواضعًا ما رأيتُ مثله من غيره، على علو سنده وكبر سنه وجلالة قدره، كما استللت من طيات كلماته ما ملأ قلبي بحبه، فوالله ما هو إلا أن تجلس معه، وتسمع منه، حتى يتبين لك من الأخلاق الرفيعة، والخصال الحميدة، والخلال المحمودة ما يملأ جوَّ قلبك بحبِّ هذا الإمام، ويذكِّرك بالسلف الكرام، أسأل الله - تعالى - أن يُلحِق شيخنا بهم، ولقد قصَّ شيخنا - حفظه الله - علينا شيئًا من أيامه وأخباره وأعماله وإنجازاته، وعن شيء من قصص بعض الذين أسلموا بسببه في أمريكا أيام كان يدرس القرآن واللغة العربية هناك في ولاية كاليفورنيا، فكانت سببًا آخر في إجلالنا للشيخ - حفظه الله - وزيادة فرحتنا بتشرُّفنا بالقراءة على مثله - حفظه الله - ولولا والله أني أخاف أن يغضب الشيخ من ذكر ما أعرفُ عنه لقصصتُ عجبًا من أيامه، ولكن حسبه أن الله يعلم ما أُخفِيه عن القرَّاء الكرام، وهو الذي سيجازيه، وإن كنتُ على يقين أن أخبار الشيخ - حفظه الله - لا بد أن تخرج للناس يومًا من الأيام لنقول لهم:

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلَهم
إن التشبُّه بالكرامِ فلاح

 

فأسأل الله أن يبارك فيما تبقى من عمر شيخنا، وأن يجعلنا عند حسن ظنه بنا، إن ربي على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

التعريف بإسناد الشيخ - حفظه الله - وأنه أعلى الأسانيد بالديار المصرية الآن في رواية حفص من طريق الشاطبية:

لقد منَّ الله - تعالى - على شيخنا بالتلقي عن كبار العلماء والأئمة الأفذاذ، وكذلك بالتلقي عن أصحاب الأسانيد العالية، فإنه يروي رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية عن الشيخ الضبَّاع - شيخ القرَّاء في وقته - وهو على: عبدالرحمن الخطيب الشهير بالشعار، وحسن بن يحيى الكتبي صهر المتولي، وهما على شيخ القراء في وقته الإمام/ محمد بن أحمد المتولي.

 

ح: كما تلقَّاها أيضًا على الشيخ عثمان سليمان مراد، وهو على حسن بدير الجريسي الكبير، وقرأ الجريسي الكبير والمتولي على السيد أحمد الدري التهامي، وبقية رجال السند معروفة، وقد سبق ذكرهم، فنلاحظ في هذا السند أولاً أنه سند قوي جدًّا، فكله أئمة كبار وشيوخ قراء عصرهم، ونلاحظ ثانيًا أنه سند عالٍ جدًّا؛ إذ بين شيخنا وبين الجَزَري اثنا عشر رجلاً، وعليه فيكون بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانية وعشرون رجلاً، وهذا أعلى إسناد موجود الآن بالديار المصرية لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، والله أعلم.

 

علمًا بأن المُنفَرِدين بالعلوِّ بالديار المصرية الآن من طريق طيِّبة النشر شيخان؛ فالأول شيخنا العلاَّمة عبدالباسط هاشم - حفظه الله - والثاني: الشيخ/ محمد عبدالحميد عبدالله، شيخ قرَّاء الإسكندرية - حفظه الله.

 

اتصاله بكبار العلماء:

من خلال حضور المقارئ والدراسة في معهد القراءات اتصل شيخنا بعدد من كبار علماء عصره، ومنهم: الشيخ/ عامر السيد عثمان، شيخ المقارئ الأسبق - الشيخ/ الضباع، شيخ المقارئ الأسبق - الشيخ/ إبراهيم السمنودي؛ صاحب لآلئ البيان، والتحفة السمنودية، وغيرها - الشيخ/ عبدالفتاح القاضي؛ صاحب البدور الزاهرة، والوافي في شرح الشاطبية، وغيرها - الدكتور/ أحمد عيسى المعصراوي، شيخ القراء وعموم المقارئ الحالي - الشيخ/ محمود أمين طنطاوي، وكيل مشيخة المقارئ المصرية، ورئيس لجنة تصحيح المصاحف سابقًا - الشيخ/ محمد متولي الشعراوي، فهو الذي اختار شيخنا لينشئ معهدًا للقرآن في بلدته "دقادوس"، وكان وراء سفر شيخِنا إلى أمريكا لتعليم القرآن - الدكتور/ إبراهيم مدكور، وهو عم شيخنا، وكان رئيسًا لمجمع اللغة العربية، وهو من كبار علماء اللغة والأدب، وله تآليف نافعة فيهما، ومن القراء المشاهير: الشيخ/ الحصري - الشيخ/ عبدالباسط عبدالصمد – الشيخ/ محمود علي البنَّا - الشيخ/ كامل يوسف البهتيمي - الشيخ/ عبدالفتاح الشعشاعي.

 

شهادات الشيخ ومناصبه وجهوده:

حصل الشيخ على شهادة التجويد عام 1978، وعالية القراءات عام 1981 من معهد القراءات الأزهري، ونظرًا لجهود الشيخ في تدريب الأئمة بالأوقاف، وتعليمهم القراءة الصحيحة للقرآن، وما كان لذلك من آثار طيبة، فإنه قد تم تعيينه مستشارًا لشؤون القرآن بالجيزة، يشرف على معاهد معلمي القرآن بالعمرانية، وأبي النمرس، وبركة السبع، وغيرها من فروع المعهد.

 

يشرف على برنامج تعليم القرآن بمدرسة الحسينية بالعمرانية.

 

عُيِّن شيخًا لمقرأة مسجد شريف بمنيل الروضة - ولا يزال بها حتى الآن - ومسجد عبداللطيف بأبي النمرس.

 

ظل شيخنا لفترة طويلة يقرأ القرآن في المحافل والمناسبات، وذاع صيته؛ لأنه يتمتَّع بصوت نَدِي وقراءة أصيلة، ثم أراد الله له ما هو أفضل؛ فرأى رؤيا في منامه جعلته ينصرفُ عن هذا المجال، ويتَّجِه إلى تعليم القرآن وأحكام تجويده، فأجاد كثيرًا وأفاد، تم اختياره لتدريس القرآن واللغة بولاية كاليفورنيا بأمريكا، وأسهم في نشر القرآن بها، وكان سببًا في إخراج الكثير من حفَّاظ القرآن ومجوِّدِيه، وفي إنشاء معاهد كثيرة، بل وجامعة هناك، ومنح بسبب جهوده كأسًا من البلاتين، أهداه للشيخ/ الشعراوي، وقد حدثني شيخنا - حفظه الله - عن عددٍ ممَّن جعله الله - تعالى - سببًا في إسلامِهم هناك، وقصته معهم في إسلامهم، كما استخرجت من ثنايا كلامه بعضًا من الكرامات التي أكرمه الله بها، ولولا أني أخشى أن يغضب من ذكرها لذكرتها، فالله حسيبه، ولا نزكِّي على الله أحدًا.

 

نبذة عن معاهد معلمي القرآن الكريم التي يشرف عليها الشيخ:

بعد تعيين الشيخ مستشارًا لشؤون القرآن بالجيزة، سمع به الشيخ الشعراوي - وكان عضوًا بالمجمع - وأخبر عمَّه الدكتور/ إبراهيم مدكور أنه يريد إنشاء معهد للقرآن في بلدته دقادوس، ويريد أن يُشرِف عليه شيخنا، ويقوم على تأسيسه، وبعد إلحاحٍ وافق شيخنا، وبالفعل تم إنشاء المعهد، وأطلق عليه "معهد معلمي القرآن الكريم"، وأنتج المعهد إنتاجًا طيبًا، وخرَّج رجالاً ونساءً يحفظون القرآن ويحسنون قراءته، وانتشر الأمر، وأعجب الناس بتلك الثمار الطيبة، وكان من هؤلاء المهندس/ محمد لاشين من بركة السبع منوفية، فأراد أن ينتشر الخير ببلدته، وبالفعل تم إنشاء معهد ثانٍ بهذه البلدة - بفضل الله - ثم أضيف إليها معهد ثالث بالعمرانية، والآن تعدَّدت فروع المعهد - بفضل الله - في كل من: الحوامدية - الهرم - البدرشين - المحلة الكبرى - ميت شماس - أبو النمرس، وإني هذه الأيام أسعى لإنشاء فرع في مركز زفتى بمحافظة الغربية، فأسأل الله - تعالى - العون والتوفيق.

 

ولا يزال الشيخ/ عبدالفتاح مدكور يعلِّم ويفيد طلابه في معاهده، وفي المقارئ التي يقرأ بها، ألا حَفِظ الله شيخنا، وبارك لنا في عمره وأهله وعلمه وتلاميذه، وأسأل الله أن يُدِيم توفيقه له لخدمة كتابه الكريم، وأن يرزقَه حسن النيَّة وقَبُول العمل؛ إن ربي على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

5- نبذة عن شيخنا الفاضل/ الخطيب بن كمال عبدالواحد الذي أجازني بقراءة عاصم:

اسمه ومولده:

الخطيب بن كمال بن محمود عبدالواحد، ولد الشيخ - حفظه الله - في الثاني عشر من شهر أكتوبر عام ألف وتسعمائة وخمسة وسبعين من الميلاد.

 

شيوخه:

قرأ شيخنا - حفظه الله - على الشيخ الفاضل والعلم الكبير، فضيلة الشيخ/ عبدالله الجوهري، وكيل معهد القراءات، وعضو لجنة مراجعة المصاحف منذ عام 1996 إلى عام 2000، فلما لمس الشيخ الجوهري - رحمه الله - في شيخنا الإتقان أجازه بالقراءة والإقراء شفهيًّا، ولم يُمهِله الموت لأن يجيزَه كتابيًّا - فقدَّر الله وما شاء فعل - ورحم الله شيخنا الجوهري رحمة واسعة.

 

وبعد موت الشيخ الجوهري - رحمه الله - بدأ شيخُنا الخطيب - حفظه الله - يبحث عن عَلَم آخر من أعلام التجويد والقراءات، فقرأ فترة على الشيخ عبدالحكيم عبداللطيف - حفظه الله - في مقرأته، إلا أن الله - تعالى - لم يقدِّر له أن يقرأ ختمة إجازة على الشيخ - حفظه الله - ثم هداه الله - تعالى - إلى شيخنا المقرئ الكبير، فضيلة الشيخ/ عبدالباسط هاشم - حفظه الله - أعلى قرَّاء مصر سندًا، الذي أحبه لخلقه الرفيع، وقدَّمه على كثير من طلابه، بل وصارت بينهما علاقات شخصية حميمة، فقرأ شيخنا على فضيلته ختمة كاملة لروايتي شعبة وحفص عن عاصم - رحمهم الله جميعًا - وأجازه الشيخ - حفظه الله - بعد ذلك بالقراءة والإقراء إجازة صحيحة بشروطها المعتبرة عند أهل العلم، وكان ذلك عام 2005.

 

وبعد حصول شيخنا على إجازة القراءة والإقراء بقراءة عاصم - رحمه الله - بدأ يتجهَّز لبقية القراءات، غير أن ظروف شيخنا الصحية حالت دون سرعة إتمام ذلك، فأسأل الله - تعالى - أن يتمَّ شفاء شيخنا الخطيب على خير، وأن يمتِّعَه بالعافية في الدين والدنيا والآخرة، وأن يفتح له باب القراءات على مصراعيه؛ إنه على كل شيء قدير.

 

ظلَّ شيخنا - حفظه الله - فترة لا يُقرِئ أحدًا، حتى ألحَّ عليه بعض الأفاضل ليبدأَ في الإقراء بقراءة عاصم أو بأحد رَاوِيَيه، وبالفعل استجاب شيخنا - حفظه الله - وبدأ يقرئ ويعلم ويدرس التجويد وعلوم القرآن؛ لينال بذلك حظه الوافر من الخيرية التي ذكرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عثمان - رضي الله عنه - في الصحيح: ((خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلَّمه))، وكنتُ واحدًا ممَّن تشرَّف بالقراءة على فضيلته؛ حيث ختمتُ عليه - حفظه الله - ختمةً كاملة بقراءة عاصم - رحمه الله - براوييه شعبة وحفص، وأُشهِد الله - تعالى - أني رأيتُ من شيخنا من التواضع وسمو الأخلاق، والحب لله ولرسوله، والرغبة الصادقة في نشر الحق والسنة، ما جعلني أشرفُ بالقراءة عليه، بل وأتمنَّى أن يمنَّ الله - تعالى - على إخواني من طلاب علوم القرآن بالتشرُّف بالقراءة على فضيلته - حفظه الله - فقد وضع الله - تعالى - له القَبُول في الأرض، وتلك علامة شرعية على محبة الله - تعالى - له، أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله؛ ففي الصحيح: ((إن الله - تعالى - إذا أحبَّ فلانًا نادى: يا جبريل، إني أحب فلانًا فأحبَّه، فيحبه جبريل، ثم ينادِي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض))، فأسأل الله - تعالى - أن يجعل القبول الذي وضعه لشيخنا الخطيب في الأرض حبًّا وكرامة، وأن يزيده رفعة وعزَّة في الدنيا والآخرة؛ جزاء ما يفعل مع الذين يقرؤون عليه.

 

هذا، وقد ظل شيخُنا فترة طويلة يدرِّس التجويد وعلوم القرآن في معهدِ الصوالحة بشبرا الخيمة، إلا أنه اضطرَّ للتوقف أيضًا بسبب بعضِ المشاغل والظروف الصحية، فأسأل الله - تعالى - أن يقدِّر لشيخنا الخير حيثما كان، وأن يرضيه به.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من أعلام القراءات .. يحيى اليزيدي
  • القراءات وكبار القراء في دمشق .. من القرن الأول الهجري حتى العصر الحاضر
  • حالة الإفادة من القراءات الصحيحة جمعا في توجيه الرسم العثماني للمصحف
  • كيفية جمع القراءات القرآنية
  • في نشأة القراءات
  • كف الأقلام عن نقد الأعلام!
  • من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب
  • تراجم: المأمون – عبدالحميد الكاتب – عبدالله بن معاوية – طارق بن زياد – الأحنف بن قيس - عمرو بن العاص
  • أين تراجم هؤلاء؟
  • تلخيص لأهم الأعلام ومؤلفاتهم من كتاب الموجز في المراجع والتراجم لمحمود الطناحي
  • البيان في ضبط نسبة الأعلام

مختارات من الشبكة

  • منهج البوريني في تراجم كتابه تراجم الأعيان من أبناء الزمان(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • التراث الخطي في دار الكتب الظاهرية بدمشق وأثره في إغناء تراجم الأعلام من خلال السماعات(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من الدرر البازية: تراجم مختصرة لبعض الأعلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة نور الإعلام بانفراد الأربعة الأعلام في القراءات(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مشكلات الكتابة في تراجم الأعلام المعاصرين ( الزركلي نموذجا )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أئمة القراءات الشاذة وحكم القراءة بها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإضمار البلاغي في القراءات القرآنية: دراسة تطبيقية في القراءات السبع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الكواكب المنيرة المجتمعة في تراجم المجتهدين الأئمة الأربعة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كتاب الفوائد البهية في تراجم الحنفية لمحمد عبدالحي اللكنوي(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • علم التراجم ومساقات تصانيفه (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب