• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

أدوا الأمانة ( خطبة )

أدوا الأمانة
الشيخ عبدالله بن ناصر الزاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/2/2014 ميلادي - 17/4/1435 هجري

الزيارات: 23216

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أدوا الأمانة

 

الخطبة الأولى

أما بعد أيها المسلمون فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾.

 

عباد الله: يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.

 

وأثنى على المحافظين عليها المراعين حقوقها في آيات كثيرة، منها قول الله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ حتى قال: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾.

 

وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنها من صفات المؤمنين وأن فقدها من صفات المنافقين فقال صلى الله عليه وسلم: (( لا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ ))، وأداؤها لأصحابها واجب حتى ولو خانوا، قال صلى الله عليه وسلم: ((أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ))

 

عباد الله: إن الأمانة من أبرز أخلاق الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فما من نبي إلا وقال لقومه: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ﴾، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يُعْرَف في قومه بالأمين.

 

والأمانة من صفات جبريل عليه السلام قال تعالى عن القرآن الكريم: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾.

 

ولا يكون العبد أمينًا إلا إذا أدى ما يجب عليه من حقوقٍ لغيره، حافظا ما استُؤمِن عليه من غير تفريط، عافًّا عمَّا ليس له، فمن اجتمعت فيه هذه الركائز فهو من المفلحين الذين وصفهم الله بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾.

 

أيها الأحباب: إن للأمانة مفهوماً واسعاً؛ فهي داخلة في كل ما افترض الله على العباد من أمور دينهم ودنياهم، صغيرها وكبيرها، الخاص منها والعام. يقول القرطبي رحمه الله: "تعم جميع وظائف الدين".

 

عكس ما يتصوره كثير من الناس اليوم ممن قصرت أفهامهم؛ فحصروا الأمانة في حفظ الودائع، وما حفظ الودائع إلا فرع من فروع الأمانة، فالقيام بالواجب أمانة، وترك المنهي أمانة، والأمر بالمعروف أمانة، والنهي عن المنكر أمانة، والحكم أمانة، ورعاية حقوق الأمة أمانة، والعلم أمانة، وحماية الدين والذب عن حياضه أمانة، وصيانة أرض الوطن المسلم أمانة، والحفاظ على الممتلكات العامة أمانة.

 

فمن أمعن ودقق النظر؛ وجد أن الأمن والطمأنينة والاستقرار مرتبط بتحقيق الأمانة، فإذا سادت الأمانة في المجتمع أمن الناس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم وفي طرقهم.

 

عباد الله: وإذا كانت الأمانة من الصفات التي أثنى عليها الشارع الحكيم ودعا إليها، فإنه قد حذر من ضدها؛ فقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ﴾.

 

وكفى بالخيانة قبحًا أنها سببٌ لدخول النار، قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴾.

 

أحبتي في الله: لقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوظائف أمانة، وأمر من تولاها أن يحسن فيها ويؤدي الواجب الذي عليه تجاهها، ونصح صلى الله عليه وسلم الضعفاء أن يُبعدوا عنها، فقد سأله أبو ذر رضي الله عنه أن يستعمله؛ فضرب بيده على منكبه وقال: ((يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا )).

 

فاتقوا الله عباد الله واستشعروا قيمة المسئولية وعظمها، فالصلاح وحده لا يكفي لتحمل المسؤولية، فلا أحد يشك في إيمان أبي ذر وصلاحه وتقواه، ولم يولِّهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لضعفه.

 

فكم نرى في المسلمين من تُوكل إليه المسؤولية وهو طيبٌ في نفسه ومؤمنٌ بربه وحسنٌ في عبادته، ولكنه لا يفعل خيرًا في مسؤوليته، وترى من تحت مسئوليته في ضياع وفوضى؛ المسئولية تحتاج إلى حسن إدارة وحزم وحكمة.

 

واعلموا عباد الله أن خيانة الأمانة من النفاق العملي، قال صلى الله عليه وسلم: ((آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ)).

 

فاحذروا انقلاب المفاهيم، فنحن في زمان فشت فيه الأهواء وقُلِبت الحقائق؛ فاستؤمن الخائن وخوِّن الأمين؛ ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: ((... وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُخَوَّنَ الْأَمِينُ وَيُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ...)) وأخبر صلى الله عليه وسلم بضياع الأمانة من الأمة فقال: ((أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الْأَمَانَةُ، وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلَاةُ...))، وفي الصحيحين قال: ((... فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ إِنَّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا....)).

 

فإذا كان هذا ديدنَ الناس في بيعهم وشرائهم وسائر شئونهم، فانتظر الساعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ ))، قيل: كيف؟ قال: ((إِذَا تَوَسَّدَ الْأَمْرَ غَيْرُ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ )).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

 

الخطبة الثانية

أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى

 

أيها المسلمون: ما أحوجنا لمحاسبة أنفسنا ومراجعة أحوالنا وأوضاعنا بصدق؛ فنُصلِح الخلل ونتلافى الخطأ، ليكون ذلك سبيلا لفلاحنا وصلاحنا ورقينا.

 

من ذلك: أن نعلم أن كل مصيبة تصيبنا فهي بسبب ذنوبنا، فيقودنا ذلك إلى التوبة والإنابة إلى الله عز وجل، فالله يبتلي عباده ليتوبوا وينيبوا، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ﴾.

 

ثم نتعرف على أسباب المصيبة وطرق علاجها، وكيف نتقيها مستقبلا.

 

ومما يعين على ذلك، أن يستشعر كل فرد مسئوليته في هذا المجتمع أمام الله جل وعلا، وأن يعلم أن الله قد حمَّله أمانةً عظيمة في هذه الحياة، وسيسأله عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)).

 

وتزداد المسؤولية على أصحاب المناصب الذين تسنموا مقاعد القيادة، وتولوا قيادة المجتمع، فليعلموا أن المناصب تكليف لا تشريف، وأن حلاوتها تتطلب تحملا للمسؤولية، وجهدا وعطاء، فإذا لم يؤدوها فهي عليه غُرمٌ يوم القيامة، ومن رأى في نفسه ضعفا فلا يتولين أمرا من أمور المسلمين، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: ((يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلاَ تَتَوَلَيَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ))

 

فهل نستشعر خطورةَ المناصب؟ وهل نؤد الأمانة التي علقها ولاة الأمر في رقابنا؟ وهل بذلنا الجهد اللازم الذي يخدم المصلحة العامة ويجلب النفع للمجتمع؟

 

فمن أدى الأمانة فليبشر بخير عظيم على ما قدم للمسلمين من خدمة ونفع، والويل ثم الويل لمن وُلِّيَ أمراً من أمور المسلمين ومصالحهم ثم فرط فيها، أو أهمل في واجباتها.

 

قال صلى الله عليه وسلم: ((مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ أَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ))؛ فالذي يحرص على جمع المال وتولي المنصب؛ إذا لم يتق الله في ماله ومنصبه كان مفسدا لدينه.

 

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وَيْلٌ لِلْأُمَرَاءِ وَيْلٌ لِلْعُرَفَاءِ وَيْلٌ لِلْأُمَنَاءِ لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِالثُّرَيَّا يَتَذَبْذَبُونَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَكُونُوا عَمِلُوا عَلَى شَيْء))

 

عباد الله: اعلموا أن المشاريع التي تنفذ، والوظائف التي تُشغل، بشتى أصنافها وأنواعها، كلها من أجل مصلحة المواطنين في البلاد، وهي أمانةٌ في عنق من يتولى أمرها، فالأمانة الأمانة، والحذر من الغدر والخيانة؛ فالله عز وجل يقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾، وحذر من الخيانة فقال: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾.

 

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم مسؤولون أمام الله جل وعلا عن ما أُوكل إليكم من أعمال، فأنتم مؤتمنون عليها، فكما أنكم لا ترضون التفريط ولا التقصير في مصالحكم الخاصة؛ فكذلك ولاةُ الأمر والمجتمعُ لا يرضون بالتفريط والتقصير في المصالح العامة.

 

ومن واجبات المسؤولين أن لا يولُّوا الأمر إلاَّ لأهل القوة والأمانة، وأهل الخير والصلاح والاستقامة، وأهل الصدق والنزاهة والورع، المعروفين بحسن السيرة والإخلاص في العمل، قال تعالى: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾.

فما فسدت مجتمعات المسلمين إلا يوم ضُيِّعت الأمانة؛ ورُوعِيَت المحسوبياتِ في تولية الأمور، وقُدِّمت المصالح الخاصة، وحُوِّلت المسؤولياتِ إلى منحٍ وهدايا.

 

عباد الله: استمعوا إلى هذه الرسائل النبوية:

قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا مُحَابَاةً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ... ))، وقال: ((مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِى أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لاَ يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ إِلاَّ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ))، وقال: ((أيما رجل استعمل رجلًا على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل، فقد غشَّ الله ورسوله، وغشَّ جماعة المسلمين))

 

وقال الفاروق رضي الله عنه: (من قلَّد رجلًا على عصابةٍ وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله وجماعة المؤمنين).

 

واحذروا عباد الله من أكل الحرام، فكل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، وقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا يَنْتِنُ مِنَ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ)).

 

واعلموا أن الأموال العامة أشد خطرا من غيرها، فالتفريط فيها من أعظم الموبقات قال صلى الله عليه وسلم: (( إنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ الله بغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ)).

 

ومن ذلك أيضا تعاطي الرشوةَ، تلك الجريمة النكراء التي جعلت الحقَّ باطلاً والباطلَ حقاً، فقد لُعن أصحابها على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي)).

 

فويلُ لمجتمع تنتشر فيه الرشوة، ولا يتعاونون على محاربتها، قال صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمْ الرِّبَا إِلَّا أُخِذُوا بِالسَّنَةِ وَمَا مِنْ قَوْمٍ يَظْهَرُ فِيهِمْ الرُّشَا إِلَّا أُخِذُوا بِالرُّعْبِ )).

 

ومن الجرم العظيم والإثم المبين: استغلالُ المناصب للمصالح الشخصية، والاختلاسُ من الأموال العامة. قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾، وقال صلى الله عليه وسلم: (( مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولاً يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْبَلْ عَنِّى عَمَلَكَ. قَالَ: (( وَمَا لَكَ؟)). قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: (( وَأَنَا أَقُولُهُ الآنَ مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِيء بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى )).

 

فاتقوا الله عباد الله واحذروا التهافت على الحرام، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من زمان كزماننا هذا، فقال:(( ليَأْتِيَنَّ على النَّاسِ زَمَانٌ لا يُبَالي المرْءُ بما أَخَذَ المَالَ أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَام؟ )).

 

أسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكفينا بحلاله عن حرامه، وأن يرزقنا القناعة بما رزقنا وأن يبارك لنا فيه.

 

هذا، وصلُّوا وسلِّمُوا على خير البرية وأزكى البشرية، فقد أمركم الله فقال جل وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أداء الأمانة
  • الأمانة
  • حكاية الأمانة
  • الأمانة ( خطبة )
  • دعوة الإسلام إلى الأمانة
  • الأمانة: فضائلها ومجالاتها (خطبة)
  • إسناد الأمر إلى أهله في كافة الأعمال
  • خطبة: خلق الأمانة

مختارات من الشبكة

  • إلى من أدوا صلاة الاستسقاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسلمو ميلانو أدوا صلاة الجمعة في ملعب للدراجات الهوائية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • وأي داء أدوأ من البخل؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أشواق أندلسية (قصيدة)(مقالة - موقع د. حيدر الغدير)
  • البوسنة: حجاج البوسنة يشكرون خادم الحرمين الشريفين على الاستضافة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تاجر مع الله(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مسلمو القوقاز في آتون الصراع الجورجي – الروسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ويقبضون أيديهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منع الماعون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرية الوسم الاجتماعي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب