• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد الحرام
علامة باركود

خطبة المسجد الحرام 2/8/1433 هـ - الاستقرار وأهميته في حياة المسلمين

الشيخ سعود الشريم


تاريخ الإضافة: 20/12/2013 ميلادي - 16/2/1435 هجري

الزيارات: 18429

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاستقرار وأهميته في حياة المسلمين

 

ألقى فضيلة الشيخ سعود الشريم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الاستقرار وأهميته في حياة المسلمين"، والتي تحدَّث فيها عن أهمية الاستقرار في حياة كل مسلمٍ؛ بل كل إنسانٍ على وجه هذه البسيطة؛ إذ النفوسُ تهفُو إليه، وتسعَى بكل ما تملِك لتحقيقه ونَيْلِه، وبيَّن أن الكتابَ والسنةَ جاءا مُجلِّيان هذه المعاني، مُنبِّهًا إلى أن الدعوةَ إلى الاستقرار لا تعنِي عدم التصحيحِ للأخطاء، مُشيًا إلى خطأ بعض المُصطلحات التي تناثَرَت في وسائل الإعلام في هذه الآونةِ بشأن الفوضى والاستقرار.


الخطبة الأولى

الحمد لله الواحد الأحد، الفردِ الصمد، الذي لم يلِد ولم يُولَد، ولم يكن له كُفُوًا أحَد، خلقَ فسوَّى، وقدَّر فهدَى، ﴿ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 70]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله، وخليلُه وخِيرتُه من خلقه، بعثَه الله بين يدَي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا مُنيرًا، فبلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونصحَ الأمَّة، وجاهدَ في الله حقَّ جهاده، فصلواتُ الله وسلامُه عليه وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى الصحابة والتابعين، ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد:

فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله - سبحانه -؛ فإنها مفتاحُ السعادة، وبريدُ النجاةِ والفوزِ بالنعيم المُقيم، ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62، 63].

 

عباد الله:

مطلبٌ منشود، وحاجةٌ مُلِحَّة، وغايةٌ تركَنُ إليها الخلائِقُ على هذه البسيطة؛ لعلمِها وإدراكِها بأن الحياةَ بدونها خِداجٌ. هو مطلبٌ شرعيٌّ ودنيويٌّ، وهو مطلبٌ دُوليٌّ ومحليٌّ، وأُسريٌّ، وسياسيٌّ، واقتصاديٌّ، وتربويٌّ. إنه - يا رعاكم الله -: الاستقرار؛ نعم، الاستقرار بكل ما تحمِلُه هذه الكلمة من المعنى الكبير والمِفصلٍ المُهمِّ في تحديدِ المصير؛ حيث إن جميعَ شؤون الحياة مرهونةٌ به وجودًا وعدَمًا.


إنه الاستقرار الذي يعني: الهدوءَ والثبوتَ، والسُّكونَ والطمأنينةَ، والتكامُلَ والتوازُنَ. إنه الاستقرار الذي يُقابِلُ الشَّغَبَ والاختلالَ، وإنه الانتظام الذي يُقابِلُ الفوضى والاستِهتار، فبالاستقرار يسودُ الأمنُ، وبالأمن يؤدِّي المرءُ أمرَ دينه ودنياه بيُسرٍ وسهولةٍ، وطمأنينة بالٍ.


والاستقرارُ نعمةٌ كُبرى يمُنُّ الله بها على عباده في حين أن فُقدانَه بلاءٌ وامتِحان، كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155].


ومن تأمَّل نعمةَ الاستقرار حقَّ التأمُّلِ فسيرَى بصفاءِ لُبِّه وفِكره أن هذه الضرورةَ يشترِكُ فيها الإنسُ والجنُّ والحيوانُ الأعجَمُ، كلُّ هذه المخلوقاتِ تنشُدُ الاستقرارَ، ولا حياةَ هانِئةً لها بدونِه؛ فقد جاء النهيُ عن البولِ - أجلَّكم الله - في الجُحْرِ؛ لأنه من مساكنِ الجنِّ، والبولُ فيه سببٌ في إيذائِها المُفرِزِ إيذاءَها للإنسِ.


وأما الحيوانُ الأعجمُ؛ فقد قال أبو مسعودٍ - رضي الله عنه -: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، فانطلقَ لحاجته، فرأينَا حُمَّرةً معها فَرْخان، فأخذنا فرْخَيْها، فجاءت الحُمَّرة فجعلَت تفرُشُ، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من فجَعَ هذه بولدَيْها؟ رُدُّوا ولدَيْها إليها»؛ رواه أبو داود.


وأما أثرُ الاستقرار، وحاجةُ بني الإنسان إليه؛ فقد جاء في كلماتٍ يسيراتٍ من فمِ صاحبِ الرسالةِ - صلوات الله وسلامه عليه - الذي أُوتِيَ جوامعَ الكلِم؛ حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أصبحَ آمنًا في سِربِه، مُعافًى في بدنه، عنده قُوتُ يومه؛ فكأنَّما حِيزَت له الدنيا بحذافِيرها»؛ رواه الترمذي، والبخاري في "الأدب المفرد".


ولما كان الإسلامُ هو شِرعَةَ الله ومنهاجَه، وصِبغتَه وفِطرتَه التي فطَرَ الناسَ عليها، وهو - سبحانه - أعلمُ بخلقه وبما يصلُحُ لهم في حياتهم ودينهم ودنياهم، وعاقبةِ أمرِهم وآجِلِه؛ فقد شرعَ لهم من الدين ما يكونُ سببًا للاستقرار.


ولما كانت نُظُمُ المُجتمع المُختلفة - سياسيَّةً واقتصاديَّةً، ودينيَّةً وتربويَّةً - تُشكِّلُ البناءَ الاجتماعيَّ الذي يُشبِعُ احتِياجَ المُجتمعات دون تنغيصٍ؛ فقد جعلَت الشريعةُ الغرَّاءُ الاستقرارَ مِقياسًا رئيسًا في كل مشروعٍ، ووجودُه سببٌ في النجاحِ، وفُقدانُه فشلٌ في السيرِ الآمِن في مَهامِهِ الحياة ودُرُوبِها، واختلالٌ لكل مشروعٍ مطروحٍ؛ لأن الاستقرارَ هو التكامُلُ والتوازُنُ وحارِسُ المسيرة.


وعندما نرى أن الأُسرةَ مُجتمعٌ صغيرٌ؛ فقد ظهرت عنايةُ الإسلام بالاستقرارِ في رِحابِها، ورأْبِ كل صَدعٍ يُخِلُّ بمنظومةِ الأُسرةِ التي هي لبِنَةٌ من لبِناتِ المُجتمع الكامِلِ؛ فقد حرِصَ الإسلامُ على توطيدِ الاستقرارِ فيها، وبَذلِ الجهود في ألا تخسرَه أيُّ أُسرةٍ إلا في حالاتِ الفَشَلِ الذَّريعِ وتعذُّر الاجتماع، فقد قال الله - جل وعلا - عن الزوجين: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].


فإذا كان هذا هو موقفَ الإسلام في حقِّ الأُسرة الصغيرة؛ فما ظنُّكم بحقِّ الأُسرة الكبيرة التي هي المُجتمعُ المُسلِم المُجتمِعُ تحت لواءٍ واحدٍ وإمامٍ واحدٍ؟ ولا شكَّ أن الأمر أشدّ والثُّلْمَةَ فيه أخطرُ من أيُّ ثُلْمَة؛ لأن بانعِدامَ الاستقرار فيه انعِدامًا لقيمةِ الحياة الحقيقية.


وربُّ أسرةِ المُجتمع الكبير هو قائدُها وإمامُها ووليُّ أمرها الذي يرعَى شُؤونَها بالعدلِ والحقِّ والرحمة، ولأجل هذا جاءت شريعتُنا الإسلاميةُ سادَّةً لكل ثغرٍ يُمكنُ أن يُنغِّصَ هذا المفهومَ، أو أن يتسلَّلَ من خلاله لِواذًا؛ فقد قال - صلوات الله وسلامه عليه -: «من أتاكم وأمرُكم جميعٌ يُريدُ أن يُفرِّقَ جماعتَكم فاقتُلُوه»؛ رواه مسلم.


وما ذاكَ - عباد الله - إلا حمايةً للمُجتمع، وتوطيدًا للاستقرار؛ لأن في قتلِ المُزعزِعِ وحده حياةَ المُجتمع كلِّه.


بَيْدَ أن الدعوةَ إلى الاستقرار لا تُلغِي تصحيحَ أي خطأٍ ألبَتَّة، كما أنها لا تقِفُ حجر عثرةٍ أمام السعيِ إلى الانتقالِ من الأمر الفاسدِ إلى الأمر الصالح، أو من الأمرِ الصالحِ إلى الأمرِ الأصلَحِ، أو درء الأمر الفاسدِ بالأمر الصالحِ، أو درء الأفسَد بالأقلِّ فسادًا. فهذه هي أُسُس التصحيحِ المُلائِمِ لمبدأ الاستقرار.


وحُقَّ لنا أن نستلهِمَ هذه السياسة الشرعيَّة واعتبار قيمة الاستقرار في اتخاذ الخُطوات والتدابِيرِ والمُوازَنة بين المصالحِ والمفاسِدِ من قولِ النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: «لولا حداثةُ قومِك بالكُفر لنقضتُ البيتَ - أي: الكعبة - ثم لبنَيتُه على أساس إبراهيم - عليه السلام - ..» الحديث؛ رواه البخاري، ومسلم.


ومثلُ هذه المواقف كلما كانت هادِئةً مُتَّئِدةً مُتدرِّجة فإنها ستُوصِلُ إلى الغايةِ المنشودة؛ لأن الفوضَى لا تُثمِرُ إلا تفكُّكًا، والشغبَ لا يَلِدُ إلا عُنفًا واضطرابًا، والسعيُ الهادئُ بلا التفاتٍ يُوصِلُ إلى المُبتَغَى قبل السعيِ المشُوبِ بالالتفاتِ؛ لأن المُتلفِّتَ كثيرًا لا يصِلُ سريعًا، والالتفاتُ لا يكونُ ما دامَ الاستقرارُ هو المُهيمِنَ على مراحلِ العملِ والمسيرِ، ولقد صدقَ الله: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46].


باركَ الله ولكم في القرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، قد قلتُ ما قلتُ، إن صوابًا فمن الله، وإن خطأً فمن نفسي والشيطان، وأستغفرُ الله إنه كان غفَّارًا.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانِه.


وبعد:

فاتقوا الله - عباد الله -.


ثم اعلموا أن عالمَنا اليوم عالمٌ مفتوحٌ يكثُرُ فيه القولُ ويقِلُّ الفعلُ، وتتلاقَحُ فيه المعلومات من كل صوبٍ وفي كل اتجاهٍ، وربما سارعَ الفُضولُ لدى بعضِ الأغرار لينهلَ ثقافةً ليست من بابَته ولا هي من لباسِه؛ فكان مما تأثَّر به بعضُ اللَّهازِمِ من بني مُجتمعاتنا الإسلامية أن أخذَ لَبُوسَ الأجنبيِّ عنَّا واغترَّ بتذويقِه دون أن يُدرِكَ حقيقةَ مُلاءمَته من عدمِها، ودون أن يعرِفَ الأسبابَ والدواعِيَ لهذا اللَّبُوسِ الزائِفِ، فظنَّ البعضُ منهم أنهم بحاجةٍ إلى ثقافةٍ أجنبيَّةٍ تتحدَّثُ عن سبيلِ الوصولِ إلى الاستقرارِ من خلالِ ما يُسمُّونَه: "الفوضَى الخلَّاقة"، أو ما يُسمُّونَه: "الفوضَى البنَّاءة"، وهي خلقُ الفوضَى المُؤدِّية إلى الاضطراب لأجل أن ينشأَ الاستقرارُ من جديدٍ بحُلَّةٍ غير تلك التي خُرِّبَت بالفوضَى والاضطراب.


ويزعُمونَ أنها هي التي تُولِّدُ الشجاعةَ والسِّلْمِ، وما علِمَ أولئك المغرورون أن مبدأَ هذه النظرية إنما هو أساسٌ إلحاديٌّ يُسمُّونَه: "نظريةَ الانفجارِ الكونيِّ"؛ أي: أن الكونَ كلَّه خُلِقَ من الفوضَى، وأن الفوضَى هي التي خلقَت النظامَ في العالَم - تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا.


وإن الأسفَ ليشتدُّ حينما يُدرِكُ بعضُ العُقَلاء أن ما يُسمَّى بالفوضَى الخلَّاقة إنما هو مصطلحٌ استخدمَه الغازِي الأجنبيُّ بحُجَّة أن تغييرَ المُجتمعات وتغييرَ حُكوماتهم إنما يكونُ بإحداثِ الفوضَى المُفضِيَة إلى التغيير.


وإن مما يحمَدُه كلُّ غَيورٍ في هذه البلادِ المُبارَكةِ - بلاد الحرمين الشريفين - أن مطارِقَ الحاسِدين والمُتربِّصين إنما تضرِبُ في صخرٍ صلْدٍ لم تُضِرْه، وأوهَى مطارِقَه الحاسِدُ الحاقِدُ؛ فإن اعتزازَ هذه البلاد بتحكيمِ الشريعةِ ورعايةِ الحرمين الشريفين يحُولان - بإذن الله - دون أي تربُّصٍ غاشمٍ، فبقِيَت - بحفظ الله وعنايته - منيعةً أمام التيارات والعواصِفِ. ما يُوجِبُ الشكرَ للباري - جلَّ شأنُه -، ثم يُؤكِّدُ أثرَ الرجوعِ إلى الله، والتكاتُف والاجتماع ونبذ الفُرقة.


وقد مرَّت بلادُنا بأزماتٍ عُضالٍ كادَ بها الكائِدون، فأعانَها الله على الخروج منها كما تخرجُ الشعرةُ من العجين، وهي تُقادُ بأوتادٍ وأطوادٍ من أئمتها وقادتِها، ومهما فقدَت من أركانِها فخلَفُه في دائرةِ المسؤوليَّة صامِدٌ.


وقد رُزِئَت هذه البلادُ في الأيام الماضِية برحيلِ وليِّ عهدها وعضُدِ وليِّ أمرِها: نايفِ بن عبدالعزيز بعد عُمرٍ حافلٍ بالرعايةِ والعنايةِ لأمنِ هذه البلادِ، وفي قيادةِ البلادِ من الاستقرار والتوازُن ما يُذكِّرُنا بقولِ القائلِ:

إذا ماتَ منَّا سيدٌّ قامَ سيِّدٌ
قؤُولٌ لما قالَ الكِرامُ فَعُولُ

 

فرحِمَ اللهُ وليَّ العهد الراحلَ، وأسكنَه فسيحَ جنَّاته، ووفَّقَ خلفَه لكل خيرٍ، ونفعَ به، وسدَّد على الخيرِ خُطاه، وإنا لنُبايِعُه على السمعِ والطاعةِ في المنشَطِ والمكرَه وأثرةٍ علينا.


حمَى اللهُ بلادَنا من كل سُوءٍ ومكروهٍ، وحمَى سائرَ بلاد المُسلمين وأهلِها من كيدِ الكائدين، وعُدوانِ المُعتدين، إنه سميعٌ مُجيبٌ.


هذا وصلُّوا - رحمكم الله - على خيرِ البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، صاحبِ الحوض والشفاعة؛ فقد أمركم الله بذلك في قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب : 56]، وقال - صلوات الله وسلامه عليه -: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».


اللهم صلِّ وسلِّم وزِد وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ، صاحبِ الوجهِ الأنور، والجَبين الأزهَر، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابةِ نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وعن التابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.


اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسنةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنين.


اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقضِ الدَّيْن عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.


اللهم انصر إخواننا المُستضعفين في دينهم في كل مكانٍ، اللهم انصرهم على من ظلمَهم ومن خذَلَهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصر إخواننا في سُوريا على من طغَى وبغَى عليهم، اللهم عجِّل لهم بالنصر والفرَج، اللهم ارحم موتاهم، واشفِ مرضاهم، وفُكَّ أسراهم، وارحم ثَكلاهُم يا ذا الجلال والإكرام يا رب العالمين.


اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حيُّ يا قيُّوم، اللهم أصلِح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.


﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].


سبحان ربِّنا رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد الحرام 21/5/1433 هـ - التحذير من أكل المال الحرام(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • خطبة المسجد الحرام 16 / 10 /1434 هـ - أهمية الوحدة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 18/7/1433 هـ - النظام والفوضى في حياة المسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 13 / 12 / 1434 هـ - وصايا للحجاج في ختام الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 28 / 11 / 1434 هـ - أخلاقنا في الحروب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 21 / 11 / 1434 هـ - مظاهر العبودية لله في الحج(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • خطبة المسجد الحرام 14 / 11 / 1434 هـ - الفهم والإدراك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 7 / 11 / 1434 هـ - حسن التصرف والوعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 23 / 10 / 1434 هـ - حقوق الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 17 / 9 / 1434 هـ - الشكر وفضل الشاكرين(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب