• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

عالمان كبيران يتنافسان في أدب ونزاهة

عالمان كبيران يتنافسان في أدب ونزاهة
د. محمد رجب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2011 ميلادي - 26/12/1432 هجري

الزيارات: 7189

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كنتُ أحفظ صغيرًا قصة الدبة الجاهلة التي أرادتْ أن تذود الذباب عن وجْه صاحبها النائم، فرمتْه بحجرٍ ثقيل هشمه، وقضَى على حياته، فكانت بجهْلها الغاشم شرًّا عليه من أعدى أعدائه، وهي خرافة ذات مغزًى خُلقي، يوحي باجتناب الحَمقى ومُباعدة الجهلاء، مَهْمَا صفتْ منهم القلوب، وخَلصت النيَّات، ولستُ اليوم في حديث العدوِّ العاقل بمتَّخِذٍ طريقَ الأسطورة، ولكني سأنقل من صحائف التاريخ؛ لتكون العبرة أوضح، والقدوة أهدى إلى الاتِّباع.

 

إنَّ اصطدام الناس - والعلماء منهم - في معارك الكسْب والارتزاق، وطموحهم إلى منازل الرئاسة ومناصب الجاه، يجعل الحياة شبيهة بمعركة حربيَّة طاحنة، ترسم لها الخُطط، وتُعَدُّ الذخائر وتُهَيَّأ الأسلحة، ولا بد أن تنجلي هذه المعارك عن آثار نفسيَّة، تقوم مقام الأدواء الجسمية في عُنف تأثيرها وشديد احتدامها، ومن الناس مَن يسترسل مع شهوته في اللجاج، ويتمادى في الرعونة، فيجر على نفسه شرًّا كثيرًا، حيث أراد الخير المفرط، بل من الناس مَن يتأكَّد وقوع الشرِّ، ولكنه يتمادى في طريقه راجيًا أن يُلْحِقَ بغريمه ما يلحقه هو من الأذى؛ جَرْيًا مع المثل القائل: "عليّ وعلى أعدائي".

 

والعاقل كل العاقل مَن يعلم أن عدوَّه يُشاركه العقل والخِبرة والدهاء، فهو إذا نازَله بأسلحة الشر، فلا بد أن يقابلَ بقوَّة تصدم قوَّته، فتكون الخسائر مشتركة بينهما، والسبيل الحازم أن تتخذَ الوسائل؛ لمنْع الاصطدام منعًا ينبع عن حسٍّ خُلقي، وإخلاص عملي، ومُجاهدة النفس أمرٌ شاقٌّ عسير؛ لأنها بأهوائها المُصطخبة، وغرائزها المتعارِضة أقوى وأعنف من أن تنزعَ إلى التسامح، وتميل إلى الإغضاء، ومَن سيطروا على أهوائهم القاهرة من العقلاء لَم يقطفوا الثمرة في راحة وهدوء، ولكنَّهم كابَدوا صراعًا ملتهبًا يحترق له الدمُ، ويَغلي به الرأس كمِرْجل تشتعل من تحته النار، حتى استطاعوا بعد جهاد عنيفٍ أن يُسَيطروا على نوازعهم الغاضبة، فتَسلس بعد جموح، وتَسكن بعد جَيَشان وغليل.

 

وقد قرأتُ في كتاب "الصداقة والصديق"؛ لأبي حيان التوحيدي، قصة حقيقية رائعة لضبْط النفس وطاعة العقل، ولزوم الجادة بين زعازع الأحداث، وأعاصير الحياة، وبطلاها فقيهان كبيران من أعلام التشريع الإسلامي في الدولة، ولهما قدرهما الملحوظ في الإمامة والقضاء والفتوى، ولكل منهما تلاميذُ وأشياع، ومجال التنافس بينهما على أشُده في عصرٍ مُضطغنٍ متشاحن، تتنازعه الأهواء، وتهبُّ به الزلازل السياسية والاجتماعية بين الآن والآخر، إذًا فالبحر هائجٌ، والموت مُصطخب، والريح عاصفة، والسفينة تشقُّ طريقها بعناية رُبَّان بصير، فإن نامَ لحظة واحدة، قذَفَه التيار إلى قرارٍ سحيق.

 

عداوة العاقل ألذُّ وأحلى من صداقة الجاهل:

أمَّا أحد الفقيهَيْن، فأبو حامد المروزي أستاذ أبي حيان التوحيدي، وكان علمَ الفتيا والقضاء، ذكر ابن خلكان أنه من أئمة الفقه الذين لا يُشَقُّ غبارُهم، وقال ابن السُّبكي في "طبقات الفقهاء" عن بعض الباحثين أنَّ كتابه المعروف باسم "الجامع" أمدَح له من كلِّ لسان؛ لإحاطته بالأصول والفروع، وجمعه النصوصَ والوجوه، فهو لأصحاب الشافعي - رضي الله عنه - عُمدة من العمد، ومرجع من المراجع، وقد سَمَت هِمَّته فشرَح "المختصر" للمزني شرْحًا دقيقًا، كشَف به الغامض، ويقول أبو حيان تلميذه عنه: إنه كان بحرًا يتدفَّق؛ حفظًا للسِّيَر، وقيامًا بالأخبار، واستنباطًا للمعاني، ومعنى ذلك أنَّ الرجل يستعين على مسائل الفقه بدراسة التاريخ، وإحاطته بسِيَر الرجال، ونتائج الأحداث، وهذا يُحْسَب له، حين امتدَّ الفقه العلمي إلى مدًى تُضئ فيه الأنوار بأبهى اللآلئ، وكان يتمتَّع ببيان واضح، يجعله أصبرَ على الجدل، وأثبتَ في دنيا الخلاف، والجدل هنا جدلُ الفقهاء لا جدَل علماء الكلام؛ لأنَّ أبا حامد كان ممن يشيحون عن مسائل علم الكلام، وكان إذا ذُكِر المتكلمون في مجلسه يردِّد قول الراجز:

وَمَهْمَهٍ دَلِيلُهُ مُطَوَّحُ
يَدْأَبُ فِيهِ الْقَوْمُ حَتَّى يَطْلَحُوا
ثُمَّ يَظَلُّونَ كَأَنْ لَمْ يَبْرَحُوا
كَأَنَّمَا أَمْسَوا بِحَيْثُ أَصْبَحُوا

 

ولا يفرق قدر هذا الاستشهاد غير مَن قرأ صحائف الجدَل الكلامي، ورأى التراشُق بالمنطق والقياس، والاحتكام إلى الجنس والنوع، دون أن يحصل القارئ بعد ذلك على يقين مُريح.

ثُمَّ يَظَلُّونَ كَأَنْ لَمْ يَبْرَحُوا
كَأَنَّمَا أَمْسَوْا بِحَيْثُ أَصْبَحُوا

 

وما تقدَّم عن أبي حامد يكفي في التعريف عنه، كما يكفي في الوقت نفسه في التعريف عن مُنابذِه عبدالله بن نصرويه القاضي الفقيه؛ إذ ضنَّت كُتب التراجِم المشتهرة بالحديث عن حياته، ولكنَّ صموده للمروزي ومنافسته إيَّاه أربعين عامًا في الفتيا والقضاء، مما يُلقي تصوُّرًا معقولاً عن مكانته الدينية، فهو منه قريب، ويطول عجبي حين أبحث عن أعلام كبار، مثل: عبدالله بن نصرويه، فلا أجد عنهم ما يشفي الغليل، على حين أرى صفحات كثيرة تحفل بتواريخ أناس ليسوا في العير ولا في النفير، أيكون الحظ الموهوم أيضًا ذا تأثير في كتابة التراجِم بعد الموت، كما كان ذا تأثير في ارتفاع زيد وخمول عمرو على مسرح الحياة؟ تلك مسألة تتطلب النظر في غير هذا المجال.

 

مهما يكن من شيء، فقد كان أبو حامد المروزي خصيمًا للفقيه القاضي ابن نصرويه، يُنازعه الرئاسة والفتوى، ويُقاسمه التلاميذ والأتْباع، وقد ظلا كذلك أربعين عامًا، يرى أحدهما في أخيه منافسًا خطيرًا، يحاول أن يُزيحَه عن موضعه؛ ليخلو له الجوُّ، وهو شعور مؤلِم يَنتاب العلماء على مدى العصور، فيضطرهم إلى ما يجب أن يتنزهوا عنه من التحاسُد والتباغض، وقد امْتُحِن الرجلان في أصدق امتحان على يد معز الدولة أحمد بن بويه حاكم العراق، فخرجا من الامتحان بوجْه مُشرق، وصحيفة بيضاء، إذ كشفا معًا عن طهارة النفس، وارتفاع الهِمَّة، وبُعْد النظر، فزادَ قدْرهما بذلك، وظهَر معدنهما الذهبي ساطع البريق، بعد أن امْتُحِنا في مُلتهب السعير.

 

كان معز الدولة حاكمًا جبَّارًا، سريع الغضب، باطش العقاب، يقول عنه معاصره ابن مسكويه المؤرِّخ الفيلسوف: "وهو بذئ اللسان، يُكثر سبَّ وزرائه، وخاصة حشمه، ويفتري عليهم"، وقد رأى إجماع الناس على حمْد القاضِيَيْن الكبيرين وتقديرهما، فأراد أن يوقِع بينهما؛ ليثور كلُّ قاضبٍ على أخيه، وليكشف للناس ما يضع من قدريهما، ولكن اصطدَم بعاقليْن حَصِيفين لهما في دولة الخُلق ما لهما في دولة العِلم، فاضطر إلى إكبارهما معًا، وقد تحدَّث أبو حيان التوحيدي في كتاب "الصداقة والصديق" عن ذلك ببيان مُشرق، وتفصيل شافٍ، ومَن أحسن من أبي حيان نصاعة قولٍ، وتسلسُل بيان، وتجدُّد أفكار؛ لذلك أوثِر أن أنقلَ عنه؛ إذ قال[1]: "وكان بين القاضي أبي حامد المروزي وبين ابن نصرويه العداوة الفاشية، والشحناء الظاهرة، فكان إذا ذُكِر ابن نصرويه، أنشد القاضي:

وَأَبِي ظَاهِرُ الْعَدَاوَةِ إِلاَّ
بِاضْطِغَانٍ وَقَوْلِ مَا لاَ يُقَالُ

 

وكان أبو حامد يقول عنه: "والله إني بباطنه في العداوة أوثق منِّي بظاهر صداقة غيره، وذاك لعقْله الذي هو أقوى زاجر له عن مُساءتي، إلاَّ فيما يدخل في باب المنافسة، ولهذا استمرَّ أمرنا أربعين سنةً من غير فحاشة ولا شناعة، ولقد دُعيت إلى الصلح، فقلتُ: لا تحرِّك الساكن منَّا، فلقديم العداوة بالعقل، والحفاظ من الذمام والحُرمة ما ليس لحديث الصداقة بالتكلُّف والملق، ولقد وقَفني مرَّة على ضربة تأَتَّت له عليَّ كان فيها البوار، فكفَّ عنها وأخذ بالحسنى، فأريته أختها، وكانت خافية عنده، فقال: لولا علمي بأنك تَسبق إلى مثل هذه ما قابلتك بتلك، فقلت: هو والله ذاك، ووالله - يقول أبو حامد - لقد ضرَّني ناس كانوا ينتحلون مودَّتي، ويتبارون في صداقتي؛ لضَعف نحائزهم، ولؤم غرائزهم، ولقد ثبتَ لي هو في عداوته على عقْل وتذمُّمٍ أفْضَيا به إلى سلامة الدين والنفس والحال، وورَد معز الدولة هذا المصر، فسأله عني، فأثنى خيرًا، وقال: ما قطن مصرنا غريبٌ أعظم بركة منه، وإنه لجمالنا عند المباهاة، ومَفزعنا عند الخلاف، وقد سألني معز الدولة عنه سرًّا، فأثنيتُ خيرًا، وقلت: أيها الأمير، والله ما نشأت فتنة في هذا العصر، إلا كان سبب زوالها، وإطفاء ثائرتها، وإعادة الحال إلى غضارتها ونضارتها، فقال معز الدولة سرًّا لأبي مخلد: كيف الحال بينهما؟ - يعنينا - فقال: بينهما نبو لا ينادى وليده، وتَعادٍ لا يَلين أبدًا شديدُه، فقال: لئن كانا كما تقول فإنهما رُكنا هذا البلد، وعُدتا هذا السواد، اجعلهما عيني أبصرُ بهما أحوال الناس في هذا المكان، وأعول عليهما فيما يريان ويشيران".

 

ثم قال أبو حامد - وقد تغلغل في أعماق النفس البشرية تغلغلاً لا مزيد وراءه -: "والله إن عداوة العاقل لألذُّ وأحلى من صداقة الجاهل، ومن فضل صداقة الجاهل أنَّك لا تستطيع مكاشفته؛ حياءً منه، وإيثارًا للإرعاء عليه، ومن فضل عداوة العاقل أنك تقدر على مُعالنته بكلِّ ما يكون منه إليك".

 

أنقلُ هذا الحديث على طوله؛ لأُظهر للقارئ كيف تكون العداوة - إذا لَم يكن منها بدٌّ - مقيدة بحدودها لا تتعدَّاها، فإذا كانتْ مغالبة النفس من الشدة والعنف بحيث لا يسهل انقيادها إلى المصافاة في كثيرٍ من الأحيان، فإن التزام الحدِّ في العداء مما يضمن الهدنة الدائمة، ويمنع الأفق من أن يتلبَّد بالسحب، فتتراكم كي تُرسل الصواعق فيما بعد، كما أنَّ لهذا الحديث دَلالة واضحة على تمكُّن فقهائنا - من أمثال: أبي حامد المروزي - من معرفة الحقائق الأصيلة فيما يُسمى اليوم بعِلْم النفس، وقد كان بعض الأعراب يظنون أنَّ هذا العلم من الجدة بحيث لَم يهتدِ إليه من أساطين المفكرين في الإسلام، واهمين أن مَن يعرف المصطلحات الذائعة من أمثال اللاشعور والكبت، والعقدة والانفصام، هو وحْده الذي يعرف دخائل النفس، وقد فات هؤلاء أنَّ المضمون الخالص لهذا العلم ليس وقْفًا على مصطلحات تتغيَّر بتغيُّر العصور، وأنَّ النفوذ إلى الحقائق النفسيَّة في أعمق الأعماق، هو ما يَهدف إليه هذا العلم الطريف التليد، وكم رأينا مَن يملأ رأْسه بمصطلحات مستحدثة في هذا المجال، ثم لا يصل ببصيرته إلى بعض ما يُدركه مثقَّف غير مختص إذا واصَل استنباطه الشخصي في هدًى من عقْل حصيف، وإلاَّ فمَن الذي ينكر خِبرة أبي حامد المروزي النفسية، حين يستمع إلى قوله: "إني بباطنه في عداوته أوثق منِّي بظاهر صداقة غيره؛ وذلك لعقْله الذي هو أقوى زاجر له عن مساءتي".

 

أو قوله: "وقد دُعيت إلى الصلح فأبيتُ؛ إذ لقديم العداوة بالعقل والحِفظ من الذمام والحرية، ما ليس لحديث الصداقة بالتكلُّف والملق!".

 

أو قوله: "عداوة العاقل ألذُّ وأحلى من صداقة الجاهل، ومن فضْل عداوة العاقل أنك على معالنته بكل ما يكون منه إليك، ومن فضْل صداقة الجاهل أنك لا تستطيع مكاشفته حياءً منه".

 

فإنَّ صاحب هذه الآراء دارسٌ مُحنك، قد أوتي القدرة على تعرية النفوس، وكشْف الأقنعة، وقد عرَف بخبرته أنَّ الصداقة بين المتنافسين صداقة ظاهرة، تُضمر ما لا محيص عنه من الارتياب والحذر، فلم يحرص عليها إذ كانتْ طِلاءً خادعًا، يُزيف الحقيقة، ويعمي العين عن النفاذ الدقيق، وقد استعان الرجل بخبرته الشخصية في دنيا المشاعر والأحاسيس، فاهتدى إلى ما لا يهتدي إليه غير ذوي الإلهام الوقاد، وكانتْ مسألة العداء بعض ما يشغله، فأخَذ يوازن بين عداوة وعداوة، وما ذكَر أبو حيان عنه قليل من كثيرٍ؛ لأن التوحيدي لَم يفرغ له وحْده، بل كان نحلة دائمة الامتصاص من شتَّى الحدائق، كم وردتْ من زهور ونشقتْ من عبير، ولكنَّه عرفَ للمروزي قدرَه حين قال عنه في خاتمة حديثه عن عداوة العقلاء:

"وكان أبو حامد بليل الريق، يَستحضر كيف شاء بالطويل والعريض، والجليل والدقيق، وهو في كلِّ ما قال يُعيد إلى ذهني قولَ سقراط الحكيم: "لا تكون كاملاً؛ حتى يأمنك عدوُّك، فكيف بك إذا كان لا يأمنك الصديق؟!".



[1] الصداقة والصديق، ص 41؛ بتحقيق الدكتور: إبراهيم الكيلاني.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عالمان متآلفان

مختارات من الشبكة

  • علام عذبت الغلام علام؟ (مقطوعة شعرية)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • العليم - العالم - العلام جل جلاله، وتقدست أسماؤه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • روح العالم رجال أشرق بهم العالم بنور الوحي لأحمد الطويان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عالم الهدى وعالم الضلالة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • تذكير العلماء بسيرة سلطان العلماء(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وكل ما سوى الله عالم وأنا واحد من ذلك العالم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العالم بالفقه دون أصوله، والعالم بأصول الفقه دون فروعه: هل يعتد بقولهما في الإجماع؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخصات اقتصادية (4) العالم الثالث ثلاثة أرباع العالم(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • أين الاقتداء برسول رب العالمين في رحمته التي شملت العالمين؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البوسنة: رئيس العلماء يستقبل وفدا من رابطة العالم الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
2- ثقافة الحوار
حسن محمد عبده الصلاحي - مصر 19-04-2012 11:39 AM

إن من أكثر الأمور التى افتقدناها فى زمن الضعف، وهى من أركان ثقافتنا وحضارتنا الإسلامية، (ثقافة الحوار) أن أتعلم كيف أصغى، وكما يقول الإنجليز: الإستماع الجيد حديث جيد.
وأن يتخير المتكلم الألفاظ ومرادها، ووقوعها موقع الاستحسان فى نفس المتلقى، هذا إذا قبلها، وإن رفضها فلا تزيد سخطه على شخص المتكلم، فيبقى الخلاف فى حدود الأفكار والرؤى، ولا يتعداه إلى التباغض والتنافر.

1- سرور بهذه المقالة
حيدر عيدروس علي - السودان 27-11-2011 11:09 AM

يا سلام، هذه كلمة تعجب من السرور والفرح كانت تصدر من أخينا الفاضل الداعية الشيخ محمد سيد حاج -رحمه الله ورضي عنه- ولها في النفس موقع جميل إذا سمعت منه، فأنا أقول: يا سلام لكاتب هذه الأسطر النورانية، جزاه الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب