• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام
علامة باركود

قتيبة بن مسلم الباهلي

شريف عبدالعزيز الزهيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/12/2016 ميلادي - 26/3/1438 هجري

الزيارات: 48399

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمير المجاهدين قتيبة بن مسلم الباهلي

"فاتح الصين الأعظم"


هو البطل المغوار والقائد العظيم ميمون النقيبة وكبير مجاهدي الدولة الأموية بلا منازع وناشر الإسلام في أقصى ربوع الأرض من ناحية الشرق وصاحب الراية التي لم يتجاوز أي فاتح بعده مكانها، ومدخل الإسلام إلى بلاد الصين، صاحب الشخصية الجهادية الساحرة التي بهرت كل من رآه، وأسرت نفس كل من سمع أخباره، الذي أسلم على يديه الآلاف من الكفرة حبًا فيه وفي جهاده وشجاعته، الذي انتصر على كل أعدائه، وحطم معابد الشرك والأوثان، ولم يفر أو يهزم في معركة قط، صاحب الراية المباركة على الإسلام والمسلمين، الأمير أبو حفص "قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن ربيعة الباهلي".

 

ولد قتيبة بن مسلم سنة 48 هجرية بأرض العراق، وكان أبوه "مسلم بن عمرو" من أصحاب "مصعب بن الزبير" والي العراق من قبل أخيه أمير المؤمنين "عبد الله بن الزبير"، وقُتِل معه في حربه ضد "عبد الملك بن مروان" سنة 72 هجرية، وقد نشأ "قتيبة" على ظهور الخيل رفيقًا للسيف والرمح، محبًا للجهاد، وكانت منطقة العراق مشهورة بكثرة الفتن والثورات، لذلك عمل كل ولاة العراق على شغل أهلها بالجهاد في سبيل الله لاستغلال طاقاتهم الثورية في خدمة الإسلام ونشر الدعوة، لذلك كانت أرض العراق هي قاعدة الانطلاق للحملات الجهادية على الجبهة الشرقية للدولة الإسلامية، وقد اشترك "قتيبة" في هذه الحملات منذ شبابه المبكر، وأبدى شجاعة فائقة وموهبة قيادية فذة، لفتت إليه الأنظار خاصة من القائد العظيم "المهلب بن أبي صفرة" وكان خبيرًا في معرفة الأبطال ومعادن الرجال، فتفرس فيه أنه سيكون من أعظم أبطال الإسلام، فأوصى به لوالي العراق الشهير "الحجاج بن يوسف الثقفي" الذي كان يحب الأبطال والشجعان، فانتدبه لبعض المهام ليختبره بها ويعلم مدى صحة ترشيح "المهلب" له، وهل سيصلح للمهمة العظيمة التي سيؤهله إليها بعد ذلك أم لا؟

 

رحلة المجد الجهادي:

بدأت رحلة المجد الجهادي لهذا القائد الفذ منذ 86 هجرية، وذلك عندما ولاه "الحجاج بن يوسف الثقفي" ولاية "خراسان" وهو إقليم شاسع مترامي الأطراف، لم يكن المسلمون قد واصلوا الفتح بعده، وكان "المهلب بن أبي صفرة" واليًا على خراسان من عام 78 حتى 86 هجرية، وقد رأى "الحجاج" أن يدفع بدماء شابة جديدة في قيادة المجاهدين هناك، فلم يجد أفضل من "قتيبة بن مسلم" لهذه المهمة.

سار "قتيبة بن مسلم" على نفس الخطة التي سار عليها آل المهلب، وهي خطة الضربات السريعة القوية المتلاحقة على الأعداء، فلا يترك لهم وقتًا للتجمع أو التخطيط لرد الهجوم على المسلمين، ولكنه امتاز عن آل المهلب بأنه كان يضع لكل حملة خطة ثابتة لها هدف ووجهة محددة، ثم يوجه كل قوته للوصول إلى هدفه، غير عابئ بالمصاعب أو الأهوال التي ستواجهه، معتمدًا على بسالته النادرة وروح القيادة التي امتاز بها وإيمانه العميق بالإسلام.

 

إستراتيجية الفتح الإسلامي:

من ضمن الأباطيل التي يروجها المستشرقون على سيرة الجهاد الإسلامي في الصدر الأول هو عدم وجود استراتيجية واضحة للفتوحات الإسلامية، يقول المستشرق "أنتوني نتنج" وهو يجزم بباطله: "والحملات بعيدة جدًا على أن تكون نتيجة لتدبير مقصود هادئ، إذ يبدو أنها بدأت كغارات قصد منها أن توجد مخارج جديدة للروح الحربية التي كانت تسود القبائل، والتي خطر عليها أن تشتبك في معارك أخوية"، وهذه شبهة واهية وباطل يرده أحداث التاريخ، ووقائع الفتوحات الإسلامية، وما قام به الأمير "قتيبة بن مسلم" من تقسيم لحملاته الجهادية خير دليل على بطلان هذه الآراء والشبهات.

 

قام "قتيبة بن مسلم" بتقسيم أعماله لأربع مراحل، حقق في كل واحدة منها هدفه، فتح ناحية واسعة فتحًا نهائيًا ثبت فيه أقدام المسلمين للأبد وهي كالآتي:

• المرحلة الأولى: قام بها "قتيبة" بحملته على "طخارستان السفلى" فاستعادها وثبت أقدام المسلمين بها وذلك سنة 86 هجرية، وطخارستان السفلى هي الآن جزء من أفغانستان وباكستان.

• المرحلة الثانية: قاد فيها حملته الكبرى على بخارى فيما بين سنتي (87- 90 هجرية) وخلالها أتم فتح بخارى وما حولها من القرى والحصون، وكانت أهم مدن بلاد ما وراء النهر وأكثفها سكانًا وأمنعها حصونًا.

• المرحلة الثالثة: وقد استمرت من سنة (91- 93 هجرية)، وفيها تمكن "قتيبة" من نشر الإسلام وتثبيته في وادي نهر جيحون كله، وأتم فتح إقليم "سجستان" في إيران الآن وإقليم خوارزم "يوجد الآن بين دول إيران وباكستان وأفغانستان"، ووصلت فتوحاته إلى مدينة "سمرقند" في قلب آسيا وضمها إلى دولة الإسلام نهائيًا.

• المرحلة الرابعة: وامتدت من سنة (94- 96 هجرية)، وفيها أتم "قتيبة" فتح حوض نهر سيحون بما فيه من مدن، ثم دخل أرض الصين وأوغل فيها ووصل مدينة "كاشغر" وجعلها قاعدة إسلامية، وكان هذا آخر ما وصلت إليه جيوش الإسلام في آسيا شرقًا.

 

الأمير "قتيبة" وقبائل الأتراك:

عندما قام المسلمون الأوائل بحركة الفتح الإسلامي في شرق المعمورة كان هناك نوعان من الأجناس البشرية؛ القبائل الساسانية أو الفارسية، والقبائل التركية، وكان نهر "المرغاب" هو الحد الفاصل بين هؤلاء وهؤلاء، وقد تم إدخال القبائل الفارسية في الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين، أما القبائل التركية فقد كانت أكبر عددًا وأوسع انتشارًا، منهم الأتراك الغزية، والأتراك القراخطاي، والأتراك القوقازيون، والأتراك الأيجور، والأتراك البلغار، والأتراك المغول.

ونستطيع أن نقول: إن الأمير "قتيبة بن مسلم" هو صاحب الفضل الأول بعد الله عز وجل في إدخال الأتراك شرقي نهر المرغاب وفي بلاد ما وراء النهر في الإسلام، فقد سحرت شخصيته الجهادية الأتراك فدخلوا في دين الله أفواجًا حبًا في بطولات وشجاعة هذا البطل الجسور الذي رأى فيه الأتراك الرمز الحقيقي للفضيلة والشجاعة والرجولة، ومعاني الإسلام النقية المتجسدة في شخصه، وكان دخول هؤلاء في دين الإسلام من أكبر الفتوحات والانتصارات التي حققها المسلمون وكان لهم أعظم الأدوار في نشر الدعوة في قارة آسيا كلها، فكان من قبائل الأتراك الغزية مثلًا السلاجقة العظام، والعثمانيون الأبطال، والأوزبك الشجعان، والمماليك قادة العالم، وهؤلاء أدوا خدمات جليلة لا تنسى في خدمة الإسلام، ومن الأتراك القوقازيين ظهر أبطال داغستان والشيشان، ومن الأتراك الهياطلة ظهر الغزنويون والغوريون فاتحو الهند الكبار وهكذا كان ذلك كله على يد من ألقى البذرة الأولى "قتيبة بن مسلم".

 

خصال الأسد الجسور:

لقد كانت شخصية "قتيبة بن مسلم" مثالًا حيًا وتجسيدًا حقيقيًا لقيم الإسلام وتعاليمه، وجمع من الصفات والخصال التي رشحته لأن يكون عملاق الجهاد الإسلامي في هذه الفترة من الزمان حتى إن مجرد ذكر اسمه كان يلقي الرعب في قلوب أعدائه، والطاعة الكاملة والمهابة الشديدة في نفوس أتباعه، ومواقفه البطولية، وأيام جهاده خير دليل على ذلك.

 

أولًا: غيرته على الإسلام والمسلمين:

عندما فتح "قتيبة" مدينة "بيكند" وكانت تابعة لـ"بخارى"، صالحه أهل المدينة، فجعل عليهم واليًا من المسلمين وترك بها مجموعة من المسلمين لتعليم الناس الإسلام، فلما رحل عنهم نقضوا العهد وقتلوا الوالي المسلم، وجدعوا أنوف من كان بالمدينة من المسلمين ومثلوا بجثثهم، فلما وصلت الأخبار إلى قتيبة وكان محاصرًا لمدينة أخرى، ترك حصارها وعاد مسرعًا إلى "بيكند" وحاصرها شهرًا وهدم سورها فحاول أهل المدينة الصلح من جديد ولكنه أبى، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وأصر على فتحها بالسيف حتى تم له ذلك، فقتل المقاتلين وسبى الذرية وغنم الأموال، ليرتدع الكفار والخارجون عن مثلها فلا يعودوا لنقض ذمة المسلمين وعهدهم، وليعلموا أن قطرة دم واحدة من مسلم أعز وأغلى من كفار الأرض جميعًا، ومن المواقف الرائعة في هذا الفتح التأديبي، أن الذي ألب على المسلمين وحرض أهل المدينة على نقض عهدهم، رجل كافر من أهل المدينة أعور العين، وقد وقع هذا الرجل أسيرًا بيد المسلمين، فقال لقتيبة: "أنا أفتدي نفسي بخمسة آلاف ثوب حريري قيمتها ألف ألفٍ"، فأشار أمراء الجيش على قتيبة أن يقبل ذلك منه، فقال "قتيبة": "لا والله، لا أروع بك مسلمًا مرة أخرى"، ثم أمر به فضربت عنقه، وهذا يوضح مدى غيرة الأسد "قتيبة" على دماء الإسلام والمسلمين وحرصه الشديد على أرواحهم وتأديبه القوي لمن يعتدي على حرماتهم، كما أرسل برسالة واضحة بأن المسلم لا يبغي بجهاده وقتاله سوى وجه الله عز وجل ونصرة الدين، ولا يريد من الدنيا مالًا ولا متاعًا لأنه وبمنتهى البساطة قد آثر الآخرة على الأولى، واشترى الجنة بالدنيا.

 

ثانيًا: خبرته بالرجال:

كان الأسد أبو حفص "قتيبة بن مسلم" من نوعية القادة الذين لا يسع أي جندي يعمل تحت رايته إلا أن يطيعه، ولا يسع أي خليفة أو وال إلا أن يجعله قائدًا على الجيوش، فهو قائد بالفطرة يعرف كيف يوجه رجاله نحو تنفيذ أشق المهام التي يستحيل على غيرهم تنفيذها، فهو خبير بقيادة الرجال وتوجيه النفوس والطبائع البشرية، فلقد علم أن المسلمين يقاتلون وهم بعيدون عن أرضهم وعيالهم وتشتاق قلوبهم لديارهم وأهليهم، فاستأذن "الحجاج بن يوسف" والى العراق في أن يوزع أموال الغنائم على المجاهدين حتى تقوى قلوبهم ونفوسهم على القتال ضد عدوهم الكافر، فوافق الحجاج على ذلك، حتى كثرت الأموال في أيدي المجاهدين وصاروا قوة عظيمة لا تقهر بأرض ما وراء النهر.

 

وكانت خبرته بالرجال تمتد إلى أعدائه، فيعرف كيف يحاربهم ومتى يهادنهم ومتى يشتد عليهم، وهكذا لا يستطيع أن يخدعه أحد أبدًا، ولقد حاول أهل "بيكند" أن يخدعوه بواسطة عميل مزدوج كان يعمل لحساب "قتيبة" أولًا، ثم استماله أهل البلد ليفك الحصار عنهم، وكان اسم هذا العميل "تندر" فحاول خداع "قتيبة" وإبهامه بأن "الحجاج" والى العراق قد عزل من منصبه، وأن الأسلم أن يفك الحصار ويعود مسرعًا للعراق، ففطن "قتيبة" للخدعة وقتل العميل الجاسوس، ثم اشتد في حصار البلد حتى فتحها بإذن الله.

 

وكان "قتيبة" يعرف كيف يختار رجاله، ويعرف كيف يشجعهم ويحمسهم في القتال، خاصة في المواقف الصعبة، ففي أثناء فتح "بخارى" اشتد الكفار في القتال ضد المسلمين حتى انهزمت بعض قبائل العرب مثل "الأزد"، فانتدب "قتيبة" قبيلة بني تميم لمهمة في غاية الصعوبة وهي الاصطدام مع معسكر الكفار الكبير المطل على نهر المدينة، وكان المسلمون قد أحجموا على هذه المهمة المستحيلة، فأحسن "قتيبة" الاختيار عندما اختار بني تميم لأنهم أشجع العرب في قتال الأتراك، ثم نادى في باقي جيشه: "من جاء برأس كافر فله مائة دينار"، فاشتد الناس في قتال الكفار حتى فتحت المدينة وكافأ "قتيبة" بني تميم أعظم مكافأة على شجاعتهم وبطولتهم في القتال.

 

فلا عجب أن تأسر شخصيته قلوب الكفار قبل المسلمين ويدخل الأتراك في دين الله أفواجًا، بل يقاتلوا بني جلدتهم مع قتيبة والمسلمين.

 

ثالثًا: إيمانه بالله وتوكله عليه:

كانت دولة بني أمية معنية طول مدتها بشأن الجهاد في سبيل الله ونشر الإسلام شرقًا وغربًا، فلم يأت عليها مدة إلا وراية الجهاد منكسة إلا في آخر عهدها، لذلك فقد كان خلفاء بني أمية معنيين باختيار القادة الأكفاء الموصوفين بالديانة والشجاعة، كان "قتيبة" واحدًا من هؤلاء الذين تغلغل الإيمان بالله عز وجل في قلوبهم وتوكلوا عليه بالكلية، وهذا يتضح من إقدامه على القتال ضد جيوش الكفار واقتحام مدنهم وقلاعهم على الرغم من التفاوت الكبير والضخم بين القوتين، ذلك لأنه كان متوكل على الله عز وجل وحده، معتمدًا عليه لا على قوة أو متاع، حتى إن ملك الصين وكان من أكبر ملوك الدنيا يخاف منه ويؤثر مهادنته ويرسل إليه بتراب بلاده وأربعة من أولاده وهدايا مهولة من أجل أن يبر قسم قتيبة أن يطأ أرض الصين ويفتحها، فأي عز هذا؟! وأي قوة إيمانية تلك؟! التي تهزهز عروش ملوك الأرض.

 

ومن مواقفه الإيمانية الرائعة التي كانت سببًا لإسلام الكثير من قبائل الأتراك أنه لما فتح مدينة "سمرقند" وكانت قاعدة ملك الأتراك الهياطلة، اشترط "قتيبة" على أهل سمرقند شرطين:

أولهما: أن يبني في المدينة مسجدًا لله عز وجل ويضع فيه منبرًا ويصلي فيه ويخطب على المنبر.

ثانيها: أن يحطم أصنام المدينة ومعابدها، وبالفعل نُفذ الشرطان.

فلما أخذ الأصنام والأوثان ألقيت بعضها فوق بعض حتى صارت مثل الجبل الكبير، ثم أمر بإحراقها، فتصارخ أهل المدينة وبكوا، ثم قالوا له: "إن فيها أصنامًا قديمة من أحرقها هلك في الحال"، فقال القائد المؤمن "قتيبة": "أنا أحرقها بيدي فكيدوني جميعًا ثم لا تنظرون"، ثم قام إليها وهو يكبر الله عز وجل وألقى فيها النار حتى احترقت كلها.

 

رابعًا: صبره وشدته في المواقف العصيبة:

القائد الحقيقي هو الذي يستطيع أن يصبر في الشدائد بل ويتخذ القرار الصائب والصحيح وسط سحائب الشدة والمخاطرة.

ولقد تعرض الأمير "قتيبة" لعدة مواقف عصيبة صمد أمامها كالطود العظيم، وأظهر شجاعة وثباتًا لا يعلم مثله إلا من الصحابة رضوان الله عليهم.

من هذه المواقف: أنه بعد أن فتح مدينة "بخارى" فر منها ملكها "وردان شاه" وراسل ملوك الترك الكفرة الذين كانوا من قبل قد صالحوا "قتيبة" فأجابوه ونقضوا الصلح مع "قتيبة" واتفقوا عليه وحشدوا أعدادًا هائلة من الكفار، وأقبلوا في جيوش جرارة في تحالف وثني على أهل الإيمان.

ووصلت الأخبار للأمير "قتيبة" فأعد جنوده البواسل بعدما حرضهم وشجعهم على الجهاد والشهادة، فكشر الأسد عن أنيابه ووثب هو وجنوده على جيوش الكفار في معركة رهيبة، أبدى فيها المسلمون شجاعة نادرة وبسالة هائلة، فانتصروا على القوم الكافرين وقتل منهم عشرات الآلاف.

وحتى يردع الكافرين عن مثلها، صلبهم على مسافة أربعة فراسخ في نظام واحد، الرجل بجوار الرجل، وذلك في كل اتجاه من الجهات الأربع، فلم يقم للكافرين بعدها قائمة.

 

وبالجملة:

كان هذا البطل من أعظم الفاتحين في الإسلام وصاحب شخصية آسرة، كانت سببًا في إسلام أمم بأكملها من الأتراك، وكان علم الجهاد المقدم في الشرق حتى أدخل الإسلام لأرض الصين النائية، ولا يعلم أحد بعده قد وصل براياته إلى ما وصل إليه من بلاد كاشغر بالصين، فرحمه الله رحمة واسعة وغفر له زلته التي راح ضحيتها.

ويكفي لتعرف مدى شدة هيبة "قتيبة" في نفوس أعدائه، شهادة أحد ملوك الأتراك وهو "الأصبهند" عندما سئل عن قتيبة بن مسلم، ويزيد بن المهلب، وهو من ولي العراق بعده، أيهما كان أعظم عندكم وأهيب؟

فقال:

"لو كان قتيبة بأقصى حجر في الغرب مكبلًا، ويزيد معنا في بلادنا والٍ علينا لكان قتيبة أهيب في صدورنا وأعظم من يزيد".

 

المصادر:

1- تاريخ الرسل والملوك.

2- الكامل في التاريخ.

3- البداية والنهاية.

4- المنتظم.

5- فتوح البلدان.

6- محاضرات في تاريخ الدولة الأموية.

7- تاريخ الخلفاء.

8- سير أعلام النبلاء.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قتيبة بن مسلم فاتح الشرق

مختارات من الشبكة

  • كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة (ت 276هـ / 889م)(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • فتح بخارى سنة 90هـ(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • مخطوطة جزء فيه حديث أبي الجهم العلء بن موسى بن عطية الباهلي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أبو أمامة الباهلي صدي بن عجلان(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدكتور عبدالرحمن الباهلي في لقاء بعنوان ( حقوق المعاق )(مقالة - موقع ثلاثية الأمير أحمد بن بندر السديري)
  • مختصر غريب القرآن للحفاظ، لابن قتيبة الدينوري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة كتاب المعارف(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الألفاظ المغربة بالألقاب المعربة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • فتح سمرقند سنة 93 هـ(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب