• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / أصول فن الخطابة / فقه الخطبة
علامة باركود

إمام المسجد ودوره التربوي في رمضان

مرشد الحيالي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/8/2010 ميلادي - 20/9/1431 هجري

الزيارات: 36376

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إمام المسجد ودوره التربوي في رمضان

 

تكتظُّ المساجِدُ في بلادِ المسلمين وغيرِها - ولله الحمدُ والمِنَّة - بجموعٍ غفيرة من المصلِّين في رمضان، وغالبُهم ممن لم يتعوَّدْ أداء صلاة الجماعة، وهذا مِن خصائص الشهر الفضيل، الذي خصَّه الله بخصائصَ كثيرة عن غيره، حيث تُصفَّد مردةُ الشياطين[1]، وتُكبَّل من الطيْش والعَبَث بعباد الله، ورُوَّاد بيوته سبحانه، وتشعُّ المساجد بالنور، ونزول البَرَكات والرحمات على أهل القِيام والصيام؛ ولهذا يستوجب مِن الواعظ وإمام المسجد الذي يَقِف في محرابه أن يضاعِفَ من التوجيهِ والتعليم والتربية، وإظْهارِ محاسنِ الإسلام وتعاليمه السَّمْحة، ووَفْقَ منهج سليم؛ لتخرجَ هذه الجموع من مدرسة رمضان وقد استقامتْ على هُدَى الله، وصراطه المستقيم، وهو ما سنتكلَّمُ عليه في تلك السُّطور -  وبالله التوفيق -:

 

بلا شكٍّ أنَّ إمام المسجد هو داعية إلى الله، ومرشِد لعباد الله إلى ما فيه صلاحُهم في المعاش والمعاد، ودالٌّ لهم على الخير، وهو يُدير مؤسَّسة تربوية إصلاحية، وإنَّ المطلوب منه هو أكثرُ مِن إمامة الناس في الفرائضِ والصلوات الخمس، ألاَ وهو التوجيه والتربية، وأن يكونَ قدوةً حسنةً في نظرِهم، وأنْ يتفقد مَن يصلُّون خلفَه ويتابع شؤونهم، وخاصة في مواسمِ الخيرات كرمضان وأيام العيدين ونحوها؛ لأنَّها أيامُ هِمَّة ونشاط، وإقبال على الله بأنواع الطاعات، والتي يتجلَّى الله لعبادِه في أوقات السَّحَر والخلوات، فتنشرح الصدور، وتطمئنُّ النفوس، فيجد العبد من الهِمَّة والمحبَّة لله ورسوله، والإقبال على الخير، والكفِّ عن الشرِّ ما لا يجده في غيرِه مِنَ المواسم.


ولهذا ينبغي على إمامِ المسجد مراعاةُ ما يلي:

أولاً: أن يكونَ قُدوةً حَسَنةً في سلوكه وتصرُّفاته، فالناس ينظرون إلى الإسلام مِن خلاله؛ إذ هو نافذةٌ تطلُّ على معاني الدِّين، فلا يَنبغي له أن يكون آحاد الناس أفضل منه قيامًا وورعًا، واستقامةً وتهجُّدًا، وصيامًا، وقراءةً للقرآن.


ثانيًا: أن يجعل له بَرنامجًا للوعظ والتوجيه، ويجعل مِن أولويات دعوته الاهتمام بالجُدُد من المصلِّين، فهؤلاء قد لا يعودون مرَّةً ثانية؛ لينتشلَهم من أوحال الرَّذيلة، وآفات المعصية وعواقبها، ويَنبغي أن يُطبِّقَ المنهج الدعوي الصحيح في رمضان، خاصَّة لتؤتيَ دعوته ثمارها، ويكون سببًا في هداية الناس، ويتمثَّل المنهج الدعوي فيما يلي:

1- التركيز على مسائلِ العقيدة الصحيحة، ومعاني الإسلام الواضحِة؛ لأنَّ تلك المعاني إذا وضحتْ ورسخَتْ في الذِّهن سهُل على المدعوين العملُ ببقية فروع الإسلام والاقتِناع بها، وينبغي له أن يستعينَ بالقصص القرآني، وضَرْب المثل في تصويرِه للمعاني المطلوب إيصالُها، وأنْ تكون المادة الدعوية المطروحة واضحةَ المعاني، سهلةَ الفَهْم، خاليةً من أيِّ تعقيد أو غموض، وأن تُربَط بمعاني العقيدة السليمة، كالإيمان بالله واليوم الآخِر.


2- أن يكونَ أسلوبُ الواعظ أسلوبًا وعظيًّا يُخاطِب به الفِطْرة والعاطِفة، ويكون مِحورُه العامُّ التذكيرَ بالله واليوم الآخِر، والمسارعة إلى الخيْر والتوْبة الصادقة، مع بيان جُملةٍ من أحكام الشريعة الغرَّاء، والغَرَضُ من ذلك هو التعليمُ والتربية؛ لأنَّ ذلك الأنسبُ لمَن يحضر في رمضان من الجمهور، ولا بأسَ من أن يقرن وعظه بمسائلَ عِلمية لا على وجهِ الاستطراد، بل على وجْهِ الإشارة والاختِصار.


3- الترغيب والترهيب، و(نقصد بالترغيب: كلَّ ما يشوق المدعوَّ إلى الاستجابةِ وقَبول الحق، والثبات عليه، ونقصد بالترهيب: كلَّ ما يُخيف، ويُحذِّر المدعوَّ من عدمِ الاستجابة أو رَفْض الحقِّ أو عدم الثبات عليه بعدَ قَبوله)[2]، وأنْفَع أساليب الترغيب والترهيب في رمضان هو بيانُ فضْل التائبين، وما لهم عندَ الله من المنزِلة الرفيعة، وبيان أنَّ الله يُحبُّهم ويعفو عن ذُنوبهم مهما كانتْ كثيرةً وكبيرة، ثم الترهيب مِن الإصرار على الذُّنوب، وخَطَر ذلك على المسلِم وأنه ربَّما يؤدِّي إلى سوء الخاتمة، والحَذَر مِن الجَرَاءةِ على مخالفة الشَّرْع، وأنَّ العقل يقتضي أخْذ العُدَّة قبل حلول الآجال، والعُدَّة هي تقوى الله والعمل الصالح، وبيان أنَّ "لذَّة المعصية وهي قصيرةٌ تعقُبها مرارةُ الندم، والعذاب مُدَّة طويلة، والعاقل مَن صَبَر نفسَه عن لذَّة حرامٍ لا تدوم؛ ليظفرَ بلذة حلالٍ تدوم، ولينجو مِن عذابٍ دائمٍ مقيم"[3].


ثالثًا: أن يهتمَّ إمامُ المسجد بأداء صلاة التراويح والقيام على أكْمل وجهٍ، ومن ذلك:

1- أن يتلوَ كتاب الله بصوْتٍ حَسَن، أو يُحسِّنه ما استطاع، ومِن الملاحظ أنَّ الناس يحبُّون صاحب الصوت الحسن المؤثِّر، وقد كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يحبُّ أن يسمعَ القرآن مِن حَسَن الصوت[4]، ثم عليه مراجعةُ الحزب الذي سيقرؤه، ويتذكَّر مواطِنَ الخلل لتفادِيها إنْ كان ضابطًا للقرآن، وإلاَّ فعليه أن يقرأه قبل أن يقِف إمامًا بالناس مرَّات؛ لئلاَّ ينحرجَ ويشوش الجمع.


وممَّا يَنبغي التنبيه عليه أيضًا مراعاةُ أحكام التجويد، وأقله ألاَّ يغفل عن أساسياته؛ مثل: أحكام النون الساكنة والتنوين، والميم الساكنة، إلى غيرِ ذلك ممَّا هو مدوَّن في مظانِّه مع عدم التكلُّف، بل تخرُج من لسانه مَرِنة سَلِسة يتذوَّق السامعُ حلاوتَها ومخرجَها، ثم مراعاة أحكام الوقْف والابتداء؛ لأنَّ بعض الأئمة يخلُّ فيَقِف في بعضِ آيات القرآن على بعضِ الكلمات، فيُغيِّر المعنى، ويخلُّ بالمقصود.


2- أن تكونَ له منهجية، وقراءة معيَّنة في صلاته (فبعض الأئمَّة لا تعرِف بالضبط متى سينتهي مِن التراويح، فتارةً يقرأ في الصلاة نِصْف وجه، وفي يوم آخَر يقرأ وجهًا كاملاً في كلِّ ركعة، وهذا يُسبِّب تشتُّتًا لِمَن خَلْفَه، فلَهُم حقُّ معرفة مقدار وزمن صلاتك.


فاثبُتْ على منهجيَّة مقنَّنة، وقِراءة معيَّنة، والسُّرَعة في الصلاةِ والقراءة غيرُ مطلوبة، ولا التطويل الذي يؤدِّي إلى التنفيرِ على مَن يُصلُّون خلْفَه[5]، بل يكون رحيمًا في صلاته، وخيرُ الأمور أواسِطُها.


والخلاصة: أن يَتَّبِع الإمامُ هَديَ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - في صلاته وقِيامه، وتهجُّده، ومِن أنفع ما أُلِّف في هذا المجال، وينتفع منه الواعظ كتاب "زاد المعاد في هدي خير العباد"؛ لابن القيم، فراجعه.


أخلاق الإمام مع الناس:

لا شكَّ أنَّ الأخلاقَ الحَسَنة، والسِّيرة الطيِّبة لإمام المسجد كتابٌ مفتوح، ينظر الناس من خلالِه إلى معاني الإسلام، ولها الأَثَرُ البالِغ في الاستقامة، حتى ولو لم يَسْمعوا من إمامِهم وعظًا أو إرشادًا، وقد ثبَت في السِّيرة أنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - رآه أعرابي، فاسترْعَى انتباهَه بشاشتُه وعلاماتُ الصِّدق في وجهه، فقال له: أأنتَ الذي تقول عنه قريش: إنَّه كذَّاب؟! والله ما هذا الوجه وجه كذَّاب! وأسلَم إذ دعاهُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكذا قال الحَبْرُ عبدُالله بن سلام لمَّا خرَج مع اليهود، ونظر إلى وجهه النيِّر، فقال: لما رأيتُ وجهَه علمتُ أنَّ وجهَه ليس بوجه كذَّاب؛ الترمذيُّ في صفة القيامة والرقائق والورَع، رقم (2485).


وفي رمضان تتجلَّى الأخلاقُ كالتواضُع والكَرَم، والجُود والرَّحْمة، والبِشْر، وطلاقة الوجه، والإحسان، فتبلُغ ذروتَها وقِمَّتها، وصفاءَها مِن خلال ما يَجِده الواعظُ مِن إيمان عميق، واتِّصال وثيق بالله سبحانه؛ ولذا يَنبغي على إمامِ المسجد ما يلي:

1- الجُود والكَرَم: ومِن خلال السعيِ في تقديم موائدِ الإفطار، وإعانةِ الفقراء، والإسهام في إيصال المساعداتِ إليهم، والسَّعْي في الدَّلالة على المستحقِّين منهم، وعدمِ الاستئثار بشيء مِن ذلك، وقد كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - جوادًا كريمًا، يُعطي الشاةَ والبعير، وما كان في بيته صاع مِن شعير، وما سُئِل - عليه الصلاة والسلام - شيئًا فقال: لا، يقول عنه حَبْرُ الأمة، وترجمانُ القرآن عبدُالله بن عبَّاس - رضي الله عنه وعن أبيه -: "كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجودَ بالخيرِ مِن الرِّيح المرسَلة"[6].


2- الحِلْم: وهو سيِّد الأخلاق، فلا يَنبغي لإمام المسجد أن يكونَ نرجسيًّا يُستفزُّ لأتْفه الأسباب، فلا يَقبل نقْدَ الناقدين، وكلَّما فتَح عليه المأموم أو نبَّهه إلى خطأٍ ما في تلاوته أو صلاته ثارَ في وجهه، وغضِب لنفسه[7]، بل يكون واسعَ الصدر، حكيمًا في ردِّه وجوابه، ينظر إليهم نظرةَ إشفاقٍ ورحمة، وكان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حليمًا لا تَزيدُه شِدَّةُ الجهلِ عليه إلا حِلمًا، والإمامُ المحروم من صِفة الحِلم، والرحمة وسَعة الصَّدْر لا ينجح في عمله، ولا يَقبل الناسُ قولَه، ولو كان ما يقوله حقًّا، وهذه طبيعةُ الناس.


3- التواضع: مِن صِفات الإمام الناجِحِ التواضعُ وخفْض الجَناح، والابتعاد عن رُوح الكبرياء والتكبُّر، فينبغي له أن يعودَ المرْضَى، ويُجيب الدعوة، ويتبع الجنازة، ويَقبل عُذرَ مَن اعتذر، ويقابل السيئةَ بالحَسَنةِ والعفو والصفْح، يجالس أهلَ بيئته ومحلَّته مِن فقير وجليل ووضيع، وبعض الأئمَّة - هداهم الله - في مسجده دِكتاتوري، يُريد من الجميع أن يُنفِّذ ما يريد، ويُطبِّق ما يأمر به، ويُسارع إلى تلبيةِ حاجاته، وكأنَّه متسلِّطٌ على رقابهم، "وقد كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يُعرَف من بيْن صحابته من تواضِعه، حتى كان القادِمُ يقول: أيُّكم محمَّد؟ أيُّكم محمد؟ وكان إذا استقبلَه الرجلُ فصافَحَه لا ينزع يدَه مِن يده حتى يكونَ الرجل ينزع يدَه، ولا يصرف وجهَه مِن وجهِه، حتى يكونَ الرجل هو يصرِف"[8].


4- الرحمة: وهي مِن أبرزِ صِفات الإمام الناجِح، وخاصَّةً مع رُوَّاد المسجد الجُدُد، فينظر إليهم كمن يَقِف على حافِّة وادٍ سحيق، فيَحميهم من السقوط والانحدار؛ لذا فهو يَبذُلُ جهدَه لانتشالهم، فيحبُّ لهم ما يحبُّ لنفسه مِن الهُدى، ولا يكفُّ عن نُصحهم وإرشادهم، وعمومًا لا بدَّ له من أن ينبضَ قلبُه بالرَّحْمة على مصلِّي المسجد، فلا يجرح، ولا يُشهِّر على المِنبر كلَّ مَن خالفه، ولا يكسِر الخواطر، ويَكشف الأسرار، وإن أَبدى له بعضُهم نصيحة نَظَر إنْ كانت لها وجهُ نظرٍ شَكَرَه على حِرْصه، وإنْ كانت نصيحة عادية فليقل له خيرًا، وقد كان رسولُنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - رحيمًا في توجيهه، وصلاتِه وإمامتِه، وقد دخَل يومًا يُريد أن يُطوِّل، فسَمِع بكاءَ صبيٍّ فقرأ بـ ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾، فلمَّا انفتل من صلاته، قال: ((إنِّي سمعتُ بكاء صبي فأشفقتُ على أُمِّه))، وكان يُوصي الأئمَّةَ، ويقول: ((إذا أَمَّ أحدُكم الناسَ فلْيُخفِّف؛ فإنَّ وراءَه الضعيفَ والسقيمَ، والشيخَ الكبير، وذا الحاجة))[9].


إمام المسجد والقرآن:

ما أجدرَ بالمسلم أن يُكثرَ من تلاوة القرآن، فضلاً عن الإمام، فبِه تتنزل الرحمات، وتحلُّ البَرَكات، وتُدفَع به النِّقَمُ والأزمات، وهو مِن أعظم ما يَحُثُّ على فِعْل الخير، وقد كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجودَ ما يكون في رمضان حين يَلْقاه جبريل فيعرِض عليه القرآن، وكان لأئمَّةِ الدِّين اجتهاداتٌ ومجاهدات في ختْم كتاب الله وتلاوته[10]، فلا يَلِيق بإمامِ المسجد أن يمرَّ عليه رمضانُ وهو يرَى رُوَّاد مسجده لهم دَوِيٌّ مثل دويِّ النحل وهو بعيدٌ عن كتاب الله، وهذا يُعدُّ نقصًا فيه، ومما ينبغي عليه ما يلي:

1- حثُّ المصلين على التمسُّك بكتابِ الله، تلاوةً وحِفْظًا، وعملاً وتطبيقًا، مِن خلال بيان هَديِ السلف مع القرآن في رمضان، ومِن خلال تذكيرِ المصلِّين وإرشادهم عقبَ الصلوات بدُروس خفيفة.

2- دَعْم حِلَق القرآن من خلالِ الجلوس مع المصلِّين لتلاوته، وبيان تفسيرِه لهم، ودَفْع ما أَشْكَل عليهم، وبيان الغامِض مِن ألْفاظه لهم، وشَرْح معانيه وتوضيحها، وتعليمهم أحكامَه من تجويد وإتقان لألْفاظِه وحروفه.

3- بيان عظمةِ كتاب الله، وأنَّه سببٌ لعزِّ الأمة، وأساس لسعادتها، فالواجِبُ عليهم الاهتمامُ به، والعيْش في ظِلالِه، ونشْر فضائله وتعاليمه؛ ليسعدَ المجتمع، ويَنتشرَ فيه الخير، وتحلَّ فيه البَرَكة.


فيما يتعلَّق بالمسجد:

فهناك أمورٌ شكلية يجبُ أن تُؤخَذ بعين الاعتبار؛ لِمَا لها من أهمية، ومنها:

السمَّاعة الداخلية والخارجية: الحِرْص على ضبط وزن السماعات على صوْته في التلاوة، فلا يكون زائدًا ولا مكتومًا، فالمأموم له حقُّ الارتياح في سماعِ التلاوة.


وإنْ كان المسجد قريبًا مِن البيوت، فالأولى أن يستشيرَ جماعة المسجد في الاستغناءِ عن السماعة الخارجية، وإنْ كان المسجدُ على مسافة بعيدة فيُمكنه فتْحُ السماعة؛ لأنَّها تنشط الكسلان، وتُوقِظ الوسنانَ، وتبعث على الرُّوح والنشاط، خاصة لمَن يُصلِّي في البيوت من النِّساءِ، حتى المعذورات منهنَّ.


المكيفات على أنواعها: والناس يتباينون ويختلفون، فمِنهم مَن يُحبُّ الجوَّ البارد، والآخر تسكن نفسُه إلى الجو الدافئ، فعلَى الإمام أن يَعرِف الموازيين، ويستشير مؤذِّنَ المسجد، أو واحدًا من رُوَّاده، ولا يُكثر مِن الاستشارة في الموضوع؛ لئلاَّ تُؤدِّي إلى الخِلاف والفَوْضى.


مصليات النساء: أنْ تُراعى ويُهتمَّ بها في الصوتيات، والمكيفات، وكذلك توفير دَوْرات المياه - أكرمكم الله - وماء الشُّرْب والمناديل، وممَّا يحتاجه المصلِّي من مصاحفَ، وتكون بعددٍ كافٍ، وكذلك مراعاة السجَّاد ونظافته، فأخواتُنا وأُمَّهاتنا لهنَّ مكانٌ، ولهنَّ احترام[11].


وصلَّى الله على محمَّد إمام المتَّقين، وسيِّد الأوَّلين والآخِرين، وعلى آله وصحْبه أجمعين.



[1] ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4/114) اختلاف العلماء في المراد من تصفيد الشياطين، ونقل عن الحليمي أنَّ المراد منهم المردة، وسُئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - أيضًا فأجاب: إن في بعض روايات الحديث أنه تُصفَّد فيه مردة الشياطين، أو تغل؛ انظر "مجموع الفتاوى" رقم (20).

[2] أصول الدعوة للدكتور، العلاَّمة عبد الكريم زيدان (ص: 421).

[3] المصدر السابق.

[4] ثبَت في صحيح البخاري: أنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - طلَب أن يسمع القراءة من عبدالله بن مسعود، وسَمِعه من أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه.

[5] ختْم القرآن في صلاة التراويح ليس واجبًا؛ حيث يُصرُّ عليه بعضُ الأئمة في مساجدهم، وقراءة آيات قليلة بتدبُّر وخشوع خيرٌ من أن تختم القرآن وتهذُّ آياته هذًّا، أما نقر الصلاة نقر الغُراب كما يفعله بعضُهم تيسيرًا على الناس - زعموا - فقد جاء النهي عنه واضحًا في أحاديثَ عِدَّة، والله المستعان.

[6] كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجودَ الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يَلْقاه جبريل، وكان يلقاه في كلِّ ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلَرَسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أجودُ بالخير من الرِّيح المرسلة؛ رواه البخاري عن عبدالله بن عباس رقم (6).

[7] بعض الأئمَّة يخطئ في التلاوة؛ لكونه يَنسى أو لم يُحضِّر جيدًا، فلا يُريد من أحد أن يَفتح عليه؛ لأنَّه متكبِّر! لا يحب النصيحة؛ لئلاَّ يُقال عنه: إنَّه غير حافظ أو نحوه، أو يَبحث له مخرجًا عند الفقهاء في أنه لا يجوز الفَتْح في الصلاة.

[8] من مقال قيِّم نُشِر في دار الخليج تحت عنوان (أنت المعلِّم يا رسول الله) بقلم أحمد حلمي سيف النصر بتاريخ 5-3-2010 الجمعة، والحديث أورده الألباني - رحمه الله - في ضعيف الجامع برقم (2490) عن أنس بن مالك.

[9] ((إذا أَمَّ أحدُكم الناس فليخفف؛ فإنَّ فيهم الصغيرَ والكبير، والضعيفَ والمريض، فإذا صلَّى وحْدَه فليصلِّ كيف شاء))؛ رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رقم (467).

[10] عن مجاهد: أنَّه كان يختم القرآن في رمضان في كلِّ ليلة؛ "التبيان" للنووي (ص/74)، وقال: إسنادُه صحيح، لكنه قال بعد إيراد جملة من اجتهادات السلف في ختْم القرآن، فقال: "والاختيار أنَّ ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمَن كان يظهر له بدقيقِ الفِكر، لطائف ومعارف، فليقتصرْ على قدر يحصل له كمال فَهْم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولاً بنشْر العلم، أو غيره من مهمَّات الدِّين، ومصالِح المسلمين العامَّة، فليقتصرْ على قدرٍ لا يحصل بسببه إخلالٌ بما هو مرصَد له، وإنْ لم يكن مِن هؤلاء المذكورين فليستكثرْ ما أمْكَنه من غير خروج إلى حدِّ الملل والهذْرَمة"؛ انتهى "التبيان" (ص: 76).

[11] استفدتُ من مقال لطيف لأخينا عبدالرحمن الرندي، نُشِر على موقع (مزامير آل داود)، بعنوان (وصيتي إلى أئمَّة التراويح والقيام).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من صور التغيير التربوي في الإسلام
  • برنامج مقترح للأئمة والخطباء في رمضان
  • إمام المسجد ورمضان!!
  • ما ينبغي لإمام المسجد معرفته من الأحكام الفقهية
  • دور المفتش التربوي

مختارات من الشبكة

  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: صيام ستة أيام من شوال بعد صيام شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أجوبة مختصرة حول أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام متفرقة في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام الأحد والاثنين والخميس والجمعة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام السبت(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام أيام البيض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صيام الست من شوال: صيام الدهر كله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صيام الجوارح صيام لا ينتهي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
مرشد الحيالي - الامارات 02-09-2010 11:09 PM

ارجو من لديه تعليق أن يكتبه هنا وأعتذر عن إعطاء البريد الالكتروني وشكر لجميع الإخوة الفضلاء

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب