• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كسب القلوب مقدم على كسب المواقف (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإمداد بالنهي عن الفساد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    سورة البقرة: مفتاح البركة ومنهاج السيادة
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    لطائف من القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    المشتاقون إلى لقاء الله (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    من صفات الرجولة في القرآن الكريم
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    إنسانية النبي صلى الله عليه وسلم
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    الكشف الصوفي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير: ( وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    إشراقة آية {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون ...
    علي بن حسين بن أحمد فقيهي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { ولا يحزنك الذين يسارعون في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    حديث القرآن عن عيسى عليه السلام وأمه (خطبة)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    الله الخالق الخلاق (خطبة) – باللغة النيبالية
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    الوصف بالجاهلية (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    منهج الاستدلال بين القرآن والسنة: دراسة نقدية ...
    محمد بن عبدالله العبدلي
  •  
    تلك نتائج السرائر!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / تفسير القرآن
علامة باركود

حديث القرآن عن عيسى عليه السلام وأمه (خطبة)

حديث القرآن عن عيسى عليه السلام وأمه (خطبة)
أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/12/2025 ميلادي - 13/6/1447 هجري

الزيارات: 378

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقيقة عيد الكريسمس وخطورته

حديث القرآن عن عيسى عليه السلام

 

أيها المؤمنون، يحتفل العالم الغربي في هذه الأيام بما يُسمَّى بأعياد الميلاد، ويقصدون بذلك ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام. وهذا الاحتفال في الحقيقة عقيدة وثنية رومانية، وقد فُرض على النصرانية فرضًا في مجمع نيقية سنة 325 للميلاد، بعد أن اعتنق النصرانية المحرَّفة الملك الروماني قسطنطين الأول.

 

وعيسى بن مريم عليه السلام أحد الرسل أولي العزم. حدثنا عنه القرآن كثيرًا؛ لأن أهل المِلل والنِّحَل اختلفوا حوله كثيرًا، ولا يوجد كتاب أصدق بيانًا لحاله من القرآن، فهو الذي ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].

 

ما هو حديث القرآن عن عيسى؟ ما موقف اليهود من عيسى من خلال حديث القرآن؟ وما موقف النصارى من عيسى من خلال حديث القرآن؟ حتى تتضح للناس العقيدة السليمة الصحيحة في عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام، ويذهب عنهم تلك الأساطير والأباطيل والخرافات التي حكتها النصرانية المحرفة أو اليهودية المحرفة.

 

حدَّثنا القرآن بداية عن أسرة آل عمران، تلك الأسرة التي اصطفاها الله كاصطفائه لآل إبراهيم، ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 33]، أسرة كانت باقية على مِلَّة موسى عليه السلام قبل أن يحرفها اليهود، وكانت هذه الأسرة تقوم بخدمة بيت المقدس.

 

وقد طلبت امرأة عمران من ربها أن يرزقها ولدًا تجعله وقفًا لخدمة البيت المقدس، فحملت ولكن كان الحمل امرأة، ﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36]؛ أي: في الخدمة، فإن بيت المقدس محط الرجال دخولًا وخروجًا فيحتاج أن يكون الذي يخدمه رجلًا لا امرأة، ولكنها استمرت في نذرها وهيَّأت ابنتها مريم عليها السلام لتكون هي خادمة ذلك البيت، وفعلًا قامت بالمهمة وكانت على مستوى عالٍ من الصفات الحسنة: من العِفَّة والحشمة واعتزال الرجال.

 

وأراد الله سبحانه وتعالى أن يأتي من هذه المرأة العفيفة برسول من أولي العزم، وأن يخلقه بطريقة غير معتادة. فبينما مريم عليها السلام مختلية بنفسها، بعيدة عن الناس، جاءها جبريل عليه السلام في صورة بَشَر، ففزعت منه، واستعاذت بالله من شره؛ لأنها العفيفة المحصنة: ﴿ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 18]، فأجابها: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ﴾ [مريم: 19 - 21]، فخلق الله للأشياء ليس صعبًا، إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون.

 

فنفخ جبريل في جيب ثوبها الذي في صدرها، فتسلل إلى فرجها، فكان حملها بعيسى عليه السلام، ﴿ فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا ﴾ [مريم: 22 - 24]؛ أي: ولدها عيسى بعد أن خرج من رحمها: ﴿ أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾ [مريم: 24- 26].

 

هذه قصة ولادة عيسى من مريم عليها السلام في القرآن الكريم، وهي قصة واضحة ليس فيها غموض، بل يفهمها كل من قرأها، ويعلم أنها معجزة، وأن عيسى بشر، وأن الله خلقه بمعجزة؛ كما قال: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ﴾ [آل عمران: 59]؛ أي: في الخلقة، فآدم خُلِق من غير أب ولا أم، وعيسى خُلِق من أم من غير أب.

 

فماذا كان موقف اليهود؟ أصحاب البهت والكذب والإفك، لقد كانوا يحقدون على أسرة آل عمران قبل أن تلد مريم بعيسى، ومعلوم عن اليهود أنهم حرَّفوا التوراة، وآذوا الأنبياء، وقتلوا بعضهم، وكفروا ببعضهم. فماذا تتوقعون أن يكون موقفهم من حدث مثل هذا الذي جاء على خلاف العادة والعرف؟

 

لم يُحسنوا الظن بهذه الأسرة ولا بهذه المرأة الطاهرة العفيفة، وإنما اتهموها بالزنا: ﴿ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ﴾ [مريم: 27، 28].

 

وقد كان الله أمرها أن تصمت وألَّا تتحدَّث، وألَّا تفتح مجالًا للجدال والنقاش مع هؤلاء القوم الذين يكذبون ويجادلون بالباطل، ﴿ فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ﴾ [مريم: 26] وحينما سألوها عن شأنها أشارت إلى غلامها الطفل الرضيع الذي في المهد، ﴿ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴾ [مريم: 29]، فأجابهم الغلام ليعلموا أن القضية ليست كما زعموا وإنما هي معجزة: ﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴾ [مريم: 30 - 32].

 

هل قَبِل اليهود هذه المعجزة؟ الجواب: لا. بل استمروا بالبهتان والكذب على عيسى وأمه، وما زالوا حتى اليوم يصفون عيسى في تلمودهم- وهو أحد الكتب المقدسة لدى اليهود- بأنه ابن النجار وابن الزانية عياذًا بالله من هذه التهم الباطلة على نبي ورسول من أنبياء الله ورسله. واستمر عيسى في دعوته ودعا اليهود إليها مبينًا لهم أن الله أرسله مجددًا لشريعة موسى؛ كما في قوله: ﴿ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾ [الصف: 6]، فهو لم ينكر التوراة بل جاء مصدقًا لما فيها قبل أن تحرف، وأتى بالتخفيف لبعض الشرائع التي فيها، لكنهم لم يؤمنوا به، واستمروا في تكذيبه، بل أوغَرُوا قلب الملك الروماني الوثني؛ لأن الرومان آنذاك كانوا هم من يسيطرون على المنطقة، وكانوا وثنيين، فاتفق الرومان الوثنيون واليهود على قتل عيسى وسعوا في قتله، وأصدروا قرارًا من معبدهم، ووافق على ذلك القرار الملك الروماني وأمر زَبانيته بالبحث عن عيسى لقتله، وأغروا ضعفاء النفوس بالمال لمحاولة الوصول إلى عيسى بعد أن اختفى عن أنظارهم، وما زالوا يبحثون عنه حتى استمالوا أحدَ مَنْ كان على صلة بعيسى، فأغروه بالمال حتى دلهم على مكان عيسى عليه السلام، ولكن انظروا إلى النتيجة، فإن الله يحفظ أولياءه، وتكون الدائرة على أعدائه وأعداء رسله.

 

دخل هذا المنافق الجاسوس إلى المكان الذي فيه عيسى ليتأكد منه حتى يدل اليهود عليه ليأخذوه ويقتلوه. فلما دخل ورآه رجع مسرعًا إليهم ليخبرهم، فألقى الله شَبَه عيسى عليه، وكانت اليهود تعرفه، فما أن خرج حتى قبضوا عليه، فحاول أن يفهمهم أنه صاحبهم، وأن عيسى موجود في الداخل، لكنهم لم يصدقوه بل قالوا له: "أنت عيسى، فلا تكذب، لتهرب من بين أيدينا". فأخذوه فقتلوه ثم صلبوه.

 

أما عيسى عليه السلام فقد رفعه الله من ذلك المكان إلى السماء، كما قال الله: ﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ﴾ [النساء: 157]، وقبل ذلك قال: ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ [النساء: 158]. وقد رفع الله عيسى إلى السماء حيًّا، وكان عمره ثلاثًا وثلاثين سنة.

 

وقد رأه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم حين عرج إلى السماء، وسينزل عيسى بن مريم كما أخبر بذلك الصادق المصدوق في نهاية الزمان، ويكون حكمًا عدلًا في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويقتل اليهود، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويدعو إلى عبادة الله وحده على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ونزوله علامة من علامات الساعة؛ كما قال الله: ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ﴾ [الزخرف: 61]؛ أي: نزول عيسى آخر الزمان سيكون إحدى علامات الساعة الكبرى ونهاية الحياة. فهذا موقف اليهود من عيسى: تكذيبه، واتهام أمه بالزنا، والسعي مع الرومان لقتله، وتعذيب الحواريين من تلاميذه وأصحابه بعده، والاستمرار في محاربة وتحريف دينه الحق. وبعد أن يئس اليهود من تحريف شريعة عيسى، عملوا خدعة جديدة وهي التي نجحت بعد ذلك حيث قام أحد علمائهم المنحرفين المتأثر بالفلسفة الرومانية الإغريقية، ويُسمى شاول الطرطوسي، وكان من أشد الناس تعذيبًا وأذية للنصارى الموحِّدين، ثم يختفي فجأة أربعين يومًا، ويدعي أنه قابل عيسى، وأنه اعتنق ديانته، وأن عيسى أعطاه مجموعة من التوجيهات ينشرها ويدعو النصارى إليها.

 

ما هي هذه التوجيهات؟! حينما نقرأ تفاصيل قصة شاول الطرطوسي الذي يُسمَّى بعد ذلك عند النصارى بولس، سنجد أن النصرانية المحرفة اليوم هي دين بولس وتوجيهاته، من عقيدة الصلب، والفداء، والعشاء الرباني، والتثليث. بمعنى آخر، فقد أنهى الوحدانية والرسالة والنبوة في شريعة عيسى، وحوَّل النصرانية إلى دين وثني تشارك فيه اليهود بانحرافاتهم والرومان الوثنيون الذين كانوا يحكمون البلاد آنذاك بسلطانهم وجبروتهم، واستمر الخصام بين قوم يُسمّون الموحدين وأتباع بولس إلى عام 325 ميلادية، وكان قسطنطين الأول الملك الروماني آنذاك قد اعتنق النصرانية المحرَّفة التي جاء بها بولس ثم دعا الناس كلهم من النصارى ومجامعهم وكنائسهم إلى مجمع سُمي بـمجمع نيقية. وفي هذا المجمع اتخذت فيه قرارات إلغاء ديانة التوحيد وجعل النصرانية التثليثية المحرفة هي الديانة الرسمية للنصارى، ومن خالف يُقتل. ووقعت مجازر عظيمة جدًّا للنصارى الموحدين من أتباع المسيح والحواريين، وبقيت النصرانية المحرفة بقوتها تدعمها السلطات الرومانية الوثنية والديانة اليهودية المحرفة التي دسَّها بولس في النصرانية.

 

وفي هذا المجمع وهذا التاريخ اتخذ قرار بتحديد عيد الميلاد. فهذا اليوم الذي يحتفل به النصارى اليوم لم يكن معروفًا عند النصارى قبل ذلك، إنما في الحقيقة هو عيد تحول الشمس إلى القرار الشتوي وموعده في 25 من ديسمبر من كل عام، وكان عيدًا وثنيًّا رومانيًّا للرومان الوثنيين. فتصالحت النصرانية المحرفة مع الوثنيين وجعلوه عيدًا مشتركًا لهم جميعًا، ولكن أطلقوا عليه عيد الميلاد بدلًا عن عيد الشمس؛ ولذلك لا تستغرب أن يشترك في هذا العيد اليهود والنصارى والوثنيون من بقايا الرومانية القديمة، فهو ليس عيد ميلاد المسيح، وليس عيدًا للنصرانية الموحدة، بل هو عيد وثني ويمارس فيه الشرك والكفر بالله، والتثليث، والفداء، وشرب الخمور وما يُسمى بالعشاء الرباني، وكل هذه الأمور اجتمعت عليها الديانة البولسية والديانة الرومانية الوثنية القديمة وأضافتها للنصرانية.

 

فأين دين عيسى الذي جاء به؟! لقد انتهى.

 

أين التوراة التي أنزلت على موسى؟! لقد حرفت.

 

أين الإنجيل الذي نزل على عيسى؟ لقد حُرِّف وصار عندهم أكثر من 70 إنجيلًا، كلها بعيدة كل البعد عن دين عيسى عليه السلام الذي جاء به، فالنصرانية تحرفت، وتطوَّر تحريفها إلى أن صار عيسى ابن الله ﴿ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 43]، أو أن عيسى هو الله، أو أن عيسى هو ثالث ثلاثة، واقرأوا ما قاله القرآن الكريم عن موقف النصارى من عيسى عليه السلام، فقد أكثر القرآن من الحديث عنهم وعن وموقفهم من عيسى؛ حتى يبين للناس أن دينه الحقيقي قد انتهى، وأن هذا الدين الذي ينسب إليه مزور، وخاصة من سنة 325م، ومولد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان في سنة 572م، فما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن حُرِّف دين عيسى، وحُرِّف الإنجيل، وكذلك دين موسى عليهم السلام.

 

أيها المؤمنون، قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ [المائدة: 73].

 

﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [المائدة: 17].

 

ماذا تريدون من تصريح في الحكم أبلغ من هذا؟ فالله سبحانه وتعالى يصرح بكفر هؤلاء جميعًا.

 

وفرقة ثالثة قالت: إن المسيح ابن الله.

 

فصار النصارى إلى ثلاث فرق في موقفهم من عيسى، كل فِرقة كفَّرها الله في القرآن، فرقة تقول: إن عيسى ابن الله، وفرقة تقول: إن عيسى هو الله، وفرقة تقول: إن عيسى ثالث ثلاثة، الابن والأب وروح القدس، إلهًا واحدًا! وقد حدثنا القرآن عن هذه الفِرَق، وصرَّح بتكفيرها، ونهى الناس أن يتأثروا بها، أو أن يتبعوها، أو أن يشابهوا هؤلاء الكفرة في أخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم.

 

والعجب من هؤلاء النصارى المُخَرِّفين الذين لم يُعملوا عقولهم! كيف يجمعون بين متناقضات في آن واحد؟ ألستم تقولون: إن عيسى ابن الله؟ وتقولون عيسى هو الله؟ وتقولون عيسى ثالث ثلاثة؟ فكيف يُصلَب ويُقتل وهو الإله؟!

 

ثم كيف انقلب اعتقادكم في الصليب وهو الآلة التي قُتِل عليها إلهكم؟! فالمفروض أن يكسَر، وأن يحتقَر، ولا يعظَّم، ولا يصير شعارًا لكم أيها النصارى في العالم، ترفعونه في كل مكان: في الكنائس، في أعلامكم، في أحوالكم. كيف انقلبت آلة القتل إلى شعار تعظمونه كما تزعمون؟!

 

فإذا بهم يفسرون ذلك بفلسفة عجيبة! لا تدخل عقل مَن يفكر وينظر إلى الأمور بشيء من التأمل. ولكنهم يسمونها: سر الإله، وهنا ضحكوا على عقول النصارى، ومنعوهم من التفكر في سرِّ الإله! كما أن الهندوس يضحكون على أصحابهم في سرِّ الإله الذي هو البقرة: ومنعوهم من التفكُّر، أرأيتم كيف صارت إلهًا لهم؟!

 

كيف صار الصليب شعارًا لهم مقدسًا وهو الذي قُتِل عليه ابن الله كما يزعمون؟! كيف ابن الله ويُقتَل؟! كيف إله ويقتله خلقه؟! معلومات متناقضة!

 

ولكنهم يضحكون على الناس في قصة الخطيئة التي يحتفلون بها كل سنة في عيد ما يُسمَّى بعيد الميلاد. قالوا: آدم ضحك عليه إبليس وغرَّه حتى أخطأ وأكل من الشجرة، وخرج آدم من الجنة. وظلت الخطيئة تتابع آدم وذريته، لم يتب منها، ولم يعف الله عنه، وظلت في رقاب آدم وذريته، إلى أن جاء عيسى.

 

وما علاقة عيسى بخطيئة آدم؟ قالوا: إن الرب سبحانه وتعالى لما رأى بني آدم يتحملون هذه الخطيئة في رقابهم جيلًا بعد جيل، أرسل ولده الذي هو عيسى، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا، فصار في عيسى عليه السلام روح الإله وروح البشر. وظلت روح الإله- تعالى الله- تتعذب في جسد عيسى ثلاثًا وثلاثين سنة، ثم كان الحل أن تخلص هذه الروح من التعذيب، وأن يَفدي عيسى بني آدم بسبب خطيئتهم، فيُقتل ويُصلب، فيتخلص بالقتل من حبس الجسد ويكون الصلب هو فداء لخطيئة آدم وذريته؛ فلذلك عظَّموا الصليب لهذا السبب وصار دينًا للنصارى حتى اليوم. أرأيتم كيف يضحك الشيطان على من يتبعه؟ وكيف يغويه؟ وكيف يلفق له هذه الأباطيل والخرافات ويقنعه بها؟!

 

نعم، لقد صار النصارى يجتمعون كل سنة ليعلنوا مولد ابن الإله، ويعلنوا تعظيم الصليب الذي خلص روح الإله من جسد البشر، وغير ذلك من الخرافات والشركيات، والله تعالى قد حكم بكفرهم وبطلان عقائدهم بالآيات القرآنية الصريحة التي لا تحتمل التأويل، وجعلها تُقرأ علينا وعلى العالمين حتى لا يخدعنا خادع.

 

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليّ الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله.

 

علمنا مما سبق موقف اليهود من عيسى وأمِّه، وموقف النصارى من عيسى وأمِّه، وأنهما طرفا نقيض؛ فاليهود قالوا في مريم وفي عيسى قولًا وبهتانًا عظيمًا، والنصارى غلوا في عيسى غلوًّا كبيرًا، فرفعوه من منزلة البشر إلى منزلة الإله والرب سبحانه وتعالى.

 

وقد بيَّن لنا القرآن هذين الموقفين المتناقضين، وفي نفس الوقت، حدثنا عن عيسى وأمِّه بطريقة سليمة صحيحة ليس فيها غبش، فبيَّن أن مريم صِدِّيقة، قانتة، صادقة، عفيفة، بعيدة عن كل ما يريبها. وأن حملها بعيسى إنما كان بكلمات الله، وولادته كانت معجزة حين وُلِد من غير أب، وأعطاه سبحانه وتعالى مجموعة من المعجزات لعل بني إسرائيل يؤمنوا به، ولكن أغلبهم تنكَّبَ الصراط، وكفر به، ولم يؤمن بأنه عبد الله ورسوله، وأن الله قد رفعه إليه وخلَّصَه من محاولة قتله من الكفار: من اليهود والوثنيين.

 

وأن البعض من أصحابه ممن يسمَّون بالحواريين قد استمروا يدعون بدعوته إلى التوحيد الذي أُرسِل به، إلى أن عذَّبهم وآذاهم اليهود، ثم قتلهم وشرَّدهم الرومان الوثنيون بعد دخولهم في النصرانية المحرَّفة، وأن اليهود والنصارى اجتمعوا على هذا التحريف وصاروا يدًا واحدةً، بعد أن كانوا يكفرون بالنصرانية التي جاء بها عيسى، وصاروا مؤيدين لنصرانية بولس المحرفة؛ لأنها اتفقت مع مذهبهم؛ وهو الكفر والشرك بالله سبحانه وتعالى.

 

ومع ذلك ظلَّت النصرانية في خصام مع اليهودية لعدة قرون، وبعد جهود مضنية من اليهود لتوحيد الصَّفِّ بينهم وبين النصارى الصليبيين المحرِّفين للنصرانية، اجتمع مجلس الباباوات في عام 1963 للميلاد في القرن الماضي، وأصدروا فتوى بـتبرئة اليهود من دم عيسى، ومحاولة قتله من أجل أن يجتمع شمل اليهود والنصارى في حلف واحد ضد المسلمين، وهذا ما تشاهدونه اليوم من دعم صليبي نصراني لليهود في فلسطين، ومن اتفاق على قتال ومحاربة المسلمين.

 

بل قد حاول اليهود بخططهم الماكرة أن يفعلوا في الإسلام من التحريف والتبديل ما فعله شاول الطرطوسي بالنصرانية، عن طريق من يُسمى بـعبد الله بن سبأ اليهودي الصنعاني، الذي قرأ خطة شاول في تحريف النصرانية، فحاول أن يطبقها لتحريف الإسلام، فأدخل على الإسلام ديانات ليست منه، وتأثَّر بها عدد كبير من الفرس، وما زالوا عليها إلى اليوم، ولكن الله سبحانه وتعالى حمى الإسلام والقرآن، وأبقى هذا الدين صافيًا نقيًّا، مهما وُجِدَت من فِرَق منحرفة تحاول أن تنتسب إليه وتشوِّش عليه، إلا أنها واضحة البطلان لمن وفَّقَه الله لمعرفة الحق من الباطل.

 

أيها المؤمنون، هذا هو عيد الميلاد عند النصارى. فما موقف المسلم منه؟

 

هل يعترف المسلم بميلاد ابن الإله؟ وهو يقرأ: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1-4].

 

هل تُهنئ هذا الكافر في يوم قتله للربِّ؟ وفي يوم صلبه للربِّ كما يدعون؟ لا! فأنت مسلم مُوحِّد، يجب أن يكون لك دينك وعقيدتك وشعارك ومبدؤك الذي عليه تحيا وعليه تموت. ولا يغرنَّك كثرة الهالكين، فكن من الناجين القليلين. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم منهم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث القرآن الكريم عن الصدق والصادقين
  • حديث القرآن العظيم عن صحابة النبي الكريم (الجزء الأول)
  • حديث القرآن العظيم عن صحابة النبي الكريم (الجزء الثاني) (خطبة)
  • حديث القرآن العظيم عن صحابة النبي الكريم (الجزء الثالث) (خطبة)
  • حديث القرآن عن خلق الأنبياء عليهم السلام
  • حديث القرآن الكريم عن الماء أو حضارة الماء

مختارات من الشبكة

  • الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما هو بضعة منك": دراسة حديثية فقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ضعف حديث: (أطفال المشركين خدم أهل الجنة) وبيان مصيرهم في الآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة حديث عيسى ابن مريم وحديث الطير مع أبي بكر وحديث الضب مع النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء التاسع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف تأليف: شيخ الإسلام ابن تيمية (661 - 728 هـ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • علة حديث إيتاء القرآن قبل الإيمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" = الجزء العاشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مائة حديث في فضائل الصحابة رضي الله عنهم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة"(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/6/1447هـ - الساعة: 16:51
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب