• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوالدان القدوة (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    النجاة من التيه - لزوم المحكم واتخاذ الشيطان عدوا
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    إدمان السفر
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن اللذات
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نصيحتي لكم: خلاصة ما علمتني التجارب
    بدر شاشا
  •  
    تفسير سورة التكاثر
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الشتاء وميادين العبادة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    الله الله في إسلامكم (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الحديث السادس عشر: تحريم سب الأموات
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    حقوق المطلقات
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    بيان حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على العمل بكل ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أقسام القلوب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الفلق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    سر الإلحاح في الدعاء
    د. مصطفى طاهر رضوان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

أمة الوسط، لا تعصب ولا شطط (خطبة )

أمة الوسط، لا تعصب ولا شطط (خطبة )
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/2/2014 ميلادي - 9/4/1435 هجري

الزيارات: 22954

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمة الوسط، لا تعصب ولا شطط


أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - جَلَّ وَعَلا - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الإِسلامُ دِينُ وَسَطِيَّةٍ وَاعتِدَالٍ، وَمَنهَجُ يُسرٍ وَسَمَاحَةٍ، وَهُوَ قَصدٌ كُلُّهُ وَرِفقٌ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَمَن جَانَبَ اليُسرَ وَالسَّمَاحَةَ وَلم يُوَفَّقْ لِلِّينِ وَالرِّفقِ، بُلِيَ بِالعُسرِ وَالعُنفِ، وَسَلَكَ مَسَالِكَ الشِّدَّةِ وَالمَشَقَّةِ، وَصَارَت حَيَاتُهُ كُلُّهَا مُبَالَغَاتٍ وَتَطَرُّفًّا، وَتَجَاوُزًا لِلحَدِّ المُعتَادِ. وَإِذَا كَانَ هَلاكُ مَن قَبلَنَا بِالغُلُوِّ في الدِّينِ وَتَشدِيدِهِم عَلَى أَنفُسِهِم، فَإِنَّ غَالِبَ هَلاكِ آخِرِ هَذِهِ الأُمَّةِ يَكُونُ بِالغُلُوِّ في الدُّنيَا وَتَميِيعِ الدِّينِ، وَالتَّسَاهُلِ في تَطبِيقِ الشَّرَائِعِ وَالتَّفرِيطِ في الحُدُودِ. وَلا وَاللهِ لا يُبَالي الشَّيطَانُ في سَبِيلِ إِيقَاعِ الإِنسَانِ في الهَلاكِ وَالخَسَارَةِ، بما سَيَّرَهُ فِيهِ مِن أَحَدِ طَرَيقَينِ مَمقُوتَينِ: إِمَّا التَّفرِيطُ وَالتَّسَاهُلُ، وَإِمَّا الإِفرَاطُ وَالتَّشَدُّدُ، إِذْ كُلُّ مِنهُمَا غُلُوٌّ وَشَطَطٌ، وَتَجَاوُزٌ لِلحَدِّ وَخُرُوجٌ عَن سَبِيلِ الوَسَطِ.

 

وَمَن تَدَبَّرَ أَوَامِرَ الشَّرِيعَةِ وَنَوَاهِيَهَا، تَبَيَّنَت لَهُ مَظَاهِرُ عَدِيدَةٌ، تَتَبَيَّنُ فِيهَا سَمَاحَةُ الإِسلامِ وَيَتَجَلَّى بها يُسرُهُ، فَفِي العِبَادَةِ وَهِيَ الَّتي مِن أَجلِهَا خُلِقَ الإِنسَانُ، لا تُغفَلُ بَشَرِيَّةُ المَرءِ وَضَعفُهُ، وَلا تُهمَلُ حَاجَاتُهُ الفِطرِيَّةُ، وَمِن ثَمَّ فَهُوَ مَأمُورٌ بِأَخذِ مَا يُطِيقُهُ وَيَستَطِيعُهُ، وَمَنهِيٌّ عَن تَكلِيفِ نَفسِهِ مَا لا يَقدِرُ عَلَيهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَاتَّقُوا اللهَ مَا استَطَعتُم ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " اِكلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتى تَمَلُّوا " أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " فَإِذَا نَهَيتُكُم عَن شَيءٍ فَاجتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرتُكُم بِأَمرٍ فَأتُوا مِنهُ مَا استَطَعتُم " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَعَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: جَاءَ ثَلاثَةُ رَهطٍ إِلى بُيُوتِ أَزوَاجِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَسأَلُونَ عَن عِبَادَةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا أُخبِرُوا كَأَنَّهُم تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَينَ نَحنُ مِنَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَد غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ أَحَدُهُم: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيلَ أَبَدًا. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهرَ وَلا أُفطِرُ. وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَيهِم فَقَالَ: أَنتُمُ الَّذِينَ قُلتُم كَذَا وَكَذَا؟! أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَخشَاكُم للهِ وَأَتقَاكُم لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَن رَغِبَ عَن سُنَّتي فَلَيسَ مِنِّي " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

 

وَفي الدُّعَاءِ الَّذِي هُوَ مِن صَمِيمِ العِبَادَةُ، يُنهَى الدَّاعِي عَنِ الغُلُوِّ فِيهِ، وَيُؤمَرُ بِالتَّوَسُّطِ دُونَ الجَهرِ وَفَوقَ المُخَافَتَةِ، قَالَ -تعالى-: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 110]

 

وَفي الأَكلِ وَالشُّربِ وَاللِّبَاسِ وَأَخذِ الزِّينَةِ وَتَنَاوُلِ الطَّيِّبَاتِ، يَنهَى الإِسلامُ عَن تَحرِيمِ الطَّيِّبَاتِ، وَيَمنَعُ في المُقَابِلِ عَنِ الإِسرَافِ وَالتَّبذِيرِ، قَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 31، 32]

 

وَفي بَذلِ المَالِ وَإِنفَاقِهِ، يُوصَفُ عِبَادُ الرَّحمَنِ بِالتَّوَسُّطِ وَالاعتِدَالِ، بِلا إِسرَافٍ وَلا تَقتِيرٍ، قَالَ -تعالى-: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67] وَقَالَ -تعالى-: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29].

 

وَفي الحُكمِ بَينَ النَّاسِ، يُؤمَرُ المُؤمِنُونَ بِالعَدَلِ حَتى مَعَ مَن يَكرَهُونَ، وَيُنهَونَ عَنِ المَيلِ مَعَ طَرَفٍ عَلَى حِسَابِ آخَرَ، قَالَ -تعالى-: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].

 

وَفي الدُّنيَا بِعَامَّةٍ، لم يُؤمَرِ النَّاسُ بِتَركِهَا بِالكُلِّيَّةِ، كَمَا لم يُترَكُوا لِيَستَغرِقُوا فِيهَا وَكَأَنْ لَيسَ لهم هَدَفٌ إِلاَّ اللَّهَثُ وَرَاءَهَا، وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِالتَّوَسُّطِ في ذَلِكَ وَالقَصدِ، قَالَ -تعالى-: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77]

 

وَفي الجُملَةِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ كُلَّ أُمُورِ الشَّرعِ تَدُلُّ بِوُضُوحٍ وَجَلاءٍ، عَلَى أَنَّهُ دِينُ الحَنِيفِيَّةِ السَّمحَةِ وَالرَّحمَةِ، وَمَنهَجُ اليُسرِ وَالبِشَارَةِ وَالوَسَطِيَّةِ؛ غَيرَ أَنَّ هَذِهِ الوَسَطِيَّةَ لِمَن هَدَاهُ اللهُ، هِيَ أَوَامِرُ الدِّينِ كُلُّهَا، وَنَوَاهِيهِ جَمِيعُهَا، وَحُدُودُهُ وَأَحكَامُهُ وَسُنَنُهُ بِلا استِثنَاءٍ، وَهِيَ مَا كَانَ عَلَيهِ مُحَمَّدٌ وَأَصحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ، وَسَلَفُ الأُمَّةِ الصَّالِحُونَ وَعُلَمَاؤُهَا الرَّاسِخُونَ؛ فَإِنَّ اللهَ نَظَرَ في قُلُوبِ العِبَادِ فَوَجَدَ قَلبَ مُحَمَّدٍ خَيرَ قُلُوبِ العِبَادِ فَاصطَفَاهُ لِنَفسِهِ وَابتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثم نَظَرَ في قُلُوبِ العِبَادِ بَعدَ قَلبِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصحَابِهِ خَيرَ قُلُوبِ العِبَادِ فَجَعَلَهُم وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَآهُ المُسلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِندَ اللهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوهُ سَيِّئًا فَهُوَ عِندَ اللهِ سَيِّئٌ، وَأَمَّا مَا يَرَاهُ مَن أَغفَلَ اللهُ قُلُوبَهُم عَن ذِكرِهِ وَاتَّبَعُوا أَهوَاءَهُم وَكَانَ أَمرُهُم فُرَطًا، ممن أَعمَلُوا عُقُولَهُم الخَاوِيَةَ وَتَفكيرَهُمُ السَّطحِيَّ في شَرعِ اللهِ، فَمَا اشتَهَوهُ وَرَغِبَتهُ أَنفُسُهُمُ المَرِيضَةُ زَعَمُوا أَنَّهُ الوَسَطُ وَالحَقُّ، وَمَا لم يَكُنْ عَلَى مَا يَشتَهُونَ حَارَبُوهُ وَاجتَمَعُوا عَلَى تَنفِيرِ النَّاسِ مِنهُ وَوَاجَهُوهُ سِيَاسِيًّا وَإِعلامِيًّا، فَإِنَّمَا هُوَ الضَّلالُ الَّذِي نُهِينَا عَن طَاعَةِ أَصحَابِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم: 30 - 32].

 

اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَلَينَا، وَانصُرْنَا وَلا تَنصُرْ عَلَينَا، وَامكُرْ لَنَا وَلا تَمكُرْ عَلَينَا، وَاهدِنَا وَيَسِّرِ الهُدَى لَنَا، وَانصُرْنَا عَلَى مَن بَغَى عَلَينَا...

 

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّ الإِنسَانَ بِلا تَمَسُّكٍ بِالدِّينِ، لا يَفتَأُ يَتَقَلَّبُ وَيَتَذَبذَبُ، وَيَركَبُ الشَّطَطَ وَيَتَعَصَّبُ، إِمَّا حَمِيَّةً لِقَومِهِ وَقَبِيلَتِهِ، أَو نُصرَةً لِشَعبِهِ وَدَولَتِهِ، وَإِمَّا مُجَامَلَةً لِحِزبٍ أو طَائِفَةٍ أَو مَذهَبٍ، أَو رُكُونًا إِلى دُنيَا وَتَمَسُّكًا بِمَنصِبٍ، وَإِمَّا مَيلاً نَفسِيًّا لِعُنصُرٍ أو جِنسٍ أَو عِرقٍ.

 

وَأَمَّا شَرُّ أَنوَاعِ التَّعَصُّبِ وَأَدَلُّهُ عَلَى خَوَاءِ عُقُولِ أَهلِهِ وَبُعدِهِم عَن وَسَطِيَّةِ الدِّينِ وَيُسرِهِ، وَجَهلِهِم بِالأَسبَابِ الَّتي تَكُونُ عَلَيهَا المُوَالاةُ وَالمُعَادَاةُ وَيُحمَدُ فِيهَا التَّنَاصُرُ، فَهُوَ التَّعَصُّبُ لما لا فَائِدَةَ مِن وَرَائِهِ دِينِيًّا وَلا دُنيَوِيًّا، وَإِنَّمَا هُوَ تَخدِيرٌ لِلأُمَّةِ وَإِمَاتَةٌ لِشُعُورِ أَبنَائِهَا وَصَرفٌ لَهُم عَنِ الأَمجَادِ والمَعَالي، وَمِن ذَلِكَ مَا بُلِيَت بِهِ الأُمَّةُ مِنَ التَّعَصُّبِ الرِّيَاضِيِّ، وَالغُلُوِّ وَالتَّشَدُّدِ في اتِّبَاعِ نَادٍ مُعَيِّنٍ أَو تَشجِيعِ فَرِيقٍ مُحَدَّدٍ، يَتَجَاوَزُ المَرءُ لأَجلِهِ حُدُودَهُ وَلا يَقِفُ عِندَ مَعَالِمِهِ، وَيَخرُجُ عَنِ القَصدِ وَيَضِلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ، فَيُحِبُّ مَن لا يَجُوزُ لَهُ حُبُّهُ، وَيُبغِضُ مَن يَحرُمُ عَلَيهِ بُغضُهُ، وَيَمدَحُ مَن لا يَستَحِقُّ مَدحًا، وَيَذُمُّ مَن قَد لا يَلحَقُهُ ذَمٌّ، وَيَوَالي وَيُعَادِي في غَيرِ اللهِ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فـ - ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [المائدة: 55، 56]





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من خصائصنا أننا خير الأمم، وأمة وسط، وشهداء على الناس
  • خطبة: أمة قادتها مشاعل

مختارات من الشبكة

  • خطبة: مولد أمة وحضارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوالدان القدوة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشتاء وميادين العبادة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الله الله في إسلامكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع حديث جامع لآفات النفس (خلاصة خطبة جمعة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستسقاء (خطبة)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • العدل في الرضا والغضب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ليس منا (الجزء الأول)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بدع ومخالفات في المحرم(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 


تعليقات الزوار
4- لا ضرر ولا ضرار
بشير الحطامي - اليمن 10/02/2016 11:18 PM

بمفهومي البسيط عن الوسطية وربما أصيب أو أخطئ برأيي فإنها الالتزام بما أمر الله به وبينه رسوله صل الله عليه وسلم أو فعله دون تفريط وتساهل وتهاون ودون زياده عليها وغلو

3- مظهر من مظاهر الوسطية
سميه اسماعيل بحيرى - السعودية 10/02/2016 02:17 PM

في الأكل والشرب واللباس وأخذ الزينة وتناول الطيبات، ينهى الإسلام عن تحريم الطيبات، ويمنع في المقابل عن الإسراف والتبذير قال:جل وعلا يا (بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين  * قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعملون)

2- أمه الوسط
نوال الشمري - السعودية 09/02/2016 12:02 AM

في الدعاء الذي هو مِن صَميم العِبادة، يُنهَى الداعِي عَنِ الغُلُوِّ فيه ،وَيُؤمر بِالتَّوَسُّطِ دون الجَهر وفوق المُخافتة.

1- الوسطية منبر الحياة
السيد عبد الحميد اليمانى - مصر 08/02/2016 11:14 PM

حياتنا اليومية نمر فيها بمواقف حياتيه مليئة بالصعاب والعواقب فما كان منا إلا أن نصبر على هذه المواقف ومعالجتها وحلها من خلال حلول وسطية لا تخالف شريعتنا الإسلامية وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعدم التشدد لرأي أحد ولا فتوى شخص معين بل الاخذ برأى الجمهور الوسطي المعتدل فما كان الرفق في يء إلا شانه وما نزع من شيء إلا هانه فالرفق هنا من الوسطية فى التعامل في الرأي والحكم على المواقف والتعامل مع الصعاب.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/6/1447هـ - الساعة: 12:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب