• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون ...
    الشيخ حسن حفني
  •  
    شرح لفظ "كواعب" (في ضوء كلام العرب والقرآن
    د. أورنك زيب الأعظمي
  •  
    مكانة إطعام الطعام في الإسلام
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    منهج القرآن في بيان الأحكام
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ماذا أخذت من السعودية؟
    أ. محمود توفيق حسين
  •  
    يعلمون.. ولا يعلمون
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    تبديد الخوف من المستقبل المجهول (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    عظة مع انقضاء العام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العلي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تفسير: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    من فوائد الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    الشهادتان - شهادة: أن محمدا رسول الله صلى الله ...
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (16)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / زاد الخطيب / القرآن والسنة والشعر / العلم
علامة باركود

آثار العلم على الدعوة إلى الله

آثار العلم على الدعوة إلى الله
النميري بن محمد الصبار

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/2/2013 ميلادي - 17/4/1434 هجري

الزيارات: 26727

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آثارُ العِلْمِ عَلَى الدَّعوةِ إلى اللهِ


الحمدُ للهِ وحدهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى مَنْ لا نَبِيَّ بعده، أَمَّا بعدُ:

فَإِنَّ آثارِ العِلْمِ عَلَى الدَّعوةِ إلى اللهِ نَافعةٌ حميدةٌ؛ مِثْلما هُو الغيثُ المباركُ يَعُمُّ نَفْعُهُ البلادَ والعبادَ؛ كما قَالَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - : ((مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا...))[1].

 

يَقولُ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ-رَحمهُ اللهُ-:

((فَضَرَبَ مَثَلَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَى الْقُلُوبِ بِالْمَاءِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَى الْأَرْضِ. وَكَمَا أَنَّ للهِ مَلَائِكَةً مُوكَلَةً بِالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ فَلَهُ مَلَائِكَةٌ مُوكَلَةٌ بِالْهُدَى وَالْعِلْمِ. هَذَا رِزْقُ الْقُلُوبِ وَقُوتُهَا وَهَذَا رِزْقُ الْأَجْسَادِ وَقُوتُهَا))[2].

 

وَإنَّ آثارَ العِلمِ المباركةَ النَّافعةَ على الدَّعوةِ إلى اللهِ تَتجلَّى مِنْ خلالِ الجوانبِ التاليةِ:

1-العِلمُ مُقَوِّمٌ أَساسيٌّ للدَّعوةِ إلى اللهِ: في انطلاقَتِها، وفي تَصحيحِ مَسارِها؛ وَلذلكَ أَمَرَ اللهُ بِهِ قَبلَ كُلِّ شَيْءٍ؛ كَما قَالَ اللهُ تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ﴾ [محمد: 19].

 

وَمِنْ هُنا بَوَّبَ الإمامُ البخاريُّ-رحمهُ اللهُ- في: "صحيحه" بابًا تحتَ عُنوان: ((بَاب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ)) لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد : 19] فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ.

 

قَالَ اِبْن الْمُنِير-رَحِمَهُ اللهُ-:

(( أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْعِلْم شَرْط فِي صِحَّة الْقَوْل وَالْعَمَل، فَلَا يُعْتَبَرَانِ إِلَّا بِهِ، فَهُوَ مُتَقَدِّم عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مُصَحِّح لِلنِّيَّةِ الْمُصَحِّحَة لِلْعَمَلِ))[3].

 

وَلذا جَعَلَهُ اللهُ شَرْطًا في الدَّعوةِ إلى اللهِ؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108].

 

وَالبَصيرةُ هِي العلمُ في ذَرْوتهِ؛ كما قرَّر ذلكَ الإمامُ ابنُ قَيِّم الجوزيةِ-رَحمهُ اللهُ[4].

 

وَقالَ الحَافظُ ابنُ كثيرٍ-رَحِمَهُ اللهُ-:

((يَقولُ تَعَالى لِرسولِه - صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم - إلى الثَّقلينِ: الإنسِ والجِنِّ, آمرًا لَهُ أَنْ يُخبرَ النَّاسَ أَنَّ هَذهِ سَبيلُه أََيْ طَريقتُه وَمَسلكُه وَسُنَّتُه, وَهِيَ الدَّعوةُ إِلى شَهادةِ أَنَّ لا إِِلهَ إِلا اللهَ وَحْدهَ لا شَريكَ لَهُ, يَدْعُو إلى اللهِ بِها عَلى بَصيرةٍ مِنْ ذَلكَ وَيقينٍ وَبُرهانٍ هُوَ وَكُلُّ مَنِ اتَّبعَه يَدْعُو إلى مَا دَعَا إلِيهِ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم على بَصيرةٍ ويَقينٍ وبُرهانٍ عَقليٍّ وَشَرعيٍّ))[5].

 

2-العِلمُ صِمامُ أَمانٍ -بإذنِ اللهِ- للدَّعوةِ إلى اللهِ مِنْ وقوعِ الفسادِ فِيها، وجَريانِ الانحرافِ والضَّلالِ عَليها؛ كَمَا قال تعالى في شأنِ مَنْ يَتَّبعونَ الهوى المصادمَ للعلمِ: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 119]، وقَال تعالى: ﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ﴾ [الروم: 29].

 

يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ-رَحِمَهُ اللهُ-:

((قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ عَبَدَ اللهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ. وَكَمَا فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - "الْعِلْمُ إمَامُ الْعَمَلِ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ" وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْقَصْدَ وَالْعَمَلَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِعِلْمِ كَانَ جَهْلًا وَضَلَالًا وَاتِّبَاعًا لِلْهَوَى...وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ))[6].

 

3- العِلمُ عِصمةٌ للدَّعوةِ مِنَ الوقوعِ في الزَّيغِ والفتنةِ؛ كَمَا قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7].

 

يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ-رَحِمَهُ اللهُ-:

((وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَابَهُمْ اللهُ فِي كِتَابِهِ لِأَنَّهُمْ جمَعُوا شَيْئَيْنِ: سُوءَ الْقَصْدِ وَالْجَهْلِ. فَهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَعْنَاهُ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَضْرِبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضِ لِيُوقِعُوا بِذَلِكَ الشُّبْهَةَ وَالشَّكَّ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ". فَهَذَا فِعْلُ مَنْ يُعَارِضُ النُّصُوصَ بَعْضَهَا بِبَعْضِ لِيُوقِعَ الْفِتْنَةَ وَهِيَ الشَّكُّ وَالرَّيْبُ فِي الْقُلُوبِ كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ "خَرَجَ عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ يَتَجَادَلُونَ فِي الْقَدَرِ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: أَلَمْ يَقُلْ اللهُ كَذَا؟ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: أَلَمْ يَقُلْ اللهُ كَذَا؟ فَكَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ ثُمَّ قَالَ: أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللهِ بَعْضَهُ بِبَعْضِ؟ اُنْظُرُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَافْعَلُوهُ". فَكُلُّ مَنْ اتَّبَعَ الْمُتَشَابِهَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ مَذْمُومٌ. وَهُوَ حَالُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُشَكِّكَ النَّاسَ فِيمَا عَلِمُوهُ لِكَوْنِهِ وَإِيَّاهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مَا تَوَهَّمُوا أَنَّهُ يُعَارِضُهُ. هَذَا أَصْلُ الْفِتْنَةِ أَنْ يُتْرَكَ الْمَعْلُومُ لِغَيْرِ مَعْلُومٍ كَالسَّفْسَطَةِ الَّتِي تُورِثُ شُبَهًا يَقْدَحُ بِهَا فِيمَا عُلِمَ وَتُيُقِّنَ. فَهَذِهِ حَالُ مَنْ يُفْسِدُ قُلُوبَ النَّاسِ وَعُقُولَهُمْ بِإِفْسَادِ مَا فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ أَصْلَ الْهُدَى فَإِذَا شَكَّكَهُمْ فِيمَا عَلِمُوهُ بَقُوا حَيَارَى))[7].

 

وَوَاقِعُنا المعَاصرُ أكبرُ دَليلٍ وَأَعْظمُ بُرهانٍ عَلى هَذهِ الحَقيقةِ الشَّرعيةِ القطعيةِ؛ فَالدَّعوةُ التَّي قَامَ عَليها أَهلُ العلمِ، وسَارتْ بناءً على نُصحِهم وتَوجيههم؛ كَتَبَ اللهُ لَهَا - بفضلهِ ورحمته - الخيرَ والهدى، وعَمَّ نَفْعُها سائرَ البلدانِ، وبلغتِ القاصيِ والدَّانْ، وأَمَّا تلك الدَّعواتُ التي قامَ عليها الحَركيونَ الحزبيونَ الطَّاعنونَ في أهلِ العلمِ، البَعيدونَ عَنْ توجيههم وإرشادهم؛ فكانَ نَصِيبُها الشَّرَّ والفتنةَ والزَّيغَ - عِياذًا باللهِ.

 

يَقولُ الإمامُ ابنُ قَيِّمَ الجوزيةِ-رَحِمهُ اللهُ- في كَلامٍ بديعٍ فريدٍ -:

((فَبالقُوَّةِ العِلميةِ يُبصرُ مَنازلَ الطَّريقِ، ومَواضعَ السُّلوكِ فَيَقْصِدُها سَائِرًا فِيهَا، وَيَجتنبُ أَسْبابَ الهَلاكِ وَمَواضعَ العَطَب وَطُرقَ المهَالكِ المنْحرفةِ عَنِ الطَّريقِ الموصلِ. فَقُوَّتُهُ العِلميةُ كَنورٍ عَظيمٍ بِيدهِ يَمْشِي بِه فى لَيلةٍ عَظيمةٍ مُظلمةٍ شَديدةِ الظُّلمةِ، فَهُو يُبصرُ بِذلكَ النُّورِ مَا يَقَعُ الماشِيُ فى الظُّلمةِ فى مِثْلِه مِنَ الوِهَادِ وَالمتَالفِ، وَيَعْثرُ بِه مِنَ الأَحْجارِ وَالشَّوكِ وَغَيرهِ، وَيُبصرُ بِذلكَ النُّورِ أَيْضًا أَعْلامَ الطَّريقِ وَأَدِلَّتَها المنْصوبةَ عَليها؛ فَلا يَضِلُّ عَنْهَا، فَيكشفُ لَهُ النُّورُ عَنِ الأَمْرينِ: أَعْلامِ الطَّريقِ، وَمُعْطِبِهَا))[8].

 

4-العِلمُ يَرْسِمُ للدَّعوةِ إلى اللهِ مَيْدانَها الصَّحيحَ؛ وذلكَ بِتقديمِ ما حَقُّهُ التَّقديمُ وتأخيرُ ما حَقُّهُ التَّأخيرُ؛ وهَذَا مَا يُعْرفُ بـ (منهجيةِ الدَّعوةِ إلى اللهِ)، أَوْ (فِقهِ الأَولوياتِ)؛ كَمَا في حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - في الصَّحيحِينِ-:

لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ:

(( إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ تَعَالَى؛ فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ؛ فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ))[9].

 

يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ-رَحِمَهُ اللهُ-:

((الدَّعْوَةُ إلَى اللهِ هِيَ الدَّعْوَةُ إلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَبِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ بِتَصْدِيقِهِمْ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ وَطَاعَتِهِمْ فِيمَا أَمَرُوا وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الدَّعْوَةَ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَصَوْمَ رَمَضَانَ وَحَجَّ الْبَيْتِ وَالدَّعْوَةَ إلَى الْإِيمَانِ بِاَللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَالْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْإِيمَانَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَالدَّعْوَةَ إلَى أَنْ يَعْبُدَ الْعَبْدُ رَبَّهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ. فَإِنَّ هَذِهِ الدَّرَجَاتِ الثَّلَاثَ الَّتِي هِيَ "الْإِسْلَامُ" و "الْإِيمَانُ" و "الْإِحْسَانُ" دَاخِلَةٌ فِي الدِّينِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ" بَعْدَ أَنْ أَجَابَهُ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ. فَبَيَّنَ أَنَّهَا كُلَّهَا مِنْ دِينِنَا))[10].

 

5-العِلمُ حَصانَةٌ للدَّعوةِ مِنَ الارتكاسِ في حَمأةِ الغُلُوِّ والبَغْيِ الجالبِ للأذى والضَّررِ؛ كما في قصةِ قاتلِ المائةِ نفسٍ؛ فَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّ نَبِيَّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم - قَالََ: "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ. وَقَالَتْ مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ "[11]. قَالَ قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ.

 

وَعَنْ أبي هُريرةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّم - يَقُولُ: "كَانَ رَجُلاَنِ فِي بَنِى إِسْرَائِيلَ مُتَآخِيَيْنِ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ وَالآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ فَكَانَ لاَ يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ أَقْصِرْ. فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَقَالَ لَهُ أَقْصِرْ فَقَالَ خَلِّنِي وَرَبِّى أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيبًا؟! فَقَالَ: وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللهُ الْجَنَّةَ. فَقُبِضَ أَرْوَاحُهُمَا فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ أَكُنْتَ بِي عَالِمًا أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِى قَادِرًا وَقَالَ لِلْمُذْنِبِ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي وَقَالَ لِلآخَرِ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ"[12]. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ.

 


[1] أخرجه البخاري في: "صحيح": (كتاب العلم، بَاب فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ، 1/42/ح79).

[2] "مجموع الفتاوى": (4/41).

[3] الفتح": (1/108).

[4] انظر: "مدارج السالكين": (2/481).

[5] "تفسير القرآن العظيم": (2/603).

[6] "مجموع الفتاوى": (17/136).

[7] "مجموع الفتاوى": (16/416).

[8] "طريق الهجرتين وباب السعادتين": (1/284).

[9] أخرجه البخاري في: "صحيح": (كتاب المغازي، بَاب فَضْلِ مَنْ عَلِمَ وَعَلَّمَ، 4/1580/ح4090)، ومسلم في: "صحيحه: (1/38/ح132).

[10] "مجموع الفتاوى": (15/157).

[11] أخرجه البخاري مسلم في: "صحيحه: (4/2118/ح2766).

[12] إسناده صحيح، أخرجه أبوداود في: "سننه" برقم 4901.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدعوة إلى الله رؤية فكرية معاصرة
  • أساليب الدعوة إلى الله
  • الدعوة إلى الله
  • معالم منهجية في الدعوة إلى الله
  • لا تكن بخيلا بالتعريف بالإسلام
  • الدعوة إلى العلم

مختارات من الشبكة

  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • العلم بالله تعالى (10) من آثار العلم بربوبية الله تعالى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • النفاق أثر من آثار الكذب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أبرز علماء الإسلام الذين أثروا العلم وأثروا بجهودهم العلمية فيمن بعدهم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أحاديث في فضل العلم: 110 حديثا وأثرا في فضل العلم وبيان آدابه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم أهل الأثر في اللغة والاصطلاح(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • آثار الغلو على الدعوة في العصر الحديث(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • لماذا نكرر العلم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • نصف العلم لطالب العلم: بحث في علم الفرائض يشتمل على فقه المواريث وحساب المواريث (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/12/1446هـ - الساعة: 22:17
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب