• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في آيات الله
علامة باركود

من دلائل الربوبية: إنزال المطر

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/10/2007 ميلادي - 16/10/1428 هجري

الزيارات: 79582

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من دلائل الربوبية

إنزال المطر

 

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71]. 

أما بعد: فإنَّ عظمة الله تعالى وإنعامَه على عباده، ظاهر في كل ما يمر بالناس في حياتهم.

 

عظمةٌ في خلق السموات وما فيها من أبراج وأفلاك، وشمس وقمر، وعظمةٌ في خلق الأرض وما فيها من جبال وسهول، وأوديةٍ وبطاح، وبحار وأنهار، وأنواع الشجر والثمار، والزروعِ والحيوان. مخلوقاتٌ في البر، وكائناتٌ في البحر، لا يعلمها ولا يحصيها ولا يرزقها إلا خالقها، تبارك اسمه، وتعالى جَدُّه، ولا إله غيره، سبحانه وبحمده!!

 

ومن مظاهر قدرته العظيمة، ودلائل نعمته على عباده: هذه المياهُ التي يرزقها عباده. يأمرُ السحاب فيجتمع، ثم يسيرُ بأمر الله تعالى إلى ما أراد من أرضه، ثم ينزله غيثًا مباركًا.

ومن أجمل لحظات عيش الإنسان في الدنيا: لحظاتُ نزول المطر، بل لا تكاد توجد صورة في الدنيا أجمل من نزول الغيث من السماء، لا سيما مع حاجة الناس والحيوان والأرض إلى الماء.

 

عمليات تتم لنزول هذا الغيث المبارك، من إنشاء السحاب، وإضاءة البرق، وتسبيح الرعد ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ ﴾ [الرعد: 12 - 13]. 

وإن من طرق القرآن في الاستدلال على ربوبية الله تعالى وتوحيده: لفت الأنظار إلى قيمة هذا الماء، واحتياج الخلق إليه، وامتنانِ الخالق بإنزاله، ومن ثم تقرير ربوبيته ولزوم توحيده ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]، ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلَى الأَرْضِ الجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ ﴾ [السجدة: 27]، ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [العنكبوت: 63]، ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل: 60]، ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [لقمان: 10 - 11] فالملاحظ في الآيات السابقات أن الامتنان بنعمة الغيث يعقبه التذكير بلزوم التوحيد لله تعالى. 

وغذاءُ الإنسان طيلة حياته إنما كان من ثمرات هذا الماء الذي أنعم الله به على العباد ليتمتعوا ويؤمنوا ﴿ فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 24 - 32].

 

والحياة على الأرض لا تكون بلا ماء؛ فالبشر والحيوان والنبات لا يحيون إلا بالماء ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء: 30]، ﴿ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى ﴾ [طه: 53 - 54]، ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴾ [النَّبأ: 14 - 16]، ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ﴾ [الفرقان: 48 - 49].

 

والأرض تحيا بالماء، وتموت إذا فقدت الماء، وكذلك من عليها من الخلق، ﴿ وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [النحل: 65].

وإذا كان الله تعالى قادرًا على إحياء الأرض بالماء بعد موتها فهو كذلك قادر على بعث العباد ومحاسبتهم؛ لذا كان الإخبار في القرآن عن إحياء الأرض مثلاً مضروبًا لبعث العباد يوم القيامة ﴿ وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي المَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ ﴾ [الحج: 5 - 7]، ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ المَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ المَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 57]، ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فصِّلت: 39]، ﴿ وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ ﴾ [فاطر: 9].

وما يُحدثه المطر من جمالٍ في الأرض بإذن الله تعالى مظنة للفخر وغرور البشر لما رأوا من خضرتها وزينتها؛ ولضعفهم فإنهم ينسون موتها قبل الخضرة وبعدها، وكذلك الدنيا ينخدع البشر بزينتها وخضرتها فلربما ألهتهم عن الآخرة؛ فتزول الدنيا كما زالت الخضرة عن الأرض. فالدنيا هي الأرض المزدانة أوقات الأمطار والربيع؛ لكن هذه الزينة في الحياة ليست أبدية وإن طالت، فصاحبها قد يفتقر من بعد الغنى، ويضعف من بعد القوة، ويهرم من بعد الشباب، ولسوف يموت كما مات ذلك النبات الخضر الطيب ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ [الكهف: 45]، ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20]، ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24].

فمادام الأمر كذلك فلا بد إذًا من توحيد الله تعالى وطاعته، والحذر من الشرك والعصيان اغترارًا بالدنيا. وفي الآيات القرآنية، وأحوال الأرض قبل المطر وبعده آيات للمدكرين، وعبرة للمعتبرين، ومن لم يعتبر بكلام الله تعالى فليس له مُعتَبر.

 

جعلنا الله من أهل الاعتبار والادكار، وأعاذنا من الغفلة والذهول والنسيان، وأقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: فاتقوا الله ربكم، واشكروه على ما أنعم به عليكم؛ فإن الشكر يزيد في النعم، والكفر مع النعم استدراج للعباد، فإياكم إياكم أن تكفروا نعمه؛ فإنه شديد الأخذ والمحال. 

أيها الإخوة: إن نعم الله تعالى على عباده تزداد وتتكامل؛ فهو سبحانه وتعالى يرزقهم الماء، ويخزنه لهم في الأرض؛ حتى ينتفعوا به دهرًا طويلاً، مع أنه تعالى قادر على إذهابه ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 18].

 

والعباد أضعف من أن يستطيعوا تخزينه إلا بأمر الله تعالى وإذنه، وما وهبه لهم من وسائل التخزين والحفظ، وعلمهم من صنع السدود ونحوها ﴿ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ﴾ [الحجر: 22]. قال ابن كثير رحمه الله: "وما أنتم له بحافظين؛ بل نحن ننزله ونحفظه عليكم، ونجعله معينًا وينابيع في الأرض، ولو شاء تعالى لأغاره وذهب به؛ ولكن من رحمته أنزله وجعله عذبًا، وحفظه في العيون والآبار والأنهار وغير ذلك؛ ليبقى لهم طول السنة يشربون ويسقون أنعامهم وزروعهم وثمارهم"[1]. اهـ 

ومن رحمته بعباده ونعمته عليهم أنه ينزل ماءً عذبًا فراتًا، عظيم النفع، طيب المذاق، ولو شاء لجعله ملحًا أجاجًا لا يطيقه الناس ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ ﴾[الواقعة: 68 - 70].

 

نعم والله! إن هذه النعمة لحقيقة بالشكر، ليس شكرًا باللسان فقط، وإنما شكرٌ بالأفعال أيضًا.

 

إن من مظاهر كفر هذه النعمة: الإسراف في المياه ﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141]. ومما يندى له الجبين ما تسخر فيه هذه النعمة من معصية الله تعالى!! نعم والله! إن كثيرًا من الناس ليسخرونها في معصية الله تعالى فإذا ما أُمطِروا واخضرت أرضهم وازدانت؛ خرجوا إلى المنتزهات والصحارى مصطحبين منكراتهم ومعاصيهم، من أنواع آلات اللهو المحرَّم؛ ليستمتعوا بها في نزهتهم. يعصون الله في أرضه، ويستمتعون بنعمته! فأي كفران هذا؟! وكثير منهم يضيعون الصلاة، ويؤخرونها عن وقتها؛ بل إن شهواتِ البعض بالغت في العصيان حتى أخذوا يجرون معهم في رحلاتهم أطباق الفضائيات، ينصبونها في الصحارى والبراري؛ ليستمتعوا بما فيها من حفلات ماجنة، وغناء صاخب. وبعضهم لا يحفظ نساءه وبناته في هذه الرحلات؛ بل ربما خرجن وحدهن بلباس فيه من التهتك ما فيه، وفي ذلك عصيان للمولى، وافتتان لعباد الله، فهل هذا من شكر النعم؟!

فاتقوا الله ربكم، وخذوا على أيدي السفهاء منكم، ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]. فهذا من الشكر، وإلا كانت النعم استدراجًا، والعاقبة عذابًا وهلاكًا. ألا وصلوا وسلموا على خير خلق الله كما أمركم بذلك ربكم.

 


[1] تفسير ابن كثير (2 /851) عند تفسير الآية (22) من سورة الحجر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • السيول والأمطار دروس وعبر
  • مشاعر في أحضان المطر
  • عبر من نعمة المطر
  • نزول المطر
  • مطرنا بفضل الله ورحمته
  • من أحكام المطر
  • دلائل الخالق
  • توحيد الربوبية
  • خصائص توحيد الربوبية
  • ولكن متى ستكون مع الله؟

مختارات من الشبكة

  • غرس محبة الله في الطفل (دليل عملي للمربين) من إصدار مركز دلائل(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العلم بالله تعالى (3) دلائل ربوبيته سبحانه(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الأربعون حديثا في دلائل النبوة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دلائل ذكورية الملائكة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلائل النبوة والرد على الشبهات المتعلقة بها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • دلائل ووسائل معية الملائكة للمؤمنين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصائل التسديد إلى شرح دلائل التمجيد في نظم مسائل التوحيد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المحاضرة الثالثة عشر: تابع دلائل الإعجاز البياني(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • المحاضرة الثانية عشر: تابع دلائل الإعجاز البياني(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • المحاضرة الحادية عشر: دلائل الإعجاز البياني(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب