• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا الأسرة
علامة باركود

الترغيب في النكاح والحث عليه (خطبة)

جمعية التنمية الأسرية بالمنطقة الشرقية (وئام)

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/9/2016 ميلادي - 3/12/1437 هجري

الزيارات: 92916

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الترغيب في النكاح والحث عليه


• النكاح سنة من سنن الأنبياء.

• النكاح من سنن الله تعالى الكونية في جميع الموجودات.

• الترغيب النبوي في النكاح.

• آثار ومنافع النكاح.


إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره[1]، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد[2]:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة[3].

 

عباد الله:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله عزَّ وجل، فهي وصيَّة الله للأوَّلين والآخِرين، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

 

أيها المسلمون:

إن النكاح آية من آيات الله، وسنَّة من سنن الأنبياء والمرسلين، فقد كان لهم أزواج وذريَّة، كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد: 38].

 

فهذه الآية تدلُّ على الترغيب في النكاح، والحضِّ عليه، وتنهى عن التبتُّل، وهو ترك النكاح، فهو من سنَّة المرسلين، كما نصَّت عليه هذه الآية، والسنة واردة بمعناها، حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((تزوَّجوا... فإني مكاثر بكم الأمم))[4].

 

وكما امتنَّ الله على عباده بالأزواج، امتنَّ عليهم كذلك بالذريَّة، فقال: ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد: 38]، فالذريَّة نِعمة، وطلب الولد مشروع، وقد ترجم البخاري على هذا بـ (باب طلب الولد)، وترجم أيضًا: (باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة)، وساق حديث أنس بن مالك قال: قالت أمُّ سليم: يا رسول الله، خادمك أنس، ادع اللهَ له، فقال: ((اللهمَّ أكثر ماله وولدَه، وبارك له فيما أعطيته))[5].

 

والأخبار في هذا المعنى كثيرة تحث على طلَب الولد، وتندب إليه؛ لما يرجوه الإنسان من نفعه في حياته، وبعد موته؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة))، وذكر منها: ((وولد صالح يدعو له))[6].

 

فالله تعالى جعل الأنبياء بشرًا، يأكلون الطعامَ، ويمشون في الأسواق، ويأتون الزوجات، ويقضون ما أحلَّ الله من شهوات الدنيا، ويولد لهم، وجعل لهم النساء والبنين، وما جعلهم الله ملائكةً، لا يأكلون، ولا يشربون، ولا ينكحون.

 

وكان ذلك كمالًا في حقِّهم، ولم يكن ذلك قادحًا في صحَّة رسالتهم، ولا تلك العلاقات كانت شاغلة لهم؛ لأنَّ من اشتغل بالله، فكثرة العيال، وتراكم الأشغال لا تؤثر في حاله، ولا يضره ذلك[7].

 

في هذه الآية ردٌّ على مَن عاب على الرسول صلى الله عليه وسلم كثرة النساء، وقالوا: لو كان مرسلًا حقًّا، لكان مشتغلًا بالزُّهد، وترك الدنيا والنساء، ولشغلَته النبوَّة عن تزوج النساء، والتماس الولد، فردَّ الله مقالتهم، وبيَّن أن محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس ببدع في ذلك، بل هو كمن تقدَّم من الرسل[8]؛ فقد كان لسليمان بن داود عليه السلام مائة امرأة كما جاء في البخاري[9].

 

فالميل إلى النِّساء مركوز في طبع الذكور، وفي الأُنس بهنَّ انتعاش للروح، فتناولُه مَحمود إذا وقع على الوجه المبرأ من الإيقاع في فساد، وما هو إلا مثل تناول الطعام وشرب الماء[10].

 

وقد كان لأكثر الرسل أزواج، ولأكثرهم ذريَّة؛ مثل نوح وإبراهيم، ولوط وموسى، وداود وسليمان، وغير هؤلاء عليهم السلام[11]، ولم يستثن من ذلك إلا القليل؛ فمِن الأنبياء الذين لم يتزوَّجوا النساء المسيح عليه السلام، قال عياض رحمه الله: (عيسى ابن مريم عليه السلام تبتَّل من النساء)[12].

 

وقد بيَّن القرآن أيضًا أنَّ يحيى بن زكريا عليهما السلام لا يتزوج النساء، فقال عز وجل: ﴿ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 39]، (والحَصور: هو الذي لا يأتي النساء مع القدرة عليهن، ولا يقال: هو الذي لا يأتي النساء مع العجز عنهن؛ لأنَّ مدح الإنسان بما يكون عيبًا غير جائز)[13].

 

وقال القاضي عياض: (إن عدم القدرة على النِّكاح نقص، وإنما الفضل في كونها موجودة، ثم قمعها؛ إمَّا بمجاهدة كعيسى عليه السلام، أو بكفاية من الله عز وجل كيحيى عليه السلام، ثمَّ هي في حقِّ من أُقدِر عليها، وقام بالواجب فيها، ولم تشغله عن ربه درجة عليا، وهي درجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم)[14].

 

وقد أحسن العلَّامة الشنقيطي رحمه الله حين قال: (التحقيق في معنى قوله: ﴿ وَحَصُورًا ﴾ أنه الذي حصر نفسه عن النساء مع القدرة على إتيانهنَّ تبتلًا منه، وانقطاعًا لعبادة الله، وكان ذلك جائزًا في شرعه، وأما سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي التزوج، وعدم التبتل)[15].

 

فليس وصف يحيى عليه السلام بقوله: ﴿ وَحَصُورًا ﴾ [آل عمران: 39] مقصودًا منه أنه فَضيلة، ولكنه أَعلم أباه زكريا عليه السلام بأنه لا يكون له نَسل؛ ليعلم أنَّ الله أجاب دعوته، فوهب له يحيى عليه السلام كرامةً له، ثمَّ قدَّر أنه لا يكون له نسل إنفاذًا لتقديره فجعل امرأته عاقرًا[16].

 

ومما يدلُّ على فَضل النِّكاح أن الله تعالى مدَح أولياءه بسؤال ذلك في الدعاء، فقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن ﴾ [الفرقان: 74].

 

وفي سورة القصص يحكي الله عزَّ وجل لنا أن نبيه موسى عليه السلام بقي ثمان سنين أو عشر سنين يَعمل لأجل أن يحصل مهر النِّكاح، فقال تعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [القصص: 27].

 

ومما يدلُّ على الترغيب في النِّكاح أيضًا أن الله تعالى امتنَّ على عباده به، وجعله آية من آياته، حيث قال: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1].

 

وقال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ﴾ [الفرقان: 54].

 

وقال جلَّ شأنه في مقام الامتنان على عباده بالنكاح: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً ﴾ [النحل: 72]، إلى غير ذلك من الآيات التي تلفت النظر إلى هذه النعمة.

 

ويعتبر النِّكاح من سنن الله تعالى الكونيَّة في جميع الموجودات، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]، وقال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 36]، فهو ليس خاصًّا ببني آدم، ولكنه عام في الخلق.

 

أيها المسلمون:

إن النِّكاح من نِعم الله على عباده؛ إذ يحصل به مصالح دينية ودنيوية، فردية واجتماعية؛ فهو من الأمور المطلوبة شرعًا، وقد أمر الله به في كتابه، فقال: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3].

 

وقال سبحانه: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32].

والأمر في قوله: ﴿ وَأَنْكِحُوا ﴾ ، وقوله: ﴿ فَانْكِحُوا ﴾ في الآيتين، أقل أحواله أنه أمر ندب واستحباب، فيستحب لمن تاقَت نفسه إلى النكاح، ووجد أهبة النكاح - أن يتزوَّج، وإن لم يجد أهبة النكاح، يكسر شهوته بالصوم.

 

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: هذا أمر بالتزويج، وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كلِّ من قدر عليه، واحتجوا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: ((يا مَعشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء))[17]؛ أخرجاه من حديث ابن مسعود[18].

 

ولعلَّ القول الصواب: أن الأمر بالإنكاح يختلف بحسب الأحوال والأشخاص، فتنطبق عليه الأحكام الخمسة.

 

ثمَّ وعد الله تعالى بإغناء الفقراء المتزوجين؛ طلبًا لرضا الله عنهم، واعتصامًا من معاصيه، قال ابن مسعود: "التمسوا الغِنى في النِّكاح"، وقال عمر رضي الله عنه: "عجبي ممَّن لا يطلب الغنى بالنكاح، وقد قال تعالى: ﴿ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 32]"[19].

 

وقد جاء في السنَّة ما يرغب في الزواج؛ فقد روى الشيخان وأصحاب السنن وأحمد عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنَّا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم شبابًا لا نجد شيئًا، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا مَعشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنَّه له وجاء))[20].

 

وسيِّد الخلق تزوَّج وزوَّج بناته رضي الله عنهن، ولما بلغه خبر الثلاثة الذين جاؤوا يسألون عن عبادته، فقال أحدهم: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا - غضِب، وأنكر ذلك وقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إنِّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلِّي وأرقد، وأتزوَّج النساء، فمَن رغب عن سنَّتي فليس مني))[21].

 

وعن سعد بن أبي قاص قال: ردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتُّل، ولو أذِن له لاختصينا[22]، ومعنى (ردَّ) أي: لم يأذن ومنع ونهى، و(التبتُّل) هو الانقطاع عن النِّساء، وترك الأزواج، وقوله: (لاختصينا) من الخصاء، وهو قَطع الخصيتين اللتين بهما قوام النَّسل، أو تعطيلهما عن عملهما.

 

وفي الحديث: ((أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتعطُّر، والسواك، والنكاح))[23]؛ من سننهم أي: فعلًا وقولًا، يعني: التي فعلوها، وحثوا عليها، وفيه تغليب؛ لأن بعضهم كعيسى ما ظهر منه الفعل في بعض الخصال، وهو النكاح؛ قاله القاري في المرقاة[24]، وقال المناوي في شرح الجامع الصغير: المراد أنَّ الأربع من سنن غالب الرسل؛ فنوح لم يختتن، وعيسى لم يتزوَّج[25]؛ انتهى.

 

وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يتزوَّجون على القبضة من الطعام وعلى تعليم القرآن، أخرج البخاري بسنده عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنِّي وهبتُ من نفسي، فقامت طويلًا، فقال رجل: زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، قال: ((هل عندك من شيء تصدقها؟))، قال: ما عندي إلا إزاري، فقال: ((إن أعطيتَها إياه جلستَ لا إزار لك، فالتمس شيئًا))، فقال: ما أجد شيئًا، فقال: ((التمس ولو خاتمًا من حديد))، فلم يجد، فقال: ((أمعك من القرآن شيء؟))، قال: نعم سورة كذا وسورة كذا، لسورٍ سمَّاها، فقال: ((قد زوجناكها بما معك من القرآن))[26].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: عباد الله:

إن الله سبحانه ما حرَّم على الناس نوعًا من المتاع في الدنيا إلا جعل له نظيرًا من الحلال الطيب؛ ليكون ذلك مُعينًا لهم، ومقويًا لعزائمهم على تَرك ما حرَّمه عليهم؛ فقد حرَّم الرِّبا وأحلَّ البيع، وحرم الميتة وأحل المذكى، وحرم الخنزير وأحل النَّعم، كما أنه حرم الزنا وأحل النكاح.

 

فبعدما زجَر الله عن الزنا ودواعيه القريبة والبعيدة؛ من النظر، وإبداء الزينة، ودخول البيوت بغير استئذان، رغَّب في النِّكاح، وأمر بالإعانة عليه؛ فالنِّكاح من خير ما يحقق العفَّةَ، ويعصم المرءَ عن الزنا، ويبعد به عن آثامه.

 

أيها المسلمون:

إن الغريزة الجنسية مطبوعة في دم الإنسان، والله تعالى هو الذي خلَقها بأمره وعلمه، وحكمته وابتلائه لخلقه، وجعلها وسيلةً لبقاء الجنس البشري، وهو سبحانه أعلم بما يصلحها ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].

 

والإسلام لم يتجاهل هذه الغريزة، ولم يقتلها بالرهبانيَّة، ولا أطغاها بالإباحية، بل جعل لها شاطئًا آمنًا، تسبح إلى بحره، وتتطهَّر في مائه، وتحيا ببقائه، إنه الزواج، أنبل صفة عرفَتها الإنسانيَّة لتكوين الأسرة، وتربية الأولاد ونشر الألفة والرحمة، وسكينة النفس في جوٍّ زكي طهور، مع ضبط المشاعر وترشيدها نحو مكانها الصَّحيح المنتج بدلًا من ضياعها وتيهها في العبث والفساد، والمسلم مَأمور ببلوغ هذا المدى حتى يتحصَّن بالحلال: ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه ﴾ [النور: 33][27].

 

وما كان النكاح من سنن المرسلين إلَّا لمنفعته وآثاره المباركة، سواء في الدنيا، أو في الآخرة، فله منافع دينية، ومنافع دنيوية، ومنها:

• إحصان الفرج، وتكثير النسل، وبناء الأسرة التي هي اللَّبنة الأولى في المجتمع.

• تحصيل لأفضل وخير متاع الدنيا؛ وهي المرأة الصالحة.

• وهو سبب لعون الله عز وجل وتوفيقه.

• والزواج سبب لزيادة عدد الأمة، وتكثير سواد المسلمين.

• وله أثَر صحِّي وبدني، وأثر نفسي.

• ومن أهم مقاصد النِّكاح وفوائده: تحصين النفس وحمايتها من الوقوع في الفاحشة.

• وفي الزواج يتيسَّر للرجل والمرأة أنواع من العبادة والقرب، لا تتيسر لغيره؛ من حسن العشرة، والصحبة بالمعروف، وقضاء حق العيال، والرحمة بهم، والانشغال بمصالحهم؛ كل ذلك قربة إلى الله عزَّ وجل، يحصل عليه الزوجان، ولا يحصل عليه الأيم، بل ومع أنه عِبادة وقربة فإنه تحصل فيه راحة النَّفس ولذَّتها، وقضاء رغبتها، بل إن اللقاء بينهما وتحصيل الشهوة أمر يثابان ويؤجران عليه.

• وفيه اتِّباع السنَّة، وطلب الولد الصالح، والمعونة على الطاعة، والمحافظة عن المعصية، ويحصل به ترابط الأسرة والعائلات والقبائل، وتوطيد أواصر المحبة.

• ويحصل به إشباع دافع الأمومة والأبوَّة لكلا الزوجين، والشعور بالنوع؛ فالزواج يحقِّق إشباعًا اجتماعيًّا يورث توازنًا في الشخصية، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش في عزلة عن الآخرين.

• وبه يحفظ المجتمع من الشرور، وتحلل الأخلاق، وانتشار الرذائل.

• وبه يتم المحافظة على بقاء النوع الإنساني على وجه سليم.

• وتدريب الذَّات على تحمل المسؤولية، والقيام بشؤون الطرف الآخر، وشؤون الأولاد والرَّحِم.

 

عباد الله:

ثم اعلموا رحمكم الله أن الله تعالى أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلم وزِد وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأزواجه وذريته وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين.



[1] يقول الألباني: سمعتُ غيرَ ما واحد من الخطباء يزيد هنا قوله: "ونستهديه"، ونحن في الوقت الذي نشكرهم على إحيائهم لهذه الخطبة في خطبهم ودروسهم، نرى لزامًا علينا أن نذكِّرهم بأن هذه الزيادة لا أصل لها في شيء من طُرق هذه الخطبة (خطبة الحاجة) التي كنت جمعتُها في رسالة خاصة معروفة، و"الذكرى تنفع المؤمنين"، انظر: [سلسلة الأحاديث الصحيحة (5/ 1)].

[2] هذه خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلِّمها أصحابَه، وكان السلف يفتتحون بها خطبهم في دروسهم وكتبهم وأنكحتهم، وللألباني فيها رسالة لطيفة، جمَع فيها طرقَ حديثها، وألفاظها، وذكر فيها فوائد تتناسب مع موضوعها، وقد طبعت على نفقة جمعية التمدن الإسلامي بدمشق، ثم طبعها المكتب الإسلامي طبعة ثانية جميلة مزيدة ومنقحة؛ أخرجها أبو داود (4607)، والنسائي (1578)، والحاكم (183)، وأحمد (3720 و4115).

[3] أخرجه مسلم (867).

[4] أخرجه أبو داود (2050)، والنسائي (3227)، وابن ماجه (1859)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (2/ 929) (3091).

[5] أخرجه البخاري (6380).

[6] أخرجه مسلم (3651).

[7] انظر: لطائف الإشارات - تفسير القشيري (2/ 234) بتصرف.

[8] انظر: تفسير القرطبي (9/ 327).

[9] أخرجه البخاري (2819).

[10] انظر: التحرير والتنوير (29/ 407).

[11] التحرير والتنوير (13/ 162).

[12] الشفا (1/ 88).

[13] تفسير الرازي (11/ 312).

[14] الشفا (1/ 88).

[15] أضواء البيان (3/ 446).

[16] التحرير والتنوير (13/ 162).

[17] أخرجه البخاري (5065)، ومسلم (1400).

[18] تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 51).

[19] انظر: تفسير ابن عطية (4/ 180).

[20] أخرجه البخاري (5063)، ومسلم (1401).

[21] أخرجه البخاري (5063)، ومسلم (1401).

[22] أخرجه البخاري (5074)، ومسلم (1402).

[23] أخرجه الترمذي (1080)، وأحمد (23069)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح (1/ 122) (382).

[24] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 398).

[25] التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 138).

[26] أخرجه البخاري (5135).

[27] من خطبة بعنوان: (العفة والعفاف) للشيخ: صالح بن محمد آل طالب، موقع المنبر بتصرف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحث على النكاح والتحذير من منكرات الأفراح
  • الحث على النكاح والترغيب فيه
  • فضل النكاح وثمراته
  • آداب النكاح والزفاف (خطبة)
  • أعلنوا النكاح
  • الترغيب في تقوى الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة الترغيب في الدعاء والحث عليه(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • اختصار الترغيب والترهيب للمنذري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الترغيب في الزواج (خطبة)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • الترغيب في الحج (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عن الترغيب في الحج 1439هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • الترغيب في التوبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة الترغيب والترهيب (النسخة 6)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • باب: الترغيب في الصدقة قبل ألا يوجد من يقبلها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • مخطوطة الترغيب والترهيب (النسخة 5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة التيسير والتقريب لاختصار الترغيب والترهيب(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب