• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    رسالة إلى خطيب
    الشيخ وحيد عبدالسلام بالي
  •  
    أسباب تليين القلوب
    د. محمد أحمد صبري النبتيتي
  •  
    البر بالوالدين وصية ربانية لا تتغير عبر الزمان ...
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرفق
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    حسن الظن بالله من أخلاق المؤمنين
    د. نبيل جلهوم
  •  
    روضة المسبحين لله رب العالمين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (30) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    خطبة: شكر النعم
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    فضل ذكر الله تعالى بعد صلاة الصبح والمغرب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    شروط الصلاة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    لا بد من اللازم!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (29) «أخبرني ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    يا أهل بدر اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة
    عبدالله بن محمد بن مسعد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم (1)

خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم (1)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/11/2019 ميلادي - 10/3/1441 هجري

الزيارات: 41991

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بَركاتُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى سَابِغِ نِعَمِهِ، وَبَالَغِ مِنَنِهِ، أَكْرَمَنَا بِخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، شَرَحَ اللَّهُ تَعَالَى صَدْرَه، وَرَفَع ذِكْرَهُ، فاللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.


أَمَّا بَعْدُ:

فأوصيكُم -عِبَادَ اللَّهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].


عِبَادَ اللَّهِ، هَلْ سَمِعْتُمْ بِأَعْظَمِ وَأَفْضَلِ وأَنبَلِ وَأَجْدَرِ وأَمجَدِ وَأَجَلِّ وَأَرْقَى وأسمَى رَجُلٍ فِي التَّارِيخِ؟

إنَّهُ صَاحِبُ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَاللِّوَاءِ الْمَعْقُودِ، وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، صَاحِبُ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ، الْمَذْكُورُ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، المؤيَّدُ بِجِبْرِيلَ، خَيْرُ الْخَلْقِ فِي طُفُولَتِهِ، وَأَطْهَرُ الْمُطَهَّرِينَ فِي شَبَابِهِ، وأنجبُ الْبَشَرِيَّةِ فِي كُهولَتِهِ، وَأزْهَدُ النَّاسِ فِي حَيَاتِهِ، وَأَعْدَلُ الْقُضَاةِ فِي قَضَائِهِ، وَأَشْجَعُ قَائِدٍ فِي جِهَادِهِ؛ اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِكُلِّ خُلُقٍ نَبِيلٍ؛ وَطَهَّرَهُ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَحَفِظَهُ مِنْ كُلِّ زَلَلٍ، وَأَدَّبَهُ فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ؛ فَلَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ فِي كَمَالِهِ وَعَظَمَتِه وَصِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ وَزُهْدِهِ وَعِفَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


وَالْيَوْمَ -أَيُّهَا الْكِرَامُ- نَسْعَدُ ونَشرُفُ أَنْ نَتَحَدَّثَ عَن جَانِبٍ مِنْ حَيَاتِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فسَنُشِيرُ بإلماحَةٍ يَسِيرَةٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْ بَرَكَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


فَقَدْ كَانَ أَعْظَمَ الْبَشَرِ بَرَكَةً، فَكَانَتِ الْبَرَكَةُ فِيهِ وَمَعَه وَعِنْدَه، وَقَد بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِي سِنِي عُمْرِهِ، وَبَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِي دَعْوَتِهِ، وَفِي كُلِّ أُمُورِهِ.


تَبْدَأُ بَرَكَاتُ هَذَا النَّبِيِّ الْخَاتَمِ فِي حَمْلِهِ وولادَتِهِ؛ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أُمَّهُ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ لَمْ تَجِدْ فِي حَمْلِهَا مَا تَجِدُهُ النِّسَاءُ عَادَةً مِنْ أَلَمٍ وَضَعْفٍ، بَلْ كَانَ حَمْلًا سَهْلًا يَسِيرًا مُبَارَكًا.


وَصَحَّ -كما عندَ أحمدَ- أَنَّهَا لَمَّا وَضَعَتْه خَرَجَ مَعَهُ نُورٌ أَضَاءَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، حَتَّى أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ بُصْرَى بِأَرْضِ الشَّامِ وَهُوَ الْمَوْلُودُ بِمَكَّةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


أَوَّلُ مُرْضِعَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ ثُوَيْبَةُ، وَكَانَ إعْتَاقُهَا مِنْ بَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، حَيْثُ أَعْتَقَهَا أَبُو لَهَبٍ عِنْدَمَا بَشَّرَتْهُ بِمَوْلِدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


وَأَمَّا مُرضِعَتُهُ الثَّانِيَةُ فَكَانَتْ حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ، فَقَدْ رَأَتْ الْعَجَائِبَ مِنْ بَرَكَةِ هَذَا الطِّفْلِ الْمُبَارَكِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حَيْثُ زَادَ اللَّبَنُ فِي صَدْرِهَا، وَزَادَ الْكَلَأُ فِي مَرَاعِي أغنامِهَا، وَزَادَتِ الْأَغْنَامُ سِمَنًا ولَحمًا ولَبنًا، وَتَبَدَّلَتْ حَيَاةُ حَلِيمَةَ مِن جَفَافٍ وَفَقْرٍ وَمَشَقَّةٍ وَمُعَانَاةٍ إلَى خَيْرٍ وَفِيرٍ وَبَرَكَةٍ عَجِيبَةٍ، فَعَلِمَتْ أَنَّ محمدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِثْلَ كُلِّ الأطْفالِ، بَلْ هُوَ طِفْلٌ مُبَارَكٌ، وَاسْتَيْقَنَتْ أنَّهُ شَخْصٌ سَيَكُونُ لَهُ شَأْنٌ كَبِيرٌ، فَكَانَتْ حَرِيصَةً كُلَّ الْحِرْصِ عَلَيْهِ وَعَلَى وُجُودِه مَعَهَا، وَكَانَتْ شَدِيدَةَ الْمَحَبَّةِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


مِنْ أُولَى بَرَكَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى يَثْرِبَ حِينَ هَاجَرَ إلَيْهَا، أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ، وحينها كَانَ يُكَدِّرُ حَالَهَا الفُرْقةُ والعَصبيَّةُ، ويُنغِّصُ عَيْشَ أَهْلِهَا الْفَقْرُ وَالْأَسْقَامُ. وَقَدْ دَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ البَرَكَةِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ومُسلِمٌ. فَجَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلَدًا طَيِّبًا مُبَارَكًا تهفُو إلَيْهَا الْقُلُوبُ، وَخَلَتْ مِنَ الْوَبَاءِ، وَلَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ، وَالصَّلَاةُ فِي حَرَمِهَا بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَفِيهَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَأَعْظَمُ بَرَكَةٍ فِيهَا مَقَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


عَاشَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثاً وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي الدَّعْوَةِ، فَإِنَّهُ قَدْ بُعِثَ وَعُمرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ وَعُمُرُهُ ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ، أَي: بَقِيَ فِي الْبِعْثَةِ وَالرِّسَالَةِ ثَلَاثاً وَعِشْرِينَ سَنَةً فَقَطْ، وَمَعَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ السِّنِينَ، فِي هَذِهِ الْفَتْرَةِ الْوَجِيزَةِ حَصَلَ فِيهَا مِنَ الْفَتْحِ وَالنَّصْرِ، وَالنَّفْعِ وَالْعِلْمِ، وَالْإِيمَانِ وَالْإِصْلَاحِ، وَإِخْرَاجِ النَّاسِ مَنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ، وَكَثْرَةِ الْأَتْبَاعِ مَا لَا يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ فِي قُرُونٍ ودُهُورٍ، بَلْ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ -عَلَيهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ– مَكَثَ بَعْضُهُمْ فِي دَعْوَةِ قَوْمِهِ مُدَدًا طَوِيلَةً، وَمَا آمَنَ مَعَهُ إلَّا قَلِيلٌ، وَهَذَا مِنْ بَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَرَكَةِ دَعْوَتِهِ وَاتِّبَاعِهِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: "وَإِنِّي لَأَرْجُو أنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ" متفقٌ عليهِ.


أَيُّهَا الإِخوةُ فِي اللَّهِ، أُثِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْثِيرُهُ الطَّعَامَ وَالْمَاءَ إذَا مسَّ جَسَدَهُ، وَهَذَا مِنْ بَرَكَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا مسَّتْ يَدُهُ شَيْئًا إلَّا وَضَعَ اللَّهُ فِيهِ الْبَرَكَةَ، فَإِنَّه عِنْدَمَا وَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَارَ الْمَاءُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى سَقَى الْجَيْشَ، ومَلؤوا آنِيَتَهُم وأَسقِيَتَهُم.


وَأَعْجَبُ مِنْ ذلكَ مَا رَآهُ جَابِرٌ فِي يَوْمٍ آخَرَ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ، فَقَد رَأَى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُوعاً شَدِيداً، يَقُولُ: فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي، فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمَصًا شَدِيدًا، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ.


قالَ: ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ -أي امرأتُه-: لاَ تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ مَعَهُ (لَقَد خَشِيتْ أَنْ يَدْعُوَ جمْعاً لَا يَكْفِيهِ الطَّعَامُ، فتُفضَحَ بَيْنَ النِّسَاءِ بِعَجْزِهَا عَن إِطْعَامِهِم).


يَقُولُ جَابِرٌ: فجئتُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسارَرْتُه، فقلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ.


يَقُولُ جَابِرٌ: فَصَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ". ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَابِرٍ: "لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ".


قَالَ جَابِرٌ: فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْدَمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ. (لَقَد لِامَتْهُ وقرَّعَتْهُ عَلَى دعوةِ الْعَدَدِ الْكَبِيرِ إلَى طَعَامِهِمُ الْقَلِيلِ، إذ ظَنَّتْ أَنَّهُ أَهْمَلَ ما طَلَبَتْهُ منهُ).

يَقُولُ جَابِرٌ: فقلتُ: قَد فعلتُ الَّذِي قُلتِ لِي.


قَالَ جَابِرٌ: فَأَخْرَجْتُ لَهُ عَجِينَتَنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعِي خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا» وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللهِ لَأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَتَنَا لَتُخْبَزُ كَمَا هيَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.


اللَّهُ أَكْبَرُ.. لَقَد أَطْعَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ طَعَامٍ لَا يَكَادُ يَكْفِي البضعَ مِنَ الرِّجَالِ.


وَأَعْجَبُ مِنْهُ وَأَعْظَمُ فِي الْبَرَكَةِ، مَا قصَّهُ عَلَيْنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حِينَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟»، فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ، بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً، أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةً؟"، قَالَ: لاَ بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ البَطْنِ أَنْ يُشْوَى، - أي الكبد - وَايْمُ اللَّهِ، مَا فِي الثَّلاَثِينَ وَالمِائَةِ إِلَّا قَدْ حَزَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ القَصْعَتَانِ، فَحَمَلْنَاهُ عَلَى البَعِيرِ. متفقٌ عليهِ.


قَالَ النَّوَوِيُّ: "وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَتَانِ ظَاهِرَتَانِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا تَكْثِيرُ سَوَادِ الْبَطْنِ حَتَّى وَسِعَ هَذَا الْعَدَدَ وَالْأُخْرَى تَكْثِيرُ الصَّاعِ وَلَحْمِ الشَّاةِ حَتَّى أَشْبَعَهُمْ أَجْمَعِينَ وَفَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ حَمَلُوهَا لِعَدَمِ حَاجَةِ أَحَدٍ إِلَيْهَا".


وَفِي يَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ عَطِشَ النَّاسُ وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً لِلْوُضُوءِ وَالشَّرَابِ إلاَّ قَلِيلاً بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَكْوةٍ، فَتَوَضَّأَ، فتسَابقُوا إلَى الْمَاءِ لقِلَّتِهِ، فَقَالَ: "مَا لَكُمْ؟" قَالُوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، كَأَمْثَالِ العُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا. قالَ الرَّاوِي: قُلْتُ لجَابرٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمدٍ...


الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ الأَحدِ الصَّمدِ الذي لمْ يَلِدْ ولمْ يُولَدْ ولمْ يَكُنْ لهُ كُفوًا أَحدٌ. والصَّلاةُ والسَّلامُ على عبدِهِ ورسولِهِ محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعينَ، أما بعدُ:

أَدْرَكَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَرَكَةِ، فَطَمَعَ أَنْ يَنَالَ حَظَّهُ مِنْهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمَرَاتٍ أَوْ بشَعِيرٍ فَقَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، قَال: فصَفَّهُنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا، فَقَالَ لِي: "اجعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدٍ –وِعاءٍ-، وَأَدْخِلْ يَدَكَ وَلَا تَنْثُرْهُ" قَال: فَحَمَلْتُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَنَأْكُلُ، وَنُطْعِمُ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُ حَقْوِي -أي معْقِدَ الإزار-، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، انْقَطَعَ عَنْ حَقْوِي، فَسَقَطَ. رواه أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وحسَّنه الأَلْبَانِيُّ.


فرثَاه بِقَوْلِه:

لِلنَّاسِ هَمٌّ وَلِيْ فِي الْيَوْمِ هَمَّانِ ♦♦♦ فَقْد الْكَنِيف وَفَقد الشَّيْخِ عُثْمَانِ


لَقَد بَقِيَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْكُلُ مِنَ الْجِرَابِ زُهاءَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، كُلُّ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليكونَ شاهداً آخرَ عَلَى نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


عِبَادَ اللَّهِ: قَدْ بَقِيَ لَنَا فِي الْمَوْضُوعِ بَقِيَّةٌ، لَعَلَّنَا نَأْتِيَ عَلَيْهَا فِي خُطْبَةٍ قادِمَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ.


اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلا مَفْتُونِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عظمة منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة
  • فقه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
  • حياة النبي صلى الله عليه وسلم في شبابه
  • الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
  • خطبة: بركات النبي صلى الله عليه وسلم (2)
  • من بركات النبي على أمته أن الله اختصهم بالتأمين والسلام، وجعل التائب من الذنب كمن لا ذنب له

مختارات من الشبكة

  • النبي القدوة -صلى الله عليه وسلم- في الرد على من أساء إليه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة النبي صلى الله عليه وسلم والشعر(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اكتشف أبناءك كما اكتشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجلال الكبير: وقار الأمة وبركتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • البركة مع الأكابر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/3/1447هـ - الساعة: 7:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب