• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

خطبة: كلمة التوحيد

عنوان الخطبة: كلمة التوحيد
الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/2/2025 ميلادي - 9/8/1446 هجري

الزيارات: 3675

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة: كلمة التوحيد

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأوَّلين والآخرين، وقيُّوم السماوات والأرَضين، أرسل رسله حجةً على العالمين ليحيى من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، البشير النذير، والسراج المنير، ترك أمته على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما غفل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستنَّ بسُنَّته إلى يوم الدين، أما بعد:

عباد الله، اتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وأُخْراكم بتقوى الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3] ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

عباد الله، كلمة عظيمة الشأن لأجل تحقيقها خلق الإنس والجان، وسائر خلق الرحمن، فأُرسِل بها المرسلون، ونزل شرع الله على العالمين، ولأجلها نُصِبت الموازين، ودُوِّنت الدواوين، وعنها يُسأل الأوَّلون والآخرون، قام عليها سوق الآخرة، وانقسم الخلق في تحقيقها إلى مؤمنين وكفار، وأبرار وفجار، ومن ثم فريق في الجنة، وفريق في النار، هي منشأ الخلق والأمر، والثواب والعقاب، هي العروة الوثقى، وكلمة التقوى، هي كلمة الشهادة، ومِفْتاح دار السعادة، هي كلمة التوحيد، "لا إله إلا الله"، شهد الله بها وهو خير الشاهدين، والملائكة المكرمون، وأولو العلم العاملون، قال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، من عظمة "لا إله إلا الله" أنها تنفع قائلها صادقًا أو كاذبًا، فمن قال "لا إله إلا الله" كاذبًا عصم الدم والمال، وإن قالها مؤمن سعد في الدنيا ودار المآل، هي فارقة بين الإيمان والكفر، وأول واجب على العبد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن ((إنك تقدم قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه "لا إله إلا الله")).

 

عباد الله، إن النصوص الواردة في كلمة التوحيد تدل على عظم شأنها، وجلالة قدرها، وكثرة خيراتها وبركاتها على أهلها، ففي الكتاب العزيز يقول تبارك وتعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ [محمد: 19].

 

وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [المائدة: 73]، ويقول الله تبارك وتعالى مثبتًا ربوبيته وألوهيته: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [المؤمنون: 91، 92].

 

عباد الله، ورد في فضلها أحاديث كثيرة؛ فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله حَرَّم اللهُ عليه النارَ))، وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من عبدٍ قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك، إلا دخل الجنة))، وهي خير ما يذكر الله به ويدعى؛ فعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قال موسى: يا رب، علِّمْني شيئًا أذكرك وأدعوك به، قال: يا موسى، قل: لا إله إلا الله، قال موسى: يا رب، كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى، لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله))، وهي خير الدعاء؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خيرُ الدعاءِ دعاءُ عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير))، وفي حديث صاحب البطاقة التي فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، لما وقف به بين الخلائق وكان عليه تسعة وتسعون سجلًّا مدادًا، كل سجل له مد البصر- يعني من السيئات- فتوضع السجلات في كفة، وفي الكفة أخرى البطاقة، فتطيش السجلات، وتثقل البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء.

 

التوحيد أعدل العدل، والشرك أظلم الظلم، أليس الله تبارك وتعالى هو الذي خلقنا فسوَّانا، وأوجدنا وأحْيانا، وبإحسانه ربَّانا، ومتى ما دعوناه أجابنا ولبَّانا، ومن كل كرب وضيق نجَّانا، وكل دليلٍ على خلقه وعبوديته وضح لنا وأبانا، وبيده نفعنا وكل أمرنا، وغير الله لا يملك من أمره شيئًا فضلًا عن غيره، وغيره لا يملك من أمره شيئًا فضلًا عن غيره، ومع ذلك يدعى مع الله غيره، ويعبد مع الله سواه، فسبحانك ربي ما أحلمَك! فسبحانك ربي ما أعظمَك! قال تعالى: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾ [الفرقان: 3]، ولقد أثبت الله ربوبيته وخلقه وألوهيته في كتابه العزيز في مواضع عديدة كي لا يكون للناس حجة يوم القيامة، قال ربي تبارك وتعالى: ﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ * أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ * أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ * أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ * أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الطور: 35 - 43].

 

عباد الله، إنه ومع عظيم أثر هذه الكلمة إلا أن لها شروطًا يجب توفرها، قيل للحسن البصري رحمه الله: إن أناسًا يقولون: من قال: "لا إله إلا الله" دخل الجنة، فقال: من قال: "لا إله إلا الله" فأدَّى حقَّها وفرضها، دخل الجنة.

 

وقال وهب بن منبه لمن سأله: أليس كلمة "لا إله إلا الله" مِفْتاح الجنة قال: بلى ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، وإن جئت بمفتاح له أسنان، فتح لك، وإلا لم يفتح.

 

ولقد اعتنى العلماء بشروط "لا إله إلا الله"، وقالوا: إنها سبعة:

أولًا: العلم في معناها نفيًا وإثباتًا، فتنفي كل معبودٍ بحق إلا الله بحيث يعلم القلب ما ينطق به اللسان، فلا يصح عمل لم يسبقه علم، قال تبارك وتعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من مات وهو يعلم أنه "لا إله إلا الله"، دخل الجنة)).

 

ثانيًا: اليقين المنافي للشك؛ وهو أن ينطق بالشهادتين عن يقينٍ يطمئن إليه القلب دون شك ولا ريب، قال الله تبارك وتعالى في أوصاف المؤمنين: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ [البقرة: 4]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه، بشّره بالجنة))؛ رواه مسلم.

 

 

ثالثًا: الصدق المنافي للكذب المانع من النفاق؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((أبشروا وبشروا مَن وراءكم أنه من شهد أنه "لا إله إلا الله" صادقًا من قلبه دخل الجنة)).

 

رابعًا: الإخلاص المنافي للشرك خلافًا لمن قالها ابتغاء متاعٍ من مُتع الدنيا، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أسعد الناس بشفاعتي من قال: "لا إله إلا الله" خالصًا من قلبه)).

 

خامسًا: المحبة لهذه الكلمة، ولما دلت عليه المنافي للكره والبغض، وهو أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، قال ابن القيم رحمه الله: ((الله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته الجامعة لكمال محبته مع الخضوع والانقياد لأمره تبارك وتعالى)).

 

سادسًا: القبول المنافي للرد، فيصدق الأخبار، ويؤمن بكل ما جاء في نصوص الوحيين، ويقبل كل ذلك، قال تبارك وتعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285].

 

سابعًا: الانقياد لحقوقها، وهي الأعمال الواجبة إخلاصًا لله، وطلبًا لمرضاته، قال تبارك وتعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [لقمان: 22]، قال ابن كثير في تفسيره مخبرًا عمن أسلم وجهه لله؛ أي: أخلص العمل له واتَّقاه.

 

عباد الله، ولعظمة هذه الكلمة وتحقيقها في الأرض لاقى المرسلون وأتباعهم من أقوامهم صنوف الأذى، وصبروا على إعلاء كلمة الله، فنوحٌ يتعرض للسخرية والتكذيب، ولوطٌ للتهديد، ويقتل في سبيلها يحيى ورسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - يتحمَّل من الأذى في سبيل إبلاغ هذه الكلمة وتحقيقها، ويصيبه الهم والغم لإعراض قومه، فَيُسَب ويُشتَم، ويرمى بما ليس فيه، ويوضع سلا الجزور على ظهره، ويُغرَّب عن بلده ووطنه، ويدمى قدمه، ويشج رأسه، وتكسر رباعيته، ومع ذلك يتقطع فؤاده عليهم لمعرفته بمصير من يكذبه ويعذب أتباعه بسبب إعلاء كلمة الله، فيسحب في رمضاء مكة في حر الظهيرة بلال، وتتعرض سمية وزوجها وابنها لعظيم المصاب والنكال، ثم تُسلِمُ سمية الروح لبارئها لتفوز بأعظم المنال، أول شهيدةٍ في الإسلام، ويقتل عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - حمزة مع الشهداء الكرام لتعلو كلمة الإسلام، ونحن قومٌ أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله كما قال الفاروق الذي أعز الله به الإسلام، استجابةً لدعوة النبي الرسول الإمام عليه الصلاة والسلام، وما سالت دماء الشهداء عبر التاريخ إلا لتحقيق هذه الكلمة في الأرض والوجدان، فهنيئًا ثم هنيئًا لمن جعل "لا إله إلا الله" نبراسًا لحياته معلمًا ومتعلمًا وعاملًا، ولنثق بنصر الله القريب متى ما صدقنا مع الله، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 55، 56].

 

الخطبة الثانية

عباد الله، الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين، أما بعد:

العمل بلا إله إلا الله مراتب يرتقي فيها الناس حسب إيمانهم.

عباد الله، إن نعم الله علينا عظيمة، وأعظم نعمة أنعم الله بها علينا أن جعلنا مسلمين، مُتَّبعين لكلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، والحمد له أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.

 

عباد الله، هل أدينا شكر هذه النعمة؟ يا طالب العلم، صغيرًا كنت أو كبيرًا، هل حرصت على تعَلُّم هذه الكلمة العظيمة، وتفكَّرت فيها، ويا من أكرمه الله بالولد، كم نصيب تعليم "لا إله إلا الله" لولدك وأحبابك في يومك وليلتك، ويا من أكرمه الله بالعلم، هل صبرت على تعلم المتعلمين وقلة فهمهم وإدراكهم، وشجَّعْتهم وحبَّبتهم بالعلم، شكرًا لنعمة ربك ونعمة التوحيد والعلم، ويا صاحب المال الوفير، هل سخرت مالك في سبيل الدعوة إلى "لا إله إلا الله"؟ وتعليمها وتشجيع العلم والتعليم، وخيره تحفيظ كتاب الله الكريم، عبد الله، تفكَّر ثم تفكَّر ثم تفكَّر، لا معبود بحقٍّ إلا الله، فلا تقدم هوى نفسك وشيطانك على أمر ربك، ربنا لك الحمد بأن أكرمتنا بلا إله إلا الله، فأحْيِنا عليها، وثبتنا عليها، واجعلها آخر كلامنا من الدنيا حتى نسعد برضاك وجنتك، ووالدينا وأزواجنا وإخواننا وعلمائنا، ومن له حق علينا، يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اجعلنا معظمين لأمرك، مؤتمرين به، واجعلنا معظمين لما نهيت عنه، منتهين عنه، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182]، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة
  • كلمة التوحيد فضل وإشارات
  • معنى كلمة التوحيد وشروطها
  • كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (1)
  • كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (2)
  • خطبة: حفاوة الله بعبده المقبل عليه
  • ماذا بعد رمضان (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فضل التهليل بكلمة التوحيد: الكلمة الطيبة كلمة الإخلاص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمة التوحيد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول السديد في فضائل كلمة التوحيد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 21/1/1433 هـ - فضل كلمة التوحيد: لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الخطابة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثلاثية والتثليث(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • إعراب البسملة إعرابا كاملا | هل عدد كلمات البسملة 10 كلمات ؟!(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مسيرة اللغة العربية.. كلمة التاريخ وكلمة الواقع(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نعمة التوحيد واجتماع الكلمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة صلاة الكسوف(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب