• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

تنبيه الأماجد على أن الأنبياء دينهم واحد (خطبة)

تنبيه الأماجد على أن الأنبياء دينهم واحد (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/1/2020 ميلادي - 10/5/1441 هجري

الزيارات: 10534

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تنبيهُ الأماجد على أن الأنبياء دينُهم واحد

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

 

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

فلنعلم عباد الله أن الأنبياء جميعًا دينهم واحد هو الإسلام، وهو الاستسلام لله سبحانه وتعالى، وهو التوحيد، هذا هو دين الأنبياء عليهم السلام من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19].

 

والأنبياء منهم من بيَّن ذلك عملًا واعتقادًا، ومنهم من صرح بذلك صراحة، كما نقل الله عنهم أقوالهم في القرآن الكريم أن الأنبياء مسلمون؛ فهذا نوح عليه السلام قال لقومه: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 72]، وهذا إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام يقول الله عنه:

﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131]، وقال إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام:

﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ﴾ [الحج: 78]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132، 133]، وقال سبحانه وتعالى في قصة لوط عليه السلام: ﴿ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الذاريات: 35، 36]، وقال الصديق يوسف عليه السلام: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]، ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84]، وقال السحرة بعد أن آمنوا، وتهدَّدهم فرعون بتقطيع الأيدي والأرجل، والصلب على الجذوع: ﴿ قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الأعراف: 125، 126]، وكتب سليمان عليه السلام لأهل سبأ: ﴿ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 30، 31]، وقال عليه السلام: ﴿ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 42]، و﴿ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52]، وقال الله تعالى في حق النبيين: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ﴾ [المائدة: 44]، وقال سبحانه وتعالى في حق أمة محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

 

إنه الإسلام والتوحيد، دين الأنبياء عليهم السلام، ودين الأمم الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لهم جميعًا؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

 

بل لو تُرك الناس دون إرسال رسل ولا إنزال كتب، ولم تستحوذ عليهم الشياطين - لظلُّوا على فطرة الله التي فطر الناس عليها مسلمين؛ قال سبحانه: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30]؛ عن عياض بن حمار المجاشعي رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: ((ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم، مما علمني يومي هذا؛ كل مال نحلتُه عبدًا حلال - أي: أعطيته ومنحته عبدًا حلالٌ - وإني خلقت عبادي حنفاءَ كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرَّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا))؛ [(م) 63 - (2865)].

 

لقد شارك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم في بعض الأحكام الشرعية؛ ومنها: حج بيت الله الحرام، وممن ثبت عنه الحج من الأنبياء: موسى ويونس وعيسى عليهم الصلاة والسلام؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد مرَّ بالصخرة من الرَّوحاء - مكان بين مكة والمدينة - سبعون نبيًّا، حفاةً عليهم العباء، يؤمُّون بيت الله العتيق، منهم موسى نبي الله صلى الله عليه وسلم))؛ [(يع) (4275)، (7231)، انظر: صحيح الترغيب (1128)].

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((سِرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة فمررنا بوادي الأزرق - وادٍ بين مكة والمدينة - فقال: أي واد هذا؟ فقالوا: هذا وادي الأزرق، قال: كأني أنظر إلى موسى عليه السلام مارًّا بهذا الوادي))؛ [(م) (166)، (جة) (2891) وعنده: ((ماشيًا))، (حب) (3755)، انظر: الصحيحة (2958)] ((واضعًا إصبعيه في أذنيه، وله جُؤارٌ - أي: رافعًا صوته - إلى الله بالتلبية، يقول: لبيك اللهم لبيك، ثم سرنا حتى أتينا على ثنيَّةِ هَرْشى - هو جبل على طريق الشام والمدينة قريب من الجحفة كما عند النووي - فقال: أي ثنية هذه؟ قالوا: ثنية هرشى، قال: كأني أنظر إلى يونس بن متَّى عليه السلام، على ناقة حمراءَ جعدةٍ - مكتنزة اللحم سمينة - عليه جبة من صوف، خِطام ناقته خُلْبةٌ - أي: زمام ناقته من ليف - مارًّا بهذا الوادي وهو يلبي))؛ [(م) (166)، (جه) (2891)].

 

فقد يسأل سائل ويتساءل متسائل: كيف يحجون ويلبون وهم أموات، وهم في الدار الآخرة، وليست دار عمل؟

فالجواب: أجاب العلماء عدة أجوبة؛ قال النووي رحمه الله: "أنه صلى الله عليه وسلم أُريَ أحوالهم التي كانت في حياتهم، ومَثَلُوا له في حال حياتهم كيف كانوا، وكيف حجهم وتلبيتهم"؛ [شرح النووي].

 

وجاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلى في مسجد الخَيْفِ سبعون نبيًّا - ومسجد الخيف هو المسجد الذي بمنًى شرقي المرمى والجمرات - منهم موسى صلى الله عليه وسلم، كأني أنظر إليه وعليه عباءتان قطوانيتان - مُحرِم بعباءتين: واحدة على كتفيه والأخرى إزارٌ له - وهو مُحرِم على بعير من إبل شنوءة، مخطومٌ بخِطامِ ليفٍ له ضفيرتان))؛ [(طس) (5407)، (ك) (4169)، (هق) (9618)، (الضياء) (309)، انظر: الصحيحة (2023)].

 

يصف الدابة التي بحوزة موسى عليه السلام، ويصف الملابس، ويصف شعر موسى عليه السلام ((له ضفيرتان))،

"القطوانية": عباءة بيضاء، قصيرة الوبر؛ [لسان العرب]، وهي كساء مفتوح واسع بلا كمين، يُلبَس فوق الثياب. وقد قال الله سبحانه وتعالى في شأن أمة عيسى عليه السلام: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [المائدة: 82 - 86]، وليس هؤلاء من تأثروا منهم بالأمم الأخرى، وسوَّل لهم الشيطان أعمالهم، فتكالبوا على المسلمين، وصاروا ضدهم وحاربوهم باسم الصليب، وما الحملات الصليبية عنكم ببعيد.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد:

هذه هي الفطرة، فطرة الإسلام التي لم تتغير ولم تتبدل، فكل الأنبياء مسلمون موحدون، وكلهم إخوة في التوحيد، إخوة في دين الله عز وجل؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأنبياء إخوة لعلَّات؛ أمهاتهم شتى ودينهم واحد - أولاد العلات، والإخوة لعلات: هم الإخوة من الأب، وأمهاتهم شتى: مختلفين متفرقين؛ فدينهم وتوحيدهم واحد، وشرائعهم مختلفة - وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم عليه السلام في الدنيا والآخرة))؛ [(خ) (3443)، (م) 145 - (2365)]، ((لأنه لم يكن بيني وبينه نبي))؛ [(حم) (9270)، (خ) (3442)].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إني لأرجو إن طالت بي حياة أن أدرك عيسى ابن مريم - هذا رجاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه لم يتحقق - فإن عجِل بي موتٌ، فمن أدركه فليقرئه مني السلام))؛ [(حم) (7971)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، ليوشكن - أي: اقترب زمان - أن ينزل فيكم ابن مريم))؛ [(خ) (2222)، (م) (155)]، ((فإذا رأيتموه فاعرفوه))، ووصفه صلى الله عليه وسلم بعلامات لا تخفى على أحد: ((رجل مربوع - الـمربوع: المتوسط القامة بين الطول والقصر - إلى الحمرة والبياض))؛ [(د) (4324)، (حم) (9270)]، ((عليه ثوبان ممصران))؛ [(حم) (9270)، وقال الأرنؤوط: صحيح، وانظر: روضة المحدثين (1198)، (الـممصرة): التي فيها صفرة خفيفة].((سبط - الشعر السبط: الـمنبسط الـمسترسل، ليس فيه تجاعيد - كأن رأسه يقطر - لأن عيسى عليه السلام كثير العرق - وإن لم يصبه بللٌ، فيقاتل الناس على الإسلام))؛ [(د) (4324)، (حم) (9270)]؛ أي: يدعوهم إلى دين محمد صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: ((إمامًا مقسطًا، وحكمًا عدلًا))؛ [(م) (155)، (حم) (7269)]، ((مهديًّا))؛ [(حم) (9323)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح]، ((يكسِر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية))؛ [(خ) (2222)، (م) (155)]، الجزية: عبارة عن المال الذي يعقد للكتابي عليه الذمة، وهي فعلة، من الجزاء، كأنها جزت عن قتله، والجزية مقابل إقامتهم في الدولة الإسلامية، وحمايتها لهم، ((وتُجمع له الصلاة))؛ [(حم) (7903)، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح]، ((ويدعو الناس إلى الإسلام))؛ [(حم) (9270)، والمقصود به دين محمد صلى الله عليه وسلم]، ((ويهلك الله في زمانه الملل - أي: الأديان - كلها غير الإسلام))؛ [(د) (4324)، (حم) (9270)]، ((ويهلك الله في زمانه))؛ [(حم) (9270)]، ((مسيح الضلالة؛ أي: الأعور الكذاب))؛ [(حم) (9633)، وقال الأرنؤوط: صحيح، (د) (4324)]، ((وتكون الدعوة واحدةً))؛ [(حم) (9121)، وقال الأرنؤوط: إسناده حسن]، وقال الخطابي: "أي: يُكره أهل الكتاب على الإسلام، فلا يقبل منهم الجزية، بل الإسلام أو القتل"؛ [عون المعبود (9/ 361)].

 

((وينزل))؛ [(حم) (7903)]، ((بفجِّ الرَّوحاء))؛ يعني: يأتي بعد ذلك - بعد أن يحرر الشام وما فيها - حاجًّا إلى بيت الله الحرام، ويصل إلى الروحاء، و"فج الروحاء": بين مكة والمدينة، وكان طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر وإلى مكة عام الفتح، وعام حجة الوداع؛ [النووي 4/ 353]، ((والذي نفس محمد بيده ليهلَّنَّ - الإهلال: رفع الصوت بالتلبية - منها حاجًّا أو معتمرًا - إذا كان في وقت الحج في ذلك الزمان الذي ينزل فيه يكون حاجًّا، وإلا سيأتي إلى تلك البلاد معتمرًا - ((أو ليثنيهما))؛ [(م) (1252)]؛ أي: يقرن بينهما، ((جميعًا))؛ [(حم) (10661)، وقال الأرنؤوط: إسناده حسن]، ((ولتُتْرَكَنَّ القِلاص فلا يسعى عليها))؛ [(م) (155)]؛ أي: في ذلك الزمان الإبل الفتية الثمينة عند صاحبها تُترَك، فلا يُسعى عليها، ولا يُعتنى بها، والقلاص: جمع قلوص، وهي من الإبل كالفتاة من النساء، والحدث من الرجال، ومعناه: أن يُزهد فيها ولا يُرغب في اقتنائها؛ لكثرة الأموال، وقلة الآمال وعدم الحاجة، والعلم بقرب القيامة، وإنما ذُكرت القلاص؛ لكونها أشرف الإبل التي هي أَنْفَسُ الأموال عند العرب، وهو شبيه بمعنى قول الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾ [التكوير: 4]؛ [النووي]، فلا يسعى عليها: أي: لا يُعتنى بها، ((ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها))؛ (خ) (3448)؛ أي: أنهم حينئذٍ لا يتقربون إلى الله إلا بالعبادة، لا بالتصدق بالمال، وقيل: معناه أن الناس يرغبون عن الدنيا حتى تكون السجدة الواحدة أحب إليهم من الدنيا وما فيها؛ [فتح الباري]، ((ولتذهبن الشحناء - أي: العداوة - والتباغض والتحاسد))؛ [(م) (155)]، ((وتضع الحرب أوزارها))؛ [(حم) (9323)]، ((وتُتخَذ السيوفُ مناجلَ))؛ [(حم) (10261)، وقال الأرنؤوط: صحيح، وهذا إسناد محتمل للتحسين]، السيف: آلة القتال، يُتخَذ للحصيدة والزراعة فليس هناك حرب، ((وتقع الأمَنة على الأرض - أمنٌ بجميع أنواعه، أمن في كل شيء، لا تتصور الأمن في ذلك الزمان - حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار - أي: النمور - مع البقر، والذئاب مع الغنم))؛ [(حم) (9270)]، ((وتذهب حِمَةُ - أي: سُم - كلِّ ذات حمة))؛ [(حم) (10261)]؛ أي: الحشرات السامة كالأفعى والعقرب وغيرها، لو لدغت لا تؤثر ولا تؤذي في ذلك الزمان، و"أمنة": أمن بمعنى الكلمة، ((فيلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم))؛ [(حم) (9270)]، ((وتُنزِل السماء رزقها، وتُخرج الأرض بركتها))؛ [(حم) (10261)]، ((ويمكث - أي: عيسى عليه السلام يحكم - في الأرض أربعين سنةً، ثم يُتوفى ويصلي عليه المسلمون))؛ [(حم) (9270)، (د) (4324)]، ((ويدفنونه))؛ [(حم) (9632)]، ((ثم تلا أبو هريرة: ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 159]))؛ [(خ) (3448)، (م) (155)]، قال أبو هريرة: ((يؤمن به قبل موت عيسى))؛ [(حم) (7903)].

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

 

اللهم اغفر لنا ذنوبنا، ووسع لنا في أرزاقنا، وبارك لنا فيما رزقتنا، اللهم أعنا ولا تُعِنْ علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر لنا الهدى، وانصرنا على من بغى علينا، اللهم نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، ونعوذ بك منك، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم اجعلنا شكورين، واجعلنا صبورين، واجعلنا في أعيننا صغارًا، وفي أعين الناس كبارًا، اللهم أصلح لنا ديننا، ووسع علينا في ذواتنا، وبارك لنا في أرزاقنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا، وأزواجنا وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك، قابلين لها وأتمها علينا يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إنما الفتيا لورثة الأنبياء
  • الإسلام دين كل الأنبياء
  • التوحيد دعوة الأنبياء والرسل
  • التفاضل بين الأنبياء والرسل
  • التوحيد في سورة الأنبياء
  • من خصائص الأنبياء والمرسلين
  • أدبنا القرآن مع أنبياء الله عليهم السلام

مختارات من الشبكة

  • منظومة: تنبيه الأماجد في معرفة حرمة المساجد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تنبيه المشيع للموتى والزائر للمقابر إلى بدع ومخالفات وتنبيهات وملاحظات وعظات ومسائل تتعلق بالمقابر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أرجوزة هدية الأماجد في الصحابة الذين لم يرو عنهم في صحيح البخاري إلا راو واحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلمون الأماجد من تعلقت قلوبهم بالمساجد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحفة الأماجد بالآداب العشرة للمساجد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحفة الأماجد في أحكام ووصايا أئمة المساجد (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المحامد التي افتتحت بها كتب الأماجد (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أرجوزة نظام البلور في أسامي السنور للعلامة السيوطي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أرجوزة التثبيت في ليلة التبييت للسيوطي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تنبيه على تحقيق كتاب: حاشية التلويح لمصطفى حسام الدين زاده (ت 1035هـ)(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب