• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

عيد الأم - بر الوالدين

محمد بديع موسى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/6/2011 ميلادي - 18/7/1432 هجري

الزيارات: 23301

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عيد الأم - بر الوالدين

 

مقدمة:

عباد الله، إن الله جلَّ شأنه كتب على عباده أن كلَّ أمةٍ تستبدل الضلال بالهدى وتتخلى عن خصائصها وتخجل من مبادِئها أنها أمة لا تزال في تقهقر وانحطاط واضمحلال في فكرها وقوتها وسلوكها.توعدها الله بالخزي في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة  قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ﴾ [الرعد: 33، 34].

 

وإن مما ابتليت به أمة الإسلام الإعجاب والتبعية المطلقة لأعداء الإسلام من قِبَل ضعفاء النفوس من المسلمين الذين بلغ بهم الإعجاب والافتتان بحضارة الغرب أَوجَه، فأضحوا من الداعين إلى الاحتذاء بحذوها والسير في ركابها، حذو القذة بالقذة، وحذو النعل بالنعل، شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلوه. كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -.

 

أيها المسلمون:

لم يعد خافيًا اغترارُ كثيرٍ من المسلمين وافتتانهم بما يأتي من بلاد الكفر،وما يكون عندهم من أخلاق وطباع وعادات وأعياد مما لايناسب طباعنا وأخلاقنا ومبادئنا المستمدة من ديننا الحنيف. فظاهرة التعلقُ والافتتان ببعض مشاهير الكفرة رياضةً أو فنًا أو غناءً أمرٌ مشاهد، حتى حاكاهم بعض شباب الإسلام في حركاتهم وقصاتِ شعورهم، وألفاظهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

عباد الله:

وفي هذه الأيام يحتفل أعداء الله الضالون بما يسمونه عيد الأم، وفي هذه المناسبة يتذكر الواحد منهم أمه بأن يزورها في مأوى العجزة، أو يقدم لها باقة من الورد، أو حتى يتصل بها بالهاتف، أو يرسل لها رسالة تهنئة من جواله. وهذا العيد بدأ وللأسف يغزو مجتمعاتنا، وتعلقت به نفوس بعض ضعاف الإيمان من أبنائنا، انشغلوا به، وتهيؤوا له، واتخذ بعضهم مناسبته- في بعض البلدان- عطلةً وعيدًا؛ وما ذلك إلا بسبب الانبهار والإعجاب بحضارة الغرب المادية الزائفة، والانخداع ببريقها المخدر، وبسبب الغزو الفكري والثقافي والترويج الإعلامي المسموع والمرئي والمقروء الذي يحرض على هذه الضلالات، ويلفت إليها أنظارَ الناس وأسماعَهم، ويحرك قلوبهم لها.

 

أيها المسلمون، لقد كان رسولكم يحرصُ كلَّ الحرصِ على أن تخالف أمتُه اليهود والنصارى في كلِ شيء، حتى قال عنه اليهودُ أنفسهم كما يرويه أنسٌ رضي الله عنه عند مسلمٍ: ما يريدُ هذا الرجلُ أن يدعَ من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه. وإذا كان اليهود والنصارى يتجاهلون أعيادنا ولا يحتفلون بها بل يستهزئون ويسخرون منا فما بالُ البعضِ يحتفل بمناسباتهم ويحييها على سنتهم ابتغاءً وطلبًا لرضاهم؟! وتناسى أولئكَ قوله سبحانه: ﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120].

 

عباد الله:

لقد أكثر أهل العلم في نقل التحذير من أعياد الكفار والمشاركة فيها، جاء عن مجاهد وغيره من السلف في قوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72] قال رحمه الله: "الزور هي أعياد المشركين"، وقد صرح الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة باتفاق أهلِ العلمِ على عدم جوازِ حضور المسلمين أعيادَ المشركين، وجاءَ عن عمرَ رضي الله عنه أنه قال: (لا تدخلوا على المشركين في كنائسِهم يومَ عيدهمِ؛ فإن السخطة تنزل عليهم)، وقال أيضًا رضي الله عنه: (اجتنبوا أعداء اللهِ في أعيادهم) أخرجه البيهقي بسند صحيح.

وإذا كان هذا الاحتفال يناسب الاوروبيين الذين لايعرفون أمهاتهم إلا في هذا اليوم من السنة، فما لَنا ولهم، ونحن نتقرب إلى الله بصلة الرحم وبر الوالدين عموماً وببر الوالدة على وجه الخصوص وفي كل وقت.

 

• قال الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].

أمر الله عز وجل بعبادته وتوحيده وجعل بر الوالدين مقروناً بذلك، كما قرن شكرهما بشكره فقال عز وجل: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ [لقمان: 14].

وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: سألت النبي أي العمل أحب إلى الله عز وجل قال: ((الصلاة على وقتها)) قلت: ثم أي؟ قال: ((ثم بر الوالدين)) قلت: ثم أي؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)). والبر اسم جامع للخير، وهو ضد العقوق، ومعناه الصلة وفعل الخير والتوسع فيه واللطف والطاعة.

 

• وقوله تعالى: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا ﴾ [الإسراء: 23] خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بر الولد، لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر،  وكذلك طول المكث للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة، ويحصل الملل، ويكثر الضجر، فيظهر غضبه على أبويه، وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة، وهو السالم من كل عيب، فقال: فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً قال العلماء: إنما صارت قولة (أف) للأبوين أردأ شيء، لأنها كلمة تقال لكل شيء مرفوض، كما قال إبراهيم لقومه: ﴿ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأنبياء: 67].

فهي للأبوين كفرٌ للنعمة، وجحد للتربية، وردٌّ للوصية التي أوصى الله بها في التنزيل، وقوله: ولا تنهرهما والنَّهْر هو الزجر والغلظة، وقوله: وقل لهما قولاً كريماً أي ليناً لطيفاً، مثل: يا أبتاه ويا أماه من غير أن يسميهما ويكنيهما.

 

• وقوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24] أمر بمزيد من الشفقة والرحمة مع أبويه أقواله وسكناته ونظراته، ثم قال عز وجل: وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً أمر الله عز وجل عباده بالترحم على آبائهم والدعاء لهم، فينبغي على العبد أن يرحمهما كما رحماه، وأن يرفق بهما كما رفقا به، إذ ولياه صغيراً جاهلاً محتاجا فآثراه على أنفسهما، فسهرا وأناماه، وجاعا وأشبعاه، وتعريا وكسواه، فلا يجزيهما إلا أن يبلغا من الكبر الحد الذي كانهما فيه صغيران فيلي منهما ما وليا منه، ويكون لهما- مع ذلك - حينئذ فضل التقدم.

 

• من هنا نعلم أن مايسمونه بعيد الأم تكريماً لها في السنة مرة، ماهو- في الواقع-  إلا نكران لحقها الكبير، وفضلها العظيم الذي أشار إليه الرب سبحانه إذ قال: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 14، 15].

فلما خص الله تعالى الأم بالحمل والوضع والرضاع، خصها بمزيد الوصية بالبر، وهذا يوافق ما ورد في الصحيح عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله فقال: ((يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال:ثم أمُّك، قال: ثم من؟ قال: أمُّك، قال: ثم من؟ قال:ثم أبوك)) ( متفق عليه ). وأخرج البخاري في الأدب المفرد: ((إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب)) ( الصحيحة ).

 

• وقوله تعالى: ﴿ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ ﴾ [لقمان: 14] أي حملته في بطنها وهي تزداد كل يوم ضعفا على ضعف، وقيل: المرأة ضعيفة الخلقة ثم يضعفها الحمل، وقوله تعالى: أن اشكر لي ولوالديك قيل: الشكر لله على نعمة الإيمان. وللوالدين على نعمة التربية، وقال عز وجل: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15]، ففي هذه الآية دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين، وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق.

أخرج البخاري عن أسماء بنت أبي بكر قَالتَ قَدِمَتْ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمْ إِذْ عَاهَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ابْنِهَا فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا قَالَ نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ.

فالبرمعناه الصلة وفعل الخير والتوسع فيه واللطف والطاعة.

 

ومن برهما دعوتهما إلى الله عز وجل وتعليمهما أحكام الدين والصبر على ذلك:

روى مسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ كُنْتُ أَدْعُو أُمِّى إِلَى الإِسْلاَمِ وَهِىَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِى فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَكْرَهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أَدْعُو أُمِّى إِلَى الإِسْلاَمِ فَتَأْبَى عَلَىَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِى فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِىَ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ ". فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ فَسَمِعَتْ أُمِّى خَشْفَ قَدَمَىَّ فَقَالَتْ مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ قَالَ - فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - قَالَ - فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِى مِنَ الْفَرَحِ - قَالَ - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا - قَالَ - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِى أَنَا وَأُمِّى إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا - قَالَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِى أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ - إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ الْمُؤْمِنِينَ ". فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِى وَلاَ يَرَانِى إِلاَّ أَحَبَّنِى.

 

أيها الأحبة:

إن سيرة أسلافنا الصالحين مع أمهاتهم ترجمان عملي للبر الذي أمر الله به.

فهل أتاكم نبأ أويس بن عامر القرني؟ ذاك رجل أنبأ النبي بظهوره، وكشف عن سناء منزلته عند الله ورسوله، وأمر البررة الأخيار من آله وصحابته بالتماس دعوته وابتغاء القربى إلى الله بها، وما كانت آيته إلا بره بأمه، وذلك الحديث الذي أخرجه مسلم: عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ قَالَ نَعَمْ.

قَالَ فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ قَالَ نَعَمْ. قَالَ لَكَ وَالِدَةٌ قَالَ نَعَمْ. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ " يَأْتِى عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ". فَاسْتَغْفِرْ لِى. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ الْكُوفَةَ. قَالَ أَلاَ أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا قَالَ أَكُونُ فِى غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَىَّ.

أجل لما علم سلفنا الصالح عظم حق الوالدين، قاموا به حق قيام.

 

فهذا محمد بن سيرين إذا كلم أمه كأنه يتضرع. وقال ابن عوف: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه، فقال: ما شأن محمد أيشتكي شيئاً؟ قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.

وهذا حيوة بن شريح، وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين، يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.

 

ومن برهما توقيرهما واحترامهما: روى البخاري في الأدب أن أبا هريرة أبصر رجلين فقال لأحدهما: ما هذا منك؟ فقال: أبي، فقال: لا تسمه باسمه ولا تمش أمامه ولا تجلس قبله.

وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين، وكان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتُها.

 

ومن برهما صلة أهل ودهما: ففي صحيح مسلم عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله يقول: ((إن من أبر البر صلة أهل ود أبيه بعد أن يولي )).

ومن برهما الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعدهما. " إن الرجل لترفع درجته في الجنة، فيقول: أنى ( لي ) هذا ؟ فيقال: باستغفار ولدك لك "." الصحيحة" جه حم.

ومن برهما قضاء دينهما والحج عنهما والوفاء بنذرهما: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى.

 

الخطبة الثانية

أيها الأحبة:

هذه بعض نماذج من بر السلف لآبائهم وأمهاتهم، فما بال شبابنا اليوم يقصرون في بر آبائهم وأمهاتهم، وربما عق أحدهم والديه من أجل إرضاء صديق له، أو أبكى والديه وأغضبهما (وهذا من أشد العقوق) من أجل سفر هنا أو هناك أو متعة هنا أو هناك.

وردت الأحاديث في النهي عن عقوق الوالدين وبيان أن العقوق من أكبر الكبائر: عَنْ ِ أَبِي بَكْرَةَ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا - فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ" قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. والعقوق مشتق من العق، وهو القطع، والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل، إلا في شرك أو معصية ما لم يتعنت الوالد.

 

أوصيكم يا معشر الأبناء جميعاً ببر الوالدين، وأن نسعى لإرضائهما وإسعادهما في هذه الدنيا، أسألك بالله يا أخي ماذا يريد منك أبوك إلا أن تقف معه حين يحتاجك، وأن تسانده حين يحتاجك، بل ماذا تريد منك الأم إلا كلمة حانية، وعبارة صافية، تحمل في طياتها الحب والإجلال.

والله يا إخوان لا أظن أن أي أم أو أب يعلمان من ولديهما صدقاً في المحبة وليناً في الخطاب ويداً حانية وكلمة طيبة ثم يكرهانه أو يؤذيانه في نفسه أو ولده.

وكم نجد ونسمع من يلتمس رضا زوجه ويقدمه على رضا والديه.فربما لو غضبت الزوجة لأصبح طوال يومه حزيناً كئيباً لا يفرح بابتسامة، ولا يسّر بخبر، حتى ترضى زوجه الميمون، وربما لو غضب عليه والداه منذ أسابيع ولا كأن شيئاً قد حصل.

 

• ذكر أحد بائعي الجواهر قصة غريبة فيها صورة من صور العقوق.

يقول: دخل علي رجل ومعه زوجته، ومعهم عجوز تحمل ابنَهما الصغير، أخذ الزوج يضاحك زوجته ويعرض عليها أفخر أنواع المجوهرات يشتري ما تشتهي، فلما راق لها نوع من المجوهرات، دفع الزوج المبلغ، فقال له البائع: بقي ثمانون ريالاً، وكانت الأم الرحيمة التي تحمل طفلهما قد رأت خاتما فأعجبها لكي تلبسه في العيد، فقال: ولماذا الثمانون ريالا؟ قال: لهذه المرأة؛ قد أخذت خاتماً، فصرخ بأعلى صوته وقال: العجوز لا تحتاج إلى الذهب، فألقت الأم الخاتم وانطلقت إلى السيارة تبكي من عقوق ولدها، فعاتبته الزوجة قائلة: لماذا أغضبت أمك، فمن يحمل ولدنا بعد اليوم؟ ذهب الابن إلى أمه، وعرض عليها الخاتم فقالت: والله ما ألبس الذهب حتى أموت، ولك يا بني مثله، ولك يا بني مثله.

هذه صورة من صور العقوق، يدخل الزوج وهو يعيش مع والديه أو أن والديه يعيشان عنده، يدخل البيت معبس الوجه مقطب الجبين، فإذا دخل غرفة نومه سمعت الأم الضحكات تتعالى من وراء باب الحجرة، أو يدخل ومعه هدية لزوجه فيعطي زوجته، ويدع أمه، هذا نوع من العقوق.

 

• فيا أخي المسلم من أحق بالبر: المرأة التي هي سبب وجودك، والتي حملتك في بطنها تسعة أشهر، وتألمت من حملك، وكابدت آلام وضعك، بل وغذتك من لبنها، وسهرت لتنام، وتألمت لألمك، وسهرت لراحتك، وحمَلت أذاك وهي راضية، فإذا عقلتَ ورجت منك البر عققتَها، وبررت امرأة لم تعرفها إلا سنةً أو سنتين أو شهراً أو شهرين.

• إني أدعوكم جميعاً أيها الإخوان ألا تخرجوا من هذا المسجد المبارك إلا وقد عاهدتم الله أنه من كان بينه وبين والديه شحناء أو خلاف أن يصلح ما بينه وبينهم، ومن كان مقصراً في بر والديه، فعاهدوا الله من هذا المكان أن تبذلوا وسعكم في بر والديكم.

• ومن كان براً بهما فليحافظ على ذلك، وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما.

• وأما أنت أيها العاق فاعلم أنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  " بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي و العقوق "" الصحيحة ".

• اللهم أعنا على بر والدينا، اللهم وفق الأحياء منهما، واعمر قلوبهما بطاعتك، ولسانهما بذكرك، واجعلهم راضين عنا، اللهم من أفضى منهم إلى ما قدم، فنور قبره، واغفر خطأه ومعصيته، اللهم اجزهما عنا خيراً، اللهم اجزهما عنا خيراً، اللهم اجمعنا وإياهم في جنتك ودار كرامتك، اللهم اجعلنا وإياهم على سرر متقابلين يسقون فيها من رحيق مختوم ختامه مسك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بر الوالدين.. سبل للعمل
  • بر الوالدين... ففيهما فجاهد
  • بر الوالدين
  • بر الوالدين.. من الإيمان
  • خواطر وشجون في عيدك الميمون!
  • عيد الأم بين الإهانة والتكريم
  • بر الوالدين أم عيد الأم؟!
  • بدعة عيد الأم .. أحزان تتجدد
  • الاحتفال بـ " عيد الأم "
  • إهداء الأم في ما يسمى بعيد الأم
  • حكم عيد الأم
  • حكم الإسلام في عيد الأم والأسرة
  • بر الوالدين
  • عيد الأم بين حضارتين
  • عيد الأم .. عيد للألم!
  • عيد الألم
  • ليس في ديننا عيد للأم
  • عيد الأم.. نشأته وموقف الإسلام منه
  • عيد الأم .. ما بين فقه الدين وفقه الواقع
  • بدعة عيد الأم بين لوعة اليتيم وروعة الإسلام في التكريم
  • عيد الأم
  • الأم (باللغة الأردية)

مختارات من الشبكة

  • التهنئة بالعيد يوم العيد (بعد الفجر وبعد صلاة العيد لا قبل يوم العيد)(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • الابتعاد عن البدع والمنكرات التي انتشرت في الأعياد(مقالة - ملفات خاصة)
  • لماذا العيد؟ عيد الفطر وعيد الأضحى(مقالة - ملفات خاصة)
  • العيد بين الفرح والحزن: لا للعيد .. بلى للعيد ..(مقالة - ملفات خاصة)
  • السنن المتعلقة بالعيد(مقالة - ملفات خاصة)
  • عيد الفطر المبارك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم العيد .. يوم التهنئة بنعمة الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • خلاصة سنن العيد(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • العيد غدا(مقالة - ملفات خاصة)
  • سنن العيد في حال الحجر(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب