• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كيف تكون عبدا ربانيا
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    لقاء حول البنوك (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    خطبة: فضيلة الصف الأول والآثار السيئة لعدم إتمامه
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة: حقوق الجار وأنواعه
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حديث القرآن الكريم عن الماء أو حضارة الماء
    د. محمد أحمد قنديل
  •  
    إجلال الكبير: وقار الأمة وبركتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عليكم بسنتي.. (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    تفسير سورة العصر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    {تحيتهم فيها سلام}
    عبدالسلام بن محمد الرويحي
  •  
    التطبيع مع الفواحش والمنكرات وخطره على الأمة ...
    الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
  •  
    من فوائد ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم
    بكر البعداني
  •  
    الإسلام يدعو إلى الرحمة
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خطبة: الضحك وآدابه
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فساد القلب بين القسوة والسواد
    شعيب ناصري
  •  
    تحريم رفع الصوت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في أسماء الله
علامة باركود

العلم بالله تعالى (2) العلم بربوبيته سبحانه

العلم بالله تعالى (2) العلم بربوبيته سبحانه
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/10/2020 ميلادي - 20/2/1442 هجري

الزيارات: 15945

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العلم بالله تعالى (2)

العلم بربوبيته سبحانه

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 2 - 4]؛ نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ، وَقَضَى فِيهِمْ بِحُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَدَبَّرَهُمْ بِعَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ﴾ [الرُّومِ: 25]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ يَخْتَبِرُهُ فِي النُّبُوَّةِ فَقَالَ: «مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ قَالَ: اللَّهُ، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ قَالَ: اللَّهُ، قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ؟ قَالَ: اللَّهُ، قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ، وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ» فَآمَنَ الْأَعْرَابِيُّ بِنُبُوَّتِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا لَهُ دِينَكُمْ، وَأَسْلِمُوا لَهُ وُجُوهَكُمْ، وَأَحْسِنُوا أَعْمَالَكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ فِي بَلَاءٍ عَظِيمٍ، الْفَوْزُ فِيهِ كَبِيرٌ، وَالْخُسْرَانُ فِيهِ مُرِيعٌ ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الْمُلْكِ: 1- 2].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ وَأَفْضَلُهَا وَأَنْفَعُهَا لِلْعَبْدِ، وَأَوَّلُ الْعِلْمِ بِهِ سُبْحَانَهُ الْعِلْمُ بِرُبُوبِيَّتِهِ. وَإِطْلَاقُ الرَّبِّ فِي اللُّغَةِ يَعُودُ إِلَى مَالِكِ الشَّيْءِ وَمُدَبِّرِهِ وَالْمُتَصَرِّفِ فِيهِ، كَمَا يَعُودُ إِلَى السَّيِّدِ الْمُطَاعِ. وَالْعِلْمُ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَمَالِكُهُ وَمُدَبِّرُهُ وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهِ عَلَى مَا يَشَاءُ، وَهَذَا الْعِلْمُ يَقُودُ صَاحِبَهُ إِلَى تَوْحِيدِهِ سُبْحَانَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ، فَيُقِرُّ إِقْرَارًا جَازِمًا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ، وَخَالِقُهُ وَمُدَبِّرُهُ، وَالْمُتَصَرِّفُ فِيهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، وَلَا رَادَّ لِأَمْرِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا مُضَادَّ لَهُ وَلَا مُمَاثِلَ، وَلَا سَمِيَّ لَهُ وَلَا مُنَازِعَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعَانِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ يَقُودُهُ إِلَى الْعِلْمِ بِأُلُوهِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِفْرَادِهِ بِهَا؛ «فَإِنَّ أَوَّلَ مَا يَتَعَلَّقُ الْقَلْبُ يَتَعَلَّقُ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، ثُمَّ يَرْتَقِي إِلَى تَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، كَمَا يَدْعُو اللَّهُ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ فِي كِتَابِهِ بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوْحِيدِ إِلَى النَّوْعِ الْآخَرِ، وَيَحْتَجُّ عَلَيْهِمْ بِهِ، وَيُقَرِّرُهُمْ بِهِ، ثُمَّ يُخْبِرُ أَنَّهُمْ يَنْقُضُونَهُ بِشِرْكِهِمْ بِهِ فِي الْإِلَهِيَّةِ».

 

وَالْقُرْآنُ مَلِيءٌ بِالْآيَاتِ الَّتِي تُعَرِّفُ الْعَبْدَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَفْعَالِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَتَدُلُّهُ عَلَيْهَا، فَتُقَامُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ بِهَا:

فَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ قَدْ عَلَّمَنَا: أَنَّهُ هُوَ الْخَالِقُ الرَّازِقُ، وَلَا أَحَدَ يَخْلُقُ وَيَرْزُقُ غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 1]، ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الزُّمَرِ: 62]، ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [غَافِرٍ: 62]، ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هُودٍ: 6]، ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 60]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [فَاطِرٍ: 3].

 

وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ قَدْ عَلَّمَنَا: أَنَّهُ هُوَ الْمَالِكُ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ مِنْ مُلْكِهِ سُبْحَانَهُ ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 189]، ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 120]، ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ﴾ [فَاطِرٍ: 13]، ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83].

 

وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ قَدْ عَلَّمَنَا: أَنَّهُ هُوَ الْمُدَبِّرُ لِكُلِّ شَيْءٍ، فَلَا خُرُوجَ لِأَحَدٍ عَنْ تَدْبِيرِهِ وَأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ﴾ [يُونُسَ: 3]، ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴾ [الرَّعْدِ: 2]، ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [السَّجْدَةِ: 5].

 

وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ قَدْ عَلَّمَنَا: أَنَّهُ هُوَ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ ﴿ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 258]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ [التَّوْبَةِ: 116]، ﴿ هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [غَافِرٍ: 68]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 95].

 

وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ قَدْ عَلَّمَنَا: أَنَّ النَّفْعَ وَالضُّرَّ بِيَدِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَمْلِكُهُمَا أَحَدٌ غَيْرُهُ مَهْمَا عَلَتْ مَنْزِلَتُهُ، وَمَهْمَا كَانَتْ قُوَّتُهُ وَقُدْرَتُهُ ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 17]، ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فَاطِرٍ: 2]، ﴿ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ﴾ [الْفَتْحِ: 11]. وَمِنَ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهُوَ أَيْضًا مِنَ الْأَذْكَارِ الْبَعْدِيَّةِ لِلصَّلَاةِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.

 

هَذِهِ بَعْضُ أَفْعَالِ الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي عَلَّمَنَا اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهَا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، وَغَيْرُهَا كَثِيرٌ؛ إِذِ الْقُرْآنُ مَلِيءٌ بِذِكْرِ أَمْثِلَةٍ عَلَى رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَخَذَ عَلَى خَلْقِهِ الْمِيثَاقَ بِالْإِقْرَارِ بِرُبُوبِيَّتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ [الْأَعْرَافِ: 172]، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ -يَعْنِي عَرَفَةَ- فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلًا، قَالَ: ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 173]» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَجَّحَ جَمْعٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَقْفَهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.

 

فَنَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ عَلَى مَا عَلَّمَنَا مِنْ رُبُوبِيَّتِهِ، وَهَدَانَا لِلْإِيمَانِ بِهَا، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ الثَّبَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ إِلَى الْمَمَاتِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْعِلْمُ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى نِعْمَةٌ يُنْعِمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، فَتَمْتَلِئُ قُلُوبُهُمْ بِالْعُبُودِيَّةِ لَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعْظِيمِهِ وَحُبِّهِ وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ عَرَفَ شَيْئًا مِنْ آيَاتِ رُبُوبِيَّتِهِ، وَهُوَ نَاشِدٌ لِلصَّوَابِ، طَالِبٌ لِلْحَقِّ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يُذْعِنَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَنْقَادَ لِتَوْحِيدِهِ، وَيَسْتَسْلِمَ لِشَرْعِهِ. وَكُلَّمَا ازْدَادَ الْعِلْمُ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَلْبِ الْعَبْدِ ازْدَادَ تَوْحِيدُهُ وَإِيمَانُهُ وَعُبُودِيَّتُهُ، وَذَلِكَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ لِمَعْرِفَةِ رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ أَقَرُّوا لِلَّهِ تَعَالَى بِالرُّبُوبِيَّةِ، لَكِنَّهُمْ أَشْرَكُوا بِهِ فِي الْعُبُودِيَّةِ، فَمَا نَفَعَهُمْ إِقْرَارُهُمْ بِالرُّبُوبِيَّةِ شَيْئًا ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 61]، ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [لُقْمَانَ: 25].

 

وَعِلْمُ الْعَبْدِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ يَمْلَأُ قَلْبَهُ طُمَأْنِينَةً، وَصَدْرَهُ انْشِرَاحًا، وَيُزِيلُ جَهْلَهُ بِبِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ، وَيُبَدِّدُ قَلَقَهُ وَخَوْفَهُ مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ لَدَيْهِ؛ فَهُوَ يَعْرِفُ رَبَّهُ وَخَالِقَهُ وَرَازِقَهُ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُقَدِّرُ الْقَدَرِ، وَمُدَبِّرُ الْأَمْرِ، وَأَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ النَّفْعَ وَالضُّرَّ بِيَدِهِ لَا بِيَدِ غَيْرِهِ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرَّعْدِ: 28]، فَمَنْ عَرَفَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ اطْمَأَنَّ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا»، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا بِعِلْمِهِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِمْلِهِ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ. فَحَرِيٌّ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِتَدَبُّرٍ؛ فَهُوَ مَلِيءٌ بِآيَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ عَلَيْهَا، وَبِالتَّفَكُّرِ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَلْقِهِ؛ فَإِنَّ تَفَكُّرَ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فُصِّلَتْ: 53].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلم بالله تعالى (1) شرفه ولذته
  • العلم بالله تعالى (3) دلائل ربوبيته سبحانه
  • العلم بالله تعالى (4) من مظاهر ربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (5) الأساليب القرآنية في إثبات الربوبية (خطبة)
  • العلم بالله تعالى (6) لوازم العلم بربوبية الله تعالى
  • العلم بالله تعالى (7) مواقف للأنبياء في تقرير الربوبية
  • العلم بالله تعالى (8) أقسام الناس في العلم بالربوبية
  • العلم بالله تعالى (9) الربوبية العامة.. والربوبية الخاصة
  • العلم بالله تعالى (10) من آثار العلم بربوبية الله تعالى

مختارات من الشبكة

  • من فوائد ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لماذا نكرر العلم؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • العلم الإلهي أو العلم بالله عند ابن تيمية (مقدمة)(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • متن زكاة العلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيف أوفق بين الطب وطلب العلم الشرعي؟(استشارة - الاستشارات)
  • رسالة بعنوان: كيف يستثمر المسلم وقته: فوائد وتوجيهات لطالب العلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فضل العلم وأهله وبيان مسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • طلب العلم وتعليمه عند وقوع النوازل بالمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلم والتقنية؛ أية علاقة؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • بشارة أولي الفهم بنظم زغل العلم للإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/3/1447هـ - الساعة: 17:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب