• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم الخوف دون الطبيعي من غير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: الهجرة النبوية دروس وعبر
    مطيع الظفاري
  •  
    الصدقات تطفئ غضب الرب
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    السلام النفسي في فريضة الحج
    د. أحمد أبو اليزيد
  •  
    الذكر بالعمل الصالح (خطبة)
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    الدرس السابع والعشرون: حقوق الزوجة على زوجها
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الخيانة المذمومة (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    الإسلام كرَّم الإنسان ودعا إلى المساواة بين الناس
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أدلة الأحكام من القرآن
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    التقوى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    نار الآخرة (10) سجر النار وتسعيرها
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الفتاح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    المحرم من الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    البدعة في الدين
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ..}
    د. خالد النجار
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

مسؤولية الكلمة

مسؤولية الكلمة
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/9/2012 ميلادي - 16/10/1433 هجري

الزيارات: 51940

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسؤولية الكلمة

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

وَفِي عَصرٍ تَقَدَّمَت فِيهِ وَسَائِلُ الاتِّصَالاتِ، وَتَوَفَّرَت بَرَامِجُ لِلتَّوَاصُلِ الاجتِمَاعِيِّ وَالمُحَادَثَاتِ، وَسَهُلَتِ المُرَاسَلاتُ وَالمُكَاتَبَاتُ، إِذْ ذَاكَ قَلَّ شَأنُ الكَلِمَةِ عِندَ الكَثِيرِينَ وَخَفَّ مِيزَانُهَا، وَصَارُوا لا يُلقُونَ بَالاً لما يَكتُبُونَ، بَل صَارَ شَأنُ الكَلِمَةِ لَدَى أَحَدِهِم كَضَغطَةِ زِرٍّ في جَوَّالِهِ أَو حَاسِبِهِ، ثم هُوَ لا يَحسِبُ لما بَعدَ ذَلِكَ حِسَابًا.

 

وَإِذَا كَانَ لِلكَلِمَةِ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - مِنَ التَّأثِيرِ مَا لها، في بَثِّ الفَرَحِ أَو نَشرِ الحُزنِ، أَو جَمعِ الصَّفِّ أَو تَفرِيقِهِ، أَو إِقَامَةِ البِنَاءِ أَو هَدمِهِ، فَإِنَّ ثَمَّةَ أَمرًا قَد غَفَلَ عَنهُ كَثِيرُونَ، مَعَ أَنَّ لِلكَلِمَةِ فِيهِ أَثَرَهَا في قُربِ العَبدِ مِن رَبِّهِ أَو بُعدِهِ مِن خَالِقِهِ، ذَلِكُم هُوَ مَا يُمكِنُ أَن يُسَمَّى بِالمِصدَاقِيَّةِ، أَو مَسؤُولِيَّةِ الكَلِمَةِ وَتَبِعَتِهَا، أَو بِلَفظٍ آخَرَ، قَدرُ الكَلِمَةِ في وَاقِعِ قَائِلِهَا وَكَاتِبِهَا، وَحَظُّهُ مِن تَطبِيقِهَا عَلَى نَفسِهِ.

 

إِنَّ سُهُولَةَ الكِتَابَةِ في هَذِهِ الأَجهِزَةِ الحَدِيثَةِ وَتِلكَ الشَّبَكَاتِ، وَكَونَهَا قد لا تَحتَاجُ إِلاَّ إِلى القَصِّ أَوِ النَّسخِ، ثم اللَّصقِ وَالإِرسَالِ لأَشخَاصٍ آخَرِينَ، إِنَّ ذَلِكَ جَعَلَ مِنَ الكَلِمَةِ لَدَى الكَثِيرِينَ مُجَرَّدَ حَرَكَاتٍ يُؤَدِّيهَا أَحَدُهُم في ثَوَانٍ مَعدُودَةٍ، دُونَ شُعُورٍ أَو إِحسَاسٍ بِثِقَلِ هَذِهِ الكَلِمَةِ وَوَزنِهَا.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

لَقَد أَمَرَ اللهُ - تَعَالى - المُؤمِنِينَ بِأَن يَتَّقُوهُ وَيَقُولُوا قَولاً سَدِيدًا، وَوَعَدَهُم بِأَن يُصلِحَ لهم بِذَلِكَ أَعمَالَهُم وَيَغفِرَ لَهُم ذُنُوبَهُم. وَالقَولُ السَّدِيدُ الَّذِي هَذِهِ نَتِيجَتُهُ، إِنَّمَا هُوَ القَولُ المُستَقِيمُ الَّذِي لا اعوِجَاجَ فِيهِ وَلا انحِرَافَ، وَفي مَوضِعٍ آخَرَ يَضرِبُ اللهُ لِلكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ مَثَلاً بِالشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ الَّتي أَصلُهَا ثَابِتٌ وَفَرعُهَا في السَّمَاءِ، تُؤتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذنِ رَبِّهَا، وَأَمَّا الكَلِمَةُ الخَبِيثَةُ فَإِنَّمَا هِيَ شَجَرَةٌ خَبِيثَةٌ اجتُثَّت مِن فَوقِ الأَرضِ مَالَهَا مِن قَرَارٍ، وَلَو نَظَرَ مُتَأَمِّلٌ فِيمَا يَكتُبُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَيَنشُرُونَهُ مِن رَسَائِلَ قَد تَبدُو في الظَّاهِرِ عَلَى جَانِبٍ مِنَ الجَمَالِ وَالكَمَالِ وَقُوَّةِ التَّأثِيرِ، ثم وَازَنَ بَينَ مَا يُكتَبُ وَبَينَ الأَفعَالِ وَالتَّصَرُّفَاتِ في الوَاقِعِ، لَوَجَدَ أَنَّ وَصفَ الكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ لا يَنطَبِقُ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا يُكتَبُ وَلِلأَسَفِ الشَّدِيدِ، حَتى وَإِن زَانَ لَفظُهَا وَتَمَاسَكَت كَلِمَاتُهَا وَتَنَاسَقَت عِبَارَاتُهَا، وَحَسُنَ سَبكُهَا وَجَمُلَ رَونَقُهَا، لماذا؟ لأَنَّ الكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ مُتَأَصِّلَةٌ في قَلبِ صَاحِبِهَا ثَابِتَةٌ فِيهِ كَثُبُوتِ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ في قَلبِ الأَرضِ، وَهِيَ في الوَقتِ نَفسِهِ مُثمِرَةٌ، أَي ظَاهِرَةُ الأَثَرِ عَلَى جَوَارِحِهِ وَفي تَعَامُلِهِ مَعَ مَن حَولَهُ، وَأَمَّا الكَلِمَةُ الَّتي لا مِصدَاقِيَّةَ لها في قَلبِ صَاحِبِهَا، فَهِيَ الكَلِمَةُ الخَبِيثَةُ الَّتي هِيَ كَالشَّجَرَةِ الخَبِيثَةِ قَد تَخَضَرُّ وَتَتَعَالى، وَتَتَشَابَكُ أَغصَانُهَا وَتَبدُو لِلنَّاظِرِ نَضِرَةً ذَاتَ رَوَاءٍ وَبَهَاءٍ، وَيُخَيَّلُ إِلى بَعضِ النَّاسِ أَنَّهَا أَضخَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ وَأَقوَى، وَلَكِنَّ جُذُورَهَا في التُّربَةِ قَرِيبَةٌ، وَمَا هِيَ إِلاَّ أَقَلُّ رِيحٍ تَهُبُّ عَلَيهَا فَتَجتَثُّهَا مِن فَوقِ الأَرضِ فَلا تَرَى لها قَرَارًا وَلا بَقَاءً، وَهَذَا مَثَلُ كَثِيرٍ مِمَّا يُكتَبُ وَيُرسَلُ مِن كَلِمَاتٍ وَعِبَارَاتٍ وَنَصَائِحَ، لا تَرَى لها في قُلُوبِ أَصحَابِهَا اعتِقَادًا صَادِقًا لِمَضمُونِهَا، وَلا تُحِسُّ أَنَّهَا مُستَقِرَّةٌ في نُفُوسِهِم وَلا مُنشَرِحَةٌ بها صُدُورُهُم، فَهُم لا يُطَبِّقُونَهَا عَلَى أَنفُسِهِم أَوَّلاً، وَلا يَرَى النَّاسُ أَثَرَهَا في تَعَامُلِهِم مَعَهُم وَلا في شُؤُونِ حَيَاتِهِم ثَانِيًا، وَلَكِنَّهُم يَقُولُونَ مَا لا يَفعَلُونَ، وَيَتَظَاهَرُونَ بما لا يُبطِنُونَ، وَيَتَشَبَّعُونَ بما لم يُعطَوا.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

تَأَمَّلُوا هَذَا الحَدِيثَ العَظِيمَ لِتَعلَمُوا كَيفَ يَتَعَامَلُ الإِسلامُ مَعَ الكَلِمَةِ وَصَاحِبِهَا، في إِشَارَةٍ إِلى أَنَّهُ مَسؤُولٌ عَنهَا، وَأَنَّهُ لا بُدَّ لَهُ مِن إِتبَاعِهَا بما يُثبِتُهَا وَيَجعَلُهَا وَاقِعًا حَيًّا، فَعَن سُفيَانَ بنِ عبدِاللهِ الثَّقَفِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لي في الإِسلامِ قَولاً لا أَسأَلُ عَنهُ أَحَدًا بَعدَكَ. قَالَ: " قُلْ: آمَنتُ بِاللهِ ثم استَقِمْ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. فَانظُرُوا ـ يَا رَعَاكُمُ اللهُ ـ قَولَهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ لِمَنِ استَوصَاهُ بِوَصِيَّةٍ جَامِعَةٍ، لَقَد أَمَرَهُ أَن يَقُولَ كَلِمَةً بِلِسَانِهِ، ثم يُتبِعَهَا بِالسَّيرِ في وَاقِعِهِ عَلَى مَا تَستَلزِمُهُ تِلكَ الكَلِمَةُ، مِنِ استِقَامَةٍ وَعَدَمِ اعوِجَاجٍ أَوِ انحِرَافٍ، فَهَل نَحنُ كَذَلِكَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ؟ هَل نَحنُ مِمَّن يَحسِبُ لِكُلِّ كَلِمَةٍ قَبلَ النُّطقِ بها أَو كِتَابَتِهَا حِسَابًا؟ الوَاقِعُ يَشهَدُ أَنَّنَا لَسنَا كَذَلِكَ، فَكَم مِمَّن يُرسِلُ لَكَ مَوعِظَةً عَن فَضلِ عَمَلٍ صَالحٍ مَا، وَاللهُ يَعلَمُ مِن حَالِهِ أَنَّهُ مِنَ المُتَكَاسِلِينَ عَنهُ! وَكَم مِمَّن تَشُدُّكَ حُرُوفُهُ في الحَثِّ عَلَى حُسنِ الخُلُقِ وَطِيبِ التَّعَامُلِ، فَإِذَا عَامَلتَهُ أَو سَبَرتَ تَصَرُّفَهُ حَتى مَعَ أَهلِهِ وَأَقرَبِ النَّاسِ إِلَيهِ، وَجَدتَهُ مِن أَسوَأِ الخَلقِ خُلُقًا وَأَسرَعِهِم غَضَبًا وَأَقرَبِهِم نَزَقًا وَأَخَفِّهِم عَقلاً! وَكَم مِمَّن يَشغَلُكَ بِإِرسَالِ المَقَاطِعِ الَّتي تَتَحَدَّثُ عَن أَحوَالِ المُسلِمِينَ وَمَا يُصِيبُهُم مِن جُوعٍ أَو خَوفٍ أَو قَتلٍ وَتَشرِيدٍ، وَتَرَاهُ إِذَا دُعِيَ إِلى أَقَلِّ مَا يَنصُرُهُم بِهِ، لم تَجِدْ لَهُ فِعلاً وَلم تَسمَعْ لَهُ رِكزًا، بَل لَعَلَّهُ فِيمَا بَينَهُ وَبَينَ نَفسِهِ، لم يُحَرِّكْ لِسَانَهُ في يَومٍ بِدُعَاءٍ خَالِصٍ لإِخوَانِهِ المُستَضعَفِينَ بِأَن يَسُدَّ اللهُ جُوعَهُم وَيُبَدِّلَ خَوفَهُم أَمنًا وَيَنصُرَهُم عَلَى القَومِ المُجرِمِينَ، أَفَلا يَخَافُ أَحَدُنَا ـ إِخوَةَ الإِيمَانِ ـ وَهَذَا شَأنُهُ مِن أَن يَكُونَ في زُمرَةِ الكَذَّابِينَ؟! أَلا يَخَافُ أَن يَكُونَ تَمَادِيهِ في ذَلِكَ فُجُورًا يُهلِكُهُ؟! إِنَّهَا نَتَائِجُ عَظِيمَةٌ أَو أُخرَى وَخِيمَةٌ، يُحَدِّدُهَا صِدقُ العَبدِ أَو كَذِبُهُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " عَلَيكُم بِالصِّدقِ، فَإِنَّ الصِّدقَ يَهدِي إِلى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهدِي إِلى الجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرُّجُلُ يَصدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدقَ حَتى يُكتَبَ عِندَ اللهِ صِدِّيقًا. وَإِيَّاكُم وَالكَذِبَ، فَإِنَّ الكَذِبَ يَهدِي إِلى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكذِبُ وَيَتَحَرَّى الكَذِبَ حَتى يُكتَبَ عِندَ اللهِ كَذَّابًا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

عِبَادَ اللهِ:

كَفَانَا اتِّجَاهًا إِلى المِثَالِيَّاتِ البَرَّاقَةِ الزَّائِفَةِ، وَحَذَارِ حَذَارِ مِن أَن نَقُولَ مَا لا نَفعَلُ، أَو نُرِيَ الآخَرِينَ غَيرَ مَا يَخفَى مِنَّا، فَإِنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِمَقتِ اللهِ لَنَا، وَكَيفَ يَنتَظِرُ الخَيرَ مَن مَقَتَهُ اللهُ وَأَبعَدَهُ؟! أَلا فَمَا أَجمَلَهُ بِالمُسلِمِ أَن يَزِنَ فِعلَهُ عَلَى قَولِهِ، وَأَن يَضبِطَ قَولَهُ بِفِعلِهِ، وَأَن يَردِمَ الهُوَّةَ بَينَ هَذَينِ، وَيَجعَلَهُمَا في وَاقِعِهِ مُتَطَابِقَينِ، لِتَكمُلَ ذَاتُهُ وَتَشرُفَ نَفسُهُ، وَيُقتَدَى بِهِ في الخَيرِ ولا يَكُونَ لِغَيرِهِ فِتنَةً! إِنَّنَا - إِخوَةَ الإِيمَانِ - نَحتَاجُ إِلى أُنَاسٍ يَفعَلُونَ قَبلَ أَن يَقُولُوا، وَإِذَا قَالُوا التَزَمُوا وَاستَقَامُوا، وَقَد قِيلَ: مَقَامُ رَجُلٍ في أَلفٍ، خَيرٌ مِن مَقَالِ أَلفٍ في رَجُلٍ، نَعَم، مَقَامُ رَجُلٍ مُطَبِّقٍ لما يَقُولُ، مُحَاسِبٍ لِنَفسِهِ فِيمَا يَكتُبُ، تَنطِقُ بِالخَيرِ أَفعَالُهُ قَبلَ أَقوَالِهِ، هُوَ خَيرٌ مِن أَن يَجتَمِعَ أَلفُ رَجُلٍ قَوَّالُونَ غَيرَ فَعَّالِينَ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أُمَّةَ الإِسلامِ ـ وَأَتبِعُوا سَدِيدَ القَولِ بِرَشِيدِ العَمَلِ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ " ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3] "

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.

 

عِبَادَ اللهِ:

هَل يَجِبُ عَلَى المَرءِ عَلَى هَذَا أَن يَتَوَقَّفَ عَنِ الكِتَابَةِ تَوَقُّفًا كُلِّيًّا، وَيُمسِكَ لِسَانَهُ وَقَلَمَهُ فَلا يَتَفَوَّهَ بِكَلِمَةٍ وَلا يَخُطَّ حَرفًا، فَنَقُولُ: أَمَّا عَنِ الشَّرِّ فَنَعَم، وَقَد قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: " وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أَو لِيَسكُتْ " لَكِنَّنَا لَيسَ عَن هَذَا نَتَكَلَّمُ، فَهُوَ مِمَّا لا يَختَلِفُ فِيهِ مُسلِمَانِ وَلا يَتَمَارَى فِيهِ مُؤمِنَانِ، وَلَكِنَّنَا نَرمِي إِلى أَمرٍ أَعظَمَ مِن هَذَا وَأَكمَلَ، ذَلِكُم هُوَ البُعدُ كُلَّ البُعدِ عَنِ انتِحَالِ المَرءِ في كِتَابَتِهِ شَخصِيَّةَ النَّاصِحِ وَتَظَاهُرِهِ في أَقوَالِهِ بِلِبَاسِ النَّاجِحِ، وَهُوَ في وَاقِعِ أَمرِهِ جَاهِلٌ مُبِينٌ، مُخفِقٌ في أُسُسِ دِينِهِ مُفَرِّطٌ في أَركَانِهِ، وَلَقَد أَحسَنَ مَن مَدَحَ الخَلِيفَةَ الزَّاهِدَ عُمَرَ بنَ عَبدِالعَزِيزِ - رَحِمَهُ اللهُ - حَيثُ قَالَ في وَصفِهِ:

وَأَرَاكَ تَفعَلُ مَا تَقُولُ وَبَعضُهُم
مَذِقُ الحَدِيثِ يَقُولُ مَا لا يَفعَلُ


وَكَم مِمَّن هُوَ في زَمَانِنَا مَذِقُ الحَدِيثِ ، يَكتُبُ مَا لا يَفعَلُ، وَيُرسِلُ مَا لا يُطَبِّقُ، وَيَتَشَبَّعُ بما لَيسَ فِيهِ، فَمَا أَشبَهَهُ بِمَن قَالَ اللهُ فِيهِم: ﴿  أَتَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَونَ أَنفُسَكُم وَأَنتُم تَتلُونَ الكِتَابَ أَفَلا تَعقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]! إِنَّهَا خِفَّةٌ في العَقلِ أَن يَتَمَادَى المَرءُ في لِبسِ ثِيَابِ النَّاصِحِينَ، وَيَنسَى أَنَّهَا لم تَستُرْ لَهُ عَورَةً، وَيَتَغَافَلُ عَن أَعيُنِ الرُّقَبَاءِ الَّتي لا تَزَالُ تَلحَظُهُ في كُلِّ حَرَكَةٍ وَسَكُونٍ، وَتَرمُقُهُ في كُلِّ دُخُولٍ له وَخُرُوجٍ، وَتَعرِضُ فِعلَهُ عَلَى قَولِهِ، فَمَا طَابَقَهُ أَخَذُوا بِهِ، وَمَا فَارَقَهُ رَمَوا بِهِ في وَجهِهِ.

 

لَقَد حَكَى اللهُ - تَعَالى - عَن شُعَيبٍ - عَلَيهِ السَّلامُ - قَولَهُ لِقَومِهِ: " وَمَا أُرِيدُ أَن أُخَالِفَكُم إِلى مَا أَنهَاكُم عَنهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصلاحَ مَا استَطَعتُ وَمَا تَوفِيقِي إِلَّا بِاللهِ " وَإِنَّ في ذَلِكَ لأَبلَغَ إِشَارَةٍ إِلى أَنَّ طَرِيقَ المُصلِحِينَ هِيَ مُوَافَقَةُ الفِعلِ لِلقَولِ، وَأَنَّ مَن خَالَفَ فِعلُهُ قَولَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ دَاعِيَةُ فَسَادٍ لا إِمَامَ رَشَادٍ. إِنَّ مِنَ الحِكمَةِ أَن يَبدَأَ المَرءُ بِنَفسِهِ فَيُصلِحَهَا وَيُهَذِّبَهَا وَيُقَوِّمَ عِوَجَهَا، وَحِينَهَا فَسَيَكُونُ أَبلَغَ وَاعِظٍ وَإِن هُوَ لم يَتَكَلَّمْ، وَسَيَنقُلُ الخَيرَ وَإِن لم يَكتُبْ، وَمَا أَحسَنَ قَولَ القَائِلِ:

يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ المُعلِمُ غَيرَهُ
هَلاَّ لِنَفسِكَ كَانَ ذَا التَّعلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السَّقَامِ وَذِي الضَّنَى
كَيمَا يَصِحُّ بِهِ وَأَنتَ سَقِيمُ
اِبدَأْ بِنَفسِكَ فَانهَهَا عَن غَيِّهَا
فَإِذَا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكِيمُ


لَيتَ شِعرِي مَاذَا يُرِيدُ مَن يَتَزَيَّنُ بما لم يَفعَلْ، أَوَلَم يَقرَأْ قَولَ اللهِ - سُبحَانَهُ -:  ﴿ لا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ يَفرَحُونَ بما أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَن يُحمَدُوا بما لم يَفعَلُوا فَلا تَحسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِنَ العَذَابِ وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾  [آل عمران: 188] أَوَلَم يَتَأَمَّلْ مَا قَالَهُ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ: " المُتَشَبِّعُ بما لم يُعطَ كَلابِسِ ثَوبَي زُورٍ "؟! وَأَخِيرًا، لِيَجعَلْ كُلُّ امرِئٍ بَينَ عَينَيهِ قَولَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يُؤتَى بِالرَّجُلِ يَومَ القِيَامَةِ، فَيُلقَى في النَّارِ، فَتَندَلِقُ أَقتَابُ بَطنِهِ، فَيَدُورُ بها كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِالرَّحَى، فَيَجتَمِعُ إِلَيهِ أَهلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ، مَا لَكَ؟ أَلَم تَكُنْ تَأمُرُ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَى عَنِ المُنكَرِ؟! فَيَقُولُ: بَلَى، قَد كُنتُ آمُرُ بِالمَعرُوفِ وَلا آتِيهِ، وَأَنهَى عَنِ المُنكَرِ وَآتِيهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وحدة الكلمة.. أهميتها وأسبابها
  • الكلمة الطيبة
  • سلاح الكلمة
  • حياة الكلمة
  • خطر الكلمة
  • متى تبدأ كلمتك ومتى تنهيها ؟
  • مسؤولية الكلمة
  • أهمية الكلمة بالنسبة لقائلها
  • الكلمة والكلام
  • تأثير الكلمة بين الهدم والبناء

مختارات من الشبكة

  • تحمل المسؤولية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع المسؤولية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المسؤولية وتعريفاتها عند أهل اللغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الكلمة مسؤولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قيمة الكلمة ومسؤوليتها(مقالة - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • تعريف المسؤولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماذا نعني بالمسؤولية الاجتماعية؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التربية الاقتصادية وتعميق الإحساس بالمسؤولية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أنواع المسؤولية في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص بحث: تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع ( بحث عاشر )(مقالة - الإصدارات والمسابقات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/12/1446هـ - الساعة: 21:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب