• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج السجاوندي في الوقف على ما قبل (إذ) (PDF)
    د. محمد أحمد محمد أحمد
  •  
    خطبة: حسن الظن بالله
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    حكم عمليات التجميل
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    بيع الكلاب
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    ما يلقاه الإنسان بعد موته
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    مفهوم الشرك في القرآن الكريم: قراءة تفسيرية ...
    سائد بن جمال دياربكرلي
  •  
    النخوة خلق عربي زكاه الإسلام
    حمدي بن حسن الربيعي
  •  
    الطلاق غير الطبيعي: حين تفشل البداية، لا تستقيم ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    نعم أجر العاملين (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سورة آل عمران (5) الثبات والتثبيت
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    الوقف على الضيف
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    موجبات الغسل
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    غزوة الأحزاب وتحزب الأعداء على الإسلام في حربهم ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    من وحي عاشوراء: ثبات الإيمان في مواجهة الطغيان ...
    وضاح سيف الجبزي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وقفات مع شدة الحر

الشيخ عبدالله الجار الله

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/6/2011 ميلادي - 28/7/1432 هجري

الزيارات: 83075

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات مع شدة الحر

 

إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ -، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ فَإِنَّ لَكُمْ فِيمَا سَلَفَ مِنَ الأَمْوَاتِ لَعِبَراً، وَإِنَّ لَكُمْ فِيمَا تَرَوْنَ مِنَ الآيَاتِ لَمُدَّكَراً.

 

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

مَا ظَنُّكُمْ بِرَجُلٍ حَافِي الْقَدَمَيْنِ، عَارِي الرَّأْسِ، يَقِفُ فِي مُنْتَصَفِ الظَّهِيرَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَيَّامِ الْحَارَّةِ، وَالشَّمْسُ اللاَّهِبَةُ تُرْسِلُ سِهَامَهَا فَوْقَ رَأْسِهِ، وَلَفَحَاتُ السَّمُومِ تُؤذِيهِ بِلَذَعَاتِهَا، فَأَيُّ شُعُورٍ يِحْمِلُهُ هَذَا الرَّجُلُ؟ أَهُوَ مُسْتَرِيحٌ مُطْمَئِنُّ الْبَالِ، أَمْ هُوَ مُنْشَغِلٌ بِنَفْسِهِ مُنْزَعِجُ الْحَالِ؟

 

عِبَادَ اللهِ:

لَئِنْ كَانَ قَدَرُنَا أَنْ نَنَالَ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ، فَتَضِيقَ بِذَلِكَ النَّفْسُ، فَبِلاَدُنَا بِلاَدٌ حَارَّةٌ، وَأَيَّامُ الصَّيْفِ فِيهَا أَيَّامٌ مُسْتَعِرَةٌ، مِمَّا يَدْفَعُ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لِطَلَبِ الظِّلِّ الظَّلِيلِ، وَالْهَوَاءِ الْعَلِيلِ، وَالْمَاءِ الْبَارِدِ السَّلْسَبِيلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ مِنْ أَنْ نَتَأَمَّلَ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ وَالاِعْتِبَارِ، بَدِيعَ صُنْعِ الْوَاحِدِ القَهَّارِ، الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ؛ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾، إِنَّهَا دَعْوَةٌ لِلتَّفَكُّرِ فِي آيَاتِ اللهِ الْمُبْصَرَةِ الْكَثِيرَةِ، فَتَعَالَوْا نُلَبِّي هَذِهِ الدَّعْوَةَ فِي خَمْسِ وَقَفَاتٍ يَسِيرَةٍ.

 

الْوَقْفَةُ الأُولَى: أَنَّ حَرَّ الدُّنْيَا لاَ بُدَّ أَنْ يُذَكِّرَ بِحَرِّ الآخِرَةِ، وَاللهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ فِي هَذِهِ الدَّارِ مَا يُذَكِّرُ بِالْجِنَانِ النَّضِرَةِ، وَمَا يُذَكِّرُ بِالنَّارِ الْمُلْتَهِبَةِ الْمُسْتَعِرَةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، وَاشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ)) [وَالزَّمْهَرِيرُ: شِدَّةُ الْبَرْدِ]، وَقَدْ رَأَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللهُ- قَوْماً فِي جِنَازَةٍ، قَدْ هَرَبُوا مِنَ الشَّمْسِ إِلَى الظِّلِّ، وَتَوَقَّوُا الْغُبَارَ، فَبَكَى وَأَنْشَدَ:

مَنْ كَانَ حِينَ تُصِيبُ الشَّمْسُ جَبْهَتَهُ
أَوِ الْغُبَارُ يَخَافُ الشَّيْنَ وَالشَّعَثَا
وَيَأْلَفُ الظِّلَّ كَيْ تَبْقَى بَشَاشَتُهُ
فَسَوْفَ يَسْكُنُ يَوْماً رَاغِماَ جَدَثَا
فِي ظِلِّ مُقْفِرَةٍ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ
يُطِيلُ تَحْتَ الثَّرَى فِي غَمِّها اللَّبَثَا
تَجَهَّزِي بِجِهَازٍ تَبْلُغِينَ بِهِ
يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لَمْ تُخْلَقِي عَبَثَا

 

فَهَلْ تَذَكَّرَ الْعَاصِي لِرَبِّهِ تِلْكَ النَّارَ، الَّتِي تَوَقَّدُ وَتَغْلِي بِأَهْلِهَا الْفُجَّارِ، حِينَ أَقْدَمَ عَلَى مَعْصِيَةِ الْجَبَّارِ؟ ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى * فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾.

 

إِخْوَةَ الإِيمَانِ:

لَقَدْ كَانَ سَلَفُكُمُ الأَبْرَارُ، حِينَ يُذَكَّرُونَ النَّارَ، يَأْخُذُهُمُ الْخَوْفُ وَالاِنْكِسَارُ، فَيَدْفَعُهُمْ ذَلِكَ لِمَزِيدٍ مِنَ الاِدِّكَارِ وَالاِعْتِبَارِ، فَهَذَا شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه كَانَ إِذَا دَخَلَ الْفِرَاشَ لاَ يَأْتِيهِ النَّوْمُ، فَيَقُولُ: ((اللَّهُمَّ إِنَّ النَّارَ أَذْهَبتْ عَنِّي النَّوْمَ)) فَيَقُومُ يُصَلِّي حتَّى يُصْبِحَ، وَقَرَأَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ _ رَحِمَهُ اللهُ _ بِالنَّاسِ ذَاتَ لَيْلَةٍ: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ فَلَمَّا بَلَغَ: ﴿ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ﴾، خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُتِمَّهَا.

 

الْوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ عباد الله: إِنْ كُنَّا نَسْتَطِيعُ اتِّقَاءَ حَرِّ الشَّمْسِ فِي الدُّنْيَا، بِمَا أَتَاحَ اللهُ لَنَا مِنَ الْوَسَائِلِ وَالأَجْهِزَةِ، وَيُمْكِنُنَا السَّفَرُ إِلَى بِلاَدِ الاِصْطِيَافِ الْمُنْعِشَةِ، فَسَيَأْتِي يَوْمٌ شَدِيدُ الْحَرِّ عَظِيمُ الْكَرْبِ، لاَ مَفَرَّ مِنْهُ وَلاَ مَهْرَبَ، فَعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا، قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ)) [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ الْكَرِيمُ:

وَإِذَا كَانَ الأَمْرُ بِهَذِهِ الفَظَاعَةِ، فَدَاوِمْ عَلَى التَّقْوَى وَالطَّاعَةِ، وَلْيَكُنْ لَكَ مَكَانُكَ فِي تِلْكَ الظِّلاَلِ، وَلْتَكُنْ وَاحِداً مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الأَعْمَالِ، ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ؛ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بصدقة أَخْفَها حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)).

 

الْوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ: هَلِ الْحَرُّ عَائِقٌ عَنْ طَاعَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ؟ أَمْ أَنَّ أهل الإيمان يَرَوْنَ فِي الْحَرِّ غَنِيمَةً سَانِحَةً؟ فَهَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، لَمْ يَأْسَفْ عَلَى مَالٍ وَلاَ وَلَدٍ، وَلَكِنَّهُ أَسِفَ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ، وَمُزَاحَمَةِ الْعُلَمَاءِ بِالرُّكَبِ، وَعَلَى الظَّمَأِ فِي الصِّيَامِ أَيَّامَ الْحَرِّ الشَّدِيدِ، وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه مُوصِياً جُلُسَاءَهُ: ((صُومُوا يَوْماً شَدِيداً حَرُّهُ لِحَرِّ يَوْمِ النُّشُورِ، وَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ لِظُلْمَةِ الْقُبُورِ))، وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: ((لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا مِنَّا أَحَدٌ صَائِمٌ إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ)).

 

إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ:

إِنَّ مِنْ وَسَائِلِ اتِّقَاءِ حَرِّ جَهَنَّمَ: الْمَشْيَ إِلَى الْمَسَاجِدِ لِلْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَشُهُودَ الْجَنَائِزِ وَنَحْوِهَا مِنَ الطَّاعَاتِ، لاَ سِيَّمَا أَيَّامَ الصَّيْفِ الْحَارَّةَ، فَكُلَّمَا اشْتَدَّ الْحَرُّ زَادَ الأَجْرُ، فَالأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ، وَلَعَلَّ الرُّجُوعَ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ فِي حَرِّ الظَّهِيرَةِ، يُذَكِّرُنَا بِانْصِرَافِ النَّاسِ مِنْ مَوْقِفِ الْحِسَابِ، فَرِيقٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ إِلَى السَّعِيرِ، فَإِنَّ الْقِيَامَةَ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلاَ يَنْتَصِفُ ذَلِكَ النَّهَارُ حَتَّى يَقِيلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾، وَقَالَ عَنِ الْفَرِيقِ الآخَرِ: ﴿ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ﴾.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِسُنَّةِ الْهَادِي الْكَرِيمِ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثَّانية

الْحَمْدُ للهِ مُدَبِّرِ الأَكْوَانِ، وَمُقَلِّبِ الدُّهُورِ وَالأَزْمَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْجَلِيلُ عَظيِمُ السُّلْطَانِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَى الإِنْسِ وَالْجَانِّ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ ذَا الْعِزَّةِ وَالْجَلاَلِ، وَبَادِرُوا قَبْلَ انْتِهَاءِ الآجَالِ بِصَالِحِ الأَعْمَالِ، وَاطْلُبُوا لأَنْفُسِكُمُ الأَمَانَ لِيَوْمِ الْفَزَعِ وَالأَهْوَالِ، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾.

 

الْوَقْفَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ ابْنَ آدَمَ مَلُولٌ، قَدْ وَصَفَهُ رَبُّهُ بِأنَّهُ ظَلُومٌ جَهُولٌ، وَمِنْ جَهْلِهِ: عَدَمُ رِضَاهُ عَنْ حَالِهِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الْقَائِلُ:

يَتَمَنَّى الْمَرْءُ فِي الصَّيْفِ الشِّتَاءْ
فَإِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ أَنْكَرَهْ
فَهُوَ لاَ يَرْضَى بِحَالٍ وَاحِدٍ
قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهْ

 

لَكِنَّ الْمُؤْمِنَ الْحَصِيفَ، لاَ يُكْثِرُ التَّذمُّرَ مِنْ حَرِّ الصَّيْفِ، بَلْ يُبَادِرُهُ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ، وخصوصا ما اشتدت لها الحاجة في وقت الحر ومن أعظمها وضع آماكن للظل وكذلك السقيا لمن يحتاجها وان لم يكن فقيرا بل حتى الدواب والطيور فان في كل كبد رطبة صدقة , وقد جَاءَ فِي وَصِيَّةِ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لاِبْنِهِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: ((عَلَيْكَ بِخِصَالِ الإِيمَانِ: الصَّوْمِ فِي الصَّيْفِ، وَضَرْبِ الأَعْدَاءِ بِالسَّيْفِ، وَإِبْلاَغِ الْوُضُوءِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي)).

 

عِبَادَ اللهِ:

وَالْوَقْفَةُ الْخَامِسَةُ: فِي تِلْكُمُ الشَّمْسِ بِضَخَامَتِهَا فِي الْخَلْقِ، وَلَهَبِهَا الْمُحْرِقِ عِبْرَةٌ لِلْمُعْتَبِرِينَ؛ فَإِنَّهَا تَسْجُدُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَحْتَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ، وَهِيَ مُطِيعَةٌ مُذْعِنَةٌ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: ((أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟)) قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: ((فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنَ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلاَ يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلاَ يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [يس:38]))، فَعَلاَمَ يَتَكَبَّرُ بَعْضُ بَنِي آدَمَ عَنِ السُّجُودِ لِرَبِّهِمْ، قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السُّجُودِ؟! يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَْ ﴾، وَيَقُولُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَْ ﴾.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَدُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَآخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، وَوَفِّقِ - اللَّهُمَّ - ولاة امرنا لِهُدَاكَ، وَاجَعَلْ أَعْمَالَهُمَا فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً دَارَ أَمْنٍ وَإِيمَانٍ وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ احقن دماء إخواننا المسلمين في كل مكان اللهم ألف بين قلوبهم واجمع كلمتهم على الحق وأصلح ذات بينهم وأهدهم سبل السلام يا رب العالمين اللهم من أراد بلادنا بسوء في دينها أو أمننها اللهم اشغله في نفسه ورد كيده في نحره وافضحه يارب العالمين

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ولوالدينا ومن له حق علينا، وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. اللَّهُمَّ واجْعَلْ قُلُوبَنَا مُطْمَئِنَّةً بِحُبِّكَ، وَأَلْسِنَتَنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ، وَجَوَارِحَنَا خَاضِعَةً لِجَلاَلِكَ. اللَّهُمَّ وأَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ.

اللَّهُمَّ واتنا في الدنيا حسنه وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللَّهُمَّ وصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَكْرَمِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حر الصيف والتذكير بنار جهنم
  • شدة الحر (خطبة)
  • خطبة: شدة الحر
  • شدة الحر من فيح جهنم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع شهر الله المحرم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله العليم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: وقفات مع اسم الله العدل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع الذكاء الاصطناعي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (10)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (9)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (8)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (6)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
4- جزاك الله خير
عبدالمجيدالفنتوخ - السعودبة 21/07/2016 03:44 PM

جزاك الله خير يا فضيلة الشيخ عبدالله
خطبة جميلة جداً
ووقفات معبرة ومختصرة نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بالعلم النافع والعمل الصالح

3- جزاك الله خير
عبدالمجيد الفنتوخ - السعودبة 21/07/2016 03:08 PM

جزاك الله خير يا فضيلة الشيخ عبدالله
خطبة جميلة جداً
ووقفات معبرة ومختصرة نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بالعلم النافع والعمل الصالح

2- شكر
سعيد - الجزائر 06/07/2011 02:51 PM

بوركت يا شيخ والله إنّها موعظة حسنة وعبرة لأولي الألباب

1- وقفه
زياد المرواني - المملكة العربية السعودية 30/06/2011 01:46 AM

بعد التحية، أشكر الشيخ عبدالله الجار الله على هذه الموعظه البليغة والتي أسأل الله أن ينفعنا بها،كما نسأله سبحانه أن يقينا من نار جهنم، ويجعل الجنه مستقرنا أجمعين آمين.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/2/1447هـ - الساعة: 11:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب