• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

معايير الحق والتحذير من البدع

الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/12/2010 ميلادي - 9/1/1432 هجري

الزيارات: 21074

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معايير الحق والتحذير من البدع

 

الحمد لله، نَحمده، ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شُرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضْلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلاَّ الله وحده، لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، ومصطفاه وخليلُه، وأمينه على وحْيِه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا.

 

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واتبعوا ما جاءكم من ربِّكم من النور والهُدى، واستمسكوا بسُنَّة نبيِّكم محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - تَنْجوا من فِتَن عظيمة في زمانكم تَتْرى، وإيَّاكم والمُحْدَثاتِ في الدِّين؛ فإنها هي البدع التي تُضِلُّ عن الهدى، وتورث العمى، وتَسْلب النعمى، وتجلب الردى، وتَهْوِي بصاحبها إلى حفر من النار تلظَّى.

 

أيها المسلمون:

كان نبيُّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا خطب احمَرَّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه مُنْذِر جيش يقول صبَّحَكم ومسَّاكم، ويقول: ((بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين))، ويَقْرِن بين إصْبَعيه السَّبابة والوسطى، ويقول: ((أمَّا بعد: فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهَدْي هدي محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وشر الأمور محدثاتها، وكلَّ بدعة ضلالة))، وفي روايةٍ للنَّسائي - رحمه الله - زيادة: ((وكلُّ ضلالة في النار)).

 

ولقد حدَّث الصحابي الجليل العِرْباض بن سارِيَة - رضي الله عنه - فقال: وعَظَنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - موعظة بليغة، وَجِلَت منها القلوب، وذَرِفَت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودِّع فأوصِنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله، والسَّمع والطاعة، وإنْ تأمَّر عليكم عبدٌ، وإنه مَن يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين؛ عَضُّوا عليها بالنَّواجذ، وإيَّاكم ومحدثاتِ الأمور؛ فإنَّ كل بدعة ضلالة)).

 

أيها المسلمون:

هذا بيان نبيِّكم محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ووصيَّته إيَّاكم، وتبليغه لكم؛ فهل بعد هذا البيان بيان؟ وهل وراء هذه الوصية وصية؟ وهل فوق هذا التبليغ تبليغ؟ لقد تضمَّن هذان الحديثان الجليلان فيما تضمَّناه من الوصايا والنصائح المُهمَّة التأكيدَ على أصول اعتقادية عظيمة، وقواعد منهجية راسخة، وموازينَ سُلوكية مستقيمة، يقوم عليها الإِيمان، ويَحفظ بها للعقيدة الأساسَ والبنيان، وتُوزَن بها المقاصد والأعمال والأقوال، وتُعرف بها أحوال الرِّجال، وتُعرَض عليها الحوادث المستجَدَّة، ويُقوَّم بموجبها سلوكُ الفرد والأُمَّة، ويَضْمن المستمْسِك بها ممَّن خَلَف السير في كلِّ الأمور على هَدْي خير السَّلَف.

 

أيها المسلمون:

فأَصْل تلك الأصول التي أمَر الرَّسول بالتمسُّك بها: كتابُ الله، خير الحديث، وأصْدَقُ القول، وأشرف الذِّكر، وأعظم الذُّخر؛ فإنَّه حَبْل الله المتين، ونورُه المبين، وصراطه المستقيم، الهادي لكلِّ أمر قويم، وهُدًى مستقيم، مَن تمَسَّك به رفعه الله، ومن ابتَغى الهُدى من غيره أضَلَّه الله، ومَن ترَكه مِن جبَّار قصَمَه الله، نعَتَه الله بأجمل نعْت، ووصفه بأكْرَم وصْف، بأنَّه ذِكْر للعالمين، ورحمة للمؤمنين، وهدًى للمتقين، وبشرى للمحسنين، ما فرَّط الله فيه من شيء؛ بل جعله تبيانًا لكلِّ شيء، يَهْدي للتي هي أقوم، ويُرْشد إلى الخُلُق الأعظم، فهو ذكرٌ وذكرى، ونور وهُدى، وموعظة وبشرى، قال فيه المتكلِّم به سبحانه: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 123 - 124].

 

وجاء في صحيح السُّنة المطهَّرة أنَّ القرآن يأتي شفيعًا لأهله يوم القيامة، وأنَّ مَن كان القرآن خَصْمه فإنه يُحرَم الشفاعة، ويخلَّد في النار وبئس القرار.

 

فاتلوا القرآن عباد الله وتدبَّروه، واعملوا به ولا تَهْجروه، وتحَاكَمُوا إليه وأرضوه، وما أشكَل عليكم منه فالتَمِسوا بيانه في السُّنة الصحيحة تجدوه؛ فإنَّكم عنه مسؤولون: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44].

 

أيها المسلمون:

وأمَّا ثاني تلك الأصول التي نصَّ عليها الرسول، فهي السُّنة الغَرَّاء المُبَيِّنة للهُدى، فإنها تفسِّر القرآن وتُبيِّنه أبلغ البيان؛ تفسِّر مجْمَله، وتوضِّح مشْكِلَه، وتفتح مُغْلَقه، وتقيِّد مطْلَقه، وتخصِّص منه العامَّ، وتستقلُّ عنه ببعض الأحكام، فقد وكل الله إلى نبيِّه تبْيين ما نزلَ إليه، كما جاء في القرآن النصُّ عليه: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44]، فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو الدَّاعي إلى الله، والمُبيِّن لدينه وهُداه، والدالُّ لجميع الناس على كلِّ ما يحبُّه ويرضاه، والمنذِر للعُصاة من هوْل يومِ لِقَاه، فأسلَم الناس من الفِتَن مَن تمسَّك بمأثور السُّنن، وأسعدُ الناس بشفاعتِه مَن أخلص لله في عبادته، وتمسَّك في سائر أحواله بهَدْيه وسُنَّته، وأولياء الله حقًّا هم السَّائرون على منهاجه صِدْقًا؛ فإنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أُسْوة المؤمنين، قال - تعالى -: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

فمن كان يرجو الله واليوم الآخِرَ فلْيَتأسَّ بنبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الباطن والظاهر، ومن ادَّعى محبَّة الله فلْيأتِ ببيِّنة على ما ادَّعاه، باتِّباع حبيبه محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومصطفاه، ومَن تولَّى عن دينه وهداه، ولاَّه الله ما تولاَّه، وما ظَلَمه: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 31 - 32].

 

ولهذا شَهِد الله بالإِيمان والفلاح لِمُتَّبعيه، وتوعَّد بالفتنة والعذاب مخالِفيه، قال - تعالى -: ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157]، وقال تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

 

ومَن خالف أمره - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد رَغِب عن سُنَّته، ومن رغب عن سُنَّته خُشِي عليه ألاَّ يكون من أهل مِلَّته، وأن يُحال بينه وبين رحمة الله وجنَّته، قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فمن رغب عن سُنَّتي فليس منِّي))، وقال: ((كلُّ أمتي يدخل الجنة إلا مَن أبى))، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)).

 

فمن تمسَّك بالكتاب والسُّنة فقد أخذ بأسباب الرَّحمة، وفاز بالعصمة، وأَمِن من الضَّلالة والفتنة، فالمتمسِّك بهما محفوظ، ولْيُبْشِر من الله تعالى في الدُّنيا والآخرة بخيرِ وأعظَمِ الحظوظ.

 

أيها المسلمون:

وأمَّا سُنَّة الخلفاء الراشدين والصحابة المهديِّين، فإنَّها طريق الاستقامة، ومِنهاج الكرامة، وهي على توفيق متَّبِعهم فيها علامة، فإنَّهم - رضي الله عنهم - هم خيار أصحاب النبيِّين، وأشرف الحواريِّين، كيف لا وهم قومٌ اختارهم الله لِصُحبة نبيِّه؟ وائتمَنَهم بَعْدَه على دينه ووحْيِه؟ فهُم خلفاء الرسول في أمته، السائرون على هداه وطريقته، والقائمون بعده بتبليغ رسالته، أبَرُّ هذه الأمة قلوبًا، وأصدَقُها ألْسُنًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلُّفًا، قوم اختارهم لصحبة نبيِّه، فهم أئمة الأئمة، وهُداة جميع الأمَّة، أثنى الله عليهم بالمسارعة إلى الخيرات، وشهد لهم بالسَّبْق إلى أعلى الدَّرجات، وأخبر أنهم خير أمَّة أُخرِجت للناس، وجعلهم في الدُّنيا ويوم القيامة الشُّهداء على الناس، من سلَك سبيلهم فهو على الهُدى، ومَن ترك طريقهم فقد اتَّبع الهوى فهَوى، وسيولِّيه الله يوم القيامة ما تولَّى، قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 115].

 

فعليكم - عبادَ الله - بما كان عليه الصحابة؛ فإنهم أهل الجَنَّة والفلاح والإِصابة، أخبر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن الأمةَّ ستَفْتَرق على ثلاث وسبعين فرقة، كلُّها في النار إلا واحدة، فسُئِل عنها، فقال: ((هم مَن كان على مِثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي))، فأَتْباعهم هم الفرقة المبرورة المشكورة، والطائفة الظاهرة بالحقِّ والمنصورة، التي لا يَضُرُّها مَن خذَلها ولا مَن خالفها، حتى يأتي الله بأمره، جعلنا الله وإيَّاكم بهم مقْتِدين، ولهم في كلِّ شيء متَّبِعين، وبِهَديهم ظاهرين، وجمَعَنا بهم في دار كرامته يوم الدِّين.

 

أيُّها المسلمون:

فالكتاب والسُّنة وما كان عليه الصحابة وأتباعهم من سلَف الأمَّة، هي براهين الحقِّ، وموازين الاستقامة، ومعالم التَّوفيق، وهي القِسْطاس المستقيم التي يَنبغي أنْ يوزَن بها كلُّ جديد، وأن تحْكُم في القريب والبعيد، وأن يخضع لها الدَّقيق والجليل، والكثير والقليل، فهي - واللهِ - قاصمةٌ لظهور المنافقين، وقاضية على بِدَع المبتدعين، وكاشفة لشبهات المشبِّهين، ومبيِّنة لزيغ الضالِّين المبْطِلين في الحقِّ والصِّدق: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18]،﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 3].

 

أيُّها المسلمون:

وأمَّا الأمور التي حذَّر منها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في خطبته، وزجَر عنها في بليغ موعظته، فهي مُحْدَثات الأمور التي يخترعها ويرتكبها مُتَّبعو الأهواء في سائر العصور، وكم فيها من أنواع الفِتَن في الأرض والفساد الكبير! فإنَّ المبتدع يتقرَّب إلى الله بعمل يخترعه من عند نفسه أو يتَّبِع فيه غيره، ويعدُّه من دين الله، ويدعو إليه مَن استطاع من عباد الله، مع أنه ليس له أصل في القرآن، ولم يَقُم عليه من سُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - برهان، ولم يكن من هَدْي الصحابة الكرام، ولا التابعين وأتباعهم من أئمَّة الإِسلام.

 

فالبدع كلُّها شرٌّ وضلال، وشقاء عظيم في الحال والمآل، فإنها تبديلٌ للدِّين، وتضليل للمسلمين، واتِّباع لِسنَن الجاهلين والمغضوب عليهم والضالِّين، وهي استدراك على الله في شَرْعه، أو اتِّهام للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في تبليغه وبيانه، أو وَصْف للصَّحابة - رضي الله عنهم - وحاشاهم، بالسَّذاجة وعدم الفقه، أو سوء القَصْد، أو قِلَّة الرغبة في الخير، وهي تفريق للدِّين وتشتيت للمسلمين، وفتحٌ لباب يدخل منه الكافرون والمشركون في حربهم للدِّين وأهله المؤمنين، قال - تعالى -: ﴿ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم: 31 - 32].

 

وأي ضلال أعظم من الاستدراك على الله في شرعه، أو القول عليه بلا علم؟! وأيُّ نفاق أخطر من اتِّهام النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في تبليغه ما أُنزل إليه من ربه؟! وأيُّ غرور أشدُّ من ازدراء الصحابة بنسبتهم إلى التقصير فيما يكمل الإِيمان؟ أو نقص شكرهم لنِعَم الله مولى الفضل والإِحسان؟ فقبَّح الله المبتدعة، ما أنقص عقولهم وسفه أحلامهم! وتبًّا لهم ما أقبح بضاعتهم وأخسر صفقتَهم! ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 16]، كيف يتقرَّبون إلى الله بما اخترَعُوا من البدع، ويعدُّونها من أفضل وأحسن ممَّا شرع؟! ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103 - 104].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا جميعًا بما فيه من الهدى والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أمَرَنا بالاتِّباع، ونهانا عن الابْتِداع، وأشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له في الخَلْق والإِبداع، فحقُّه أن يُعبَد وحده ويُطاع، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي فرَض اللهُ على المؤمنين به الطاعة له والاتِّباع.

 

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتَّقوا الله تعالى، واحذروا البِدَع في الدِّين، وتجنَّبوا سُبُل المبتدعين؛ فإنَّ الله تعالى قد أكمل لكم الدِّين، وأتَمَّ به النِّعَم على جميع المسلمين، وإن البدع تُسوِّد الوجوه، وتطمس القلوب، وتعمي البصائر، وتصدُّ عن الهُدى، وتجلب على أهلها التعاسة والشَّقاء، فالمبتدعة مشغولون ببدعهم عن حقيقة طاعة الله، معرِضون عن سُنَّة نبيِّهم محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهُداه قد زيَّن لهم الشيطان سوء أعمالهم فصَدَّهم عن سبيل الجنَّة، وسبب السعادة والنجاة، وعَدَهم الشيطان ومنَّاهم غرورًا، حتى أدخَلُوا في دينهم آصارًا، وحملوا من سوء أعمالهم وقبيح فعالهم أوزارًا.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

فاذكروا الله العظيم الجليل يَذْكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولَذِكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التحذير من البدع والمحدثات
  • ضابط البدعة وما تدخله
  • البدعة وأثرها في الإسلام
  • بيان الإيمان والتحذير من البدع
  • الموقف من البدع
  • خطر البدع والتحذير منها ومن أهلها
  • ضرورة الثبات على الحق، والحذر مما عليه أكثر الخلق
  • الغبطة بالدين والحذر من كيد المفسدين
  • الحذر من أصناف الأعداء
  • التحذير من البدع ودعاتها
  • في أسباب الابتداع
  • التحذير من البدع
  • التحذير من البدع وبيان شؤمها
  • التحذير من البدع ( خطبة )

مختارات من الشبكة

  • معايير الحق والتحذير ممن دعا إلى ضدها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • في معايير التعسف في استعمال الحق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألمانيا: وزارة الداخلية تنتقد توحيد معايير حق اللجوء لبلدان الاتحاد الأوروبي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • البدعة: أقسامها والتحذير من مجالسة أهل البدع أو مخالطتهم (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقوال السلف في البدع وأهلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التقليد في البدع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هولندا: مناقشة معايير التذكية مراعاة لمتطلبات نشطاء حقوق الحيوان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • باب وجوب التمسك بالسنة النبوية والتحذير من البدع والمحدثات في الدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أهم ما ترشد إليه الآية: {ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- من هنا تبتغى العزة
أمير مكي - مصر 18-12-2010 12:38 AM

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد فإنه إن يكن أن أعلق على هذا الكلام البليغ للشيخ عبد الله، فهذا تطاول مني وجرأة، ولكني تذكرت فقط كلمة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي: "كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فلو ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله".
فقط تذكرتها وأردت أن أوجهها لكل من تسول له نفسه أنه بهذه البدع وبالسعي وراءها يكون من الفائزين في الدنيا أو في الآخرة. بل إن الزيغ والضلال يوصلان إلى طريق واحد وهو البوار، أعاذنا الله وإياكم منه وعصمنا من الزيغ إنه ولي ذلك والقادر عليه آمين.
وبارك الله في الشيخ وأكثر من أمثاله.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب