• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / رجالات الإسلام
علامة باركود

معالم النجاح في شخصية الفاروق رضي الله عنه (خطبة)

معالم النجاح في شخصية الفاروق رضي الله عنه (خطبة)
الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/5/2023 ميلادي - 29/10/1444 هجري

الزيارات: 8129

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معالم النجاح في شخصية الفاروق رضي الله عنه


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيوم السماوات والأرَضين، أرسل رسله حجة على العالمين ليحيا من حيَّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، ترك أمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما غفل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستنَّ بسُنته إلى يوم الدين، أما بعد:

عباد الله، اتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وأخراكم تقوى الله تبارك وتعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3] ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

عباد الله، ثالث رجل في الإسلام ارتبط اسمه باسم نبيه صلى الله عليه وسلم وصدِّيق الأمة أبي بكر رضي الله عنه في أحداث كثيرة، رافق صاحباه في المنشط والمكره، والسلم والحرب، والسعة والشدة، ثم أبى إلا أن يصحبهما في مضجعهما بعد رضا الصدِّيقة عائشة رضي الله عنهم جميعًا وأرضاهم.

 

أجمعت الأمة على فضله، كان إسلامه استجابة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ((اللهم أعِزَّ الإسلام بأحبِّ هذين الرجلين إليك: بأبي جهل، أو بعمر بن الخطاب))، قال: ((وكان أحبَّهما إليه عمرُ))؛ رواه ابن ماجه بإسناد حسن، وقال عنه الألباني: صحيح.

 

فلما أسلم أظهر الإسلام، وفرَّق بين الحق والباطل، فحظي بشرف تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالفاروق، قال عليه الصلاة والسلام: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدُّهم في دين الله عمرُ)) لم يخَفْه الفَسَقة فحسب بل خافته حتى الشياطين.

 

قال عليه الصلاة والسلام: ((إيه يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا غير فجِّك))، وقال له: ((إن الشيطان ليَفرَق منك يا عُمرُ)).

 

إن يكن محدث في الأمة فعمر، وإن يكن ملهم في الأمة فعمر، وإن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه؛ فلقد وافق القرآنُ رأيَ عمر في مواضع عديدة، قال لرسولنا صلى الله عليه وسلم: "ألا تتخد من مقام إبراهيم مصلى"، فأنزل الله ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125].

 

أشار على النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام في استئذان الأطفال ثلاث مرات فأنزل الله ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 58].

 

ومع رجاحة عقله وشهادة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يستغنِ عن توفيق الله وهدايته فقد أُثِر عنه- كما يقول الإمام البهوتي- أنه قال: "اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه"، وذاك أول مَعْلَم من معالم نجاح شخصية الفاروق عليه الصلاة والسلام؛ افتقاره لطلب الهداية من ربه جل وعلا وعدم عُجبه بنفسه واعتداده برأيه.

 

عمر الفاروق كان ذا فِراسة نادرة، وقدرة على كشف الخفايا واستيضاح البواطن، هو من قال رضي الله عنه: "لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني"، كان يحب التفاؤل، قويًّا في الحق، اشتهر بالعدل والرحمة والغيرة والفطنة والإيمان الوثيق والعلم الغزير.

 

صاحب المبادرات والقوة، كان وقَّافًا رجَّاعًا للحق معلنًا ذلك بوضوح في أكثر من موقف، واستمع لأبي السبطين علي رضي الله عنه حين تكلم مع ابن عباس رضي الله عنهما لما رأى الفاروق مسجى على سريره قد فارق الحياة؛ لتعرف مَعْلمًا آخر من معالم النجاح في شخصية عمر رضي الله عنه، قال علي بعد أن ترحَّم على عمر: "مَا خَلَّفْت أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ، إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، وَذَاكَ أَنِّي كُنْتُ أكثر ما أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ))، فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو- أَوْ لَأَظُنُّ- أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا".

 

الفاروق عمر ومصاحبة الأخيار ذوي الهمة العالية، ما ظنُّك بمن يصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا وصدِّيق هذه الأمة.

 

قل لي مَن تصاحب أقُلْ لك مَن أنت، فليُفتِّش كل واحد منا في أقرانه؛ ليتلمَّس طريق النجاح، ويرفع مستوى التفوق في الحياة والإيمان.

 

من معالم النجاح في شخصية عمر الفاروق رضي الله عنه وعمَّن ترضى عنه:

عمر الفاروق والمبادرات: هو من أشار على الصدِّيق رضي الله عنه بجَمْع القرآن، فانشرح لها صدر الصدِّيق رضي الله عنه، فأمر بجَمْعه، أول من دوَّن الدواوين وأرَّخ التاريخ الهجري، وله فتوحات في عهده عديدة؛ فتح الشام والعراق والقدس والمدائن ومصر، يتفقد أحوال الرعية.

 

فيا كل ذي رأي ومشورة، أين مبادرتك لدينك؟! وأين خدمتك لبلدك ومجتمعك؟! يا صاحب العلم، أين تعليمك للناس؟! تصدَّق بأفكارك، واجعلها وقفًا لك في حياتك، فكم كان للفاروق رضي الله عنه من سبق في شتى ميادين الحياة، فرضي الله عن عمر، وعمَّن ترضَّى عنه.

 

عمر الفاروق والوقوف عند حدود الله: لما دخل ابن عم الحر بن قيس على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له: "هيه يا بن الخطاب، فوالله لا تعطينا الجَزْل، ولا تحكم فينا بالعدل"، ومعنى كلامه؛ أي: إنك ظالم شحيح، تستأثر بذلك لنفسك، فغضب عمر حتى همَّ أن يوقع به، فقال له الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين، ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وإن هذا من الجاهلين، يقول: والله، ما جاوزها حين تلاها، كان وقَّافًا عند كتاب الله تعالى؛ رواه البخاري.

 

من معالم النجاح في شخصية الفاروق معالجة النفس وملاحظتها وما أحوجنا لهذا في زماننا عباد الله!

 

لقد حقَّق الفاروق نجاحات متعددة في شتى مجالات الحياة، وإن من طبيعة النفس البشرية إذا حقَّقَت الانتصارات المتوالية والتقدم الملحوظ لربما زهت بنفسها وافتخرت وأعجبت؛ ولكن عمر كان دائم الملاحظة لنفسه.

 

اسمع ما يقول أنس عن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، يقول: كان بيني وبين عمر حائط، فسمعت عمر يقول: "أمير المؤمنين بخ بخ! والله لتتقين الله يا بن الخطاب أو ليعذبنك"، هو من قال- وهو أحق من يعمل بقوله-: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزيَّنُوا للعرض الأكبر، يومئذٍ تُعرَضون لا تخفى منكم خافية".

 

ماذا يقول المسلم عن عمر، وعن تضحياته، وعن بشارة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة، وعن سبقه في الإسلام، يلاحظ ويخاف على نفسه من النفاق، فيذهب لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه صاحب سِرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأسماء المنافقين، يذهب إليه ويقول: "أسألك بالله، هل عَدَّني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟" قال: "لا، ولا أُزكِّي بعدك أحدًا أبدًا".

 

يا سبحان الله! عمر يخاف على نفسه من النفاق! ما حالي وحالك؟!

ولكن الإمام الشافعي رحمه الله يقول مقولة عظيمة: "أرفع الناس قدرًا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلًا مَنْ لا يرى فضله"، وإن لم يكن ذلك لعمر فلِمَنْ يكون؟!

 

من معالم النجاح في شخصية عمر رضي الله تعالى عنه ونذكر هذه المعالم كي نقتفي أثرها: عمر الفاروق والتسليم لأمر الله وتعظيم التوحيد:

إن عزة المسلم باتِّباع الله ورسوله، وهذا عمر رضي الله تعالى عنه يأتي إلى الحجر الأسود فيُقبِّله ويقول: "إني لأعلَمُ أنك حجر لا تضُرُّ ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبِّلك ما قبَّلْتُك".

 

هو التسليم لأمر الله ورسوله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم الجيل الذي تربَّى على ألا يُقدِّم على أمر الله ورسوله شيئًا.

 

ومن أعظم ما ربَّاهم عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تعلُّقهم بالله جل جلاله، واسمع لهذا الخبر العجيب؛ كان خالد بن الوليد رضي الله عنه سيفًا مسلولًا على الكفار، فتح الله على يديه بلدانًا كثيرة، وهو قائد مغوار لا يُشَقُّ له غبار، لم يُهزَم قطُّ، لا في جاهلية ولا في إسلام، وحتى لا يكون في أنفُس الناس أن جيشًا يقوده خالد لا يُهزَم فيتعلَّق الناسُ بخالد رضي الله عنه؛ عزل عمر رضي الله تعالى عنه خالدًا عن قيادة الجيش، وعيَّنَ أبا عبيدة، ويكون خالدٌ مستشارًا له، فرضي خالد وسَمِع وأطاع؛ لأن الهَمَّ نصرُ الإسلام وعِزَّته لا الانتصارات الشخصية.

 

وعلى هذا درس من دروس بَدْر حينما قال جل وعلا: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 9، 10] حتى لا تتعلق القلوب بالملائكة ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 126].

 

ويكتب عمر إلى الأمصار: إني لم أعزل خالدًا عن سقطة ولا خيانة؛ ولكن الناس فتنوا، فأحببت أن أُعلِمَهم أن الله هو الصانع، وقال: إني عزلته ليعلم الناس أن الله تعالى نصر الدين لا بنصره، وأن القوة بالله جميعًا، ما أحوجنا اليوم لنتعلق بالله جل جلاله في شتى أمورنا ونطيعه ونمتثل أمره!

 

من معالم النجاح في شخصية عمر الفاروق وحماية جناب التوحيد ودحر الشبهات:

إن من أميز ما تميز به الفاروق رضي الله تعالى عنه مع إخوانه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم استيعابهم للتوجيهات النبوية والعمل بها، فلما رأى رسولنا صلى الله عليه وسلم معه شيئًا من التوراة غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه غضبًا، قال: ((أفي شك؟! أنت يا بن الخطاب؟! ألم آتيك بها بيضاء نقيةً؟! لو كان أخي موسى حيًّا ما وَسِعه إلا اتِّباعي))، فلما ولي عمر الخلافة خرج صبيغ بن عسل فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فبلغ ذلك عمر، فدعاه وأعد له عراجين من النخل، فلمَّا دخل عليه جلس فضربه بالعراجين حتى لا يفتن الناس عن دينهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُحدِّث الناس بما لا يعرفون، أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله، فما أحوجنا وأحوج شبابنا اليوم للتضلُّع والاستزادة من علوم الشريعة قبل التفكير في الدخول في مواقع الإلحاد والشبهات طلبًا لسلامة دينهم، ولا خوف على الإسلام؛ فهو الدين المُبْرهن الوحيد، وإنما أوتي الناس من قلة علمهم ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

 

من معالم النجاح عمر الفاروق ودقة المحاسبة:

لما كان صلح الحديبية وشروط الاتفاق بين المسلمين التي كان في ظاهرها إجحاف في حق المسلمين غضب عمر، واعترض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لِمَ نُعْطِ الدنيةَ في ديننا؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: ((أنا رسول الله ولا أخالف أمره))، غيرة على دين الله عظيمة، ربما عددت أنا وأنت هذا الاعتراض من صالح أعمالنا؛ ولكن عمر رضي الله عنه نظر إليه من زاوية أخرى، فهو اعترض على أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: وقد عمل عمر أعمالًا صالحة لمقولته تلك ليُكفِّر بها عن ذنبه مع أنها غيرة لدين الله جل وعلا، فهل عملنا أعمالًا لمعاصٍ اقترفناها ليس للإسلام فيها حظ أو نصيب.

 

الفاروق والخشية:

إن عمر رضي الله عنه وإن كان قويًّا في الحق إلا أن سبب قوته ذلته بين يدي الله، ووقوفه بين يديه، فقوة العبد تستمد من قوة ربه جل وعلا حتى قيل إن في وجه عمر خطين أسودين من البكاء من خشية الله.

 

وقرأ مرة سورة الطور فلما بلغ ﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ ﴾ [الطور: 7] بكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعاده الناس.

 

الفاروق والعزة:

هو من قال: "نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العِزَّة بغيره أذلَّنا الله"، يقول ابن مسعود: كان إسلام عمر فتحًا، وهجرته نصرًا، وإمامته رحمة، ولن تعيش بالإسلام عزيزًا إلا إذا عشته بداخلك عزيزًا.

 

الفاروق عمر والعدل:

سمة ظاهرة في شخصيته طارت بأخباره الركبان، وإليك هذا الخبر، لما طعن عمر وكان على فراش موته أمر ابنه في طلب إلى عائشة أم المؤمنين، قل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل: أمير للمؤمنين؛ فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يُدفَن مع صاحبيه، فسلَّم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدةً تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر السلام، ويستأذن أن يُدفَن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرنَّه اليوم على نفسي، فلمَّا أقبل قال عمر: ارفعوني، فقال: ما لديك؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين؛ أذنت، قال: الحمد لله، ما من شيء كان أهم عليَّ من هذا الأمر؛ أن أُدفَن مع صاحبَيَّ.

 

والعجب ولا عجب أن عمر خشي أن تكون قد وافقت حياءً منه ومن غير طيب نفس، فأمر ابنه أن يستأذنها بعد وفاته، فإن أذنت وإلا دُفِن في البقيع مع المسلمين، رضي الله عنهم، وعَمَّن ترضَّى عنهم، طِبْتَ يا عمرُ حيًّا وميتًا.

 

اللهم ألحقنا بهم، واجمعنا في زمرتهم، اللهم اغفر لنا أجمعين يا أرحم الراحمين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلَّ الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومَن اقتفى أثره إلى يوم الدين، أما بعد:

عباد الله، اتقوا الله، حتى في وفاة عمر كان ناصحًا لأمته، فلقد دعا ربه: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك، ودَّعَ الأمة إمامًا في صلاة الفجر حين طعنه المجوسي عليه من الله ما يستحق حتى أُغمِي عليه، فاسمع الدرس العظيم، قال الخابرون بأحوال عمر: إنكم لم تفزعوه بشيء مثل الصلاة إن كانت به حياة، فقالوا: الصلاة يا أمير المؤمنين، الصلاة فقد صليت، فانتبه وقال: الصلاة.. لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، قال: فصلَّى وجرحه ينزف دمًا.

 

ما أحوالنا مع الصلاة يا محب الفاروق عمر؟ هل تؤديها حيث يُنادى لها؟ ليُفتِّش كل واحد منا في صلاته.

 

اللهم اجعلنا معظمين لأمرك، مؤتمرين به، واجعلنا معظمين لما نهيت عنه، منتهين عنه، اللهُمَّ أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحُسْن عبادتك، اللهُمَّ أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحُسْن عبادتك، اللهُمَّ أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحُسْن عبادتك.

 

اللهُمَّ إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العُلَى أن تعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأن تُذِلَّ الشرك والمشركين، وأن تدمر أعداء الدين، وأن تنصر من نصر الدين، وأن تخذل من خذله، وأن تُوالي مَنْ والاه بقوَّتِك يا جبَّار السماوات والأرض.

 

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمَّتَنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبرِّ والتقوى.

 

اللهم مَنْ أرادنا وأراد ديننا وأمننا وشبابنا ونساءنا بسوء وفتنة، اللهم اجعل كيده في نَحْره، واجعل تدبيره دماره يا سميع الدعاء، اللهم كُنْ لإخواننا المرابطين على الحدود، وجازهم خير الجزاء، اللهم اقبل من مات منهم، واخلفهم في أهليهم يا رب العالمين.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واجمع كلمتهم على ما يُرضيك يا رب العالمين، اللهم بواسِع رحمتك وجودك وإحسانك يا ذا الجلال والإكرام اجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا وتفرُّقَنا من بعده تفرُّقًا معصومًا.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وجازهم عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حيًّا فأطل عمره، وأصلح عمله، وارزقنا بره ورضاه، ومن سبق للآخرة فارحمه رحمةً مِنْ عندك تُغنيهم عن رحمةِ مَن سواك.

 

اللهم ارحم المسلمين والمسلمات، اللهم اغفر لأموات المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة، اللهم جازهم بالحسنات إحسانًا، وبالسيئات عفوًا وغفرانًا يا رب العالمين.

 

اللهم احفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك، ووفِّقْنا لهُداك، واجعل عملنا في رضاك.

 

اللهم أصلحنا وأصلح ذريتنا وأزواجنا وإخواننا وأخواتنا ومن لهم حق علينا يا رب العالمين.

 

اللهم ثبِّتْنا على قولك الثابت في الحياة الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين، اللهم كن لإخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم كن لهم بالشام وكل مكان يا رب العالمين.

 

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الصمد، تصمد إليك الخلائق في حوائجها لكل واحد منا حاجة لا يعلمها إلا أنت، اللهم بواسِع جودك ورحمتك وعظيم عطائك اقضِ لكل واحد منا حاجته يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وجازهم عنا خير ما جزيت والدًا عن ولده، اللهم من كان منهم حيًّا فأطِل عمره، وأصلح عمله، وارزقنا بِرَّه ورضاه، ومن كان منهم ميتًا فارْحمه برحمتك التي وسعت كل شيء وجميع أموات المسلمين يا أرحم الراحمين.

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182] وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلامٌ على الفاروق
  • عمر الفاروق
  • مع الفاروق عمر
  • رحيل الفاروق
  • قطف الثمر من فضائل الفاروق عمر (قصيدة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام (1)
  • كيف أعرف نمط شخصية طفلي؟ وكيف أتعامل معها؟

مختارات من الشبكة

  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: مناقب الفاروق (9)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: الفاروق وصلح الحديبية (6)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • معالم النجاح في شخصية علي بن أبي طالب رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معالم النجاح في شخصية ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معالم النجاح في شخصية الصديق رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: وداعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (10)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بين يدي الفاروق رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفاروق عمر رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: ماذا لو كان بيننا اليوم؟ (11)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • صفحات مضيئة من حياة الفاروق رضي الله عنه: ليس كل البيوت تبنى على الحب (8)(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب