• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    نعمة الماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تدبر خواتيم سورة البقرة
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    تحريم الإهلال لغير الله تبارك وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    مشاهد عجيبة حصلت لي!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (2)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الدرس السابع عشر: آثار الذنوب على الفرد والمجتمع
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

استقبال شهر رمضان

منديل بن محمد آل قناعي الفقيه

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2011 ميلادي - 29/8/1432 هجري

الزيارات: 32643

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

استقبال شهر رمضان


الخطبة الأولى

أيها المسلمون يتهيأ المسلمون في هذه الأيام لاستقبال ضيف كريم عزيز وموسم من مواسم الخيرات كبير. يتهيئون لشهر من أفضل الشهور. إنَّه شهر رمضان المبارك. ويستعدون لعبادة هي من أجل العبادات، وقربة من أشرف القربات، وطاعة مباركة لها آثارها الطيبة في العاجلة والآجلة من تزكيه النفوس، وإصلاح القلوب، وحفظ الجوارح والحواس من الفتن والشرور، وتهذيب الأخلاق. وحصول عظيم الأجر وتكفير السيئات المهلكة.والفوز بأعالي الدرجات بما لا يوصف ناهيك عن عمل اختصه الله من بين سائر الأعمال ففي الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يقول قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال الله "كُلُّ عَمَلِ بن آدَمَ له إلا الصِّيَامَ فإنه لي وأنا أَجْزِي به".

 

عبادة الصوم جنة من الشهوات والمحرمات، وجنة من النار والدركات؛ فعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "الصَّوْمُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ" الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع فهو يقي الصائم ما يضره من الشهوات ويجنبه الآثام التي تجعل صاحبها عرضة لعذاب النار, وثورثه الشقاء في الدنيا والآخرة ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وإذا كان يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أو قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إني امْرُؤٌ صَائِمٌ".

الصوم يشفع للعبد يوم القيامة فعن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يوم الْقِيَامَةِ يقول الصِّيَامُ أي رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فيشفعني فيه وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فشفعني فيه قال فَيُشَفَّعَانِ" أحمد وصححه الحاكم والألباني في المشكاة.

 

وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وَالَّذِي نَفْسِي بيده لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى من رِيحِ الْمِسْكِ"، وخص الله الصوم بباب في الجنة يسمى الريان ففي الصحيحين عن سَهْلِ بن سَعْدٍ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ في الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يوم الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَدْخُلُونَ منه فإذا دخل آخِرُهُمْ أُغْلِقَ فلم يَدْخُلْ منه أَحَدٌ " وفي لفظ في المسند والنسائي وصححه الألباني " من دخل منه شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ منه لم يَظْمَأْ أَبَداً".

 

والصوم مغفرة للذنوب وكفارة للسيئات والإثم ففي الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم " فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ " والصوم من أعظم أسباب إجابة الدعاء فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعُوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالإِمَامُ الْعَادِلُ وَدَعُوَةُ الْمَظْلُوم" أحمد وصححه ابن حبان والألباني، وفي لفظ " وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ" الترمذي وصححه ابن حبان والألباني.

والصوم سبب للسعادة في الدنيا والآخرة ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم " وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حين يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حين يَلْقَى رَبَّهُ ".

 

هذه بعض فضائل الصوم وأما شهر رمضان المبارك ففضله عظيم وثواب أهله جزيل فهو شهر أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيان من الهدى والفرقان ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾.

شهر رمضان شهر تفتح أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتسلسل فيه الشياطين ومردة الجن فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ مَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبُوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِحَتْ أَبُوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَمُنَادٍ يُنَادِي يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبَلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ" ابن ماجه وصححه الحاكم وابن حبان وابن خزيمة والألباني.

شهر رمضان شهر تكفير السيئات فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من قام لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ "البخاري ومسلم وعند مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يقول الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إلى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ ما بَيْنَهُنَّ إذا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ".

 

شهر رمضان شهر جعل الله فيه ليلة خيراً من ألف شهر هي ليلة القدر من حرم خيرها فقد حرم قال تعالى ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم " لِلَّهِ فيه لَيْلَةٌ خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ من حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ " النسائي وصححه الألباني.

شهر رمضان شهر تجاب فيه الدعوات وتكشف فيه البلوى والملمات. وتعتق فيه الرقاب الموبقات فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ لله في كلِّ يومٍ وليلةٍ عتقاء من النَّار في شهر رمضان وإنَّ لكلِّ مسلم دعوة يدعو بها فيستجاب له "قال صاحب مجمع الزوائد "رواه ابن ماجه باختصار الدعوة ورواه البزار ورجاله ثقات ".

شهر رمضان العمرة فيه تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم "فإن عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً أو حجة معي".

 

وشهر رمضان شهر الانتصارات الحاسمة التي أعز الله فيها الإسلام وأهله وأذل الله فيها الكفر وأهله فغزوة بدر كانت في رمضان وفتح مكة أيضاً في رمضان وعودة النبي من تبوك منتصراً أيضاً في رمضان إلى غير ذلك من المعارك الحاسمة والمواقف الفاصلة كانت أيضاً في رمضان فهو شهر الجهاد يعلم الشجاعة والرجولة. ولقد كان النبي يبشر أهله وأصحابه بقدوم شهر رمضان فعن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ الله عز وجل عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فيه أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فيه أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فيه لَيْلَةٌ خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ من حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ " أيها المسلمون:كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ وكيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ وكيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين؟ فمن أين يشبه هذا الزمان.

أتى رمضان مزرعة العباد
لتطهير القلوب من النار
فأفد حقوقه قولا وفعلا
وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب سقاها
تأوه نادماً يوم الحصاد

 

أيها المسلمون: هذا هو شهر رمضان وهذه فضائله فما هو حال الناس في استقبالهم لشهر رمضان؟

الناس في استقبال شهر رمضان على قسمين:

• قسم يفرح بقدومه ويأنس بحلوله وهم فريقان فريق يفرح لرواج تجارته ونفاق بضاعته وسهر لياليه على الورقة والضمنة أو في الملاعب والمقاهي وبما تَعِدُ به وسائل الإعلام الهابطة من أغان ومسلسلات وربما بارزوا الله بالعظائم ولعبوا فيه القمار والميسر المحرم كحال أصحاب المحلات الذين يعرضون سيارات القمار من أول شهر شعبان وهؤلاء لا حظ لهم من رمضان إلَّا ما نووا وقصدوا، وفريق آخر يفرح بقدوم الشهر فيعتبره موسماً من مواسم الطاعات واستباق الخيرات ومنافسة أهل الخير والصلوات وكثرة الإحسان والصدقات والتقرب إلى الله فيه بقراءة القرآن وسائر القربات وهؤلاء يفرحون به لأنَّهم قوم عودوا أنفسهم على الصيام ووطنوها على تحمله لكثرة صيامهم للنوافل. يفرحون به لأنَّهم يعلمون أنَّ الامتناع عن الشهوات والملذات في الدنيا سبب لنيلها في الآخرة فلقوة يقينهم بما سيلقونه في الآخرة يفرحون بقدوم الشهر. يفرحون به لأنَّهم يعلمون ويدركون أنَّ شهر رمضان موسم من مواسم التنافس في الطاعات واستباق الخيرات.ويعلمون أنَّ الله يجري فيه من الأجور مالا يجري في غيره من الشهور فلذلك يفرحون وفيه يشمرون عن ساعد الجد في المحافظة على الصلوات والطاعات والبعد عن المعاصي والمحرمات وإن كان هذا شأنهم طيلة العام ولكن في رمضان خيرهم يزيد ومحاسبتهم لأنفسهم نقوى ويرغبون في مغفرة الله ورحمته في هذا الشهر لأنَّ الخاسر كل الخاسر من مر شهر رمضان عليه وخرج منه خاسراً من رحمة الله ومغفرته عن مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أَتَانِي جِبْرِيلُ فقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْتُ آمِينَ " صححه ابن حبان.

 

• وأما القسم الثاني: فهم اللذين لا يفرحون بقدومه ولا يأنسون بحلوله! يستثقلون هذا الشهر ويعدُّون أيامه ولياليه منتظرين رحيله بفارق الصبر, ويفرحون بكل يوم يمضي من أيامه حتى إذا اقترب العيد بدا الفرح على محياهم، ورأيت ارتكابهم للمحرمات من سماع الأغاني وضرب الطبول والمزامير في أيام العيد وعادوا إلى ما كانوا عليه من المآثم والمنكرات، وتركوا المساجد وأضاعوا الصلوات، وهؤلاء إنَّما استثقلوا الشهر لأمور: فهم قوم تعودوا على التوسع في الملذات والشهوات من المآكل والمشارب والمناكح وغيرها فضلاً عن مفارقتهم للذات المحرمة فيجدون في هذا الشهر مانعاً يمنعهم وقيداً يحبسهم عن شهواتهم ويحول بينهم وبين ملاذهم فاستثقلوه، وكذلك هم قوم عظم تقصيرهم في الطاعات حتى أنَّ منهم من قد يفرط في الواجبات ويضيع الفرائض والصلوات فإذا جاء رمضان التزموا ببعض الطاعات وحافظوا على الصلوات وشهدوا الجمع والجماعات فبسب هذا الالتزام الذي لم يألفوه ولم يوطنوا أنفسهم عليه استعظموا هذا الشهر واستثقلوه. هذا زيادة على ضعف يقينهم بما أعده الله للمؤمنين من الأجر وعدم استحضارهم لفضل هذا الشهر وما فيه من الحسنات العظيمة فلا عجب ألَّا يجدوا من اللذة والفرح والسرور بقدوم هذا الشهر العظيم حتى قال قائلهم:

دعاني شهر الصوم لا كان من شهر
ولا صمت يوماً بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الأنام بقوة
على الشهر لاستعديت قومي على الشهر

 

أيها المسلمون:

إنّ إدراك شهر رمضان نعمة كبيرة فضلها عظيم وثوابها جزيل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ " أحمد وقال الألباني حسن صحيح.

 

ولذا كان السلف الصالح يدركون هذه النعمة ويقدرون لها قدرها فيسألون الله على ما ذكر ستة أشهر أن يبلغهم رمضان فإذا أدركوه بكوا من الفرح واجتهدوا في الطاعات ونافسوا في الخيرات وسارعوا إلى المغفرة والجنات فإذا ولى ودعوه بقلوب حزينة وأعين دامعة وسألوا الله ستة أشهر أخرى أن يتقبل منهم رمضان فالسنة عندهم كانت كلها رمضان، وكان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل الذنوب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

أيها المسلمون:

بعد أيام قلائل يحل علينا ضيف عزيز وشهر كريم وموسم عظيم خصه الله على سائر الشهور بالتشريف والتكريم إنَّه شهر رمضان، شهر البركات والخيرات، شهر الرحمات والنفحات، شهر القراءة للقرآن والصدقات, شهر مضاعفة الحسنات، شهر مغفرة السيئات وإقالة العثرات، شهر عتق الرقاب الموبقات شهر إجابة الدعوات ورفعة الدرجات. شهر تفتح فيه أبواب الجنات وتغلق فيه أبواب الجحيم والدركات وتصفد فيه الشياطين فتقل الخطايا والسيئات.

فيا لفرحة المسلمين يتلك الأيام التي تتكرر عليهم كل عام فيحيونها بأرواحهم وأنفسهم. أوليس من نعمة الله أن تمر بالإنسان في كل عام أيام يحيا فيها مع نفسه حياة تختلف عن تلك الأيام التي تعودها في بقية عامه.

 

أيها المسلمون:

إنّ رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر، أوليست هذه بشرى لكل عاصي أثقلته الذنوب.إنَّ عاتقا حمل هموما وغموما وأحزانا وآلاما وذنوبا وخطايا لعاتق منهك ضعيف يحتاج إلى العون والنصرة، وكم هو سعيد ذلك العبد حينما يلقي عن عاتقه تلك الهموم والغموم وتلك الذنوب والخطايا وتلك الأحزان والآلام، كم هو سعيد حينما تغمره رحمة أرحم الراحمين في شهر رمضان فيكون فيه من المعتوقين.

 

أيها المسلمون:

سؤال مهم كيف يستقبل المسلم شهر رمضان؟ كيف يستقبل المسلم هذا الشهر الكريم وهذا الموسم العظيم؟سؤال يطرح نفسه مع مستهل شهر رمضان من كل عام وأحسبُ أنَّ النَّاس بأمس الحاجة إلى معرفة الإجابة على هذا السؤال المهم في وقتٍ غفل فيه كثير من النَّاس عما خلقوا له نتيجةً لكثرة الملهيات بل حتى المفسدات عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية فهل يستقبله المسلم بشراء أحسن المأكولات والمشروبات ليتحول رمضان إلى موسم أكل وتخمة؟ أم يستقبله بشراء الدشوش لمشاهدة المسلسلات والتمثيليات وسماع الأغاني الماجنات ومتابعة المباريات والمسرحيات الهابطات؟ أم يستقبله بإضاءة الملاعب بالأنوار وإقامة دورات الميسر والقمار؟ أم يستقبله بقلب الفطرة فيجعل ليالي رمضان موسماً للسهر إلى قبل طلوع الفجر فيحيي ليله بالعب ونهاره بالنوم طوال الأوقات ولا تسألوا عما يضيعه من الصلوات؟ والجواب كلَّا وألف كلَّا أيها المسلمون إنَّ شهر رمضان الذي سمعتم بعضَ فضائله لا يستقبل هذا الاستقبال الذي لا يعرفه إلَّا أهل التفريط والغفلة وأصحاب المعاصي والشهوات أمَّا المسلم الحق فيستقبل شهر رمضان استقبالاً من نوع أخر فهو يستقبله أولاً: بالفرح والبشر والسرور وانشراح الصدر مستشعراً نعمة الله عليه حين بلغه رمضان ومستشهداً منَّة الله عليه حين أدرك رمضان ويهنئ أهله و أقاربه وجيرانه كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل. لسان حاله يقول:

مرحباً أهلاً وسهلا بالصيام
يا حبيباً زارنا في كل عام
قد لقيناك بحبٍ مفعمٍ
كل حبً في سواء المولى حرام
فاغفر اللهم ربي ذنبنا
وأنلنا من عطاياك الجسام

 

ويستقبله ثانياً: بالتوبة النصوح الماحية لجميع الذنوب التي وقع فيها طيلة العام وليست التوبة خاصة برمضان بل هي واجبة في كل الأوقات فكلَّما أحدث العبد ذنبا فليحدث بعده توبة ولكن في رمضان القلوب مقبلة وفضل الله وعفوه ورحمته فيه أعظم فخسر ورغم أنفه من لم يغفر له في شهر رمضان. وكم هي كثيرة تلك الذنوب التي ارتكبناها؟ فشهر رمضان شهر المحاسبة لهذه النفس التي يجب أن يقف معها معاتباً محاسباً ليتوب من ذنوبه خاصةً في هذا الشهر العظيم. فمتى يتوب من لم يتب في شهر رمضان؟ ومتى يصلح حال من لم يصلح حاله في رمضان؟ ومتى يغفر لمن لم يغفر له في رمضان؟ فرغم أنفه وأبعد وخسر من لم يغفر له في شهر رمضان.

ويستقبله ثالثاً: بإخلاص النية لله تعالى في صيامه وقيامه فمن صام رمضان وقام إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ويستقبله رابعاً: بعزيمة صادقة على أن يستكثر من الأعمال الصالحة وينافس في الخيرات جهده خاصةً قراءة القرآن وصلاة التراويح وكثرة الذكر وغيرها من الأعمال الصالحة.

 

ويستقبله خامساً: بعزيمة صادقة على أن يترك جميع الذنوب والسيئات طيلة أيام وليالي هذا الشهر الكريم على وجه الخصوص وإلَّا فالمسلم مطالب أن يترك معصية الله طيلة حياته حتى يلقى الله:

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما
فلا تصيره أيضاً شهر عصيان
اتلوا الكتاب وسبح فيه مجتهداً
فإنَّه شهر تسبيح وقرآن
كم كنت تعرف ممن صام من سلف
من بين أهلٍ وإخوان وجيران
أتاهم الموت واستبقاك بعدهم حيا
فما أقرب القاصي من الداني

 

إنَّ بعض الناس يبتعد عن المعاصي أثناء صومه فإذا أفطر شرع في ارتكابها بل ربما أفطر عليها كحال شارب الدخان، وبعض الناس لا يعرف من صومه إلا أنه يترك الطعام والشراب فقط فتجده أثناء صومه يسب ويشتم ويلعن ويصخب ويضيع الصلوات ويرتكب المخالفات ويستمع الأغاني المحرمات فبعضهم يسهر إلى السحور ثم ينام قبل الفجر ويضيع الفجر والظهر ولربما أضاع معهما العصر فهل هذا هو حال المسلم في رمضان؟

لقد صدق في حق هؤلاء ما ورد عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ من صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ من قِيَامِهِ السَّهَرُ " أحمد وصححه الحاكم وابن حبان وابن خزيمة وقال الألباني حسن صحيح.

 

وما ورد عنه أيضا رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من لم يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " البخاري. وما ورد عنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس الصيام من الأكل والشرب فقط إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم) البيهقي في سننه وصححه الحاكم وابن خزيمة والألباني. وقال جَابِرٌ بن عبدالله رضي الله عنه "إذَا صُمْت فَلْيَصُمْ سَمْعُك وَبَصَرُك وَلِسَانُك عن الْكَذِبِ والماثم وَدَعْ اذى الْخَادِمِ وَلْيَكُنْ عَلَيْك وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يوم صِيَامِك وَلاَ تَجْعَلْ يوم فِطْرِك وَيَوْمَ صِيَامِك سَوَاءً" المصنف لابن أبي شيبة رحمه الله.

 

إذا لم يكن في السمع مني تصاون
وفي بصري غضً وفي منطقي صمت
فحظي إذا من صومي الجوع والظما
فإن قلت إني صمت يومي فما صمت

 

فلنتق الله أيها المسلمون ولنسأل الله أن يبلغنا رمضان وأن يوفقنا فيه لصالح الأعمال وان يجعلنا من صوامه وقوامه إنه تعالى جواد كريم. صلوا وسلموا على رسول الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شهر رمضان (استقباله - قيامه - أصناف الناس فيه)
  • كيف تنجح في رمضان؟
  • استقبال رمضان بقلب سليم
  • كيف نقبل على رمضان؟
  • في استقبال رمضان
  • أقبل رمضان الخير
  • رمضان قد حضركم
  • إشراقة شهر رمضان المبارك وواقع المسلمين اليوم
  • مناسبة شهر رمضان
  • نسائم الإيمان على عتبات رمضان
  • استقبال شهر رمضان (خطبة)
  • إظهار شعائر الإسلام في رمضان
  • استقبال شهر رمضان
  • في استقبال شهر رمضان (1)
  • استقبال شهر رمضان المبارك
  • جزء فيه أحاديث شهر رمضان في فضل صيامه وقيامه لعبدالصمد بن عساكر
  • استقبال شهر رمضان

مختارات من الشبكة

  • استقبال شهر رمضان: رمضان فرصة للتغيير (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • دروس في استقبال شهر رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • أطفال مدينة كارجلي يتجمعون لاستقبال شهر رمضان المبارك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • استقبال شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استقبال شهر رمضان وفضائله (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • دعوة لاستقبال شهر رمضان بقلوب سليمة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • التوبة والندم على ما فات واستقبال شهر رمضان بقلب متلهف للطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استقبال شهر رمضان(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السحيم)
  • استقبال شهر رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • كيف يستعد المسلم لاستقبال شهر رمضان؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب