• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

طلقها أو خلعته (خطبة)

طلقها أو خلعته (خطبة)
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/12/2022 ميلادي - 7/5/1444 هجري

الزيارات: 6052

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طلقها أو خلعَتْه

 

أَمَّا بَعْدُ؛ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ مِن أَقدَسِ العِلاقاتِ الَّتي لها في الإِسلامِ تَقدِيرٌ وَشَأنٌ كَبِيرٌ، العلاقَةُ بَينَ الزَّوجِ وَزَوجِهِ، وَالرَّابِطَةُ بَينَ الرَّجُلِ وَامرَأَتِهِ، وَقَد سُمِّيَت في القُرآنِ مِيثَاقًا غَلِيظًا، إِشَارَةً إِلى وُجُوبِ النَّظَرِ إِلَيهَا بِإِعزَازٍ وَإِجلالٍ، وَحَثًّا عَلَى عَدَمِ انتِقَاصِهَا أَو إِضعَافِهَا، أَو قَطعِهَا لأَتفَهِ سَبَبٍ وَاجتِثَاثِهَا بِلا مُسَوِّغٍ مَقبُولٍ.

 

وَإِنَّ مِن حسنِ أَخلاقِ المُسلِمِينَ عَلَى امتِدَادِ العُصُورِ، أَنَّ هَذِهِ العلاقَةَ الكَرِيمَةَ، قَد حَظِيَت بِالتَّقدِيرِ وَالإِجلالِ، مِن قِبَلِ الزَّوجَينِ وَمِن أُسرَتَيهِمَا وَمِنَ المُجتَمَعِ بِعَامَّةٍ، وَحَرِصَ أَقَارِبُ الزَّوجَينِ وَمَن حَولَهُمَا عَلَى دَوَامِ تِلكَ العلاقَةِ وَتَقوِيَتِهَا، وَرَدْمِ مَا قَد يَحدُثُ فِيهَا مِن فَجَوَاتٍ، وَسَدِّ مَا يَظهَرُ مِن ثَغَرَاتٍ، وَكَانَت هُنَالِكَ رَغبَةٌ مِنَ الجَمِيعِ في تَقرِيبِ وُجهَاتِ النَّظَرِ عِندَ أَيِّ خِلافٍ، وَعَزِيمَةٌ صَادِقَةٌ لإِعَادَةِ التَّوَافُقِ بَعدَ كُلِّ اختِلافٍ، وَسَعْيٌ حَثِيثٌ لِلإِصلاحِ مَعَ بِدَايَةِ أَيِّ فَسَادٍ، وَهَذِهِ نَتَائِجُ لأَحكَامٍ مُحكَمَةٍ وَحُدُودٍ عَظِيمَةٍ، وَتَعَالِيمَ وَاضِحَةٍ وَإِرشَادَاتٍ كَرِيمَةٍ، أَخَذَهَا المُسلِمُونَ عَن كِتَابِ رَبِّهِم وَسُنَّةِ نَبِيِّهِم، وَنَشَرَهَا فِيهِم عُلَمَاؤُهُم وَفُقَهَاؤُهُم، فَكَانَت أَحوَالُ غَالِبِ الأُسَرِ مُستَقِرَّةً هَادِئَةً، وَحَيَاتُهَا مُطمَئِنَّةً هَانِئَةً، قَائِمَةً عَلَى رِعَايَةِ المَصَالِحِ المُشتَرَكَةِ، وَالعِنَايَةِ بما يُبقِي عَلَى البِنَاءِ وَيُصلِحُ شَأنَ الأَبنَاءِ، وَقَد كَانَ مِن أَسوَأِ مَا يَمُرُّ بِأُسرَتَيِ الرَّجُلِ وَالمَرأَةِ، أَن يَنفَصِلَ الزَّوجَانِ بِخُلعٍ أَو طَلاقٍ، وَأَن تَنتَهِيَ حَيَاتُهُمَا بِتَبَاعُدٍ وَافتِرَاقٍ، وَخَاصَّةً حِينَمَا يَكُونَانِ قَد رُزِقَا أَبنَاءً وَبَنَاتٍ، يَكُونُ مَصِيرُهُم بَعدَ تَفَرُّقِ أَبَوَيهِم الضَّيَاعَ وَالشَّتَاتَ، وَتَتَنَغَّصُ عِيشَتُهُم وَتَتَكَدَّرُ، وَتَنكَسِرُ خَوَاطِرُهُم وَتَتَغَيَّرُ، فَإِنِ انحَازُوا إِلى أَبِيهِم ضَاعُوا، وَإِن بَقُوا مَعَ أُمِّهِم جَاعُوا.

 

أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ لَقَد كَانَتِ الحَيَاةُ الزَّوجِيَّةُ وَالعلاقَةُ الأُسْرِيَّةُ بِنَاءً قَوِيًّا يُهِمُّ الجَمِيعَ ارتِفَاعُهُ، وَيَصعُبُ عَلَى المُفسِدِينَ اجتِثَاثُهُ وَاقتِلاعُهُ، حَتى أَصَابَ العَالَمَ في وَقتِنَا الحَاضِرِ مَا أَصَابَهُ مِن تَغَيُّرَاتٍ اجتِمَاعِيَّةٍ وَاقتِصَادِيَّةٍ، وَطَرَأَ عَلَيهِ مَا طَرَأَ مِنِ انحِرَافَاتٍ فِكرِيَّةٍ وَسُلُوكِيَّةٍ، وَفَشَا فِيهِ مَا فَشَا مِن ضَعْفِ تَمَسُّكٍ بِالدِّينِ وَفَسَادٍ في القُلُوبِ والفِطَرِ، وَضُمُورٍ في العُقُولِ، فَظَهَرَت مَنَاهِجُ شَاذَّةٌ، وَاستَقَرَّت في الأَذهَانِ آرَاءٌ مُخَالِفَةٌ لِلفِطرَةِ، كَانَت مَحصُورَةً في مُجتَمَعَاتٍ تَقَادَمَ فَسَادُهَا، وَكَثُرَ إِفسَادُهَا؛ لَكِنَّهَا لم تَلبَثْ أَنِ انتَشَرَت بِانتِشَارِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ وَأَجهِزَةِ الاتِّصَالِ، وَاطَّلَعَ النَّاسُ عَلَيهَا فِيمَا هُوَ مُسَجَّلٌ وَمُصَوَّرٌ، وَتَأَثَّرَ بها بَعْضُ ضُعَفَاءِ الأَلبَابِ وَضَعِيفَاتِ العُقُولِ مِنَ الأَزوَاجِ وَالزَّوجَاتِ، مِمَّن انخَدَعُوا وَانحَرَفُوا وَتَشرَّبُوا التَّغيِيرَاتِ، وَتَعَجَّلُوا في اتِّخَاذِ القَرَارَاتِ دُونَ إِدرَاكٍ لِلمَآلاتِ وَلا نَظَرٍ في النِّهَايَاتِ، فَحَدَثَ في السِّنِينِ المُتَأَخِّرَةِ طَلاقُ أَزوَاجٍ لِزَوجَاتِهِم عَلَى أَتفَهِ الأَسبَابِ، وَظَهَرَت قَضَايَا خَلعِ زَوجَاتٍ لأَزوَاجِهِنَّ تَأَثُّرًا وَانجِرَافًا مَعَ التَّيَّارِ المَادِيِّ المُنتِنِ، الَّذِي عَادَتِ الزَّوجَةُ بَعدَ أَن شَرِبَت مِنهُ لا تَرَى الزَّوجَ إِلَّا خِزَانَةً تَفتَحُهَا مَتى شَاءَت؛ لِتَتَمَتَّعَ في دُنيَاهَا تَقلِيدًا لأَخَوَاتِهَا أَو زَمِيلاتِهَا أَو قَرِيبَاتِهَا، أَو لِمَشهُورِي وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ المَفتُونِينَ وَالمَفتُونَاتِ، مِمَّن بَاعُوا لأَجلِ الظُّهُورِ دِينَهُم، وَطَرَحُوا في سَبِيلِ الشُّهرَةِ قِيَمَهُم وَشِيَمَهُم؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا، وَصَارُوا مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ وَالفِتنَةِ، نَوَافِذَ مَفتُوحَةً لِجِهَاتٍ مَشبُوهَةٍ، تُرسِلُ مِن خِلالِهَا أَضَوَاءَهَا الفَاتِنَةَ، وَتَخدَعُ بِبَرِيقِهَا الغَافِلِينَ وَالغَافِلاتِ، وَمِن ثَمَّ كَانَ عَلَى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ وَالإِخوَةِ الكِبَارِ وَالأَخَوَاتِ العَاقِلاتِ، تَدَارُكُ مَن حَولَهُم مِن أُسَرٍ، وَخَاصَّةً الأُسَرَ الجَدِيدَةَ، الَّتي دَخَلَ أَطرَافُهَا الحَيَاةَ بِأَفكَارٍ مُنتَكِسَةٍ وَفُهُومٍ قَاصِرَةٍ، ظَانِّينَ أَنَّ الحَيَاةَ الَّتي سَيَكُونُونَ عَلَيهَا، هِيَ تِلكَ الَّتي يَرَونَهَا في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، وَيَنقُلُهَا لَهُمُ المَشَاهِيرُ بِالتَّصوِيرِ الفَاتِنِ.

 

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ عَلَينَا أَن نَتَدَارَكَ أَنفُسَنَا وَمَن حَولَنَا، وَنَنظُرَ إِلى حَيَاتِنَا نَظرَةَ جِدٍّ وَاهتِمَامٍ وَتَقدِيرٍ، وَشُعُورٍ بِعِظَمِ المَسؤُولِيَّةِ وَثِقَلِ الأَمَانَةِ، فَاللهُ قَد أَمَرَنَا بِوِقَايَةِ أَنفُسِنَا وَمَن تَحتَ أَيدِينَا، وَحَذَّرَنَا مِن أَن يَكُونَ مَن نُحِبُّهُ عَدُوًّا لَنَا، وَحَمَّلَنَا الأَمَانَةَ، وَنَهَانَا عَنِ الخِيَانَةِ، وَجَعَلَ لِلرِّجَالِ القِيَامَ عَلَى النِّسَاءِ، وَأَمَرَهُم عِندَ خَشيَةِ الشِّقَاقِ وَفَسَادِ الحَيَاةِ الزَّوجِيَّةِ بِخُطُوَاتٍ لِلإِصلاحِ، إن هُمُ اتَّبَعُوهَا وَأَخَذُوا بِهَا عَن إِرَادَةٍ صَالِحَةٍ وَنِيَّةٍ حَسَنَةٍ، صَلَحَت حَيَاتُهُم، وَوَفَّقَ اللهُ بَينَهُم، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ [التغابن: 14]، وَقَالَ تَعَالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [الأنفال: 27، 28]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 34، 35]، أَمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ؛ إِنَّ بَيْتَ الزَّوجِيَّةِ سُورٌ عَالٍ تُحفَظُ بِهِ الأُسرَةُ وَالأَبنَاءُ مِنَ الضَّيَاعِ؛ لَكِنَّ مِن طَبِيعَةِ الحَيَاةِ أَن يَحصُلَ فِيهَا مَا يَحصُلُ مِن خِلافٍ أَوِ اختِلافٍ، وَالنُّفُوسُ تُقبِلُ وَتُدبِرُ، وَالقُلُوبُ تَتَوَادُّ وَتَأتَلِفُ، وَقَد تَتَنَافَرُ وَتَختَلِفُ؛ لَكِنَّ سَفَاسِفَ الأُمُورِ وَصَغَائِرَهَا يَجِبُ أَلَّا تُكبَّرَ وَتُضَخَّمَ، أَو تُتبَعَ وَيُهتمَّ بها، حَتى تَكُونَ سَبَبًا لِلطَّلاقِ وَمُسَوِّغًا لِلفِرَاقِ، وَبِدَايَةً لِخَرَابِ البُيُوتِ وَتَشَتُّتِ الأُسَرِ وَضَيَاعِ الأَبنَاءِ، يَجِبُ عَلَى الزَّوجَينِ أَلَّا يَتَسَرَّعَا في اتِّخَاذِ أَيِّ قَرَارٍ، وَأَلَّا يَستَعجِلا بِلَفْظٍ أَو تَصَرُّفٍ قَبْلَ أَن يُطِيلا النَّظَرَ في عَاقِبَتِهِ وَمَا يَؤُولُ إِلَيهِ الأَمرُ بَعدَهُ، مَا أَجمَلَ التَّغَافُلَ عَمَّا يُمكِنُ التَّغَافُلُ عَنهُ مِنَ الزَّلَّاتِ! وَأَلَّا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوجَينِ مُتَتَبِّعًا لأَخطَاءِ صَاحِبِهِ مُكَبِّرًا لَهَا، لا خَيْرَ في كَثرَةِ الجِدَالِ وَالخِصَامِ، وَلا في اللَّجَاجَةِ وَعَجْنِ الكَلامِ، وَلا في تَردَادِ الشَّكوَى وَكَثرَةِ اللَّفِّ وَالدَّوَرَانِ، فَهِيَ تُؤَدِّي إِلى النِّزَاعِ وَالشِّقَاقِ وَتُقسِي القُلُوبَ، وَمِن ثَمَّ يَذهَبُ الحُبُّ وَتَقِلُّ المَوَدَّةُ وَتُنزَعُ الرَّحمَةُ، وَيَتَمَسَّكُ كُلٌّ بِرَأيِهِ، وَيَزدَادُ العِنَادُ وَالتَّضَادُّ، ثم يَكُونُ الطَّلاقُ وَالفِرَاقُ، تَدَخُّلُ الأَهلِ في الشُّؤُونِ الخَاصَّةِ، وَفي كُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرةٍ، مَجَالٌ لِتَعَدُّدِ الآرَاءِ وَاختِلافِ الوُجهَاتِ، وَتَشَعُّبِ الأُمُورِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ الأَفضَلَ وَالأَكمَلَ أَن يَحِلَّ الزَّوجَانِ مُشكِلاتِهِمَا بِأَنفُسِهِمَا قَدْرَ الإِمكَانِ، وَأَن يَتَصَارَحَا ثم يَتَسَامَحَا وَيَتَصَالَحَا، مَعَ شَيءٍ مِنَ التَّنَازُلِ وَالتَّوَاضُعِ، وَعَدَمِ نِسيَانِ مَا بَينَهُمَا مِنَ الفَضْلِ وَالخَيرِ عِندَ أَدنى خِلافٍ، مَا أَجدَرَ الزَّوجَ أَن يَكُونَ كَرِيمًا حَلِيمًا صَبُورًا! وَأَلَّا يَكُونَ غَضُوبًا سَلِيطَ اللِّسَانِ مَنَّانًا، كَثِيرَ التَّأنِيبِ وَاللَّومِ عَلَى أَخطَاءٍ قَد مَضَت وَانتَهَت! وَحَذَارِ حَذَارِ مِنَ التَّخبِيبِ لِلزَّوجَينِ، وَهُوَ أَن يُذكَرَ لأَحَدِهِمَا مِن عُيُوبِ الآخَرِ مَا يُكَرِّهُهُ فِيهِ، وَيُقَلِّلُ مِن شَأنِهِ لَدَيهِ، وَإِنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ هَذَا مِن بَعضِ الأَقَارِبِ عَن حُسنِ نِيَّةٍ وَغَفلَةٍ؛ لَكِنَّهُ خَطَأٌ وَلا شَكَّ؛ بَل هُوَ جَرِيمَةٌ عَظِيمَةٌ وَكَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((لَيْسَ مِنَّا مَن خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا أَو عَبدًا عَلَى سَيِّدِهِ))؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَإِنَّ مِنَ التَّخبِيبِ غَيرِ المُبَاشِرِ مَا يَنشُرُهُ المَشَاهِيرُ في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، فَيَرَاهُ المُغَفَّلُونَ وَيُصَدِّقُونَهُ، وَهُوَ في حَقِيقَتِهِ تَمثِيلٌ وَخِدَاعٌ، وَبِسَبَبَهِ تَتَغَيَّرُ الزَّوجَاتُ عَلَى أَزوَاجِهِنَّ أَوِ العَكسُ؛ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنهُمَا يُرِيدُ أَن يَكُونَ قَرِينُهُ كِمِثلِ ذَاكَ الَّذِي رَآهُ في صُورَةٍ أَو مَقْطَعٍ تَمثِيلِيٍّ، وَالحَقُّ أَنَّهُ لا يَظهَرُ في هَذِهِ الخِدَعِ إِلَّا الوَجْهُ الحَسَنُ لِحَيَاةِ النَّعِيمِ وَالتَّرَفِ، وَالوَاقِعُ أَنَّ الحَيَاةَ الحَقِيقِيَّةَ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فِيهَا الحَسَنُ وَفِيهَا السَّيِّئُ، وَفِيهَا الجَمِيلُ وَفِيهَا القَبِيحُ، فَمَا أَحرَى كُلَّ فَردٍ وَكُلَّ أُسرَةٍ أَن يَعِيشُوا حَيَاتَهُمُ الَّتي قَسَمَ اللهُ لَهُم، وَأَن يَبتَعِدُوا عَن حَيَاةِ المَشَاهِيرِ في وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، أَو حَيَاةِ غَيرِهِم مَمَّن وَسَّعَ اللهُ عَلَيهِم، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الضَّحَايَا هُمُ المُقَلِّدُونَ، وَالرِّضَا بِمَا قَدَّرَ اللهُ هُوَ مِفتَاحُ الفَلاحِ، وَالقَنَاعَةُ كَنْزٌ لا يَفنى، وَالنَّظَرُ مِن كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوجَينِ في حَسَنَاتِ الآخِرِ وَشُكرُهَا، يَزِيدُهَا وَيُنَمِّيهَا، وَيُبعِدُ الشَّيطَانَ، وَيَحُلُّ كَثِيرًا مِنَ العُقَدِ، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((لا يَفرَكْ- أَيْ: لا يُبغِضْ- مُؤمِنٌ مُؤمِنَةً، إِن كَرِهَ مِنهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنهَا آخَرَ))؛ رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ، وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((أَكمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحسَنُهُم خُلُقًا، وَخِيَارُهُم خِيَارُهُم لِنِسَائِهِم))؛ أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْيَعرِفْ كُلٌّ مِنَّا مَا لَهُ وَمَا عَلَيهِ مِنَ الحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ، وَلْنُحسِنْ مَعَ ذَلِكَ التَّعَامُلَ بِحَسَبِ مَا يُوجِبُهُ الدِّينُ وَالفِطرَةُ وَالعَقْلُ، لا بِحَسَبِ مَا تُملِيهِ النَّفسُ وَالهَوَى وَالشَّيطَانُ، وَلْنَحذَرِ التَّطَلُّعَ إِلى الكَمَالِ؛ فَإِنَّ النَّقْصَ مِن طَبِيعَةِ البَشَرِ، وَلْنَحرِصْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَعَدَمِ مَعصِيَتِهِ، فَإِنَّ المَعَاصِيَ تُزِيلُ الخَيرَ وَالنِّعَمَ، وَهِيَ سَبَبُ حُصُولِ الشَّرِّ وَقِلَّةِ البَرَكَاتِ وَحُلُولِ النِّقَمِ، قَالَ أَحَدُ السَّلَفِ: إِنِّي لأَعصِي اللهَ تَعَالى فَأَعرِفُ هَذَا في خُلُقِ زَوجَتي وَدَابَّتي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوليمة والقسم والخلع
  • كتابا الصداق والخلع ( من بداية المتفقه )
  • الخلع وما يتعلق به في الفقه الإسلامي
  • هل الخلع طلاق أم فسخ؟
  • مسألة في الخلع
  • تفسير: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ... )
  • حديث: طلقها البتة وهو غائب

مختارات من الشبكة

  • وطء المعتدة البائن في عدتها(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تزوج غيري.. ثم طلقها وعاد إلي(استشارة - الاستشارات)
  • حديث: طلق أبو ركانة أم ركانة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: راجع امرأتك(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حكم الاستمتاع بالزوجة بعد وقوع لفظ الطلاق(استشارة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • تفسير: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة: الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: لقد عذت بمعاذ، فطلقها، وأمر أسامة فمتعها بثلاثة أثواب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: طلق رجل امرأته ثلاثا فتزوجها رجل(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • بناء مسجده وطلق وكنيستهم(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • فصول السنة في المجموعة الشعرية "اتجاه الضوء" للشاعر خالد بن سعد طلق الروقي (رحمه الله)(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب